الخميس، 31 ديسمبر 2020

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - ضواحي دمياط - رأس البر

خريطة مصيف رأس البر
خريطة مصيف رأس البر


 ٥ — رأس البر
ليس « رأس البر » بالبلد القديم ذي التاريخ المجيد ، أو بالقرية الحديثة ذات 
الخطر الجديد ، فيؤرخ لحياتها المؤرخون ، ويتناقل أخبارها الرواة والمصنفون . .
وإن هو إلا مصيف هادئ سعيد ، جدير بأن يشيد بذكره الشعراء والفنانون . . بله 
أنه مصيف يختلف عن جل المصايف — مصيف موسمي مؤقت ، لا بقاء له في غير 
أربعة أشهر الصيف ، ثم تزول دولته، ويبرحه أهله ، ليعودوا إليه مع الصيف
التالي ..

ومع هذا فقد أصبح لهذا المكان شهرة عالمية في دنيا الاصطياف والسياحة  
ويكاد لا يخلو كتاب يتحدث عن دمياط من ذكر « رأس البر » كضاحية متممة لهذه 
المدينة ، يطرقها في كل صيف حوالي سبعين ألفا من الناس .

أما تاريخ هذا المصيف بمعناه الحديث فيبدأ مع مستهل القرن التاسع عشر ..

هو لسان مثلث الشكل ، يبلغ طوله نحو كيلو مترين ، ومساحته نحو كيلو متر 
مربع من الأرض الرملية السهلة المنبسطة . . محصور بين ضفة النيل الغربية وشاطئ 
البحر الأبيض ، وهناك يصب فرع دمياط ماءه في البحر ، وتمتزج مياهه العذبة بمياه 
البحر الملحة .

وتتكون تربة المصيف من رمال البحر الناعمة الصفراء ، التي تحيلها أشعة الشمس 
إلى ما يشبه التبر اللامع . . وتمتزج هذه الرمال أحياناً بأصداف البحر ، وأخرى 
بغرين النيل .

ويتدرج هذا المثلث — أو شبه الجزيرة — في الارتفاع تدريجيا من مستوى 
سطح البحر عند المكان المعروف « باللسان » ، إلى أن يبلغ من الأرتفاع ستة أمتار 
عند « طابية الشيخ يوسف » في جنوب المصيف .


وكذلك يتدرج انحدار شاطىء البحر الأبيض تدريجا طفيفاً نحو العمق . . 
ولا تعترضه صخور ولا أعشاب .

وفي معظم شهور السنة تطغى مياه البحر الملحة على مجرى النيل ، في المسافة بين 
دمياط والمصب ، حين تعاد أقامة السد في عرض النهر ، أما في موسم الفيضان ، 
وعند ما يقطع هذا السد في شهر أغسطس ، فتتدفق مياه النيل العذبة زاخرة، محملة 
بالغرين ، وتدفع أمامها مياه البحر إلى مسافة بعيدة عن المصب ، ويظل ماء النهر في 
تدفقه حتى يعاد بناء السد ثانية في آخر الخريف .

وفي الشتاء حينما تشتد الأنواء ، تطغى أمواج البحر على « رأس البر » فتغطيه 
وتغسله ، وتهيؤه للصيف القادم ، نظيفاً نقيا ، وقد انحسر عنه الماء ، وجففته أشعة 
الشمس .

ويبعد شاطىء البحر الأبيض عن دمياط ، من الضفة الشرقية للنيل ، ۱٥ کیلو 
متراً وعن فارسكور ٣٤ كم، وعن المنصورة ۹۹ کم وعن قناطر الدلتا ۲٤۲ کم.

ويتصل المصيف بسائر أنحاء الأقليم المصري ، بالقطار ، والسيارة ، والطائرة، 
والمراكب النيلية . مما ساعد على ازدحامه بالمصطافين والزائرين ، ولو أن وسائل 
الاتصال به ما زالت في حاجة إلى أصلاح وسرعة وتحسين ..

ذلك هو المصيف المؤقت الذي تتم منشآته في مدى أسبوعين عند ما يهل الصيف، 
فأذا به مدينة صغيرة بها ما بسائر المدن الحديثة من شوارع ومساكن ، وفنادق ، 
وأسواق ومعابد، وملاه ، ومطاعم ، ومقاه . . فأذا ما أدبر الصيف ، زالت معالم 
هذه المدينة العامرة ، فيما عدا بعض المباني الثابتة والشوارع الممهدة، وعاد المصيف في 
جملته مساحة خالية من الرمال المعرضة لمد البحر وهطول المطر .

ولهذا المصيف خريطة هندسية سنوية يضعها مهندسو المصيف في شهر مارس من 
كل سنة، مبيناً عليها مواقع العشش و أرقامها ، ومواضع الفنادق والأسواق وغيرها .

وتقام العشش عادة على مساحة تتراوح بين المائة والأربعمائة متر مربع ، في 
نظام يكفل لكل عشة أن تطل على الشوارع من جهاتها الأربع . وعرض كل 
شارع منها ۱۸ مترا .

ثم تعرض الخريطة على الطلاب ، ليختار كل القطعة التي تروقه ، والموقع الذي 
يريده ، ومتى تم التعاقد على أيجار الأرض مع أدارة المصيف ، بدأ الاتفاق مع 
المقاول المختص بأقامة العشش بعد تحديد ع دد الغرف والشرفات ، طبقا للرسم 
المطلوب ... و يتكفل المقاول عادة بأحضار معظم الأثاث الضروري ...

وتشيد عشش المصيف من قوائم وألواح خشبية ، تعلو عن الأرض ثمانين 
سنتيمتراً أما الجدران والسقوف فأكثرها من حصر البردي المعروفة بالأکياب . 

وهذه تسمح للهواء بالتخلل في الغرف كلها . وهي ميزة صحية يمتاز بها « رأس البر » 
عن جل المصايف ... وقد تبني قواعد العشش بالمسلح لتبقى إلى صيوف قادمة ...

ويتمشى تاريخ ذلك الساحل الذي قام عليه المصيف ، مع تاريخ أمه دمياط . 

فعليه يتردد الصيادين والملاحون في أوقات السلم ، وهو ساحة قتال في فترات 
الحروب والغزوات ...

ولم تحتفظ هذه المنطقة الساحلية بشكلها ومساحتها دائما ... فقد ظلت خاضعة 
في مر الأجيال لعاملين طبيعيين : أولهما — مد البحر وتآكل الشاطئ بفعل الأمواج 
ودفع الرباح لها ... وثانيهما — ما يتركه النيل عليه من غرين ورواسب ... ولما كان 
العامل الثاني أقوى أثراً وأكثر نظاما و استمرارا . فقد أخذ هذا اللسان من الأرض 
في الامتداد التدريجي داخل البحر منذ قديم الزمان ، بل أن دلتا النيل كلها نشأت عن 
تلك الرواسب والغرين ...

وإذا ماعدنا لحظة إلى الوراء ، سمنا المؤرخ هيرودوت يقول إن فرع دمياط ، 
ويسميه فرع البوكولي ( أي فرع المراعي )، مجری صناعي حفره الفراعنة ، ثم 
اتسع تدريجياً وعرف بالفرع الفاتميتي ، ولما ردمت سائر الفروع زاد فرع دمياط 
اتساعاً وأهمية ملاحية ... وعند مصبه نشأت مدينة تامحيت الفرعونية وهي تامياتس 
الأغريقية ، ودمياط العربية ... وأخذت تزداد عمرانا ورحابة كما أمتدت أسوارها 
وأبراجها إلى قرب الساحل ...

فرأس البر هذا كان منذ أن نشأت دمياط ضاحية من ضواحيها، تارة يأتيها
صيادو الاسماك والسماني و يقيمون عليها عششهم ، وتارة يقيم عليها الحراس والجنود 
ثكناتهم ، وقد يأتي إليها سكان دمیاط في المراكب للنزهة والصيد والرياضة ...

و « رأس البر » أسم حديث . وكان العرب في القرون الوسطى يطلقون على هذه 
المنطقة « جيزة دمياط » ... والجيزة هي الناحية أو ما يجاز إليه ... رلا زارها المقریزي 
في القرن الخامس عشر دعاها في قصيدته : « مرج البحرین » ...

ثم شهد « رأس البر » في العصور الصليبية أحداثا رهيبة . ففي عام ۱۱٦۹ م وكان 
صلاح الدين الأيوبي لا يزال وزيرا للخليفة الفاطمي العاضد ، وصلت إلى ساحل 
دمياط أساطيل الصليبيين في نحو ألف مركب تحمل عشرات الألوف من الفرسان 
والمشاة ، ونزلوا إلى البر ثم حاصروا دمياط ثلاثة وخمسين يوما ، وقاتلهم صلاح 
الدين إلى أن أجلاهم عن دمياط بعد أن غرق لهم هناك عدد من المراكب ...

وفي شهر يونيه ۱۲۱۸ م وصل أسطول ضخم أمام رأس البر يحمل نحو سبعين 
ألف مقاتل بقيادة جان دی بريین ثم نزلت إلى « جزيرة دمياط » وعسكروا أمام 
المدينة ، وحفروا حول معسكرهم خندقا ، وأحاطوه بالأسوار و « المتاريس » . 
ثم حاصروا المدينة ستة عشر شهراً واثنتين وعشرين يوما ... ودخلوها في نوفمبر 
۱۲۱۹م ، ثم تنتهي القصة المعروفة بخروج الغزاة من دمياط بعد أن قضوا فيها وعلى 
شواطئها هذه ثلاث سنين وأربعة أشهر ...

وبعد ثلاثين عاما ... في يونيه ۱۲٤۹ وقف أمام رأس البحر أسطول كبير 
يحمل لويس التاسع وجيشه وفي اليوم التالي نزلوا إلى البر ، وزحفوا إلى دمياط 
وعبروا الجسر واستولوا عليها بلا قتال ... و تتهي القصة أيضا بجلائهم بعد الهزيمة .

وتدور عجلة الزمن وإذا بالشيخ تقي الدين المقريزي ، المؤرخ المشهور ، يقف 
عند « اللسان » برأس البر — وكان يسمى مرج البحرین ، وذلك في يوم رائق من 
أيام القرن الخامس عشر ، فتأخذه محاسن الطبيعة هناك وينظم فيها أبياتا من الشعر 
منها :
وفي « مرج البحرین » جم عجائب        تلوح و تبدو من قريب ومن بعد
كأن التقاء النيل بالبحر إذ غدا              ملیکان سارا في المحافل من جند 
وقد نزلا للحرب واحتدم اللقا                ولا طعن إلا بالمثقفة الملد

وفي ۳۱ اکتوبر ۱۷۹۹ يری جیش أنجليزي يقوده السير سدني سميت ، ينزل
من البحر إلى رأس البر  ويحتل برجاً قديما أمام عزبة البرج ، ثم يتحصن في تلك 
الناحية وينصب المدافع ، وبعد قليل تتبعه فرقة تركية من أربعة آلاف من الأنكشارية 
مع مدافعهم ، وينزلون أمام رأس البر ، ولكن جنود نابليون يردونهم إلى البحر ...

ثم يبدأ تاريخ المصيف مع مستهل القرن التاسع عشر ، وقد نسيت أهوال 
الغزوات والحروب التي اجتاحت تلك الناحية الجميلة ... فعمها الهدوء والاستجمام ... 
وغسلت أمواج البحر آثار المواقع والدماء ... وأقبل صيادو الأسماك والسماني 
بقواربهم وشباكهم ، وراحوا يترددون على تلك الشواطىء زرافات ووحدانا ...

