السبت، 31 أغسطس 2019

فيخيل إلي أنني واحد من شخوص خرافاتك المجنحة



شهريار - شهرازاد!
شهرازاد - يا لبيك و يا سعديك
شهريار - لا! 
شهرازاد - ها! مولاي!
شهريار - سؤال واحد يا شهرازاد
شهرازاد - أتلك تحية المساء؟
شهريار - أريد أن أسألكي قبل كل شيء
شهرازاد - تسألني أنا .. يا مولاي؟
شهريار - سؤال واحد يا شهرازاد
شهرازاد - إنما يسأل من يملك الجواب
شهريار - دعي هذا! لا بد أن أنتهي من أمرك في هذه الليلة ... حدثيني
شهرازاد - مولاي
شهريار - ماذا تريدين؟
شهرازاد - و متى كانت لي إرادة حتى أريد؟
شهريار - بل أنت مني في موقف لا أدري أينا فيه سلطان؟ و يختلط علي الأمر أحيانا فيخيل إلي أنني واحد من شخوص خرافاتك المجنحة 
شهرازاد - و عرفت أنك لست إياها!
شهريار - بل وجدت نفسي فيها و من أجل هذا أسألك. لا بد أن تتكلمي .. أفصحي! إن هذا العطر الغامض يوشك أن أختنق فيه.
شهرازاد - مولاي
شهريار - لا أريد هذا الضباب .. لا أريده .. اكشفي النقاب عن نفسك ... إنها اللحظة الأخيرة
شهرازاد - إذا كان الأجل قد حان
شهريار - لقد طالت بنا الليالي يا شهرازاد و قد أجلت موعدكي مع الله يوما و يوما و يوما حتى انفرط عقد الأيام و مازلت أضرب ورائك في مجاهل الأوهام. لا ! لا بد أن أضع حدا لذلك و في هذه الليلة
شهرازاد - ثم ماذا؟
شهريار - ثم أقتلك!
شهرازاد - ثم ماذا؟!
شهريار - ثم ... ثم أمحو وجودكي من وجودي و أتحرر من سحرك الطاغي يا شهرازاد!
شهرازاد - و ما يمنعك يا مولاياه أن تفعل؟
شهريار - لن يكون هذا قبل أن أعرف السحر الذي تنطوي عليه نفسك. أريد أن أعرف لماذا تفتحين لي في كل ليلة باب الأحلام و ماذا وراء هذه العوالم يا شهرازاد
شهرازاد - أسري عن مولايا و أحاكيه و لاشيء أكثر من أن أسليه و أملأ لياليه
شهريار - أهذا إصرار؟
شهرازاد - أو إعتذار!
شهريار - أو فرار! هه .. إنك تغلفين الحقيقة بالأوهام و تتسللين إلى خواطري بأحلام الزمان ... ماذا فعلت بي يا شهرازاد؟ ماذا فعلت بي! لو أنها كانت حربا كتلك الحروب عرفت كيف أخوضها و لكنه صراع في نفسي ... هنا ... و كيف أفر من نفسي يا شهرازاد؟!
شهرازاد - تلك هي الحياة, الحقيقة الأزلية, الصراع بين الخير و الشر
شهريار - أو بينهما صراع؟
شهرازاد - ما دامت هناك أطماع
شهريار - ألا تنتهي هذه الحرب يا شهرازاد!
شهرازاد - تنتهي يا مولاي و لابد أن تنتهي
شهريار - متى؟ متى يا شهرازاد؟
شهرازاد - عندما يعالج الناس أمورهم في نفوسهم قبل أن يعالجوها برؤوسهم. فحيث توجد الأطماع يكون الصراع و سبب العداء الإعتداء. تلك هي الحقيقة منذ كانت الخليقة
شهريار - و كيف السبيل إلى الحقيقة؟
شهرازاد - إذا عرف السالك طريقه
شهريار - و هل يصل إليها الإنسان يا شهرازاد؟ 
شهرازاد - إنها شاخصة أمام عينيه يبحث عنها و هي تحت قدميه و الإنسان في هذا كالبعير الذي يموت من العطش في الصحراء و هو يحمل على ظهره قرب الماء
شهريار - واحر قلباه
شهرازاد - أجل يا مولاي. ألم تسمع ما جرى للوزير ضمضم و ابنه شلضم! ها ها ها ها ها ها ها 
شهريار - كلا! و لكن ما أضحككي يا شهرازاد؟
شهرازاد - قصة ذكرتها فأضحكتني ساعة و أبكتني أياما!
شهريار - كيف يا شهرازاد؟
شهرازاد - إذا أذن لي مولاي رويت له القصة من أولها
شهريار - أرجوعا الى لياليك يا شهرازاد!
شهرازاد - ليلة واحدة و اقتلني بعدها يا مولاي
شهريار - إمم إممممم ... على هذا الشرط!
شهرازاد - إذا أردت
شهريار - قد أردت
شهرازاد - حبا و كرامة

لقيت الزمان فيمن لقوا الزمان



شهريار - شهرازاد!
شهرازاد - مولاي
شهريار - الى أين يا شهرازاد؟
شهرازاد - الى حيث أتركك لأحلامك يا مولاه
شهريار - تتركينني لأحلامي! و هل اذا تركتني تكون أحلام؟ لا ... إنما أنت أحلامي يا شهرازاد بل أنت أحلام هذه الأحلام
شهرازاد - حسبك يا مولاي
شهريار - لقد كنت أتأمل هذه العوالم التي نطير اليها معا كل ليلة, إن الحياة عجيبة حقا, ما أعجب الحياة يا شهرازاد!
شهرازاد - ما هي الحياة يا مولاي؟
شهريار - الحياة هي الوجود
شهرازاد - و ما هو الوجود يا مولاي؟
شهريار - الوجود هو ال... إإ .. ما هي الحياة يا شهرازاد؟
شهرازاد - هههه, الحياة هي الأحياء
شهريار - و ما هو الوجود؟
شهرازاد - الوجود هو الموجود
شهريار - عجبا يا شهرازاد! 
شهرازاد - و ما وجه العجب يا مولاي؟ أكان يوجد المكان قبل أن يوجد الكائن؟ و ما معنى وجود الزمان يا مولاي؟ 
شهريار - يا الهي! من علمك هذا يا شهرازاد؟
شهرازاد - علمنى اياه الزمان
شهريار - و متى لقيتي الزمان يا شهرازاد؟
شهرازاد - لقيت الزمان فيمن لقوا الزمان
شهريار - و كيف وجدته يا شهرازاد؟
شهرازاد - و جدته يا مولاي نزاعا على مالا نزاع فيه, الناس يحتربون على شيء لا يمكث في أيديهم إلا بمقدار ما يسلب منهم, حال حائل و عرض زائل و حياة الإنسان فيه ضحكة بين بكائين, بكائه ساعة يولد و بكاء من حوله ساعة يموت
شهريار - أنترك الدنيا للآخرة يا شهرازاد؟
شهرازاد - بل نأخذ من الدنيا للآخرة يا مولاي
شهريار - و كيف السبيل؟
شهرازاد - أن تسلك السبيل. لقد رأيت الناس من جد وجد و من زرع حصد. هههه 
شهريار - ماذا؟
شهرازاد - ههههه هه. إنك تذكرني بقصة الحمال مع صاحب المال
شهريار - و ما ذاك يا شهرازاد؟
شهرازاد - مما يحكى يا مولاي ...

بتجيبوه منين؟ بتزرعوه ازاي؟



منجد - بقى يا دكتور عبده أنا بطبيعتي رجل مسالم و علشان كده يا عم أنا ضد الثورة بدمها و عنفها
عبده - انت ليه يا أخي الثورة عندك دايما معناها العنف و الدم؟ الثورة طريقة تفكير و عمل, زي ما الاصلاح بالقانون بتاعك طريقة تفكير و عمل, مش لازم يكون فيها دايما عنف و دم! مفهوم
منجد - انت عاوز الصراحة
عبده - آه طبعا
منجد - مش مفهوم
عبده - ههه, بسيطة أضرب لك مثل
منجد - أيوة, اضرب يا عم اضرب يا أخويا ..
عبده - لنفرض مثلا و لا بلاش نفرض. القانون و المحكمة الي انت فاكر دايما انك بيهم ممكن تصلح المجتمع
منجد - مالهم دول بقا كمان يا سي عبده
عبده - أقولك يا سيدي أقولك
منجد - قول يا خويا, اتفضل قول
عبده - انت طبعا عارف ان فيه قانون بتطبقه المحاكم بيعاقب بالحبس كل إنسان يمد ايده في الشارع و يشحت
منجد - طب و ماله؟ البلد على الأقل تنضف من الشحاتين. انت يعني عاجبك منظرهم كده لما بيتلموا على الواحد في السكة زي الدبان
عبده - طيب و مين الي أوجد الشحاتين؟ 
منجد - حيكون مين يعني؟ كسلهم! يشتغلوا يا أخي! لقمة العيش عمرها ما كانت بالساهل
عبده - و هوا فين الشغل؟
منجد - فين الشغل؟!
عبده - آه
منجد - يدوروا عليه! يشقوا يلاقوا
عبده - فين؟ فين؟
منجد - فين؟! في كل حتة! إلا فين دي كمان
عبده - مافيش مافيش
منجد - مافيش ازاي؟! البني آدم يلاقي ألف طريقة و طريقة لكسب العيش من غير مدة كفه
عبده - الحقيقة فيه تلات طرق بس لأكل العيش: الشغل و الشحاتة و السرقة. و السرقة القانون بيعاقب عليها أكتر من الشحاتة, يعمل ايه بقى البني آدم الي ما عندوش شغل
منجد - يعمل ايه؟!
عبده - آه
منجد - إلا يعمل ايه دي كمان, هو حر يا أخي يشحت يسرق ذنبه على جنبه القانون يربيه و المحكمة تحبسه و تعلمه فلما يخرج يبقى عارف الصح و الغلط و هوا و خلاصه بعد كده
عبده - هيخرج برضه مش هيلاقي قدامه غير طريقين اتنين الشحاتة و السرقة
منجد - سبحان الله يا أخي, انت ليه بتقفلها بالشكل ده
عبده - لأنها مقفلة فعلا يا أستاذ منجي مافيش شغل مافيش شغل
منجد - أومال يعني عاوز ايه؟ عاوز القانون يسيب الحرامي, كلام ايه ده الي بتقوله برضه يا سي عبده
عبده - لا أنا عاوز القانون يعاقب صحيح الي يسرق لكن يوفر الشغل أولا لكل واحد
منجد - الشغل لكل واحد!
عبده - أيوه
منجد - لكل واحد! و المعجزة دي تيجي منين بقى؟
عبده - تيجي من تغيير المجتمع نفسه
منجد - تغييره!
عبده - آه بدل عرق الناس ما يتحول لفلوس تتدفن في البنوك يتبني بيها مصانع مثلا بدل ما كل شيء يتكوم في حجر كام واحد بس المجتمع ياخد و يمد ايده بالعمل و لقمة العيش لكل واحد المجتمع لازم يفتح أبواب الدنيا للكل مش يفتحها لناس مخصوصة و يقفلها ضلمة في وش بقية الناس
منجد - كلام ايه الي بتقوله ده يا عبده؟ انت في وعيك يا ابني؟
عبده - ههه يا أستاذ منجد افهمني افهمني طول ما الفقر موجود و احنا مصهينين عليه طول ما الميكروب ده في بلدنا هيولد بدل الشحات عشرة و بدل الحرامي مية لا إحسان ينفع و لا تربية تفيد يبقى المحكمة والقانون يقدروا يعملوا ايه؟ 
منجد - يقدروا يعملوا ايه! هوا احنا بنقرا في عبس يا أخي من الصبح؟ يربوا! يصلحوا! 
عبده - يربوا ايه و يصلحوا مين 
منجد - هيرجع برضه تاني يقول لي يصلحوا مين؟ يصلحوا أخلاق الشحات! أخلاق الحرامي!
عبده - الي يصلح أخلاق الحرامي انه ما يبقاش حرامي
منجد - مظبوط
عبده - و عشان ما يبقاش حرامي لازم يعيش شريف و عشان يعيش شريف لازم يشتغل و عشان يشتغل لازم يبقى الشغل موجود و عشان يبقى الشغل موجود لازم المجتمع يخلقه و عشان المجتمع يخلقه لازم يتغير وضعه هي دي القضية يا أستاذ 
منجد - القضية؟! دي فزورة! بتجيبوه منين؟ بتزرعوه ازاي؟ 
عبده - هوا ايه الي بنجيبه و نزرعه يا أستاذ منجد؟
منجد - الكلام و الأفكار و الخيالات بتاعتكم دي. اسمع انته لسه شباب دمك فاير يا عبده بكره الزمن يصحيك من أحلامك و يعلمك الدنيا ماشية ازاي من أيام سيدنا نوح و قبل سيدنا نوح كمان سيبك سيبك من الأفكار والخيالات بتاعتك دي

الخميس، 29 أغسطس 2019

أول علامي كلام أسامي ناس كانوا قبلي



عبد الله النديم

فيه أسامي في الدنيا زي المواسم
القمح
زي الشعاع الحاسم
لما يشق الظلام
زي السلامو عليكم
و زي رد السلام
زي اللغة الي بتجمع الإنسان
على أخوة في الوطن
أول علامي كلام 
أسامي ناس كانوا قبلي
تدور عليهم عنيا 
هادوني حقي من السما و الميه
و حبلهم مد حبلي
على طريق الزمن
و مشيت معاهم جابلي
صوتهم نسيم البحر
يا اسكندرية الصدر
دايما ساعات الفجر
عبد الله النديم طالع
طالع معاه النور
يحمل خطيب الشارع
و الجمعة و الجمهور




لم اطلعتني على كل هذا ...؟ ولم أنت أخى ..؟



ونيس : ماهذا السر !! جعلتني أخشى النظر إليك ياأبي ما مصيري الآن
الأخ : ماهذا السر..! العلم به ذنب والجهل به ذنب أكبر
القريب : ذنب ؟ أى ذنب يابن العم ؟ أنا لا أفهم هذا الكلام!
الأخ : وأنا لا أفهم هدوئك !.. منذ سنوات وأنا أحمل أشياء لأيوب التاجر قلتم لي أنها أشياء وجدت فى الجبل .. علمتموني ألا أسأل فصدقتكم .. كانت هذه طريقتنا فى الحياة .
العم : كانت وستظل طريقتنا فى الحياة .
الأخ : ألا ترون ماذا تفعلون ؟ ألا يوجد بينكم من يقلقه ضميره فينطق .
العم : أنت الآن تعرف سر الدفينة .. نصيب أبيك لك أنت وأخيك , هل اقتسامه مع أخيك هو ما يزعجك؟
الأخ : اقتسام الموتى !
القريب : هؤلاء الذين تسميهم الموتى ليسوا إلا رمادًا أو خشبًا من آلاف السنين ... لا أحد يعرف لهم آباء أو أبناء .
العم : ياسيدة الدار الكريمة ..البقية فى حياتك جئنا إلى دارك ..دار أخي المرحوم سليم لنعزيك و نشاركك أحزانك و نقدم لك كل ما تطلبين .
الأم : وجودكم وحده يعزينى ...ويشرف الدار .
العم : قدرك الله على إحتمال حزنك .. وأنت يا ابن أخى ما الذى يغلى بداخلك ؟
ماذا ؟!! لماذا لم تسلم الأمانة لأيوب التاجر ؟ كل القبيلة تنتظر ثمنها .. لو كان أبوك حيًا ...
الأخ : اترك الموتى فى سلام .
القريب : تقصد أن تتركهم للأفندية .. أى تجارة لنا مع هؤلاء .. أفندية القاهرة المتكبرين سيضعونك فى الحديد لو وجدوا معك هذا الشيء .. إنهم يغتصبون كل شىء .. ولا يدفعون لنا كما يدفع أيوب .
الأخ : قطعة من الذهب .. هى لك ولكنى أراها عينًا تلاحقنى .
القريب : عينًا ميتة بها ذهب يطعم مائة فم .
الأخ : مائة فم تأكل لحمك لو جاعت .
القريب : وأنت من أين كنت تأكل طول عمر ك ؟
العم : عشت لكى أسمع ابن سليم يتكلم لغة الأفندية ..أريدك أن تعلم أن دخولك المغارة وخروجك منها قد جعل منك شخصًا آخر ..
شخصًا يختلف عن أهل الوادي .. وعن الأفندية الذين يتمنون أن يعرفوا السر ... أريدك أن تعلم أيضًا أن سر الدفينة أغلى من حياة أى فرد فى قبيلة سليم ...لقد أعدك أخي لهذا اليوم ..ولكنى أراك أمامى ترتعش كطفل .. إن عيشنا كفاح صعب ولكنك على مايبدو ضعيف أو غير قادر ..
الأخ : ماتسميه عيشنا , أشعر به سمًا فى جسدي ...هذا عيش الضباع ....احملوا وحدكم هذه الذنوب .
العم : تلك كانت حياة أبيك .. وحياة أبيه من قبله .. لقد شاء هو أن تعلم أنت سر الدفينة ولو كان حيًا الآن لشاء أن تحرم من حياتك ..
الأخ : أنا لا أخاف كلامك ..فلتخش أنت أولادك عندما يسألونك يومًا ما .. هل هذا عيشنا ؟
العم : سوف نربيهم على احترام تقاليد آبائهم .
الأم : فى هذا الكفاية ... أنا التي ربيت أولادي .. وقد ربيتهم على الكبرياء و الشموخ كالجبل ..
القريب : ونحن لا نقبل الإهانة فى بيت أخينا ,إنه مازال بيته ... أرجو ذلك .
الأخ : جدرانه فقط
الأم : الجدران ومن تحميهم الجدران .
العم : أعطنى هذه القطعة .. مثل هذه الأشياء لا يجب أن تقع عليها أى يد ... أما نحن فلننصرف الآن .. بعد إذنك ياسيدة الدار . قدرك الله على إحتمال المكتوب .
الأم : أين ونيس ؟
الأخ : دافعت عنى عندما تكلموا عن تربيتي فقط ...
الأم : نعم .. لقد تجاوزوا حدود احترام هذا البيت .. إذهب وابحث عن أخيك .. هل رأيته منذ أن ... 
الأخ : نعم .
الأم : هل تكلمت معه ؟
الأخ : نعم
الأم : تكلمت معه 
الأخ : ماذا تخبئه لنا الأيام ...؟ إن عقلى المضطرب لا يقدر على الصمت ... أجيبي .. عدي معى كم جثة انتهكت يد أبى لنأكل ؟؟
الأم : كفى .. ماذا تريد ؟؟
الأخ : أريد الحقيقة ......الآن .
الأم : سوف تعرفها يوما ما .. أو سوف لا تعرفها أبدًا ... أما الحقيقة التي أعرفها أنا فهى أنك لوثت اسم أبيك فى داره ..... لا لن يمسه أحد بسوء فى مستقره حتى ولو كان إبنه .... كان شريك أيامي .. الحقيقة ؟ ..
ملعونة حقيقتك و ملعون أنت لأنك أقلقت من انتهى و أرتاح .. الآن لن يعرف الراحة أبدا.... ملعون أنت ... حرمت عيوننا نظرة الصفاء .... أغرب عن وجهي أيها التعس أنا لا أعرف أسمًا لك ......
الأخ : ونيس ...ونيس .. لما تتباعد دائمًا .
ونيس : لما فعلت بها كل هذا ؟؟
الأخ : إنها لا تعيش إلا فى الماضى
ونيس : اطلعتني على مصير مظلم .. صحراء على أن أسيرها وحدى .. خائفًا من المشاعر و من الذكرى .
الأخ : أى ذكرى .. التذكر يضعف الإرادة ..
ونيس : أية إرادة ... أن أنسى .. ما كان بالأمس حقيقة لي ...
الأخ : تعال نبدأ فى مكان أخر .. لم يعد لنا شيء هنا .
ونيس : لم اطلعتني على كل هذا ...؟ ولم أنت أخى ..؟
الأخ : إسمع ..
ونيس : لا أريد أن أسمع .. كفى ماسمعت .

وَجَعَلْتَ مِنْ جَفْنَيَّ مُتَّكَأً وَمِنْ عَيْنَيَّ مَهْدَكْ




عش أنت إلقاء فاروق شوشة من حلفة فريد الأطرش إذاعة صوت العرب 26 أبريل 1970.

عش أنت

عِشْ أَنْتَ إِنِّي مِتُ بَعْدَكْ
وَأَطِلْ إِلَى مَا شِئْتَ صَدَّكْ

كَانَتْ بَقَايَا لِلغَرَامِ
بِمُهْجَتِي فَخَتَمْتُ بَعْدَكْ

أَنْقَى مِن الفَجْرِ الضَّحُوْكِ 
فَهَلْ أَعَرْتَ الفَجْرَ خَدَّكْ

وَأَرَقُ مِنْ طَبْعِ النَّسِيْمِ
وَقَدْ خَلَعْتَ عَلَيْهِ بُرْدَكْ

واَلَذُّ مِنْ كَأْسِ النَّدِيْم
فَهَلْ أَبَحْتَ الكَأْسَ شَهْدَكْ

مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ عَدَلْتَ
أَمَا رَأَتْ عَيْنَاكَ قَدَّكْ

وَجَعَلْتَ مِنْ جَفْنَيَّ مُتَّكَأً
وَمِنْ عَيْنَيَّ مَهْدَكْ

إِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَبِي فَخُلْقُكَ 
كَانَ أَوْلَى أَنْ يَصُدَّكْ

أَغَضَاضَةً يَا رَوْضُ إِنْ 
أَنَا رَاقَنِي فَشَمَمْتُ وَرْدَكْ

وَمَلامَةً يَا قَطْرُ إِنْ
أَنَا شَاقَنِي فَأَمَنتُ وِرْدَكْ

وَحَيَاةِ عَيْنِكَ وَهِيَ عِنْدِي
مِثْلَمَا الإِيْمَانُ عِنْدَكْ

مَا قَلْبُ أُمِّكَ إِنْ تُفَارِقُهًا
وَلَمْ تَبْلُغْ أَشُدُّكْ

فَهَوَتْ عَلَيْكَ بِصَدْرِهَا
يَوْمَ الفِرَاقِ لِتَسْتَرِدَّكْ

بِأَشَدَّ مِنْ خَفَقَانِ قَلْبِى
يَوْمَ قِيْلَ خَفَرْتَ عَهْدَكْ

فوجدت نفسي فيكِ




شهريار - حملوكِ الي لتودعي الحياة فاستقبلت معكِ الحياة. وكنت على وشك أن أستل نفسكِ منكِ فوجدت نفسي فيكِ.
شهرازاد- مولاي!
شهريار - تأملي شهرازاد، لقد جمعتنا ظروف قاسية فدخلنا من بابها الى هذه الدنيا الجميلة. حدثيني شهرازاد ... ماهي السعادة؟
شهرازاد- السعادة!
شهريار - ماهي السعادة يا شهرازاد؟
شهرازاد- ربما .. كانت الرضا.
شهريار - وهل أنتِ راضية يا شهرازاد؟
شهرازاد- ليس المهم أن أرضى وانما أن ترضى أنت يا مولاه.
شهريار - شهرازاد! أنتِ والليل والهوى وحديثك الذي تعصرينه من كرمة الأحلام، هذه العوالم التي نعيش فيها كل ليلة. حدثيني شهرازاد ما هو الوفاء؟
شهرازاد- الوفاء يا مولاي هو الأداء وأول مراتبه العرفان.
شهريار - وكيف يوجد الوفاء في الشطار؟
شهرازاد- كما يوجد الخير في النار ، والخلق الكريم كالمعدن الكريم ليس لمكانه اعتبار. وقد يكون طبعاً كما يوجد الوفاء في الكلب وكما يوصف بالصبر الحمار.
شهريار - هههههه وكما وجد الوفاء في هؤلاء الأشرار.
شهرازاد- انه أول الطريق يامولاي، فإذا وفى الرجل صدق وإذا صدق عف وإذا عفَّ سَمَا. وقد يكون العكس فيُسلَبُ الرجل فضيلةَ الوفاء فيضل طريقه ويزرع الغدر والطمع ويحصد الاثم والعدوان.
شهريار - يحصد الاثم والعدوان؟!
شهرازاد- ويجني من طمعه الحرمان كما حدث للملك خسروان!
شهريار - ملك اسمه خِسْرَوَانْ؟
شهرازاد- كان!
شهريار - وكيف كان؟

للدرجة دي انت مجرم بتضرب الناس بالرصاص؟




الأب - تؤ تؤ تؤ تؤ ... للدرجة دي انت مجرم بتضرب الناس بالرصاص؟
الضابط ملاك - بابا!! 
الأب - خليك مطرحك! يا تافه يا طويل يا أهبل.
الضابط ملاك - وليه بس يابابا؟
الأب - كنت بأعلمك وأكبرك عشان تبهدل الناس يا ملاك؟
الضابط ملاك - بابا ... أنا!
الأب - اخرس! لا انت ابني ولا أعرفك. كنت ابني لما كان حلمك هو حلمي، لما كنت بتسألني وانت في حضني امتى هتكبر عشان تخلي كل واحد في بلدك يلاقي لقمته وسكنه؟ لما كنت بتقول ان نفسك تبقى كبير عشان تنتقم لبلدك من الي بيذلوها مرة بالحرب ومرة بالدولار.
الضابط ملاك - حد يقدر ع الدولار يابابا؟
الأب - اتفو عليك وع الدولار وع اليوم الي خلفتك فيه!
الضابط ملاك - يابابا افهمني.. الظروف الدولية.. ثم مش أنا الي وحدي الي مسئول! انت كمان! وماما! ثم مين قالكوا ان أنا عاوز اشتغل الشغلانة دا هه؟! انت الي كنت عايزني اشتغلها م الأول، عشان تتباهى قصاد اصحابك الي بتقعد معاهم ع القهوة، ابني لبس البدلة الميري! ابني لبس البدلة الميري! وماما كمان! كانت عايزة تتعتق من طابور الجمعية! البدلة الميري! اديني لبستها!!

أولا مصلحة مين؟ مين المستفيد؟




رتيبة - حقا المعصرة عندكم تشرح القلب زي الزريبة تمام و لا ...
طلبة - بتنتج خمس أضعاف انتاج الخواجة كركور احنا ايه هننهب؟
رتيبة - و قالولي على عشة الفراخ الي انتا مقعد فيها أخوك بعد الغيبة الطويلة دي. يا أخي دا شريكك
علي - يعني ما يهمش طلبة بعدين هيبقى ...
طلبة - شفت يا سيدي أهو كله من ده دي مجرد عينة من مفهوم حضراتهم عن الشركة معندهومش مانع أجيب منشار و أقطع المكن حتة حتة حتة باسم الست رتيبة رتيبة هانم صامولتين تلاتة للست فاطمة مفتاح انجليزي لسعادة البيه البيه الكبير و انت و أنا نخلع البلاط و نقسمه بينا و البيه الصغير رمز المستقبل هه يبقى صاحب و مدير عام عموم المقشة هاهاهاهاهاههههاه و الي شقي و داخ ورا الأوراق عشر سنين لحد ما اتقطع قلبه فكل دا ببلاش هه عشان خاطر سواد عيونهم كادو آدي يا سيدي مفهومهم للشركة الشركة الي أنقذتها أنا الي استلمتها خردة و طلعت منها البدع 
فاطمة - أيوة لكن بفلوس مين؟
طلبة - أولا مصلحة مين؟ مين المستفيد؟ و لا كنتوا طول عمركو عايشين في العز ده؟ و بتلهفوا الأصناف دي كل يوم؟ أنا الي بأعرق هنا الوحيد ما تقولهم يا علي الناس فاكرة النجاح بيجي بالساهل قولهم انك يا ما جريت و خطبت و جعحعت و قولت كتير و في النهاية رجعت مهزوم ديلك بين رجليك 
علي - هوا برضه طلبة من حقه انو ...
فاطمة - طلبة مش من حقه يحطنا في موقف ما نعرفش راسنا من رجلينا فيه بتلبس طاقية ده لده و ده لده و تغرقنا في بحر مستندات و أوراق و كل حاجة بكره و بعده 
طلبة - و الله الي مش عاجبه
فاطمة - يمشي مش كدا؟ هو حد قادر يمشي و ما مشيش؟ دا ايه الشجاعة دي كلها؟!
رتيبة - مهو انت كمان مالميتناش من ع الارصفة يا سي طلبة الأموال الي بتشتغل بيها دي أموال عيلتنا احنا أموال عيشة و أموال فاطمة أما أموال عيلتكم فروح دور عليها في الصحرا مطرح ما بعزقها البيه والدك
محمد المدبولي - أنا رايح أغير هدومي
المهرج - اجري يا علي جري الوحوشي غير رزقك لم تحوشي

ومن العجيب أنك على قدر ما تتشدد يثق الناس فيك


هذه الظاهرة تبشر بخير كثير. تدل على أن هذا الشعب عريق في التدين. و هذه قضية سارة مسعدة. في الوقت نفسه نشرها على الناس عن طريق أهل العلم. أهل العلم دائما أصحاب آراء مختلفة. ومن العجيب أنك على قدر ما تتشدد يثق الناس فيك و على قدر ما تتسامح و لا أقول تترخص ينصرف الناس عنك و هذا خلق ينبغي أن يقوم. ذلك إنك مادام لا تقول شيئا يناقض كتاب الله مادمت لا تقول شيئا يناقض كتاب الله و لا حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فليس لك أن تفرض التشدد لتحتاط لأن الاحتياط يوقعك في الحرج و هذه قضية أصولية يعرفها المسلمون الذين فقهوا الإسلام. فهذا شعب في دمه الإيمان و الذين يطمعون في أن يكون شيوعيا أو أن يحكم حكما شيوعيا إما جهلة لا يعلمون و إما جحدة لا يريدون أن ينزلوا على حكم ما يعلمون.

التاريخ الصحيح




وأضيف كلمة واحدة بس وللإجابة على هذا السؤال وهي مهمة جدا إنه يجب إستيعابه لها ومعرفته بهذه القصة يجب أن تكون معرفة على أساس من التاريخ الصحيح. 
التاريخ الصحيح هو بحيث إنه مشرف جدا من غير حاجة إلى الأكاذيب والتزييف والمبالغة، لسنا بحاجة إلى هذا إطلاقا! لإنه الإنتاج العربي في الحقيقة كان إنتاج باهر ، كان يعني أحيانا يبدو لي إنه كان مذهل!
بينظروا له نظرة دعائية لإنهم هم مش عارفينه، مش عارفين أبعاده، مش عارفين قيمته فبيعوضوا عن هذا بالمبالغة، وأنا أصادف هذه المبالغة للأسف في المؤلفات بعض مش كلها بعض (صحيح) بعض المؤلفات العربية الي بيقرأها الناشئة (صحيح) دا دا دا خطر، خطر كبير جدا لأنه لأنه بيعطي بيعطي للطلبة وللنائشئة بيعطيهم فكرة خاطئة هم هيكتشفوا إنها خاطئة بسرعة وفي وحين يكتشفوا هذا هيفقدوا إيمانهم بهذا الكلام، هيقولوا إنه دا دا إنشا.




