الخميس، 29 أغسطس 2019

لم اطلعتني على كل هذا ...؟ ولم أنت أخى ..؟



ونيس : ماهذا السر !! جعلتني أخشى النظر إليك ياأبي ما مصيري الآن
الأخ : ماهذا السر..! العلم به ذنب والجهل به ذنب أكبر
القريب : ذنب ؟ أى ذنب يابن العم ؟ أنا لا أفهم هذا الكلام!
الأخ : وأنا لا أفهم هدوئك !.. منذ سنوات وأنا أحمل أشياء لأيوب التاجر قلتم لي أنها أشياء وجدت فى الجبل .. علمتموني ألا أسأل فصدقتكم .. كانت هذه طريقتنا فى الحياة .
العم : كانت وستظل طريقتنا فى الحياة .
الأخ : ألا ترون ماذا تفعلون ؟ ألا يوجد بينكم من يقلقه ضميره فينطق .
العم : أنت الآن تعرف سر الدفينة .. نصيب أبيك لك أنت وأخيك , هل اقتسامه مع أخيك هو ما يزعجك؟
الأخ : اقتسام الموتى !
القريب : هؤلاء الذين تسميهم الموتى ليسوا إلا رمادًا أو خشبًا من آلاف السنين ... لا أحد يعرف لهم آباء أو أبناء .
العم : ياسيدة الدار الكريمة ..البقية فى حياتك جئنا إلى دارك ..دار أخي المرحوم سليم لنعزيك و نشاركك أحزانك و نقدم لك كل ما تطلبين .
الأم : وجودكم وحده يعزينى ...ويشرف الدار .
العم : قدرك الله على إحتمال حزنك .. وأنت يا ابن أخى ما الذى يغلى بداخلك ؟
ماذا ؟!! لماذا لم تسلم الأمانة لأيوب التاجر ؟ كل القبيلة تنتظر ثمنها .. لو كان أبوك حيًا ...
الأخ : اترك الموتى فى سلام .
القريب : تقصد أن تتركهم للأفندية .. أى تجارة لنا مع هؤلاء .. أفندية القاهرة المتكبرين سيضعونك فى الحديد لو وجدوا معك هذا الشيء .. إنهم يغتصبون كل شىء .. ولا يدفعون لنا كما يدفع أيوب .
الأخ : قطعة من الذهب .. هى لك ولكنى أراها عينًا تلاحقنى .
القريب : عينًا ميتة بها ذهب يطعم مائة فم .
الأخ : مائة فم تأكل لحمك لو جاعت .
القريب : وأنت من أين كنت تأكل طول عمر ك ؟
العم : عشت لكى أسمع ابن سليم يتكلم لغة الأفندية ..أريدك أن تعلم أن دخولك المغارة وخروجك منها قد جعل منك شخصًا آخر ..
شخصًا يختلف عن أهل الوادي .. وعن الأفندية الذين يتمنون أن يعرفوا السر ... أريدك أن تعلم أيضًا أن سر الدفينة أغلى من حياة أى فرد فى قبيلة سليم ...لقد أعدك أخي لهذا اليوم ..ولكنى أراك أمامى ترتعش كطفل .. إن عيشنا كفاح صعب ولكنك على مايبدو ضعيف أو غير قادر ..
الأخ : ماتسميه عيشنا , أشعر به سمًا فى جسدي ...هذا عيش الضباع ....احملوا وحدكم هذه الذنوب .
العم : تلك كانت حياة أبيك .. وحياة أبيه من قبله .. لقد شاء هو أن تعلم أنت سر الدفينة ولو كان حيًا الآن لشاء أن تحرم من حياتك ..
الأخ : أنا لا أخاف كلامك ..فلتخش أنت أولادك عندما يسألونك يومًا ما .. هل هذا عيشنا ؟
العم : سوف نربيهم على احترام تقاليد آبائهم .
الأم : فى هذا الكفاية ... أنا التي ربيت أولادي .. وقد ربيتهم على الكبرياء و الشموخ كالجبل ..
القريب : ونحن لا نقبل الإهانة فى بيت أخينا ,إنه مازال بيته ... أرجو ذلك .
الأخ : جدرانه فقط
الأم : الجدران ومن تحميهم الجدران .
العم : أعطنى هذه القطعة .. مثل هذه الأشياء لا يجب أن تقع عليها أى يد ... أما نحن فلننصرف الآن .. بعد إذنك ياسيدة الدار . قدرك الله على إحتمال المكتوب .
الأم : أين ونيس ؟
الأخ : دافعت عنى عندما تكلموا عن تربيتي فقط ...
الأم : نعم .. لقد تجاوزوا حدود احترام هذا البيت .. إذهب وابحث عن أخيك .. هل رأيته منذ أن ... 
الأخ : نعم .
الأم : هل تكلمت معه ؟
الأخ : نعم
الأم : تكلمت معه 
الأخ : ماذا تخبئه لنا الأيام ...؟ إن عقلى المضطرب لا يقدر على الصمت ... أجيبي .. عدي معى كم جثة انتهكت يد أبى لنأكل ؟؟
الأم : كفى .. ماذا تريد ؟؟
الأخ : أريد الحقيقة ......الآن .
الأم : سوف تعرفها يوما ما .. أو سوف لا تعرفها أبدًا ... أما الحقيقة التي أعرفها أنا فهى أنك لوثت اسم أبيك فى داره ..... لا لن يمسه أحد بسوء فى مستقره حتى ولو كان إبنه .... كان شريك أيامي .. الحقيقة ؟ ..
ملعونة حقيقتك و ملعون أنت لأنك أقلقت من انتهى و أرتاح .. الآن لن يعرف الراحة أبدا.... ملعون أنت ... حرمت عيوننا نظرة الصفاء .... أغرب عن وجهي أيها التعس أنا لا أعرف أسمًا لك ......
الأخ : ونيس ...ونيس .. لما تتباعد دائمًا .
ونيس : لما فعلت بها كل هذا ؟؟
الأخ : إنها لا تعيش إلا فى الماضى
ونيس : اطلعتني على مصير مظلم .. صحراء على أن أسيرها وحدى .. خائفًا من المشاعر و من الذكرى .
الأخ : أى ذكرى .. التذكر يضعف الإرادة ..
ونيس : أية إرادة ... أن أنسى .. ما كان بالأمس حقيقة لي ...
الأخ : تعال نبدأ فى مكان أخر .. لم يعد لنا شيء هنا .
ونيس : لم اطلعتني على كل هذا ...؟ ولم أنت أخى ..؟
الأخ : إسمع ..
ونيس : لا أريد أن أسمع .. كفى ماسمعت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق