الأحد، 30 مايو 2021

دمياط من كتاب الخطط التوفيقية

دمياط من كتاب الخطط التوفيقية
دمياط من كتاب الخطط التوفيقية



﴿ دمياط ﴾ بكسر الدال المهملة وسكون الميم وياء مثناة تحتية وألف وطاء مهملة كما في تقويم البلدان لابي الفداء قال المقريزي في خططه ما نصه اعلم ان دمياط كورة من كور أرض مصر بينها و بين تنیس اثنا عشر فرسخا ويقال سمیت بدمياط من ولد اشمن بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام ويقال ان ادریس عليه السلام كان أول ما أنزل عليه ذو القوة والجبروت أنا الله مدين المدائن الفلك بامري وصنعي أجمع بين العذب والملح والنار والثلج وذلك بقدرتي ومكنون علمي الدال والميم والالف والطاء قيل هي بالسريانية دمياط فتكون دمياط كلمة سريانية أصلها دمط أي القدرة اشارة الى مجمع العذب والملح وقال الاستاذ ابراهيم بن وصيف شاه دمياط بلد قديم بني في زمن قلیمون بن اتريب بن قبطيم بن مصرايم على اسم غلام كانت أمه ساحرة لقليمون ولما قدم المسلمون الى أرض مصر كان على دمياط رجل من اخوال المقوقس يقال له الهاموك فلما افتتح عمرو بن العاص رضي الله عنه مصر امتنع الهاموك بدمياط واستعد للقتال فانفذ اليه عمرو بن العاص المقداد بن الاسود في طائفة من المسلمين فحاربهم الهاموك وقتل ابنه في الحرب فعاد الى دمياط وجمع اليه أصحابه وشاورهم في امره وكان عنده حکیم قد حضر الشوری فقال أيها الملك ان جوهرة العقل لا قيمة لها وما استغنى بها أحد الا هدته الى سبيل النجاة والفوز من الهلاك وهؤلاء العرب من بدء أمرهم لم تردّ لهم راية وقد فتحوا البلاد وأذلوا العباد وما لاحد عليهم قدرة ولسنا بأشدّ من جيوش الشام ولا أعز وأمنع وان القوم قد أيدوا بالنصر والظفر والرأي أن تعقد مع القوم صلحا تنال به الأمن وحقن الدماء وصيانة الحرم فما أنت بأكثر رجالا من المقوقس فلم يعبأ الهاموك بقوله وغضب منه فقتله وكان له ابن عارف عاقل وله دار ملاصقة للسور فخرج الى المسلمين في الليل ودلهم على عورات البلد فاستولى المسلون عليها وتمکنوا منها وبرز الهاموك للحرب فلم يشعر بالمسلمين الا وهم يكبرون على سور البلد وقد ملكوه فعندما رأى شطا ابن الهاموك المسلمين فوق السور لحق بالمسلمين ومعه عدة من أصحابه ففت ذلك في عضد أبيه واستأمن للمقداد فتسلم المسلمون دمياط واستخلف المقداد عليها وسير بخبر الفتح الى عمرو بن العاص وخرج شطا بن الهاموك رضي الله عنه وقد أسلم إلى البرلس والدميرة وأشمون طناح فحشد أهل تلك النواحي وقدم بهم مدد للمسلمين وعونا لهم على عدوّهم وسار بهم مع المسلمين لفتح تنیس وجزائرها فبرز لاهلها وقاتلهم قتالا شدیدا حتى قتل رحمه الله في المعركة شهيدا بعدما أنكى فيهم وقتل منهم فحمل من المعركة ودفن في مكانه المعروف به خارج دمياط وكان قتله رضي الله عنه في ليلة الجمعة النصف من شعبان فلذلك صارت هذه الليله من كل سنة موسما يجتمع الناس فيها من النواحي عند شطا ويحيونها وهم على ذلك الى اليوم ومازالت دمياط بيد المسلمين الى أن نزل عليها الروم في سنة تسعين من الهجرة فأسروا خالد بن کیسان وكان على البحر هناك وسيروه الى ملك الروم فانفذه الى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك من أجل الهدنة التي كانت بينه وبين الروم فلما كانت خلافة هشام بن عبدالملك نازل الروم دمياط في ثلثمائة وستين مرکبا فقتلوا وسبوا وذلك في سنة احدى وعشرين ومائة ولما كانت الفتنة بين الاخوين محمد الأمين وعبدالله المأمون وكانت الفتن بأرض مصر طمع الروم في البلاد ونازلوا دمياط في اعوام بضع ومائتين ثم لما كانت خلافة أمير المؤمنين المتوكل على الله وأمير مصر يومئذ عنبسة بن اسحق نازل الروم دمياط يوم عرفة من سنة ثمان وثلاثين ومائتين فملكوها وما فيها وقتلوا بها جمعا كثيرا من المسلمين وسبوا النساء والاطفال وأهل الذمة فنفر اليهم عنبسة بن اسحق يوم النحر في جيشه ونفر كثير من الناس اليهم فلم يدركوهم ومضى الروم الی تنیس فاقاموا بأشتومها فلم يتبعهم عنبسة فقال يحيى بن الفضل للمتوكل أمير المؤمنين

أترضى بأن يوطا حريمك عنوة * وأن يستباح المسلمون ويحربوا 
حمار أتى دمياط والروم وثب * بتنیس رأي العين منه وأقرب 
مقيمون بالاشتوم يبغون مثل ما * أصابوه من دمياط والحرب ترتب 
فما رام من دمياط شبرا ولا دری * من العجز ما يأتي وما يتجنب 
 فلا تنسنا انا بدار مضيعة * بمصر وان الدین قد كاد يذهب 

فأمر المتوكل ببناء حصن دمیاط فابتدئ في بنائه يوم الاثنين لثلاث خلون من شهر رمضان سنة تسع وثلاثين وأنشأ من حينئذ الاسطول بمصر فلما كان في سنة سبع طرق الروم دمياط في نحو مائتي مرکب فأقاموا يعبثون في السواحل شهرا وهم يقتلون ويأسرون وكان للمسلمين معهم معارك ثم لما كانت الفتن بعد موت كافور الاخشیدي طرق الروم دمياط لعشر خلون من رجب سنة سبع وخمسين وثلثمائة في بضع وعشرين مركبا فقتلوا وأسروا مائة وخمسين من المسلمين وفي سنة ثمان وأربعمائة ظهر بدمياط سمكة عظمة طولها مائتان وستون ذراعا وعرضها مائة ذراع وكانت حمير الملح تدخل في جوفها موسوقة فتفرغ وتخرج ووقف خمسة رجال في قحفها ومعهم المجاريف يجرفون الشحم ويناولونه الناس وأقام أهل تلك النواحي مدة طويلة يأكلون من لحمها وفي أيام الخليفة الفائز بنصر الله عيسى والوزير حينئذ الصالح طلائع بن رزيك أنزل على دمياط نحو ستین مركبا في جمادى الآخرة سنة خمسين وخمسمائة بعث بها لوجيزبن رجاو صاحب صقلية فعاثوا وقتلوا ونزلوا بتنیس ورشید والاسكندرية فأكثروا فيها الفساد ثم كانت خلافة العاضد لدين الله في وزارة شاور بن مجير السعدي الوزارة الثانية عندما حضر ملك الافرنج مري الى القاهرة وحصرها وقرر علی أهلها المال واحترقت مدينة الفسطاط فنزل على تنیس وأشموم ومنية غمر وصاحب اسطول الافرنج في عشرين شونة فقتل وأسر وسبی وفي وزارة الملك الناصر صلاح الدین یوسف بن أيوب للعاضد وصل الافرنج الى دمياط في شهر ربيع الاول سنة خمس وستين وخمسمائة وهم فيما يزيد على الف ومائتي مرکب فخرجت العساكر من القاهرة وقد بلغت النفقة عليهم زيادة على خمسمائة ألف وخمسين ألف دينار فأقامت الحرب مدة خمسة وخمسين يوما وكانت صعبة شديدة واتهم في هذه النوبة عدد من أعيان المصريين بممالاءة الافرنج ومكاتبتهم وقبض عليهم الملك الناصر وقتلهم وكان سبب هذه النوبة أن الغز لما قدموا الى مصر من الشام صحبة أسد الدین شیرکوه تحرك الافرنج لغزو ديار مصر خشية من تمكن الغز بها فاستمدوا اخوانهم أهل صقلية فامدّوهم بالاموال والسلاح وبعثوا اليهم بعدّة وافرة فساروا بالدبابات والمجانيق ونزلوا على دمياط في صفر وهم في العدّة التي ذکرنا من المراكب وأحاطوا بها بحرا وبرا فبعث السلطان بابن أخيه تقي الدين عمرو وأتبعه بالامیر شهاب الدين الحازمي في العساكر الى دمياط وأمدّهما بالأموال والميرة والسلاح واشتد الامر على أهل دمياط وهم ثابتون على محاربة الافرنج فسير صلاح الدين الى نور الدین محمود بن زنكي صاحب الشام يستنجده ويعلمه بأنه لا يمكنه الخروج من القاهرة الى لقاء الافرنج خوفا من قيام المصريين عليه فجهز اليه العساکر شيئا بعد شئ وخرج نور الدين من دمشق بنفسه الى بلاد الافرنج التي بالساحل وأعار عليها واستباحها فبلغ ذلك الافرنج وهم على دمیاط فخافوا على بلادهم من نور الدین أن يتمكن منها فرحلوا عن دمياط في الخامس والعشرين من ربيع الاوّل بعدما غرق لهم نحو ثلثمائة مرکب وقلت رجالهم بفناء وقنع فيهم وأحرقوا ما ثقل عليهم حمله من المنجنيقات وغيرها وكان صلاح الدين يقول ما رأيت أكرم من العاضد أرسل إلي مدّة مقام الافرنج ألف ألف دينار سوی ما أرسله اليّ من الثياب وغيرها وفي سنة سبع وسبعين وخمسمائة رتبت المقاتلة على البرجين وشدت مراكب الى السلسلة ليقاتل عليها ويدافع عن الدخول من بين البرجين وأصلح شعث سور المدينة وسد ثلمه واتقنت السلسلة التي بين البرجين فبلغت النفة على ذلك ألف ألف دينار واعتبر السور فكان قياسه أربعة آلاف وستمائة وثلاثين ذراعا وفي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة أمر السلطان بقطع اشجار بساتين دمياط وحفر خندقها وعمل جسر عند سلسلة البرج وفي سنة خمس عشرة وستمائة كانت واقعة دمياط العظمى وكان سبب هذه الواقعة أن الافرنج في سنة أربع عشرة وستمائه تتابعت امدادهم من رومية الكبرى مقرّ البابا ومن غيرها من بلاد الافرنج وساروا الى مدينة عكا فاجتمع بها عدة من ملوك الافرنج وتعاقدوا على قصد القدس وأخذه من أيدي المسلمين فصاروا بعكا في جمع عظیم وبلغ ذلك الملك أبا بکر ابن أيوب فخرج من مصر في العساکر الى الرملة فبرز الافرنج من عكا في جموع عظيمة فسار العادل الى بيسان فقصده الافرنج فخافهم لكثرتهم وقلة عسكره فأخذ على عقبة فيق يريد دمشق وكان أهل بیسان وما حولها قد اطمأنوا لنزول السلطان هناك فأقاموا في أماكنهم وما هو الا ان سار السلطان واذا بالافرنج قد وضعوا السيف في الناس ونهبوا البلاد فحازوا من أموال المسلمين ما لا يحصی کثرة وأخذوا بیسان وبانياس وسائر القرى التي هناك وأقاموا ثلاثة أيام ثم عادوا الى مرج عكا بالغنائم والسبي وهلك من المسلمين خلق كثير فاستراح الافرنج بالمرج أياما ثم عادوا ثانيا ونهبوا صیدا والشقيف وعادوا الى مرج عكا فأقاموا به وكان ذلك كله فيما بين النصف من شهر رمضان وعيد الفطر والملك العادل مقیم بمرج الصفر وقد سیر ابنه المعظم عیسی بعسکر الى نابلس لمنع الافرنج من طروقها والوصول الى بيت المقدس فنازل الافرن قلعة الطور سبعة عشر يوما ثم عادوا الى عكا وعزموا على قصد الديار المصرية فركبوا بجموعهم البحر وساروا الى دمياط في صفر فنرلوا عليها يوم الثلاثاء رابع ربیع الاول سنة خمس عشرة وستمائة الموافق لثامن حیزيران وهم نحو سبعين ألف فارس وأربعمائة ألف راجل فخيموا تجاه دمياط في البر الغربي وحفروا على عسكرهم خندقا وأقاموا عليه سورا وشرعوا في قتال برج دمياط فانه كان برجا منيعا فیه سلاسل من حديد غلاظ تمد على النيل لتمنع المراكب الواصلة في البحر الملح من الدخول الى ديار مصر في النيل وذلك أن النيل اذا انتهى الى فسطاط مصر مرّ عليه في ناحية الشمال الی شطنوف فاذا صار الی شطنوف انقسم قسمين أحدهما يمر في الشمال الى رشيد فيصب في البحر الملح والشطر الآخر يمر من شطنوف الى جوجر ثم يتفرق من عند جوجر فرقتين فرقه تمر الی أشموم فتصب في بحيرة تنس وفرقة تمر من جوجر الى دمياط فتصب في البحر الملح هناك وتصير هذه الفرقة من النيل فاصلة بين مدينة دمياط والبر الغربي وهذا البر الغربي من دمياط يعرف بجزيرة دمياط يحيط بها ماء النيل والبحر الملح وفي مدة اقامة الافرنج بهذا البر الغربي عملوا الآلات والمراسي وأقاموا أبراجا یزحفون بها في المراكب الى برج السلسله ليملكوه فانهم اذا ملكوه تمكنوا من العبور في النيل الى القاهرة ومصر وكان هذا البرج مشحونا بالمقاتله فتحيل الفرنج عليه وعملوا برجا من الصواري على بسطة كبيرة وأقلعوا بها حتى أسندوها اليه وقاتلوا من به حتى أخذوه فبلغ نزول الفرنج على دمياط الملك الكامل وكان يخلف أباه الملك العادل على دیار مصر خرج بمن معه من العساكر فی ثالث يوم من وقوع الطائر بخبر نزول الفرنج لخمس خلون منه وأمر والي الغربية بجمع العرب وسار فی جمع كبير وخرج الاسطول فاقام تحت دمياط ونزل السلطان بمن معه من العساکر بمنزلة العادلية قرب دمياط واشتدت عساکره الى دمياط لتمنع الفرنج من السور والقتال مستمر والبرج ممتنع مدة أربعة أشهر والعادل يسير العساكر من البلاد الشامية شيأ بعد شئ حتی تکاملت عند الملك الكامل واهتم الملك لنزول الفرنج على دمياط واشتد خوفه فرحل من مرج الصفر الى عالفين فنزل به المرض ومات في سابع جمادی الآخرة فكتم الملك المعظم عیسی موته وحمله في محفة وجعل عنده خادما وطبیبا راكبا الى جانب المحفة والشرابدار یصلح الشراب ويحمله الى الخادم فيشربه ويوهم الناس ان السلطان شربه الى أن دخلوا به الى قلعة دمشق وصارت اليها الخزائن والبيوتات فأعلن بموته وتسلم ابنه الملك المعظم جميع ما كان معه ودفنه بالقلعة ثم نقله الى مدرسة العادلية بدمشق وبلغ الملك الكامل موت أبيه وهو بمنزلة العادلية قرب دمياط فاستقل بمملکة ديار مصر واشتد الفرنج وألحوا في القتال حتى استولوا على برج السلسلة وقطعوا السلاسل المتصلة به لتجوز مراكبهم في بحر النيل ويتمكنوا من البلاد فنصب الملك الكامل بدل السلاسل جسرا عظيما لمنع الفرنج من عبور النيل فقاتلت الفرنج عيله قتالا شديد الى ان قطعوه وكان قد أنفق على البرج والجسر ما ينيف على سبعين ألف دينار وكان الكامل يركب في كل يوم عدة مرار من العادلية الى دمياط لتدبير الامور واعمال الحيلة في مكايدة الفرنج فأمر الملك الكامل أن يفرق عدة من المراكب في النيل حتى تمتنع الفرنج من سلوك النيل فعمد الفرنج الى خليج هناك يعرف بالازرق كان النيل يجري فيه قديما فحفروه وعمقوا حفره وأجروا فيه الماء الى البحر الملح وأصعدوا مراكبهم فيه الى بورة على أرض جزيرة دمياط مقابل المنزلة التي بها السلطان ليقاتلوه من هناك فلما صاروا في بورة جاؤه وقاتلوه في الماء وزحفوا اليه عدة مرار فلم يظفروا منه بطائل ولم يتغير على أهل دمیاط شئ لان الميرة والامداد متصله اليهم والنيل يحجز بينهم وبين الفرنج وأبواب المدينة مفتحة وليس عليها من الحصر ضيق ولا ضرر والعرب تتخطف الفرنج في كل ليلة بحيث امتنعوا من الرقاد خوفا من غاراتهم فلما قوي طمع العرب في الفرنج حتى صاروا يخطفونم نهارا ويأخذون الخيم بمن فيها أكمن الفرنج لهم عدّة كمناء وقتلوا منهم خلقا كثيرا وأدرك الناس الشتاء وهاج البحر على مخيم المسلمين وغرقهم فعظم البلاء وتزايد الغم وألح الفرنج في القتال وكادوا أن يملكوا فبعث الله ريحا قطعت مراسي مرمة الفرنج وكانت من عجائب الدنيا فمرت الى بر المسلمين فأخذوها فاذا هي مصفحة بالحديد لا تعمل فيها النار ومساحتها خمسمائة ذراع فكسروها فاذا فيها مسامير زنة الواحد منها خمسة وعشرون رطلا وبعث الكامل الى الآفاق سبعين رسولا يستنجد أهل الاسلام لنصرة المسلمین ويخوفهم من غلبة الفرنج على مصر فساروا في شوال وأتته النجدات من حماة وحلب وبينما الناس في ذلك اذ طمع الأمير عماد الدین أحمد ابن الأمير سيف الدين ابي الحسين علي بن أحمد الهكاري المعروف بابن المشطوب في الملك الكامل عندما بلغه موت الملك العادل وكان له لفيف ينقادون اليه ويطيعونه وكان أميرا كبيرا مقدّما عظيما في الاكراد الهكارية وافر الحرمة عند الملوك معدودا بينهم مثل واحد منهم وكان مع ذلك عليّ الهمة غزير الجود واسع الكرم شجاعا أبيّ النفس تهابه الملوك وله الوقائع المشهورة وهو من أمراء دولة صلاح الدین یوسف فاتفق مع جماعة من الجند والا کراد علی خلع الملك الكامل واقامة أخيه الملك الفائز ابراهيم ليصير له الحكم ووافقه الامير عز الدين الحميدي والامير أسد الدين الهكاري والامير مجاهد الدين وجماعة من الامراء فلما بلغ ذلك الملك الكامل دخل عليهم وهم مجتمعون والمصحف بين أيديهم ليحلفوا للفائز فلما رأوه انفضوا فخشي على نفسه فخرج فاتفق وصول الصاحب صفي الدين بن سکر من آمد الى الملك الكامل فانه كان استدعاه بعد موت أبيه فتلقاه وأكرمه وذكر له ماهو فيه فضمن له تحصيل المال فلما كان الليل ركب الملك الكامل وتوجه من العادلية في جريدة الى اشموم طناح فنزلها وأصبح العسكر بغير سلطان فركب كل منهم هواه ولم يعطف الاخ على أخيه وتركوا أثقالهم وخيامهم وأموالهم وأسلحتهم ولحقوا بالسلطان فبادر الفرنج في الصباح الى مدينة دمياط ونزلوا البر الشرقيّ يوم الثلاثا سادس عشر ذي القعدة بغير منازع ولا مدافع وأخذوا سائر ما كان في عسكر المسلمين وكان شيأ لا يحيط به الوصف وداخل السلطان وهم عظيم وكاد أن يفارق البلاد فانه تخیل الفزع من جميع من معه واشتد طمع الفرنج في أرض مصر كلها وظنوا انهم قد ملكوها الا أن الله سبحانه وتعالى أغاث المسلمين وثبت السلطان ووافاه أخوه الملك المعظم باشموم طناح فاشتد به أزره وقوي جأشه وأطلعه على ما كان من ابن المشطوب فوعده بازاحة ما يكره ثم ان المعظم ركب الى خيمة ابن المشطوب واستدعاه الركوب معه ومسايرته فاستمهله حتی یلبس خفيه وثياب الركوب فلم يمهله وأعجله فركب معه وسايره حتی خرج به من العسكر الكاملي ثم والله يا عماد الدين هذه البلاد لك وأشتهي أن تهبها لنا وأعطاه نفقة وسلمه الى جماعة من أصحابه يثق بهم وقال لهم أخرجوه من الرمل ولا تفارقوه حتى يخرج من الشام فلم يسع ابن المشطوب الا امتثال ما قال المعظم لانه معه بمفرده ولا قدرة له على الممانعة فساروا به الى حماة ثم مضى منها الى المشرق ولما شيع الملك المعظم ابن المشطوب رجع الى الملك الكامل وأمر أخاه الفائز ابراهيم أن يسير الى ملوك الشام في رسالة عن أخيه الملك الكامل لاستدعائهم إلى قتال الفرنج فمضى الى دمشق وخرج منها الى حماة فمات بها مسموما على ما قيل فثبت للملك الكامل أمر الملك وسكن روعه هذا والفرنج قد أحاطوا بدمياط برا وبحرا وأحدقوا وضيقوا على أهلها ومنعوا القوت من الوصول اليهم وحفروا على عسكرهم المحيط بدمياط خندقا وبنوا علیه سورا وأهل دمياط يقاتلونهم أشد القتال ويمانعونهم وقد غلت عندهم الاسعار لقله الاقوات ثم ان المعظم فارق الملك الكامل وسار الى بلاد الشام وأقام الكامل لمحاربة الفرنج وانتدب شمائل أحد الجاندارية في الركاب للدخول الى دمياط فكان يسبح في الماء ويصل الى أهل دمیاط فيعدهم بوصول النجدات فحظى بذلك عند الكامل وتقرب منه حتى جعله والي القاهرة واليه تنسب خزانة شمائل بالقاهرة فلم يزل الحال على ذلك الى أن دخلت سنة ست عشرة فجهز الملك المنصور محمد بن عمرو بن شاهنشاه بن أيوب صاحب حماة ابنه المظفر تقي الدین محمود الى مصر نجدة لخاله الملك الكامل على الفرنج في جيش كثيف فوصل الى العسكر وتلقاه الملك الكامل وأنزله في ميمنة العسكر منزلة أبيه وجدّه عند السلطان صلاح الدین یوسف فألح الفرنج في القتال وكان بدمياط نحو عشرين ألف مقاتل فنهكتهم الامراض وغلت عندهم الاسعار حتي بلغت بيضة الدجاجة عندهم عدة دنانير قال الحافظ عبدالعظيم المنذري سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن فضل يقول كان لبعض بني خیار بقرة فذبحوها وباعوها في الحصار فجاء ثمنها ثمانمائة دينار وقال في المعجم المترجم سمعت الأمير أبا بكر بن حسن بن خسویام يقول كنت بدمياط في حصار العدوّ بها فبيع رطل السكر بها بمائة وأربعين دينارا والدجاجة بثلاثين دينارا قال واشتريت ثلاث دجاجات بتسعين دينارا والراوية بأربعين درهما والقبر يحفر بأربعين مثقالا وأخذت أختي جملا فشقت جوفه وملأته دجاجا وفاكهة وبقلا وغير ذلك وخاطته ورمته في البحر وكتبت اليّ تقول قد فعلت كذا فاذا رأيتم جملا میتا فخذوه فوقع لنا ليلا فأخذناه وكان فيه ما يساوي جملة ففرقته على الناس ثم عمل بعد ذلك ثلاثة جمال على هيئته ففطن لها الفرنج فأخذوها وامتلأت مساكنهم وطرقات البلد من الموتى وعدمت الأقوات وصارت عزة السكر کعزة الياقوت وفقدت اللحوم فلم يقدر عليها بوجه وآلت بهم الحال الى أن لم یبق بها سوى قليل من القمح والشعير فقط فتسور الفرنج وأخذوا منه البلد في يوم الثلاثاء لخمس بقين من شعبان وكانت مدة الحصار ستة عشر شهرا واثنين وعشرين يوما ولما أخذوا البلد وضعوا السيف في الناس فتجاوزوا الحد في القتل وأسرفوا في مقدار القتلى وبلغ ذلك السلطان فرحل بعد أخذ دمياط بيومين ونزل قبالة طلخا على رأس بحر أشموم ورأس بحر دمیاط وحيز في المنزلة التي صار يقال لها المنصورة وحصن الفرنج أسوار دمياط وجعلوا الجامع کنيسة وبنوا سراياهم في القرى فقتلوا ونهبوا وسير السلطان الكتب الى الآفاق ليستحث الناس على الحضور لدفع الفرنج عن ملك مصر وشرع العسكر في بناء الدور والفنادق والحمامات والاسواق بمنزلة المنصورة وجهز الفرنج من أسروه من المسلمين في البحر الی عكا وخرجوا من دمياط ونازلوا السلطان تجاه المنصورة وصار بينهم وبينه بحر أشموم وبحر دمیاط وكان الفرنج في مائتي ألف راجل وعشرة آلاف فارس فقدّم المسلمون شوانيهم أمام المنصورة وعدتها مائة قطعة واجتمع الناس من القاهرة ومصر وسائر النواحي من أسوان الى القاهرة ووصل الامير حسام الدين يونس والفقيه تقي الدين أبو طاهر محمد بن الحسن بن عبد الرحمن المحلي فأخرجا الناس من القاهرة ومصر ونودي بالنفير العام وخرج الامير علاء الدين جلدك وجمال الدين بن صيرم لجمع الناس فيما بین القاهرة الی آخر الحوف الشرقي فاجتمع عالم لا يقع عليه حصر وأنزل السلطان على ناحية شارمساح ألف فارس في آلاف من العرب ليحولوا بين الفرنج ودمياط وسارت الشواني ومعها حراقة كبيرة على رأس بحر المحلة وعليها الامير بدر الدين بن حسون فانقطعت الميرة عن الفرنج من البر والبحر وسارت عساکر المسلمين من الشرق والشام الى الديار المصرية وكان قد خرج الفرنج من داخل البحر لمدد الفرنج على دمیاط فقدم منهم امم لا تحصى يريدون التوغل في أرض مصر فلما تكاملوا بدمياط خرجوا منها في عدهم وعديدهم ونزلوا تجاه الملك الكامل كما تقدم فقدم النجدات يقدمها الملك الاشرف موسی بن العادل وعلى ساقتها الملك المعظم عیسی فتلقاهم الملك الكامل وأنزلهم عنده بالمنصورة في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة ونتابع مجيء الملوك حتى بلغت عدة فرسان المسلمين نحو أربعين ألف فارس فحاربوا الفرنج في البر والبحر وأخذوا منهم ست شواني وجلاسة وبطسة وأسروا من الفرنج ألفين ومائتين ثم ظفر المسلمون بثلاث قطائع أخر فتضعضع الفرنج لذلك وضاق بهم المقام فبعثوا يطلبون الصلح فقدم عند مجئ رسلهم أهل الاسكندرية في ثمانية آلاف مقاتل وكان الذي طلبه الفرنج القدس وعسقلان وطبرية وجبلة واللاذقية وسایر مافتحه السلطان صلاح الدین یوسف من الساحل ليرحلوا عن ديار مصر فبذل المسلون لهم سائر ماذكر من البلاد خلا مدينة الكرك والشوبك امتنع الفرنج من الصلح وقالوا لابد من أخذهم الكرك والشوبك ومبلغ ثلثمائة ألف دينار عوضا عما خربه الملك المعظم عيسي صاحب دمشق من أسوار القدس وكان المعظم لما مات أبوه العادل واستولى الفرنج على دمياط ونازلوا الملك الكامل قبالة المنصورة خاف أن يصل منهم في البحر من يأخذ القدس ويتحصنوا به فأمر بتخريب أسواره وكانت أسواره وأبراجه في غاية العظمة والمنعة فاتى الهدم على جميعها ما خلا برج داود وانتقل أكثر الناس من القدس ولم يبق به الا القليل ونقل المعظم ما كان بالقدس من الاسلحة والآلات فامتنع المسلون من اجابة الفرنج الى ذلك وقاتلوهم وعبر جماعة من المسلمين في بحر المحلة الى الأرض التي عليها الفرنج وحفروا مکانا عظيما في النيل وكان في قوّة الزيادة فركب الماء أكثر تلك الأرض وصار حائلا بين الفرنج ومدينة دمياط وانحصروا فلم يبق لهم سوى طريق ضيقة فأمر السلطان للوقت بنصب الجسور عند أشموم طناح فعبرت العساكر عليها وملكت الطريق الذي يسلكه الفرنج الى دمياط اذا أرادوا الوصول اليها فاضطربوا وضاقت عليهم الارض واتفق مع ذلك وصول مرمة عظيمة للفرنج في البحر حولها عدة حراقات تحميها وقد ملئت كلها بالميرة والاسلحة فقاتلتهم شواني المسلمين وظفرها الله بهم فأخذها المسلمون وعندما علم الفرنج ذلك أيقنوا بالهلاك وصار المسلمون يرمونهم بالنشاب ويحملون على أطرافهم فهدموا حينئذ خيامهم ومجانيقهم وألقوا فيها النار وهموا بالزحف على المسلمين ومقاتلتهم ليخلصوا الى دمياط فحال بينهم وبين ذلك كثرة الوحل والمياه الراكبة على الارض وخشوا من الاقامة لقلة أقواتهم فذلوا وسألوا الأمان على أن يتركوا دمياط للمسلمين فاستشار السلطان في ذلك فاختلف الناس عليه فمنهم من امتنع من تأمين الفرنج ورأى أن يؤخذوا عنوة ومنهم من جنح الى اعطائهم الامان خوفا ممن وراءهم من الفرنج في الجزائر وغيرها ثم اتفقوا على الامان وأن يعطي كل من الفريقين رهائن فتقرر ذلك في تاسع شهر رجب سنة ثماني عشرة وسير الفرنج عشرين ملكا رهنا عند الملك الكامل وبعث الملك الكامل بابنه الملك الصالح نجم الدين أيوب وجماعة من الامراء الى الفرنج وجلس السلطان مجلسا عظيما لقدوم ملوك الفرنج وقد وقف اخوته وأهل بيته بين يديه وصار في أبهة وناموس مهاب وخرج قسوس الفرنج ورهبانهم الى دمياط فسلموها للمسلمين في تاسع عشره وكان يوم تسليمها يوما عظيما وعندما تسلم المسلمون دمياط وصارت بأيديهم قدمت نجدة في البحر للفرنج فكان من جمیل صنع الله تأخرها حتى ملكت دمياط بأيدي المسلمين فانها لو قدمت قبل ذلك لقوي بها الفرنج فان المسلمين وجدوا مدينة دمياط قدحصنها الفرنج وصارت بحيث لا ترام ولما تم الامر بعث الفرنج بولد السلطان وأمرائه اليه وسير اليهم السلطان من كان عنده من الملوك في الرهن وتقررت الهدنة بين الفرنج والمسلمين مدة ثماني سنين وكان مما وقع الصلح عليه ان كلا من المسلمين والفرنج يطلق ما عنده من الاسرى وحلف السلطان واخوته وحلفت ملوك الفرنج وتفرق الناس الى بلادهم ودخل الملك الكامل الى دمياط باخوته وعساکره وكان يوم دخوله اليها من الايام المذكورة ورحل الفرنج الى بلادهم وعادالسلطان الى مقر ملكه وأطلقت الاسری من دیار مصر وكان فيهم من له من أيام السلطان صلاح الدین یوسف وسارت ملوك الشام بعساکرها إلى بلادها وعمت بشارة أخذ المسلمين مدينة دمياط من الفرنج سائر الآفاق فان التتر كانوا قد استولوا على ممالك المشرق فاشرف الفرنج على أخذ ديار مصر من أيدي المسلمين وكانت مدة استيلائهم على مدينة دمياط سنة وعشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما فلما كان في سنة ست وأربعين وستمائة حدث بالسلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد ورم في مأبضه أي باطن ركبته تكوّن منه ناسور فتح وعسر برؤه فمرض من ذلك وانضاف اليه قرحة في الصدر فلزم الفراش الا أن علوّ همته اقتضی مسیره من دیار مصر الى الشام فسار في محفة ونزل بقلعة دمشق فورد عليه رسول الامبراطور ملك الفرنج الالمانية بجزيرة صقلية في هيئة تاجر وأخبره سرا بأن بواش الذي يقال له روّاد فرنس عازم على المسير الى أرض مصر وأخذها فسار السلطان من دمشق وهو مريض في محفة ونزل باشموم طناح في المحرم سنة سبع وأربعين وجمع في مدينة دمياط من الاقوات والازواد والاسلحة وآلات القتال شیأ کثیرا خوفا أن يجري على دمياط ما جری في أيام أبيه فأخذت بغير ذلك ولما نزل السلطان باشموم كتب الى الامير حسام الدين أبي علي بن أبي علي الهدياني نائبه بديار مصر أن يجهز الاسطول من صناعة مصر فشرع في الاهتمام بذلك وشحن الاسطول بالرجال والسلاح وسائر ما يحتاج اليه و سیره شيأ بعد شئ وجهز السلطان الامير فخر الدین یوسف ابن شيخ الشيوخ ومعه الامراء والعساکر فنزل بحيرة دمياط من برها الغربي وصار النيل بينه وبينها فلما كان في الساعة الثانية من نهار الجمعة لتسع بقين من صفر وردت مراكب الفرنج البحريين وفيها جموعهم العظيمة وقد انضم اليهم فرنج الساحل وأرسوا بازاء المسلمين وبعث ملكهم الى السلطان كتابا نصه أما بعد فانه لم يخف عليك أني أمين الامة العيسوية كما انه لا يخفى عليّ أنك أمين الامة المحمدية وغير خاف عليك ان عندنا أهل جزائر الاندلس وما يحملونه الينا من الأموال والهدايا ونحن نسوقهم سوق البقر ونقتل منهم الرجال ونرمل النساء ونستأسر البنات والصبيان ونخلي منهم الديار وأنا قد أبديت لك ما فيه الكفاية وبذلت لك النصح الى النهاية فلو حلفت لي بكل الايمان وأدخلت عليّ الاقساس والرهبان وحملت قدامي الشمع طاعة للصلبان لکنت واصلا اليك وقاتلك في أعز البقاع عليك فإما أن تكون البلاد لي فيا هدية حصلت في یدی واما أن تكون البلاد لك والغلبة عليّ فيدك العليا ممتدة اليّ وقد عرفتك وحذرتك من عساکر حضرت في طاعتی تملأ السهل والجبل وعددهم كعدد الحصا وهم مرسلون اليك بأسیاف القضاء فلما قرئ الكتاب على السلطان وقد اشتد به المرض بكى واسترجع فكتب القاضي بهاء الدين زهير بن محمد الجواب بسم الله الرحمن الرحيم وصلواته على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه أجمعين أما بعد فانه وصل كتابك وأن تهدد فيه بكثرة جيوشك وعدد أبطالك فنحن أرباب السيوف وما قتل منا فرد الا جددناه ولا بغى علينا باغ الا دمرناه ولو رأت عينك أيها المغرور حد سيوفنا وعظم حروبنا وفتحنا منكم الحصون والسواحل وتخريبنا دیار الاواخر منكم والاوائل لكان لك أن تعض على أناملك بالندم ولابد أن تزل بك القدم في يوم أوّله لنا وآخره عليك فهنالك تسئ الظنون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون فاذا قرأت كتابي هذا فتكون فيه على أول سورة النحل أتى أمر الله فلا تستعجلوه وتكون على آخر سورة ص ولتعلمن نبأه بعد حين ونعود الى قول الله تعالى وهو أصدق القائلين كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين وقول الحكماء ان الباغي له مصرع وبغيك يصرعك وإلى البلاء يقلبك والسلام وفي يوم السبت ورد الفرنج وضربوا خيامهم في أكثر البلاد التي فيها عساکر المسلمين وكانت خيمة الملك روّاد فرنس حمراء فناوشهم المسلمون القتال واستشهد يومئذ الامير نجم الدین یوسف بن شیخ الاسلام والامير صارم الدین ازبك الوزيري فلما أمسى الليل رحل الامير فخر الدین یوسف بن شيخ الشيوخ بعساکر المسلمين جبنا وصلفا وسار بهم في بر دمیاط وسار الی جهة أشموم طناح فخاف من كان في مدينة دمياط وخرجوا منها على وجوههم في الليل لا يلتفتون الى شئ وتر کوا المدينة خالية من الناس ولحقوا بالعسكر في أشموم وهم حفاة عرايا جياع حيارى بمن معهم من النساء والأولاد ومروا هاربين الى القاهرة فأخذ منهم قطاع الطريق ما عليهم من الثياب وتركوهم عرايا فشنعت القالة على الامير فخر الدين من كل أحد وعدّ جمیع مانزل بالمسلمين من البلاء بسبب هزيمته فان دمياط كانت مشحونة بالمقاتلة والازواد العظيمة والاسلحة وغيرها خوفا أن يصيبها في هذه المدة ما أصابها في أيام الكامل فانه ما أتى عليها ذاك الا من قلة الأقوات بها ومع