القراءة مش واجب




ومن هنا بتنشا متعة القراءة لأن القراءة متعة، القراءة مش واجب. 
يعني أنا كتير جدا من ال، كتير جدا من الشبان يجي يقول: نقرا ايه يا دكتور؟!
طب هنبتدي ندرس الأدب العربي ازاي؟ طب مش عارف إيه؟! دا حاجة عاملة بالظبط كأن القراية علم مدرسي! لأ! 
الفرق بين المدرسة، قراية الكتب المدرسية إن دي تعليمية! يعني واجبات الواحد بيعملها.
القراية هي عملية فيها عملية الجذب يعني هي بتشد الواحد وبعدين كل كتاب بيعرفك حكاية بعده وهكذا، فبتخشي في قصر التيه! الي هو من أوضة لأوضة لأوضة لأوضة لأوضة لأوضة بس الفرق إن مافيش أوضة مكتوب عليها ماتخشيهاش!
فأنا منتهى أملي ونظرا لكثرة الأسئلة الي بأسئلها وخصوصا من الأجيال الجديدة نقرا ايه؟ عايز أكتب دليل القاريء الذكي إلى القراءة! يقرا ازاي؟
يعني هو طبعا، يعني أنا عايز نبتدي المسألة بعملية بعملية ديمقراطية جدا زي عملية الانتخاب. يعني نفسي أي واحد بيحب القراية مثلا أو بيحب الكتب يروح جايب كتاب في التاريخ وكتاب في الاشيا والصحة
وكتاب في الجغرافيا وكتاب في الطب وكتاب في الأدب وكتاب في التاريخ وكتاب في مش عارف ايه ويشوف هو منجذب لإيه؟! ويبتدي يقرا فيه.
وبعدين الميزة في الكتب وفي الكتابة بشكل عام إنها كل كتاب بيحمل في طياته مفتاح سري لكتاب آخر أو لكتب أخرى الواحد يقراها، ومن خلال الخيط الي بيتفتح له لما بيقرا الكتاب دا هينفذ لكتاب آخر ولكتاب آخر ولكتاب آخر ويمكن حتى إلى علم آخر! لأنه عادة الكتب المهمة بيبقى فيها برضه كلام عن حاجات تانية غير المادة المكتوبة فيها.
يعني كتاب الجغرافية بيبقى فيه علم الأجناس مثلا، كتاب التاريخ بيبقى فيه شيء عن تاريخ العلم وكتاب العلوم بيبقى فيه شيء عن الأدب وهكذا.
وأنا نفسي جدا ألا يقرأ أحد لإنه لازم يقرا! لأنه عايز فعلا يقرا وعايز يقرا المادة دي وهي جاذباه شاداه! واخداه من حياته! ومستمتع بها جدا! لأنه العقل لن يقبل المعلومات إذا اتحطت فيه، اتلزقت فيه! دا لازم هو يمتصها ويشدها من الكتاب وتدخل ضمن تلافيفه يعني!

سيطرة القوالب اللفظية




الآن العالم كله بشرقه وغربه يتجه الى انه يعترف أن الواقع هو الأساس يمكن أن تأتي النظرية كنوع من التوجيه لهذا الواقع ولكن كلما حدث تصادم بين الاثنين فلابد أن تغلب متطلبات الواقع.
أخشى أن أقول أننا في العالم العربي لازلنا أسرى القوالب والنظريات والألفاظ وو ومن الممكن حتى انه خدعة لفظية معينة ت ت تضلل شعوبا بأكملها كما يحدث في الأزمة الراهنة.
الأزمة الراهنة فيها أمثلة واضحة جدا انه ييجي يقولك مثلا ا ا مقدسات المسلمين تدنس مش عارف ايه حاجات بالشكل ده ال الي الثروة والثورة لازم يعملوا بينهم تعادل كلام يعني قوالب لفظية من هذا النوع فتضلل بها مجتمعات بأسرها.
لابد أننا اذا شئنا أن نساير هذا العالم في تقدمه أن نراجع آآ أنفسنا فيما يتعلق بمسألة سيطرة القوالب اللفظية علينا وخنقها للواقع، قدرتها على خنق الواقع في حياتنا، هذه آفة من الآفات أنا لست أول من تحدث عنها هناك الكثيرون تكلموا عنها ولكني وجدت لها أمثلة صارخة في الحالة الراهنة، وأتصور أننا في المستقبل سيكون دورنا كبيرا نحو التنبيه الى أخطار مثل هذا الاتجاه الذي يغلب نظرية معينة أو قالبا لفظيا معينا على ذلك الواقع الحي المتجدد الي هو أساس حياة الإنسان.

الزمان يفعل في الكلام كما يفعل في الناس



كنا في ندوة تلفزيونية فلما صعدت إلى المسرح فاجأتني بقولها إن الدمايطة بخلاء
و لكني ليلتها قلت لها يا ابنتي إنما يشكو من بخل الرجل زوجه و أولاده فقط لأنهم هم الذين سينعكس عليهم بخله
أما أنتي فماذا تريدين مني و من الدمايطة ي لابد أن تكوني فضولية فضحك الجمهور و صفق
ثم إن الكلمات تزحزحت عن معانيها فكلمة بخل و كرم لم تصبح بالمعنى القديم يجيئني الضيف فاذبح له خروفا أصبح الكرم أن أتبرع للجمعيات الخيرية
و لم تعد الشجاعة شجاعة جسدية من التي كانوا يذكرون مال على اليمين فقتل ألفين و مات على مال على الشمال فقتل هذا الكلام قديم و غير مهضوم أصبحت الشجاعة الآن شجاعة أدبية ليست شجاعة جسمية 
فتغيرت الشجاعة تغير و تغير الكرم تغيرت معانيها و كذلك تغير ال 
و كذلك يفعل الزمان
الزمان يفعل في الكلام كما يفعل في الناس تتحور معاني الكلمات و يتغير الناس مع ذلك
فالدنيا غير الدنيا و الزمان غير الزمان و الناس غير الناس
الناس في العهد الذي عشناه قديما و نحن أطفال كانوا طيبين يتعاونون على ضعف و فقر و كان المجتمع فيه الأغنياء و المتوسطون و الفقراء يعني فيه المياسير و فيه المساتير و فيه المحاويج.

شبابنا مش عارف انبارح دا ايه




النهاردة فيه شباب ما يعرفوش ايه ال في العشرينات كان بيحصل
ايه ال أدباء العشرينات كانوا أحسن من دلوقت لأن كانوا برضه متصلين بالأدب العربي القديم بالفكر الأدبي العرب ال ال القديم
و وعلى هذا بنوا ال الايه المعاصرة على أساس أصالة
لكن النهاردة تبص تلاقيه ما بيعرفوش ايه الي حاصل زمان
حتى لما تيجي تقول له ايه مثلا حالة أي شيء في القرن في سا في العشرينات ما يعرفش
الله ازاي
لغته ما بيتقنهاش
فإذا هذا التدهور أنا يعني شايف انه لما رجعت تاني لقيت احنا عايزين تحديات قرننا غير تحديات أوروبا
تحديات أوروبا ان الماضي كله م في ذهنهم و و المستقبل بيفحصوه على أساس الماضي و الحاضر
و يقولك ال للل الي احنا خايفين منه كذا و كذا و كذا
أنا النهاردة خايف على نفسنا من ان احنا ال انبارح نا ناسيينو
شبابنا مش عارف انبارح دا ايه
طيب تع طب قول لي كده تلخيص لأي لأي حاجة
ايه ايه هات الشباب و قول له تعرف ايه مثلا من الشعر العربي يقولك و الله اه اه يعني يجيب لك كلام كده و السلام
فالواقع انو حضارتنا مش مف مش مدروسة و يجب على الجامعات و المشرفين عليها انهم يتدبروا هذا
يعني ك ييي ان ما كانش عندهم فكرة يروحوا يبحثوا بقى في مصلحة الآثار بتعملوا ايه يقولك فيه حفريات هنا و هنا و هنا و نبحث و بنطلع ايه اعملوا حفريات فكرية عندنا بقى ما يقبلش الجامعة أي رسالة الا لما يكون فيها حفرية عن الماضي

الأسلوب هو الرجل


رأي زكي نجيب حول كلمة أسلوب و مقولة بوفون: "الأسلوب هو الرجل".
Le style c'est l'homme. Georges-Louis Leclerc, Comte de Buffon

شوف أنت الآن ذكرتني بشيء مهم جدا بالنسبة لمتى يكون هناك أسلوب؟ وهذه قصة طريفة أقولها على سبيل الاستطراد.
مرة من سنين طويلة جدا طلب مني اني أكتب مقالة في إحدى المجلات ففكرت في أن أكتب عن أسلوب العقاد. أنا كتبت العنوان بالفعل على الورقة التي أمامي، ولكن لأمر ما سألت نفسي من أين جاء معنى كلمة أسلوب؟ وهي من الثلاثي سلب، سرق كيف جاءت؟ فتركت المقالة وذهبت الى القواميس لأرى هذا النسل الذي بمعنى أسلوب من هذه الأم سلب، بعيد جدا، فوجدت شرح جميل جدا جدا وهو أنه يكون في الكتابة أسلوب إذا عرف الكاتب كيف يسلب من نفسه سرها.
النفس ضنينة بسرها وليس كل إنسان قادر على الإفصاح عن ما تضطرب به نفسه، إنما الكاتب يستطيع.
يستطيع أولا على نفسه هو أن يسحب من الداخل ليعرض على الورق، ولولا قدرته في ذلك لظلت كمينة ظلت كامنة. فمن هنا كان الأسلوب. والأسلوب هو الرجل لأن عندئذ صاحب الأسلوب يضع نفسه على الورق فتستطيع أن تعرف شخصيته وخصائصه وكثيرا جدا من خصائصه مما يكتب.

الأفكار الصادقة لا أجنحة لها ولكنها تسبق الطيور



آآ أنا كنت دايما أحن إلى قراءة إقبال 
و إقبال هالة من النور شفافة و روحانية و فيها كل الرقة التي تربط المؤمن بالسماء
و عشت أيام طويلة مع شعر إقبال وارتفع بي من ماديات الأرض وأحسست أن شعر إقبال امتزج بقلبي و روحي
و أنا هأقولك حاجة آآ من تقدمة إقبال لقصيدته الي هاغنيها اليلة دي آآ آ جواب شكوى أو حديث الروح 
بيقول بقى:
كل كلام يصدر عن القلب يترك أثره في القلوب.
والأفكار الصادقة لا أجنحة لها ولكنها تسبق الطيور.
وكل كلام قدسي المنبع فهو دائما يتجه إلى العلا.

حين يرحل ماء البحر الى السماء


حين يرحل ماء البحر الى السماء تضيع مرارته و يعود ماءا عذبا.

