‏إظهار الرسائل ذات التسميات فاروق شوشة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فاروق شوشة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

أسكن في عينيك يوما آخر


رسالة إلى صديقة - شعر منصور الرحباني

أواه يا صديقتي لو ترجع الأعمار

لو أن عمراً آخراً يُعار

لو ساعةٌ أهملها من عمرهِ مغامرٌ بحار

أواه يا صديقتي لو أنّ للزمانِ أدراجا

لو أن للأيام أبوابا

أجلس أستعطي عليها

أشحذ ساعات هنيهات

ألمُ الزمنَ المحال لأختبي فيهِ 

ولو حيناً من الزوال

لو كان لي أؤجلُ الذهاب يا صديقتي

أسكنُ في عينيك يوما آخر

يجمعنا المكانُ يوما آخر 

ننسى

يقيمُ بُعضنا في الآخر

كأن لا وقتَ سيصحو

كأن لا ماحٍ سيمحو

صديقتي حين التقينا

كانت الأيام قد عَبَرت

وطائر العمر مضى

وأنت تعرفين مأساتهُ

وأنه ملكٌ لآخرين

جئت بهم من غامضٍ يوما

وصاروا آخرين

يا زهرة البكاء 

يا قمرنا السجين

لو يعرف الصغارُ كم ينتحب الكبار

في الليل 

كم ينتحر الكبار

لأجل ألا تُهدمَ البراءة 

وضحكة العينين ذات اللفتة الملحة 

والقبل السريعة العطب

بنوم عيني اشتريت لنومهم نعاسا

ونَجمةً للحُلم وزروقاً للسفر الليلي

وصرت يا صديقتي الجدار

في ظلهِ يتكيءُ الصغار 

ويستغيثون به 

صارخينَ يا جدار

يا أيها المالئ هذا البيت 

هبنا لعبا وخبزا

شواطيء رمليةً 

وصيفا

هبنا رقاداً هادئاً 

ورد عنا الخوفَ والأشباح

صديقتي 

لا أنت تدرين ولا الصغار

بأن هذا البائس المدعو بالجدار

ينهار 

موزعا ما بينكم 

ينهار

أواه 

ما أوجع أن تستيقظَ الجدرانُ يوماً خاليةً من الجدار

وكان لي صديقتي بقية من عمر 

أطعمتها للنار ذات شتاء باردٍ ليدفأ الصغار

أعرف يا صديقتي بأنها لا ترجعُ الأعمار



* ملحوظة: القصيدة هنا تفريغ لقراءة الأستاذ فاروق شوشة من برنامج لغتنا الجميلة (رابط - حلقة رقم 343)

الخميس، 29 أغسطس 2019

وَجَعَلْتَ مِنْ جَفْنَيَّ مُتَّكَأً وَمِنْ عَيْنَيَّ مَهْدَكْ




عش أنت إلقاء فاروق شوشة من حلفة فريد الأطرش إذاعة صوت العرب 26 أبريل 1970.

عش أنت

عِشْ أَنْتَ إِنِّي مِتُ بَعْدَكْ
وَأَطِلْ إِلَى مَا شِئْتَ صَدَّكْ

كَانَتْ بَقَايَا لِلغَرَامِ
بِمُهْجَتِي فَخَتَمْتُ بَعْدَكْ

أَنْقَى مِن الفَجْرِ الضَّحُوْكِ 
فَهَلْ أَعَرْتَ الفَجْرَ خَدَّكْ

وَأَرَقُ مِنْ طَبْعِ النَّسِيْمِ
وَقَدْ خَلَعْتَ عَلَيْهِ بُرْدَكْ

واَلَذُّ مِنْ كَأْسِ النَّدِيْم
فَهَلْ أَبَحْتَ الكَأْسَ شَهْدَكْ

مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ عَدَلْتَ
أَمَا رَأَتْ عَيْنَاكَ قَدَّكْ

وَجَعَلْتَ مِنْ جَفْنَيَّ مُتَّكَأً
وَمِنْ عَيْنَيَّ مَهْدَكْ

إِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَبِي فَخُلْقُكَ 
كَانَ أَوْلَى أَنْ يَصُدَّكْ

أَغَضَاضَةً يَا رَوْضُ إِنْ 
أَنَا رَاقَنِي فَشَمَمْتُ وَرْدَكْ

وَمَلامَةً يَا قَطْرُ إِنْ
أَنَا شَاقَنِي فَأَمَنتُ وِرْدَكْ

وَحَيَاةِ عَيْنِكَ وَهِيَ عِنْدِي
مِثْلَمَا الإِيْمَانُ عِنْدَكْ

مَا قَلْبُ أُمِّكَ إِنْ تُفَارِقُهًا
وَلَمْ تَبْلُغْ أَشُدُّكْ

فَهَوَتْ عَلَيْكَ بِصَدْرِهَا
يَوْمَ الفِرَاقِ لِتَسْتَرِدَّكْ

بِأَشَدَّ مِنْ خَفَقَانِ قَلْبِى
يَوْمَ قِيْلَ خَفَرْتَ عَهْدَكْ

جزء من قصيدة يارا بصوت فاروق شوشة






وأنت حولي، تقفزين ، تمرحين ، تعبثين
وتخطفين كلَّ مُقتني ، وتهربين 
وتطلقين ها هنا ، وها هنا ، أغرودة الطفولة المزقزقة
وملء عينيَّ ظلالُ الضوء ، والتذكار
خيوطها تمتدُّ ، تنسج الأمان والأشعار
ألمح في عينيك وجه أميَ الذي ودعته قبل سنين
وعاد لي من رحلة الزمان ، حانيا ، مؤانسا
وحين أحتويك، تهتزُّ الضلوع ، ترتجف
يسيل شيء من عيوني المطرقة
ينساب شيء في مسارب الحنايا
وتصبحين يا ابنتي ، أُمي ، ويدفق الحنان
سحابة من الدموع والشجون والرضا
وتحتويك مقلتايَ ، 
ثم يغفو رأسك الصغيرُ ،
تستديرُ في وداعةٍ يدايا
ويشرقُ النهار يا صغيرتي ، 
عيناك لي منارْ
عيناك لي مرايا..