السبت، 30 أبريل 2022

تنيس من خريطة مابا موندي هيرفورد

 

دلتا النيل من خريطة مابا موندي هيرفورد
دلتا النيل من خريطة مابا موندي هيرفورد (مصدر الصورة)

تظهر تنيس هنا في خريطة مابا موندي هيرفورد باسم Tafnis، الخريطة بتاريخ حوالي 1280 م.

تنيس من خريطة مادبا

مصر السفلى من خريطة مادبا
مصر السفلى من خريطة مادبا (مصدر الصورة هي لقطة شاشة من هذا الموقع)




ذكر تنيس في خريطة مادبا الفسيفسائية وهي الخريطة التي يعود تاريخها لحوالي العام  560 م. الأسماء المذكورة بالأسفل مستخرجة من كتاب: "The Mosaic Map of Madaba: An Introductory Guide" لمؤلفه Herbert Donner، الصفحات 81 إلى 86.

  1. الفرع البيلوزي (Πηλουσιακὸν στόμα)
  2.  (CAT [ TIKON ]) وقرأها المؤلف على أنها Saitic arm of the nile الفرع السايتي  (Σαϊτικόν στόμα)
  3. الفرع السبنتيني (Σεβεννυτικόν στόμα)
  4. الفرع البلبتي (Βουλβυτικόν στόμα)
  5. الفرما (Τό Πηλουσιν)
  6. نقيوس (Ή Νικιου)
  7. تل أتريب (Αθριβις)
  8. تل بليم Σεθρωίτης) Sethroites) 
  9. تانيس (Τανις)
  10. ثمويس/تل تمي الأمديد (Θμουϊς)
  11. تنيس (Θεννησος)
  12. صا الحجر (Εαϊς)
  13. سخا ( Ξοϊς)
  14. غير معروف الاسم حاليا (Ή Παυλίνου)
  15. دمنهور (Ἑρμούπολις)
  16. قرطسا في شمال دمنهور (Χορτασω)
  17. غير معروف الاسم حاليا (<Καινούπολ<ις)
  18. الكريون (Ή Χαιρέου)

الخميس، 28 أبريل 2022

محافظة X مركز دمياط! بقلم د. يونان لبيب رزق

 
محافظة X مركز دمياط!
محافظة X مركز دمياط!

محافظة X مركز دمياط!
د. يونان لبيب رزق
مركز تاريخ الأهرام، الأهرام ديوان الحياة المعاصرة 189


لماذا تقدمت دمياط على الإسكندرية في العصر العثماني؟
تجارة دمياط محصورة في أيدي الوطنيين ولا يوجد فيها بنك لتسليف النقود
الداخلية تحول دمياط من محافظة إلى مركز لتوفير مائتي جنيه!
المفتش الانجليزي : صاحب الرأي والكلمة العالية والادارة النافذة في مصر
الدمايطة يدفعون الحكومة لتعديل قرارها


مفتش إنجليزي بوزارة الداخلية لم تفصح الأهرام ولا غيرها من المصادر، عن اسمه، 
كتب تقريرا بعد جولة له في مديرية الدقهلية ومحافظة دمياط عام 1906 أوصى فيه 
بتحويل الأخيرة إلى مجرد مركز، وبعد أن اطلع المستر ميتشل مستشار الداخلية الإنجليزي 
على التقرير رفعه إلى وزير الداخلية مصطفي باشا فهمي، وكان في نفس الوقت رئيسا للنظار، 
كما كان معروفا أنه أداة طيعة فى أيدي سلطات الاحتلال، موصيا بقبول الاقتراح، وحدث المتوقع 
وأصدر فهمي باشا قرارا نظاريا متفقا مع وجهة النظر الإنجليزية دون أن يتنبه بأنه بهذه الفعلة قد 
انتهك كثيرا من معطيات التاريخ والجغرافيا. 

عبرت الأهرام عن ذلك بقولها «إن‏ هذا القرار الذي أقام البلاد وأقعدها هو نتيجة تقرير 
أحد المفتشين الذين رأوا الأشغال قليلة فى محافظة دمياط فأرتأى تحويلها إلى مركز 
فأطاعت الداخلية شارته وكأن ما قاله وحي من الله لا يغير»!

ولم يتنبه مصطفى باشا فهمي في استجابته للموظفين الإنجليز فى الداخلية أن دمياط 
ظلت أهم الموانئ المصرية، حتى قبل الأسكندرية، بامتداد العصر العثماني. فمنذ أن 
انضوت مصر تحت حكم الدولة العلية أخذت قيمة عروس البحر المتوسط تتضاءل بينما 
ظلت قيمة دمياط تتعاظم، وكان لذلك التحول أسبابه .

فمن جانب افتقرت الإسكندرية إل المياه العذبة ومن جائب آخر إلى وسيلة 
مواصلات سهلة إلى داخل البلاد ، وهو ما كانت تحظى به دمياط بحكم وجودها على 
مصب الفرع الذى تسمى باسمها، وكان لهذين الاعتبارين أهمية كبيرة . .

يكشف عن ذلك أن الحملة الفرنسية التى نزلت إلى الإسكندرية بقيادة نابليون بونابرت 
لم تلق من العنت فى الاستيلاء على المدينة بقدر ما لقيت فى تقدمها إلى القاهرة عبر 
الطريق الصحراوي. وهو عنت كان يكابده المسافرون العاديون بحكم وجود العربان على 
طول هذا الطريق مما جعله مفتقرا إلى كثير من أسباب الأمن، وبسبب عدم وفرة المياه
العذبة في رحلة تستغرق أياما لا ساعات . . وكان على الإسكندرية أن تنتظر إلى بناء
الدولة الحديثة خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، وما تم في إطار عملية البناء
تلك من حفر ترعة المحمودية التي كانت بمثابة بعث جديد للثغر العديد. فقد وفرت له المياه
ووسيلة المواصلات. وأدى مد الخط الحديدي بينه وبين العاصمة خلال خمسينات القرن،
بعد أقل من ثلاثة عقود من إتمام حفر المحمودية، إلى مزيد من أسباب ازدهار الإسكندرية
. . وحدث عندئذ، وعندئذ فقط أن عاد هذا الميناء ليحتل مكان الصدارة بين الموانئ
المصرية، بعد ثلاثة قرون من شغل دمياط له.

على صعيد ثان ادن التحولات الاقتصادية التي نتجت عن اكتشاف طريق راس الرجاء 
الصالح والتحولات السياسية التي أعقبت سقوط الدولة المملوكية على أيدي العثمانيين عام 
1517 إلى زحف دمياط إلى مركز المقدمة. فبينما أدت التحولات الأولى إلى وهن العلاقات 
مع أوربا التي انشغلت بالطريق الجديد وما استتبعه من بناء الإمبراطوريات الاستعمارية 
الكبرى، البرتغالية والهولندية والإنجليزية والفرنسية ، الأمر الذي تحول معه البحر المتوسط 
إلى بحيرة شبه عثمانية. فقد أدت التحولات الثانية إلى تنامى العلاقة مع بقية أنحاء 
الإمبراطورية العثمانية . . وبينما كانت الإسكندرية بحكم التاريخ والجغرافيا لبنة للعلاقات 
المصرية الأوربية، وذلك منذ أن أنشأها الإسكندر‏ الأكبر وأضحت بعدئذ عاصمة للبلاد. فإن 
دمياط كانت الواجهة للعلاقات للمصرية مع الحوض الشرقي من البحر المتوسط . . في
سوريا والأناضول حيث الإمبراطورية الجديدة. وقد زاد من هذا الاستقطاب حالة العداء التي 
سادت بين الدولة العثمانية وبين أوربا، الأمر الذى دعا حكومة الأستانة إلى إغلاق موانيها 
أمام السفن الأوربية فى السياسة التي عرفت باسم سياسة العزلة.

وفى خلال تلك الفترة انحسرت العلاقات التجارية يبن مصر وأوربا لتقتصر على بعض المدن 
الإيطالية. وعدد من التجار الفرنسيين الذين استمروا يتاجرون من خلال الإسكندرية .
وحتى هؤلاء كانوا يعانون كثيرا من عجز الدولة العلية عن كفالة القدر المعقول من الأمن 
لسفنهم، خاصة فى فترات الفوضى التي تعددت من جراء الصراع بين العثمانيين والمماليك، 
ومعلوم آن الذريعة التي تحجج بها بونابرت فى غزو مصر كانت ما لقيه التجار الفرنسيون من 
سوء معاملة المماليك فيما جاء في مستهل منشوره الأول الذي وجهه للمصريين من أنه ما جاء 
إلى بلادهم إلا لتأديب المماليك «الذين يتعاملون بالذل والاحتقار فى حق الملة الفرنساوية ويظلمون 
تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي » .

بالمقابل فان الصناعة والتجارة قد انتعشت بشكل ظاهر فى دمياط إبان العصر 
العثماني. وهو الأمر الذي اعترف به الفرنسيون فى «وصف مصر » . .‏ السفر الضخم 
الذي وضعه علماء الحملة الفرنسية. خصوصا فى الجزء الذي وضعه جيرار عن الحياة 
الاقتصادية في البلاد . .

يقول الرجل فى موقع من هذا الجزء «تمارس فى دمياط حرفة تصنيع الكتان والقطن 
والحرير  . . وقد اشتهرت المدينة على وجه الخصوص بالأقمشة الكتانية التي لها حواف من 
الحرير الملون والتى تصدر إلى سوريا وتصنع منها الشيلان والعمائم . . ويوجد فى دمياط 
وقرية المنية المجاورة حوالي 300 نول تعمل جميعها فى صنع الشيلان الكتانية». 

يتحدث فى موقع آخر عن نوع من المنسوجات الحريرية تقتصر صناعتها على دمياط وهي 
براقع (خمارات) النساء التي تكون عادة باللون الأسود أو القرمزي. فضلا عن صناعة 
أقمشة القلوع اللازمة للسفن الشراعية، بحكم حاجة السفن المترددة على الميناء لهذا النوع 
من الأقمشة.

وينبه الموسيو جيرار في هذه المناسبة إلى وجود طبقة تجار قوية فى دمياط لم يقتصر 
دورها على الاستيراد أو التصدير وانما تعداه إلى أبعد من ذلك فيما رواه عن صناعة 
المنسوجات فى المحلة بقوله «تتم التجارة بين المحلة الكبرى وسوريا عن طريق تجار من 
دمياط يقومون باستجلاب الحرير من سوريا ثم يعيدون إليها جزءا من هذا الحرير بعد أن 
يتم تصنيعه فى مصر». والمعلوم أن نشأة الرأسمالية فى أوربا فى العصور الحديثة قد تمت 
على أيدي هذه النوعية من التجار الوسطاء. والذين كانوا يلقبون بالتجار الأحرار لأنهم 
خرجوا عن القواعد التي سار عليها اسلافهم من تجار الطوائف. 

ويفسر ذلك حقيقة لا زالت تشكل قسمة أساسية للميناء العتيد، وهي غلبة العلاقات 
الإنتاجية الرأسمالية فى التعامل بين أبنائه، كذا في التعامل بين هؤلاء وبين غيرهم من 
المصريين للمقيمين خارجه، مما يستغربه أحيانا هؤلاء نتيجة لأنهم لا زالوا واقعين تحت تأثير 
العلاقات الإنتاجية الإقطاعية، ومما أعطى الدمايطة صورة خاصة فى الوجدان العام لبقية 
المصريين !

وقد أدى هذا الاختلاف بين الميناءين الكبيرين . . الإسكندرية باعتبارها همزة الوصل 
بين مصر وأوربا، ودمياط التي شكلت الجسر الرئيسي بين مصر والدولة العثمانية إلى 
اختلاف في البنية الاجتماعية لأبناء المدينتين والتي تأكدت قرب أواخر القرن التاسع عشر . 
فبينما تفرنجت الإسكندرية على نحو ملحوظ فقد احتفظت دمياط بطابعها العربي الإسلامي. 
وبينما تدافع الأوربيون على الثغر الأول حتى قيلت العبارة المشهورة «انك‏ لا تكاد تجد أمة 
في أوربا لم تبعث بممثلين عنها إلى الإسكندرية». فإن هؤلاء لم يجدوا مكانا لهم فى الميناء 
الشهير الآخر. ونرى أن سبباً أساسيا وراء ذلك أن الراسمالية المصرية في دمياط لم تتح أية 
مساحة للرأسمالية الأوربية تمارس فيها نشاطاتها الاقتصادية كما حدث بالنسبة 
للإسكندرية. 

عبر الدمايطة عن هذه الحقيقة في إحدى شكاواهم التي رفعوها للمسئولين. والتي جاء 
فيها: «مما يذكر عن هذه المدينة أن تجارتها كلها محصورة فى أيدي الوطنيين وأنه لا يوجد 
فيها حتى الآن (1906) بنك لتسليف النقود أو للرهن كالمنصورة ولا فرع للبنك الأهلي 
ولم تندفع البنوكة لإنشاء فروع لها لأن تجار دمياط لا يضاربون ولا يرابون فالتاجر منهم 
يشتغل بماله على قدر طاقته وتلك مزية لدمياط تفردت بها »‏ .

بقيت ملاحظتان حول الوضع الإداري لدمياط بامتداد العصر العثماني، ومع 
بدايات الدولة الحديثة ٠‏ 

١) أن‏ المدينة مع الإسكندرية والسويس كانت تشكل أقاليم إدارية خاصة تمتعت
بإدارة مستقلة عن باشا مصر، وكان الباب العالي يبعث بثلاثة «قبودانات» أحدهم 
للإسكندرية والثاني لدمياط ورشيد والثالث للسويس، وكانت مهمتهم «حفظ القلاع
وربط البنادر والحكم بين الرعايا بالعدل والشفقة. وعوائدهم مرتبة على الميري وعلى 
جانب التجارات المحضرة بالبنادر». 

٢) بعد أن نجح محمد علي فى الاستيلاء على الحكم وأخذ فى بناء السلطة المركزية 
سعى إلى إنهاء هذا الاستقلال الإداري ونجح فى ذلك من خلال مفاوضات مع الباب 
العالي. وفي التنظيم الإداري الجديد الذي وضعه هذا الباشا ضم إلى جانب المديريات 
التي شكلت المناطق الريفية خمس محافظات كانت دمياط إحداها. مما كان يعني 
أن المدينة والمناطق المحيطة ظلت تشكل وحدة إدارية متميزة تحت اسم قبودانة 
أحيانا وتحت اسم محافظة أخرى أحيانا أخرى . .

الواضح أن المفتش الإنجليزي الذي أوصى بتغيير هذا الوضع لم يكن قد قرأ 
كل هذا التاريخ. الأمر الذي عبرت عنه الأهرام بقولها «لا ندري ما هي الحكمة 
بتعلل الداخلية وإصرارها بل إن الجميع يستغربون ذلك ولا يجدون من يفسر 
لهم هذه الأحجية والذي يظهر لنا أن الحكومة تظهر في مثل هذه المسائل منتهى 
الأنانية ولا تشاء أن يعاد عن كلمة قالها أحد المفتشين كأن كلمة المفتش الإنكليزي 
في نظارة الداخلية نازلة من السماء وخارجة من فم الخالق جل وعلا» ٠‏ 

الأدهى من ذلك أن مصطفى فهمي باشا طاوعه فى هذا، مما تسبب في 
كتابة فصل فريد ومجهول في التاريخ المصري. وهو الفصل الذي روته 
صحيفتنا بين عامي 1906 و 1909 ويستحق الكشف عنه . 

نص القرار الذي أصدرته الداخلية والذي نزل بدمياط من موقع «المحافظة- 
الذي كان لها منذ نشأة نظام المحافظات إلى موقع المركز جاء فيه أن نظارة 
الداخلية قررت إلغاء مركز فارسكور وإنشاء مركز في دمياط تتبعه نقطة نقطة
بوليس بفارسكور. وفي محاولة لشرح الأسباب التي دفعت المسئولين إلى ذلك
قال بيان الداخلية . .

«لم يحصل هذا التغيير إلا بعد أمعان النظر في مصالح أهالي دمياط بعد أن
تحققت النظارة من أن لا ضرر مطلقا على هذه المدينة وسكانها وأنه في الوقت 
نفسه يحقق أمنية طالما تمناها أهالي مركز فارسكور الذين كانت بلادهم واقعة 
على بعد شاسع منه وهى راحتهم من العناء الشديد الذي كانوا يقاسونه في سفر 
تلك المسافات من وإلى مركزهم القديم وبلادهم 

وكان مستخدمو هذه المراكز يتكبدون أيضا مشقات عظيمة في التوجه إلى تلك البلاد الكائنة 
في شمالي دمياط لمساحة أراضي الحكومة والقيام بأعمال أخرى تتعلق بنظارة المالية ولم 
يكن تعبهم بأقل من ذلك بأشغال الضبط والأعمال الإدارية بينما كانت الأشغال المنوطة 
بمحافظة دمياط لا تكاد تذكر . أما الآن فقد قسمت الأعمال بطريقة عادلة يرتاح إليها الأهالي 
والمستخدمون معا إذا تتبع للمركز التي أنشئ فى دمياط 24 بلدة ولنقطة بوليس فارسكور 
19 بلدة فقد حصلت الفائدة العظيمة للأهالي الساكنين في شمالي دمياط». ولم يكن هذا 
رأي الدمايطة، ولا رأي الأهرام التي ساندتهم.

تحت عنوان «مناهضة الحكومة لدمياط» ذكّرت الصحيفة بالمدينة «باعتبارها بلد تاريخي 
وتجاري فى موقع جميل هو نقطة السمت من القطر المصري سابقته الإسكندرية فسبقته 
وأهملته الحكومة فأماتته وصاح سكانه يطلبون فتح بوغازه للبواخر فكان جواب الحكومة 
أنها ضربته الضربة القاضية إذ حولت هيئة الحكومة فيه من محافظة إلى مركز ..». 
وقد بحث الناس وراء السر في هذا التحويل فلم يجدوا سبباً وجيهاً سوى أن نظارة 
الداخلية أرادت أن توفر مائتي جنيه بالتمام والكمال (!). وفى مقابل ذلك كما تقول الأهرام 
«سيخسر الدمياطيون بنزول أثمان أملاكهم وضعف مدينتهم وضياع تجارتهم ألاف من 
الجنيهات».

تذكّر جريدتنا أيضا فى هذه المناسبة بصلات دمياط القديمة مع الشام والأناضول 
وقبرص وجزر البحر المتوسط «فعدد أهالي دمياط 50‏ ألفا يعيشون من التجارة فإذا ألغيت 
المحافظة ضاعت الثقة بها وتحول عنها التجار وزد على ذلك أن أهالي دمياط لم يتعلموا 
الزراعة بل التجارة والصناعة فبتحول التجارة منها تفقد المركز الصناعي، ومعظم دور 
دمياط للتجارة فإذا وقفت للتجارة ضاع دخل الدور». 

بعد عشرة أيام من هذا المقال دون استجابة كانت الاهرام تتوقعها من المسئولين كتبت 
مرة آخرى وتحت عنوان «العظة البالغة» مقالها الرئيسي في الصفحة الأولى من العدد 
الصادر يوم الأربعاء 1 يونية عام 1906 استهلته بقولها أن مسألة دمياط «كانت عظة بالغة 
للناس في كيفية سير الأحكام في هذه البلاد فمفتش قد لا يعرف من الأمور الاقتصادية 
والإدارية غير القليل ومساعد مفتش قد لا يكون درس شيئا من أحوال البلاد يستطيع بتقرير 
يقدمه وخاطر يخطر له أن يقلب رأس البلاد على ذيلها»

واستطردت تشخص الموقف بأن أحد المفتشين قد ارتأى «أن‏ يغير النظام في مدينة دمياط 
وهي المدينة التاريخية بل المدينة الثانية التجارية من مدائن الثغور فلم يناقش في رأيه ولم 
يحاسب عن عمله ولم يكن إلا ان دار دورته في فارسكور ودمياط ورقّم قلمه حلمه على 
الأوراق حتى قالت الداخلية آمين وأصدرت ذلك القرار الذي يهدد مدينة كبيرة ومصالح 
عظيمة ومرافق عزيزة»! 

ونصحت جريدتنا ولاة الأمور ألا يتخذوا قرارات بهذه الأهمية على مصالح البلاد والعباد 
إلا بعد أن تطرح المسائل على بساط التباحث بين العارفين «ففى كل مديرية مجلس وفي كل 
محافظة هيئة مكلفة بدرس أحوال البلاد وفى العاصمة مجلس شورى فلماذا لا تؤخذ أراء 
هذه الهينات في التغييرات الإدارية التي يرتأيها المفتشون حتى يظهر للحكومة بعد البحث 
والدرس صوابية عمل المفتشين من بطلانه»٠‏ 

وقد اغتنمت الأهرام الفرصة لتضع نظام «المفتشين» الذى أشاعته سلطات الاحتلال في 
سائر الإدارات المصرية موضع التساؤل، بل المساءلة 

رأتهم في جانب على «طريقة واحدة في كل عمل من وضع القوانين والشرائع حتى إدارة 
الحكم وتعيين المديرين فيصح لنا أن نسمي هذه الدولة بدولة المفتشين لأن المفتش هو صاحب 
الرأي والنهي وهو صاحب الكلمة العالية والإدارة النافذة»، ورأتهم في جانب اخر مفيدين إذا 
توقف عملهم عند حد المراقبة «حتى لا يجسر الحاكم والمأمور على ارتكاب الخطأ والتورط 
في الزلل»، ثم انها رأتهم فى جانب أخير يجمعون بين سلطة المدير والمأمور وضابط البوليس 
والعمدة والشيخ والخفير «ففقدت البلاد كل هذه القوات ولم تستعض عنها إلا بقوة واحدة 
هي قوة المفتش»! 

ولم يكن الدمايطة فى حاجة إلى التنبيه من جانب صحيفة أو أكثر فقد تحركوا فور أن 
وصلت إليهم أخبار تحويل محافظتهم العتيدة إلى مجرد مركز. وهو التحرك الذي شد 
اهتمام المصريين خلال صيف عام 1906. 
 
جاءت أول إشارة عن هذا التحرك بالخبر عن تكوين وفد من أعيان المدينة نزل إلى 
القاهرة وبدأ جولته بلقاء مع المستشار المالي، وتذكر الأهرام أن التلغرافات قد انهالت على 
أعضاء هذا الوفد من أبناء دمياط تطالبهم ألا يعودوا إليها «إلا بعد نيل أمنية الدينة ببقائها 
محافظة كما كانت دائما ».

وبينما يبعث الدمايطة بشكاواهم إلى الصحف لم يتركوا بابا إلا وطرقوه . ٠‏ للمعتمد 
البريطانى تلغراف يستحلفونه فيه «بآبائكم العظام وأنجالكم الكرام أن تقبلوا شكايتنا 
وتحققوا أمالنا» ولمستشار الداخلية يعربون عن تزايد القلق وانتظار الحل. ولمستشار المالية 
يشكرونه على استقبال الوفد الدمياطي وقبوله العريضة التي تقدم بها اليه. 

فى يوم 30 مايو نجح الوفد الدمياطي فى الالتقاء بالمستر ميتشل مستشار نظارة 
الداخلية، وكان لقاء عاصفا، فقد أبى الرجل أن يجيب مطلبهم بالإبقاء على الصلة المباشرة 
بين محافظة دمياط والنظارة دون وساطة مدير الدقهلية، الأمر الذي دعاهم إلى الخروج من 
لدنه قاصدين إلى دار المعتمد البريطاني الذى امتنع عن مقابلتهم وأرسل اليهم من يبلغهم أن 
شأنهم متعلق بالداخلية، مما دعا بعض أعضاء الوفد إلى التلويح بأنهم لن يسكتوا حتى لو وصل 
الأمر إلى أن يسافر بعضهم إلى لندن لرفع شكايتهم لوزارة الأحرار! 

بعد أن هدئوا قليلا قرر أبناء دمياط أن يستعيضوا عن لقاء العميد البريطاني بتلغراف مطول 
وجهوه إليه ونشرت الأهرام نصه . . كان مما جاء فيه: 

«نرفع إلى مسامعكم بمزيد الاحترام أن نظارة الداخلية أبلغتنا أنه لا يمكنها الرجوع عن قرارها 
بشأن دمياط وعليه جئنا نستغيث بفخامتكم طالبين منكم إنصاف مدينتنا . . إذ لا يطابق 
النظام الحالي في مصر أن تتجاهل مطالب مدينة بأسرها ويداس عليها . . لذلك جئناكم ضارعين 
فقرار نظارة الداخلية كما بلغ لنا عبارة عن خراب مدينتنا. إن أربعين ألف نسمة يصرخون إليكم 
طالبين منكم أن تعودوا فتقبلوا مقابلة وفدهم». وبعد ساعة من إرسال هذا التلغراف كانوا يقفون 
على باب دار المعتمد البريطاني وكلهم إصرار على مقابلة اللورد كرومر الذي وعد بإتمام هذا اللقاء 
بعد يومين!

قبل انقضاء المهلة المحددة وصل جواب اللورد ليبلغهم أن نظارة الداخلية اتخذت قرارا سوف 
يكون محل رضائهم وطلب منهم أن يضعوا في حسبانهم مراعاة صالح سكان المراكز الزراعية 
المجاورة لدمياط وليس مصالح مدينتهم فحسب. وأن الداخلية بعد البحث الدقيق وصلت إلى 
الحل المرضي «لمطالب سكان المناطق الزراعية بدون ما يكون ألحق أي ضرر بالمصالح التجارية 
لمدينتكم التاريخية الشهيرة». 

لم يستكن الدمايطة إلى هذا الرد المهدئ بل حزموا أمرهم وتوجهوا إلى الداخلية طالبين مقابلة المستر 
ميتشل. ومع أن الرجل تهرب من مقابلتهم إلا أن سكرتيره أبلغهم بالحل وكان: «إن‏ الحكومة قررت إبقاء 
محافظة دمياط وخزانة المحافظة وعدم تعيين عمدة لدمياط وإبقاء نقطة فى فارسكور مع إبقاء مركز فارسكور 
تابعا لدمياط وإبقاء محكمة فارسكور الشرعية وكل ما حفظته الداخلية من قرارها السابق أن محافظة دمياط 
تظل تابعة لمديرية الدقهلية إداريا فتخاطب الداخلية بواسطة المديرية » وقد قطع المستشار وعدا على نفسه 
بأنه إذا ظهر في المستقبل ضرر من ذلك فإن الداخلية لن تضن بإزالته.

تم في نفس الوقت توجيه التعليمات إلى محافظ دمياط بمضمون التغييرات التي حدثت في القرار الأول بأن يبقى 
اسم المحافظ والمحافظة كما كان من قبل وكذلك الخرينة كما كانت عليه، وأن تعطى للمحافظ حرية التصرف في 
أعمال البندر «بعد مخابرة مدير الدقهلية وكان أولا يخابر النظارة»

وبينما كان يسعى المسئولون فى القاهرة إلى إقناع الوفد الدمياطي بأصوبية هذا الحل الوسط كان محافظ الميناء 
يقوم بنفس المهمة مع أعيان المدينة، وهو ما لم يفلح فيه تماما. فقد بقي هؤلاء عند رأيهم أن إتباع المحافظة 
لمديرية الدقهلية يحط من شانها «ولتجار دمياط علاقة كبيرة بالتجارة الأجنبية فهم يستوردون كمية عظيمة من الفحم 
الحجري وزيت البترول وغير ذلك عن طريق بورسعيد وتستورد الأرياف هذه الأصناف من دمياط . . ولتجار الخشب في 
المدينة شأن يذكر فانهم يستوردون كمية عظيمة من خشب الأناضول ولهم مع سوريا علاقة تجارية عظيمة وبواسطتهم 
منع العسر الذي كان يهدد البلاد في العام الماضي إذ قلت الغلال فبادر التجار الدمياطيون لاستيرادها من جهات سوريا 
فإذا عرف تجار الأناضول وسوريا والتجار الأوربيون أن دمياط ليست بلدة رئيسية قلت أهميتها في نظرهم وعدلوا عن 
معاملتها». 

تبع ذلك أن والى الدمايطة الوفد الموجود فى القاهرة بتلغرافاتهم التي أعربوا فيها عن استيائهم من قرار الداخلية وطالبوا
أعضاءه بالمثابرة على موقفهم إلى أن تبطل الداخلية قرارها وتعيد المحافظة إلى مركزها الأول، ولكن يبدو أن الجميع قد 
وصلوا إلى طريق مسدود . . المحافظ يردد على الأعيان فى المدينة أقوالا تقول الأهرام أنه لم يكن مقتنعا بها، وأن حجة هؤلاء 
كانت أقوى كثيرا من حججه. وفي القاهرة يجري أعضاء الوفد هنا وهناك بينما يرى المسئولون فى الداخلية وفى دار المعتمد 
البريطاني أنهم قدموا لأعضائه أكبر تنازلات ممكنة. وفى تقديرنا أن هؤلاء لم يتمكنوا من الوصول إلى الإلغاء الكامل للقرار لما 
يمكن أن يتبعه من إضعاف هيبة الحكومة ومن القبول بسابقة يمكن أن تتكرر بالنسبة لقرارات أخرى تصدرها نظارة الداخلية 
أو غيرها. وكان مطلوبا بعض الوقت يستجيب بعده المسئولون لطلب الدمايطة ولكن بشكل يبدو معه وكأن القرار قرارهم. 
وأنه لم يتخذ تحت أي ضغط.

بعض الوقت هذا امتد لثلاث سنوات. والى شهر مايو عام 1909 على وجه التحديد، ففي 26 من ذلك الشهر بشرت الأهرام أهالي 
الميناء العتيد بأنه سيعود كما كان محافظة كاملة . . جاء في الخبر الذي طيره وكيل الصحيفة فى المنصورة ونشرته فى ذلك اليوم 
أن «نظارة الداخلية عزمت على إعادة محافظة دمياط كما كانت وإعادة المركز إلى فارسكور وقد حضر جناب مفتش الداخلية إلى 
المديرية وتفاوض مع سعادة المدير على بناء المركز لفارسكور وقد وقع اختيارهم على قطعة أرض من أملاك الحكومة بفارسكور 
لبنائها مركزا وبذلك تعود دمياط محافظة كما كانت فنهنئ أهالي البلدين». وبهذا العود الحميد انتهت تلك الفترة الاستثنائية في 
تاريخ محافظة من أقدم المحافظات المصرية. 


المصدر: الأهرام - السنة 121 - العدد 30393 ، الخميس 5 ربيع أول 1418 هـ - 10 يوليو 1997 - 3 أبيب 1713 

مشاكل الحدود بين المحافظات : التحكيم الدولي .. أو الاستفتاء العام ! بقلم : عباس الطرابيلي

مشاكل الحدود بين المحافظات لعباس الطرابيلي
مشاكل الحدود بين المحافظات لعباس الطرابيلي


لكل المصريين
مشاكل الحدود بين المحافظات :
التحكيم الدولي .. أو الاستفتاء العام ! 
بقلم : عباس الطرابيلي

ونحن نحتفل بذكرى انتصارات اكتوبر، بعد ان اعاد التحكيم الدولي آخر نقطة فيها 
كانت في يد الاحتلال هي طابا . يعز علينا أن نتحدث عن حاجتنا الى تحكيم آخر لحسم 
نزاعات الحدود . وهى نزاعات ليست على خلافات حدودية بين مصر والسودان مثلا في 
اقصى الجنوب . او جراح قديمة على خلافات حدودية بين مصر وليبيا فى أقصى الغرب
عند جغبوب .. ولكنها للأسف خلافات حدود بين المحافظات المصرية 

وأرجو أن يصدقني القراء عندما اؤكد وجود خلافات حدودية رهيبة بين معظم 
محافظات مصر، وبعضها البعض . وهي قضية حقيقيه ولها ملفات تتضخم كل يوم في 
دهاليز مجلس الوزراء . وفي وزارة الحكم المحلي . . وفي مصلحة المساحة . وبالطبع في  
المحافظات المعنية . وهى ليست وليدة اليوم، بل قديمة قدم التقسيم الإداري الذي 
صاحب انشاء نظام الإدارة المحلية أو الحكم المحلي منذ حوالي 30‏ عاما . 

وإذا كانت الحدود بين الدول ترسم وتُعلم وتسجل حماية للتراب الوطني والمصالح 
القومية .. فإن الحدود بين المحافظات مجرد حدود إدارية الغرض منها حسن توفير 
الخدمات للمناطق السكانية حسب القرب أو البعد عن المدن الكبرى . حتى لا يتحمل 
المواطن أعباء فوق طاقته في سبيل تسهيل حصوله على المرافق والخدمات .. ولكن بعد 
أن نشأت صناديق الخدمات . وأصبحت هناك مصايف ومشاتٍ وموانئ. وأراض 
«تُسقّع» وبالتالي مصالح للمحافظة : حكومة ومحكومين . بدأَ الصراع يشتد على 
الحدود . خصوصا اذا لمعت في الأفق بادرة مصلحة هنا لهذا الحوت أو ذاك . 
وأصبحت مشاكل الحدود بين المحافظات تناقش علنا فى اجتماعات الحزب الوطني 
الحاكم بكل مستوياته .. لأن القضية أصبحت تتعلق «بمصالح» هذه المحافظة 
بالذات أو بمطامع كبار أهلها .. وهي مرتبطة أساسا بمدى قوة هذا المحافظ ، أو قربه 

وسأضرب مثلا واحدا عشته منذ سنوات هو مشكلة الحدود بين محافظتي دمياط 
والدقهلية . وهى قضية عمرها من عمر التقسيم الإداري الذى تحدثت عنه .. وبحكم 
«شطارة» الدمايطة ‏- خصوصا في إنشاء وإدارة المصايف ‏- فكر الدمايطة في انشاء 
مصيف توأم لرأس البر .. واختاروا موقعا للمصيف المختار عند قرية جمصة داخل 
حدود محافظة دمياط . وبدأت دمياط فى خطوات تحويل هذه المنطقة من مجرد قرية 
للصيادين الي مصيف جديد . وبدأت عمليات شق الطرق ومد شبكات المرافق ووضع 
البنية الأساسية . وفجأة تحركت محافظة الدقهلية . قالت ان دمياط لديها مصيفها 
المشهور ‏- رأس البر -‏ فلماذا لا يكون لنا مصيفنا ؟ وكان على رأس محافظة الدقهلية 
محافظ كان سكرتيرا لأول رئيس جمهورية لمصر - اللواء محمد نجيب -‏ وكان قريبا من 
عبدالناصر . وترضية لهذا المحافظ استجاب عبدالناصر واصدر أمرا بسحب أرض 
مصيف جمصة من محافظة دمياط ، وضمها لمحافظة الدقهلية ؟!
 
ومع فكرة شق ترعة السلام التي ستوصل مياه النيل من عند فرع دمياط إلى سيناء. 
ومع تنفيذ الفكرة تم تجفيف مساحات هائلة من أراضي بحيرة المنزلة . وتم «تسقيع» 
مساحات اخرى . وبدأ لعاب «حيتان» الأراضي يتحرك .. فالبعض يتحدث عن الحدود 
القديمة عندما كانت دمياط محافظة وليست مديرية .. والبعض يتحدث عن ضرورة 
استعادة هذه الأرض ، أو تلك . وإذا كانت قضية الحدود هذه بين المحافظتين قد 
خمدت بعض الشيء في عهد المحافظ السابق ، إلا أنها حُرِّكت من جديد بمجرد تولي 
المحافظ الجديد للسلطات فقد أصدر المحافظ قرارا بضم قرية الاسكندرية الجديدة الى 
محافظة الدقهلية . ونزعها عن محافظة دمياط . وفوجئ أهالي المنطقة بأنهم أصبحوا 
رعايا لمحافظة جديدة لم تقدم لهم أي خدمات ٠‏ ونزعت عنهم «رعوية» المحافظة التي 
وفرت لهم كل الخدمات . وأسرع الأهالي إلى رئيس مجلس الشعب . قالوا له لقد 
انتخبناك نائبا عن دمياط . ولم نعطك أصواتنا إلا لأننا تابعون لدمياط فكيف تقبل أن 
ينزعوا من دائرتك هذه المنطقة , بل ماذ! يحدث لو تم حل مجلس الشعب وأجريت 
انتخابات جديدة .. هل سنستمر ندلي بأصواتنا وننتخب - كما كنا - مرشحي دمياط .. 
أم سوف ننتخب مرشحي الدقهلية الذين لا نعرفهم ؟! 

ولم تهدأ محافظة دمياط . فعلى قدر علمي اتصل الدكتور أحمد جويلي محافظها 
بمحافظ الدقهلية الجديد مهنئا بتعيينه في منصبه الجديد. بحكم الجوار . وفتح معه 
موضوع الحدود وموضوع اسكندرية الجديدة . وقال ان الصالح العام يقتضي تجميد 
هذه القضايا الهامشية .. ولكن المساعي الحميدة فشلت . 
فأرسل محافظ دمياط رسالة مكتوبة إلى الدكتور عاطف صدقي رئيس حكومة كل
المحافظات طالبا منه سرعة التدخل ، يناء على مطالب أبناء المنطقة . بل وطلب المحافظ 
احالة الموضوع كله على لجنة تحكيم تدرس الموضوع وتبحث في الوثائق .. 

ويتهكم الدمايطة الآن وهم يبحثون في سجلاتهم عن أفضل المرشحين ليمثلوهم في 
لجنة التحكيم .. هل يكونون من العواجيز الذين عاشوا الماضي حتى يدلوا 
بشهادتهم .. ام يكونون من رجال القانون . وهل من الصالح أن يطالبوا بحكم 
سويسري أو هولندي .. وهل تعقد جلسات التحكيم فى جنيف أو لاهاي حيث مقر 
محكمة العدل الدولية .. أم تعقد في محافظة الوادي الجديد التى لا مصالح لها في 
دمياط ولا في الدقهلية . وهل يذهب وفد الى مصلحة المساحة للتنقيب في خرائطها ، كما 
فعلت كل من مصر وإسرائيل عندما بحثتا عن خرائط طابا وسيناء سواء فى المكتبة 
الوطنية البريطانية . أو في دار الوثائق العثمانية. وهل تفجر دمياط القضية القديمة 
الخاصة بمصيف جمصة . أم يكون التحرك مرحليا فقط، بحيث اذا نجحت لجنة 
تحكيم اسكندرية الجديدة في اعادتها إلى دمياط . تكون الخطوة التالية هى المطالبة  
بجمصة .. ام تعود اسكندرية الجديدة لدمياط مقابل التغاضي عن جمصة !!! 

قضية لعن الله من فجرها. ومن حفرها .. سواء من حيتان الأراضي الجديدة . أو 
بعض الذين في نفوسهم هوى . هو بالقطع ليس في صالح كل المصريين .. 

واذا كان الدمايطة الذين اتصلوا بي ليشرحوا قضية اسكندرية قد أشاروا إلى 
مطامع أخرى لمحافظة الدقهلية عند الزرقا والسرو وكفر سعد - وكلها مراكز تابعة 
لدمياط - إلا أنني أعلم أن قضايا الحدود أبعد من أن تكون مجرد مشكلة بين دمياط‎  
والدقهلية .. بل تكاد تكون هناك مشاكل حدود بين معظم المحافظات. ومادامت القضية‎ 
كذلك فلماذا لا تكون هناك لجنة دائمة عليا برئاسة رئيس الحكومة نفسه تعرض عليه 
نزاعات الحدود هذه . ليس بصفته وزيرا للحكم المحلي. ‏ ولكن بصفته رئيسا لحكومة 
كل المحافظات ٠‏ على أن تدرس اللجنة قرارات التقسيم الإداري وتحسم الأمر قبل أن  
يستفحل .. وتقرر، قبل إن يطالب السكان باستفتاء سكان المناطق المتنازع عليها . أو  
على الأقل قبل أن يحتكم الحيتان الجدد للسلاح . مادام الأمر يتعلق بالمصالح المالية ..

افتحوا ملف مشاكل الحدود، قبل أن تتمادى بعض المحافظات وتعلن الاستقلال، أو 
على الأقل تطالب بالتحكيم الدولي !!!

المصدر: الوفد - الخميس 5 ربيع الأول 1410 هـ - 5 أكتوبر 1989 م - 25 توت 1706 ق - العدد 292 - السنة السادسة
الصفحة العاشرة

الأربعاء، 27 أبريل 2022

أنظمة الأرقام اليونانية

المقالة هنا ترجمة بتصرف لمقالة بعنوان Greek number systems من تأليف: J J O'Connor  و E F Robertson

في الألفية الأولى قبل الميلاد لم تُوجَد معايير يونانية وطنية موحدة. لأن ولايات الجزر المختلفة تباهت باستقلاليتها. مما أدى لتبني كلا منها لعملتها وأوزانها ومقاييسها الخاصة الخ. وأوجد هذا اختلافات صغيرة في نظام الأرقام بين الولايات المختلفة لأن نظام الأرقام قديما كان يستخدم بصورة كبيرة في المعاملات التجارية. ومع ذلك فإننا لن نفحص بالتفصيل في هذه المقالة الاختلافات الصغيرة في نظام الأرقام في هذه الولايات، بل سنلقي نظرة على هيكله العام. من البداية علينا توضيح أن الإغريق كان لديهم أنظمة مختلفة للأعداد الأصلية (cardinal) والترتيبية (ordinal)، لذا علينا توضيح ما نعنيه بأنظمة الأرقام اليونانية. أيضا سنبحث سريعا أنظمة أرقام اقترحها بعض علماء الرياضيات اليونانيون ولكنها لم تلق قبولا واسعا.

أول نظام أرقام يوناني سنبحثه هو نظامهم الأكروفوني المستخدم في الألفية الأولى قبل الميلاد. والأكروفوني "Acrophonic" (من الكلمتين اليونانيتين ἄκρος أكروس بمعني بداية و  φωνή فون بمعني صوت) يعني أن رمز الرقم يأتي من الحرف الأول من اسمه، لذا فالرمز أتى من الكلمة المختصرة المعبرة عن الرقم. فيما يلي رموز الأرقام 5، 10، 100، 1000، 10000.

الأرقام الأكروفونية 5، 10، 100، 1000، 10000.

الأرقام الأكروفونية 5، 10، 100، 1000، 10000.
الأرقام الأكروفونية 5، 10، 100، 1000، 10000.



لقد أغفلنا رمز "الواحد" ، وهو ببساطة "|"، وبشكل واضح لم يأت من الحرف الأول للرقم. بالنسبة لـ 5، 10، 100، 1000، 10000 سيدرك القارئ أن رمز 5 عبارة عن لغز، فطبقا لهذا النظام كان يجب استخدام P وهو الحرف الأول من كلمة Pente (وتعني خمسة باليونانية). ببساطة يرجع السبب لتغير الأبجدية اليونانية وبقيت الحروف الأولى لكلمات الأرقام على سابق عهدها. ربما لم يكن يُعتقد أن رموز الأرقام أتت من الحروف، لذا بقيت على حالها. فالشكل الأصلي لـ حرف باي اليوناني π  كان Γ (مثل حرف الجاما ولكن في نهاية الخط الأفقي انحناءة للأسفل) لذا Pente كانت تكتب كـ Gente (ملاحظة هنا أعتقد أنه اختلط الأمر على مؤلف المقالة، فحرف الباي ظل على نطقه القديم لكن تغير شكله فقط).

اعتمد النظام مبدأ الإضافة كالأرقام الرومانية. ببساطة 8 هي VIII، أي رمز الخمسة متبوعًا بثلاثة رموز للواحد. هذه الأرقام اليونانية من  1 الى 10 بالنظام الأكروفوني.

الأرقام اليونانية الأكروفونية من 1 الى 10.

الأرقام اليونانية الأكروفونية من 1 الى 10.
الأرقام اليونانية الأكروفونية من 1 الى 10.


لو استخدمنا النظام العشري مع مبدأ الاضافة بدون رموز وسط، فسنحتاج للعديد من الحروف لتمثيل أعداد معينة. فعدد كـ 9999 سيتطلب 36 رمزًا في نظام كهذا وهو أمر مرهق جدًا. ذكرنا أن الأرقام الصوتية اليونانية احتوت على رمز خاص ل 5، وهذا طبيعي لأنه سيقلل الأحرف المطلوبة لتمثيل الأعداد ونشأ من العد على الأصابع (10 أصابع، 5 في كل يد). والمدهش أن النظام احتوى على رموز وسيطة لـ 50 و 500 و 5000 و 50000 لكنها لم تكن حروف جديدة، بل مركبة من 5 ورموز لـ 10 ، 100 ، 1000 ، 10000 على التوالي. هنا ترى تركيب لتلك الأعداد.

تركيب أرقام أكروفونية.



تركيب أرقام أكروفونية.
تركيب أرقام أكروفونية.


لاحظ لأنه نظام غير موضعي، لذا ليس هناك حاجة للصفر للتعبير عن خلو الموضع. فرمز H يعبر عن العدد  100 ولا حاجة لاستخدام أرقام بها عشرات أو وحدات.

ليست هذه الطريقة الوحيدة لإنشاء هذه الرموز المركبة. ذكرنا بالفعل أن ولايات عدة استخدمت أنظمة أرقام متنوعة، وبرغم أننا لن نبحثها بالتفصيل، وكن على الأقل سنشير لها بعرض بعض صور العدد 50 التي عُثِرَ عليها. معظمها أقدم من صور الأرقام الرئيسية والتي تعتبر أكثر نمطية في الفترة من 1500 ق. م لـ 1000 ق. م.

صور مختلفة للعدد 50 من عدة ولايات يونانية.

صور مختلفة للعدد 50 من عدة ولايات يونانية.
صور مختلفة للعدد 50 من عدة ولايات يونانية.

جدير بالذكر أن نظام الأرقام هذا لم يكن مكونًا من أرقام مجردة بالطريقة التي ننظر بها الآن للأرقام. الآن الرقم 2 يستخدم للدلالة على أي مجموعة تحتوي على عنصرين، ويُنظر للرقم 2 على أنه خاصية مجردة تشترك فيها كل هذه المجموعات الثنائية العناصر. نعرف أن فكرة الإغريق القدماء عن الأرقام كانت مختلفة لحد ما، حيث يختلف شكل الرقم بحسب ما يدل عليه. كان عد الأموال هو الاستخدام الشائع لنظام الأرقام هذا. وكانت الدراخما هي الوحدة الأساسية للمال مع وحدة أكبر هي الطالنط والتي تساوي 6000 دراخما. قُسِمتْ الدراخما لوحدات أصغر، وهي الأوبول والذي كان 1/6 الدراخما والخالكوس (χαλκός بمعنى نحاس)  وكان 1/8 من الأوبول. استخدم أيضا نصف وربع الأوبول. لاحظ أن نظام العملة هذا لم يكن عشريا  برغم احتوائه على 10 كأساس و 5 كأساس ثانوي.

أُشير لوحدات العملة المختلفة بتعديل تدوين الوحدات في العدد.

دُوِنَت 5678 دراخما بهذه الطريقة:

5678 دراخما
5678 دراخما



شكل الوحدات سيشير للدراخما.

ودُوِنَت 3807 طالنط على النحو التالي:

3807 طالنط
3807 طالنط



وترى الآن الوحدات ممثلة بـ T (T لكلمة طالنط τᾰ́λαντον). ولتدوين مبلغ من المال فيه دراخما وأبولات سيكون على النحو التالي:

3807 دراخما و3 أبولات:

3807 دراخما و3 أبولات
3807 دراخما و3 أبولات



استخدم هذا النظام الأكروفوني لما هو أكثر من المال. فاُستخدِم نظام مشابه جدًا للتعامل مع الأوزان والمقاييس وهو أمر لا يثير الدهشة لأن قيمة المال تطورت بالتأكيد من نظام للأوزان. ويؤكد هذا حقيقة أن الدراخما كانت أيضًا اسما لوحدة الوزن.

لنفحص الآن نظام الأرقام اليوناني القديم الثاني، وهو الأرقام الأبجدية، أو كما يسمى أحيانًا نظام "المتعلمين". كما يقترح الاسم، فإن الأرقام تستند لقيم معطاة للحروف الأبجدية. وجدير بالذكر أن الإغريق كانوا من أوائل من استخدموا نظام أبجدي للكتابة. لم يخترعوا هذا الشكل من الكتابة الأبجدية، لأن الفينيقيين سبقوهم إليه. فأخذ اليونانيون عن النظام الفينيقي الأبجدية اليونانية المستخدمة في الكتابة وكانت قريبة جدًا منها. لن نبحث أشكال الحروف اليونانية نفسها، لكن بكل تأكيد ساهم هذا الشكل من الكتابة في تقدم المعرفة. وهو الطريقة الأساسية للتواصل في معظم البلاد حاليا، رغم أن بعض الناس تفضل استخدام طرق أخرى للكتابة.

هناك 24 حرفًا في الأبجدية اليونانية الكلاسيكية و3 أحرف قديمة بَطُلَ استخدامها (ديجاما ϛ، سان Ϻ، وكوبا Ϙ). هذه هي الأحرف الـ 27 

الحروف اليونانية القديمة
الحروف اليونانية القديمة

عرضنا هنا صور الحروف الكبيرة والصغيرة الـ 24. عدا الحروف ديجاما وكوبا وسان التي بَطُلَ استخدامها. وبرغم أننا لم نعرض رموزهم في الجدول أعلاه ولكن رموزهم معروضة في جداول الأرقام أدناه. اتخذت التسعة حروف الأولى منها كرموز للأرقام 1، 2، ...، 9.

الأرقام الأبجدية 1-9.

الأرقام الأبجدية 1-9
الأرقام الأبجدية 1-9

لاحظ أن الرقم 6 مُمثل برمز خاص بالحرف القديم ديجاما .

أتخذت الحروف التسعة التالية كرموز لـ 10، 20، ...، 90.

الأرقام الأبجدية 10-90.

الأرقام الأبجدية 10-90.
الأرقام الأبجدية 10-90.

لاحظ أن الرقم 90 ممثل برمز الحرف القديم كوبا.

أتخذت الحروف التسعة المتبقية كرموز لـ 100، 200، ...، 900.

الأرقام الأبجدية 100-900.

الأرقام الأبجدية 100-900.
الأرقام الأبجدية 100-900.


لاحظ أن 900 ممثل برمز الحرف القديم سان.

أحيانا عند استخدام هذه الحروف لتمثيل الأرقام، يوضع شريط فوق الرمز لتمييزه عن الحرف المقابل.

يتم تكوين الأعداد عن طريق مبدأ الإضافة. كمثال نكتب 11، 12، ...، 19:

الأرقام الأبجدية 11-19.

الأرقام الأبجدية 11-19
الأرقام الأبجدية 11-19



ولأعداد أكبر نستخدم نفس الطريقة. كمثال هنا 269.

العدد الأبجدي 269.

العدد الأبجدي 269
العدد الأبجدي 269



هذا النظام مدمج ولكن بدون تعديلات يعيبه بشكل كبير عدم قدرته على التعبير أعداد أكبر من 999. لذا وُضِعَتْ رموز مركبة للتغلب على هذا القصور. تُمَثَلْ الأعداد بين 1000 و 9000 عن طريق إضافة حرف إيوتا سفلي أو علوي للأرقام من 1 إلى 9.

شكل أول للأعداد 1000، ...، 9000.

شكل أول للأعداد 1000، ...، 9000
شكل أول للأعداد 1000، ...، 9000



شكل آخر للأعداد من 1000، ...، 9000.

شكل آخر للأعداد من 1000، ...، 9000
شكل آخر للأعداد من 1000، ...، 9000



كيف مَثَلَ اليونانيون الأعداد الأكبر من 9999؟ حسنًا، لقد أسسوا لأعدادهم الأكبر من ذلك على مفهوم "العدد الذي لا يحصى" (μυριάς) والذي كان 10000. الرمز M وأعلاه رقم أبجدي صغير حتى 9999 يعني أن العدد الممثل بالرقم الأبجدي الصغير مضروب في 10000. لذا فإن وضع β فوق M تعني أن العدد 20000  (2 ممثلة ب β مضروبة في 10000):

العدد 20000.

العدد 20000
العدد 20000



بالمثل العدد الأبجدي ρκγ (يمثل 123) فوق M يمثل 1230000:

العدد 1230000.

العدد 1230000
العدد 1230000



بالطبع، وضع عدد كبير فوق M كان أمرًا مرهقًا لحد ما، وكثيرا ما وُضِعَ العدد الأبجدي الصغير أمام M وليس فوقه. كمثال من أرسطرخس الساموسي:

كتب أرسطرخس العدد 71755875 كذا:

كتابة أرسطرخس للعدد 71755875
كتابة أرسطرخس للعدد 71755875



لمعظم الاستخدامات يمكن أن يمثل نظام الأرقام هذا جميع الأرقام في الحياة اليومية العادية. بالواقع، من النادر وجود أعداد كبيرة مثل 71755875. من جانب آخر، فهم علماء الرياضيات الحاجة لتوسيع نظام الأرقام ولنبحث اقتراحين لهذا الغرض، الأول لأبولونيوس ثم بعده بفترة وجيزة آخر لأرخميدس ( برغم أنه تاريخيًا قدم أرخميدس اقتراحه قبل أبولونيوس بحوالي 50 عامًا).

على رغم أنه اقتراح أبولونيوس لم يصلنا منه مباشرة، إلا أنه وصلنا مما كتبه ببس الرومي عنه. النظام المشروح أعلاه استخدم الضرب بـ "العدد الذي لا يحصى" (μυριάς). كانت فكرة أبولونيوس لتوسيع النظام لأعداد أكبر هي استخدام مضاعفات "العدد الذي لا يحصى" (μυριάς). فوضع الرقم الأبجدي α فوق M يُعطي 10000، M فوقها β يُعطي M2، أي 100000000، وهكذا. والرقم المراد ضربه في 10000، 10000000، إلخ ، يُكْتَبْ بعد الرمز M والكلمة χαι (ولعلها και بمعنى واو الإضافة) تكتب بين أجزاء العدد، وهي كلمة تُفَسَر على أنها "زائد". كمثال هنا طريقة أبولونيوس لكتابة  587571750269.

تمثيل أبولونيوس للعدد 587571750269.

تمثيل أبولونيوس للعدد 587571750269
تمثيل أبولونيوس للعدد 587571750269


صمم أرخميدس نظامًا مشابهًا ولكن بدلاً من استخدام   كعدد أساسي يُضاعف لقوى مختلفة قام باستخدام 100000000=108، مضاعفًا لقوى مختلفة. تكونت أول مجموعة ثمانية لأرخميدس من الأعداد حتى 108 وكانت المجموعة الثمانية التالية من الأرقام من 108 حتى 1016. أرخميدس وباستخدام هذا النظام، حَسَبَ عدد حبيبات الرمل التي يمكن ملئ الكون بها وتوصل إلى أنها من رتبة المجموعة الثمانية الثامنة ، أي برتبة 1064.

المصادر:

  1. G Ifrah, A universal history of numbers : From prehistory to the invention of the computer (London, 1998).

📗 طالع أيضاً:

لوحة لشبه محراب من مسجد أبو العطا (أبو المعاطي؟) بدمياط حوالي 1858

شبه محراب من مسجد أبو العطا (أبو المعاطي؟) بدمياط
شبه محراب من مسجد أبو العطا (أبو المعاطي؟) بدمياط

المصدر: L'architecture du Vme au XVIIme siècle et les arts qui en dépendent : la sculpture, la peinture murale, la peinture sur verre, la mosaïque, la ferronnerie, etc. by Gailhabaud, Jules (رابط)

الاثنين، 25 أبريل 2022

تنيس وتونة من كتاب الخطط التوفيقية

خريطة توضح بحيرة تنيس وبحيرة دمياط وبحيرة الزار من كتاب أطلس تاريخ الإسلام
خريطة توضح بحيرة تنيس وبحيرة دمياط وبحيرة الزار من كتاب أطلس تاريخ الإسلام


﴿ تنيس ﴾ قال المقريزي فى خططه هى بكسر التاء المنقوطة باثنتين من
فوقها وكسر النون المشددة و ياء آخر الحروف وسين مهملة بلدة من بلاد مصر فى وسط الماء وهي من كورة الخليج
سميت بتنيس بن حام بن نوح ويقال بناها قليمون من ولد اتريب بن قبطيم أحد ملوك القبط فى القديم قال ابن وصيف شاه
وملكت بعد اتريب ابنته فدبرت الملك وساسته بأيد وقوّة خمسا وثلاثين سنة وماتت فقام بالملك من بعدها ابن أختها
قليمون الملك فرد الوزراء الى مراتبهم وأقام الكهان على مواضعهم ولم يخرج الامر عن رأيهم وجدّ في العمارات وطلب
الحكم وفي أيامه بنيت تنيس الاولى التى غرقها البحر وكان بينه وبينها شئ كثير وحولها الزرع والشجر والكروم وقرى
ومعاصر للخمر وعمارة لم يكن أحسن منها فأمر الملك أن يبنى له في وسطها مجالس وينصب عليها قباب وتزين بأحسن
الزينة والنقوش وأم بفرشها واصلاحها وكان اذا بدأ النيل يجري انتقل الملك اليها فأقام بها الى النوروز ورجع وكان
للملك بها أمناء يقسمون المياه ويعطون كل قرية قسطها وكان على تلك القرى حصن يدور بقناطر وكان كل ملك يأتي يأمر
بعمارتها والزيادة فيها ويجعلها له منتزها ويقال ان الجنتين اللتين ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز اذ يقول واضرب لهم
مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا الآيات كانتا لاخوين من بيت
الملك أقطعهما ذلك الموضع فأحسنا عمارته وهندسته وبنيانه وكان الملك يتنزه فيهـما ويؤتى منهـما بغرائب الفواكه
والبقول ويعمل له من الاطعمة والاشربة ما يستطيبه فعجب بذلك المكان أحد الاخوين وكان كثير الضيافة والصدقة
ففرق ماله في وجوه البر وكان الآخر ممسكا يسخر من أخيه اذا فرق ماله وكلما باع من قسمه شيأ اشتراه منه حتى بقى
لايملك شيأ وصارت تلك الجنة لاخيه واحتاج الى سؤاله فانتهره وطرده وعيره بالتبذير وقال قد كنت أنصحك بصيانة
مالك فلم تفعل ونفعني امساكي فصرت أنا أكثر منك مالا وولدا وولى عنه مسرورا بماله وجنته فأمر الله تعالى البحر
فركب تلك القرى وغرقها جميعها فأقبل صاحبها يولول ويدعو بالثبور ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا قال الله جل
جلاله ولم تكن له فئـة ينصرونه من دون الله وفي زمان قليمون الملك بنيت دمياط وملك قليمون تسعين سنة وعمل
لنفسه ناووسا (قبرا) في الجبل الشرقي وحول اليه الاموال والجواهر وسائر الذخائر وجعل من داخله تماثيل تدور
بلواليب في أيديهما سيوف من دخل قطعته وجعل عن يمينه ويساره أسدين من نحاس مذهب بلوالب من أتاه حطمه
وزبر عليه هذا قبر قليمون ابن اتريب بن قبطيم بن مصر عمر دهرا وأتاه الموت فما استطاع له دفعا فمن وصل اليه فلا يسلبه
ما عليه وليأخذ من بين يديه ويقال ان تنيس أخ لدمياط وقال المسعودي في كتاب مروج الذهب وغيره تنيس كانت
أرضا لم يكن بمصر مثلها استواء وطيب تربة وكانت جنانا ونخلا وكرما وثمر ومزارع وكانت فيها مجار على ارتفاع من
الارض ولم ير الناس بلدا أحسن من هـذه الارض ولا أحسن اتصالا من جنانها وكرومها ولم يكن بمصر كورة يقال
انها تشبهها الا الفيوم وكان الماء منحدرا اليها لا ينقطع عنها صيفا ولا شتاء يسقون جنانهم اذا شاؤا وكذلك زروعهم
وسائره يصب الى البحر من جميع خلجانه ومن الموضع المعروف بالاشـتوم وقد كان بين البحر و بين هذه الارض مسيرة
يوم وكان فيما بين العريش وجزيرة قبرس طريق مسلوك الى قبرس تسلكه الدواب يبسا ولم يكن بين العريش وجزيرة
قبرس في البحر سـير طويل حتى علا الماء الطريق الذى كان بين العريش وقبرس فلما مضت لدقلطيانوس من ملكه
مائتان واحدى وخمسون سنة هجم الماء من البحر على بعض المواضع التى تسمى اليوم بحيرة تنيس فأغرقه وصار يزيد
في كل عام حتى أغرقها بأجمعها فما كان من القرى التى فى قرارها غرق وأما الذى كان منها على ارتفاع من الارض فبقى
منه تونة وبورا وغير ذلك مما هو باق الى هذا الوقت والماء محيط بها وكان أهل القرى التى فى هذه البحيرة ينقلون موتاهم
الى تنيس فنبشوهم واحدا بعد واحد وكان استحكام غرق هذه الارض بأجمعها قبل أن تفتح مصربمائة سنة قال وقد
كان لملك من الملوك التي كانت دارها الفرماء مع اركون من أرا كنة البلينا وما اتصل بها من الارض حروب عملت
فيها خنادق وخلجان فتحت من النيل الى البحر يمتنع بها كل واحد من الآخر وكان ذلك داعيا لتشعب الماء من النيل
واستيلائه على هذه الارض وقال في كتاب أخبار الزمان وكانت تنيس عظيمة لها مائة باب وقال ابن بطلان تنيس بلد
صغير على جزيرة في وسط البحر ميله الى الجنوب عن وسط الاقليم الرابع خمس درج وأرضه سبخة وهواؤه مختلف
وشراب أهله من مياه مخزونة في صهاريج تمـلأ في كل سنة عنـد عـذوبة مياه البحر بدخول ماء النيل اليها وجميع
حاجاتها مجلوبة اليها فى المرا كب وأكثر أغذية أهلها السمك والجبن وألبان البقر فان ضمان الجبن السلطاني سبعمائة
دينار حسابا عن كل ألف قالب دينار ونصف وضمان السمك عشرة آلاف دينار وأخلاق أهلها سهلة منقادة وطبائعهم
مائلة الى الرطوبة والأنوثة قال أبوالسري الطبيب انه كان يولد بها في كل سنة مائتا مخنث وهم يحبون النظافة
والدماثة والغناء واللذة وأ كثرهم يبيتون سكارى وهم قليلو الرياضة لضيق البلد وأبدانهـم ممتلئة الاخلاط وحصل
بها مرض يقال له الفواق التنيسي أقام بأهلها ثلاثين سنة وقال جامع تاريخ دمياط وكان على تنيس رجل يقال له
أبو ثور من العرب المتنصرة فلما فتحت دمياط سارا اليها المسلمون فبرز اليهم نحو عشرين ألفا من العرب المتنصرة والقبط
والروم فكانت بينهـم حروب آلت الى وقوع أبي ثور فى أيدي المسلمين وانهزام أصحابه فدخـل المسلمون البلد وبنوا
كنيستها جامعا وقسموا الغنائم وساروا الى الفرماء فلم تزل تنيس بيد المسلمين الى أن كانت امرة بشربن صفوان الكلبي
على مصر من قبل يزيد بن عبدالملك في شهر رمضان سنة احدى ومائة فنزل الروم تنيس فقتل مزاحم بن مسلمة المرادي
أميرها في جمع من الموالي وفيهم يقول الشاعر
ألم تربع فيخبرك الرجال * بما لاقى بتنيس الموالي
وكانت تنيس مدينة كبيرة وفيها آثار كثيرة للاوائل وكان أهلها مياسير أصحاب ثراء وأكثرهم حاكة وبها تحاك ثياب
الشروب التى لايصنع مثلها في الدنيا وكان يصنع فيها للخليفة ثوب يقال له البدنة لايدخل فيه من الغزل سدى ولحمة غير
أوقيتين وينسج باقيه بالذهب بصناعة محكمة لا تحوج الى تفصيل ولا خياطة يبلغ قيمته ألف دينار وليس في الدنيا
طراز ثوب كتان يبلغ الثوب منه وهو ساذج بغير ذهب مائة دينار عينا غـير طراز تنيس ودمياط وكان النيل اذا أطلق
يشرب منه من مشارق الفرما من ناحية جرجير وفاقوس من خليج تنيس فكانت من أجل مدن مصر وان كانت
شطا ودبقو ودميرة وتونة وما قاربها من تلك الجزائر يعمـل بها الرفيع فليس ذلك يقارب التنيسي والدمياطي وكان
الحمل منها الى ما بعد سنة ستين وثلثمائة يبلغ من عشرين ألف دينار الى ثلاثين ألف دينار لجهاز العراق فلما تولى الوزير
يعقوب بن كاس تدبير المال استأصل ذلك بالنوائب وكان يسكن بمدينة تنيس ودمياط نصارى تحت الذمة وكان أهل
تنيس يصيدون السماني وغير ذلك من الطيرعلى أبواب دورهم والسماني طير يخرج من البحر فيقع فى تلك الشباك
وكانت السفن تركب من تنيس الى الفرماء وهي على ساحل البحر ولما مات هرون الرشيد وقام من بعده ابنه الأمين
وأراد الغدر والنكث بالمأمون كان على مصر حاتم بن هرثمة بن أعين من قبل الأمين فلما ثار عليه أهل تنو وتمي بعث
اليهم السري بن الحكم وعبد العزيز ابن الوزير الجروي فغلبا بعد الثمانية من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ثم ولي
الأمير جابر ابن الاشعث الطائي مصر وصرف حاتم بن هرثمة وكان جابر لينا فلما تباعد ما بين محمد الامين وبين أخيه عبد الله
المأمون وخلع محمد أخاه من ولاية العهد وترك الدعاء له على المنابر وعهد الى ابنه موسى ولقبه بالشديد ودعا له تكلم
الجند بمصر بينهم في خلع محمد غضبا للمأمون فبعث اليهم جابر ينهاهم عن ذلك ويخوفهم عواقب الفتن وأقبل السري
ابن الحكم يدعو الناس الى خلع محمد وكان ممن دخل الى مصر في أيام الرشيد من جندا لليث ابن الفضل وكان خاملا
فارتفع ذكره بقيامه في خلع محمد الامين وكتب المأمون الى أشراف مصر يدعوهم الى القيام بدعوته فأجابوه وبايعوا
المأمون في رجب سنة ست وتسعين ومائة ووثبوا بجابر فأخرجوه وولوا عباد بن محمد فبلغ ذلك محمد الامين فكتب
الى رؤساء الحوف بولاية ربيعة بن قيس الجرشي وكان رئيس قيس الحوف فانقاد أهل الحوف كلهم معه يمنها وقيسها
وأظهروا دعوة الامين وخلع المأمون وساروا الى الفسطاط لمحاربة أهلها واقتتلوا فكانت بينهما قتلى ثم انصرفوا
وعادوا مرارا الى الحرب فعقد عباد بن محمد لعبد العزير الجروي وسيره في جيش ليحارب القوم في دارهم فخرج في ذي
القعدة سنة سبع وتسعين ومائة وحاربهم بعمريط فانهزم الجروي ومضى في قوم من لخم وجذام الى فاقوس فقال له
قومه لم لاتدعو لنفسك فأنت بدون هولاء الذين غلبوا على الارض فمضى فيهم الى تنيس فنزلها ثم بعث بعماله يجبون
الخراج من أسفل الارض فبعث ربيعة بن قيس يمنعه من الجباية وسار أهل الحوف في المحرم سنة ثمان وتسعين الى
الفسطاط فاقتتلوا وقتل جمع من الفريقين وبلغ أهل الحوف قتل الامين فتفرقوا وولي امرة مصر مطلب بن عبدالله
الخزاعي من قبل المأمون فدخلها في ربيع الاول وولى عبدالعزيزالجروي شرطته ثم عزله وعقد له على حرب أسفل
الارض ثم صرف المطلب وولي العباس بن موسى بن عيسى في شوّال فولى عبدالعزيز الشرطة فلما ثار الجند وأعادوا
المطلب في المحرم سنة تسع وتسعين هرب الجروي الى تنيس وأقبل العباس بن موسى بن عيسى من مكة الى الحوف
فنزل بلبيس ودعا قيسا الى نصرته ثم مضى الى الجروي بتنيس فأشار عليه أن ينزل دار قيس فرجع الى بلبيس في
جمادى الآخرة وبها مات مسموما في طعام دسه اليه المطلب على يد قيس فدان أهـل الاحواف للمطلب وبايعوه
وسارعوا الى جب عميرة وسالموه عندما لاقوه وبعث الى الجروي يأمره بالشخوص الى الفسطاط فامتنع من ذلك
وسار في مراكبه حتى نزل شطنوف فبعث اليه المطلب السري بن الحكم في جمع من الجند يسألونه الصلح فأجابهم اليه
ثم اجتهد فى الغـدر بهم فتيقظوا له فمضى راجعا الى بنا فاتبعوه وحاربوه ثم عاد فدعاهم الى الصلح ولاطف السري
فخرج اليه في زلاج وخرج الجروي في مثله فالتقيا في وسط النيل مقابل سندفا وقد أعد الجروي في باطن زلاجه
الحبال وأمر أصحابه بسندفا اذا الصق بزلاج السري أن يجروا الحبال اليهـم فلصق الجروي زلاج السمري فربطه
في زلاجـه وجر الحبال وأسر السري ومضى به الى تنيس فسجنه بها وذلك في جمادى الاولى ثم كر الجروي وقاتل
فلقيه جموع المطلب بسـقط سليط في رجب فظفر ولما عزل عمر بن ملاك عن الاسكندر ية ثار بالاندلسـيين ودعا
للجروي فأقبل عبد الله بن موسى بن عيسى الى مصر طالبا بدم أخيه العباس في المحرم سنة مائتين فنزل على عبد العزيز
الجروي فسار معه فى جيوش كثيرة العدد في البر والبحر حتى نزل الجيزة فخرج اليه المطلب فى اهـل مصر فحاربوه في
صفر فرجع الجروي الى شرقيون ومضى عبد الله بن موسى الى الحجاز وظهر للمطلب أن أبا حرمله فرجا الاسود هو
الذي كاتب عبد الله بن موسى وحرضه على المسير فطلبه ففر الى الجروي وجدّ المطلب في أمر الجروي فاخرج الجروي
السري بن الحكم من السجن وعاهده وعاقده على أن يثور بالمطلب ويخلعه فعاهده السري على ذلك فاطلقه وألقى
الى أهل مصر ان كتابا ورد بولايته فاستقبله الجند من أهل خراسان وعقدوا له عليهم وامتنع المصريون من ولائه فنزل
داره بالحمراء وأمده قيس بجمع منهـم وحارب المصريين فهزمهم وقتل منهم فطلب المطلب منه الامان فامنه وخرج
من مصر واستبد السمري بن الحكم بأمر مصر في مستهل شهر رمضان فلما قتل الاندلسيون عمر بن ملاك بالاسكندرية
سار اليها الجروي في خمسين ألفا فبعث السري الى تنيس بعثا فكر الجروي راجعا الى تنيس في المحرم سـنة
احدى ومائتين فلما ثار الجند بالسري في شهر ربيع الاوّل وبايعوا سليمن ابن غالب قام عباد بن محمد عليه وخلعه وقام
بالامر على بن حمزة بن جعفر بن سليمن بن علي بن عبدالله بن عباس في مستهل شعبان فامتنع عباد أن يبايعه ولحق
بالجروي ثم لحق به أيضا سليمن بن غالب فكان معه وعاد السري الى ولاية مصر في شعبان وقوي سلطانه فلما كان
في المحرم سنة اثنتين ومائتين ورد كتاب المأمون اليه يأمره بالبيعة لولي عهده علي بن موسى الرضا فبويع له بمصر فقام
في فساد ذلك ابراهيم بن المهدي ببغداد وكتب الى وجوه الجند بمصر يأمرهم بخلع المأمون وولي عهده وبالوثوب على
السري فقام بذلك الحرث بن زرعة بن محرم بالفسطاط وعبد العزيز بن الوزير الجروي بأسفل الارض ومسلمة بن عبد
الملك الطحاوي الازدي بالصعيد وخالفوا السري ودعوا الى ابراهيم بن المهدي وعقدوا على ذلك الامر لعبد العزيز
ابن عبدالرحمن الازدي فحاربه السمري وظفر به فى صفر ولحق كل من كره بيعة علي الرضا بالجروي لمنعته بتنيس
وشدة سلطانه فسار الى الاسكندرية وملكها ودعا له بها وببلاد الصعيد ثم سار في جمع كبير لمحاربة السري واستعد كل
منهما لصاحبه بأعظم ما قدر عليه فبعث اليه السري ابنه ميمونا فالتقيا بشطنوف فقتل ميمون في جمادى الاولى سـنة
ثلاث ومائتين وأقبل الجروي فى مراكبه الى الفسطاط ليحرقها فخرج اليه أهـل المسجد وسألوه الكف فانصرف
عنها وحارب الاسكندرية غير مرة وقتل بها من حجر أصابه من منجنيقه في آخر صفر سنة خمس ومائتين ومات السري
بعده بثلاثة أشهر في آخر جمادى الاولى وقام بعد الجروي ابنه علي بن عبد العزير الجروي فحارب أبنصر محمد بن السري
امير مصر بعد أبيه بشطنوف ثم التقيا بدمنهور فيقال ان القتلى بينهما يومئذ كانوا سبعة آلاف وانهزم ابن السري
الى الفسطاط فتبعهم مراكب ابن الجروي ثم عادت فدخل أبوحرملة فرج بينهما حتى اصطلحا ومات ابن السري فى
شعبان سنة ست ومائتين فولي بعده أخوه عبيد الله بن السري فكف عن ابن الجروي وبعث المأمون مخلد بن يزيد بن
مزيد الشيباني الى مصر في جيش من ربيعة فامتنع عبيد الله بن السري من التسليم له ومانعه فاقتتلوا وانضم علي بن
الجروي الى خالد بن يزيد وأقام له الانزال وأغاثه وسار حتى نزل على خندق عبيد الله بن السري فاقتتلا في شهر ربيع
الاول سنة سبع ومائتين وجرت بينهما حروب بعد ذلك آلت الى ترفع خالد الى أرض الحوف فكره ذلك ابن الجروي
ومكر به حتى أخرجه من عمله الى غرب النيل فنزل بهيا وانصرف ابن الجروي الى تنيس فصار خالد في ضر وجهد وعسكر
له ابن السري فى شهر رمضان وأسره وأخرجه من مصر الى مكة في البحر وبعث المأمون بولاية عبيدالله بن السري على
ما في يده وهو فسطاط مصر وصعيدها وغربيها وبولاية علي بن عبد العزيز الجروي تنيس مع الحوف الشرقي وضمنه
خراجه وأقبل ابن الجروي على استخراح خراجه من أهل الحوف فمانعوه وكتبوا الى ابن السري يستمدونه عليه
فامدهم بأخيه فالتقيا بكورة بنا في بلقينة فاقتتلوا في صفر سنة تسع ومائتين وامتدت الحروب بينهما الى أثناء ربيع 
الاول وهم منتصفون فانصرف ابن الجروي فيمن معه الى دمياط فسار ابن السري الى محله شريقون فنهبها وبعث الى
تنيس ودمياط فملكها ولحق ابن الجروي بالفرما و سار منها الى العريش فنزل فيما بينها وبين غزة ثم عاد واغار على الفرما
في جمادى الاخرة ففر أصحاب ابن السري من تنيس وسار ابن الجروي الى شطنوف فخرج اليه ابن السري واقتتلا
فكانت لابن الجروي في أول النهار ثم أتاه كمين ابن السمري فانهزم وذلك في رجب فمضى الى العريش وسار ابن السري 
الى تنيس ودمياط ثم أقبل ابن الجروي في المحرم سنة عشر ومائتين وملك تنيس ودمياط بغير قتال فبعث اليه ابن السري 
البعوث فحاربهم فبينما هم في ذلك اذ قدم عبد الله بن طاهر فمدّ ابن الجروي بالاموال والأَنزال وانضم اليه ونزل معه 
ببلبيس فامتنع ابن السري ودافع ابن طاهر فتراخى له وبعث فجبى المال ونزل زفتا وبعث الى شطنوف عيسى الجلودي 
على جسر عقده من زفتا وجعل ابن الجروي على سفنه التي جاءته من الشام لمعرفته بالحرب فهزم مراكب ابن السري 
في المحرم سنة احدى عشرة وصالح ابن طاهر عبيد الله بن السري فى صفر وخلع عليه وأجازه بعشرة آلاف دينار وأمره 
بالخروح الى المأمون فسكنت فتن مصر بعبد الله بن طاهر وفي سنة سبع وسبعين وثلثمائة ولدت بتنيس معزى جديا له
عدّة قرون ورأسه مع صدره وبدنه ومقدمه بصوف أبيض ومؤخره بشعر أسود وذنبه ذنب شاة وولدت امرأة طفلة لها 
رأس مدور ولها يدان ورجلان وذنب ولثلاث بقين من ذى الحجة من هذه السنة حدث بتنيس رعد وبرق وريح شديدة 
وسواد عظيم في الجوّ ثم ظهر وقت السحر في السما عمود نار احمرت منه السماء والارض أشد حمرة وخرج غبار ودخان 
يأخذ بالانفاس فلم يزل الى الرابعة من النهار حتى ظهرت الشمس ولم يزل كذلك خمسة أيام وفي سنة اثنتين وثلاثين
وثلثمائة حضر عند قاضي تنيس أبي محمد عبد الله بن أبى الريس رجل وامرأة فطالبت المرأة الرجل بفرض واجب 
عليه فقال الرجل تزوجت بها منذ خمسة أيام فوجدت لها ما للرجال وما للنساء فبعث اليها القاضي امرأة لتشرف عليها 
فاخبرت ان لها فوق القبل ذكرا بخصيتين والفرج تحتها والذكر أقلف وأنها رائعة الحسن فطلقها الزوج قال
أبوعمرو الكندي حدثنى أبو نصر أحمد بن علي قال حدثني ياسين بن عبد الاحد قال سمعت أبي يقول لما دخل عبد الله
ابن طاهر مصر كنت فيمن دخل عليه فقال حدثني عبد الله بن لهيعة عن أبي قبيل عن سبيع قال يا أهل مصر كيف
بكم اذا كان في بلدكم فتن فوليكم فيها الاعرج ثم الاصغر ثم الامرد ثم يأتي رجل من ولد الحسين لا يدفع ولا يمنع تبلغ
راياته البحر الاخضر يملؤها عدلا فقلت كان ذلك كانت الفتنة فوليها السريّ وهو الاعرج والاصغر ابنه أبو النصر
والامرد عبيد الله بن السري وأنت عبد الله بن طاهر بن الحسين ثم ان عبد الله بن طاهر سار الى الاسكندرية وأصلح
أمرها وأخرج ابن الجروي الى العراق ثم قدم به الافشين الى مصر في ذي الحجة سنة خمس عشرة وقد أمر الافشين ان
يطالبه بالاموال التي عنده فان دفعها اليه والا قتله فطالبه فلم يدفع اليه شيأ فقدمه بعد الاضحى بثلاث فقتله وفي
جمادى الآخرة سنة تسع عشرة ومائتين ثار يحيى بن الوزير في تنيس فخرج اليه المظفر بن كندر أمير مصر فقاتله فى بحيرة
تنيس وأسره وتفرق عنه أصحابه وفي سنة تسع وثلاثين ومائتين أمر المتوكل ببناء حصن على البحر بتنيس فتولى عمارته 
عنبسة بن اسحق أمير مصر وأنفق فيه وفي حصن دمياط والفرما مالا عظيما وفي سنة تسع وأربعين ومائتين عذبت
بحيرة تنيس صيفا وشتاء ثم عادت ملحة صيفا وشتاء وكانت قبل ذلك تقيم ستة أشهر عذبة وستة أشهر مالحة وفي سنة ثمان 
ورأربعين وثلثمائة وصلت مراكب من صقلية فنهبوا مدينة تنيس وفي سنة ثمان وسبعين وثلثمائة صيد باشتوم تنيس 
حوت طوله ثمانية وعشرون ذراعا ونصف من ذلك طول رأسه تسعة أذرع ودائر بطنه مع ظهره خمسة عشر ذراعا وفتحة 
فمه تسعة وعشرون شبرا وعرض ذنبه خمسة اذرع ونصف وله يدان يجدف بهما طول كل يد ثلاثة أذرع وهو أملس أغبر 
غليظ الجلد مخطط البطن ببياض وسواد ولسانه أحمر وفيه خمل كالريش طوله نحو الذراع يعمل منه أمشاط شبه الذبل 
وله عينان كعيني البقـر فأمر أمير تنيس أبو اسحق به فشق بطنه وملح بمائة اردب ملح ورفع فكه الاعلى بعود 
خشب طويل وكان الرجل يدخل الى جوفه بقفاف الملح وهو قائم غير منحن وحمل الى القصر حتى رآه العزيز بالله وفي
ليلة الجمعة ثامن عشر ربيع الاول سنة تسع وسبعين وثلثمائة شاهد أهل تنيس تسعة أعمدة من نار تلتهب فى آفاق 
السماء من ناحية الشمال فخرج الناس الى ظاهر البلد يدعون الله تعالى حتى أصبحوا فخبيت تلك النيران وفيها صيد
ببحيرة تنيس حوت طوله ذراع ونصفه الاعلى فيه رأس وعينان وعنق وصدر على صورة أسد ويداه فى صدره بمخالبه 
ونصفه الادنى صورة حوت بغير قشر فحمل الى القاهرة وفي سنة سبع وتسعين وثلثمائة ولدت جارية بنتا برأسين
احدهما بوجه أبيض مستدير والآخر بوجه أسمر فيه سهولة في كل وجه عينان فكانت ترضعهما وكلاهما مركب
على عنق واحد في جسد واحد بيدين ورجلين وفرج ودبر فحملت الى العزيز حتى رآها ووهب لامها جملة من المال ثم 
عادت الى تنيس وماتت بعد شهور وفى سنة احدى وسبعين وخمسمائة وصل الى تنيس من شواني صقلية نحو أربعين
مركبا فحصروها يومين وأقلعوا ثم وصل اليها من صقلية أيضا في سنة ثلاث وسبعين نحو أربعين مركبا فقاتلوا أهل
تنيس حتى ملكوها وكان محمد ابن اسحق صاحب الاصطول قد حيل بينه وبين مراكبه فتحيز في طائفة من المسلمين الى
مصلى تنيس فلما أجنهم الليـل هجم بمن معه البلد على الفرنج وهم في غفلة فأخـذ منهم مائة وعشرين فقطع رؤسهم
فأصبح الافرنج الى المصلى وقاتلوا من بها من المسلمين فقتل من المسلمين نحو السبعين وسار من بقي منهم الى دمياط فمال
الافرنج على تنيس والقوا فيها النار فاحرقوها وساروا وقد امتلأت أيديهم بالغنائم والاسرى الى جهة الاسكندرية بعد 
ما أقاموا بتنيس أربعة أيام ثم لما كانت سنة ست وسبعين وخمسمائة نزل فرنج عسقلان في عشر حراريق على أعمال 
تنيس وعليها رجل منهم يقال له المعز فأسر جماعة وكان على مصر الملك العادل من قبـل أخيه الملك الناصر صـلاح 
الدين يوسف عندما سار الى بلاد الشام ثم مضى المعز وعاد فأسر ونهب فثار به المسلمون وقاتلوه فظفرهم الله به وقبضوا
عليه وقطعوا يديه ورجليه وصلبوه وفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة انتدب السلطان لعمارة قلعة تنيس وتجديد
الآلات بها عندما اشتد خوف أهل تنيس من الاقامة بها فقدّر لعمارة سورها القديم على أساساته الباقية مبلغ ثلاثة
آلاف دينار من ثمن أصناف وآجر وفي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة كتب باخلاء تنيس ونقل أهلها الى دمياط
فأخليت في صفر من الذراري والاثقال ولم يبق بها سوى المقاتلة في قلعتها وفي شوّال من سنة أربع وعشرين وستمائة
أمر الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب بهدم مدينة تنيس وكانت من المدن الجليلة تعمل بها الثياب السرية
وتصنع بها كسوة الكعبة قال الفاكهي فى كتاب أخبار مكة ورأيت كسوة مما يلي الركن الغربي يعني من الكعبة
مكتوب عليها مما أمر به السري بن الحكم وعبد العزيز بن الوزير الجروي بأمر الفضل بن سهل ذي الرياستين وطاهر
ابن الحسين سنة سبع وتسعين ومائة ورأيت شقة من قباطي مصر في وسطها الا انهم كتبوا في أركان البيت بخط دقيق
أسود مما أمر به أمير المؤمنين المأمون سنة ست ومائتين ورأيت كسوة من كسا المهدي مكتوبا عليها باسم الله بركة من
الله لعبد الله المهدي محمد أمير المؤمنين أطال الله بقائه مما أمر به اسماعيل بن ابراهيم ان يصنع في طراز تنيس على يد
الحكم بن عبيدة سنة اثنتين وستين ومائة ورأيت كسوة من قباطي مصر مكتوبا عليها باسم الله بركة من الله مما أمر به
عبد الله المهدي محمد أمير المؤمنين أصلحه الله محمد بن سليمان أن يصنع في طراز تنيس كسوة الكعبة على يد الخطاب
ابن مسلمة عامل سنة تسع وخمسين ومائة قال المسيحي في حوادث سنة أربع وثمانين وثلثمائة وفي ذى القعدة ورد يحيى
ابن اليمان من تنيس ودمياط والفرما بهديته وهى أسفاط وتخوت وصناديق مال وخيل وبغال وحمير وثلاث مظال
وكسوتان للكعبة وفي ذي الحجة سنة اثنتين وأربعمائة وردت هدية تنيس الواردة فى كل سنة منها خمس نوق مزينة
ومائة رأس من الخيل بسروجها ولجمها وتجافيف وصناعات عدة وثلاث قباب ديبقية بمراتبها ومتحرقات وبنود وما
جرى الرسم بحمله من المتاع والمال والبز ولما قدم الحاكم استدعت أخته السيدة سيدة الملك الى عامل تنيس عن
الحاكم بأن يحمل مالا كان اجتمع قبله ويعجل توجيهه وقيل انه كان ألف ألف دينار وألفي ألف درهم اجتمعت من
أرباع البلد لثلاث سنين وأمره الحاكم بتركها عنده فحمل ذلك اليها وبه استعانت على ما دبرت وفى سنة خمس عشرة
وأربعمائة ورد الخبر على الخليفة الظاهر لاعزاز دين الله أبي هاشم علي ابن الحاكم بأمر الله أن السودان وغيرهم ثاروا
بتنيس وطلبوا أرزاقهـم وضيقوا على العامل حتى هرب وإنهم عاثوا في البلد وأفسدوا ومدوا أيديهم الى الناس
وقطعوا الطرقات و أخذوا من المودع ألفا وخمسمائة دينار فقام الجرجراي وقعـد وقال كيف يفعل هـذا بخزانة
السلطان وساءنا فعل هذا بتنيس وبيت المال وسير خمسين فارسا للقبض على الجناة وما زالت تنيس مدينة عامرة ليس
بأرض مصر مدينة أحسن منها ولا أحصن من عمارتها الى ان خربها الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب
في سنة أربع وعشرين وستمائة فاستمرت خرابا ولم يبق منها الا رسومها في وسط البحيرة وكان من جملة كورة تنيس بورا
ومنها وايوان وشطا وبحيرتها الآن يصطاد منها السمك وهي قليلة العمق يسار فيها بالعادي وتلتقي السفينتان هـذه
صاعدة وهذه نازلة بريح واحدة وقلع كل واحد منهما مملوء بالريح وسيرهما في السرعة مستو وبوسط البحيرة عدة جزائر
تعرف اليوم بالعزب جمع عزبة بضم العين المهملة وزاي ثم موحدة سكنها طائفة من الصيادين وفي بعضها ملاحات
يؤخذ منها ملح عذب لذيذة ملوحته وماؤها ملح وقد يحلو أيام النيل انتهى بحروفه وقال الكندي بتنيس ثياب الكتان
الديبقي والمقصور الشفاف والاردية وأصناف المناديل الفاخرة للابدان والارجل والمخاد والفرش المعلم والطراز يبلغ
الثوب المقصور منها خمسمائة دينار وأقل وأكثر ولايعلم في بلد ثوب يبلغ مائتي دينار فما فوقها وليس فيه ذهب الا
بمصر وقد أخبرني بعض وجوه التجار أنه بيع حلتان دمياطيتان بثلاثة آلاف دينار انتهى وقال صاحب كتاب نشق
الازهار نقلا عن محمد بن أحمد بن بسام ان تنيس من الاقليم الرابع طيبة الهواء يندر بها الامراض الوبائية ويقال
ان من يدفن بها من الاموات لا يبلى جسمه الا بعد البطء ويبقى شعره وفي تنيس كثير من السمك والطير وأهلها يخزنون
الماء في صهاريج فيبقى زمنا طويلا ولا يتغير وطول المدينة من الجنوب الى الشمال ثلاثة آلاف ومائتان وسبع
وعشرون ذراعا كبيرة وعرضها من الشرق الى الغرب ثلاثة آلاف وخمس وثمانون ذراعا كذلك وطول سورها ثلاثة
آلاف ومائتان وسبعون ذراعا ولها تسعة عشر بابا مصفحة بالحديد وبها جامع طوله مائة ذراع وعرضه احدى
وسبعون ذراعا ويوقد فيه كل ليلة ألف وثمانمائة قنديل وبها غير هذا الجامع مائة وستون جامعا صغيرا كلها بمنارات
وبها اثنتان وسبعون كنيسة وستة وثلاثون حماما ومائة معصرة للزيت ومائة وست وستون طاحونا ومخبزا وخمسة
آلاف منسج لنسج الاقمشة وقد هـدم الحاكم كنائسها وبنى محلها مساجد وفي المقريزي عندذكر دخول النصارى
من قبط مصر في طاعة المسلمين انه لما مات سعيد بن بطريق بطرك الاسكندرية على الملكية في يوم الاثنين آخر شهر رجب
سـنة ٣٢٨ بعد ما أقام في البطركية سبع سنين ونصفا في شرور متصلة بعث الامير أبو بكر محمد بن طفج الاخشيد
أبا الحسن من قوّاده في طائفة من الجند الى مدينة تنيس حتى ختم على كنائس الملكية وأحضر آلاتها الى الفسطاط
وكانت كبيرة جدا فافتكها الاسقف بخمسة آلاف دينار باعوا فيها من وقف الكنائس وفي تاريخ بطارقة الاسكندرية
قيل انه كانت بتنيس عدة من شبان المسلمين خارجون عن طاعة الامير يجبون من الاهالي جبايات وينهبون البيوت
ويفعلون أفعالا قبيحة فارسل المعز عسكرا لقتال المدينة بناء على شكوى النصارى فقاومت العصاة العسكر ثم التجؤا
للدخول تحت الطاعة بسبب قلة الماء العذب فدعا أمير الجيش العصاة بعد المعاهدة وجعل لهم اكراما ثلاثة أيام
وأهدى لكل واحد منهم خلعة وعشرة دنانير وكان عددهم مائة ثم أمر بشنقهم جميعا فشنقوا على سور المدينة وبعد
ذلك هدم الاسوار جميعها وفي التاريخ المذكور حصل بمصر وباء كبير خرب مدينة تنيس حتى لم يبق بها غير مائة من
سكانها وقال ابن حوقل ان بتنيس تلالا من جثث الاموات بعضها فوق بعض يسمونها بطون ويظهر أنها من قبل
موسى عليه السـلام لان دفن الاموات كان عادة للمصريين من قبله وهكذا جرت عادة النصارى من بعده ووافقهم
المسلمون في ذلك والجثث المذكورة ملفوفة في أكفان من القماش الغليظ وقحوفهم وعظامهم على غاية من الحفظ الى
يومنا هذا وقال كترمير ان من اختصر هذا الكلام من العجم غير كلمة بطون بكلمة تركوم وتنبه لهذا الخطا العالم دساسي
وترجمها بكلمة كوم وعبر المسعودي عن ذلك بكلمة أبو الكوم وعبرالمقريزي في خططه بذات الكوم وقال كترمير ان
الاصح ما ذكره ابن حوقل وهى كلمة بطون وانها كلمة قبطية ومعناها محل الدفن وقال بعض مؤرخي الفرنج ان تنيس
كانت مدينة عظيمة ولها اسوار تحيط بها وفيها أبراج ولها خندق مملوء بالماء وهى الآن خراب وفيها بعض آثار
الحمامات وبواقي عقود مطلية بطلاء صلب فى غاية الحفظ ولا يوجد بها غير ذلك الا تلول بها كثير من الطوب وشقاف من
الصيني والفخار والزجاج الملون بكل لون وأهل البلاد المجاورة يأخذون منها النافع في مبانيهم ويشاهد فيها أثر خليج
قديم كان يمر في وسطها وذكر بعض الفرنج ان هـذه المدينة في محل بوكولي القديمة و لم يوافقه كترمير على ذلك وقال ان
كلمة تنيس كلمة رومية معناها الجزيرة وشرح أبوالفداء بحيرتها فقال ان هناك فرع من النيل ينقسم الى بحيرتين بحيرة
تنيس وبحيرة دمياط تتصل احداهما بالاخرى وهما بقرب البحر والشرقية منهما هي بحيرة تنيس والغربية بحيرة دمياط
وفيها يصب خليج اشموم و بحيرة تنيس متسعة جـدا وماؤها يعذب عند الزيادة ويملح وقت التحاريق وليست عميقة
وتمشي فيها المراكب بالمجاديف ومدينة تنيس في وسطها وطولها أربعة وخمسون درجة ونصف وعرضها ئلاثون درجة
ونصف وفي بعض عباراته ان طول تلك البحيرة اقلاع يوم في عرض نصف يوم وقال الادريسي ان هذه البحيرة على
بحيرتين احداهما بحيرة زار والاخرى بحيرة تنيس وقال ابن حوقل ان الدرفيل يوجد في هذه البحيرة وهو حيوان بحري
يشبه القربة المنفوخة يهوى سكنى البحر الرومي والملاحون يقولون ان له ادراكا عجيبا ومتى رأى انسان في خطر الغرق
يأتي اليه ويحمله حتى يوصله الى البر أوالماء القليل وقال صاحب نشق الازهار ان في بحيرة تنيس ثلثمائة وستين نوعا
من السمك يظهر في كل يوم من السنة نوع منها ولكل نوع اسم يخصه وخليل الظاهري يسمى بحيرة تنيس بحيرة المنزلة
وهو الاسم الذى تعرف به الآن وقال الادريسي ان ببحيرة تنيس جملة جزائر منها نيلية وتونة وسمنة وحصن علم وأضاف
الى ذلك ابن حوقل شطا ودابق وكانت قرية تونة يعمل بها طراز تنيس ومن جمله طرازها كسوة الكعبة أحيانا قال
الفاكهي ورأيت أيضا كسوة لهارون الرشيد من قباطي مصر مكتوبا عليها بسم الله بركة من الله للخليفة الرشيد
عبد الله هارون امير المؤمنين أكرمه الله مما أمر به الفضل بن الربيع أن يعمل في طراز تونة سـنة تسعين ومائة قال
وقرية سمنة غلبت عليها بحـيرة تنيس فصارت جزيرة فلما كان شهر ربيع الاول سنة سبع وثلاثين وثمانمائة هجرية
انكشف في مكانها حجارة وآجرّ فاذا عضادات زجاح كثيرة مكتوب على بعضها اسم المعز لدين الله وعلى بعضها اسم العزيز
بالله نزار ومنها ما عليه اسم الحاكم بامر الله ومنها ما عليه اسم الظاهر لاعزاز دين الله ومنها ما عليه اسم المستنصر بالله
وهو أكثرها آخبرني بذلك من شاهده وفي كتاب السلوك للمقريزي انه حصل في سنة ثمانمائة وعشرين من ا لهجرة
عصيان قوي فى دمياط سببه صيادون من أهالي سمنة وكان بين تنيس ودمياط قرية يقال لها قرية بورى واليها ينسب
السمك البوري وينسب اليها أيضا بنو البوري الذين كانوا بالقاهرة والاسكندرية وفي سنة ٦١٠ وصل العدو اليها
بشوانيهم فسبوها فقدمت اليها القطائع التى كانت على ثغر رشيد فسار عنها العدوّ انتهى (فائدة) ابن بطلان المار
الذكر فى كلام المقريزي هو كما في كتاب دائرة المعارف للمعلم بطرس البستاني المختار بن الحسـن كان طبيبا نصرانيا
بغـداديا مشوّه الخلقة غير أنه فضـل في علم الاوائل وكان يرتزق بصناعة الطب وخرج من بغـداد الى الموصل وديار بكر
ودخل حلب وأقام بها مدة ولم تعجبه فخرج منها الى مصر فاقام بها مدة يسيرة واجتمع بابن رضوان المصري الفيلسوف
في وقته وجرت بينهما منافرات أحدثتها لمناظرة ثم خرج من مصر مغضبا على ابن رضوان وورد انطاكية وأقام بها
وكثرت أسفاره ثم غلب عليه الانقطاع فنزل بعض الاديرة في أنطاكية وانقطع للعبادة الى أن توفي وصنف تصانيف
مفيدة منها كاب تقويم الصحة وكتاب دعوى الاطباء ورسالة فى اشتراء الرقيق وأخرى في ذم ابن رضوان يشـير فيها الى
جهله بما يدعيه من علم الاوائل ورتبها على سبعة فصول وتوفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة هجرية انتهى ملخصا
من تاريخ غريفوربوس المالطي وأما ابن وصيف شاه فهو كما في بعض الكتب الافرنجية ابراهيم ابن وصيف شاه
له تاريخ على مصر يسمى جوهر الجواهر ووقائع الامور وعجائب الدهور انتهى ولم أجد له فى كشف الظنون ولا غيره
تار يخ ولادة ولا موت ولا من أي بلد هو ﴿ تونة ﴾ قال في مشترك البلدان على جزيرة قرب يعيس من نواحي مصر من
فتوح عمير بن وهيب ينسب اليها عمر بن احمد التوني حدث عنـه محمد بن اسحق بن منده الحافظ وسالم بن عبد الله
التوني يروي عن عبدالله بن لهيعة انتهى وفي القاموس تونة بهاء جزيرة قرب دمياط وقد غرقت منها عمر بن أحمد
وعمرو بن عليّ وسالم بن عبيد الله وعبد المؤمن بن خلف انتهى (قلت) وفي الصعيد الاوسط بلدة في غربي الاشمونين
تسمى تونة الجبل من مديرية أسيوط بقسم ملوي في حاجر البلد الغربي غربي ترعة تنسب اليها مجعولة لري أراضيها
خاصة فمها من البحر اليوسفي عندنا ناحية الذروة ويؤخذ من مؤلفات استرابون انها في موضع مدينة پانياس القديمة
الباقية آثارها الى اليوم وبهذه القرية عدة مساجد احدها بمنارة وبداخله ضريح ولي الله حماد التوني مشهور يزار
وفيها نخيـل كثير وجبانتها فى حاجر الجبـل الغربي وفى جنوبها الشرقي قرية السواهجة على بعـد ألفي متر فوق البحر
اليوسفي وفى شمالها الشرقي قرية نواي على بعد أربعة آلاف متر 


 المصدر: الجزء العاشر من الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة تأليف الجناب الامجد والملاذ الاسعد سعادة علي باشا مبارك حفظه الله، الطبعة الاولى بالمطبعة الكبرى الاميريه ببولاق مصر المحميه سنة ١٣٠٥ هجريه، صفحات ٤٤ - ٥١ (رابط)