ذلك يا مولاي ماجرت به الأقدار


شهريار: انهضي شهرازاد! أنا الذي أحيي هذا الجمال
شهرازاد: هه , لقد تقدمت بنا الليالي يا مولاي!
شهريار: و لكن جمالك جديد دائما, كما أنت جديدة المعاني دائما و هذا أخطر شيء فيك يا شهرازاد
شهرازاد: هه, حسبك يا مولاي!
شهريار: انك في كل ليلة تفتحين لي عوالم جديدة ثم تحلقين بي في أودية الأوهام, فأنا معك في رحلة وراء الليالي و الأيام ... نعم و لكن ما هي النهاية يا شهرازاد؟
شهرازاد: النهاية هي البداية!
شهريار: و ما هي البداية؟
شهرازاد: أيام تمر و أجيال تكر و خلق يفنى و خلق يوجد وملك يدبره صاحب الملك يا مولاي
شهريار: ثم ماذا؟
شهرازاد: و ماذا بعد هذا!
شهريار: إذا فأي شيء يقيدني بك يا شهرازاد؟
شهرازاد: إرادتك يا مولاي
شهريار: ألست أنت التي قهرتي إرادتي و أرغمتني على إلغاء حكمي عليك بالموت؟ 
شهرازاد: جارية ترغم مولاها! هاهاها
شهريار: لا لا لا تستعملي معي سلاح حواء
شهرازاد: إنك لم تلغ حكمك بموتي و لكنك أجلته فقط
شهريار: أنت أمرتني بذلك
شهرازاد: أنا؟!
شهريار: جمالك و حديثك و خيالك و لياليكي. ماذا ماذا فعلت بي يا شهرازاد؟
شهرازاد: إذا , فاقتلني يا مولاي
شهريار: أقتلك! نعم لأقتلنك غدا و لتكونن هذه الليلة آخر لياليك يا شهرازاد
شهرازاد: و سأستقبل الموت راضية مادام هذا يرضيك
شهريار: إنها إرادتي أحررها من سلطانك, إنني أخلص وجودي من نفوذ جمالك
شهرازاد: لتكن مشيئتك يا مولاي ... و لكن اسمح لجاريتك شهرازاد في آخر لياليها من الدنيا أن تبهج ليلتك هذه بقصة كنت قد سمعتها من ...
شهريار: لا لا لا تحاولي لن تسحريني بحديثك بعد لن أسمع منك شيئا لابد أن أقتلك غدا
شهرازاد: هيه لعلك لا تفعل بي ما فعله الأمير قمر الدين بالأفعى
شهريار: و ماذا فعل الأمير بالأفعى
شهرازاد: سقاها اللبن ممزوجا بالخمر
شهريار: يسقيها الخمر ممزوجة باللبن!
شهرازاد: نعم
شهريار: لماذا؟
شهرازاد: حتى يسكرها
شهريار: ولماذا يريد أن يسكرها
شهرازاد: ليأخذ التاج منها
شهريار: هه! تاج الأفعى!
شهرازاد: نعم
شهريار: هاهاهاها و متى كان للأفاعي تيجان يا شهرازاد
شهرازاد: إنها ليست أفعى حقيقة , إنها امرأة تسمى الأفعى من نساء الجان
شهريار: من الجان! و لماذا يريد الأمير قمر الدين أن يستولي على تاجها؟
شهرازاد: ليقدمه مهرا لقمر الدين
شهريار: هاهاهاهاهاهاها قمر الدين يتزوج قمر الدين!
شهرازاد: ذلك يا مولاي ماجرت به الأقدار و سارت به الأخبار في جزيرة النار و جزر البهار
شهريار: و كيف كان ذلك يا شهرازاد؟

ذلك لأن الإنسان يعيش مع الزمان


شهريار: يا سلام يا سلام ! الحياة جميلة!
!شهرازاد: و أيامنا فيها قليلة
شهريار: فلماذا لا نعيش في أمان؟ لماذا يظلم الإنسان الإنسان؟
شهرازاد: لأن الإ... لأن
شهريار: إني وجدت الأفاعي لا يقتل بعضها البعض , و كل نوع من الأحياء في الجو أو تحت الماء أو فوق الأرض ... ما عدا الإنسان! فلماذا لا يرتفع الإنسان إلى ما نزل إليه الحيوان؟
شهرازاد: ذلك لأن الإنسان يعيش مع الزمان
شهريار: و الحيوان؟!
شهرازاد: ليس للحيوان زمان ... و لو كان الحيوان يتعلم من ماضيه لتطلع الى آتيه و ملأ حاضره بمآسيه
شهريار: إذا فقد كانت نعمة العقل نقمة
شهرازاد: بل هي نعمة, و لكل شيء حكمة
شهريار: ألا يجد الإنسان طريقه إلى السلام؟
شهرازاد: عندما ينتهي الصراع بين النور و الظلام
شهريار: و لكن ذلك شيء له صفة الدوام
شهرازاد: إذا ارتفع الظلم ارتفع الظلام
شهريار: ويعيش الناس للحب والسلام
شهرازاد: و يعتدل ميزان الأيام

زعموا يا مليكي ...


شهرازاد: في ما كنت تفكر يا مليكي؟
شهريار: كنت أفكر في ما يصنع الناس بالناس, كنت أفكر في المعركة الأبدية معركة الخير و الشر. المعركة التي قامت منذ قامت الحياة, منذ قتل هابيل أخاه. ماذا تريدين بي يا شهرازاد؟
شهرازاد: خيرا ... يا مولاه!
شهريار: لقد ظللتي تقدمين لي في كل ليلة أنماطا و ألوانا من الناس و الحياة حتى حشدتي الدنيا كلها في هذا المخدع الصغير.
شهرازاد: أو ينتهي حديثنا عند ذاك؟!
شهريار: بل يبدأ يا شهرازاد. لقد ظللتي طول هذه الليالي تلحين على إحساسي حتى تنبه, لقد ظللتي تطرقين قلبي بصوتك الناعم حتى تيقظ, لقد بدأت أحس أن وراء هذه الأخبار شيئا تريدين أن تقوليه ألا قوليه صراحة يا شهرازاد.
شهرازاد: هه هه 
شهريار: ماذا تريدين بي يا شهرازاد؟ 
شهرازاد: ها ها ها ... أنا؟! ها ها ها لا شيء أكثر من أن أسليك و أن أملأ لياليك.
شهريار: لا يا شهرازاد لا , إنك تلذعين شعوري بما تعرضين علي من ألوان الحياة و الناس, إنك تتكلمين عن الظلم أحيانا كأنك لا تعنين سواي!
شهرازاد: ها ها ها ها ها هه هه أنا؟! إنك تذكرني بالأميرة جوهرة في قصة زواج الملك بدر باسم
شهريار: لا! لا تفري من الجواب!
شهرازاد: أنا لا أفر من سؤالك و لكني أجيب على طريقتي. ألا ترى يا مليكي أن في المعاريض ما يشفي؟
شهريار: كيف؟
شهرازاد: عندما يكتشف الإنسان حقيقة نفسه بنفسه, فهيهات هيهات أن يضل السبيل.
شهريار: إذا فأخبريني ماذا تريدين؟
شهرازاد: هه هه أريد أن أجيب على سؤالك
شهريار: و ليكن جوابك فصل الخطاب
شهرازاد: إذا فإليك هذه القصة
شهريار: قبل أن أسمع القصة , أريد أن أسمع الجواب
شهرازاد: و لكن القصة نفسها هي الجواب
شهريار: أتتمثلين الأمثال؟
شهرازاد: إذا أردت جواب السؤال
شهريار: و ما ذاك يا شهرازاد؟
شهرازاد: زعموا يا مليكي ...

الدفا عفا و السقعة لحاسة القفا




يا سلام ... اتدفى يا سبع الليل ... الدفا عفا و السقعة لحاسة القفا

و ذلك هو الغنى


شهرازاد: متى وجد الحب قلت من الدنيا حاجة المحب و انحصرت فيمن يحب. فإذا صادف كل قلب هواه فقد صادف كل ما يتمناه و استغنى عن كل ما في الحياة و ذلك هو الغنى كل الغنى يا مولاه.

وجودكي في نفسي



تعالي! لا لا هنا ... في مكانك , مكان كل ليلة
إنك تجلسين معي مجازا, أما الحقيقة فإن الإنسان لا يجلس الى نفسه
إن وجودكي هنا, وجودكي في نفسي و ليس أمامي و حولي يا شهرازاد.

شاوي اللحم في يديك فطوري



 شاوي اللحم في يديك فطوري و اسلق الفرخة فالفراخ ضروري
قمر الدين في السحور حبيبي فاجعل القمر و الخشاف سحوري
قمر الدين في الصيام لذيذ مع أن طعمه يا سلام مزيزي

إنها قصة لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر



شهريار: حدثيني ... لماذا يتعلق الناس بالناس؟
شهرازاد: لأن الناس للناس.
شهريار: إذا ... فلماذا يختلفون؟!
شهرازاد: عندما تمرض النفوس ... تدور الرؤوس!
شهريار: و كيف تدور الرؤوس؟
شهرازاد: تتغلب الأطماع و تنقلب الأوضاع
شهريار: و كيف تنقلب الأوضاع؟
شهرازاد: يتنكر الناس لمباديهم و يستعينون على أصدقائهم بأعاديهم
شهريار: يستعينون بالعدو على الصديق!!!
شهرازاد: لأنهم ضلوا الطريق
شهريار: و ماذا تكون نتيجة هؤلاء؟
شهرازاد: يخسرون الأصدقاء و لا يكسبون الأعداء
شهريار: يالسماء!
شهرازاد: أولئك هم الجلادون الذين يحكمون و هم محكومون 
يتخلفون عن الركب
و ينعزلون عن الشعب
حتى إذا اشتد الخطب انفجر البركان و طاف الطوفان
و قد يقوم من أولادهم من يضع حدا لفسادهم
فتتحرر البلاد و يتنفس العباد و يكون الاتحاد
يؤيد ذلك يا مولاي ما جرى للأمير فرهود ابن الملك قاعود مع الأميرة تشكر
شهريار: هه تشكر !
شهرازاد: اسمها تشكر تشرب الماورد و تأكل السكر و أبوها الشاهبندر
شهريار: ها ها ها! و ماذا كان من أمرها يا شهرازاد؟
شهرازاد: إنها قصة لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر
شهريار: هاتي يا شهرازاد
شهرازاد: حبا و كرامة

الي ما تربيهوش الأهالي




إحنا يا مولانا, تلاتة اخوات. ما كناش عجايز و لا كنا حكماء! 
الزمان هوا الي علمنا الحكمة, و الي ما تربيهوش الأهالي تربيه الأيام و الليالي.

حوار على النيل بصوت أمل دنقل




- من ذلك الهائم في البرية؟
ينام تحت الشجر الملتف 
والقناطر الخيريه
- مولاي! 
هذا النيل
نيلنا القديم
- أين ترى يعمل أو يقيم؟
- مولاي!
كنا صبية نندس في ثيابه الصيفيه
فكيف لا تذكره؟
وهو الذي يذكر في المذياع 
والقصائد الشعريهْ
- هل كان قائدا؟ 
- مولاي!
ليس قائدا 
لكنما السياح في مطالع الشتاء
ذي الأقمصة القصيرة الأكمام
يأتون كي يروه
- آه!
و يصورونه بوجهه الباكي 
وكوفيته القطنيه 
لكي يشهروا بنا 
بالنظم الثورية 
تعال كي نودعه 
في ملجأ الأيتام 
- مولاي! هكذا تحبه
الصبايا 
والرعاة 
والأغنام
وأم كلثوم
التي كانت تغني له في وصلتها الشهرية
- النيل! 
أين يا ترى سمعت عنه قبل هذا اليوم؟ 
أليس ذلك الذي كان يصاحب العذارى ويحب الدم؟ 
- مولاي!
قد تساقطت أسنانه في الفم
ولم يعد يقوى
على الحب 
وألعاب الفروسية
- لا شأن لي! 
لابد أن يبرز لي أوراقه الرسمية
فهو صموت
يصادق الرعاع
يهبط القرى
ويدخل البيوت 
ويحمل العشاق في الزوارق الليلية 
- مولاي هذا النيل ...
- لا شأن لي! 
بنيلك المشرد المجنون
لابد أن يريني أوراقه الرسمية
شهادة الميلاد
والتطعيم
والتأجيل
والموطن الأصلي
والجنسية
لكي ينال الحق في الحرية

ضعني في قفص من الذهب و أنا أغني لك يا مولاي



شهرزاد : ضعني في قفص من الذهب و أنا أغني لك يا مولاي
شهريار : و لكني وضعتك في القلب والفؤاد
شهرزاد : على ما بيننا من أبعاد
شهريار : وهلْ أنتِ بعيدةٌ عني؟
شهرزاد : بعدُ ما بينكَ وبيني
شهريار : وما الذي باعد بيننا؟
شهرزاد : الفروق التي بيننا!
شهريار : ومن الذي أوجد هذه الفروق؟
شهرزاد : الخالق أو المخلوق!
شهريار : لا يا شهرزاد ... إن الله الذي خلقنا لم يخلقنا سادةً وعبدانا
شهرزاد : أجل يا مولاي, الناسُ سواسيةٌ على أي حال، وإنما يتفاضلون بالأعمال. وقدْ توجدُ النفسُ الكبيرة في جسمِ الصعلوكْ. و قد تُوجدُ النفسُ الصغيرة في شخصِ الملوكْ. تَكْثُر الفتن وتكونُ المِحنْ, وتشتعل الحروب، حتى تَهُبَ الشعوب، فيسقطَ السالب ويرتفعَ المسلوب. يؤيد ذلك يا مولاي ما جرى لفيروز مع نيروز.
شهريار : فيروز ونيروز؟!
شهرزاد : نعم.
شهريار : إم!
شهرزاد : فيروز بنت النمروذ, ونيروز ابن البستاني العجوز. هذه بنت الحاكم وهذا ابن الخادم.
شهريار : إم!
شهرزاد : ولكنهما على بعد ما بينهما قريبان, وكل منهما إنسان
شهريار : وماذا كان من أمرهما يا شهرزاد؟
شهرزاد : إنها قصة لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر
شهريار : هيهٍ يا شهرازاد!

طاهر أبو فاشا يرثي زوجته


قلت لك انني قد شيخت و انني قد أجبلت و انني أعيش في مأساة رحيل رفيقة العمر
و كثير من الشعراء رثوا زوجاتهم
جرير بن عطية الخطفي رثى زوجته
البارودي رثى زوجته 
عزيز أباظة رثى زوجته و صنع فيها ديوانا
الأستاذ عبد الرحمن صدقي رثى زوجته و صنع فيها ديوانا
أخونا الدكتور رجب البيومي رثى زوجته و صنع فيها ديوانا
و أنا رثيت زوجتي ولكنني قصرت بي الهمة عن أن أصنع فيها ديوانا و كلما خطر ببالي أن أكتب قصيدة ينهض بنفسي بيت ثم لا أكمله
بكيت عليك حتى جف دمعي فمن يبكي علي اذا بكيت
و ينتهي الأمر عند هذا فلا أكملها
و اسمع
أنا شريد لا يقر لي قرار
و أنت يا حزني غريبة الديار
بعيدة بالرغم من قرب المزار
يحزنني أني لا أراك و كنت لا أرى سواك
و كانت الدنيا كما نختار
و كان عيشنا جننا يشتار
فما الذي جرى لنا و كيف مالت الدنيا بنا
فبدلت أحوالنا و بددت أحلامنا
و سيرتني دائم الأوار في ليلة ليس لها نهار
يا نسمة الفجر التي نشقتها
يا جنة الحب التي غرستها
يا نعمة الله التي فقدتها
و رحت بعدها أعاتب الزمان
و لا عتاب للزمان
فهذه حكومة الأقدار
و ليس لي في ذلك اختيار
و لا اصطبار
و أنت خلف هذه الأحجار
في عالم الأسرار
بعيدة بالرغم من قرب المزار

هذا هو الجو الشعري الذي أعيش فيه بعد رحيل رفيقة العمر فماذا تريد من شيخ قد انتهى إلى الخامسة و السبعين و ركبته هموم الأحزان
ماذا تريد منه و ماذا تنتظر أن يقول؟

جزء من قصيدة يارا بصوت فاروق شوشة






وأنت حولي، تقفزين ، تمرحين ، تعبثين
وتخطفين كلَّ مُقتني ، وتهربين 
وتطلقين ها هنا ، وها هنا ، أغرودة الطفولة المزقزقة
وملء عينيَّ ظلالُ الضوء ، والتذكار
خيوطها تمتدُّ ، تنسج الأمان والأشعار
ألمح في عينيك وجه أميَ الذي ودعته قبل سنين
وعاد لي من رحلة الزمان ، حانيا ، مؤانسا
وحين أحتويك، تهتزُّ الضلوع ، ترتجف
يسيل شيء من عيوني المطرقة
ينساب شيء في مسارب الحنايا
وتصبحين يا ابنتي ، أُمي ، ويدفق الحنان
سحابة من الدموع والشجون والرضا
وتحتويك مقلتايَ ، 
ثم يغفو رأسك الصغيرُ ،
تستديرُ في وداعةٍ يدايا
ويشرقُ النهار يا صغيرتي ، 
عيناك لي منارْ
عيناك لي مرايا..

رأي عباس محمود العقاد في الشعر الحر


الشعر الحر ده مهزلة
لأنه حر من ايه؟ يتحرر من ايه؟ يتحرر من البحور والقوافي! معنى هذا ان الشعر يتحرر من الشعر لأن الشعر لا يفهم من غير قواعد و قواعده عندنا هي البحور والقوافي
صحيح يقولوا انه لكن الشعر الأوروبي ليست فيه بحور و لا قوافي نعم لكن له قواعده
قواعده التي تناسب لغته
و لا يوجد إنسان يعرف للغته كرامتها يريد أن يغيرها لا لشيء إلا لتصبح كلغة أخرى
فالواقع انه الفرق ...
عندك مثلا الشعر الأوروبي لا يخلو من القواعد
ااه لاحظ أولا السطر أو يلاحظ المقطع أو يلاحظ النبرة و أو أو بعض الأوقات يلاحظ الزمن التايم الذي ينشد فيه البيت أو السطر
و إنما يفترق عن العروض العربي بأنه شعرهم فنهم العروضي لا يزال ناقص يعول على الفنون الأخرى
يعول ع الرقص أو يعول ع الغناء ولذلك يسمون عندهم العروض الفييت القدم من ترتيب وقع القدم في حالة الرقص و يعتمدون عليه في الغناء
و بهذا يصبح فن الشعر قاصر و معتمد على غيره 
بخلاف فن الشعر عندنا في اللغة العربية 
فهو أتقن فن في لغات العالم جميعا لأنه استقل عن الغناء و استقل عن الرقص و وجدت له أوزانه في كل بحر بحيث أنه يمكن اننا ننشده و لا نغنيه و لا نرقص على إيقاعه
و سبب هذا
سببه ان هناك فرق هايل ما بين لغتنا و اللغات الأوروبية
لغتنا لغة اشتقاق تقوم على الوزن 
لغتهم لغة نحت لا علاقة فيها للوزن على الإطلاق
ااه في لغتنا كل كلمة لها وزن 
في لغاتهم ليس هناك كلمة واحدة لها وزن
لا يلاحظ في الكلمات الأجنبية أنها توضع على وزن معين لكن هذا يلاحظ في الكلمات العربية
وزن الفعل وزن الفاعل وزن المفعول
فعل يفعل فعل فعال مفعول كلها أوزان تتغير بها المعنى
من الفعل الى الاسم و من الاسم إلى الصفة تبعا للوزن
فالوزن هو أساس اللغة عندنا
و لا يعقل إن الكلمات تكون لها وزن و إن الشعر الي هوا أبو الموسيقى يبقى خال
و بعد كده نقول انتوا عاوزين تلغوا الوزن ليه؟ 
صعب؟ ماهواش صعب
بدليل بسيط
الزجالين الأميين الي عندنا الي كثير منهم لا يعرف القراءة والكتابة ينظمون الشعر على أوزان العرب و منهم من نظم ملاحم شعرية كقصة أبو زيد الهلالي 
قصة سيف ابن ذي يزن
قصة الزير سالم
هذه ملاحم كاملة نظمت على حسب أوزان العروض العربي
فإذا كان الوزن لا يصعب على العامي الأمي فكيف يصعب على الشاعر المطبوع المتعلم المثقف؟
و إذا كان صعبا عليه فالي صعب عليه ما يسيبه
صعب عليه سيبه بدل ما يغير في الوزن بلاش يحذف
يسميه نثر
و لهذا أنا أعتبر هذه الحركة مهزلة لا معنى لها ولا غاية و هي حركة ميتة

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

شطا في دائرة المعارف الإسلامية

هذه ترجمة لمقالة شطا من دائرة المعارف الإسلامية - الجزء التاسع - صفحة 361 - ليدن - بريل 1997.


شطا: مكان في مصر اشتهر في العصور الوسطى ، يقع على بعد أميال قليلة من دمياط ، على الشاطئ الغربي لبحيرة تنيس ، المشهورة حاليا باسم بحيرة المنزلة. هذه المدينة كانت موجودة قبل الحكم العربي، حيث ذكر أنها كرسي أبرشية (Σάτα).

لا يوجد سبب لإعطاء المصداقية للقصة الرومانسية شبه التاريخية المذكورة في الواقدي، التي تحكي أن مؤسس هذه المدينة هو شطا ابن الهاموك (أو الهاميراك)، من أقارب المقوقس[طالع] المشهور. شطا هذا يقدم لنا كمنشق عن حامية دمياط والذي ساعد في تحقيق سيطرة الجيش المسلم على البرلس ودفرة و أشمون طناح والذي قتل في الاستيلاء على تنيس في 15 شعبان 21/19 يوليو 642 ميلادية. كل عام في نفس الميعاد، جرت العادة على الاحتفال بذكرى وفاته، ولهذا السبب يفسر الكتاب الزيارة السنوية إلى شطا والتي كانت مستمرة في أيام ابن بطوطة.

للحماية من الهجمات البحرية لليونانيين ،أقام العرب وحدات عسكرية على أجزاء معينة من الساحل، وكانت شطا من ضمنها. أصبح هذا الميناء في العصور الوسطى مركز صناعي نشط جدا، في هذه المنطقة اشتركت مع دمياط و دبيق و تنيس ، في صناعة المنسوجات النفيسة. من المحتمل أن تكون كل مدينة من هذه المدن قد صنعت نسيجا خاصا بها لأن ما صدروه حمل اسم المدينة كطابع مميز لهذه الأنسجة. فالرحالة والجغرافيون لم يملوا مدح بضاعة شطا التي سميت بالشطوي. لعله من الوارد جدا وجود في هذه البلدة بالإضافة إلى الصناعة الخاصة، مصنع حكومي "دار الطراز" مماثل للموجود في الأسكندرية وتنيس. مؤرخ مكة ، الفاكهي، حافظ لنا على نص نقش مطرّز على كسوة للكعبة. إنه مما أمر به الخليفة هارون الرشيد بصنعته سنة 191 هجرية/807 ميلادية في طراز شطا. لا نعرف الدور الذي لعبته شطا في احتلال دمياط من قبل الفرنجة.

بعض الكتاب حاولوا أن يضعوا في شطا موقع معسكر جان دي بريان ، لكن هذا الرأي محل نزاع. بين الحملتين الصليبيتين ، كانت تنيس قد تم تخريبها بأمر من الملك الكامل في العام 624 هجرية/ ميلادية1227 ، ولأن الأسباب ربما كانت عسكرية, فيحتمل أن شطا قد لاقت نفس المصير. ولكن في حين أن أنقاض الأول قد بقيت الى الآن تحت اسم "تل تنيس" ، فإن بلدة صغيرة الآن موجودة تحمل اسم الشيخ شطا. في مركزها يوجد المسجد والذي فيه جثمان بطل الفتح العربي ، الذي أصبح الشيخ شطا، مبجلا.

مصادر:
  1. عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي أبو عبيد، معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع، ii، 811
  2. لسان العرب، 19، 162
  3. المصادر الواردة في جان ماسبيرو وجاستون فييت، Matériaux pour servir à la géographie de l'Égypte. MIFAO = Mémoires publiés par les membres de l'Institut Français d'Archéology Orientale (IFAO) du Cairo (Berlin/Cairo) 36, 112-13
  4. خطط المقريزي طبعة MIFAO، 4, 80-2
  5.  محمد رمزي، القاموس الجغرافي للبلاد المصرية، ii/1,243

المقالة من تأليف: (جاستون فييت- هاينز هالم)

نظام الأرقام العربية

المقالة هنا ترجمة بتصرف لمقالة بعنوان The Arabic numeral system من تأليف: J J O'Connor و E F Robertson


الأرقام الهندية لم تنتقل لأوروبا مباشرة، بل انتقلت عن طريق العرب والمسلمين. العالم العربي متعارف على إنه قسمين، المشرق والمغرب ومتعارف على أن المغرب العربي كان لفترة كبيرة يضم أجزاء من أسبانيا (الأندلس قديما). المشرق والمغرب عرفا الأرقام الهندية وتطور استخدامها لديهم بشكل منفصل.

لكن قصة استخدام العرب للأرقام الهندية ليست بتلك البساطة، لأن العرب عرفوا واستخدموا أنظمة مختلفة للأرقام في نفس الوقت ولمدة طويلة. على سبيل المثال عرف العالم العربي على الأقل ثلاثة أنظمة مختلفة للحساب في القرن الحادي عشر:
  1. العد على الأصابع، وكتابة الأرقام بالكلمات وهو النظام الشائع استخدامه لدى التجار.
  2. نظام العد الستيني وهو نظام قائم على استخدام قاعدة الستين بدلا من العشرة وهو مأخوذ من البابليين وسبب استخدام الرقم 60 كقاعدة للحساب هو أنه قابل للقسمة على "2 3 4 5 6 8 10 12 16 20 60" و استخدموا فيه حروف الأبجدية للدلالة على مواضع الأرقام في هذا النظام.
  3. طريقة الحساب الهندية باستخدام النظام العشري بالخانات (خانة الآحاد والعشرات والمئات ... الخ)
هناك إشارة على سابق المعرفة بالأرقام الهندية قبل ظهور الحضارة العربية وذلك من خلال كتابات سابوخت النصيبيني حوالي 662 بعد الميلاد، وكان أسقفا نسطوريا عاش في قنسرين (سوريا)، وفيها يقول: ‎

سأتجاهل كل المناقشات حول علوم الهند، ,,,، واكتشافاتهم البارعة في الفلك، وهي اكتشافات تفوق ما جاء به اليونانيون والبابليون، وطرقهم القيمة في الحساب والتي تفوق الوصف. أود فقط أن أقول أن طريقة الحساب هذه تتم بإستخدام تسع علامات. ولمن لايزال يؤمن بأنهم وصلوا لقمة العلم لأنهم يتحدثون اليونانية، لو أنهم قرأوا النصوص الهندية لاقتنعوا ولو متأخرا أن هناك آخرون يعرفون أشياء قيمة
هذه الفقرة تشير بوضوح الى أن نظام الأرقام الهندية كان معروفا في أراض ستصبح فيما بعد جزءا من العالم العربي في فترة مبكرة في القرن السابع. هذه الفقرة بالطبع توضح أن عدد قليل جدا في هذا الجزء من العالم كان يعرف أي شيء عن هذا النظام الحسابي. سابوخت النصيبيني كأسقف مسيحي كان مهتما بحساب تاريخ عيد القيامة (وكانت مشكلة لعدة مئات من السنين للكنائس المسيحية). ولعل هذا السبب هو ما شجعه على الإطلاع على الحسابات الفلكية للهنود، وعن طريق هذا عرف بالطبع عن الحساب بإستخدام تسعة رموز.

بحلول عام 776 بعد الميلاد بدأت الإمبراطورية العربية تتشكل، وأصبح لدينا مصدر آخر على انتقال الأرقام الهندية من خلال ماكتبه القفطي (1172 م - 1248 م) في "إخبار العلماء بأخبار الحكماء" ويرجع تاريخ الكتاب لحوالي القرن الثاني عشر ولكنه يذكر مصادر أقدم في كتابه:-

وقد ذكر الحسين بن محمد بن حميد المعروف بابن الآدمي في زيجه الكبير المعروف بنظم العقد أنه قدم على الخليفة المنصور في سنة ست وخمسين ومائة [776 ميلادية] رجل من الهندي قيم بالحساب المعروف بالسند هند في حركات النجوم مع تعاديل معمولة على كردجات محسوبة لنصف نصف درجة مع ضروب من أعمال الفلك من الكسوفين ومطالع البروج وغير ذلك في كتاب يحتوي على عدة أبواب وذكر أنه اختصر من كردجات منسوبة إلى ملك من ملوك الهند يسمى فيفر، وكانت محسوبة لدقيقة فأمر المنصور بترجمة ذلك الكتاب إلى العربية وأن يؤلف منه كتاب تتخذه العرب أصلا في حركات الكواكب فتولى ذلك محمد بن إبراهيم الفزاري وعمل منه كتابا يسميه المنجمون السند الهند الكبير، وتفسير السند الهند باللغة الهندية: الدهر الداهر. وكان أهل ذلك الزمن أكثر من يعملون به إلى أيام الخليفة المأمون فاختصره له أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي وعمل منه زيجه المشهور ببلاد الإسلام وعول فيه على أوساط السند هند وخالفه في التعاديل والميل وجعل تعاديله على مذهب الفرس وميل الشمس فيه على مذهب بطليموس واخترع فيه من أنواع التقريب أبوابا حسنة لاتفي بما احتوى عليه من الخطأ البين الدال على ضعفه في الهندسة فاستحسنه أهل ذلك الزمان من أصحاب السند هند وطاروا به في الآفاق، ومازال نافعا عند أهل العناية بالتعديل إلى زماننا هذا

في كتابه [انظر المرجع رقم 1] (والاقتباس هناك مطول) يحاول إفراه أن يحدد أي كتاب هندي يقصده المؤلف. ويخلص إلى أنه غالبا يقصد ما كتبه براهماجوبتا بعنوان "براهما سبتا سدهانتا" (بداية/فتح الكون) والمكتوب في 628. بغض النظر عن إذا كان إفراه محقا في هذا الاستنتاج، لأن كل المؤلفات الهندية بعد كتاب أريابهاتا الأول "أريابهاتيا" (499 ق.م) استخدمت نظام العلامات التسع للعد، فإنه من المؤكد أن العرب بداية من هذا التاريخ (776 م) كان لديهم ترجمة بالعربية لنص يتضمن نظام الأرقام الهندية.

من المعتاد الإدعاء بأن أول نص عربي كتب لشرح نظام الأرقام الهندي كتبه الخوارزمي. لكن هناك بعض الصعوبات تواجه هذا الادعاء وهو ما يتجاهله معظم الكتاب. النص العربي مفقود ولا يوجد إلا ترجمة لاتينية من القرن الثاني عشر، بعنوان "Algoritmi de numero Indorum" (فن الحساب الهندي للخوارزمي) وهو الكتاب الذي أعطى شهرة لكلمة خوارزم والمشتقة من الإسم الموجود في عنوان الكتاب. للأسف أن الترجمة اللاتينية للكتاب مختلفة عن نص الخوارزمي الأصلي (والذي لا نعرف حتى عنوانه). النص اللاتيني بكل تأكيد يصف النظام العشري الهندي القائم على الخانات معتمدا على 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 0.

اعتبر الكثيرون أن أول مرة يستخدم فيها الصفر في نظام عشري بسبب هذا الكتاب المنسوب للخوارزمي. الصعوبة نشأت من أن البغدادي (980 م - 1037 م) في كتابه ”التكملة في الحساب“ أشار للكتاب بلغته الأصلية وخلافا للظن الشائع عنه، العمل يتحدث عن نظام العد بالأصابع وليس الأرقام الهندية. ويظهر هذا بوضوح في ما أشار إليه البغدادي في كتابه لمؤلف الخوارزمي المفقود. وبالرغم من ذلك فإن كثرة إشارة المصادر الى كتاب الخوارزمي في رموز الأعداد الهندية التسعة لابد وأن يعني أن الخوارزمي كتب مثل هذا العمل. بعض من الغموض لا يزال موجودا.

في البداية استخدم العرب الطرق الهندية على ألواح متربة. في الحقيقة عرف المغرب العربي الأرقام الهندية باسم الأرقام الغبارية. واستخدمت ألواح الغبار لأن هذه الطريقة الحسابية تطلبت تحريك الأرقام وشطب بعضهم أثناء العمليات الحسابية وهو ماسمحت به تلك الألواح الغبارية بنفس الطريقة التي نستخدم بها السبورة.

حوالي منتصف القرن العاشر الميلادي ألف أبو الحسن الإقليدسي كتاب الفصول في الحساب الهندي وهو من أقدم ما وصلنا من الكتب عن النظام الهندي. فيه يناقش الإقليدسي مزايا هذا النظام :- (ملحوظة من المترجم: انظر هامش رقم 1 بالأسفل) 

وإنّ أكثر الحُسّاب مضطرّون إلى العمل به (حساب الهند) لما فيه من الخفّة والسّرعة وقلّة التحفظ، وقصر الزمان فيما يحاوله من الجواب، وقلّة شغل القلب بما يعانيه ويراه مضطرّا بين يديه. ولعلّه لو تكلّم أو تحدّث لم يُفسد ذلك عمله، وكذلك لو تركه وتشاغل عنه بغيره، لرجع إليه فوجده بحاله، فتمّم ما اراد تمامه، وأسقط عنه مؤونة التحفّظ له واشتغال القلب به. وليس ذلك موجودا في غيره، إذ كان غيره يقصر عنه لما فيه من العقد، ولما يضطرّ إليه، إذ كان كثير من الحسّاب لا يمكنهم إلّا العمل به لما تعجز عنه اليد لكثرته.
فإن كرهه قوم للحاجة إلى التّخت، فأنّا نقول إنّه علم وعمل يحتاج فيه إلى آله كما يحتاج الكاتب والصانع والفارس إلى ما يعمل به ...
فإن كرهه قوم لتعذر التّخت في بعض الأوقات، أو لقبح حضوره لما فيه من الشّنعة، إذ كان يقبح أن يرى بين يدي الكاتب، ممن يحظر الديوان ويجلس في الأسواق، فأنّا نقول، قد عملنا في ذلك ما لا يحتاج فيه إلى التّخت، واستغنينا عنه بما قد عملناه؛ وهو أنّا نعمل ما عمله جميع أصحاب هذه الصناعة بلا تخت ولا تراب، بل نعمل في صحيفة. ونخفيه أيضا بأشياء نذكرها حتى لا يعلم من رأي من يحسب به أنه هندي، بل يتوهّم أنه رومي (ص. 48)

وفي القسم الرابع من الكتاب يبين الإقليدسي كيفية تعديل طرق حساب الأرقام الهندية والتي كانت تحتاج لألواح غبارية لطرق يستخدم فيها الورقة والقلم. بالتأكيد كان اعتماد الطريقة الهندية على الألواح الغبارية أحد العراقيل الأساسية لانتشارها. على سبيل المثال فإن أبو بكر الصولي (880 م - 946 م) بعد ما أثنى على نظام العد الهندي، يكتب :-

وعلى هذا وصفوا حروفهم التسعة وقالوا: الحساب الهندي أخرج لكثير العدد إلا أن الكتاب اجتنبوه لأن له آلة [يقصد لوح الغبار]، ورأوا أن ما قلت آلته، وانفرد الإنسان فيه بآلة من جسمه [يقصد العد على الأصابع]، كان أذهب في السر وأليق بشأن الرياسة.

ولهذا تتضح أهمية كتاب الإقليدسي في تسهيل استخدام الأرقام الهندية التسعة. وله أهمية أخرى في كونه من أقدم الكتب في معالجة الكسور العشرية.

وعلى الرغم من أن كثير من العلماء وجدوا فائدة في استعمال الرموز الهندية في أعمالهم، إلا ان مجتمع التجار استمر في استخدام العد بالأصابع حتى نهاية القرن العاشر الميلادي. أبو الوفاء البوزجاني (940 م - 998 م) وهو خبير في استخدام الأرقام الهندية، كتب في كيفية الحساب بالأصابع كتاب "حساب اليد" لأن هذا كان ما يحتاجه مجتمع التجار وقتها.

دعنا نعطي بعض المعلومات عن طريقة العرب في استخدام الحروف للأعداد والموجودة في أعمال أبو الوفاء البوزجاني.

كان يتم تمثيل الأرقام بحروف عربية غير مرتبة بترتيب القاموس. وعرف هذا النظام باسم "حساب الجمل" وأحيانا باسم أبجد وهي تجميع لأول أربعة حروف في هذا النظام (1 = أ، 2=ب، 3=ج ، 4= د). الأرقام من 1 إلى 9 مثلت بأول تسع حروف في هذا النظام أبجد هوز حط، ثم الأرقام من 20 إلى 90 بالحروف يكل منس عفص، ثم الأرقام من 100 إلى 1000 بالحروف قرشت ثخذ ضظغ.

الفلكيون العرب استخدموا النظام الستيني مع نظام الحروف الحروف العربية. مثال على هذا الزاوية 43° 21' 14" كانت ستكتب على هذا الشكل "مج كا يد".

ابن سينا (ويعرف في الغرب باسم أفيسينا) وهو من معاصري البغدادي، من مؤلفي بدايات القرن الحادي عشر الميلادي. والذي نعرف الكثير عن تفاصيل حياته لأنه ألف فيها كتابا. كان ابن سينا في طفولته مميزا، تميز بذاكرة قوية وقدرة على التعلم أدهشت العلماء الذين قابلهم في منزل والده. مجموعة من العلماء من مصر جاءوا لمنزل أبيه حوالي 997 م عندما كان ابن سينا في العاشرة من عمره وعلموه طريقة الحساب الهندية. ويحكي أيضا عن تعلمه الجبر والحساب الهندي من بائع خضروات. كل هذا يبين أنه في بداية القرن الحادي عشر كانت طريقة الحساب بالأرقام الهندية منتشرة وبصورة كبيرة ومعروفة حتى لتاجر خضروات.
ماذا عن الأرقام نفسها. رأينا في مقالة الأرقام الهندية أن أشكالها اختلفت تبعا للمنطقة وتغيرت مع الزمن. حدث نفس الشيء في العالم العربي.

هنا مثال لأرقام هندية مستخدمة في المشرق العربي. من كتاب أبو سعيد أحمد بن محمد بن عبد الجليل السجزي (951 م - 1024 م)، ولم يكن مؤلفه الأصلي ولكن لكتاب نسخه في شيراز عن مؤلف رياضي آخر وأرخ تلك النسخة عام 969 م.

الأرقام الهندية من رسالة السجزي عام 969 م.



تغير شكل الأرقام بعد ذلك بحوالي مائة عام، في نسخة من أحد كتب البيروني في الفلك، نجد الأرقام على هذا الشكل

شكل الأرقام الهندية من كتاب في الفلك للبيروني حوالي عام 1082.


في الواقع لو دققنا النظر سيظهر أنه ما بين 969 و 1082 التغيير الأكبر في الأرقام هو دوران الأرقام 2 و3 ب 90 درجة. وسبب هذا التغيير الطريقة التي كان يكتب بها الناسخون في المخطوطات، وحيث أنهم كانوا يكتبون من اليمين لليسار وهم جالسون القرفصاء. ولتسهيل الكتابة كانوا يكتبون في سطور من الأعلى للأسفل وعند قراءة المخطوط يتم تدوير المخطوط ويقرأ المخطوط بالطريقة الصحيحة من اليمين لليسار.ربما ولقلة خبرة النساخون في طريقة كتابة الأرقام الهندية، كتبوا 2 و3 بدوران 90 درجة بحيث عندما يتم تدوير المخطوط يقرأوا بالطريقة الصحيحة.


هذا مثال على ما كان يجب على الناسخون أن يكتبوه




ما كان يجب على الناسخون أن يكتبوه والمخطوط في وضعية الدوران وفي حال اعتداله.

وهذا مثال على ما كتبوه فعليا





ماكتبه الناسخون فعليا والمخطوطة في وضعية الدوران وفي وضعها الطبيعي.


شكل الأرقام المستخدمة في المغرب العربي يبدو قريب الشبه للأرقام المستخدمة في أوروبا حاليا, وهو شيء طبيعي لأن تلك الأرقام هي ما أوصلت الأرقام الهندية لأوروبا.




الأرقام الهندية كما كتبها ابن البناء المراكشي.

وكما يظهر في هذه الصورة، كان هذا شكل الأرقام كما كتبها ابن البناء المراكشي (1256 م - 1321 م) في مؤلفه في الحساب العملي المكتوب حوالي بداية القرن الرابع عشر الميلادي. عاش المراكشي معظم حياته في المغرب وهي قريبة من الأندلس والتي كان يسيطر عليها العرب وقتها وهي في جنوب أسبانيا.

وعلى على الرغم من هذا فإن أول مثال وصل إلينا على استخدام الأرقام الهندية في أوروبا كان قبل ابن البناء المراكشي بوقت طويل. حيث ظهرت هذه الأرقام الهندية في مؤلف بعنوان ”Codex Vigilanus“ نسخه راهب من أسبانيا عام 976.

أول ظهور للأرقام العربية في أوروبا من كتاب "Codex Vigilanus".


وبالرغم من ذلك فإن الجزء الأكبر من أوروبا في هذا الوقت لم يكن مستعدا لتقبل أفكار جديدة من أي نوع واستغرق هذا وقتا طويلا حتى القرن الخامس عشر عندما بدأ الرياضيون الأوروبيون تطويرهم السريع للرياضيات والذي لا يزال مستمرا إلى اليوم. لن نقوم بفحص المساهمات العديدة التي أوصلت الأرقام الهندية إلى أوروبا في هذه المقال، ولكن سنذكر مثال واحد فقط، ولكن مهم جدا.

كتب ليوناردو فيبوناتشي (1175م - 1250م) في كتابه الشهير ”Liber abaci“ (كتاب الحساب) المنشور في بيزا عام 1202:-

حينما كان أبي، وهو من عينته بلده في وظيفة موثق عام في الجمارك في بجاية مسئولا عن ووكيلا للتجار من بيزا الموجودين هناك، ناداني اليه وكنت لازلت طفلا، وبحاسته في معرفة ماسيفيدني في مستقبلي، طلب مني أن أبقى هناك وأتعلم في مدرسة المحاسبة. هناك حيث تعرفت على الفن الهندي في الرموز التسعة على يد معلمين مهرة، علمهم بهذا الفن أسعدني فوق الوصف ومن خلالهم فهمته، فما درسته من خلال هذا الفن صحبني في مصر وسوريا وصقلية وبروفنس، في كل أشكاله المختلفة.


هامش:

  1. النص منسوخ كما هو دون تصحيح من اقتباس من كتاب الأقليدسي "الفصول في الحساب الهندي"، لم أعثر على النص الأصلي لكن النص المذكور هنا منسوخ من الورقة البحثية "نصوص مختارة من علم العدد" لمهدي عبد الجواد، منشورات الجمعية التونسية للعلوم الرياضية، 2010، ص72 (رابط).
 مراجع:
[1] G Ifrah, A universal history of numbers : From prehistory to the invention of the computer (London, 1998).
[2] G G Joseph, The crest of the peacock (London, 1991).
[3] R Kaplan, The nothing that is : a natural history of zero (London, 1999).
[4] L C Karpinski, The history of arithmetic (New York, 1965).
[5] K W Menninger, Number words and number symbols : A cultural history of numbers (Boston, 1969).
[6] D E Smith and L C Karpinski, The Hindu-Arabic numerals (Boston, 1911).

📗 طالع أيضاً: