‏إظهار الرسائل ذات التسميات فارسكور. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فارسكور. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 12 مايو 2025

سد الشعراء



الأهرام - 3 نوفمبر 1985 - الصفحة السابعة
سد الشعراء
طالما قرأت عن مشروعات دمياط ومن بينها تعلية ما أسموه « سد - فارسكور » ، ليربط ضفتي النيل عند هذا
الموقع لأول مرة في اطار مشروع انشاء ميناء دمياط .
والعجب كل العجب ان يصر المسئولون على تسمية هذا السد بسد فارسكور منذ
زمن بعيد علما بانه يقع مباشرة امام بلدة الشعراء التي تبعد عن مدينة فارسكور بنحو خمسة عشر كيلو مترا ويبعد عن مدينة دمياط بنحو أربعة كيلو مترات او اقل وهذا السد موجود في مكانه منذ عشرات السنين ولايمارى في ذلك أحد . فارجو ان تسمى الأشياء باسمائها الحقيقية - وبلدة الشعراء لعلم الجميع ليست نكرة على خريطة مصر بل ان لها تاريخا مجيدا وهي التي تمد دمياط بالعمالة الماهرة في كل مجال وتمدها ايضا بصناعات الموبيليات وهي المنبع الاساسي لهذه الصناعة الهامة ... فلا حرج ان يسمى بسد الشعراء إذ انه على سواعد ابنائها قلم هذا السد وبسواعدهم ستقوم
الانشاءات المستقبلية عليه بإذن الله .
السيد سعد منتصر
وكيل وزارة العدل بالطب الشرعي 

الجمعة، 31 مارس 2023

عمد قرى مركز فارسكور عام 1935

عمد قرى مركز فارسكور عام 1935 (مصدر الصورة من صفحة الأستاذ حسام علوان على الفيس بوك)
عمد قرى مركز فارسكور عام 1935 (مصدر الصورة من صفحة الأستاذ حسام علوان على الفيس بوك)

الصورة منسوخة من صفحة الأستاذ حسام علوان على الفيس بوك (رابط)


عمد مصر من دليل سنة 1935، سرد لعمد قرى مركز فارسكور، ولاحظ أن مدينة دمياط كانت محافظة حدودية ولا يتبعها مدن أو أقسام، ومعظم المدن والقرى التابعة حاليا لدمياط كانت وقتها تابعة لمركز فارسكور في مديرية الدقهلية،  

مديرية الدقهلية:
مركز فارسكور
محلة انشاق: محمد افندي عبد الفتاح جوره
بساط كريم الدين: عبد القادر افندي عبد اللطيف قنديل
شرمساح: أبو النجا الزهيري
ميت الخولي عبد الله: إبراهيم كريم
الزعاتره: حمزه افندي إبراهيم الزهيري
الزرقا: عبد الرحمن بك المليجي
كفر تقى: عبد الحميد محمد عبد الرازق
كفر المياسرة: صالح صالح عيسى
السرو: عبد الهادي رمضان قبور
دقهلة: طه طه عمر أبو الخير
الابراشيه: محمد البسيوني حجازره
شرباص: الشيخ بدوي بدوي محمود
كفر الشناوي: محمد مرزوق موافي
الرحامنه: محمد إبراهيم جابر
فارسكور: احمد بك الحلواني
كفر العرب: السيد الصديق
الغنيمية: عبد العزيز عبد العزيز عويضة الترانسي
الروضه: يس افندي عبد الوهاب
القوامنين (الغوابين؟!): إسماعيل إسماعيل
ميت الشيوخ: عبد الهادي الامام
الطرصه (؟!): عثمان افندي محمد عيد
الحوراني: طه محمد الهلالي
اولاد حمام: خليل زغلول
الضاهرة: داود بك محمد زهران
العطوي: أبو زيد محمد بدوي
العبيدية: الشيخ مناع إبراهيم خليل
ابو القش: صارف محمد أبو العينين
غرب البصارطه: عبده ومحمد عوض
العدلية: بدر سلطان الرفاعي
شط الشعراء: عبد الله عبد الله شوشه
شط غيط الصاوي (غيط النصارى): محمد احمد ابو دنيا
شط الشيخ درغام: جمعه إبراهيم عمر
شط عزبة اللحم: خليل إبراهيم جوهر
شط محب والسيالة: حسن افندي مصطفى
شط عزبة البرج: إبراهيم احمد محمود
شط جريبة: محمد احمد نشوان
شط الخياطه: يوسف حسن احمد أبو سمره
البستان: ابراهيم المكاوي شرف الدين
شطا: محمد حجاج يوسف
سيف الدين: محمد عبد اللطيف السمباطي (السنباطي؟!)
عزب شرباص: محمد حسن محمود


الخميس، 28 أبريل 2022

محافظة X مركز دمياط! بقلم د. يونان لبيب رزق

 
محافظة X مركز دمياط!
محافظة X مركز دمياط!

محافظة X مركز دمياط!
د. يونان لبيب رزق
مركز تاريخ الأهرام، الأهرام ديوان الحياة المعاصرة 189


لماذا تقدمت دمياط على الإسكندرية في العصر العثماني؟
تجارة دمياط محصورة في أيدي الوطنيين ولا يوجد فيها بنك لتسليف النقود
الداخلية تحول دمياط من محافظة إلى مركز لتوفير مائتي جنيه!
المفتش الانجليزي : صاحب الرأي والكلمة العالية والادارة النافذة في مصر
الدمايطة يدفعون الحكومة لتعديل قرارها


مفتش إنجليزي بوزارة الداخلية لم تفصح الأهرام ولا غيرها من المصادر، عن اسمه، 
كتب تقريرا بعد جولة له في مديرية الدقهلية ومحافظة دمياط عام 1906 أوصى فيه 
بتحويل الأخيرة إلى مجرد مركز، وبعد أن اطلع المستر ميتشل مستشار الداخلية الإنجليزي 
على التقرير رفعه إلى وزير الداخلية مصطفي باشا فهمي، وكان في نفس الوقت رئيسا للنظار، 
كما كان معروفا أنه أداة طيعة فى أيدي سلطات الاحتلال، موصيا بقبول الاقتراح، وحدث المتوقع 
وأصدر فهمي باشا قرارا نظاريا متفقا مع وجهة النظر الإنجليزية دون أن يتنبه بأنه بهذه الفعلة قد 
انتهك كثيرا من معطيات التاريخ والجغرافيا. 

عبرت الأهرام عن ذلك بقولها «إن‏ هذا القرار الذي أقام البلاد وأقعدها هو نتيجة تقرير 
أحد المفتشين الذين رأوا الأشغال قليلة فى محافظة دمياط فأرتأى تحويلها إلى مركز 
فأطاعت الداخلية شارته وكأن ما قاله وحي من الله لا يغير»!

ولم يتنبه مصطفى باشا فهمي في استجابته للموظفين الإنجليز فى الداخلية أن دمياط 
ظلت أهم الموانئ المصرية، حتى قبل الأسكندرية، بامتداد العصر العثماني. فمنذ أن 
انضوت مصر تحت حكم الدولة العلية أخذت قيمة عروس البحر المتوسط تتضاءل بينما 
ظلت قيمة دمياط تتعاظم، وكان لذلك التحول أسبابه .

فمن جانب افتقرت الإسكندرية إل المياه العذبة ومن جائب آخر إلى وسيلة 
مواصلات سهلة إلى داخل البلاد ، وهو ما كانت تحظى به دمياط بحكم وجودها على 
مصب الفرع الذى تسمى باسمها، وكان لهذين الاعتبارين أهمية كبيرة . .

يكشف عن ذلك أن الحملة الفرنسية التى نزلت إلى الإسكندرية بقيادة نابليون بونابرت 
لم تلق من العنت فى الاستيلاء على المدينة بقدر ما لقيت فى تقدمها إلى القاهرة عبر 
الطريق الصحراوي. وهو عنت كان يكابده المسافرون العاديون بحكم وجود العربان على 
طول هذا الطريق مما جعله مفتقرا إلى كثير من أسباب الأمن، وبسبب عدم وفرة المياه
العذبة في رحلة تستغرق أياما لا ساعات . . وكان على الإسكندرية أن تنتظر إلى بناء
الدولة الحديثة خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وما تم في إطار عملية البناء
تلك من حفر ترعة المحمودية التي كانت بمثابة بعث جديد للثغر العديد. فقد وفرت له المياه
ووسيلة المواصلات. وأدى مد الخط الحديدي بينه وبين العاصمة خلال خمسينات القرن،
بعد أقل من ثلاثة عقود من إتمام حفر المحمودية، إلى مزيد من أسباب ازدهار الإسكندرية
. . وحدث عندئذ، وعندئذ فقط أن عاد هذا الميناء ليحتل مكان الصدارة بين الموانئ
المصرية، بعد ثلاثة قرون من شغل دمياط له.

على صعيد ثان ادن التحولات الاقتصادية التي نتجت عن اكتشاف طريق راس الرجاء 
الصالح والتحولات السياسية التي أعقبت سقوط الدولة المملوكية على أيدي العثمانيين عام 
1517 إلى زحف دمياط إلى مركز المقدمة. فبينما أدت التحولات الأولى إلى وهن العلاقات 
مع أوربا التي انشغلت بالطريق الجديد وما استتبعه من بناء الإمبراطوريات الاستعمارية 
الكبرى، البرتغالية والهولندية والإنجليزية والفرنسية ، الأمر الذي تحول معه البحر المتوسط 
إلى بحيرة شبه عثمانية. فقد أدت التحولات الثانية إلى تنامى العلاقة مع بقية أنحاء 
الإمبراطورية العثمانية . . وبينما كانت الإسكندرية بحكم التاريخ والجغرافيا لبنة للعلاقات 
المصرية الأوربية، وذلك منذ أن أنشأها الإسكندر‏ الأكبر وأضحت بعدئذ عاصمة للبلاد. فإن 
دمياط كانت الواجهة للعلاقات للمصرية مع الحوض الشرقي من البحر المتوسط . . في
سوريا والأناضول حيث الإمبراطورية الجديدة. وقد زاد من هذا الاستقطاب حالة العداء التي 
سادت بين الدولة العثمانية وبين أوربا، الأمر الذى دعا حكومة الأستانة إلى إغلاق موانيها 
أمام السفن الأوربية فى السياسة التي عرفت باسم سياسة العزلة.

وفى خلال تلك الفترة انحسرت العلاقات التجارية يبن مصر وأوربا لتقتصر على بعض المدن 
الإيطالية. وعدد من التجار الفرنسيين الذين استمروا يتاجرون من خلال الإسكندرية .
وحتى هؤلاء كانوا يعانون كثيرا من عجز الدولة العلية عن كفالة القدر المعقول من الأمن 
لسفنهم، خاصة فى فترات الفوضى التي تعددت من جراء الصراع بين العثمانيين والمماليك، 
ومعلوم آن الذريعة التي تحجج بها بونابرت فى غزو مصر كانت ما لقيه التجار الفرنسيون من 
سوء معاملة المماليك فيما جاء في مستهل منشوره الأول الذي وجهه للمصريين من أنه ما جاء 
إلى بلادهم إلا لتأديب المماليك «الذين يتعاملون بالذل والاحتقار فى حق الملة الفرنساوية ويظلمون 
تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي » .

بالمقابل فان الصناعة والتجارة قد انتعشت بشكل ظاهر فى دمياط إبان العصر 
العثماني. وهو الأمر الذي اعترف به الفرنسيون فى «وصف مصر » . .‏ السفر الضخم 
الذي وضعه علماء الحملة الفرنسية. خصوصا فى الجزء الذي وضعه جيرار عن الحياة 
الاقتصادية في البلاد . .

يقول الرجل فى موقع من هذا الجزء «تمارس فى دمياط حرفة تصنيع الكتان والقطن 
والحرير  . . وقد اشتهرت المدينة على وجه الخصوص بالأقمشة الكتانية التي لها حواف من 
الحرير الملون والتى تصدر إلى سوريا وتصنع منها الشيلان والعمائم . . ويوجد فى دمياط 
وقرية المنية المجاورة حوالي 300 نول تعمل جميعها فى صنع الشيلان الكتانية». 

يتحدث فى موقع آخر عن نوع من المنسوجات الحريرية تقتصر صناعتها على دمياط وهي 
براقع (خمارات) النساء التي تكون عادة باللون الأسود أو القرمزي. فضلا عن صناعة 
أقمشة القلوع اللازمة للسفن الشراعية، بحكم حاجة السفن المترددة على الميناء لهذا النوع 
من الأقمشة.

وينبه الموسيو جيرار في هذه المناسبة إلى وجود طبقة تجار قوية فى دمياط لم يقتصر 
دورها على الاستيراد أو التصدير وانما تعداه إلى أبعد من ذلك فيما رواه عن صناعة 
المنسوجات فى المحلة بقوله «تتم التجارة بين المحلة الكبرى وسوريا عن طريق تجار من 
دمياط يقومون باستجلاب الحرير من سوريا ثم يعيدون إليها جزءا من هذا الحرير بعد أن 
يتم تصنيعه فى مصر». والمعلوم أن نشأة الرأسمالية فى أوربا فى العصور الحديثة قد تمت 
على أيدي هذه النوعية من التجار الوسطاء. والذين كانوا يلقبون بالتجار الأحرار لأنهم 
خرجوا عن القواعد التي سار عليها اسلافهم من تجار الطوائف. 

ويفسر ذلك حقيقة لا زالت تشكل قسمة أساسية للميناء العتيد، وهي غلبة العلاقات 
الإنتاجية الرأسمالية فى التعامل بين أبنائه، كذا في التعامل بين هؤلاء وبين غيرهم من 
المصريين للمقيمين خارجه، مما يستغربه أحيانا هؤلاء نتيجة لأنهم لا زالوا واقعين تحت تأثير 
العلاقات الإنتاجية الإقطاعية، ومما أعطى الدمايطة صورة خاصة فى الوجدان العام لبقية 
المصريين !

وقد أدى هذا الاختلاف بين الميناءين الكبيرين . . الإسكندرية باعتبارها همزة الوصل 
بين مصر وأوربا، ودمياط التي شكلت الجسر الرئيسي بين مصر والدولة العثمانية إلى 
اختلاف في البنية الاجتماعية لأبناء المدينتين والتي تأكدت قرب أواخر القرن التاسع عشر . 
فبينما تفرنجت الإسكندرية على نحو ملحوظ فقد احتفظت دمياط بطابعها العربي الإسلامي. 
وبينما تدافع الأوربيون على الثغر الأول حتى قيلت العبارة المشهورة «انك‏ لا تكاد تجد أمة 
في أوربا لم تبعث بممثلين عنها إلى الإسكندرية». فإن هؤلاء لم يجدوا مكانا لهم فى الميناء 
الشهير الآخر. ونرى أن سبباً أساسيا وراء ذلك أن الراسمالية المصرية في دمياط لم تتح أية 
مساحة للرأسمالية الأوربية تمارس فيها نشاطاتها الاقتصادية كما حدث بالنسبة 
للإسكندرية. 

عبر الدمايطة عن هذه الحقيقة في إحدى شكاواهم التي رفعوها للمسئولين. والتي جاء 
فيها: «مما يذكر عن هذه المدينة أن تجارتها كلها محصورة فى أيدي الوطنيين وأنه لا يوجد 
فيها حتى الآن (1906) بنك لتسليف النقود أو للرهن كالمنصورة ولا فرع للبنك الأهلي 
ولم تندفع البنوكة لإنشاء فروع لها لأن تجار دمياط لا يضاربون ولا يرابون فالتاجر منهم 
يشتغل بماله على قدر طاقته وتلك مزية لدمياط تفردت بها »‏ .

بقيت ملاحظتان حول الوضع الإداري لدمياط بامتداد العصر العثماني، ومع 
بدايات الدولة الحديثة ٠‏ 

١) أن‏ المدينة مع الإسكندرية والسويس كانت تشكل أقاليم إدارية خاصة تمتعت
بإدارة مستقلة عن باشا مصر، وكان الباب العالي يبعث بثلاثة «قبودانات» أحدهم 
للإسكندرية والثاني لدمياط ورشيد والثالث للسويس، وكانت مهمتهم «حفظ القلاع
وربط البنادر والحكم بين الرعايا بالعدل والشفقة. وعوائدهم مرتبة على الميري وعلى 
جانب التجارات المحضرة بالبنادر». 

٢) بعد أن نجح محمد علي فى الاستيلاء على الحكم وأخذ فى بناء السلطة المركزية 
سعى إلى إنهاء هذا الاستقلال الإداري ونجح فى ذلك من خلال مفاوضات مع الباب 
العالي. وفي التنظيم الإداري الجديد الذي وضعه هذا الباشا ضم إلى جانب المديريات 
التي شكلت المناطق الريفية خمس محافظات كانت دمياط إحداها. مما كان يعني 
أن المدينة والمناطق المحيطة ظلت تشكل وحدة إدارية متميزة تحت اسم قبودانة 
أحيانا وتحت اسم محافظة أخرى أحيانا أخرى . .

الواضح أن المفتش الإنجليزي الذي أوصى بتغيير هذا الوضع لم يكن قد قرأ 
كل هذا التاريخ. الأمر الذي عبرت عنه الأهرام بقولها «لا ندري ما هي الحكمة 
بتعلل الداخلية وإصرارها بل إن الجميع يستغربون ذلك ولا يجدون من يفسر 
لهم هذه الأحجية والذي يظهر لنا أن الحكومة تظهر في مثل هذه المسائل منتهى 
الأنانية ولا تشاء أن يعاد عن كلمة قالها أحد المفتشين كأن كلمة المفتش الإنكليزي 
في نظارة الداخلية نازلة من السماء وخارجة من فم الخالق جل وعلا» ٠‏ 

الأدهى من ذلك أن مصطفى فهمي باشا طاوعه فى هذا، مما تسبب في 
كتابة فصل فريد ومجهول في التاريخ المصري. وهو الفصل الذي روته 
صحيفتنا بين عامي 1906 و 1909 ويستحق الكشف عنه . 

نص القرار الذي أصدرته الداخلية والذي نزل بدمياط من موقع «المحافظة- 
الذي كان لها منذ نشأة نظام المحافظات إلى موقع المركز جاء فيه أن نظارة 
الداخلية قررت إلغاء مركز فارسكور وإنشاء مركز في دمياط تتبعه نقطة نقطة
بوليس بفارسكور. وفي محاولة لشرح الأسباب التي دفعت المسئولين إلى ذلك
قال بيان الداخلية . .

«لم يحصل هذا التغيير إلا بعد أمعان النظر في مصالح أهالي دمياط بعد أن
تحققت النظارة من أن لا ضرر مطلقا على هذه المدينة وسكانها وأنه في الوقت 
نفسه يحقق أمنية طالما تمناها أهالي مركز فارسكور الذين كانت بلادهم واقعة 
على بعد شاسع منه وهى راحتهم من العناء الشديد الذي كانوا يقاسونه في سفر 
تلك المسافات من وإلى مركزهم القديم وبلادهم 

وكان مستخدمو هذه المراكز يتكبدون أيضا مشقات عظيمة في التوجه إلى تلك البلاد الكائنة 
في شمالي دمياط لمساحة أراضي الحكومة والقيام بأعمال أخرى تتعلق بنظارة المالية ولم 
يكن تعبهم بأقل من ذلك بأشغال الضبط والأعمال الإدارية بينما كانت الأشغال المنوطة 
بمحافظة دمياط لا تكاد تذكر . أما الآن فقد قسمت الأعمال بطريقة عادلة يرتاح إليها الأهالي 
والمستخدمون معا إذا تتبع للمركز التي أنشئ فى دمياط 24 بلدة ولنقطة بوليس فارسكور 
19 بلدة فقد حصلت الفائدة العظيمة للأهالي الساكنين في شمالي دمياط». ولم يكن هذا 
رأي الدمايطة، ولا رأي الأهرام التي ساندتهم.

تحت عنوان «مناهضة الحكومة لدمياط» ذكّرت الصحيفة بالمدينة «باعتبارها بلد تاريخي 
وتجاري فى موقع جميل هو نقطة السمت من القطر المصري سابقته الإسكندرية فسبقته 
وأهملته الحكومة فأماتته وصاح سكانه يطلبون فتح بوغازه للبواخر فكان جواب الحكومة 
أنها ضربته الضربة القاضية إذ حولت هيئة الحكومة فيه من محافظة إلى مركز ..». 
وقد بحث الناس وراء السر في هذا التحويل فلم يجدوا سبباً وجيهاً سوى أن نظارة 
الداخلية أرادت أن توفر مائتي جنيه بالتمام والكمال (!). وفى مقابل ذلك كما تقول الأهرام 
«سيخسر الدمياطيون بنزول أثمان أملاكهم وضعف مدينتهم وضياع تجارتهم ألاف من 
الجنيهات».

تذكّر جريدتنا أيضا فى هذه المناسبة بصلات دمياط القديمة مع الشام والأناضول 
وقبرص وجزر البحر المتوسط «فعدد أهالي دمياط 50‏ ألفا يعيشون من التجارة فإذا ألغيت 
المحافظة ضاعت الثقة بها وتحول عنها التجار وزد على ذلك أن أهالي دمياط لم يتعلموا 
الزراعة بل التجارة والصناعة فبتحول التجارة منها تفقد المركز الصناعي، ومعظم دور 
دمياط للتجارة فإذا وقفت للتجارة ضاع دخل الدور». 

بعد عشرة أيام من هذا المقال دون استجابة كانت الاهرام تتوقعها من المسئولين كتبت 
مرة آخرى وتحت عنوان «العظة البالغة» مقالها الرئيسي في الصفحة الأولى من العدد 
الصادر يوم الأربعاء 1 يونية عام 1906 استهلته بقولها أن مسألة دمياط «كانت عظة بالغة 
للناس في كيفية سير الأحكام في هذه البلاد فمفتش قد لا يعرف من الأمور الاقتصادية 
والإدارية غير القليل ومساعد مفتش قد لا يكون درس شيئا من أحوال البلاد يستطيع بتقرير 
يقدمه وخاطر يخطر له أن يقلب رأس البلاد على ذيلها»

واستطردت تشخص الموقف بأن أحد المفتشين قد ارتأى «أن‏ يغير النظام في مدينة دمياط 
وهي المدينة التاريخية بل المدينة الثانية التجارية من مدائن الثغور فلم يناقش في رأيه ولم 
يحاسب عن عمله ولم يكن إلا ان دار دورته في فارسكور ودمياط ورقّم قلمه حلمه على 
الأوراق حتى قالت الداخلية آمين وأصدرت ذلك القرار الذي يهدد مدينة كبيرة ومصالح 
عظيمة ومرافق عزيزة»! 

ونصحت جريدتنا ولاة الأمور ألا يتخذوا قرارات بهذه الأهمية على مصالح البلاد والعباد 
إلا بعد أن تطرح المسائل على بساط التباحث بين العارفين «ففى كل مديرية مجلس وفي كل 
محافظة هيئة مكلفة بدرس أحوال البلاد وفى العاصمة مجلس شورى فلماذا لا تؤخذ أراء 
هذه الهينات في التغييرات الإدارية التي يرتأيها المفتشون حتى يظهر للحكومة بعد البحث 
والدرس صوابية عمل المفتشين من بطلانه»٠‏ 

وقد اغتنمت الأهرام الفرصة لتضع نظام «المفتشين» الذى أشاعته سلطات الاحتلال في 
سائر الإدارات المصرية موضع التساؤل، بل المساءلة 

رأتهم في جانب على «طريقة واحدة في كل عمل من وضع القوانين والشرائع حتى إدارة 
الحكم وتعيين المديرين فيصح لنا أن نسمي هذه الدولة بدولة المفتشين لأن المفتش هو صاحب 
الرأي والنهي وهو صاحب الكلمة العالية والإدارة النافذة»، ورأتهم في جانب اخر مفيدين إذا 
توقف عملهم عند حد المراقبة «حتى لا يجسر الحاكم والمأمور على ارتكاب الخطأ والتورط 
في الزلل»، ثم انها رأتهم فى جانب أخير يجمعون بين سلطة المدير والمأمور وضابط البوليس 
والعمدة والشيخ والخفير «ففقدت البلاد كل هذه القوات ولم تستعض عنها إلا بقوة واحدة 
هي قوة المفتش»! 

ولم يكن الدمايطة فى حاجة إلى التنبيه من جانب صحيفة أو أكثر فقد تحركوا فور أن 
وصلت إليهم أخبار تحويل محافظتهم العتيدة إلى مجرد مركز. وهو التحرك الذي شد 
اهتمام المصريين خلال صيف عام 1906. 
 
جاءت أول إشارة عن هذا التحرك بالخبر عن تكوين وفد من أعيان المدينة نزل إلى 
القاهرة وبدأ جولته بلقاء مع المستشار المالي، وتذكر الأهرام أن التلغرافات قد انهالت على 
أعضاء هذا الوفد من أبناء دمياط تطالبهم ألا يعودوا إليها «إلا بعد نيل أمنية الدينة ببقائها 
محافظة كما كانت دائما ».

وبينما يبعث الدمايطة بشكاواهم إلى الصحف لم يتركوا بابا إلا وطرقوه . ٠‏ للمعتمد 
البريطانى تلغراف يستحلفونه فيه «بآبائكم العظام وأنجالكم الكرام أن تقبلوا شكايتنا 
وتحققوا أمالنا» ولمستشار الداخلية يعربون عن تزايد القلق وانتظار الحل. ولمستشار المالية 
يشكرونه على استقبال الوفد الدمياطي وقبوله العريضة التي تقدم بها اليه. 

فى يوم 30 مايو نجح الوفد الدمياطي فى الالتقاء بالمستر ميتشل مستشار نظارة 
الداخلية، وكان لقاء عاصفا، فقد أبى الرجل أن يجيب مطلبهم بالإبقاء على الصلة المباشرة 
بين محافظة دمياط والنظارة دون وساطة مدير الدقهلية، الأمر الذي دعاهم إلى الخروج من 
لدنه قاصدين إلى دار المعتمد البريطاني الذى امتنع عن مقابلتهم وأرسل اليهم من يبلغهم أن 
شأنهم متعلق بالداخلية، مما دعا بعض أعضاء الوفد إلى التلويح بأنهم لن يسكتوا حتى لو وصل 
الأمر إلى أن يسافر بعضهم إلى لندن لرفع شكايتهم لوزارة الأحرار! 

بعد أن هدئوا قليلا قرر أبناء دمياط أن يستعيضوا عن لقاء العميد البريطاني بتلغراف مطول 
وجهوه إليه ونشرت الأهرام نصه . . كان مما جاء فيه: 

«نرفع إلى مسامعكم بمزيد الاحترام أن نظارة الداخلية أبلغتنا أنه لا يمكنها الرجوع عن قرارها 
بشأن دمياط وعليه جئنا نستغيث بفخامتكم طالبين منكم إنصاف مدينتنا . . إذ لا يطابق 
النظام الحالي في مصر أن تتجاهل مطالب مدينة بأسرها ويداس عليها . . لذلك جئناكم ضارعين 
فقرار نظارة الداخلية كما بلغ لنا عبارة عن خراب مدينتنا. إن أربعين ألف نسمة يصرخون إليكم 
طالبين منكم أن تعودوا فتقبلوا مقابلة وفدهم». وبعد ساعة من إرسال هذا التلغراف كانوا يقفون 
على باب دار المعتمد البريطاني وكلهم إصرار على مقابلة اللورد كرومر الذي وعد بإتمام هذا اللقاء 
بعد يومين!

قبل انقضاء المهلة المحددة وصل جواب اللورد ليبلغهم أن نظارة الداخلية اتخذت قرارا سوف 
يكون محل رضائهم وطلب منهم أن يضعوا في حسبانهم مراعاة صالح سكان المراكز الزراعية 
المجاورة لدمياط وليس مصالح مدينتهم فحسب. وأن الداخلية بعد البحث الدقيق وصلت إلى 
الحل المرضي «لمطالب سكان المناطق الزراعية بدون ما يكون ألحق أي ضرر بالمصالح التجارية 
لمدينتكم التاريخية الشهيرة». 

لم يستكن الدمايطة إلى هذا الرد المهدئ بل حزموا أمرهم وتوجهوا إلى الداخلية طالبين مقابلة المستر 
ميتشل. ومع أن الرجل تهرب من مقابلتهم إلا أن سكرتيره أبلغهم بالحل وكان: «إن‏ الحكومة قررت إبقاء 
محافظة دمياط وخزانة المحافظة وعدم تعيين عمدة لدمياط وإبقاء نقطة فى فارسكور مع إبقاء مركز فارسكور 
تابعا لدمياط وإبقاء محكمة فارسكور الشرعية وكل ما حفظته الداخلية من قرارها السابق أن محافظة دمياط 
تظل تابعة لمديرية الدقهلية إداريا فتخاطب الداخلية بواسطة المديرية » وقد قطع المستشار وعدا على نفسه 
بأنه إذا ظهر في المستقبل ضرر من ذلك فإن الداخلية لن تضن بإزالته.

تم في نفس الوقت توجيه التعليمات إلى محافظ دمياط بمضمون التغييرات التي حدثت في القرار الأول بأن يبقى 
اسم المحافظ والمحافظة كما كان من قبل وكذلك الخرينة كما كانت عليه، وأن تعطى للمحافظ حرية التصرف في 
أعمال البندر «بعد مخابرة مدير الدقهلية وكان أولا يخابر النظارة»

وبينما كان يسعى المسئولون فى القاهرة إلى إقناع الوفد الدمياطي بأصوبية هذا الحل الوسط كان محافظ الميناء 
يقوم بنفس المهمة مع أعيان المدينة، وهو ما لم يفلح فيه تماما. فقد بقي هؤلاء عند رأيهم أن إتباع المحافظة 
لمديرية الدقهلية يحط من شانها «ولتجار دمياط علاقة كبيرة بالتجارة الأجنبية فهم يستوردون كمية عظيمة من الفحم 
الحجري وزيت البترول وغير ذلك عن طريق بورسعيد وتستورد الأرياف هذه الأصناف من دمياط . . ولتجار الخشب في 
المدينة شأن يذكر فانهم يستوردون كمية عظيمة من خشب الأناضول ولهم مع سوريا علاقة تجارية عظيمة وبواسطتهم 
منع العسر الذي كان يهدد البلاد في العام الماضي إذ قلت الغلال فبادر التجار الدمياطيون لاستيرادها من جهات سوريا 
فإذا عرف تجار الأناضول وسوريا والتجار الأوربيون أن دمياط ليست بلدة رئيسية قلت أهميتها في نظرهم وعدلوا عن 
معاملتها». 

تبع ذلك أن والى الدمايطة الوفد الموجود فى القاهرة بتلغرافاتهم التي أعربوا فيها عن استيائهم من قرار الداخلية وطالبوا
أعضاءه بالمثابرة على موقفهم إلى أن تبطل الداخلية قرارها وتعيد المحافظة إلى مركزها الأول، ولكن يبدو أن الجميع قد 
وصلوا إلى طريق مسدود . . المحافظ يردد على الأعيان فى المدينة أقوالا تقول الأهرام أنه لم يكن مقتنعا بها، وأن حجة هؤلاء 
كانت أقوى كثيرا من حججه. وفي القاهرة يجري أعضاء الوفد هنا وهناك بينما يرى المسئولون فى الداخلية وفى دار المعتمد 
البريطاني أنهم قدموا لأعضائه أكبر تنازلات ممكنة. وفى تقديرنا أن هؤلاء لم يتمكنوا من الوصول إلى الإلغاء الكامل للقرار لما 
يمكن أن يتبعه من إضعاف هيبة الحكومة ومن القبول بسابقة يمكن أن تتكرر بالنسبة لقرارات أخرى تصدرها نظارة الداخلية 
أو غيرها. وكان مطلوبا بعض الوقت يستجيب بعده المسئولون لطلب الدمايطة ولكن بشكل يبدو معه وكأن القرار قرارهم. 
وأنه لم يتخذ تحت أي ضغط.

بعض الوقت هذا امتد لثلاث سنوات. والى شهر مايو عام 1909 على وجه التحديد، ففي 26 من ذلك الشهر بشرت الأهرام أهالي 
الميناء العتيد بأنه سيعود كما كان محافظة كاملة . . جاء في الخبر الذي طيره وكيل الصحيفة فى المنصورة ونشرته فى ذلك اليوم 
أن «نظارة الداخلية عزمت على إعادة محافظة دمياط كما كانت وإعادة المركز إلى فارسكور وقد حضر جناب مفتش الداخلية إلى 
المديرية وتفاوض مع سعادة المدير على بناء المركز لفارسكور وقد وقع اختيارهم على قطعة أرض من أملاك الحكومة بفارسكور 
لبنائها مركزا وبذلك تعود دمياط محافظة كما كانت فنهنئ أهالي البلدين». وبهذا العود الحميد انتهت تلك الفترة الاستثنائية في 
تاريخ محافظة من أقدم المحافظات المصرية. 


المصدر: الأهرام - السنة 121 - العدد 30393 ، الخميس 5 ربيع أول 1418 هـ - 10 يوليو 1997 - 3 أبيب 1713 

الأحد، 28 مارس 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - آثار دمياط ومساجدها وبعض معالمها التاريخية

مسجد المتبولي
مسجد المتبولي



سوق الحسبة  :

وهو أسم لم يزل يطلق على أحد شوارع دمياط . و كانت الحسبة في بعض 
العصور الأسلامية وظيفة يتولاها مراقب يسمى « المحتسب » . ومعنى الحسبة ، الأمر 
بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومنع الغش والتدليس ، والمحافظة على الأمانة والآداب 
العامة . فكان يتولى هذه الوظيفة عادة أحد القضاة أو الفقهاء الملمين بالأحكام 
الشرعية ، لمراقبة الموازين والمكاييل ، وكانت له دار خاصة ، يدعو إليها الباعة 
ومعهم موازينهم وصنجهم ومكاييلهم . فأذا وجد بها خللا صادرها أو ألزم صاحبها 
بأصلاحها . كما كان عليه أن يمر بالسوق لمراقبة الأطعمة والمشروبات و الملابس 
ونحوها . والكشف عن الغش والمحرمات ، كما كان عليه أن يختم اللحوم في حوانيت 
الجزارة ، ويفتش على نظافة السقائين وماء القرب ، وحمولة السفن أو الدواب التي 
تزيد عن الطاقة .

وكانت الحسبة معروفة منذ زمن النبي عليه الصلاة والسلام . وكان يقوم بها 
بنفسه ويشرك غيره فيها . كما كان يولي عمر بن الخطاب بعض الرجال والنساء في هذه 
الوظيفة . التي ظلت في معظم العصور الاسلامية .

الخانات والوكائل :
لم يزل بدمياط بعض تلك الخانات القديمة ، ولو أن أكثرها تهدم . ثم زال ، 
وذلك القليل الباقي خرب وآل أيضا إلى الزوال . وكان يطلق على تلك « الوکائل » 
أسماء تميزها ، فكانت هناك وكالة الصابون، ووكالة الأرز ، ووكالة خفاجة ووكالة 
الشوربجي والخان ... وغيرها من الأسماء ...

والخان لفظة تركية ، و بالفارسية خانة ، بمعنى المحل أو الفندق أو الحانة . ولم 
يزل بالقاهرة ورشيد وغيرهما بعض تلك الخانات القديمة . فكان ينزل بها المسافرون 
والملاحون والتجار الغرباء القادمون بمراكبهم إلى المدينة . وكانت بها حوانيت 
ومطاعم ومشارب و « حواصل » .

وكان يقوم على جانبي شارع « الخمس » بدمياط إلى عهد قريب ، صفان من هذه 
الوكائل والخانات . كما كان يرى بالقرب من شاطى النيل بجوار دار المحافظة القديمة 
بناء كبير عتیق ، مستطيل الشكل في ثلاثة طباق، ولنوافذه الكثيرة مشربیات خشبية، 
وفي أسفله « حواصل » أو مخازن كانت تمتلىء بخيرات البلاد القريبة والبعيدة .

وكانت خانات دمياط قائمة منذ عصور المماليك. ونزل ببعضها جنود نابليون وهاجمهم 
هناك أهل الشعرا ... وكان بعضها يحمل فوق بابه الخشبي الضخم لوحات من الرخام 
نقش عليها تاريخ بنائه ، كما كانت تعلو باب الخان المجاور لدار المحافظة ، وقد هدم 
منذ عهد قريب ، لوحة من الرخام عليها خمسة أبيات منظومة باللغة التركية . وكان تابعاً 
لوزارة الأوقاف كما كان وقفاً للحرمین .

ويتحدث المقريزى في القرن الخامس عشر عن تلك الوكائل : « ... وهذه الوكالة 
في معنى الفنادق والخانات ، ينزلها التجار ببضائع بلاد الشام من الزيت والشيرج 
والصابون والدبس والفستق و الجوز واللوز والخروب والرب ونحو ذلك ... » كما 
يقول عن إحدى وكائل القاهرة المسماة وكالة قوصون ، والشبيهة بوكائل دمياط : 
« ... فأخربها وما جاورها الأمير قوصون ، وجعلها فندقاً كبيراً إلى الغاية . و بدائره 
عدة مخازن، وشرط أن لا يؤجر كل مخزن إلا بخمسة دراهم من غير زيادة ، ويعلو هذه 
الوكالة رباع تشتمل على ثلثمائة وستين بيتا ، أدركناها عامرة كلها ... »

وكان الكتان يباع بكميات كبيرة في خانات دمياط في القرون الوسطى
وشاهد السائح سافاري وکائل دمياط عام ۱۷۷۹ فكتب عنها : « إن الأسواق 
خاصة بالبضاعة ، والوكائل والخانات رحيبة كمثيلاتها ببولاق . وهي تجمع في أروقتها 
أقمشة الهند ، وحرير لبنان ، وكذا الملح وأكوام الأرز ، مما يدل على أنها بلدة 
تجارية .. »

وكذلك يقول الرحالة فولني عام ۱۷۸۳ : « يلجأ التجار الأوربيون وأتباعهم إلى 
خانهم ، فأذا فشا الطاعون الذي يفد من أزمير أو الأستانة أو عن طريق القاهرة ، 
أغلق عليهم الخان ، وتناول البواب الأشياء بما شق النار ، فغطسها في ماء مخصص لهذا 
الغرض ثم سلمت لهم ... »

ويصفها السانح هوراس فرنييه الذي زار مصر في القرن التاسع عشر : « الخانات
أو — كرافان سراي — والتي يطلق عليها بالتركية « بيز ستين » عمارات عظيمة 
مشيدة من الحجر والرخام أو من الآجر ، ذات أقبية تكون طرقاً عدة ، وبها 
دكاكين من كل الأنواع ، وللمسافرين أن يضعوا بها أشياءهم الثمينة . بل هم يأوون 
إليها . وتغلق أبوابها في ساعة مبكرة ، وتقفل أحياناً بوضع سلاسل ، ولایبقی بها 
غير الحراس الذين يكلفهم الشرطة بالحراسة نهاراً وليلا ، ولبعض كبار التجار 
وصغارهم هناك غرفة أو غرفتان يستخدمونها مكاتب . ولا يسمح للنساء بدخول تلك 
الخانات . وكثيرا ما يشيد الأغنياء والمحسنون خانات للمسافرين في الأماكن
المنعزلة ... »

وتذكرنا هذه العبارة الأخيرة ما فعله الزعيم عمر مكرم في أثناء مقامه بدمياط 
نحو ثلاث سنوات آخرها عام ۱۸۱۲ فقد رأى أن يشيد بدمياط خاناً صغيراً للغرباء 
القادمين إلى المدينة تخفيفاً لمشاقهم .

وكان يخصص لكل جالية خان ينزلون به ويودعون به متاعهم وبضاعتهم . 
ولكل خان مدير مقيم به . وسمح بعض سلاطين المماليك للجاليات الأجنبية الكبرى 
ببناء كنائس داخل خاناتها . هذا فضلا عن وجود الحمامات والأسواق والحدائق ، 
الصغيرة بفناء الوكالة . ولم يكن هناك من قيود سوی غلقها ليلا على من فيها ، وغير 
الرقابة الشديدة إذا تفشت الأوبئة . 

وكان آخر عهد دمياط بالخان الكبير المشرف على النيل بطوابقه الثلاثة ، عام 
۱۹٥۰ إذ هدمته وزارة الأوقاف بعد أن تداعی بناؤه لتشيد مكانه بعض العمارات 
الحديثة ، وكذلك هدمت خرائب الوكائل بشارع الخمس منذ نحو عشرين عاما .

المساجد القديمة :
وبدمياط أكثر من أربعين مسجداً بين كبير وصغير ، وقديم وحديث . وقد 
أحصى بها على مبارك عام ۱۸۸۸ خمسة وأربعين مسجداً . وذكر صاحب « دلیل 
وادي النيل عام ۱۸۹۱ » أن بدمياط من المساجد ٤٣ منها ۲۷ مسجداً للأوقاف 
والباقي للأهالي .

وفي السنوات الأخيرة أصلح وعمر عدد من تلك المساجد و منها مساجد : أبي
عصية، والعزوني ، والعنبري، والجامع الجديد، والشيخ عطية، وزاوية الأربعين 
والنفيس ، والرحمة . إلى جانب ترميم مسجدي أبي العباس ، وشيحة ، ومسجدی 
الناصرية والموصلي .

ومن الأولياء المدفونين بدمياط : الشيخ أبو المعاطي فاتح الأسمر ، والشيخ 
أطعن ، والشيخ أبو جريدة ، والشيخ أبو العباس ، والشيخ المظلوم ، والشيخ الركي 
المدفون بجامع البحر ، وسيدي أبي عصية ، والسيدة قبيلة ، والسيدة عائشة المحاريقة
وغيرهم

مسجد أبي المعاطي ( جامع عمرو ) 
الجامع الكبير أو جامع عمرو بن العاص ، أو مسجد فاتح . . هو أشهر مساجد 
دمياط وأقدمها عهداً ، وأكثرها ذكراً في كتب التاريخ , ويذهب الكثيرون إلى 
أنه شيد في زمن الفتح العربي لمصر أي في القرن السابع الميلادي. ويرى آخرون أن 
بانيه هو عمرو بن العاص نفسه ولهذا دعي بجامع عمرو . بينما يكتفى البعض 
بتسميته « جامع فاتح » أو جامع أبى المعاطي . لأن المتصوف فاتح الأسمر التكروري 
أقام به بضع سنوات وكان يعنى بترميمه و تنظيفه حتى وفاته عام ٦۹٥ هـ (۱٢۹٦م) 
ودفن بجوار الجامع .

والواقع أنه لم يثبت بعد متى شيد هذا المسجد في أول عهده ، ولا من هو أول 
مؤسسيه . وإنما سمي بجامع عمرو لأسباب ثلاثة : أولها : أن بعض مؤرخي العرب 
ولا سيما المقريزي المتوفى عام ١٤٤١ م قالوا إنه بني في عهد عمرو بن العاص ، 
دون أن يذكروا المصدر المعول عليه . وثانها : أنه كان يطلق عليه بعد وفاة فاتح 
الأسمر « جامع فتح » فالتبس الأسم على الناس بين فاتح والفتح العربي ، وثالثها : 
أن طراز بنائه الباقي إلى اليوم قريب الشبه بطراز جامع عمرو الحالي بمصر القديمة . 

ولا يستبعد أن يكون هذا المسجد قد أسسه المسلمون بشكل أولى بسيط حين 
دخلوا دمياط ، يوم تم لعمرو بن العاص فتح مصر عام ٦٤٢ م . ومع أن هذه
الرواية يعوزها الدليل فليس ببعيد أن يكونوا قد شيدوا لهم في هذا المكان مسجداً
صغيرا كما فعلوا في الفسطاط وغيرها من المدن . ثم تجدد بناء هذا المسجد على مر
القرون بالهدم والتوسيع والزيادة والنقص ، كما حدث لجامع عمرو بالفسطاط الذي
تجددت عمارته وتضاعفت مساحته ، وعملت فيه يد الإصلاح والترميم نحو عشرين
مرة ، حتى لم يبق من شكله الاصلي شئ يذكر .

ولا يستبعد أيضا أنه كان كنيسة من عشرات الكنائس التي كانت بدمياط قبل 
الفتح العربي ثم حول إلى مسجد ، وما لبث أن هدم وتجدد حتی عمر بعد سنة خمسمائة
من الهجرة في حكم الفاطميين . .

أما الكتابة الكوفية التى رآها المقريزي في أوائل القرن الخامس عشر — على 
بابه ومنها أنه عمر بعد سنة ٥٠٠ من الهجرة وكذلك النقوش والزخارف الفاطمية 
الأخرى ، فقد نقلت إلى دار الآثار العربية بالقاهرة منذ عهد غير بعيد . .

وأما هذا التجديد الذي حدث في المسجد. بعد عام ۱۱۰٦ م ( ٥٠٠ هـ) فقد 
حدث کا سلف في عهد الدولة الفاطمية ، وكان يتولى الحكم وقتذاك الخليفة الفاطمي 
المنصور أبو على الآمر بأحكام الله ( ۱۱۰۱ — ۱۱۲۹م ) فقد يكون هو الآمر 
بتجديد المسجد فان الفاطميين عنوا بتجديد جامع عمرو بالقاهرة و منهم الأمر هذا ..

وظل المسجد قائما بعد ذلك التجديد الفاطمي حتى عام ۱۲٥۰ م حين أصدر 
أمراء المماليك أمرهم بتخريب دمياط ولكنهم أبقوا على هذا الجامع ، وظل مهملا 
بضع سنوات حتى تم تجديد المدينة ، وما مر ربع قرن على انشاء دمياط الجديدة حتى 
قدم إليها فاتح الأسمر من مراكش ، فأقام بها فترة ثم رحل عنها إلى تونة وهي 
خراب ، وكانت مدينة عامرة ببحيرة المنزلة من قبل ، وظل بتونة سبع سنين ، ثم عاد 
إلى دمياط ، واتخذ من وكر بأسفل منارة المسجد مأواه . كما راح يرممه ويبلطه ..

وأعجب ما في تاريخ هذا المسجد أنه تحول من مسجد إلى كنيسة ومن كنيسة 
إلى مسجد بضع مرات ، فحينما استولی جان دی بريين على دمياط عام ۱٢۱۹ م جعل 
هذا المسجد كنيسة ، ويزيد السيوطي على ذلك بقوله : « ثم في سنة ٦١٦ هـ (۱٢۱۹ م) 
استحوذ الفرنج على دمياط ، وجعلوا الجامع كنيسة لهم وبعثوا بمنبره و بالمربعات
ورؤوس القتلى إلى الجزائر » .

ولما خرج الصليبيون من دمياط عام ۱۲۲۱ م تحولت الكنيسة إلى مسجد كما
كان ...

وفي عام ١٢٤٩ م حينما دخل لويس التاسع دمياط ، جعل ذلك المسجد كاتدرائية 
— أي كنيسة كبيرة — وكرسها لمريم العذراء . وأقام بها حفلات دينية عظيمة كان 
يحضرها نائب البابا ، ومنها حفل تعميد الطفل الذي ولدته بدمياط ملكة فرنسا ، 
زوج لويس التاسع ، وسمته يوحنا ولقبته « تريستان » — أي الحزين - بسبب 
ما اکتنف ولادته من أهوال الحرب .

ويذكر جوانفیل — أحد قواد حملة لويس التاسع بعض الحفلات الدينية التي 
شهدها بدمياط عام ۱۲۱۹ م : « ... وخرج الموكب الأول من مقر نائب البابا
وسرنا إلى كنيسة سيدتنا العذراء . وأقام النائب الرسولي هذا القداس في سبتين 
متتالين . وكان الملك ( لويس ) وكبار رجال الجيش يحضرون هذه الحفلات ... »

فلما أن جلا لویس وبقية جيشه عن دمياط ، بعد أن ظلت في أيديهم أحد عشر 
شهراً و تسعة أيام، عاد المسجد كسابق عهده ، وظل مسجداً منذ ذلك الحين إلى الآن ...

وما برح المسجد قائماً منذ أن جدده الفاطميون عام ۱۱۰٦م وقد أدركته 
الشيخوخة ، يترقب أيدي الترميم والأصلاح ...

ويصف علي مبارك بعض الحفلات الدينية في عهده : « ... وفي كل عام ينتصب 
مولد في أول شعبان يقال له « مولد أم عفن » . ففي أول يوم يجتمع مشایخ 
السجادات والأشاير . وغيرهم من أهل البلد والبلاد المجاورة لها بجامع أبي العطاء . 
وتنعقد حلقة ذكر تشتمل على نحو ألف نفس . ويجلس بداخل الحلقة أرباب 
الاشارات وتوابعهم إلى جامع البحر ... وهكذا تستمر تلك الحالة من الاجتماع 
بجامع أبي العطاء نهارا وجامع البحر ليلا إلى نصف الشهر ... »

وقد تجدد ضريح فاتح الأسمر الذي نراه اليوم ، مرارا ، حتى اتخذ هذا النمط
الحديث ، و تطالعك على باب الضريح لوحة كتبت عليها الأبيات المنظومة التالية ، 
التي تؤرخ لتجديده : 
يا طالب الأمداد هذا أبو العطا    فلذ بحما علياه تعطى المؤملا 
هو القطب حقاً فاتح الأسمر الذي    لدمياط وافى من مراكش مقبلا 
وسار إلى الفردوس يزهو فأرخوا    وراقيا في أزکی الجنان مؤملا
٦٩٥ هـ

وفي ظل توفيق العزيز مزاره    حوى حسن تجديد بهمة ذي العلا
محافظنا المشكور أحمد جودة    وصار مزاراً باهي الحسن أجملا
لذاك لسان الحال قال مؤرخا:    مقامي بالتوفيق ( جودة ) جميلا
۱۳۰۷ هـ

والمسجد اليوم تابع للجنة حفظ الآثار العربية . وهو مغلق بأمر هذه اللجنة 
لا تقام فيه الصلوات باعتباره من الآثار . وكان من المستطاع أصلاحه وتجديده 
من زمن ، وأعادة النقوش والزخارف والكتابات التي نقلت منه إلى دار الآثار 
العربية بالقاهرة كما تقدم .. أما المئذنة فقد تهدمت ...

وقد تجدد المسجد الصغير المحيط بالضريح عام ۱۹٤٥ فطلي من الداخل والخارج 
وأنير بالكهرباء ، ومدت إليه أنابيب الماء ... ويعد هذا البناء ضريحا فقط لا 
مسجدا ، ولو أنه يجمع اليوم بين الأثنين أي أنه ضریح ومسجد . ويصلي فيه الناس 
الآن تجاوزا .

وبجانب ضريح فاتح مقبرة الشيخ تاج الدین عبد الوهاب المتوفي عام ٦٥٩ هـ .
وما زال يرى بقرب الضريح بعض نماذج صغيرة لمراكب ذات شرع بيضاء 
مما اعتاد الملاحون أهداءه إلى صاحب الضريح نذورا وشكرا لدى عودتهم من البحر 
سالمين . وهي عادة قديمه يتوارثها الملاحون في كثير من ثغور الشرق والغرب .

ويحتفل اليوم بمولد أبي المعاطى كل سنة من الثامن إلى الخامس عشر من شهر 
شعبان. فيسير موكب الطرق الصوفية للسادة الرفاعية تتقدمه قوات البوليس وتزدحم 
طوال أسبوع المولد سرادق أرباب الطرق الذي يقام بآخر شارع أبو المعاطي ، ثم 
يحتفل بالليلة الختامية للمولد بأحياء ليلة النصف من شعبان .


جامع البحر ومدرسته 
يقع هذا المسجد على ضفة النيل الشرقية بدمياط . وكان إلى سنوات قلائل 
ملاصقاً لشاطىء النهر ؛ ينزل منه إلى النيل ببضع درجات . وكان المصلون ينتفعون 
في القديم بهذا السلم العريض في الوضوء ، ولهذا سمي منذ زمان بجامع البحر ، ثم 
فصل شارع النيل ( الكورنيش)، بين المسجد وبين النيل . وهدم جزء من المسجد ، 
وضم إلى الطريق . ثم تجدد المسجد حينذاك ، وزين ، وأدخل به الماء والكهرباء ،
واتخذ نمطا حديثاً . .

ولا يعرف يقيناً بدء تأسيسه . وإنما عرف من كتابة نقشت عند سقفه أنه 
جدد أولا عام ۱۰۰۹ هـ ( ۱٦۰۰ م ) في عهد الحكم العثماني . .

وترى على باب المسجد بعض الآيات القرآنية ، وعدد من أسماء مجدديه . كما 
يری بداخله ضريح شيخ أسمه « الشيخ الزکي » ...

وكانت مدرسة جامع البحر تنافس المدرسة المتبولية بدمياط ، وكان يدرس 
بهما العلوم الشرعية واللغوية . ثم انتقلت المدرسة المتبولية إلى جامع البحر . وفي 
عام ۱۹٠١ توحدت الدراسة فيهما ، واندمجا معاً ، والتحقا بالأزهر ، وصارا معهداً
واحداً ، هو « معهد دمياط الديني » الذي انتقل إلى بناء خاص ، وسار على نظام
حديث . .

وبداخل المسجد أعمدة مربعة ، مشيدة بالآجر المبيض . وعلى جانبيه من 
الداخل قناطر « بواكي » . و به خلوة للنساء المصليات ، وهو خلو من النقوش 
والزخارف .

وكان بالمسجد غرف للطلاب والشيوخ . وكان يجتمع بها بعض علماء الدين 
والأدباء في عهد الحكم العثماني . ومن ذلك ما جاء في سيرة الشيخ مصطفى أسعد 
اللقيمي الدمياطي ، وهو من أدباء دمياط وتجارها في القرن الثامن عشر ، أنه كان 
حوالي سنة  ۱۷٤۰ يجتمع في إحدى غرف هذا المسجد بأدباء المدينة وشيوخها في
مجلس مذاكرة ومناشدة . . ومن ذلك أيضاً ما ذكره الأمام محب الدين الحسيني
الزبیدی صاحب « تاج العروس من جواهر القاموس » والمتوفى سنة ۱۷۹۰ م حين 
أقام فترة من الزمن بدمياط للدرس والبحث ، إذ يقول : « وقد سمعت الحديث 
بدمياط على شيخها العلامة الأصولي المحدث أبي عبد الله محمد بن عيسى بن يوسف 
الشافعي ، كان أحفظ أهل زمانه ، قراءة عليه بجامع البحر ، وبالزاوية المعروفة 
بمسجد زرارة بن عبد الكريم .حدث عن أبي عبد الله محمد بن محمد الدمياطي .. »

ومن الوالد التي كانت تقام بجامع البحر في القرن التاسع عشر ، ما وصفه علي 
مبارك في خططه عام ۱۸۸۸ إذ يقول :

« وفي كل عام ينتصب مولد في أول شعبان يقال له « مولد أم عفن » . ففي أول
يوم يجتمع مشايخ السجادات والأشاير وغيرهم من أهل البلد والبلاد المجاورة لها. 
بجامع أبي العطاء ( أبي المعاطي ) و تنعقد حلقة ذكر تشتمل على نحو ألفي نفس . 
ويجلس بداخل الحلقة أرباب الأشاير ، والسجادات . ويستمرون كذلك من العصر 
إلى الغروب . ثم يتوجه أرباب الأشارات وتوابعهم إلى جامع البحر . ويلتزم أكابر 
التجار كل واحد منهم ليلة يصرف عليها من ماله . وعلى صاحب الليلة تعليق النجف 
والقناديل بجامع البحر . ويفرش ما بين المنبر وحائط الجامع البحري بالبسط 
والسجادات الثمينة . وفي دوائر الفرش المساند . وذلك نحو ثمانين متراً . ويوضع 
أمام الجالسين کراسي مرصعة بالصدف علما الشمعدانات والفنانير البلور . ويختص 
هذا المجلس بجلوس الأكابر كمحافظ الثغر ورؤساء المجالس وأرباب المناصب ، وسر 
تجار البلد والعلماء الفخام . ومن بعد صلاة العشاء ينعقد مجلس ذکر وينشد فيه 
بالألحان العجيبة والموشحات الغريبة . وعلى صاحب الليلة أن يهيئ طعاما واسعاَ 
فيذبح جملة من الجواميس والغنم ، ويكثر من أنواع الطعام . ويمد أسمطة حافلة لكافة 
الحاضرين من الذاکرین والمنشدين وأرباب الأشاير والفقراء والمساكين . ثم 
تحضر أطباق الحلوى ، ويفرقونها على كافة الحاضرين . وهكذا تستمر تلك الحالة 
من الاجتماع بجامع أبي العطاء نهاراَ وبجامع البحر ليلا إلى نصف الشهر » .

وإلى يومنا هذا ما زالت تقام الحفلات الدينية بجامع البحر . ففي كل عام يحتفل 
فيه بليلة الإسراء والمعراج ، وبليلة نصف شعبان . وليالي شهر رمضان وليلة القدر 
وبذكرى المولد النبوي الشريف .


جامع المعيني ومدرسته 
يمتاز هذا المسجد بضخامة البناء ، وارتفاع الجدر والمئذنة ، ولكنه لا يمتاز 
بالقدم ولا بالشهرة اللتين يسبغهما التاريخ على مساجد أخرى بدمياط . فقد شید 
في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي — الثامن الهجري — كما يتضح من اللوحة 
المصنوعة من خشب الجميز ، الباقية حتى اليوم بالمسجد ، والتي نقش عليها بالحروف 
البارزة بيتان من الشعر يؤرخان لتأسيس المسجد وهما : 
عليك بفعل الخير سراً وجهرة    وداوم على صنع تكن فيه مقيداً
وشاهد بنا سعده قال أرخوا    مشيد ( معين الدين ) عز به يدا
سنة ۷۱۰ هـ

فقد شيد التاجر الدمياطى محمد معين الدين عام ۷۱۰ هـ ( ۱۳۱۰ م ) في زمن 
الناصر قلاوون الذي ازدهرت في عهده فنون العمارة والنقوش العربية . ومن 
المستغرب أنه قد زار دمياط بعد هذا التاريخ عدد من الرحالة مثل ابن بطوطة 
والمقريزي وغيرهما ، فلم يذكر أحدهم شيئا عن هذا المسجد ومدرسته !

وبداخل الجامع ضريح يقال إنه ضريح معين الدين ، وأحيط الضريح بمقصورة 
من الخشب مصنوعة على طراز المشربيات العربية . وتجددت بعض أجزائها البالية 
منذ زمن قريب ، وما زالت ترى فوق المقصورة لوحة نقشت عليها بحروف من 
الخشب البارز ثلاثة أبيات منها : 
لك الفخر في الدارين والأجر مصطفی    بتجديد ما قد عز منه مرامه

وتشير هذه اللوحة أن رجلا أسمه مصطفی قام بتجديد ذلك الضريح عام ۱۲۲۰ هـ 
( ۱۸۰٥م ) أما المنبر فقد تجدد عام ۱۸۲۳ م .

وكان لهذا المسجد مئذنتان سامقتان بديعتان ، هدمت أحداهما منذ بضع سنوات 
بعد أن آلت إلى السقوط . كما تعلو سطحه الشاهق قبة صغيرة . 

وكان هذا المسجد مشيداً فوق قناطر ليكون على مرتفع من ماء النيل الذي
ترشحه الأرض . وما زال تحت المسجد قبو وفراغ فسيح ، وكانت الأرض التي أقيم 
عليها واطئة ، فكان يصعد إليه بسلم . و تطل على صحن المسجد من الداخل نوافذ 
ذات مشربیات خشبية ، كانت فيما مضى نوافذ الغرف المخصصة للطلبة .

وجاء في « الضوء اللامع » للسخاوي الكلمة التالية عن محمد معین الدین :
« محمد بن محمد بن محمد الملقب بمعين الدين ، الفارسكوري الأصل ، الدمياطي 
المولد والدار ، أحد المتمولین من بيت تجارة ووجاهة ، حتى كان أبوه على قاعدة 
تجار دمياط ، ينوب فيها عن قضاتها ونشأ هذا فقيراَ جداَ . فقرأ القرآن أو بعضه، 
وعانى استئجار الغيطان ، وترقى حتى زادت أمواله عن الوصف ، بحيث قيل إنه وجد 
ببعض المعاصر خبيئة ، وصار ضخماً عظيم الشوكة ، مبجلا عند الجمال ناظر الخاص. 
وابتنى بدمياط مدرسة هائلة ، وعمل بها شيخا وصوفية ، وأكثر الحج و المجاورة. 
وكان يقال إنه يسبك الفضة ويبيعها على الهنود و نحوهم . ويقال إنه كان في صغره 
متهتكا ، فابتلاه الله بالبرص ، ولا يزال يتزايد حتى امتلأ بدنه وصار لونه الأصلي 
لا يعرف ، ومات وهو كذلك قريبا من سنة ٦۷۰ هـ عن سن عالية ، واستمرت 
المظالم منتشرة هناك بسبب أوقافه ، وهلك بسببها غير واحد. وهو مولى جعفر 
المعيني عفا الله عنه . »

جامع المدبولى ومدرسته
وفي أواخر سنة ١٤۷٥م — وهي السنة التي زار فيها السلطان الأشرف قايتباي 
مدينة دمياط للمرة الثانية ( كما تقدم ) — أمر السلطان بأنشاء مدرسة تشرف على 
النيل لتدريس العلوم الشرعية والعربية ، وهي المدرسة المعروفة بالمتبولية نسبة إلى 
العارف بالله الشيخ المتصوف ابراهيم المتبولي — وجعل فيها مساكن للطلبة الذين 
يفدون إليها من سائر أنحاء الأقليم . ورتب لها المدرسين وضمن لهم جميعاً الأرزاق 
بما وقفه على المدرسة من الأوقاف الكثيرة فتفرغوا للدرس والتحصيل . كما شید 
قايتبای مسجدا في رحبة المعهد للفروض الدينية ، وبنى لها طاحون ومعجناً ومخبزاً 
لتهيئة الخير لطلبتها من الحبوب التي كانت ترد إلى هذه المدرسة من أوقاف الخاصة
وصهريجاً للماء يشرب منه الطلبة .

وقد بقيت هذه المؤسسات قائمة إلى زمن قريب ، وأن كانت قد استعملت في 
غير ما أقيمت له ثم زالت معظم آثارها اليوم . غير أن جامع المتبولي ما زال قائما 
إلى الآن بعد أن تجددت عمارته .

وكان يعاصر هذا السلطان رجل من مشاهير المتصوفة أسمه ابراهيم المتبولي، 
يبيع الحمص المسلوق بالقرب من جامع الأمير شرف الدين بالحسينية بالقاهرة ، 
وكان بالرغم من فقره وزهده مقربا إلى قايتباي، وكان المتبولي يعارض السلطان في 
سیاسته ولا يخشاه ...

ويقول الشعراني في ترجمته للمتبولي بکتابه « لوافح الانوار » :
« ... وكان يعارض السلطان قايتباي في الأمور حتى قال له يوما : إما أنا في 
مصر أو أنت ؛ فخرج سیدي أبراهیم رضي الله عنه متوجها نحو القدس ، فقالوا له : 
إلى أين ؟ فقال إلى موضع تقف حمارتي . فوقفت بأسدود تجاه قبر سیدي سليمان 
رضي الله عنه فمات هناك بأسدود سنة نيف و ۸۸۰ هـ ، وخلع عليه سيدي
سلیمان ، رضي الله عنه ، الشهرة فانطفأ أسمه من ذلك اليوم ، وصار الأسم لسیدي 
ابراهيم ... »

ومن هذه العبارة التي ختمها الشعراني في «طبقاته» ترجمة الشيخ المتبولي يتضح أنه مات 
ودفن في بلدة أسدود بين غزة ويافا حوالي السنة التي أنشأ فيها قايتباي بمدينة دمياط 
مدرسة بأسم المتبولي ، كما تشير إلى ما كان بين الرجلين من صلة انتهت بغضب السلطان 
على الشيخ لمعارضته أياه في الأمور ، ويمكننا أن نستنتج بعد ذلك أن السلطان وقد 
ندم على ما فعل، أطلق أسم الولي على المدرسة التي أنشأها بدمياط ، ولعل الشيخ المتبولي 
مرَّ في طريقه بدمياط أيضاً .

والواقع لقد خلد قايتباي بهذه المدرسة ذكر المتبولي . ولم يزل أهل دمياط حتى 
الساعة يحتفلون بمولد العارف بالله ابراهيم المتبولي في رمضان من كل سنة .

و تخرج من المدرسة المتبولية كثير من أعلام الدين و اللغة ، ولم يكن ينافسها فيما 
بعد غير مسجد آخر بدمياط كانت تدرس فيه العلوم الشرعية واللغة وهو المعروف
اليوم بجامع البحر، لأنه كان ملاصقا لنهر النيل، وهذا المسجد الأخير ومدرسته لا يعرف 
الكثير من تاريخهما ولا يعرف مؤسس المسجد وأنما عرف من كتابة نقشت عند 
سقفه أنه جدد سنة ۱۰۰٩ هـ ( ۱٦۰۰ م ) كما سلف ...

ولقد كان بدمياط قبل أنشاء هذه المدرسة المتبولية عدد من المدارس ظهرت في 
مختلف العصور ، وكانت تلحق ببعض مساجد دمياط وزواياها ، فقد كانت هناك 
مدرسة بجامع عمرو أو جامع فاتح أبي المعاطي الذي تجدد بناؤه بعد عام ۱۱۰٦م 
ولما زار ابن بطوطة دمياط — كما سلف — عام ۱۳۲٦ م قال : « وكان بدمياط 
أيام أقامتي بها وال يعرف بالمحسني من ذوي الإحسان والفضل بنى مدرسة على 
شاطيء النيل بها كان نزولي بها في تلك الأيام ... »

ويقول المقريزی ( ۱٤٤۱م ) أن دمياط « صارت بلدة كبيرة ذات أسواق 
وحمامات و جوامع و مدارس ، ويذكر السخاوي في الضوء اللامع كما تقدم أن محمد 
معين الدين ابتنى بدمياط مدرسة هائلة سنة ۱۳۱۱م ...

ونرى اليوم فوق مدخل مسجد المتبولي لوحة خشبية عتيقة نقش علها بحروف 
من الخشب البارز البيتان التاليان : 
یا خائفا لذ بالضريح تجار    فلمثل هذا يقصد الزوار 
مذ لاح نور بنائه أرخ تری    مقامه قد لاحت الأنوار
عام ۱۲۳۰ هـ

ويفهم من هذا أن المسجد تجدد بناؤه عام ۱۲۳۰ هـ ( ۱۸۱٥ م ) ولكن 
المسجد رمم بعد ذلك وما زال في حاجة قصوى إلى الترميم والتجديد .

وكانت هذه المدرسة التي أنشأها قایتباي بدمياط باسم المتبولي عام ۱٤۷٥م سببا في 
هذه الصلة الشديدة بين الولي و بين دمياط . وما برح أهل المدينة يقيمون له مولداً 
في كل عام إلى اليوم ، وما زال الكثيرون يطلقون على طالب العلم بالمعهد الديني لقب 
« المتبلي » . وقد تقدم أن هذه المدرسة المتبولية قد اندمجت في المعهد الديني الحديث 
بدمياط ولم يعد بها طالب واحد . غير أن آثارها ومسجدها وأسمها كلها باقية إلى 
الآن، وما فتئت تعد من معالم دمياط البارزة ...

ولم يكن ابراهيم المتبولي من متصوفة دمياط ، ولم يتخذ منها ، فيما نعلم، مقاماً
لفترة من الزمن كما فعل عدد من المتصوفة غيره قبل عصره وبعده إذ كانت 
أقامته أو جلها بالقاهرة حيث كان يبيع الحمص المسلوق بالقرب من جامع الأمير 
شرف الدين بالحسينية . وقد عمر الزاوية التي ببركة الحاج وغرس النخل بالقرب 
من البركة و حفر بئراً بجوارها . ومع ذلك فقد اقترن أسمه بدمياط .

وعاش الشيخ المتبولي نحو ثمانين سنة حتى مات حوالي سنة و ۱٤۷٥م فهو قد عاصر 
عدداً من سلاطين الجراكسة بمصر منذ عهد الظاهر برقوق حتى شهد في الثماني 
السنوات الأخيرة من حياته أوائل حكم قايتباي .

مسجد شطا وضريحه
يعد هذا المسجد أقدم مزارات دمياط الباقية. ولم يزل قائما بقرية شطا الواقعة 
على بحيرة المنزلة ، على مسافة خمسة كيلومترات من دمياط . ويمكن الوصول إليها براً 
وبالمراكب الشراعية بالبحيرة ...

وكانت شطا مدينة معروفة في العصر الروماني ، وكانت تسمى بالقبطية «ساتا» 
واشتهرت قبل الفتح العربي وبعده بالمنسوجات الشطوية . ولكن المدينة القديمة 
التي تحدث عن نسيجها المؤرخون خربت كغيرها من مدن بحيرة المنزلة ، ولم يبق منها 
غير أسمها الذي يطلق اليوم على هذه القرية ذات الألفي نسمة. ولعلها لم تمح من 
صفحة الوجود کما محيت شقيقاتها تنیس وتونه ودبيق وغيرها من مدن المنزلة 
العريقة ، بفضل ضريح الشيخ شطا القائم على تلك الربوة منذ ثلاثة عشر قرنا كما جاء 
عن مؤرخي العرب الذين ينسبون إليه أسم البلدة . فكان الناس يأتون من كل فج 
للزيارة والتبرك منذ القدم وما زالوا على ذلك إلى اليوم ، لاسيما في ليلة النصف من 
شعبان ، وهي الليلة التي استشهد فيها شطا بن الهاموك عام ۲۱ هـ ( ۱۹ یولیه ٦٤٢ م ) 
في الموقعة التي دارت حول تنیس وقت الفتح العربي ... وجدد بناء المسجد والضريح 
عام ۱۱۹٦ هـ ( ۱۷۸۲م) كما يفهم من الأبيات المنقوشة على لوحة فوق الضريح .

مسجد أبي العباس الحريثي 
ينسب إلى الولي الصالح ، الشيخ أبو العباس الحريثي في أوائل القرن العاشر الهجري 
( السادس عشر الميلادي )

وكان الشيخ أبو العباس عالماً ومتصوفا ، قرأ الحديث والفقه والقراءات على أبيه ، 
وعلى نخبة من علماء عصره . وكثر أتباعه ومريدوه ، وعمر عدة مساجد بدمياط 
والمحلة وغيرهما ، وكان كريم النفس ، حسن المعاشرة ، زاهداً في الدنيا ، وتوفي 
بدمياط سنة ٩٤٥ هـ ( ۱٥۳۸ م ) ودفن بها في زاوية الشيخ شمس الدين الديروطي 
الواعظ . 

وظل هذا المسجد على حاله الأولى إلى أن عنى به وأصلحه عام ۱٢٤۰ هـ
( ۱۸۲٤ م ) الأمير محمد کاشف حاكم الغربية . ثم خرب واحتفظت مصلحة الآثار 
العربية بمنارته ، وهي ذات قاعدة مربعة تنتهي بدائرة بها شرفة فوقها .

ثم أعيد أصلاحه وبناؤه وافتتح في مايو ۱۹٥٦ . ولم تحتفظ دار الآثار بالمنارة 
طويلا .

ضريح جمال الدين شيحه 
مقام صغير يعلو أكمة غير مرتفعة . على مقربة من ضريح فاتح أبي المعاطي . 
ويشرف على أرض مزروعة نضرة من ناحية ، وعلى المقابر المنثورة وسط الأتربة 
من ناحية أخرى . وهو ضريح وليس بمسجد ، ولكن تقام في ساحته الصلوات .

ولهذا الضريح قبة جميلة تشرف على الحقول والمقابر وعلى الميدان المسمى « بحر الدم »

والضريح يتوسط غرفة ذات بلاط عتيق . ويكسوه قماش أسود عليه تاريخ 
صنعه عام ۱۳٥٦ هـ أي منذ عهد قريب . وعلق فوق باب الضريح بعض الأسلحة 
الأثرية يعلوها الصدأ ، منها رماح من الحديد، وأغماد من الجلد تشبه أسلحة العصور 
الصليبية . ومن الناس من يقول إنها أسلحة شيحه نفسه التي كان يقاتل بها الصليبيين 
بدمياط في حملة لويس التاسع ودعاها العامة « تعاليق شيحه » ثم حرفوها إلى « تقاليع 
شيحه » ! ومن قائل إنها وجدت مطمورة في هذه الناحية من بقايا المواقع الصليبية .
أما الغرفة التي احتوت الضريح فمشيدة بالأجر الأحمر ، وهي ذات نوافذ مثقوبة 
بليت في مر الزمن . وتحمل سقفها عروق خشبية طويلة بالية .

وإلى جانب ضريح شيحه ، قبر صغير من الرخام المحطم نقشت عليه هذه العبارة : 
وهذا قبر المرحوم الأمير أحمد بك ابن الأمير محمد أغا عزبان سابقا جلفي توفي 
سنة  ۱۱۷۰ هـ ( ۱۷٥۷ م ) .

مسجد الشرباصي :
يقع في شارع الشرباصي وهو مسجد العارف بالله الشيخ عثمان الشرباصي 
من متصوفة دمياط وأصله من شرباص ، إحدى ضواحي المدينة ، ويحتفل بمولده 
في رمضان من كل سنة ، فتلقى القصة النبوية الشريفة ، وكلمات الوعظ ، ويسير موكب 
يخترق أهم شوارع المدينة ... والمسجد حديث البناء . 

مسجد شاس :
مسجد صغير ذو مئذنة واطئة ، يقع في أول الطريق المؤدي إلى ضريح 
أبي المعاطي بدمياط ، ويتبع لوزارة الأوقاف . ويطلق عليه العامة « مسجد الشيخ 
باش » وهو تحريف للأسم . ويقول جلال الدين السيوطي في « حسن المحاضرة » : 
هو العلامة جلال الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن شاس بن قرار الجذامي السعدي 
المصري ، شيخ المالكية ، وصاحب كتاب « الجواهر الثمينة في المذهب » ، كان من 
كبار الأئمة العالمين . حج في آخر عمره ورجع فامتنع من الفتية إلى أن مات بدمياط 
مجاهداً في سبيل الله في رجب سنة ٦١٦ هـ والفرنج محاصرون لدمياط . قاله ابن كثير 
والذهبي . وكان جده شاس من الأمراء » .

أي أنه أستشهد في أثناء حملة جان دی بريين على دمياط عام ۱۲۱۹م في عهد 
الملك الكامل .

مسجد البدري :
وهو جامع ولي الله الشيخ محمد البدرى . و به لوحة تاريخية عليها ما نصه : 
« انشأه الخواجه محمد والخواجه ابراهيم ولدي الحاج يوسف خفاجي عام ۱۱۰٦ هـ 
(۱٦۹٤م) .

ويقول الجبرتي في ترجمته لأبي حامد البديري الدمياطي المتوفى سنة  ١١٤٠ هـ 
( ١٧٢٨ م ) أنه — أي البدري — أخذ عن الشيخ الفقية زين الدين السلسلي 
إمام جامع البدري بدمياط وهو أول شيوخه قبل المجاورة .

وكان قد هاجر من حلب في القرن الخامس عشر وما بعده كثير من الأسر 
کأسرة البدري التي منها عبد الله بن محمد البدري المصري المتوفى سنة ۸٤٧ هـ وغيره .

مسجد الشهيد :
وهو أول ما يقابل القادمين إلى دمياط بالسكة الحديدية ، ويقع في مواجهة 
کوبري دمیاط . وفي عام ۱۹٤٦ جمع الدمياطيون التبرعات لتجديد بنائه ، وعينت 
محكمة المنصورة الشرعية بعض أعيان دمياط للأشراف على البناء . ثم قدم ناظر 
وقف المسجد طلباً لتشييده من دورين ، على أن يكون الدور العلوي مسجداً والسفلي 
دکاکین . ومرت سنوات قبل أن تتم عمارته ...

زاوية ابن قفل :
ذكره ابن بطوطه حين زار دمياط عام ۱۳۲٦ م فقال : « وبخارجها — أي 
دمياط — جزيرة بين البحرين والنيل ، تسمى البرزخ . وبها مسجد وزاوية . 
لقيت بها شيخها المعروف بابن قفل . وحضرت عنده ليلة جمعة ومعه جماعة من 
الفقراء « المتصوفة » الفضلاء ، المتعبدين الأخيار ، قطعوا ليلتهم صلاة وقراءة 
وذكراً »

ثم عاد فذكره عام ۱٤۷۰م محمد بن عمر القادري الجوهري الدمياطي في 
مقامته الدمياطية بين قبور الأولياء الصالحين الراقدين بدمياط بقوله : « و من بني 
قفل ، بعد فتح ، حامي البرزخ ، سهمها المسدود سدید ... »

الكنيسة البيزنطية — بدمياط 
هي الكنيسة البيزنطية الطراز القديمة العهد ، التابعة الطائفة الروم الأرثوذكس 
الوطنيين واليونانيين . ولم تزل موجودة إلى اليوم « بحارة النصاری » بدمياط .

وكانت هذه الكنيسة قد تأسست منذ قرون سحيقة يصعب تحديدها . وقد 
تكون الباقية وحدها منذ العصر الروماني ، ثم خربت ، وجددت في العصور الحديثة 
عام ۱۸٤٥ ... وظلت على حالها بعد ذلك التجديد . ثم رممت وطليت وهدم ما حولها 
من الملحقات الخربة عام ۱٩٤٥ . ولكن ما لبث سقفها العتيق أن تداعی . فعمد 
أحد رجال هذه الطائفة بدمياط عام ۱٩٥٠ إلى اصلاحها ، وهدم نصفها ، فصغر 
حجمها ، وتغير بعض معالمها ...

وطبقاً لأقوال المؤرخين القدماء من العرب والأفرنج ، كان سكان دمياط جميعاً 
حتى الفتح العربي لمصر في القرن السابع ، من المسيحيين — القبط والروم — وكان 
بها عشرات الكنائس والأديرة ، وظل أكثر أهلها إلى ما بعد القرن العاشر 
الميلادي من النصارى . ثم راح عددهم يتناقص بعد ذلك تدريجياً . كما حول بعض
كنائسها إلى مساجد ، وخرب بعضها الآخر في عصور متتالية ، إلى أن هب على 
دمیاط أعصار الحروب الصليبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر وكان من نتائجها 
أن أمر الحكام المماليك بهدم مدينة دمياط بأسرها و ذلك في عام ۱۲٥۰م كما تقدم ...

ويوجد اليوم بدمياط ، أربع كنائس وهي : كنيسة الأقباط الأرثوذكس ، 
وكنيسة الروم الكاثوليك ، أو كنيسة العذراء مريم المشيدة منذ ۱۸۰ سنة ، وكنيسة 
اللاتين ، ثم كنيسة الروم الأرثوذكس التي نقصر عليها الحديث ، لأنها أقدمها عهدا ، 
أما الكنائس الثلاث الأخرى فقد بنيت أو تجددت في القرن التاسع عشر وليس لها 
طابع تاریخي و معماري خاص ... ولو أن للكنيسة القبطية تاريخاً طويلا حافلا أيضا 
ذكرنا بعض أعلامه الأقدمين

وقد ضاع معظم تاريخ تلك الكنيسة البيزنطية لأنه لم يدون كله ...

وكانت هذه الكنيسة حتى عام ۱۹٥۰ قبل أن يهدم نصفها كما سلف ، ذات باب 
خارجي كبير من الخشب السميك ، يواجه الطريق الممتد أمامه مستقيما ، و يعلوه ثلاث 
قباب صغيرة تظل ثلاثة نواقيس نحاسية مختلفة الأحجام ويؤدي ذلك الباب الخارجي 
إلى فناء تحول لأول مرة إلى حديقة عام ١٩٤٥ ، وكانت تطل على هذا الفناء بيوت 
قديمة ودير عتیق ، سكنها طويلا المشرفون على خدمة الكنيسة ، ثم هدمت كلها بعد 
أن تخربت وهجرها ساكنوها

فأذا اجتزت ذلك الفناء الخارجي الذي طالما شهد الحفلات الدينية في الأعياد ،
واجهك باب الكنيسة الداخلي تعلوه لوحة من الرخام كتب عليها باللغتين العربية 
واليونانية سطور تشير إلى تجديد الكنيسة في عشرين شهر تموز سنة ۱۸٤٥ بأموال 
الطائفة الأرثوذكسية ، الموجودين بثغر دمياط و الغرباء في عهد أبرومثيوس بطريرك
الأسكندرية ... »

وكانت الكنيسة تنقسم في الداخل إلى كنيستين أو هيكلين ، يفصلهما عمودان 
أثريان من المرمر ، و بكل منهما أيقونة كبيرة للقديس مكسوة بالفضة والذهب ...

وتحتفظ الكنيسة بكثير من التحف والنفائس القديمة ، بينها أنجيل يوناني كبير 
الحجم مغلف بالفضة المذهبة والجواهر الكريمة ، وعدد من المباخر والتيجان 
والكؤوس والصلبان وغيرها من التحف الذهبية والفضية ، وأكثرها هدايا 
من قياصرة روسيا وملوك البلقان وأغنياء المدينة القدماء وكانت محفوظة في خزانة 
حديدية داخل الكنيسة ..

وجميع هذه التحف وكذلك الكنيسة كلها ومحتوياتها وأرضها وأملا کها 
الموقوفة عليها ، ملك للدمياطيين وحدهم من طائفة الروم الأرثوذكس الوطنيين ، 
ولم يتصرف فيها أحد منذ القديم ، حتى بدأت مطرانية بورسعيد اليونانية تهدف 
في بعض الأوقات إلى الاستيلاء على هذه الكنيسة ونفائسهاو أملاكها ، والعمل على 
أغلاقها لقلة عدد أفراد هذه الطائفة بدمياط .

ومن آثارها الباقية بها إلى الآن ، أيقونة كبيرة من الخشب تمثل قصة الشهيدة 
کترین شفيعة طور سينا التي قتلها الرومان بالاسكندرية عام ۳۰٥ م ، وتتوسط 
اللوحة صورة القديسة وحولها عدد من المناظر الصغيرة التي تصور قصة حياتها ، 
وبينها صور تمثل دیر طور سینا مع شرح الصور بالعربية واليونانية . وكتب في 
أسفل الأيقونة العبارة التالية : « قد تم صنع هذه الأيقونة ، ووضعت في 
(أنطوش ) دمياط ، الذي بأسم طور سينا في زمان الأسقف الأب الأکرم کیرلس 
سنه ۱۷۷٦ » ومن آثارها منبر قديم من الخشب الدقيق الصنع، وعظ فوقه عدد من 
الپطاركة والمطارنة القدماء ممن كانوا يزورون دمياط من حين لآخر . ومنهم
البطريرك « صفرونيوس » الذي احتفل بقدومه في القرن التاسع عشر ، وأقام له
أعيان الطائفة الولائم في بيوتهم ، ومنهم البطريرك « کالینیکوس الرابع » الذي جاء
دمياط عقب نفيه من القسطنطينية ونزل ضيفاً بقصر میخائیل فخر في شهر مارس 
۱۷٦۱ م

أما تاريخ هذه الكنيسة الذي يعود إلى أكثر من ألف سنة ، فيضل مع 
تاریخ دمياط البيزنطية في ليل الزمن ، ومع ذلك فهو جزء من تاريخ دمياط القديمة 
في بعض نواحيها . .

فمما لا شك فيه أنه كان بدمياط عشرات الكنائس قبل الفتح العربي لمصر و بعده
وما زال يشاهد اليوم في بعض مساجد، دمياط القديمة أعمدة يونانية ورومانية 
من المرمر المختلف الألوان . والأرجح أن زوال تلك الكنائس عامة وقع في أثناء 
هدم المدينة كلها عام ۱۲٥۰ م كما سلف ، ولم يترك حجارو عز الدين أيبك غير 
مسجد فاتح الباقي إلى اليوم ... طبقا لرواية المقر يزي وغيره . .

ويستدل من قوائم الأسقفيات التي وصلت إلينا أن دمياط كانت في العصر 
الروماني ثم البيزنطي إحدى الأسقفيات الكبري بمصر ، وذلك عقب انتشار المسيحية 
بها ، وسلف القول إن أسقف دمياط المسمى هرقل كان بين الموقعين على قرارات 
المجمع المسكوني الثاك المنعقد عام ٤٣١ م في مدينة أفسس بآسيا الصغرى ، وأنه كان 
يطلق على أسقف دمياط لقب ( مطرانوس ) .

وهناك عبارة أخرى وردت في نسخة يونانية مخطوطة للأنجيل ، محفوظة بدار 
الكتب البطريركية اليونانية بالأسكندرية سبق الإشارة إليها ، تنص على أن مطران ليبيا: 
( ثيوليبتوس ) كتبها بدمياط عام ۱۳۸۱ م ويفهم من ذلك أن هذا المطران الذي 
استطاع أن ينسخ الأنجيل بدمياط ، كان يقيم بها طويلا، وأنه كانت هناك كنيسة 
عامرة في ذلك الحين . .

ويذكر المقريزي في أوائل القرن الخامس عشر . « وفي دمياط أربع كنائس :
السيدة ، ولميخائيل ، وليوحنا المعمدان ، ولماري جرجس . ولها مجد عندهم »

و الأرجح أن الأخيرة هي الكنيسة التي نتحدث عنها هنا . . ويقتصر السائح جلبير 
دي لانوي — معاصر المقريزي » الذي زار دمياط عامی ۱٤۰۱ و ۱٤۲۱ على 
ذكر كنيسة كبيرة واحدة في قوله : « وليس هناك في المدينة من الأبنية القوية البناء 
غير المساجد وغير كنيسة للشرقيين القليلي العدد ... »

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 472 حتى 491. 
اضغط هنا لقراءة الجزء الأول من نفس الموضوع من نفس الكتاب.

السبت، 27 مارس 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - التقسيم الإداري

دمياط
دمياط



التقسيم الأداري

كانت مصر في العصور الفرعونية ، مقسمة إلى وجهين : بحري و قبلي ، كما هي 
الحال الآن . وكان الوجه البحري مقسماً إلى عشرين مقاطعة ، والوجه القبلى إلى أثنتين 
وعشرين . وكانت دمياط أحدى المدن التي تدخل في نطاق المقاطعة السابعة عشرة ، 
إحدى مقاطعات الوجه البحري العشرين . و هي المقاطعة التي كانت تحوط بالجزء 
الشمالي من فرع دمياط ، وتشمل أيضا شطراً من بحيرة المنزلة الحالية . وكان عاصمتها 
بر آمون ( تل البلمون ) قرب شربين ...

ولما جاء البطالمة ، قسموا مصر إلى ثلاثة أقسام كبرى ، هي : الوجه البحري وبه 
٣٣ قسماً أداريا ، ومصر الوسطى وبها سبعة أقسام ، ومصر العليا وبها أربعة
عشر قسماً ...

وأبقى الرومان على الأقاليم الثلاثة الكبرى ، ولكنهم قسموا الوجه البحري إلى 
۱۲ قسما أداريا ، وقسموا مصر الوسطى إلى ستة أقسام ، ومصر العليا إلى ثمانية ..

وفي عصر الدولة البيزنطية ( الرومانية الشرقية ) ، قسمت مصر إلى ستة أقاليم 
کبری ، منها أثنان بالوجه البحري ، وأربعة بالوجه القبلي ... أما قسما الوجه البحري 
فكان يطلق على أحدهما اسم « أوغستامنيك » ، ويتكون من أبروشيتين بهما ۱۳ 
قسماً ، ويطلق على الثاني أسم « أقليم مصر » ويتكون أيضا من أبروشيتين بهما 
عشرون قسماً .

وكانت تامیاتس قسماً ( أو مديرية ) في أحدى أبروشيتي أقليم أوغستامنيك
وتشمل مساحة من مديرية الدقهلية الحالية ، وشطراً من بحيرة المنزلة . وكانت عاصمتها 
مدينة تامياتس ...

فلما استولى العرب على مصر في القرن السابع الميلادي ، أطلقوا على الوجه 
البحري أسم « أسفل الأرض » وعلى الوجه القبلي : « الصعيد » وسموا أقليم 
أوغستامنيك « الحوف » ، وأقليم مصر « الريف » . وجعلوا الحوف ١٤ كورة
( وهي لفظة يونانية « خورا » بمعنى مقاطعة ) ، والريف أحدى وثلاثين كورة . فكان 
بالوجه البحرى ٤٥ كورة .

وكانت كورة دمياط ، بين كور الحوف ، وحاضرتها مدينة دمياط . وتشمل
مثلثاً شماليا ، يشطره فرع دمياط ، ويحده البحر المتوسط شمالا ، وتشغل مساحة من 
أراضي الدقهلية والغربية الحاليتين ، وتتبعها عشرات القرى والبلدان ، ومنها شطا وبوره 
والبستان ...

وكان يقع جنوبي كورة دمياط ، كورة دقهلة وحاضرتها دقهله ، وكورة البجوم 
وحاضراتها البجوم ، كما كان يقع شرقيها كورة تنيس وحاضرتها مدينة تنيس ببحيرة
المنزلة ...

وفي القرن التاسع الميلادي ، قسم العرب الوجه البحري إلى أربعة أقالیم کبری 
وهي : الحوف الشرقي ، والغربي ، والريف ، وبطن الريف . وظلت دمياط كورة 
من بطن الريف ... وكانت مصر كلها ثمانين كورة .

وفي أواخر حكم المستنصر الفاطمي ، في النصف الثاني من القرن الحادي عشر ، 
قسمت مصر إلى ۲۲ كورة كبيرة ، منها ۱۳ بالوجه البحري ، وبينها كورة دمياط 
وعاصمتها ثغر دمياط .

ولما تسلطن حسام الدين لاشين عام ۱۲۹۷ م رأى في العام التالي من حكمه ، أن 
يروك البلاد المصرية . وسمي عمله هذا « الروك الحسامي » .

ويقصد بالروك (من الفعل راك ) مسح الأراضي الزراعية وتثمينها ، وتقدير 
خراجها ، وذلك بعد تقسيم البلاد إلى کور ، لكل منها مركز أو عاصمة ، وكان الغرض 
من هذا العمل ، توزيع الاقطاعات على الأمراء وجنود المماليك ... « وأفرد لخاص 
السلطان الأعمال الجيزية ، والأطفحية ، والأسكندرية، ودمياط، ومنفلوط 
و کفورها » .

وفي عام ۱۳۱٥ م أصدر السلطان الناصر محمد بن قلاوون مرسوما بفك زمام 
البلاد المصرية ، ويسمى هذا المرسوم « الروك الناصري » ، وأن تسمى الكورة 
« عملا » مع تعديل التقسيم الأداري وجعل « الأعمال »۲۱ عملاً بدلاً من ۲٤ كورة .

وكان بالوجه البحري ۱۲ عملاً ( مديرية ) منها ثلاثة أعمال جديدة ، وهي القليوبية 
والبحيرة وضواحي الأسكندرية . . وضمت مديريتا الدقهلية والمرتاحية معاً ، 
وأطلق على الأبوانية أسم « ضواحي کفر دمياط » . .

وفي عهد السلطان الأشرف شعبان ( ۱۳۷٥ م ) قسم الوجه البحري إلى أحد 
عشر عملا ، وتضاعفت مساحة أقليم دمياط وشمل ١٤ بلداً من مديريتي الدقهلية 
والغربية الحاليتين .

وفي القرن الخامس عشر كانت الأقسام الأدارية ، من الدولة المملوكية ، إما 
ولايات أو نيابات ، والنيابة أعلى مرتبة من الولاية , ويتولاها نائب عن السلطان . 
وكانت الولاية يتولاها وال أمير عشرة أي من صغار أمراء الدولة ، بينما يتولى 
النيابة أحد الأمراء المقدمين أو أمراء المئات ، وهم أكبر الأمراء رتبة . . وكانت 
دمياط في العصرين الأيوبي والمملوكي الأول ، ولاية من ولايات الوجه البحري ، 
ثم ارتفعت من ولاية إلى نيابة . ولم يكن بمصر نيابات غير نيابة الاسكندرية ، فقد 
كانت كدمياط ولاية ثم جعلت نيابة في عهد الاشرف شعبان .

ونرى في تاريخ ابن أياس ذکر لكثير من النواب الذين حكموا دمياط في 
القرن الخامس عشر وأوائل السادس عشر .

وفي أوائل الحكم العثماني ( الذي بدأ عام ۱٥۱۷ م ) فك زمام البلاد المصرية ، 
وهو الذي عرفت فيه دفاتر المساحة باسم « الترابيع » . وغيرت كلمة « أعمال » القديمة 
باسم « ولاية » وقسمت مصر إلى ۱۳ ولاية منها ست بالوجه القبلي ، وسبع بالوجه 
البحري ( وهي القليوبية والشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية والبحيرة والجيزة ) 
وهذا خلاف ست محافظات وهي : الاسكندرية ودمياط ورشيد والسويس والعريش 
والقصير . أما القاهرة فكانت تحت أدارة موظف بعد الوالي ویسمی « شيخ البلد »
وكان برأس كل ولاية « كاشف » وكل محافظة « محافظ » . .

وفي عهد المماليك في القرن الثامن عشر ، جعلوا مصر ١٥ أقليما : منها تسعة في 
الوجه البحرى وثلاثة في كل من مصر الوسطى ومصر العليا . وكانت مديريات الوجه 
البحري هي : الشرقية ، الغربية، دمياط ، المنصورة، رشيد ، البحيرة ، منوف ، 
قليوب ، الجيزه .

وجاءت الحملة الفرنسية ( ۱۷۹۸ — ۱۸۰۱ ) فجعلت الأقسام الادارية بالوجه 
البحري ثمانية وهي . دمیاط وعاصمتها دمياط ، المنصوره ( المنصورة ) ، الشرقية
( بلبيس ) ، القليوبية ( قليوب ) ، المنوفية ( منوف ) العربية ( المحله الكبرى ) 
رشيد ( رشيد ) ، البحيره ( دمنهور ) .

وكان السبب في نقص عدد الأقاليم ( المديريات ) هو تناقص عدد سكان مصر ،
فقد أصبح عند قدوم الحملة نحو مليونين ونصف مليون بعد أن كان في عصر السلطان 
الأشرف شعبان عام ۱۳۷٥م ۱۳ مليونا ( في ۱۱ أقليما ) لترتب على ذلك أن المنطقة 
المجاورة لساحل البحر الأبيض أمست خالية من العمران ، بسبب ما طرأ عليها من 
ضعف التربة وقلة الخصب ، فرحل أهلها عنها إلى الأقاليم الجنوبية الخصيبة ، فهذه 
الحالة سوغت للأدارة الفرنسية ألغاء أقليم نستراوه الممتد على ساحل البحر المتوسط 
وأضافة الجزء الغربي منه إلى أقليم رشيد ، والشرقي منه إلى الغربية . و كذلك 
أضافت الجزء الشمالي الشرقي من أقليم الغربية والشمالي الغربي من أقليم الدقهلية 
والمرتاحية إلى أقليم دمياط .

أما أقليم ( مديرية ) دمياط في عهد الحملة ، فكان مثلثاً كبيراً يشمل ضفتي فرع 
دمياط من البحر شمالا، إلى قرب جديلة شمالي المنصورة ، و يمتد في مديرية الغربية إلى 
بسنديله الحالي .

وكان أقليم دمياط يضم مدن بلقاس و نبروه ودرین وطيره وغيرهما من مراكز 
طلخا الحالي . أما إلى الشرق فكان يمتد إلى معظم بحيرة المنزلة وما بها من عشرات 
الجزر ، وشطر من ساحل المنزلة الجنوبي .

وكانت مديرية المنصورة تقع جنوبي « مديرية » دمياط .

وقد وضع علماء الحملة عدة خرائط للوجه البحري ومديرياته ، وبها حدود 
مديرية دمياط . كما وضعوا قائمة مفضلة ، بها جميع بلاد هذه المديريه وقراها وعزبها 
ودساكرها ، مقسمة إلى نواحي دمياط ، والمنزلة ، وفارسكور، والمطريه ، في أكثر 
من ثلثمائة أسم . . ( نشرت بكتاب « وصف مصر » ، الجزء ۱۸ ) .

وذكروا من نواحي دمياط الأسماء الآتية : دمیاط ، السنانية ، الأنجلف،
الشيخ موسى ، الریه ، جزيرة المدورة ، عزبة اللحم ، البحبح، عزبة طواله ، المليه،
البرية ، جزيرة طويل ، اليهودية ، أولاد الحل ، عزبة البرج . طرفه ، شمیت ، برج 
البوغاز ، الزلع ، بوغاز دمياط ، برج البغافة ، الرفة ، كوم رماده ، القرع ، جزيرة 
تونه ، تونه ، الرسان .. » .

ولما تولى محمد علي ( ۱۸۰٥ — ۱۸٤۸ ) ، أمر بتقسيم الولايات السابقة 
إلى أخطاط ، يشمل كل خط منها عدداً من القرى . ووضع على كل خط موظفاً 
يسمى « حاكم الخط » . وللأشراف على أعمال حكام الخط ومشايخ البلاد ، قسم بعض 
الولايات إلى مراكز، على كل مرکز موظف بأسم « ناظر قسم » (أي مأمور مركز)

وفي عام ١٨١٦ أبطل أسم «ولاية» وسميت « مأمورية » ، و قسمت مصر الى ٢٤ 
مأمورية منها ١٤ بالوجه البحري و ۱۰ بالوجه القبلي . وقسمت كل مأمورية إلى 
قسمين أو أكثر بحسب اتساعها . ویلي كل مأموریه موظف بأسم « مأمور » 
ويرأس القسم « ناظر قسم » .

وفي عام ۱۸۳۳ تغيرت كلمة «مأمورية » بأسم « مدير لكلية » — مديرية — 
وجعلت المديريات سبع ، يرأس كل منها مدير . ثم قسمت هذه « المدير لكليات » 
إلى « مقاطعات » ، وهذه إلى مراكز ، يحتوي كل مرکز منها على عدد من 
القرى . . فكان في الوجه البحري أربع مديريات كبيرة ، و بالوجه القبلي ثلاث
كما يلي :
ا — المدير لكية الأولى، وتألف من المقاطعات (أو المديريات الصغيرة) — 
البحيرة ، وثغر الإسكندرية ، والجيزة .
ب — والثانية و تتألف من : مقاطعة منوف ، والغربية — والأخيرة تشمل 
مقاطعات دمياط وشربين ، و نبروه، والمحلة الكبرى ، والشباسات ، والجعفرية 
وطنطا ، وزفتى ، وفوه .
ج — والثالثة — وتشمل أقليم المنصورة .
د — والرابعة — وتتألف من الشرقية ، وأطفيح .

وبذلك أصبحت دمياط مقاطعة على شكل مرکز ، ويتبعها بعض القرى 
والشطوط، من الشعرا إلى مصب النيل ، وتشمل أيضاً جزر بحيرة المنزلة .

ولكن نظراً لأهمية مدينة دمياط وبعض الثغور الأخرى ، فقد جعلها محمد علي 
بعد ذلك محافظات وهي : الأسكندرية ، ودمياط ، ورشيد، والسويس، والقاهرة . 
ولهذا يقول كلوت بك: « لا يعد ثغرا دمياط ورشيد وكذلك مدينة القاهرة ، 
من البلدان الداخلة في اختصاص المديرين ، فأن أدارة هذه المدن الثلاث موکولة إلى 
حکام خصوصيين » . .

وأنشئ في عهد اسماعیل ۱۷ مرکز آ جديداً فبلغ عدد الأقسام حتى آخر حكمه ، 
٦٤ قسماً فيها ۳٦٦۷ قرية ، وفي عام ۱۸۷۱ أطلقت كلمة « مرکز » على « قسم » 
وأسم « مأمور » بدلا من « ناظر قسم » و « معاون أدارة » بدلا من « حاکم 
خط » . وقسم الأقليم المصري إلى أربع عشرة مديرية و ثماني محافظات ، ( وهذه 
المحافظات هي : القاهرة والإسكندرية ودمياط ورشيد والعريش وبورسعيد 
والسويس وسواكن ) وفي مدة حكم اسماعيل الذي ظل ستة عشر عاماً، تولى على 
دمياط ۲۱ محافظاً ! . وكان اسماعيل في أوائل حكمه عام ۱۸٦۳ قد ألحق شطوط 
دمياط بمديرية الدقهلية ، كما ألحق طوابيها بنظارة الحربية التي تعين لها مأمورین 
منها ، والمطرية والجمرك بنظارة المالية . .

وظلت دمياط محافظة منذ عام ۱۸۱۰ عليها محافظ مختص بأدارتها ، ولكن 
حدث عام ۱۹۰٦ أن صدر قرار من نظارة الداخلية بألغاء محافظة دمياط ، وألغاء 
مرکز فارسكور ، وجعلهما مركزاً واحداً بأسم مرکز دمياط . وعاصمة مدينة دمياط . 
غير أن هذا التعديل لم يدم طويلا ، إذ ثار الناس في دمياط وقام وفد يمثل المدينة . 
فاتصل بالمسئولين في العاصمة ، وفي الأثر صدر قرار آخر سنة ۱۹۰۹ وأعادة كل 
من محافظة دمياط ، و مرکز فارسكور إلى حالته الأولى ، على أن تكون مدينة 
فارسكور قاعدة لمركز فارسكور كما كانت ، اعتبارا من أول يناير ۱۹۱۰ للمحافظة 
والمركز .

وفي عام ۱۹٤٦ تألفت بوزارة الداخلية لجنة لأعادة النظر في التقسيم الأداري
والجغرافي لمصر ، وكانت محافظة دمياط تتكون من مدينة دمياط وأقسامها الأربعة ،
وتعدادها ٤٠٫٣٣٢ نسمة . فاقترحت اللجنة أنشاء مديرية في شمال شرقي الدلتا 
بأسم « مديرية دمياط » على أن تكون من ثلاثة مراكر وهي : مركز دمياط 
وقاعدته مدينة دمياط ، ويتكون من ۲۳ بلداً بما فيها مدينة دمياط، وسكانه 
۸۷۲ ,۱۳٥ نسمة ، و مرکز فارسكور ويتكون من ٢٦ بلداً وسكانه ٤٣٧ ,٤١ 
ومركز المنزلة من ٤١ بلدة وسكانه ٤٢١,۱۰٥ . .

ولكن لم ينفذ هذا المشروع ، ثم أثير ثانية في يناير ۱۹٥۰ وكان نائب دمياط 
يومذاك حامد العلايلي يسعى بأسم الدمياطيين لتحقيقه ، على أن تتكون مديرية 
دمياط من خمسة مراكز وهي فارسكور والمنزلة ( من الدقهلية ) ، وشر بین وبلقاس 
( من الغربية ) ثم مركز دمياط . .

وفي مايو ۱۹٥۰ سافر وفد مكون من مائة وخمسين شخصاً من كبار الدمياطيين ،
وقابلوا وزير الداخلية لهذا الغرض . واقترحوا أيضاً أن يتكون مركز جديد من 
الشطوط التابعة لمركز فارسكور ودمياط فتكون مركزاً خاصا يطلق عليه مرکز 
دمياط، حتى يخف الضغط عن مرکز فارسكور وبندر دمیاط فيضم المركز الجديد ، 
بلاد : البستان ، والعدلية ، والعنانية ، والبصارطة ، والشعرا ، ومحب ، والسيالة ، 
والمنية ، والشيخ شطا ، وغيط النصارى ، وشطي جريبة والملح ، وعزب الخياطة ، 
واللحم ، وضرغام ، وكفر حمیدو ، وعزبة البرج، والسنانية . . ولم ينفذ المشروع
أيضاً . .

وأخيرآ دخلت دمياط في عداد المديريات عام ۱۹٥٤، وضم إليها مركز 
فارسكور من مديرية الدقهلية ، واقتطع جزء من مديرية الغربية وأطلق عليه أسم 
« مركز كفر سعد » .

ويبلغ زمام مديرية دمياط ۷۲۳ ,١٤١ فداناً . منها ٠٠٠,۸٥ فدان منزرعاً، 
والباقي يتبع مصلحة الأملاك والأموال المقررة وتبلغ مساحته حوالي ٤٩٫٠٠٠ 
فدان ، بعضها أعد للزراعة وبعضها مستصلح ، ويدخل فيها معظم أراضي کفر سعد ، 
هذا فضلا عن ۱۳۲۷ فداناً من الأراضي البور غير المنزرعة .

وتزرع مديرية دمياط أكثر من ثلاثين ألف فدان أرزاً . . 

ويسكن مديرية دمياط اليوم ٣٣٣٫٨٠٠ نسمة ، منهم ۱۰۰ ,۷۱ في عاصمة 
المديرية ( مدينة دمياط ) . . فهي بذلك أقل مديريات مصر سكاناً ، كما أنها أصغرها 
مساحة، وأحدثها عهداً ..

وكان المفروض عند أنشاء مديرية دمياط ، أن يضم إليها مركز المنزلة ، غير 
أنه رؤي أرجاء ذلك إلى ما بعد الانتهاء من الطريق الذي يربط بين دمياط ومركز 
المنزلة . . « وقد رأت وزارة التربية والتعليم عند أنشاء المنطقة التعليمية في دمياط ، 
أن الوضع الطبيعي يقضي بأن تكون المنزلة والجمالية والمطرية تابعة لدمياط ، 
غير أن المجلس الأقليمي رأى أن تمشي وزارة التربية مع التقسيم الأداري الحالي ،
ففصل هذه المناطق تعليمياً عن دمياط دون أن يقدر أن هذا الوضع موقوت . 
وكان الوضع الطبيعي يقضي باستمرار ضم هذه المناطق الدمياط حتى يتم الضم الأداري 
كذلك » . . 

وأكبر المركزين التابعين لمديرية دمياط هو مرکز فارسكور . و به حوالي 
١٦٥٫٠٠٠ نسمة . وكان إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية ، مركزاً تجارياً هاماً
للغلال التي تأتيه من الصعيد . غير أن هذه التجارة كسدت الآن وأصبحت مقصورة 
على تجارة الأرز . وتتوقع فارسكور اليوم كثيراً من الأصلاحات التي لم تعن بها 
العهود السالفة — مثل أنشاء المجاري ، ورصف الشوارع ، والإنارة الكهربية ، 
وتخفيض ثمن الماء ، وتسهيل المواصلات ، وبناء كوبري يصلها بمركز كفر سعد ، 
وأنشاء قناطر أسوة بقناطر أدفينا، بدلا من أقامة السد الترابي الذي يكلف الدولة 
سنوياً ثلاثين ألفاً من الجنيهات . وتشييد مدرسة صناعية أعدادية . .

أما مركز كفر سعد فقد تكون بتجميع بعض العرب والكفور مع 
الأقطاعيات الزراعية القائمة في تفتيش مصلحة الأملاك التي وزعت على خريجي 
المعاهد الزراعية . وأهم قرى هذا المركز هي : كفر البطيخ ، وكفر سلیمان ، 
والسنانية ، وكفور الغاب ، وکفور المرابعين ، وكفر التبن ، وكفر شحاته ، 
وكفر سعد البلد ، والركايبه .. ويتبع كفر سعد ، مصيف جمسة ويبعد ۱۲ کیلومتراً
عن كفر سعد . .

ويتوقع مركز كفر سعد بعد أن ضم إلى مديرية دمياط الكثير من الإصلاحات 
التي فاتته. ومنها أنشاء الكوبري الذي يصل بينه و بين مرکز فارسكور ، وبناء 
مستشفى ، ووحدة صحية ، ومحكمة ، ومكاتب التموين والشهر العقاري والهندسة 
والزراعة . ثم عدد من المدارس، إذ لا يوجد به اليوم غير مدرسة أعدادية واحدة،
وبعض المدارس الأبتدائية .

هذه هي مديرية دمياط الجديدة التي ولدت عام ١٩٥٤ ، أقل مديريات الأقليم 
المصري مساحة وسكانا ، لا تملك من مقومات المديرية سوى جهاز أداري صغير . 
يشتمل على ثلاثة مراكز فقط ، في حين يتكون غيرها من تسعة مراكز . . 
والأمل معقود على أعادة بحث التقسيم الأداري ، وضم مركزي المطرية وشربين 
لمديرية دمياط . . والمستقبل كفيل بجعل هذه المديرية الناشئة الجديدة، مديرية 
نموذجية في شتى مرافقها الحيوية . .

فلقد رسم الطريق إلى الأنشاء ، وأطلقت القوي إلى الانتاج ، وبدأ الزحف 
المقدس لأعادة التخطيط ، وراح الشعب يعمل من أجل تطوير حياته . . ولهذا 
فلسوف يشهد هذا الجيل الجديد من هذه المديرية الحديثة ، العريقة ، بعثا في الصناعة 
والتجارة والزراعة ، يفوق ما كانت عليه في أيامها المجيدة السالفة . .

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 384 حتى 392.