الأربعاء، 28 أغسطس 2019

عندما كنا ملوكاً

“محمد علي كان كالفيل النائم , يمكنك فعل ما تشاء بجانب فيل نائم , لكن عندما يصحو سيسحق كل شئ” قالها مالك بوين.

كان علي محاصراً فى جنبات الحلبة يتفادى الضربات بكلتا يديه يحمى وجهه و بطنه يتمايل بخفة و يتقافز يمينا و يسارا و جورج فورمان يكيل له الضربات الثقيلة يمنة و يسرة.



فى استراحة احدى الجولات تقترب الكاميرا من وجه علي, عيني علي يبدو عليهم الاحساس بالخوف و صوت أحد الصحفيين المرافقين لعلي يقول: “لأول مرة أرى فى عيني علي نظرة الخوف كأنه يقول لنفسه أهذه هى النهاية”



نفس الصحفي يصف المشهد قبل المباراة قائلا : “كان الجو العام كجو العشاء الأخير كان الجميع واجمين ينظرون لعلي و يتحسرون , لكن علي قال لماذا أنتم جالسون هكذا ؟ أنا ذاهب لأرقص و أرقص و ارقص”

علي الساخر اللذى كان يتدرب على الحلبة و يوجه الضربات يمينا و يسارا و يتقافز و يصرخ بصوت عال فى وجه الكاميرا قبل المباراة ” الفتى خائف منى إنه خائف حتى الموت إنه يتمنى لو لم ياتى لهنا”



لكن من يرفض خمسة ملايين دولار !!!!

فى الخلفية هتاف الجمهور الزائيري فى استاد العاصمة كينشاسا الاستاد الذي شهد مذابح الطاغية موبوتو , موبوتو الداعم للمباراة, فهي للعالم الخارجي تثبت أن زائير بلداً آمناً, تشي باستقرار الحكم, موبوتو الذي خاف حضور المباراة فشاهدها عن طريق دائرة تلفزيونية والجمهور الزائيري يهتف “علي بوماييه بوماييه” “علي اقتله” يقتل من ؟ فورمان الذي كان يتساءل لماذا ؟ لماذا يريدون قتلي؟ أننى ربما أشد سوادا فى الجلد منه ؟ هل تظنون أنى سأكون سعيدا حينما يهتفون “فورمان بوماييه” ؟! أم كانوا يقصدون موبوتو !!!

كان الوقت فجرا فى زائير لكن الآلاف تجمعوا لمشاهدة المباراة في الاستاد, و شهدها الطاغية وحيداً في قصره, كان اختيار الفجر حتمياً  لكى يشاهدها الجمهور  فى ذروة توقيت المشاهدة فى الولايات المتحدة مباشرة على الهواء.
كان هناك كثيرون ينتظرون نهاية علي المشاغب المغرور الرافض لتلطيخ يديه بدماء الأبرياء فى فيتنام كثيرون قالوا استحالة أن يهزم فورمان الذي كانت ضرباته القوية تترك أثارا عميقة فى كيس التدريب الثقيل , كانو ينتظرون كسر انفه ذلك المغرور الذى خيب ظنهم جميعا و فاز !!!!!

سبق المباراة حفل غنائي لفرق مشاهير السود بأمريكا و اختلطت الثقافة بالسياسة بالرياضة بالمال بالمتعة فى خليط إنساني عجيب حيث الحديث عن الأمريكان من أصل أفريقي عندما كانو ملوكا فى أفريقيا قبل أن يتم استعبادهم و نقلهم للولايات المتحدة ليباعو كعبيد كان الخليط الإعلامي جذاباً و براقاً “من سفينة العبودية إلى عرش البطولة” !




فى الجولة الثامنة بعد أن استخدم علي تكنيك نفسى وعصبى لإرهاق فورمان طوال سبع جولات كان علي سريع و مستفز و بنهاية الجولة الثامنة أطاح علي بفورمان بالضربة القاضية.



فاز الفلم بأوسكار أفضل فيلم وثائقي عام 1997, و حصد ست جوائز أخرى , و رشح لثلاث جوائز مختلفة.

نشر أول مرة بتاريخ 2009/12/30