وكان مشايخ الطرق الصوفية وأتباعهم بدمياط ، إذا ما فرغوا من احتفالهم 
بمولد أبي المعاطي ليلة الخامس عشر من شعبان ، انتقلوا إلى الاحتفال بمولد الشيخ 
علي الصياد على الشاطىء الغربي للنيل — وهو المواجه الآن للمدرسة الصناعية — 
وكانوا بعد ذلك ينتقلون إلى مسجد الشيخ سديد بالسنانية حيث يحتفلون أيضا بمولده ، 
ثم تسير جموعهم نحو الشمال مع النيل إلى المكان المعروف « بالجربي» ... و تقع قرية 
الجربي الحديثة جنوبي رأس البر وأمام عزبة البرج ... وقيل إنها كلمة فرنسية محرفة 
منذ عهد الحروب الصليبية يوم كان جنود جان دی بريين يطلقون عندها الحمم ... 
فكان مشايخ الطرق يحتفلون بها بمولد « الشيخ الجربي » وكان له مقام هناك ... 
وبعد ذلك يحيون مولد « الشيخة خديجه » بين طابية الشيخ يوسف والجربي ...

وإذ كانوا يعتقدون أن أرواح الشهداء الذين قتلوا في الحروب الصليبية مازالت 
تطوف بالمكان المسمى اليوم « بين الموجتين » حيث استشهد الكثيرون هناك ، فقد 
كانت الجموع تنتقل إلى رأس البر وتقيم بها حفلات « المولد » لذكرى أولئك 
الشهداء . وكانت تقوم لذلك قرية صغيرة مؤقتة بها ما بساحات الموالد اليوم ...

ويقص الأستاذ حسن كامل زاهر ما سمعه عن أبيه بشأن تلك المواد التي كانت 
تقوم برأس البر ويقول : « كان والدي الحاج عثمان زاهر رحمه الله يستضيف مشایخ 
الطرق بصفة نائب سجادة السادة الرفاعية بمركز شربين ... وكان من أهالي دمياط
كثير من التجار الذين يملكون السفن الشراعية التي تحمل البضائع بين مصر وسوريا 
والأناضول ، وكان منهم في ذلك الوقت علي المرقبي ، و الحاح عبد الرازق اسماعیل ، 
ومحمد شاكر المرقبي . وكان لهؤلاء تجارة واسعة بين دمياط وهذه الأقطار . فكانوا 
يقدمون إلى رأس البر لمقابلة سفنهم عائدة من رحلاتها . وهنا شاهد هؤلاء التجار 
أول طلائع المصيف ممثلة في هؤلاء المتصوفين ، واستمرأ الجميع الأقامة في هذا المكان 
الهادئ الجميل الذي يبعث في النفس روعة التأمل وطمأنينة التعبد ... ... »

وفي القرن التاسع عشر أثري كثير من التجار ، وشيد بعضهم قصوراً بدمياط واقتنى 
المراكب ، وكان قصر وسيلي فخر قرب عزبة البرج مزاراً لكبار الأجانب في زمن محمد 
علي ، كما كان قصر أغا المدينة « المحافظ » أمامه على الضفة الغربية وكانت هناك قصور أخرى 
وكان من عادة تلك الأسر أن تخرج في بعض أيام الصيف في سفن شراعية على النيل 
وترسو أمام رأس البر ، و تقضى النهار في التنزه ... 

وكان بعض أعيان المدينة قد أموا رأس البر عام ١۸۲۳ للصيد والرياضة ، 
فراقهم جوها ومناظرها . وشيدوا لهم أكواخا من الأكياب والحصير ، كما أنشأوا 
سرادق كبيرة ، وما لبثوا أن اتخذوا هذا المكان مصيفا لهم ، وتبعهم غيرهم ، وأخذ 
المصيف يتطور عاما بعد عام ، ويتدرج من عشش قليلة متفرقة إلى صفوف منظمة 
بين شاطىء النيل والبحر ...

وكان الخديو عباس الأول مولعاً برأس البر ، يذهب إليها في ذهبية فاخرة تحمله مع 
حاشيته على النيل ، وكان قد تولى الحكم ( من نوفمبر ۱۸٤۸ إلى يولیه ۱۸٥٤ ) فحضر 
مرة إلى دمياط وقصد رأس البر ، وكان غريب الأطوار ، فعلم هناك أن الشيخ محمد 
الخضري الكبير أحد علماء دمياط ، له إلمام ودراية بعلوم الميقات والهيئة وأحكام 
النجوم ، فدعاه إليه ، وحضر الشيخ ومعه تلميذه الشيخ عبد الوهاب الحمامصي ليكون
واسطة في ترجمة الكلام بينه و بين الوالي ، فأن الشيخ الكبير كان فاقد السمع ، وكان  
تلميذه يترجم له بطريقة أشارية تستخدم فيها أصابع اليد التفاهم ... وفي تلك المقابلة
طلب الوالى أن « يأخذ له الشيخ طالعاً » في مسألتين شخصيتين ، واتفق معه على أن 
تكون الإجابة بعد مهلة على يد محافظ المدينة بكتابة مختومة ! !

وفي عام ١٨٧٠ في حكم الخديو اسماعيل أنشئ أمام رأس البر على الضفة الشرقية
منارة دمياط « الفنار » التي ترتفع عن مستوى البحر ١٨٠ قدماً وهي على شكل برج
من الحديد ذي ثلاثة أرجل سوداء اللون ، يعلوه مصباح أسود به خطوط رأسية
بيضاء ـ ونوره أبيض يرى على مسافة عشرين ميلا في البحر إذا كان الجو صافياً .
ومدة دورته دقيقة واحدة ... وقد أنشئ بجوار المنارة بيوت ومكاتب لموظفيها .
وأصبحت منطقة « الفنار » مزاراً للمصطافين الذي اعتادوا الصعود إلى قمته للتمتع
بالمناظر الطبيعية من ذلك العلو الشاهق ...

وكان الخديو توفيق عقب الثورة العرابية ( ١٨٨٢ ) يزور رأس البر أحياناً
في باخرة نيلية ، وكان يصحبه في هذه النزهة عدد من ذهبيات الباشاوات وكبار
الموظفين وبواخر مفتشي الري من الأنجليز . وكانت الأنوار التي تنبعث منها
تكسوها زينة ولألاء ...

وواظبت الأسر المسيحية الكبيرة بدمياط مثل عائلات كحيل وسرور وفخر وقصيري
وبحري وخوري ورزوق وعنحوري ... الخ ، على الأصطياف في عشش برأس البر في النصف 
الثاني من القرن التاسع عشر ، ولما هاجرت من دمياط إلى المنصورة وطنطا والقاهرة ، 
لم تنقطع عن الحضور في الصيف إلى هذا المصيف والإقامة في عشش رحبة من 
الأكياب والبوص وكانت تتسابق إلى حجز المكان قبل الصيف . وكان الماء والطعام 
ينقل إليهم كل يوم من دمياط وعزبة البرج في المراكب .

وفي عام ۱۸۸۳ جاء رأس البر العالم الألماني « كوخ » الذي انتدبته الحكومة 
المصرية خبيراً على أثر انتشار الكوليره بمصر فوضع تقريراً جاء فيه : « إن مصيف 
رأس البر قد يصبح يوماً ملك المصايف وأشهرها . إذ يمتاز بموقعه الجميل ، وهوائه 
النقي الجاف ، وشواطئه الذهبية ، وبعده عن الضوضاء ... وهو أقل رطوبة من 
جو الشواطىء المصرية الأخرى ، وتكثر في هوائه كمية اليود ... »

ثم أخذ المصيف يحتل مكاناً في كتب القرن التاسع عشر ، فيكتب عنه علي 
مبارك عام ۱۸۸۸ في « الخطط » : « ... وفي جهتي البوغاز شرقاً وغرباً قلعتان 
أنشئنا في زمن الفرنساوية وكانت قلعة الغرب مبنية بشكل سور مستدير محیط
بالبرج القديم المستدير الذي به مقام الشيخ يوسف في مكان يعرف برأس البر ... »

وفي عام ۱۸۹۱ يصفه « دلیل وادي النيل » : « وبها مصيف يسميه أهل 
دمياط برأس البر يشبه رمل الأسكندرية ، يقصده أهل المدينة في مدة الصيف ، 
وتأتي إليه الناس أيضاً من سائر بلاد مصر . وهو يبتعد عن مدينة دمياط مسافة
ساعتين بحراً بالزوارق »

ثم ظهر الفندق الأول عام ۱۸۸٦ بعد أن كانت الذهیات والسفن الشراعية 
تقوم مقام الفنادق ، لا سيما للأغنياء الذين لم يشيدوا عششاً ... ففي ذلك العام أنشأ 
رجلان من تجار القطن هما سليم نجار و نخله عيسى أول « لوكاندة » برأس البر ذات 
أسرة من الجريد و فرش من قش الأرز وأثاث ساذج

وفي عام ۱۸۹۱ وفد على رأس البر رجل فرنسي اسمه « مسيو بكلان » وسيدة 
فرنسية تدعى كورتيل ، فأنشأ مطعماً و بارا قرب طابية الشيخ يوسف ، وكان 
على مصائد بحيرة المنزلة وقتذاك مدير أسمه اسماعیلون بك اعتاد أن يقيم الولائم 
في هذا المطعم لكبار رجال القصر ولغيرهم من الأجانب ، فحفزهما ذلك على إنشاء 
فندق في وسط الصيف أمام « الفنار » ، كان أول فندق راق برأس البر ، ولما رحل 
باکلان من مصر ترك الفندق لمدام كورتيل يعاونها شاب مصرى برع في الطهي 
هو المرحوم مرسي سرحان ، وما لبث أن جذب هذا الفندق كبار المصطافين ، كما 
دفع آخرين إلى أنشاء عدد آخر من الفنادق ... وما جاء عام ١٩٤٥ حتى كان 
برأس البر ۲۰ فندقا بين كبير وصغير ...

وبدأ العمران وما يتبعه من مرافق ، يزحف على المصيف . ففي عام ۱۸۹٥ عين 
به قوة من البوليس مؤلفة من جاویش وشرطيين وخفيرين ، كما أنشئ به مکتب 
صغير للبريد ...

وفي سنة ۱۸۹۸ بدئ بتأجير أرضه بفئات تتراوح بين أربعة ميلمات و نصف 
مليم للمتر المربع .

وكان الشيخ أمين أبو يوسف المحامي الدمياطي أول من أنشأ برأس البر عشة 
على أرضية خشبية مرتفعة وذلك عام ۱۸۹۷ وكان يدعو إليها أصدقاءه ، وكان ذلك
منه دعاية حسنة للمصيف ، وكان بينهم الشيخ محمد عبده وحفني ناصف وسعد زغلول 
ولكن قلما عنى أحد بتسجيل ذكريات ذلك المصيف وطرائفه ، حيث كان الناس 
جميعاً يتركون النفوس على سجيتها ... ومما سجل أن المنشاوي باشا نزل مرة بعشة 
الحاج عثمان زاهر  — نائب سجاد السادة الرفاعية — وقد ظل يقيمها في ناحية
« اللسان » نحو اثني عشر عاماً — والتي كان يستعيرها أحيانا محافظ دمياط ، محمد 
أنور ، وهناك كتب المنشاوي وقفيته المشهورة على يد الشيخ محمد عبده .

وكان من عملوا على تحسين المصيف وأصلاحه ، باسیلي عريان ، وکان « ملتزماً » 
لمصائد الأسماك في بحيرة المنزلة وشواطىء البحر الأبيض ... فأنشأ برأس البر داراً 
للضيافة كان يدعو إليها كبار الموظفين ومشاهير المطربين في ذلك العهد ومنهم عبده 
الحامولي ، ويوسف المنيلاوي ، وعبد الحي حلمي ، وأمين بزري ، ومحمد سالم ... 
وكانت فرقهم تقيم السهرات في ذهبية علي باشا ثابت مدير الشرقية الذي كان من 
عادته الأصطياف برأس البر في ذهبية فاخرة ، ويدعو إليها أصحابه ...

ويتضح من ذلك أن رأس البر كان مصيف الأرستقراطية في القرن التاسع عشر . 
ثم تدرج إلى مصيف شعبي على مر السنين إلى أن أصبح اليوم مصيف الشعب كله 
على مختلف طبقاته ...

واستهل القرن العشرون بمشروعات مختلفة ، متفاوتة في الأهمية ، ترمي إلى 
أصلاح المصيف ... نذكر بعضها مرتبة على توالي السنين :

ففي عام ۱۹۰۱ وضعت به نقطة بوليس ثابتة لحفظ الأمن ، ولو أن المصيف 
ظل طوال حياته مضرب الأمثال في الأمن وقلة الحوادث ... وفي سنة ۱۹۰۲ 
رسمت له أول خريطة . وتقرر تأجير أرضه قطعاً صغيرة تحيط بها الشوارع بأجر 
زهيد . كما أضيئت طرقه بالفوانيس واکتریت باخرة نيلية لنقل المصطافين 
والبريد من محطة دمياط إلى رأس البر ، و بالعکس . وفي عام ۱۹۰۳ — انتدبت 
الحكومة محافظ دمياط للأشراف على المصيف ، ووضع القواعد واللوائح الرسمية 
لأستغلاله ، وكان أول محافظ ولي « رأس البر » هو محمد أنور الذي شجع أهالي
دمياط على العمل كمقاولين لبناء العشش ... وفي عام ١٩٠٤ تشكلت فرقة من 
السقائين لنقل الماء من الليل إلى العشش والفنادق ... وفي عام ١٩٠٥ وضع للمصيف 
تخطيط بسيط للعشش والفنادق ، فجعل ثلاثة صفوف ، ووضعت لكل صف أرقام 
مسلسلة تبدأ من « اللسان » كما أنشئ مکتب للتلغراف وآخر للبريد ، وعشة خاصة 
بالمحافظ ، وديوان يؤدي فيه عمله ...

وكانت التعريفة التي وضعتها الحكومة لأيجار الأرض يبلغ أقصاها جنيهاً واحداً 
للقطعة . كما كانت تكاليف أقامة العشة الكبيرة لا تزيد عن سبعة جنيهات . .

وفي سنة ۱۹۰٦ — وضعت أدارة المصيف أول ميزانية لرأس البر ، وأنارت 
المصيف بغاز الكيروسين ، وزادت إيجار القطع التي تقام عليها العشش ؛ وخصصت 
فرقا لنقل الفضلات إلى حفر بقرب بحيرة المنزلة ، كما أقامت سوقا في منتصف 
المصيف . .

وفي عام ۱۹۰۸ — أنشات على شاطىء النيل عددا من « الفناطيس » تجلب 
إليها المياه المرشحة من دمياط في بخاريات ذات خزانات ( استرنات ) ، وكان 
السقاءون ينقلون هذه المياه من ( الفناطيس ) إلى العشش ، بعد أن كانوا يجلبونها في 
براميل من عزبة البرج أو من النهر مباشرة .. وفي هذه السنة زادت صفوف العشش 
إلى خمسة . .

وكانت ( الكازینات ) لا تشيد إلا على شاطىء النيل مباشرة ، فجلت أدارة 
المصيف تشجع أصحاب الفنادق على أقامتها على شاطىء البحر الأبيض أيضا ، 
بمنحهم الأرض اللازمة بلا مقابل ، وتنافس أصحابها في أقامتها في السنة التالية حتى 
اضطرت الإدارة إلى تأجير الأرض التي تقام عليها بالمزاد العلني . .

وأخذ عدد المقاولين الذين يعهد إليهم ببناء العشش يزداد مع تضاعف الرواد 
حتى بلغ عددهم العشرة ، ثم أخذ عددهم في الازدياد حتى بلغ نحو الخمسين مقاولا .. 
وكان أول متعهد لأنشاء العشش هو مصطفى الدرس ، بعد أن كان كل مصطاف يقيم 
کوخه على حسابه وتحت أشرافه . .

وفي عام ۱۹۱۲ صنعت أبواب العشش و نوافذها من الخشب ، بعد أن كانت
تصنع من الأكياب وتفتح و تقفل بجذب الحبل . .

ومنذ عام ۱۹۱۲ اخذ شاطىء رأس البر يتآكل من الجهة الشمالية عند ( اللسان) 
بسبب مد البحر وجزره ، واتجاه سير التيارات البحرية ، واستمر هذا التآكل إلى 
عام ۱۹٣۸ حين تقرر تشييد حاجز على الساحل الشمالي لوقايته من التناقص .. فقد 
كان المصيف يمتد حتى عام ۱۹۱۲ إلى ما يقرب من الثلاثة كيلو مترات أبتداء من 
طابية الشيخ يوسف إلى اللسان ، ولكن هذا الامتداد يبلغ اليوم نحو کیلو متر 
واحد ، حتى صارت طابية الشيخ يوسف تقع الآن في منتصف المصيف . وقد كان 
لامتداد المصيف داخل البحر من قبل فوائده على المصطافين ، لابتعاد عششهم عن 
المناطق الزراعية وعن عزبة البرج مما يجعلهم في مأمن من البعوض والذباب . .

وكان من نتائج قيام الحرب العالمية الأولى ( ۱۹۱٤ – ۱۹۱۸ ) أن حرم 
الكثيرون من السفر إلى الخارج ، فاشتد الإقبال على رأس البر ، ( كما حدث مثل 
ذلك في خلال الحرب العالمية الثانية ) .

ونجم عن ذلك أدخال الكثير من التحسينات ، كما زادت حال المصيف 
الاقتصادية رواجا . . ففي سنة ۱۹۱٥ أنشئ هناك مكتب بريد منظم ، وآخر 
للتلغراف ، ينتدب إليهما بعض الموظفين من دمياط — وفي عام ۱۹۱۷ كان برأس 
البر مسرح دائم للتمثيل ، وكانت فرقتا عكاشة ، والشيخ الشامي ، تقیمان علیه حفلات 
التمثيل كل ليلة فيذهب المصطافون لسماع زکي عکاشه و تمثيل أخيه عبد الله عكاشه 
ومنولوجات محمد عبد القدوس .

ومن صور رأس البر الاجتماعية في سني الحرب العالمية الأولى وما قبلها ، 
الصورة التالية التي رسمها المرحوم سليمان نجيب ، وهي من القليل الباقي لذكريات 
هذا المصيف :
« .. وأعود إلى تلك الأيام و تقف بي الذاكرة عند رأس البر ، مصيف أصحاب 
المزاج وعشاق البهجة — صف من الذهبيات الأنيقة النظيفة على الشاطيء الجميل . . 
حيت يقيم سادة البلد وخلاصة طبقته الراقية . . لم تكن هذه الذهبيات سکناً فحسب ، 
وإنما كانت مصيفاً كاملا ، ومتعة متحركة . . كانت تأتي إلى رأس البر من القاهرة ،
وقد جهزت بكل ما تحتاج إليه حياة المصيف و ترفه . . خرين السمن وصناديق 
الشراب والحلوى والمكسرات وآلات الطرب والمغنى والتخت والجواري والخدم 
والحشم ! . . .

وفي رأس البر كانت سهرات المرحوم محمد البابلي ، ومن هذه السهرات 
خرجت أروع فكاهاته التي نرويها اليوم .

« وعرفت رأس البر في تلك الأيام أسماء ضخمة ، كانت لا ترضى عنها بديلا 
بالرفييرا كله ، كان محافظ دمياط في تلك الأيام رسمي باشا ، وكان يجتذب إليها 
الكبراء بما كان يضفيه عليها من كرمه ... كان يدعو العظماء والأدباء والموسيقيين ، 
وكان يحيي السهرات الراقصة ، وينفق عليها من ماله دعاية للمصيف .

« وأما رأس البر في النهار . . رأس البر الحمامات والبحر فأشهد الله أنها هي 
لم تتغير . . كانت السيدات يستحممن في الصباح الباكر حتى السابعة والنصف أو 
الثامنة . . وكان الرجال يستحمون بعد هذا الوقت . وفي ساعة العصر ، وكما تقول 
الأغنية ، ساعة الفسحة على رأس البر ، كنت ترى مواكب المصيفين تتريض . 
السيدات و فوق وجوههن الحجاب ، وخلفهن وأمامهن حراسهن يحمونهن من 
العيون . . عيون الرجال التي لا تستحي ! . »

وفي سني الحرب العالمية الأولى انتشرت في كل أنحاء مصر أغنية ، كان يغنيها 
الرجال والنساء والأطفال . . كما كان يغنيها العوالم ومطربات الملاهي ومطلعها :
« ياما حلى الفسحة ياعيني في رأس البر ! . . 
والفنار بينور ياليلي على موج البحر ! ۰۰»

وفي الفترة بين ۱۹۱۹ و ۱۹۲۹ عنيت إدارة المصيف بأصلاح الطريق 
الزراعي الموصل إلى رأس البر من الجهة الشرقية . وكان الطريق الوحيد قبله هو 
طريق النيل والمراكب .

وأنشأت هذه الأدارة مكاتب منظمة للصحة وللبريد وللتلغراف والتلفون،
ووسعت نقطة البوليس ومركز المطافئ ودار المحافظة . كما أنشأت صيدلية . . 
وغيرت الأنارة من غاز الكيروسين إلى ( البترومكس ) . . ومنعت أقامة عشش 
الاستجمام على ساحل البحر کی تفسح رقعة الشاطئ ، وحددت وقتاً لاستحمام 
السيدات وخصصت فرقة للانقاذ من مهرة السباحين ، وأخرى للاسعاف ... وفي عام 
۱۹۲۱ تألفت ( لجنة صحية ) لمراقبة الصحة العامة بالمصيف . وفي عام ۱۹۲٤ 
انشئت محكمة للنظر في القضايا الخاصة بالمصيف . .

وبدأت السيارات منذ سنة ۱۹۲٥ تسير في الطريق الزراعي بین دمياط ورأس البر 
على الضفة الشرقية ، فتقطع المسافة في ثلث ساعة .

وفي سنة ۱۹۲۷ شیدت منارة الجربي جنوبي رأس البر وهي ذات مصباح واحد ، 
نوره أخضر براق يرى على مسافة خمسة أميال . وهي منارة على شكل برج هرمي 
أرتفاعه ۱۲ قدما ، وليس به عمال .

وفي ۱۹۲۸ شکات هيئة من محافظ دمياط رئيساً وأعضاء مجلس دمياط البلدي 
لتنظيم شئون المصيف ، ووضع ميزانية لأيراداته ومصروفاته ، وفحص المقايسات 
والعطاءات ، ومراقبة سير الأعمال ونحوها . .

وأنشئ عام ۱۹۲۹ فوق الطابية التي تتوسطه ، خزان كبير للمياه المرشحة 
والمنقولة إليه من دمياط ، بدلا من ( الفناطيس ) الصغيرة المقامة على شاطىء النيل . 
ومدت منه أنابيب إلى معظم جهات المصيف لتوزيع المياه بالثمن من حنفيات عامة . 
وفي العام التالي بدئ في ادخال فروع من أنابيب الماء من هذا الخزان العام إلى 
العشش رأسا لمدها بالماء النقي بالعدادات . .

وفي عام ۱۹۳۰ فتح ( کوبري ) دمياط فربط بين ضفتي النيل ، وسهل الاتصال 
بالمصيف بالسيارات . .

وفي ۱۹۳۱ استؤجرت سكة حديدية صغيرة لنقل الفضلات والقمامة ليلاً إلى 
مكان يبعد عن جنوبي المصيف بنحو كيلو متر . ولنقل المتنزهين في أثناء النهار . .

وفي ۱۹۳۲ اشترت إدارة المصيف الخط السالف الذكر ، كما اشترت آلتين 
للمطافئ ...

وفي ۱۹۳۳ ، خصصت « لنشين » لنقل المصطافين بين محطة دمياط والمصيف . 
وعرضت بمسرح المصيف أفلاماً سينمائية ناطقة .

وفي ۱۹۳٦ بلغ عدد المصطافين ۱٢٦۳۰ يقيمون في ۳۸۲ عشة وسبعة فنادق .

وفي ۱۹۳۸ أقامت مصلحة المواني و المناثر رصيفاً من الأسمنت المسلح طوله ۲٥۰ 
متراً منها ۱۷۰ متراً داخلة في مياه البحر و ۷٥ متراً فوق الرمال ، وعرضه متران 
ونصف متر ، وذلك لوقاية الساحل الشمالي من التآكل المستمر عاماً بعد عام .

ولما شبت الحرب العالمية الثانية عام ۱۹۳۹ واستهدفت الأسكندرية وبعض 
المدن الأخرى للغارات الجوية ، وامتنع على الناس مبارحة البلاد إلى المصايف 
الخارجية، ازدحم رأس البر بمختلف الطبقات ، وانتقل العمران إلى الضفة الشرقية 
أيضاً المواجهة للمصيف ...

وكانت هناك فكرة قديمة تقول بأنشاء مدينة ثابتة في رأس البر لاتزول بانقضاء 
الصيف . وكانت بعض الشركات الأوربية عرضت استعدادها للاضطلاع بهذا العمل ، 
على أن يسبق هذا المشروع ، أقامة حاجز حجري عند ( اللسان ) يمتد في البحر 
لحمايته من التآكل ، وأنشاء أفريز و ( کورنیش ) على شاطىء البحر الأبيض على 
طول المصيف . فيحمي هذا الأفرير المصيف لا سيما في الشتاء من غارة الأمواج .. 
ولكن هذا المشروع لم يتم ..

وفي عام ١٩٤٤ وضع مشروع جديد لتخطيط رأس البر بحيث يكون مدينة ثابتة ، 
تباع فيها الأراضي قطعاً صغيرة لأنشاء « فيلات كبيرة » ومتوسطة وصغيرة ، على أن 
تخصص بها منطقة لأقامة عمارات للسكن ذات طباق ، وألحق بهذا المشروع تخطيط
جدید آخر على نظام العشة لتعذر أقامة المباني مرة واحدة ، غير أن هيئة مجلس دمياط 
البلدي لم توافق على هذا المشروع ورأت العدول عنه لما فيه من نظام الاحتكار . 

ثم اقترح محافظ دمياط تأليف لجنة من المصطافين للنظر في تخطيط المصيف وتجميله . 
فرأت اللجنة أن التخطيط القديم هو الوضع الذي يناسب رأس البر ، ووافقت هيئة 
المجلس البلدي على هذا الرأي ، وأرسلت القرار إلى « اللجنة العامة لتحسين المصايف »

ولكن في فبراير ١٩٤٦ اجتمعت تلك اللجنة وقررت تنفيذ هذا المشروع الذي 
يجعل من المصيف مدينة ثابتة . ونص هذا التخطيط الجديد على أقامة ۱۳ فندقاً بدلا
من ٢٤ وعلى ألا يسمح بأنشاء فنادق في الشوارع الواقعة خلف الشارع المحاذي للنيل 
ولا بوجود داكاكين على النيل ووضعها في جهة الطابية ، ونقل السوق العامة قريبة 
من شارع المحافظة ... ولكن بتنفيذ هذا المشروع ، يتحتم على أصحاب الفنادق 
والدكاكين أن يهدموا جميع المباني التي أقاموها في الأعوام السابقة ...

ولم ينفذ مشروع المدينة الثابتة برأس البر إلى اليوم ، ولو أنه يسير بطيئا على 
الضفة الشرقية حيث شيدت أبنية كثيرة ، وحيث لا تتعرض هذه الضفة لمد البحر 
وتآكل الشاطىء ...

والمعارضون لفكرة المدينة الثابتة، يرون في رأس البر ، مصيف الحياة البسيطة 
الطبيعية الهادئة ، الخالية من التكلف والتقيد وضجيج الحضارة وآلاتها .. بينما يرى 
المؤيدون أن الطريقة البدائية التي يحتفظ بها هذا المصيف منذ وجد ، لم تعد تتمشى 
مع مقتضيات العصر الحديث ، ولا مع سنة التقدم العمراني السريع . وأن هذه 
الحياة الفطرية التي كان يعيشها المصطافون القدماء لم تعد تناسب خمسين ألفا من رواد 
المصيف على مختلف طبقاتهم وطباعهم ...

وثمت مشروع هام آخر هو وصل رأس البر بدمياط بخط حديدي طوله نحو 14
١٤ كم، وهذا يعني وصله مباشرة بالقاهرة ... وسوف يحاذي هذا الخط شارع معبد 
مرصوف يمتد على الضفة الغربية كما يمتد على الضفة الشرقية فيما بين دمياط ورأس البر .

ولما أنشئ في يناير ١٩٤٦: « مجلس السياحة والمصايف والمشاتي » واعتمد 
له مبلغ ٤۸۰ ألف جنيه لانفاقها على تحسين المصايف المصرية في مدى ثلاث سنوات، 
أختص رأس البر منها بمبلغ ١۷۰ ألفاً .. ثم خرجت فكرة أصلاح رأس البر 
تدريجياً في مدى خمس سنوات . تمتد فيها أنابيب الماء النقي ، وينتهي مشروع المجاري، 
وتضاء العشش والشوارع جميعا بالكهرباء ، ويرصف الطريق الغربي ، وغيرها . . 
وقد تم معظم هذه المشروعات وأنير المصيف بالكهرباء ومد بالماء، ولم تزل هناك 
اصلاحات كثيرة .. ولم يزل الطريقان الشرقي والغربي في حاجة إلى الأصلاح والتعبيد ..

وفي أغسطس ١٩٤٦ احتفل بافتتاح مسجد رأس البر بعد أن جمعت له التبرعات 
من الأفراد والهيئات .

وظل رأس البر جزءاً من دمياط جغرافياً و أداريا . . وكانت القرارات 
والمراسيم تصدر بأختصاص المجلس البلدي بدمياط بأدارة المصيف ، وتوزيع أراضيه 
وعششه على مستأجريها من المصطافين . . ثم أصدرت وزارة التجارة والصناعة في 
أبريل ٤ قراراً وزارياً بتشكيل لجنة فرعية دائمة يطلق عليها أسم « لجنة مصيف 
رأس البر » ... وكان هذا القرار خاصاً بمصيف رأس البر دون غيره من المصايف . 

وكانت تلك اللجنة تيألف من محافظ دمياط رئيساً ، ووكيل مصلحة السياحة ، ومندوب 
من وزارة الصحة ، ومندوب عن إدارة البلديات ، وعضو ينتدبه مجلس السياحة 
والمشاتي ، و أثنين من أعيان دمياط بصفة أصلية ، وأثنين بصفة أحتياطية . على أن 
تجتمع هذه اللجنة مرة على الأقل كل شهر بدعوة من رئيسها ، لوضع خريطة تخطيط 
المصيف و اقتراح النظام الواجب الأتباع لادارة المصيف و تقرير المشروعات و توزیع 
الأرض والعشش .

ورأى الدمياطيون في قرار وزارة التجارة هذا ، ما يؤدي إلى تنازع الاختصاص. 
فأن مجلس دمياط البلدي هو الذي تسلم أرض المصيف من مصلحة الأملاك ، وأن 
المختص بتخطيط المدن هو أدارة البلديات . هذا إلى تعقيد الأجراءات بدلا من 
تبسيطها .. ورأى الدمياطيون وجوب أدماج المصيف ببلدية دمياط طبقا لقرار 
وزارة الصحة عام ۱۹٣۸ ، وأنه ليست هناك علاقة قانونية بين مجلس دمیاط ووزارة 
التجارة ، فبلدية دمياط هي أولى الهيئات بأدارة المصيف لأنها عاصرته منذ وجد ، 
وأكسبتها أدارته طوال تلك السنين خبرة خاصة ، ولأن دمياط تربطها برأس البر 
مصالح كثيرة ، ومن الممكن أن تمد الحكومة البلدية بالمال اللازم بدلا من أن تمدها 
لجنة المصايف .

وفي ۲۸ ديسمبر ١٩٤٧ أصدر وزير الصحة قراراً بفصل مصيف راس البر عن 
دائرة اختصاص مجلس بلدي دمياط ، وذلك بعد أن تعهدت وزارة التجارة بتدبير 
المال الذي قد يحتاج إليه المصيف ، وكان الغرض من هذا القرار خدمة وزارة التجارة
في القضية التي رفعها أعضاء مجلس دمياط البلدي أمام مجلس الدولة مطالبين بإلغاء 
القرار وتطبيق القانون رقم ١٤٤ لسنة ١٩٤٥ الذي أعطى المجالس حق إدارة 
المصايف .

وكان التطور يسير في مجراه الطبيعي . ففي عام ۱۹٤۷ زاد عدد العشش من 
خمسمائة إلى ۷٥۰ عشة ورفضت طلبات ۳۰۰ لعدم وجود أرض فضاء . ولذلك 
اشترت بلدية دمياط من مصلحة الأملاك ..٤ فدان في المنطقة التي بها المطار ، کی تمهد 
وتشيد عليها عشش جديدة . . ورصفت بالأسفلت خمسة عشر شارعا وكان بالمصيف 
شارعان أثنان معبدان بالأسفلت ، ثم حددت الأسعار في الفنادق و المطاعم وخاطب 
مجلس دمیاط ، شركة مصر للطيران في شأن أنشاء مطار برأس البر ، و تنظیم خط 
جوي بينه وبين القاهرة ، ولم ينفذ هذا المشروع الأخير ..

وفي فبراير ۱۹٤۸ — اجتمعت لجنة إدارة رأس البر ، برئاسة محافظ دمياط 
في مصلحة السياحة بوزارة التجارة ، وقررت زيادة أرقام العشش ، وجعلها جميعا 
مرتفعة من الأرض وخاضعة للشروط الصحية ، وزيادة المبلغ المخصص للأنارة 
الكهربية و لعملية المجاري ، ومنح إعانة سنوية لأصحاب السينما والمسرح ، وعمل 
دلیل لرأس البر .

وفي العام التالي ألغي نظام التروللي واستبدل بقطارين من قطر العرض الصغيرة .
وعرض موضوع إمداد رأس البر بأنابيب المياه عن طريق السنانية الغربي ، 
وموضوع مكافحة الذباب والبعوض .

وفي ذلك العام ، وقد انتهت الحرب العالمية الثانية ، فقد عادت منافسة المصايف 
الأوربية ، ولبنان وجزر البحر الأبيض ، لمصيف رأس البر ، فهجره إليها الألوف 
ممن اعتادوا إرتياده في سني الحرب وما قبلها ... وبدت الحاجة إلى الدعاية 
بمختلف الوسائل ...

وكان المنتظر أن تتم وقتئذ الأنارة الكهربية جميع المصيف لا سيما وقد اشتريت 
الآلات اللازمة لذلك ، وكذلك الاصلاحات الأخرى . ولكن كان التنفيذ بطيئاً .

ومع ذلك فقد أقبل الشعب على هذا المصيف حتى بلغ عدد المصطافين والزائرين
في صيف ١٩٤۹ خمسة وأربعين ألفاً .

وفي عام ۱۹٥۰ شقت بالمصيف طرق جديدة متسعة طولا وعرضا ، وأعدت 
عربات خاصة لتيسير الانتقال ، و نفذ مشروع المجاري ، و مهد معظم الطريق الغربي ، 
ومدت شبكة جديدة من أنابيب المياه إلى المنطقة الجنوبية للمصيف ، و أنشئت وحدة 
جديدة للمطافي ، وصيدليتان جديدتان ...

حتى إذا ما حل عام ۱۹٥۲ و بدأ عهد الثورة والأصلاح ، كان رواد هذا 
المصيف ما زالوا يطالبون باصلاحه ، ومما رغبوا فيه :
ا — أن تؤسس شركة وطنية مساهمة تسير على قواعد و نظم موضوعة 
تأخذ على عاتقها أقامة العشش والمحال العامة ، فلا يترك الأمر لتحكم بعض المقاولين.
۲ — ألا تترك مسألة مياه الشرب تجري على أساليب قديمة بل تمد أنابيب 
الماء من البر الشرقي إلى المصيف تحت النيل .
٣ — اتمام تعبيد الطريقين الشرقي والغربي على جانبي النيل وتوسيعهما 
٤ — مد الخط الحديدي من دمياط إلى رأس البر 
٥ — تنظيم الأسعار ومراقبتها في كل المصيف 
٦ — القضاء التام على الذباب والبعوض وأسباب انتشارها 
۷ — مكافحة الضجيج ، والعمل على نشر الهدوء في أرجاء المصيف 
۸ — الأكثار من عمال الأنقاذ ووضع علامات كثيرة في البحر ، وشراء 
قوارب للنجاة . 
٩ — تحدید رکاب قوارب المعدية والنزهة . 
۱۰ — الدعاية للمصيف بشتى الوسائل و بينها السينما . 
۱۱— أنشاء مسرح للبلدية ، متسع أنيق ، تؤجره للفرق المشهورة.
۱۲ — العناية بالقطر الحديدية المؤدية إلى دمياط حتى تقطع المسافة بين القاهرة
ودمياط في وقت قصير وسفر مريح .

ولقد دخل رأس البر ، كما دخلت دمياط في عهد جديد من النهضة ، ولسوف 
يكون لهذا المصيف نصيب وافر من التجميل والتحسين والأصلاح . .

وتدل الشواهد أن هذا المصيف ستتسع رقعته ، وسيمتد نحو الجنوب وعلى 
الضفة الشرقية حيث تنشأ هناك مدينة ثابتة .

ولما كانت هناك مصايف كثيرة في الاقليمين الشمالي والجنوبي من الجمهورية 
العربية المتحدة ، غير المصايف الأجنبية الوافرة ، فسيظل رأس البر في حاجة إلى 
الدعاية والتشويق والتعريف .

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 499 حتى 517. 

📗 طالع أيضا:

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - ضواحي دمياط - عزبة البرج

عزبة البرج بدمياط
عزبة البرج بدمياط


٤ — عزبة البرج 
قرية قديمة العهد شمالي دمیاط ، على الضفة الشرقية للنيل بين دمياط ورأس البر . 
وفي شرقها على مسافة قريبة ترى بحيرة المنزلة .

وكانت بها أبراج حصينة اشتهرت في الحروب الصليبية التي اجتاحت دمياط . ثم 
خربت في العصور الحديثة .

وأحصى رجال حملة نابليون سكان العزبة بنحو ۲٥۰ نسمة . ويبلغ عددهم اليوم 
نحو عشرين ألفا . . وحولها ألف فدان من الأرض المنزرعة . ويحترف أهلها الزراعة ، 
وصيد الأسماك . ويعد شهر أغسطس وسبتمبر موسماً لصيد السردين خاصة ، 
تخرج السفينة بملاحها و « ريسها » لمدة أسبوع أو أكثر، ثم تعود محملة بالسردين. 

وفي نهاية الموسم تخصم النفقات والعوايد ، ويكون نصف الأيراد للمركب والنصف 
الآخر للصيادين . ركان ربح صيادي المركب يتراوح في بعض السنوات ما بين مائة 
ومائتي جنيه في الموسم . وكان يهبط أخيراً إلى ثلاثين جنيها . ولما أستخدمت الآلات 
الحديثة في الصيد من البحر ، زادت كميات السردين وتکدست على الشاطئ لحاجتها 
إلى أسواق لتصريف الأنتاج . ولهذا سوف ينشأ في القريب مصنع لتعليب السردين 
هناك في عزبة البرج . .

وتشتغل المرأة في هذه العزبة بصنع غزل الصيد لحساب المقاولين الذين يقدمون 
الخيوط ، ويحاسبونها على غزل الأقة بنحو خمسة عشر قرشا . كما يشتغل بعض النساء 
في حياكة الملابس .

وكانت عزبة البرج قبل عهد الثورة مهملة ، وكان أهلها يطالبون دائما بأنشاء 
مصنع لتعليب السردين ، وأصلاح ما حولهم من الأراضي البور ، وتجفيف البرك 
والمستنقعات المتخلفة عن بحيرة المنزلة وغير ذلك من الأصلاحات ... وقد بدأت تمتد 
إليهم يد الأصلاح والتعمير، فأنشئت هناك مدرسة عزبة البرج الأعدادية الأميرية ، 
ومدرسة أبتدائية للبنات وأخرى للبنين . وستقوم هناك قريبا مدرسة فنية ، كما
أن من المشروعات القادمة نقل مباني جمرك دمياط إلى عزبة البرج ، وانشاء مجلس
بلدي بها .. و أصلاح طرقها و « کرنيشها » وأنارتها بالكهرباء ... 

وتصل إليها ترعة الشرقاوية التي تتفرع هناك إلى فرعين ، فرع يصب في بحيرة المنزلة، 
والآخر في النيل .

وتشتهر هذه العزبة إلى جانب ذكرياتها التاريخية الحافلة سواء في المعارك الصليبة 
أم في عهد الحملة الفرنسية ، بأسماكها وطيورها ، وهناك من يذهب إليها لصيد 
السماني والحمام القمري .

وكانت وزارة الشئون الأجتماعية قد أنشأت بها عام ۱۹٤۸ حمامات شعبية 
وحنفيات للماء النقي ولكن يد الأهمال ما لبثت وقتذاك أن أغلقتها !

ويبدو أن مشروعات التصنيع ستجعل من هذه الضاحية القديمة منطقة صناعية 
هامة ، لاسيما بعد أنشاء مصنع السردين السالف الذكر وقد وضع اليوم أساسه ...

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، صفحتي 497، 498. 

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - ضواحي دمياط - كفر سعد

٣ — كفر سعد 
تكونت مديرية دمياط الجديدة عام ١٩٥٤ من ثلاثة مراكز . وهي مرکز 
دمياط ، و مرکز فارسكور ، ومركز كفر سعد ، وأهم بلاد المركز الأخير هي :
كفر البطيخ والسنانية وكفر سليمان وکفور الغاب وكفر التبن ، وكفر شحاته ، 
وكفر الرابعين والكفر الوسطاني ، وكفر المنازلة والركايبة ثم كفر سعد البلد ؛ 

وهذا الأخير أهمها ويبعد عن دمياط ١٥ کیلو متراً وكانت إلى عهد قريب أرضاً 
تغطيها المستنقعات وكان بعضها من الأرض البور ، ومنذ عام ۱۹۳۲ أخذت مصلحة 
الأملاك تهتم بهذه الناحية، وذلك بردم البرك وإستصلاح الأرض البور ، ثم قسمتها 
إلى تفتيشين مساحتهما حوالي أربعة عشر ألف فدان . وكان كل تفتيش يتبعه عدد 
من القرى ، ووزعت الحكومة زمام بعض قرى التفتيش الثاني على خريجي مدارس 
الزراعة ، ثم باعت ثلاثة آلاف فدان زراعية إلى ستمائة أسرة من صغار الزراع ، 

لكل أسرة خمسة أفدنة ، ومسكن وإعانة مالية لشراء الماشية والبذور ، على أن يظل 
المالك مستأجراً لها حتى يسدد أقساط الثمن ، ثم شيد هناك مسجد وقاعة للاجتماعات، 
ومدرسة ريفية، ومغاسل شعبية ودكاكين ، وبلغت تكاليف هذه المنشآت حوالي 
ثلثمائة ألف جنيه . وكان ذلك عام ١٩٤٨ . ولكن سياسة الاكثار من الملكية الزراعية 
الصغيرة التي أرادتها حكومات العهد البائد كانت تشوبها دائما الأغراض والارتجال . . . 
وفي عام ١٩٥٤ تم أنشاء الطريق بين كفرسود ودمياط وطوله نحو عشرين كيلومترا 
واستغرق أنشاؤه ما يقرب من ١٥ شهراً وتكلف ١٤٠ ألفاً من الجنيهات .

ولما أنشئ مركز كفر سعد اتضح أنه ليست له مقومات المركز ، ولم يزل يعوزه 
مستشفى ومحكمة ومدارس ومكتب للتموين ومکتب لهندسة الري وللزراعة ، و کوبري 
يصل بينه و بين مرکز فارسكور . وغير ذلك من الضروريات . . ولهذا وقع عبء
الاصلاح اليوم ، على كاهل حكومة العهد الجديد . . ويتبع كفر سعد مصيف جمسة الذي 
يبعد نحو ۱۲ کیلو مترا عن كفر سعد .

وتدل البشائر اليوم على أن هذا المركز سوف يزحف إليه العمران ، ويدب فيه 
نشاط اقتصادی يجدد معالمه . . .

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، صفحة 496. 

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - ضواحي دمياط - شطا

قرية شطا
قرية شطا


۲ — شطا
تبعد قرية الشيخ شطا عن دمياط نحو خمسة كيلو مترات وتعد أحدى ضواحي المدينة
وكانت هذه القرية حتى أواخر العصر الفاطمي مدينة عامرة تشتهر بمنسوجاتها الشطوية ، 
وقد تدهورت في عصور المماليك والترك حتى كادت تمحى من الوجود ولم تستطع بعد 
أن تنهض من كبوتها ، و لعلها كما سلف القول لم تمح كلية كما محيت شقيقاتها تنیس و تونه و دبیق، 
وغيرها من جزر المنزلة المشهورة لسبب واحد هو وجود ضريح الشيخ شطا ، الذي 
ظل الناس منذ أن استشهد في الفتح العربي عام ٦٤٢ م يفدون من كل فج لزيارته ، 
لا سيما في ليلة النصف من شعبان ... فكان هذا الموسم السنوي خاصة يجدد الحياة في
هذه القرية الملتفة حول شيخها ...

وقد تناقل أكثر المؤرخين خطأ شائعا هو أن أسم هذه البلدة منسوب إلى شطا 
ابن الهاموك خال المقوقس وحاكم دمیاط في الفتح العربي ... ذكر ذلك عدد من كتاب 
القرن التاسع والعاشر للميلاد وتبعهم المقريزي وغيره. ولكن المعروف أن مدينة شطا 
كانت عامرة منذ العهد الروماني أو ما قبله . وكانت تسمى بالقبطية « ساتا » وكان أهلها 
من القبط حتى القرن العاشر وما بعده ... وذكرها بعض المؤلفين الأغريق في کتب 
مؤلفة قبل الفتح العربي لمصر ، وقالوا أنها كانت أسقفية من أبروشيات مصر . وورد 
في المخطوطات القبطية القديمة أن أسقفية شطا كانت في أحدى العصور کرسي دمیاط 
ثم اندمجت فيها . كما أنها كانت معروفة منذ العهد الأغريقي بدقة منسوجاتها .

والأرجح أن شطا خربت في القرن الثالث عشر مع أخواتها تنيس ( التي خربت 
عام ۱۲۲۷ م ) ودمياط ( ۱۲٥۰ م ) وسائر مدن المنزلة . فأن ابن دقماق المتوفى عام 
١٤٠٦ م يقول عن هذه المدن : « .. و تنیس و بحيرتها ، أبوان ، تونه ، سلوهة ، 
سمناوه ، بهرمس ، برمابه ، بوره ، مناها ، شطا ، بشفا ، دبقو ( دبیق) عبرتها 
قديماً خمسة آلاف دينار . وهي الآن خراب دائر داخل البحيرة » .

وكذلك يقول السيوطي ( ١٤٥٥ — ۱٥۰٥م ) في « حسن المحاضرة » :
« تنيس خریت ، وشطا خربت ، وبوره خربت ... وهذا كله كلام صاحب مباهج الفكر 
في أقليم مصر وكوره » .

ولم يذكر المقريزي شيئا عن خرائب قرية شطا عندما زارها في النصف الأول 
من القرن الخامس عشر ولم يهتم إلا بمسجدها والمناظر الطبيعية التي حوله ...

أما في العصور الحديثة فنجد اسم ناحية الشيخ شطا في قائمة نواحي وقرى 
مديرية دمياط

وكان عدد سكان قرية شطا في أحصاء ۱۹۳۷ هو ١٠٤٤ نسمة ويبلغون اليوم 
نحو الألفين . وكلهم مسلمون ، ويعيشون كأسرة واحدة متصاهرة . ويشتغل ثلثهم 
بصيد الأسماك من البحيرة أو بالزراعة .

ويصف علي مبارك ذلك المكان بقوله : وبقعته مشهورة بطيب الهواء واعتداله 
لذا يتردد إليها الناس دائماً لتغيير الهواء والتماس الصحة ، وهناك محلات تابعة 
للجامع ، لنزول الواردين للزيارة ، ولتغيير الهواء .. » — ومن الميسور أن يقوم 
هناك مصيف لطلاب الهدوء والرياضة والصيد ، كما كانت الحال منذ نصف قرن ، 
لاسيما بعد تعبيد الطريق بين دمياط وشطا . .

ويتوقع البعض العثور على قليل أو كثير من الآثار القديمة ، وبقايا الحروب 
الصليبية ، في أرض تلك القرية إذا ما قام العلماء بحفريات واسعة في تلك الناحية . . .

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، صفحتي 494 و 495. 

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - ضواحي دمياط - غيط النصارى

غيط النصارى - مصلحة الأسماك
غيط النصارى - مصلحة الأسماك


ضواحي دمياط
ا — غيط النصارى 

ضاحية على بعد كيلومترين من دمياط ... وهي ميناء دمياط على بحيرة المنزلة ...
يمكن الوصول إليها من دمياط على الأقدام أو بالعربات ، في طريق ريفي غرست على 
جانبيه الأشجار ، ويحلو فيه التنزه في أمسيات الصيف ... ويبدأ هذا الطريق من 
« باب الحرس » — أحد أحياء دمياط — وينتهي عند شاطىء البحيرة .. وكان 
« باب الحرس » هذا أحد أبواب المدينة يوم كان لها أسوار ذات حصون وأبواب ، 
ثم هدمت جميعاً وذهب حراسها ... وقد طال العهد على تعبيد هذا الطريق فأمسى في 
حاجة إلى تجديد ... وتصادفك في مسيرك بعض الحدائق الخاصة التي تغنى الرحالة 
بفاكهتها وعطورها في القرنين السالفين . وبعض الفيلات والأكواخ والسواقي . 

وتتكشف الأرض أمامك أحيانا فتبدو في الأفق أجراش النخيل ومساحات الحقول 
وكانت بركاً ثم جففت وزرعت بالخضر ... فأذا مضت نصف ساعة منذ بدء 
المسير ، رأيت أمامك بحيرة المنزلة ، هاجعة كعهدها منذ أجيال ، ترسو على شواطئها 
المراكب والقوارب ، كما تتنقل على صفحتها عشرات السفن ذات الشرع البيضاء ، 
تذكرك بما كتبه بلدانيو القرن العاشر الميلادي عن مراکبها و أسماكها وطيورها 
وجزرها ومدنها القديمة ، ومناسجها الذائعة الصيت ...

ولقد سميت هذه الناحية بغيط النصارى منذ أن أخذ بعض أهالي دمياط 
المسيحيين في القرنين الأخيرين يشترون مساحات من الأرض هناك لزرعها وسكنها .
وكان عدد سكان غيط النصاری ۲۹۳٤ نسمة في أحصاء ۱۹۳۷ ووصل اليوم 
إلى نحو أربعة آلاف ... ولم يكن بها مدرسة إلا منذ عهد قريب .

وهذا المكان هو منفذ تجارة دمياط عبر بحيرة المنزلة ولاسيما إلى بورسعيد 
والمطرية ، وهي محطة ملاحية يبدأ عندها خط الملاحة البخارية الذي يصل دمياط 
ببورسعيد شمالا و بالمطرية جنوباً ، وبدأ هذا الخط المنظم منذ عام ۱۹۰٥ وكانت 
تحتكره شركة الملاحة الأنجليزية للبحيرة ، وتسير به بخاريات صغيرة « لنشات » تحمل 
المسافرين في قناة أكثر عمقاً من سائر أنحاء البحيرة الضحلة ...

وبغيط النصارى أحدى حلقات الأسماك الكبيرة على البحيرة .. وتوجد الحلقات 
الأخرى بشطا والمطرية والقابوطي والكاب والروضة والجمالية والعزيزية وعزبة 
البرج ... ويباع في حلقة غيط النصارى كما في سائر الحلقات ، سمك البلطي ، والشبار ، 
والبوري بأنواعه من طوبار وجران ، وتعد هناك للتصدير في أقفاص من الجريد 
بعد أن يوضع فوقها الثلج . وأما الأسماك التي يفوتها التصدير اليومي ، فتجمع في أكوام 
عليها طبقات من الملح ، وتباع بالقنطار إلى تجار الفسيح .

وثمت « مصلحة لمصائد الأسماك » تشرف على حركة الصيد . وهي أهم « ماموریات » 
قسم مصائد المنزلة ... ويوجد مركز قسم المصائد بالمطرية و تتبعه مأموریتا غيط 
النصارى والقابوطي ، ونقط العنانية ، والبسارطة ، والرطمة ، والكاب ، والجميل 
والبلاطة ، وأم الريش ، وملاحة البلاسي ... وكلها من ضواحي دمياط ... وتوزع 
قوات خفر السواحل على هذه النقط ، ولكل وحدة منطقة حراسة في دائرة اختصاصها .
ويقع مبنى خفر السواحل والمصائد على شاطي البحيرة بغيط النصارى ، وبجواره 
مسجد حديث ، ومرسى للسفن والقوارب .

و مما يذكر أنه كان لمصلحة مصائد الأسماك بخيط النصارى في القرن التاسع عشر 
أهمية بالغة ، إذ كانت مصدر دخل عظيم للحكومة . ولهذا كانت تعين لها المحظوظين 
من رجال الخديو ومنهم اسماعیلون بك ، وكان رجلا نمسويا عظيم النفوذ لافي مصلحته 
أو في دمياط فقط ولكن في دوائر الحكومة جميعا ، ثم عين بعده محمد باشا كامل ... 
وكانت هناك ذهبيات يستقلها كبار الموظفين في رحلاتهم التفتيشية و نزهاتهم فوق 
البحيرة ، وكان الصيادون يقدمون إلى ركاب الذهبيات الأسماك الحية والطيور المختلفة 
الأنواع ... ولم تزل هذه الناحية ذات حركة متصلة ، سواء في تجارة الأسماك ، أم في 
نقل الناس والبضاعة عبر البحيرة ، أم في أصلاح المراكب الشراعية وبنائها ..

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، صفحتي 492 و 493. 

الاسطول الفرنسي في أبو قير

رئيس الدّونانمه المصريّه محمد سعيد باشا
رئيس الدّونانمه المصريّه محمد سعيد باشا



ملاحظات تاريخية عن أحوال الخلافة العامة وشؤون مصر الخاصة سنة ۱۲٦٥ هـ

في ۲۷ شوال سنة ۱۲٦٥ إرادة لمدير ديوان البحر :
التمس منا شخص يدعی حاجي نيقولا بعريضة أن تصرح له حكومتنا بالبحث عن الأسطول الفرنسي السابق غرقه أمام 
قلعة أبي قير في العصور السالفة لاستخراج المدافع والقطع الرصاصية والمعدنية وسائر الأصناف ذات القيمة وهذا  الشخص 
هو من ذوي المعرفة والمهارة وعنده إلمام تام بهذه الأمور فضلا عن أنه لا يطلب من حكومتنا أدنى معاونة وسيتبرع بنصف 
الأشياء المستخرجة لجهة الميرى فهذا الطلب وجيه وموافق لمصلحة الحكومة ولذلك رأينا إجابة طلبه فيلزم أن تصدروا له 
الرخصة اللازمة وتعنوا بدقة تامة بقسمة الأشياء التي تستخرج من هذا الموقع كما هو مذكور في الطلب وسمعت أن بعض 
أشخاص يتجرءون على إخراج أشياء من الموقع المذكور بدون رخصة فمن هم هؤلاء الأشخاص وبرخصة من يستخرجون 
الأشياء و يوالون البحث؟ فيلزم أن تجروا تحقيقا دقيقا وتعرضوا النتيجة علينا وقد حررنا هذا لكم للعمل بموجبه .
(ترجمة صفحة 19 من الدفتر الثالث) 

في 15 ذي القعدة سنة ۱۲٦٥ إرادة لحضرة صاحب الدولة الأمير محمد سعيد باشا :
* اطلعت على كتابك المفصل والمؤرّخ في 15 ذي القعدة سنة ۱۲٦٥ وعلمت مآله حرفيا ففي قصر الحصوة * 
* ( العباسية ) رغما من اعتلال صحتي يومئذ في أثناء المحاورة التي دارت بيني و بين دولتكم بخصوص هذه المادة كما * 
* أتذكر بینت لذاتكم العلية كم عدد من السفائن يلزم أن تبقى مهيأة للعمل وكم منها يقتضي ربطه وتعطيله ومن * 
* جملة ذلك أفهمتكم صعوبة تمرين العساكر للخدمة البحرية وقالت إن العساكر والضباط البحرية الزائدين عن اللزوم * 
* من السفن التي يجري ربطها وتعطيلها يوزعون على السفن التجارية تبعا للأصول المتبعة في انكلتره ليبقوا محافظين * 
* على تمرينهم واستعدادهم وإذا اقتضى الحال إرسال سفن لطرف دولتنا العلية فتجمع هذه العمال والضباط المتعلمون * 
* ويضم اليهم مقدار ما يلزم من العساكر الجديدة و يرتبون في السفن التي يصير تجهيزها وترسل في الحال وحسبما * 
* ورد في تقريركم أيضا السماح للطاعنين في السن وأصحاب العاهات المنظور بلوغ عددهم الألفين يسمح لهم * 
* بالانفصال من الخدمة وكل ذلك حصل وقررناه في أثناء المذاكرة السالفة الذكر بناء عليه كما تكلمنا واتفقنا في ذلك * 
* الوقت تبذلوا همتكم با بقاء السفن المعلومة المقدار والبقية يصير ربطها وتعطيلها وحيث أن صاحب العطوفة داعيكم *
* شريف باشا سيصل إلى طرفكم بعد أيام قليلة فالمأمول أن تتذاكروا معه وكما يتراءى لكم تقرّرون الضباط والعساكر * 
* البحرية الزائدين عن اللزوم وتوزعونهم على السفن التجارية عملا بقرارنا السابق أو إذا كان يلوح لكم حل أحسن * 
* وأوفق من ذلك فقوموا بإجرائه والعساكر الطاعنون في السن وأصحاب العاهات البالغ عددهم الألفين يجب أن تجروا * 
إخلاء سبيلهم . ولبذل فائق همتكم العلية قد حررنا لدولتكم ذلك لاتباعه . (ترجمة من الدفتر الثالث صفحة ۳۱) *

في ٥ ذي الحجة سنة ۱۲٦٥ إرادة لمدير المدارس : 
* حيث انه اقتضى نقل تلاميذ مدرسة الألسن المتصلة بقصر خالتنا صاحبة العفة الكائنة بقسم الأزبكية الى *
* جهة أخرى وحيث إن تلاميذ كثيرين تخرجوا من المدارس فهل الأفضل نقل تلاميذ مدرسة الألسن المذكورة إلى * 
* المدرسة الكائنة بجوار حضرة السيدة زينب أو نقلهم الى جهة أخرى ؟ فما ترونه مناسبا بادروا باجرائه وقد تحرر لكم هذا . *
(ترجمة صفحة 50 من الدفتر الثالث )

المصدر: المجلد الأول من الجزء الثالث من تقويم النيل و أسماء من تولوا أمر مصر و مدة حكمهم عليها و ملاحظات تاريخية عن أحوال الخلافة العامة و شؤون مصر الخاصة عن المدة من غضون سنة 1264 - 27 رجب سنة 1279 هجرية (1848 - 1863 ميلادية) لواضعه أمين سامي باشا. القاهرة مطبعة دار الكتب المصرية 1355 ه - 1936 م (رابط).

الاثنين، 28 ديسمبر 2020

رأس البر من ديوان محمد حمدي النشار



﴿ وکنا ذات ليلة برأس البر فقلت اصف ما قاسينا من التعب ﴾ 

تبا لليلتنا برأس البر اذ                   سوء الحظوظ بها علينا أنعما 
والبدر يضحك السماء كأنه             خصم رأى أحزاننا فتبسما 
والموج شاهد حالنا فرثى لنا           وبکی وهاج لاجلنا وتألما 
والأفق قص على النسيم حكاية     عنا فأسرع نحونا وترحما 
والسهد قال انا الشفوق عليكمو    منه فكان لكل عين توأما

المصدر: ثمرات الأفكار ديوان الأديب الفاضل محمد أفندي حمدي النشار، الطبعة الأولى سنة 1310 (رابط).

وصف رأس البر من عام 1895



رأس البر 

لقد تنفَّس كُرْبنا وزال ما كنَّا نلاقيهِ من المضض كما اقبل الصيف بهجيرهِ ولم نرَ لنا 
ولاولادنا منهُ مهربًا الاَّ في ربى لبنان او جبال سويسرا حيث الشُقة طويلة والبعد عن
الاعمال ليس من الهنات الهينات . فقد وجدنا من رأْس البر مصيفًا طيب الهواء قليل 
الحر يكتفي بهِ من يشبع من المرق اذا فاتهُ اللحم . ولم نرَ حتى الآن مكانًا اطيب منهُ هواءً 
في هذا القطر لانهُ رمال جرداءُ بين بحر الروم وفرع دمياط تهبُّ عليها الرياح الغربيِّه 
مدى النهار فتلطف حر الشمس وهجير الظهيرة . ولياليها باردة الهواء ايضًا خلافًا لغيرها 
من الاراضي اَلَّتِي يحيط بها الماءُ

ويخال للمرء حين يراها اول مرة انها خالية من كل ما تقرُّ به العين ويرتاح لهُ 
الخاطر لانها رمال جرداءُ لا نبات فيها ولا حيوان غير قليل من العظايات والحشرات 

لكن من يحب الطبيعة ويقدِّر اعمال الانسان قدرها يری فيها كثيرًا ممَّا لا يخلو النظر 
اليهِ من لذة وفائدة . فالى الشرق منها منارة دمياط احدى منائر القطر المصري اَلَّتِي 
تهتدي بها السفن في بحر الروم وهي انبوب كبير تظنهُ عن بعد جزع نخلة خُضب 
بالبياض والسواد وربط بثلاثة جبال في ثلاث جهات لكي لا تعبث بهِ الرياح فاذا 
دنوت منهُ وجدتهُ برجًا شاهقًا من الحديد ارتفاعهُ ستة وخمسون مترًا وتلك الحبال الدقيقة 
اساطين مجوفة من الحديد كاغلظ العمدان . وفي قلب البرج سلم لولبية يصعد بها الى قمتهِ 
وهناك منارة كبيرة في كل جانب منها عدسيَّة ومواشير محيطة بها تجمع اشعة النور 
وترسلها في خطوط متوازية لكي تمتد الى ابعد ما يمكن ارسالها اليهِ وبينها قندیل كبير 
فيهِ فتائل متراكزة بوفد فيهِ زيت البتروليوم وتدور كوَّة  حول المنارة بآلة كالساعة 
فتحجب النور عن جهات وترسلها في اخرى في أوقات متساوية فيعلم النوتية من ظهور 
نورها وغيابهِ في تلك الاوقات انها منارة دمياط

وعلى مقربة من هذه المنارة طابية كبيرة يحيط بها خندق عميق في وسطها برج مستدير 
فيه مرامي البنادق وحولهُ ابراج اخرى ومدافع انكليزية كبيرة ممَّا ابتاعهُ اسمعيل باشا 
حينما كان يقصد الاستقلال بالقطر المصري . وقد نزلها عبد العال حشيش في الثورة 
العرابية وقصد استعمالها في صد الانكليز فلم يتسنَّ لهُ ذلك ومنها مدفع ثقلهُ ٤٠۳۳۸ 
ليبرة وثقل ما يقذف بهِ ٤١٦ ليبرة ومدفع آخر ثقلهُ ۲۷٤۸۲ لیبرة وثقل ما يقذف بهِ
٦۹۸ لیبرة . وقد عطلّت هذه المدافع على اثر الثورة و بقيت في اماكنها شاهدة على 
الاسراف وسوء التدبير . والطابية الآن دار لخفر السواحل

وجنوبي رأْس البر طابية اخرى مثلها فيها مدافع انكليزية كبيرة ممَّا ابتاعهُ اسمعیل 
باشا للغاية المذكورة آنفًا ثقل واحد منها ٤٠٤۲۲ لیبرة وثقل ما يقذف بهِ ۱۲ه لیبرة 
وقطر فوهتهِ عشر عقد انكليزية وبجانبها مستودع لمركبات المدافع بينها مركبة كبيرة يظن 
الرائي انها صنعت لنقل الجبال لا لنقل المدافع لضخامة عجلها

واعجب العجائب الصناعيَّة عشاش المصيفين وهي على طراز واحد تقريبًا ارضها رمل 
وجدرانها وسقفها من حصر الحلفاءِ و القصب وكذلك ابوابها وكواها . وكأن المصيفين 
سئموا الحضارة فارادوا العود الى البداوة فتراهم يخرجون صباحًا زرافات حفاة حاسرين 
وينفرون الى البحر يغتسلون فيهِ الرجال اولاً ثم النساءُ و يعودون الى عشانهم حفاة ملثمين

ويأتي البريد إلى رأس البر ويذهب منهُ مرتين كل يوم ببواخر صغيرة تسير 
بينهُ و بين دمياط وحبذا لو أوصل التلغراف اليهِ او الى العذبة المقابلة لهُ

وقد رأَى المصيفون انهم آتون للنزهة فهي غرضهم الاول ولذلك تراهم يقضون 
اوقاتهم في الزيارات والمسامرات وكل ما يجلي صدأَ الهموم

وقد راق لنا ما رأيناهُ في هذا المكان من المحاسن الطبيعيَّة والصناعيَّة فقلنا فيهِ 

نزلنا برأْس البر ما بين بحرَيْنِ                على رملة ميثاءَ صينت بسيِفَيْنِ 
يمدُّ اليها الماءُ حينًا وينثني                   كصبِّ براهُ الوجد خوفًا من البينِ 
ويلثمُ خدَّيها فيفترٌّ ثغرها                      لآلئَ صيغت فيه سمطَيْن سمطَيْنِ 
جماد ولكن لا حياةَ بغيرهِ                        سكونٌ حراكٌ فهو جامع ضدَّیْنِ 
اقامتْ بهِ الاسماك والطيرُ اذ رأَت            محارًا بلا حدِّ وصيدًا بلا صَوْنِ 
وقد خضعت تلك الملايين كلها                لمن بالنهي والحزم ساد على الكونِ 
تراب عليهِ عاملانِ تنازعا                          فصار بنو حواءَ من ذاك شخصَيْنِ 
فمن فاضلٍ بفدي العفاة بنفسهِ              ومن ناقص يزدان بالمينِ والشَيْنِ 
نزلنا كناسًا للظبي ومسارحًا                    جآذرها ترمي الكماة بنبلَيْنِ 
بيوتًا من الحلفاءِ لا تغتذي بها                مكاريب امراض ولا رُسل الحَيْنِ 
تمرُّ بها هوج الرياح كأَنها                        مصافي اطبَّاء تلافت قذى العَيْنِ 
نزلنا بها نبغي الاقامة سبَّةَ                    فطابت لنا فيها الاقامة شهرَينِ

المصدر: المقتطف الجزء الثامن من السنة التاسعة عشرة، أغسطس ( آب ) سنة 1895 الموافق 10 صفر سنة 1313. (رابط)، والمقال والشعر من تأليف دكتور يعقوب صروف، انظر الإشارة لذلك في كتاب كتاب نزهة الالباب في تاريخ مصر وشعراء العصر ومراسلات الاحباب لمحمد حسني العامري (رابط).

الأحد، 27 ديسمبر 2020

قصيدة رأس البر لعلي العزبي



رأس البر
يا مسرح الغزلان والخرد                 ومرسح الابيض والاسود
یا مجمع الحسن بانواعه                   ولست غير العلم المفرد
یا صاحب البحرين يا واقفًا                بينهما كي ترجع المعتدي
من ثابت في حلمه هادئ             وثائر من حمقه مزبد
ينبه اعجابًا على صنوه             وخلة الاعجاب طبع الردي
ان رام أن يصعد من كبره             لهذه الانجم لم يصعد
على اخيهِ حقده ظاهرٌ     وكل صافي القلب لم يحقد
هاج يريد البطش غدرًا به             وبات فيه ضارب الموعد
حتى اذا اومأت عن إمرة             تصافحا بعد الرضا باليد
وضمَّ كلٌّ صَنوهُ ضمةً     كضمة الاصيد للاصید
وبات کالهائم ذا صبوةً     كصبوة الفرقد بالفرقد
ان جاد بالفضة هذا له     فذاك قبلاً جاد بالعسجد
وان يهب اجسامنا قوَّة     بملحه فالعذب يروي الصدي
یا حاكماً اصبح من عدله             مساويَ السادة بالاعبد
ان السري ينعم في كوخه             عن قصره من عيشك الارغد
لأَنت نادٍ لضروب الصفا     كم مصدر فيه وكم مورد
لا يشغل المره بهِ شاغل             وفي سوى الإيناس لم يسهد
ولبسة المنسوج من رقة             فلم يكن غير الصبا يرتدي
يسير في ساحاته حافيًا     كانه في رحب المسجد
وان يجيء ذاك الاصيل الذي     يشرحنا من وقته الاسعد
اذن ترى الجنسين في مشهدٍ            تجله في الشكل عن مشهد
فاغيدٌ يرنو إلى غادة             وغادة ترنو إلى اغيد 
ومنجد يصبو إلى متهم     ومتهم يصبو إلي منجد 
تروح هذي مع رفيقاتها     وذاك مع اخدانه يغتدي 
وتلك مع هذا جلوس وذا             يسير مع تلك يدًا في يد 
للشاطيء الاقرب هذا مشى     وهذه للشاطيء الابعد 
ان طلعت فالشمس من دلها     غابتْ وفيها صفرة الحسّد 
مرأَی یزید النفس من انسها     وامس مثل اليوم مثل الغد 
هذا نعيم العيش هذا المنى     لو دام للناس ولم ينفد 
كم ليلة بالانس قضيتها     مع الاخلاَّ جافيَ المرقد 
والنجم قد اوحى لاقمارنا             بالبدر في غيبة تقتدي 
يا نجم ان غابت بدور السما     وتلك غابت من بهِ نهتدي
لعله راقك من حسنه     مصيف رأس البر يا سيدي
فيه اذا هبَّ الهوا جيدًا     تجيء انفاسك بالاجود
وان رجونا فيه من غبطة             ففيك ما نرجوه من سؤدد
وان يضل المرء في قفره             ففضلك يهديه الى المقصد
اردت فيه الوصف اذ ينتهي     وما اردت الوصف اذ يبتدي
خوف ازدحام الخلق في رحبه     ان يُثْلَ شعري فيه او ينشد

علي علي العزبي
صاحب مدرسة شمس الفتوح
( بدمياط )

المصدر: جريدة الهلال، جريدة الهلال، السنة الرابعة عشرة من أول أكتوبر سنة 1905 الى يوليو سنة 1906. (رابط).

صلوات على الشاطئ ... إلى رأس البر تأليف أحمد الشرباصي

صلوات على الشاطئ
صلوات على الشاطئ

أحمد الشرباصي
أحمد الشرباصي

صلوات على الشاطئ "الى رأس البر ..."، أحمد الشرباصي، القاهرة مطبعة دار الكتاب العربي 1951، الطبعة الثانية، حقوق الطبع محفوظة للمؤلف، 1370 هـ - 1951 م (رابط)

الفهرس:
تمهيد 11
بين الأمس واليوم 14
في الطريق 24
هذه رأس البر 37
أشواك حول الورود 53
لماذا خلق الله البحر 63
لواذع الحرمان  74
الليل على الشاطئ  85
حديث عن الغناء   100
من القرآن  110
استغلال الكاتبين 118
إلى الملتقي 123

أسماء الحارات والشوارع بدمياط عام 1903









أسماء الأقسام: قسم أول، قسم ثاني، رأس البر، ناحية المطريه.

قسم أول شياخة الشرباصي والشبطاني: 
الشوارع: الشرباصي، محمد القاويش، البحر الأعظم، الشبطاني
الحارات: عبد الصمد، محمد بك، الصعيدي، الطوبجي، حسن بك الفوال، كنيار السوق، الشبطاني، الشيخ العراقي، السد السندوبي
العطفات: علي جبريل، محمد عبد الله، إبراهيم العبد، عبده، عوض شحاته، الطهارة، الحناوي، محمد عيد، القباني، أحمد الشيال، محمد عابدين، ميخائيل أنطون، الكور، المصري، عبد المجيد البدويهي، خليل حموده، علي أبو نبهان، محمد الصعيدي، محمد الفقي، أحمد علوش، السيده البيضا

شياخة القنطرة
الشوارع: القنطرة، أحمد سالم، أبو عماشة، الليثي الدلال، النشار، رشدي، هاجوج، 
العطفات: محمد علي الدين، الدمهوجي، اسماعيل أفندي محمد، العقبي، الخليج، أبو اسماعيل، الصياد، يوسف البدري، محمد الألفي، المنزلاوي، القاسميه، إبراهيم كشك، تفتيش الكمرك، دوار بقطر، خطاب السقا، سيد أحمد الدخاخني، محمد السيفي، البهائي، أبو العباس، المنصفاوي، مصطفى الطباخ، إبراهيم البيجاوي، اللغات، سيد أحمد الشناوي، الرفه، حاله، البكريه، الحطاب، إبراهيم بربر، داوود مراد

شياخة البركه
الشوارع: أمين عبد الرازق، الجرداني، سند، قنديل، الزعفراني
العطفات: الصياد، محمود عزو، محمود عطيه، ابراهيم سحلب، أحمد البرديسي، خليل النحاس، السيد النحاس، أبو العنين مصطفى، أحمد يونس، خليل الكدش، مسعد الزيني، أحمد المسلمي، محمد العدل، داود النايح، مناديلو، العطار، المنجد، ربيع بربور، دحروج، الشعرواي، شمس الدين، عبد الله الموافي، محمد الجداوي، مصطفى عيسى، محمد مصطفى، الجبانه، مصطبني البطيخي، خرا كسيبه، شحتوبر برغوت، الاكيابي، أحمد بروه، السلموني، عبد الله مؤمن، ميضة المتبولي، سيد السعودي، مصطفى السرجاني، واسيلي فخر، أحمد حابك، خفر السواحل، يوسف العربي

شياخة النصارى
الشوارع: الخليج، كنيسة الروم، الخمس، البحر
العطفات: كنيسة الافرنج، عبد القادر باشا، جامع المعيني، وكالة الجوربجي، حسين السقا، وكالة الصابون، المدرسة الأميريه، الاربعين، الاسبتاليه

شياخة المحاريقه والحطاب
الشوارع: المحاريقه، عبد الغني الجمال، شفيق افندي، المعمل
العطفات: الفرن، كنيسة الافرنج، أبو جلهوم، الحمامصي، الطاحونة، الشيخ مفتاح، فرن جوربجي، حسن المغالي، عبد الرازق، زغدان، خديجة البدرية، السيد عوض، عبده بك، كترينه، الازهري، حسن سليم، الغباري، ابو سليمه، سليمان الحجاوي، واجهة الغيط، طاحونة المالح

شياخة المرقب والشهابية
الشوارع: الكنيسة، الاربعين، المداخين، أحمد الرفاعي، أبو الوفا
الحارات: السيد رز، ابراهيم كامل، عمر حمام، محمد الشهاوي، على أبو سمرة، حسن بروه، أحمد الزرقاوي، السيد الجندي، شعبان راجح، عوض ربيع، العطفات: ابراهيم بصل، عبده النجيري، يوسف البساطي، البرموني، حجازي، فرج الكرداوي، أحمد سرحان، محمد القصاص، نقطة المجابر، الفخاخير، الجبانة

قسم ثاني

شياخة الربه والجمعه
الشوارع: الصاغة، الخليج
الحارات: سوق الجمعة، عزبة النمره، سوق الربه، الحسبه
العطفات: علي الدسوقي، حسن السقا، عبد الحي، الشيخ حماد، علي أبو جاد، السيد القطايري

شياخة المربه والحدادين
الشوارع: التجار والحدادين، السنانين، سوق الخضار، المنزلاوي، الخليج، ساحة الغلال
الحارات: المربه، الست قبيله، التبليطه، اسما
العطفات: علي الشامي، مصطفى الزناتي، محمد شحاته، عبد البا، مصطفى جادو، النشوقاتي، أحمد الكيكي، سوق الخميس

شياخة الكتاتنيه والعيد
الشوارع: النضريه، الفناجيلي، الوسط، النفيس، أبو المعاطي، المعصره
الحارات: السيد مراد، حسين النويصر، السيد خفاجي، الشيخ باشي، السقاعنه، جمعه اللاوندي، الزقازقه، ابراهيم عشري، عنتيس
العطفات: عوض عيسى، الخازندار، البواب، الجزايرلي، فطومة السوداء، عوض والي، عوض المزين، حافظ نور الدين، السيد قصير، جوده، مصطفى القط، الاربعين، العراقي، متولى نور، البقري، نقطه الجبانه

شياخة المنشيه
الشوارع: شارع الزهور، أبو حسن، منصور، العراقي، الشيخ عمرو
الحارات: حبيب، أبو كرات، جويده، بحر، عبد الله طره، قنديل، أبو عبد الله، نقشاره، الزغبي، الشوبكي، مشرقه، عسل، الحناوي، حنطر، البسيوني، 
العطفات: الفار، اللبان، المصري، محمود عشش، خضر، أبو عماره، أبو نجم، عرابي، الكرداوي، الشيخ، أبو السعود، أبو خفاجي، محمد سرحان، صبح، العتر، شنشن، السنان، عسل، سرحان، رمضان، مصطفى الجمل، الشامي، أحمد أبو عوض، العايدي، الزامك، نضرين، أم علي، العيسوي، الشرنوبي، السقا، الطحان، الفار، الطويل، الشناوي، الصياد، الزرو، اللولي، أبو حشيش، القطان، أبو دنيا، المهوي، البسيوني، سلامه، عراقي، عويضه، الماحي، أبو يوسف، الغزلاتي، الغاياتي، أبو اسماعيل

خفر السواحل، الفنار، رأس البر

المطرية - ناحية الغصنه
النواحي: الغصنه، القابوطي وتنيس بالبحيره، الفحام بالبحيره، اشتوم الجميل بالبحيره، الشيخ بدر بالبحيره، الديبه بالبحيره، المغربي، الشيخ سليم، بن سلام، الشيخ نجد، أم الريش

المطرية - ناحية العقبيين
جهة العقبيين، البابا بالبحيره

بلاد الشطوط التابعة للمحافظة في الضبط
الشعرا، الخياطه، عزبة اللحم، غيط النصارى، الشيخ درغام، جريبه، عزبة البرج، محب والسياله

332 جملة محافظة دمياط


المصدر: من كتاب دليل الحيران في معرفة أسماء الحارات والشوارع وجميع البلدان وجدول ببيان اختصاصات المحاكم الاهلية من حيث المدعى به ومن حيث التبعية اليها، تأليف محمد عبد السلام بمحكمة مصر الابتدائية الاهلية، سنة 1321 هجرية و 1903 افرنكية (رابط)