ذلك امتنعت من الفرنج أكثر من سنة حتى فنى أهلها كما تقدم ولكن الله يفعل ما يريد ولما أصبح الفرنج یوم الأحد لسبع بقين من صفر قصدوا دمياط فاذا أبواب المدينة مفتحة ولا أحد يدفع عنها فظنوا أن ذلك مکیدة وتمهلوا حتى ظهر لهم خلوها فدخلوا اليها من غير ممانع ولا مدافع واستولوا على مابها من الاسلحة العظيمة وآلات الحرب والاقوات الخارجة عن الحد في الكثرة والاموال والامتعة صفوا بغير كلفة فأصيب الاسلام والمسلمون ببلاء لولا لطف الله لمحي اسم الاسلام ورسمه بالكلية وانزعج الناس في القاهرة ومصر انزعاجا عظيما لما نزل بالمسلمين مع شدة مرض السلطان وعدم حركته وأما السلطان فانه اشتد حنقه على الامير فخر الدين وقال أما قدرت أنت والعساکر ان تقفوا ساعة بين يدي الفرنج وأقام عليه القيامة لكن الوقت لم يكن يسع غير الصبر والاغضاء وغضب على الكنانيين الذين كانوا بدمياط ووبخهم فقالوا ما نعمل اذا كانت عساكر السلطان بأجمعهم وأمراؤه هربوا وأخربوا الزردخاناه فكيف لانهرب نحن فأمر بشنقهم لكونهم خرجوا من دمياط بغير اذن وكانت عدة من شنق من الأمراء الكنانية زيادة على خمسين أميرا في ساعة واحدة ومن جملتهم أمير جسيم له ابن جمیل سأل أن يشنق قبل ابنه فأمر السلطان ان يشنق ابنه قبله فشنق الابن ثم الاب ويقال ان شنق هؤلاء كان بفتوى الفقهاء فخاف جماعة من الامراء وهموا بالقيام على السلطان فأشار عليهم الامير فخر الدین ابن شيخ الشيوخ بأن السلطان على خطة فان مات فقد كفيتم أمره والا فهو بين أيديكم وأخذ السلطان في اصلاح سور المنصورة وانتقل اليها لخمس بقين من صفر وجعل الستائر على السور وقدمت الشواني الى تجاه المنصورة وفيها العدد الكامله وشرع العساكر في تجديد الابنية هناك وقدم من العرب ومن أهل النواحي ومن المتطوعة خلق لايحصى عددهم وأخذوا في الاغارة على الفرنج فملأ الفرنج أسوار مدينة دمياط بالمقاتلة والآلات فلما كان أول ربيع الاول قدم الى القاهرة من اسرى الفرنج الذين تخطفهم العرب ستة وثلاثون منهم فارسان وفي خامس ربیع الآخر ورد منهم تسعة وثلاثون وفي سابعه ورد اثنان وعشرون أسيرا وفي سادس عشره ورد خمسة وأربعون أسيرا منهم ثلاثة خيالة وفي ثامن عشر جمادی الاولى ورد خمسون أسيرا هذا ومرض السلطان يتزايد وقواه تتناقص حتى أيس الأطباء منه وفي ثالث عشر رجب قدم الى القاهرة سبعة وأربعون أسيرا وأحد عشر فارسا وظفر المسلمون بمسطح للفرنج في البحر فيه مقاتلة بالقرب من نستراوة فلما كانت ليلة الاحد لاربع عشرة مضت من شعبان مات الملك الصالح بالمنصورة فلم يظهر موته وحمل في تابوت الى قلعة الروضة وقام بأمر العسكر الامیر فخر الدین ابن شيخ الشيوخ فان شجرة الدر زوجة السلطان لما مات أحضرت الامير فخر الدين والطواشي جمال الدین محسنا واليه امر المماليك البحرية والحاشية وأعلمتهما بموته فكتما ذلك خوفا من الفرنج لانهم كانوا قد أشرفوا على تملك دیار مصر فقام الامير فخر الدين بالتدبير وسيروا الى الملك المعظم توران شاه وهو بحصن کیفا الفارس اقطاي لاحضاره وأخذ الامير فخر الدين في تحليف العسكر للملك الصالح وابنه الملك المعظم بولاية العهد من بعده وللامير فخر الدین باتابكية العسكر والقيام بأمر الملك حتی حلفهم كلهم بالمنصورة وبالقاهرة في دار الوزارة عند الامیر حسام الدين بن أبي علي في يوم الخميس لاثنتي عشرة بقيت من شعبان وكانت العلامات تخرج من الدهاليز السلطانية بالمنصورة الى القاهرة بخط خادم يقال له سهيل لايشك من رآها أنها خط السلطان ومشى ذلك على الامير حسام الدين بالقاهرة ولم يتفوّه أحد بموت السلطان الى ان كان يوم الاثنين لثمان بقين من شعبان ورد الامر الى القاهرة بدعاء الخطباء في الجمعة الثانية للملك المعظم بعد الدعاء للسلطان وان ينقش اسمه على السكة فلما علم الفرنج بموت السلطان خرجوا من دمياط بفارسهم وراجلهم وشوانيهم تحاذيهم في البحر حتى نزلوا فارسكور يوم الخميس لخمس بقين من شعبان فورد في يوم الجمعة من الغد كتاب الى القاهرة من العسكر أوله انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله لكم خير لكم ان کنتم تعلمون وفيه مواعظ بليغة بالحث على الجهاد فقرئ على منبر جامع القاهرة وقد جمع الناس لسماعه فارتجت القاهرة ومصر وظواهرهما بالبكاء والعويل وأيقن الناس باستيلاء الفرنج على البلاد لخلو الوقت من ملك يقوم بالامر لكنهم لم يهنوا وخرجوا من القاهرة ومصر وسائر الاعمال فاجتمع عالم عظیم فلما كان يوم الثلاثاء أول شهر رمضان اقتتل المسلمون والفرنج فاستشهد العلائي أمير مجلس وجماعة ونزل الفرنج شارمساح وفي يوم الاثنين سابعه نزلوا البرمون فاضطرب الناس و زلزلوا زلزالا شديدا لقربهم من العسكر وفي يوم الاحد ثالث عشره وصلوا تجاه المنصورة وصار بينهم وبين المسلمين بحر أشموم وخندقوا عليهم وأداروا على خندقهم سورا ستروه بكثير من الستائر ونصبوا المجانيق ليرموا بها المسلمين وصارت شوانيهم بازائهم في بحر النيل وشواني المسلمین بازاء المنصورة والتحم القتال برا وبحرا وفي سادس عشره نفر الى المسلمين ستة خيالة أخبروا بمضايقة الفرنج وفي يوم عيد الفطر أسروا من الفرنج کند من أقارب الملك وأبلی عوام المسلمين في قتال الفرنج بلاء كبيرا وأنكوهم نكاية عظيمة وصاروا يقتلون منهم في كل وقت و يأسرون ويلقون أنفسهم في الماء ويمرون فيه الى الجانب الذي فيه الفرنج ويتحيلون في اختطاف الفرنج بكل حيلة ولايهابون الموت حتى ان انسانا قوّر بطيخة وحملها على رأسه وغطس في الماء حتى حاذى الفرنج فظنه بعضهم بطيخة ونزل ليأخذها فخطفه وأتى به الى المسلمين وفي يوم الاربعاء سابع شوال أخذ المسلمون شونة للفرنج فيها كند ومائتا رجل وفي يوم الخميس النصف منه ركب الفرنج الى بر المسلمين واقتتلوا فقتل منهم أربعون فارسا وسير في عدة الى القاهرة بسبعة وستين أسيرا منهم ثلاثة من أكابر الدوادارية وفي يوم الخميس الثاني والعشرين منه أحرقت للفرنج مرمة عظيمة في البحر واستظهر المسلمون عليهم وكان بحر اشموم فيه مخايض فدل بعض من لادین له من يظهر الاسلام الفرنج عليها فركبوا سحر يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة أو رابعه ولم يشعر المسلمون بهم الا وقد هجموا على العسکر وکان الامير فخر الدين قد عبر الى الحمام فأتاه الصريخ بأن الفرنج قد هجموا على العسكر فركب دهشا غير معتدّ ولا متحفظ وساق لیأمر الامراء والاجناد بالر کوب في طائفة من مماليكه فلقيه عدد من الفرنج الدوادارية وحملوا عليه ففر أصحابه وأتته طعنة في جنبه وأخذته السيوف من كل جانب حتی لحق بالله عز وجل وفي الحال عدت ماليكه في طائفة الى داره و کسرواصناديقه وخزائنه ونهبوا أمواله وخيوله وساق الفرنج عند مقتل الامير فخرالدين الى المنصورة ونفر المسلمون خوفا منهم وتفرقوا يمنة و يسرة وكادت الكسرة ان تكون وتمحوا الفرنج كلمة الاسلام من أرض مصر وصل الملك روّاد فرنس الى باب قصر السلطان ولم يبق الا ان يملكه فاذن الله تعالى ان طائفة المماليك من البحرية والجمدارية الذين استجدهم الملك الصالح ومن جملتهم بيبرس البندقداري حملوا على الفرنج حملة صدقوا فيها اللقاء حتى أزاحوهم عن مواقفهم وأبلوا في مكافحتهم بالسيوف والدبابيس فانهزموا وبلغت عدة من قتل من فرسان الفرنج الخيالة في هذه النوبة ألفا وخمسمائة فارس وأما الرجالة فانها كانت وصلت الى الجسر لتعدي فلو تراخى الامر حتى صاروا مع المسلمين لأعضل الداء على ان هذه الواقعة كانت بين الازقة والدروب ولولا ضيق المجال لما افلت من الفرنج أحد فنجا من بقى منهم وضربوا عليهم سورا وحفروا خندقا وصارت طائفة منهم في البر الشرقي ومعظمهم في الجزيرة المتصلة بدمياط وكانت البطاقة عند الكبسة سرحت على جناح الطير الى القاهرة فانزعج الناس انزعاجا عظيما ووردت السوقة وبعض العسکر ولم تغلق أبواب القاهرة ليلة الأربعاء وفي يوم الأربعاء سقط الطائر بالبشارة بهزيمة الفرنج وعدة من قتل منهم فزينت القاهرة وضربت البشائر بقلعة الجبل وسار المعظم توران شاه الى دمشق فدخلها يوم السبت آخر شهر رمضان واستولى على من بها ولاربع مضين من شوال سقط الطائر بوصوله الى دمشق فضربت البشائر في العسكر بالمنصورة وفي قلعة الجبل وسار من دمشق لثلاث بقین منه فتواترت الاخبار بقدومه وخرج الامير حسام الدين بن أبي علي الى لقائه فوافاه بالصالحية لاربع عشرة بقيت من ذي القعدة ومن يومئذ أعلن بموته الملك الصالح بعدما كان قبل ذلك لا ينطق أحد بموته البتة بل الامور على حالها والدهلیز السلطاني بحاله والسماط على العادة وشجرة الدر أم خليل زوجة السلطان تدبر الامور وتقول السلطان مريض ما اليه وصول ثم سار من الصالحية فتلقاه الامراء والمماليك واستقر بقصر السلطنة من المنصورة يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي القعدة وفي اثناء هذه المدة عمل المسلمون مراكب وحملوها على الجمال الى بحر المحله وألقوها فيه وشحنوها بالمقاتلة فعندما حاذت مراكب الفرنج بحر المحلة وتلك المراكب فيه مكمنة خرجت عليهم ووقع الحرب بينهما وقدم الأسطول الاسلامي من جهة المنصورة وأحاط بالفرنج فظفر باثنين وخمسين مركبا للفرنج وقتل وأسر منهم نحو ألف رجل فانقطعت الميرة عن الفرنج واشتد عندهم الغلاء وصاروا محصورين فلما كان أول يوم من ذی الحجة أخذ الفرنج من المراكب التي في بحر المحلة سبع حراريق وفر من كان فيها من المسلمين وفي يوم عرفة برزت الشواني الاسلامية الى مراكب قدمت للفرنج فيها ميرة فاخذت منها اثنتين وثلاثين مركبا منها تسع شوان فوهنت قوة الفرنج وتزايد الغلاء عندهم وشرعوا في طلب الهدنة من المسلمين على ان يسلموا دمياط ويأخذوا بدلا منها القدس وبعض بلاد الساحل فلم يجابوا الى ذلك فلما كان اليوم السابع والعشرون من ذي الحجة أحرق الفرنج أخشابهم كلها وأتلفوا مراكبهم يريدون التحصن بدمياط ورحلوا في ليلة الأربعاء لثلاث مضين من المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة الى دمياط وأخذت مراكبهم في الانحدار قبالتهم فركب المسلمون أقفيتهم بعد ماعدوا الى برهم وطلع الفجر من يوم الاربعاء وقد أحاط المسلمون بالفرن وقتلوا وأسروا منهم کثیرا حتی قيل ان عدد من قتل من الفرسان على فارسكور يزيد على عشرة آلاف وأسر من الخيالة والرجالة والصناع والسوقة ما يناهز مائة ألف ونهب من المال والذخائر والخيول والبغال ما لا يحصی وانحاز الملك روّاد فرنس وأكابر الفرنج الى تل ووقفوا مستسلمين وسألوا الامان فأمنهم الطواشي جمال الدين محسن الصالحي ونزلوا على أمانه وأحيط بهم وسيقوا الى المنصورة فقيد روّاد فرنس واعتقل في الدار التي كان ينزل فيها القاضي فخر الدین ابراهيم ابن لقمان كاتب الانشاء ووكل به الطواشي صبيح المعظمي واعتقل معه أخوه ورتب له راتب يحمل اليه في كل يوم ورسم الملك المعظم لسیف الدین یوسف بن الطوري أحد من وصل صحبته من الشرق أن يتولى قتل الأسرى فكان يخرج منهم كل ليلة ثلمائة رجل ويقتلهم ويلقيهم في البحر حتى فنوا ولما قبض على الملك روّاد فرنس رحل الملك المعظم من المنصورة ونزل الدهلیز السلطاني على فارسكور وعمل له برجا من خشب وتراخى في قصد دمياط وكتب بخطه الى الامير جمال الدين بن يغمور نائبه بدمشق وولده توران شاه الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وما النصر الا من عندالله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وأما بنعمة ربك فحدث وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها نبشر المجلس السامي الجمالي بل نبشر المسلمين كافة بما من الله به على المسلمين من الظفر بعدوّ الدین فانه كان قد استكمل أمره واستحكم شره و يئس العباد من البلاد والاهل والاولاد فنودوا لا تيأسوا من روح الله ولما كان يوم الاثنين مستهل السنة المباركة وهي سنة ثمان وأربعين وستمائة تمم الله على الاسلام برکتها فتحنا الخزائن وبذلنا الاموال وفرقنا السلاح وجمعنا العرب والمطوّعة وخلقا لا يعلمهم الا الله جاؤا من كل فج عميق ومكان سحيق فلما رأى العدوّ ذلك أرسل يطلب الصلح على ما وقع الاتفاق بينهم وبين الملك الكامل فابینا ولما كانت ليلة الأربعاء تر کوا خيامهم وأموالهم وأثقالهم وقصدوا دمياط هاربين فسرنا في آثارهم طالبين ومازال السيف يعمل في أدبارهم عامة الليل وقد حل بهم الخزي والويل فلما أصبحنا يوم الاربعاء قتلنا منهم ثلاثين ألفا غير من ألقى نفسه في اللجج وأما الأسرى فحدّث عن البحر ولاحرج والتجأ الفرنسيس الى المينا وطلب الامان فأمناه وأخذناه واكرمناه وسلمناه دمياط بعون الله تعالى وقوته وجلاله وعظمته وبعث مع الكتاب غفارة الملك فرنسيس فلبسها الامير جمال الدين بن يغمور وهی اشكر لاطا أحمر بفرو سنجاب فقال الشيخ نجم الدین بن اسرائيل

ان غفارة الفرنسيس جاءت * فهي حقا لسيد الامراء
 کبياض القرطاس لونا ولكن * صبغتها سيوفنا بالدماء

وقال آخر

أسيد أملاك الزمان بأسرهم * تنجزت من نصر الاله وعوده
فلا زال مولانا یبيح حمى العدى * ويلبس أثواب الملوك عبيده

وأخذ الملك المعظم يهدد زوجة شجرة الدر ويطالبها بمال أبيه فخافته وكاتبت مماليك الملك الصالح تحرضهم عليه وكان المعظم لما وصل اليه الفارس اقطاي الى حصن کیفا وعده أن يعطيه امرة فلم يف له بها وأعرض مع ذلك عن مماليك أبيه واطرح امراءه وصرف الامير حسام الدين بن أبي علي عن نيابة السلطنة وأحضره الى العسکر ولم يعبأ به وأبعد غلمان أبيه واختص بمن وصل معه من المشرق وجعلهم في الوظائف السلطانية فجعل الطواشي مسرورا خادمه استادارا وعمل صبيحا وكان عبدا حبشيا خزنداره وأمر أن تكون له عصا من ذهب وأعطاه مالا جزيلا واقطاعات جليلة وكان اذا سكر جمع الشمع وضرب رؤسها بالسيف حتى تنقطع ويقول هكذا أفعل بالبحرية فانه كان فيه هوج وخفة واحتجب على العكوف بملاذه فنفرت منه النفوس وبقى كذلك الى يوم الاثنين التاسع والعشرين من المحرم وقد جلس على السماط فتقدم اليه أحد المماليك البحرية وضربه بسيف فقطع أصابع يديه ففر الى البرج فاقتحموا عليه وسيوفهم مصلتة فصعد أعلى البرج الخشب فرموه بالنشاب وأطلقوا النار في البرج فألقى نفسه ومر الى البحر وهو يقول ما أريد ملككم دعوني ارجع الى الحصن يامسلمين ما فيكم من يصطنعني ويجيرني وسائر العساكر بالسيوف واقفة فلم يجبه أحد والنشاب يأخذه من كل ناحية وأدركوه فقطع بالسيوف ومات حريقا غريقا قتيلا في يوم الاثنين المذكور وترك على الشاطئ ثلاثة أيام ثم دفن ولما قتل الملك المعظم اتفق أهل الدولة على اقامة شجرة الدر والدة خليل في مملكة مصر وأن يكون مقدم العسكر الامير عز الدین ایبك التركماني الصالحي وحلف الكل على ذلك وسيروا اليها عز الدين الرومي فقدم عليها في قلعة الجبل وأعلمها بما اتفقوا عليه فرضیت به وكتبت على التواقيع علامتها وهي والدة خليل وخطب لها على المنابر بمصر والقاهرة وجرى الحديث مع الملك رواد فرنس في تسليم دمياط وتولى مفاوضته في ذلك الأمير حسام الدين بن أبي علي الهدیاني فأجاب الى تسليمها وان يخلى عنه بعد محاورات وسير الی الفرنج بدمياط يأمرهم بتسليمها الى المسلمين فسلموها بعد جهد جهيد من كثرة المراجعات في يوم الجمعة ثالث صفر ورفع العلم السلطاني على سورها وأعلن فيها بكلمة الاسلام وشهادة الحق بعدما أقامت بید الفرنج أحد عشر شهرا وسبعة أيام وأفرج عن الملك رواد فرنس وعن أخيه وزوجته ومن بقي من أصحابه الى البر الغربي وركبوا البحر من الغد وهو يوم السبت رابع صفر وأقلعوا الى عكا وفي هذه النوبة يقول الوزير جمال الدين يحيى بن مطروح

قل للفرنسيس اذا جئته * مقال نصح عن قؤول نصيح 
آجرك الله على ما جرى * من قتل عباد يسوع المسيح 
أتيت مصر تبتغي ملكها * تحسب ان الزمر يا طبل ريح
فساقك الحين الى أدهم * ضاق به عن ناظريك الفسيح 
 وكل أصحابك أودعتهم * بحسن تدبيرك بطن الضريح 
خمسون ألفا لا يرى منهم * الا قتيل أو أسير جريح 
وفقك الله لامثالها * لعل عیسى منكم يستريح 
ان كان بابا کم بذا راضيا * فرب غش قد أتى من نصيح 
قل لهم ان أضمروا عودة * لأخذ ثار أو لنقد صحيح 
دار ابن لقمان على حالها * والقيد باق والطواشي صبیح

وقدر الله ان الفرنسيس هذا بعد خلاصه من هذه الواقعة جمع عدة جموع وقصد تونس فقال شاب من أهلها يقال له أحمد بن اسمعیل الزيات

يا فرنسيس هذه أخت مصر * فتأهب لما اليه تصير 
لك فيها دار ابن لقمان قبر * وطواشيك منكر ونكير

فكان هذا فألا حسنا فانه مات وهو على محاصرة تونس ولما تسلم الامراء دمياط وردت البشرى الى القاهرة فضربت البشائر وزينت القاهرة ومصر فقدمت العساكر من دمياط يوم الخميس تاسع صفر فلما كان في سلطنة الاشرف موسی بن الملك المسعود اقسيس بن الملك الكامل والملك المعز عز الدين التركماني وكثر الاختلاف بمصر واستولى الملك الناصر یوسف بن العزيز على دمشق اتفق أرباب الدولة بمصر وهم المماليك البحرية على تخریب مدینة دمياط خوفا من مسير الفرنج اليها مرة أخرى فسيروا اليها الحجارين والفعلة فوقع الهدم في أسوارها يوم الاثنين الثامن عشر من شعبان سنة ثمان وأربعين وستمائة حتي خربت کلها ومحيت آثارها ولم يبق منها سوى الجامع وصار فی قبليها أخصاص على النيل سكنها الناس الضعفاء وسموها المنشية وهذا السور هو الذي بناه أمير المؤمنين المتوكل على الله كما تقدم ذكره فلما استبد الملك الظاهر بيبرس البندقداري الصالحي بمملكة مصر بعد قتل الملك المظفر قطز اخرج من مصر عدة من الحجارين في سنة تسع وخمسین وستمائة لردم فم بحر دمیاط فمضوا وقطعوا كثيرا من القرابيص وألقوها في بحر النيل الذي ينصب من شمال دمياط في البحر الملح حتی ضاق وتعذر دخول المراكب منه الى دمياط وهو الى الآن على ذلك لا تقدر مراكب البحر الكبار أن تدخل منه وانما ينقل ما فيها من البضائع في مراكب نيلية تعرف عند أهل دمياط بالجروم واحدها جرم وتصير مراكب البحر الملح واقفة بآخر البحر قریبا من ملتقى البحرين ويزعم أهل دمياط الآن أن سبب امتناع دخول مراكب البحر جبل في فم البحر أو رمل يتربى هناك وهذا قول باطل حملهم عليه مايجدونه من اتلاف المراكب اذا هجمت على هذا المكان وجهلهم بأحوال الوجود وما مر من الوقائع والى يومنا هذا يخاف على المراكب عند ورودها فم البحر وكثيرا ما تتلف فيه وقد سرت اليه حتی شاهدته ورأيته من أعجب ما يراه الانسان وأما دمياط الآن فانها حدثت بعد تخریب مدينة دمياط وعمل هناك أخصاص ومابرحت تزداد الى أن صارت بلدة كبيرة ذات أسواق وحمامات وجوامع ومدارس ومساجد ودورها تشرف على النيل الاعظم ومن ورائها البساتين وهي أحسن بلاد الله منظرا وقد أخبرني الامير الوزير المشير الاستادار يلبغا السالمي رحمه الله أنه لم ير في البلادالتي سلكها من سمرقند الی مصر أحسن من دمياط هذه فظننت أنه يغلو في مدحها الى ان شاهدتها فاذا هي أحسن بلد وأنزهه وفيها أقول

سقى عهد دمیاط وحياه من عهد * فقد زادني  ذکراه وجدا على وجد 
ولازالت الانواء تسقي سحابها * ديارا حكت من حسنها جنة الخلد 
فيا حسن هاتيك الديار وطيبها * فكم قد حوت حسنا يجل عن العدّ 
فلله أنهار تحف بروضها * لكالمرهف المصقول أوصفحة الخد 
وبشنينها الريان بحكي متيما * تبدل من وصل الاحبة بالصد 
فقام على رجليه في الدمع غارقا * يراعي نجوم الليل من وحشة الفقد 
وظل على الاقدام تحسب انه * لطول انتظار من حبيب على وعد 
ولاسيما تلك النواعير انها * تجدد حرن الواله المدنف الفرد 
أطارحها شجوی وصارت كأنما * تطارح شكواها بمثل الذي أبدی 
فقد خلتها الافلاك فيها نجومها * تدور بمحض النفع منها وبالسعد 
وفي البرك الغراء باحسن نوفر * حلا وغدا بالزهو يسطو على الورد 
سماء من البلور فيها كواكب * عجيبة صبغ اللون محكمة النضد 
وفي شاطئ النيل المقدّس نزهة * تعيد شباب الشيب في عيشة الرغد 
وتنشي رياحا تطرد الهم والأسی * وتنشي ليالي الوصل من طيبها عندي 
وفي مرج البحرين جم عجائب * تلوح وتبدو من قريب ومن بعد 
كأن التقاء النيل بالبحر اذ غدا * ملیکات سارا في الجحافل من جند 
وقد نزلا للحرب واحتدم اللقا * ولا طعن الا بالمثقفة الملد 
فظلا كما باتا وما برحاكما * هما من جليل الخطب في أعظم الجهد 
فكم قد مضى لي من أفانين لذة * بشاطئها العذب الشهيّ لذي الورد
وكم قد نعمنا فی البساتين برهة * يعيش هنئ في أمان وفي سعد 
وفي البرزخ المأنوس کم لي خلوة * وعند شطا عن أيمن العلم الفرد 
هناك تری عين البصيرة ما تری * من الفضل والافضال والخير والمجد 
فيارب هیئ لي بفضلك عودة * ومنّ بها في غير بلوی ولاَ جهد

وبدمياط حيث كانت المدينة التي هدمت جامع من أجل مساجد المسلمين تسميه العامة مسجد فتح وهو المسجد الذي اسسه المسلمون عندما فتح دمياط أول ما فتح الله أرض مصر على يد عمرو بن العاص وعلى بابه مكتوب بالقلم الكوفي انه عمر بعد سنة خمسمائة من الهجرة وفيه عدة من عمد الرخام منها ما يعز وجود مثله وانما عرف بجامع فتح لنزول شخص به يقال له فاتح فقالت العامة جامع فتح وانما هو فاتح بن عثمان الاسمر التكروري قدم من مراكش الى دمياط على قدم التجريد وسقى بها الماء في الاسواق احتسابا من غير أن يتناول من أحد شيأ ونزل في ظاهر الثغر ولزم الصلاة مع الجماعة وترك الناس جميعا ثم أقام بناحية تونة من بحيرة تنیس وهی خراب نحو سبع سنين ورمّ مسجدها ثم انتقل من تونه الى جامع دمياط وأقام في وكر في أسفل المنارة من غير أن يخالط أحدا الا اذا أقيمت الصلاة خرج وصلى فاذا سلم الامام عاد الی وکره فاذا عارضه أحد بحديث كلمه وهو قائم بعد انصرافه من الصلاة وكانت حاله أبدا اتصالا في انفصال وقربا في ابتعاد وانسا في نفار وحج فكان يفارق أصحابه عند الرحيل فلايرونه الا وقت النزول ويكون سيره منفردا عنهم لايكلم أحدا إلى أن عاد الى دمیاط فأخذ في ترميم الجامع وتنظيفه بنفسه حتى نقى ما كان فيه من الوطواط بسقوفه وساق الماء الى صهاريجه و بلط صحنه وسبك سطحه بالجبس وأقام فيه وكان قبل ذلك من حين خربت دمیاط لايفتح الا يوم الجمة فقط فرتب فيه اماما راتبا يصلي الخمس وسكن في بيت الخطابة وواظب على اقامة الاوراد به وجعل فيه قراء يتلون القرآن بكرة وأصيلا وقرر فيه رجلا يقرأ ميعاد لیذكر الناس ويعلمهم وكان يقول لو عملت بدمياط مكانا أفضل من الجامع لأقمت فيه ولوعلمت في الارض بلدا يكون فيه الفقير أخمل من دمياط لرحلت اليه وأقمت به وكان اذا ورد عليه أحد من الفقراء ولايجد ما یطعمه باع من لباسه ما يضيفه به وكان يبيت ويصبح وليس له معلوم ولا ما تقع عليه العين أو تسمعه الأذن وكان يؤثر في السر الفقراء والارامل ولا يسأل أحدا شيأ ولا يقبل غالبا واذا قبل ما يفتح الله عليه آثر به وكان يبذل جهده فی کتم حاله والله تعالى يظهر خیره وبرکته من غير قصد منه لذلك وعرفت له عدة كرامات وكان سلوكه على طريق السلف من التمسك بالكتاب والسنة والنفور عن الفتنة وترك الدعاوى واطراحها وستر حاله والتحفظ في أقواله وأفعاله وكان لا يرافق أحدا في الليل ولايعلم أحد يوم صومه من يوم فطره و يجعل دائما قول ان شاء الله تعالى مكان قول غيره والله ثم ان الشيخ عبد العزيز الدميرى أشار عليه بالنكاح وقال له النكاح من السنة فتزوّج في آخر عمره بامرأتين لم يدخل على واحدة منهما نهارا البتة ولا أكل عندهما ولاشرب قط وكان ليله ظرفا للعبادة لكنه يأتي اليهما أحيانا وينقطع احيانا بالاستغراق زمنه كله في القيام بوظائف العبادات وایثار الخلوة وکان خواص خدمه لايعلمون بصومه من فطره وانما يحمل اليه ما يأكل ويوضع عنده بالخلوة فلا يرى قط آكلا وكان يحب الفقر ويؤثر حال المسكنة ويتطارح على الخمول والجفاء ويتواضع مع الفقراء ويتعاظم على العظماء والاغنياء وكان يقرأ في المصحف ويطالع الكتب ولم يره أحد يخط بيده شيأ وكانت تلاوته للقرآن بخشوع وتدبر ولم يعمل له سجادة قط ولا أخذ على أحد عهد او لا لبس طاقية ولا قال أنا شيخ ولا أنا فقير ومتى قال في كلامه أنا تفطن لما وقع منه واستعاذ بالله من قول أنا ولا حضر قط سماعا ولا أنكر على من يحضره وكان سلوكه صلاحا من غير اصلاح و يبالغ في الترفع على أبناء الدنيا ویتراخی على الفقراء ويقدم لهم الاكل ولم يقدم لغني أكلا البته واذا اجتمع عنده الناس قدم الفقير على الغني واذا مضى الفقير من عنده سار معه وشيعه عدة خطوات وهو حاف بغير نعل ووقف على قدميه ينظره حتى يتوارى عنه ومن كان من الفقراء يشار اليه بمشيخة جلس بين يديه بأدب مع امامته وتقدمه في الطريق ويقول ما أقول لاحد افعل أولا تفعل من أراد السلوك يكفيه أن ينظر الى أفعاله فان من لم يتسلك بنظره لايتسلك بسمعه وقال له شخص من خواصه یاسیدي ادع الله لنا أن یفتح علينا فنحن فقراء فقال ان أردتم فتح الله فلا تبقوا في البيت شيأ ثم اطلبوا فتح الله بعد ذلك فقد جاء لا تسأل الله ولك خاتم من حديد ومن كلامه الفقيربحال البكر اذاسأل زالت بكارته وسأله بعض خواصه أن يدعو له بسعة وشكى له الضيق فقال أنا ما أدعو لك بسعة بل أطلب لك الافضل والاكمل وكان مع اشتغال بالعبادة واستغراق أوقاته فيها لا يغفل عن صاحبه ولا ينسی حاجته حتى يقضيها ويلازم الوفاء لاصحابه ويحسن معاشرتهم ويعرف أحوال الناس على طبقاتهم ويعظم العلم ويكرم الايتام ويشفق على الضعفاء والارامل ويبذل شفاعته في قضاء حوائج الخاص والعام من غير أن يمل ولايتبرم بكثرة ذلك ويكثر من الايثار في السر ولا يمسك لنفسه شيأ ويستقل ما يؤخذ منه مع كثرة احسانه ويستكثر ما يدفع اليه وان كان يسيرا ويكافئ عليه بأحسن منه ولم يصحب قط أميرا ولا وزیرا بل كان في سلوكه وطريقه يرفع في تواضع ويعزز مع مسكنة وقرب في ابتعاد واتصال في انفصال وزهد في الدنيا وأهلها وكان أكبر من خبره ومن دعائه لنفسه ولمن يسأل له الدعاء اللهم بعدنا عن الدنيا وأهلها وبعدها عنا ومازال على ذلك الى أن مات آخر ليلة أسفر صباحها عن الثامن من شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وستمائة وترك ولدين ليس لهما قوت ليله وعليه مبلغ ألفي درهم دينا ودفن بجوار الجامع وقبره يزار الى يومنا هذا انتهى مقریزي بحروفه وقال في الكلام على تنیس انه كان يحاك بدمياط وبها ثياب الشروب التي لايصنع مثلها في الدنيا وكان يصنع بها للخليفة ثوب يقال له البدنة لايدخله من الغزل سدى ولحمة غير أوقيتين وينسج باقيه بالذهب بصناعة محكمة لا تحوج الى تفصيل ولا خياطة تبلغ قيمته ألف دينار وليس في الدنيا طراز ثوب كتان يبلغ الثوب منه وهو ساذج بغیر ذهب مائة دينار عينا غیر طراز تنیس ودمياط وان كانت شطا وديفو ودميرة وتونة وما قاربها من تلك الجزائر یعمل بها الرفيع فليس يقارب التنيسي والدمياطى انتهى وقال ابن الكندي أخبرني بعض وجوه التجار انه بيع حلتان دمياطيتان بثلاثة آلاف دینار انتهی وقال المقريزي أيضا وكان يسكن بمدينة تنيس ودمياط نصارى تحت الذمة ونقل عن المسبحي في حوادث سنة أربع وثمانين وثلثمائة أن يحيى بن اليمان ورد في ذي القعدة من تنیس ودمياط والفرما بهديته وهي أسفاط وتخوت وصناديق مال وخيل وبغال وحمير وثلاث مظال وكسوتان للكعبة وفي سنة ثمان وثمانين وخمسمائة كتب الملك العادل باخلاء تنيس ونقل أهلها الي دمياط فاخليت في صفر من الذراري والأثقال انتهى قلت ثم من ذاك التاريخ الى وقتنا هذا لم أعثر لها على حوادث مهمة بعد البحث والتفتيش في عدة كتب غير أنه يؤخذ من كتاب نزهة الناظرين وغيره انها كانت في بعض تلك الأزمان لوقوعها في أقصى القطر محلا لنفي أرباب الجرائم كغيرها من البلاد المتطرفة كرشید واسکندرية وقوص ففي نزهة الناظرين ان الملك الظاهر أبا سعيد تمربغا لما خلع يوم الاثنين سادس شهر رجب سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة جهز الى ثغر دمياط لكن مكرما بأحسن حال ثم أعيد الى الاسكندرية ليسكن بها في أي محل شاء فأقام بها الى أن مات وكانت مدة سلطنته ثمانية وخمسين یوما وكان جامعا بين العلم والفروسية والذكاء والفطنة وفنون السياسة وأنواع الكمال قالوا ولم يل مصر من يشبهه بل ولا يقاربه الا ان الدهر غیر منصف وفي سنة احدى وسبعين بعد الالف لما كانت وقعة الصناجق المشهورة وقتل فيها الطائفة الفقارية كما ذكرنا ذلك في الكلام على قرية صنافير وقع القبض على ابراهيم كتخدا القيصر لى كتخدا الينكشارية وحبس بالبرج الى اصفرار الشمس وحكم بنفيه فأرسل الى بولاق وأنزل في قارب منفيا الى دمياط ونزل معه جماعة لكي ينزلوه من هناك منفياالی قبرس وكان ابراهيم المذكور سيء التصرف والمعامله وكانت توليته وتصرفه في أواخر سنة خمس وستين وألف وفي سنة تسع وتسعين وألف زمن ولاية حسن باشا السلحدار على مصر نفي اليها جمله أشخاص من طائفة العزب وفي سنة اثنتين ومائة وألف زمن الوزير علي باشا قامت طائفة الينكشارية على كتخدائهم چلبي جلیل وسجنوه بالقلعة وعينوا بدله محمد قبا صقل وأثبتوا على چلبي المذكور انه قتل شخصا وكتبوا بذلك كتابة وأخذوا من على باشا الوزير بيورلديا بقتله ثم قتلوه وفي ثاني يوم جعلوا ثمانية أنفار أوضاباشية شربجية فلم يقبلوا ذلك فأوقعوا القبض عليهم ونفوا بعضهم الى دمياط وبعضهم الى رشيد والبعض الى المنية وفي سنة أربع بعد المائة والالف وقعت حادثة بين طائفة الجاووشیة ونفي جماعة منهم الى دمياط وفي سنة تسع ومائة وألف قامت فتنة بباب الينكشارية بسبب البغدادلي فاتفق السبعة بلكات على نفيه الى قلعة عبدالصمد بثغر دمياط فنفي اليها وبعد قليل ارسلوا لأغات القلعة بقتله فلما علم بذلك طلع على سور القلعة ورمى بالنار على العسكر الذين جاؤا بالامر بقتله ومنعهم من دخول القلعة ثم صبر الى الليل وهرب انتهى ثم رأيت في تاريخ يتضمن أخبار مصر والقاهرة أن السمكة التي يقال لها فرس البحر تظهر في دمياط قال صاحب هذا الكتاب وشاهدت مرارا وأنا بدمياط في سنة اثنتين وستين وتسعمائة هذه الدابة التي تسمى هنالك فرسا وهي بالاوصاف التي ستذكر رأیت ثلاثة معا وولدت واحدة ببئر العدوة من جهة المنية وأحضروا اليّ ولدها فتأملته وقيل لي ان هذه الفرس لا تلد الا في البرقان المصران الذي يعلق بولدها فيه طول ومتى ولدت في الماء أكل الحيتان المصران فيموت الولد ثم اتفق انه لما أعيد ولدها المذكور الى البحر رؤي من الغد ميتا في طرق دمياط من الجهة الاخرى والمصران مأکول وقد رمیت بالبندق الرصاص فلم يقطع فيها بل كان يفترش على جلدها الرصاص كالعجين و رماها طبجي باشا بقلعة دمياط بزاربزان فیه وزن مائة وخمسين رصاصة فغاصت الطوب في جلدها ثم وقعت منها في ساعتها وكان بعض النشاب يغوص في الفرس من تلك الافراس الى نصفها والى ثلثها قالوا ومارأينا فرسا منهن میتة الا واحدة من قبل ذلك وليس لهن خوف من الانسان وتقبل عليه فينهزم منها ثم يستدبرها وهي في الوحل فيضربها بالعصا الشديدة فلا تتأثر وفي خطط المقريزي انه يأكل التمساح أكلا ذريعا ويقوى عليه قوة ظاهرة وقال صاحب مرآة الزمان في النيل سمكة على صورة الفرس والمكان الذي تكون فيه لا يقربه تمساح وقال القزويني في عجائب المخلوقات فرس الماء هو کفرس البر الا أنه أكبر عرفا وذنبا وأحسن لونا وحافره مشقوق كحافر بقر الوحش وجثته دون فرس البر وفوق الحمار بقليل وربما يخرج هذا الفرس من الماء وينزو على فرس البر فيتولد منهما ولد في غاية الجودة والحسن حكي ان الشيخ ابا القاسم عرکان نزل على ماء ومعه حجرة فخرج من الماء فرس أدهم عليه نقط بيض كالدراهم ونزا على حجرته فولدت مهرا شبيها بأبيه عجيب الصورة فلما كان ذلك الوقت عاد الى ذلك المكان والحجرة والمهر معه طمعا فی مهر آخر فخرج الفحل ولثم المهر ثم وثب في الماء ووثب المهر بعده فكان الشيخ يعاود المكان بالحجرة طمعا في رجوع المهر وقال عمر بن سعد فرس الماء يؤذن بطلوع النيل فانهم حيث وجدوا أثر رجله عرفوا أن ماء النيل يصل الى ذلك الموضع وسنه نافع لوجع البطن وذكروا ان السودان الساكنين بشاطئ النيل اذا أخذهم المغص يشدون السن على العليل فيزول المغص في الحال وعظامه تحرق وتخلط بشحمه ويضمد بها السرطان فيردعه ويزيل أثره في الحال وخصيته تجفف وتحرق وتسحق لنهش الهوام وجلده ان دفن وسط قرية لم يقع بها شيء من الآفات و يحرق ويجعل على الورم فیسکن انتهى وقد شوهدت فرس البحر في النيل باعلى الصعيد قال عبد الله بن أحمد بن سليم الاسواني في كتابه أخبار النوبة ان فیما بین دنقلة واسوان كثيرا من القرى والضياع والجزائر والمواشي والنخل والشجر والمقل والزرع والكرم ضعف ما في الجانب الذي يلي أرض الأسلام وفي هذا المكان جزائر عظام مسيرة أيام فيها الجبال والسباع والوحش ومفاوز والنيل ينعطف من هذه النواحي الى مطلع الشمس والى مغربها مسيرة أيام حتى يصير المصعد كالمنحدر وفرس البحر يكثر في هذا الموضع حدثني میمون صاحب عهد علوة انه أحصى في جزيرة سبعين دابة منها وهي من دواب الشطوط في خلق الفرس وغلظ الجاموس قصيرة القوائم لها خف وهي في ألوان الخيل باعراف وآذان صغار کآذان الخيل وأعناقها كذلك وأذنابها مثل أذناب الجواميس ولها مخطم عريض يظن المتأمل ان عليها مخلاة لها صهيل حيث لايقوم حذاءها تمساح وتعترض المراكب عند الغضب فتغرقها ورعيها في البر العشب وجلدها فيه متانة عظيمة يتخذ منه أتراس انتهی ثم قال وقال المسعودي الفرس الذي يكون في نيل مصر اذا خرج من الماء وانتهى وطؤه الى بعض المواضع من الأرض علم أهل مصر أن النيل يزيد الى ذلك الموضع بعينه غير زائد عليه ولا يقصر عنه لا يختلف ذلك عندهم بطول العادات والتجارب وفي ظهوره من الماء ضرر بارباب الزرع فانه يرعاه ويرعی في الليلة الواحدة شيأ كثيرا فاذا رعی وشرب الماء قذف ما في جوفه في مواضع شتى فينبت مرة ثانية واذا اتصل ضرره بارباب الزرع طرحوا له ترمسا كثيرا جدا متفرقا فيأكله ثم يعود الى الماء فاذا شرب ربا الترمس في جوفه وانتفخ فيموت ويطفو على الماء والموضع الذي يرى فيه لا يرى فيه تمساح وهو على صورة الفرس الا ان حوافره وذنبه بخلاف ذلك وجبهته واسعة أ هـ * قلت قد ظهرت فرس البحر بالليل في سنة أربع وتسعين وثمانمائة ورأيناها في بحر الروضة وأقامت أياما تظهر فاستبشرنا بعلوّ النيل في هذه السنة وكان الامر كذلك فزاد النيل أصابع من عشرين وثبت ثباتا جيدا انتهى بتقديم وتأخير ونقل أيضا عن صاحب مرآة الزمان ان في النيل سمكة يقال لها شيخ البحر على صورة آدمی وله لحية طويلة ويكون بناحية دمياط وهو مسموم فاذا ئوی في مکان ناحیه دمیاط فالموت أو الفتن ويقال ان دمیاط ما تنكب حتى يظهر عندها انتهى وفي كتاب الافادة والاعتبار لموفق الدين عبد اللطيف البغدادي ان فرس البحر يوّجد باسافل الارض وخاصة ببحر دمياط وهو حيوان عظيم الصورة هائل المنظر شديد البأس يتبع المراكب فيغرقها ويهلك من ظفر به منها وهو بالجاموس أشبه منه بالفرس لكنه ليس له قرن وفي صوته صهلة تشبه صهيل الفرس بل البغل وهو عظيم الهامة هرّيت الاشداق حديد الانياب عريض الكلكل منتفخ الجوف قصير الارجل شديد الوثب قوي الدفع مهيب الصورة مخوف الغائلة وأخبرني من اصطادها مرات وشقها وكشف عن أعضائها الباطنة والظاهرة أنها خنزیر کبیر وان أعضاءها الباطنة والظاهرة لا تغادر من صورة الخنزير شيأ الا في عظم الخلقة ورأيت في كتاب نيطوليس في الحيوان ما یعضد ذلك وهذه صورته قال خنزيرة الماء تكون في بحر مصر وهي تكون في عظم الفيل ورأسها یشبه رأس البغل ولها شبه خف الجمل قال وشحم متنها اذا أذيب ولت بسويق وشربته امرأة سمنها حتى تجوز المقدار وكانت واحدة ببحر دمیاط قد ضربت على المراكب تغرقها وصار المسافر في تلك الجهة مغررا وضربت أخرى بجبهة أخرى على الجواميس والبقر وبني آدم تقتلهم وتفسد الحرث والنسل وأعمل الناس في قتلهما كل حيلة من نصب الحبائل الوثيقة وحشد الرجال باصناف السلاح وغير ذلك فلم يجد شيأ فاستدعی بنفر من المريس صنف من السودان زعموا أنهم يحسنون صيدها وانها كثيرة عندهم ومعهم مزاریق فتوجهوا نحوهما فقتلوهما في أقرب وقت وبأهون سعي وأتوا بهما الى القاهرة فشاهدتها فوجدت جلدها أسود أجرد تخينا جدا وطولها من رأسها الى ذنبها عشر خطوات معتدلات وهو في غلظ الجاموس نحو ثلاث مرات وكذلك رقبتها ورأسها وفي مقدم فمها اثنا عشر نابا ستة من فوق وستة من أسفل المتطرفة منها نصف ذراع زائد والمتوسطة أنقص بقليل وبعض الانياب أربعة صفوف من الاسنان على خطوط مستقيمة في طول الفم في كل صنف عشرة كأمثال بيض الدجاج المصطف صفان في الاعلى وصفان في الاسفل على مقابلتهما واذا فغر فوها وسع شاة كبيرة وذنبها في طول نصف ذراع زائد أصله غليظ وطرفه کالاصبع أجرد كأنه عظم شبیه بذنب الورل وأرجلها قصار طولها نحو ذراع وثلث ولها شبه بخف البعير الا انه مشقوق الاطراف باربعة أقسام وأرجلها في غاية الغلط وجملة جثتها كأنها مرکب مكبوب لعظم منظرها وبالجملة هی أطول وأغلظ من الفيل الا ان أرجلها أقصر من أرجل الفيل بكثير ولكن في غلظها أو أغلظ منها انتهى وفي حوادث سنة ألف ومائتين واثنتين من تاريخ الجبرتي انه لما كان الوزير حسن باشا القبودان بمصر تعدى النصارى على ثغر دمیاط في أواخر رمضان وأخذوا منه اثنی عشر مرکبا وكان اسمعیل بيك الكبير يومئذ هو المنفرد بالكلية بمصر وبيده الحل والعقد واستوزر محمد أغا البارودي وجعله کتخداه وفيه أيضا ان مراد بك نزل دمياط في شهر الحجة من سنة تسع ومائتين وضرب عليها ضريبة عظمة وفي يوم الاربعاء سادس عشر ربیع الاول سنة ثماني عشرة ومائتين وألف حصلت واقعة بين عثمان بيك البرديسي أحد كبراء المصريين ومحمد باشا خسرو الوزير من طرف السلطنة وقتل كثير من الفريقين وممن قتل يومئذ حسين كتخدا شنن ومصطفى أغا التبريل وهجم المصريون على دمیاط ودخلوها بمغامرة بعض رؤساء عساکر الباشا ونهبوها وأسروا نساءها وافتضوا الأبكار وصاروا یبيعونهن کالارقاء ونهبوا الخانات والبيوت والوكائل والمراكب حتی بيع فرد الارز الذي هو نصف اردب بثلاثة عشر نصف فضة والكيس الحرير الذي قيمته خمسمائة ريال بريالين والتجأ الباشا الى القلعة وتترس بها فاحاطوا به من كل جهة فطلب الامان فأمنوه ونزل من القلعة وحضر الى البرديسي وقد خطف بعض العسكر عمامته فلما رآه البرديسي ترجل عن مركوبه و قابله وتمنى بالسلام عليه وألبسه عمامته وأنزله في خيمة بجانب خيمته محافظا عليه ولما وصل الخبر مصر ضرہوا مدافع كثيرة من قصر العيني والقلعة والجيزة ومصر القديمة واستمر ذلك ثلاثة أيام بلياليها وفي عصريتها حضر الى القاهرة جيوخدار البرديسي وهو الذي قتل حسین شنن وحكى حاصل الواقعة فالبسه ابراهيم بيك فروة وأنعم عليه ببلاد المقتول و بيته وزوجته واملاكه وجعله كاشف الغربية وذهب الى وكيل الألفي أيضا فخلع عليه وصار يبذل الذهب في حال ركوبه وفي يوم الجمعة ذهب الى مقام الامام الشافعي رضی الله عنه وأرخی لحيته على عادتهم في ذلك انتهی وفيه أيضا في حوادث سنة احدى وثلاثين ومائتين والف انه اتفق ان شخصا من ابناء البلد يسمی حسين چلبي عجوة ابتكر بفكره صورة دائرة وهي التي يدقون بها الارز وعمل لها مثالا من الصفيح تدور بأسهل طريقة بحيث ان الالة المعتادة اذا كانت تدور بأربعة أثوار فیدیر هذه ثوران وقدم ذلك المثال الى الباشا ( العزيز محمد علي ) فاعجبه وأنعم عليه بدراهم وأمره بالمسير الى دمياط ويبني بها دائرة يهندسها برأيه ومعرفته وأعطاه مرسوما بما يحتاجه من الأخشاب والحديد والمصرف ففعل وصح قوله ثم صنع أخری برشید وراج أمره بسبب ذلك قال ولما رأى الباشا هذه النكتة من حسین چلبي المذكور قال ان في أولاد مصر نجابة وقابلية للمعارف فأمر ببناء مكتب بحوش السراي وأن يرتب فيه جملة من أولاد البلد ومماليك الباشا وجعل معلهم حسن افندي المعروف بالدرويش الموصلي يقرر لهم قواعد الحساب والهندسة وعلم المقادير والمقياسات والارتفاعات واستخراج المجهولات مع مشاركة شخص رومي يسمى روح الدین افندي بل واشخاص من الافرنج وأحضر لهم آلات هندسية متنوعة من أشغال الانكليز يأخذون بها الأبعاد والارتفاعات والمساحة ورتب لهم شهريات وكساوي في السنة واستمروا على الاجتماع بذلك المكتب وسموه مهندسخانه في كل يوم من الصباح الى الظهر ثم ينزلون الى بيوتهم ويخرجون في بعض الأيام الى الخلاء لتعليم مساحة الأراضي وقياساتها بالاقصاب وهو الغرض المقصود للباشا انتهی وفي كتاب سيرة نابليون الاول انه حين دخل أمير الجيوش الفرنساوية بونابرت الى القاهرة ورتب أمورها وقلد الجنرالات أحكام الديار المصرية أرسل الجنرال پيال الى مدينة دمياط وكان ذا مكر واحتيال فلما استقر في مدينة دمياط أحضر سبعة من كبار تجارها وأقامهم لتدبير البلد وأعمالها ثم رتب أغا انكشارية وأقام بالبلد واليا ومحتسبا ورتب الترتيب القديم وأحضر شيخ قرية الشعراء وهي بالقرب من مدينة دمياط وألبسه فروة وقلده سیفا وأحضر شيخ اقليم المنزلة المعروف بالشيخ حسن طوبار وقلده سیفا مذهبا وجعله ملتزما وكانت أهالي تلك الاقاليم تمتثل رأي هذا الشيخ وتقتدي به وبعد ما تقلد الالتزام أتت اليه الكتابات مع أحمد باشا الجزار وابراهيم بيك وفيها يحثانه على ان لا يقبل الفرنسيس وأن يستنهض أهالي الاقليم عليهم ويكون مجتهدا في حربهم وواعداه في المكاتيب بسرعة الوصول اليه بالعساکر الوافرة فاشتهر هذا الشيخ بضدية الفرنسيس وخبث النية عليهم واستنهض أهل القرى التي حوله وعقدوا رأيهم على ان يجتمعوا في قرية الشعراء بالقرب من دمياط يهجموا على الفرنساوية ليلا وأوصلوا الخبر الى أهل دمياط وفي شهر ربيع الثاني هجمت الرجال على البلد ليلا وكان الفرنساوية مقيمين بالوكائل التي على البحر فهجموا بضجيج عظيم وهم ينادون اليوم يوم المغازاة في هؤلاء الكفار ومن يتبعهم من النصارى اليوم ننصر الدين ونقتل هؤلاء الملاعين فانتبه الفرنساوية من المنام واستعدوا للحرب والتقوا مع هؤلاء الامم وضربوهم بالرصاص والسيوف ومنعوهم من الدخول وكانت الهزيمة على أهل البلاد مع أنهم أضعاف الفرنساوية وقبل ان يطلع النهار أخرجوهم من البلد راجعين الى قرية الشعراء حائرین في أمرهم وكانت قد وصلت الاخبار عند طلوع الشمس الى أهالى العزبة (بضم العين كما في مراصد الاطلاع) وهي قرية صغيرة عند بوغاز البحر الملح ان المسلمين كبسوا دمياط وقتلوا أولئك الكفار من الفرنسيس ونصاري البلد وكان في قرية العزبة خمسة أنفار من الفرنساوية فهجموا عليهم وقتلوهم وقدم مركب فيه ثلاثة انفار فقتلوهم ثم هجموا على قلعة العزبة وكان بها عشرون من الفرنساوية فأغلقوا الابواب ورموهم بالرصاص فرجعوا عنهم خاسرين وعند نصف النهار تحقق ان المسلمين رجعوا منكسرين والفرنساوية مقيمون في دمياط فندم أهل العزبة على ما فعلوا وخافوا على حريمهم وعيالهم فجمعوا حريمهم وأموالهم وانحدروا في المراكب هاربين الى نواحي عکا ووصل الخبر الى دمياط بما صار من اهل العزبة فركب الجنرال اليها فلم يجد بها أحدا فنهب ما وجده فيها وأحرقها بالنار ورجع الى دمياط وأخذ الفرنساوية في ابتناء حصون في العزبة ثم عزم الجنرال على المسير الى لم المسلمين في قرية الشعراء وأمر بان المجاريح من الفرنساوية ينزلون في المراكب خوفا من مسلمي البلد ولما رأى النصارى ذلك ذهبوا اليه وقالوا له لا يحل لك ان تذهب وتلقينا في أيدي هؤلاء الاشرار لانا سمعناهم يقولون اقتلوا النصاری قبل الفرنساوية فثنى عزمه عن المسير اليهم وكتب الى حاكم المنصورة يطلب منه الاسعاف فوجه اليه مائة وخمسين عسكريا فعند حضورهم اليه سار بهم الى قرية الشعراء وترك جنوده في دمياط فانهزمت منه الجموع التي بها فاحرقوا وقتل من وجد بها ورجع الى دمياط وصنع شنكا عظيما ونشر بیارق الانتصار ونكس البيرق العثماني الذي كان أمر أمير الجيوش ان ينشر في كل مكان توجد فيه الفرنساوية وبعد أيام حضر حاكم المنصورة الى دمياط وعقد المشورة مع حاكم دمياط على أخذ الجيزة وبلدة المنزلة ثم سار حاكم المنصورة بعساكره الى البحر الصغير قاصدا اقليم المنزلة فخرجت عرب ذلك البر في محلة يقال لها الجمالية فصادمهم وشتت عسكرهم وأفنى أكثرهم وأحرق تلك البلدة ثم سار الى المنزلة فلما بلغ خبره الشيخ حسن طوبار انزعج وخاف خوفا عظيما وفر من ساعتها الى الاقطار الشامية وأما أهل البلد فدخلوا تحت الطاعة وأخبروه بقرار الشيخ حسن طوبار فأعطاهم الامان وأحضر أخا الشيخ حسن طوبار وأقامه شيخا مكان اخيه وضبط القوارب التي كانوا يسيرون بها من المنزلة الى دمياط في البحيرة المالحة وأرسلها الى دمياط وكانت تنيف عن خمسة آلاف قارب فامنت الفرنساوية الذين في دمياط شر نواحي المنزلة لان الشيخ حسن طوبار کان منتظرا قدوم عساکر الجزار ليسير بها الى دمياط في تلك القوارب ثم عاد الجنرال دوقا الى المنصورة من بعد ما حارب في طريقه عربا كثيرة كانوا يتعرضون له في الطريق واستمر اقليم المنزلة و بر دمیاط طائعا للفرنساوية والعداوة في ضمائرهم مخفية انتهى ثم ارتحل الفرنسيس عن هذه الديار وزالت تلك الآثار * وطول المدينة من الشمال الى الجنوب ألف وستمائة وخمسون مترا وعرضهاستمائة وخمسون مترا ومسطح سقفها ألف ألف وثمانون ألف متر وبها من المنازل نحو خمسة آلاف وثمانمائة منزل وأبنيتها بالآجر والمونة والبعض بالحجر الآلة وكثير منها على ثلاث طبقات أو أربعة وعدد أهلها خمس وثلاثون ألف نفس طباعهم تميل الى الرقة والرفاهية وحسن المعاشرة سيما للاجانب ولانخفاض موقعها وتسلط الرطوبة عليها يغلب عليهم أمراض الصدر وداء الفيل وأغلب مأکولهم أنواع السمك والطيور مصحوبة بالأرز وبها نحو خمسة وأربعين مسجدا أشهرها جامع الشيخ شطا ابن الهاموك وهو على شاطئ بحيرة المنزلة في شرقي البلد بنحو أربعة آلاف متر ثم جامع أبي المعاطي في جهتها الشرقية بلا فاصل وله شبه بجامع سيدنا عمرو بن العاص الذي بالفسطاط ثم جامع المتبولي وهو المدرسة المتبولية التي أنشأها قايتباي لسیدي ابراهیم المتبولي بعد الستمائة من الهجرة وبها مكاتب أهلية وأربع كنائس لادیان مختلفة وبها ديوان المحافظة مستوفي ودواوين صغيرة للجمرك ولریاسة الليمان وللتنظيم وللاوقاف وللصحة واسبتالية ملكية لمعالجة مرضى الاهالي ومجلس تجاري و آخر مدني ومحكمة شرعية مأذونة بتحرير الحجج وسماع الدعاوی كغيرها من محاكم المحافظات كمحكمة الاسكندرية ورشيد وبورت سعید والاسماعيلية والعريش والسويس وبها اشوان للميري وأسواق عامرة دائمة وخانات وقهاو وخمارات وأربع حمامات ماؤها من النيل ومعمل دجاج وعدة أحجار لعصر الشيرج وبزر الكتان ونحوه وست وابورات بخارية منها ما قوته خمسة وثلاثون حصانا لضرب الارز وهو تعلق الميرى من انشاء العزيز محمد علي كما أنشأ بها جملة فوريقات ومنها ما قوته أربعة عشر حصانا لطحن الغلال والاربعة الاخر لضرب الأرز قوتها من سبعة خيول الى عشرة وبها دوائر لضرب الأرز تديرها الخيل والمواشي تعلق الأهالي بعضها بأربع طالات وبعضها بطالتين ومن متاجرها أصناف الأرز المتحصل من مزروعات ما جاورها من البلاد وأصناف الدخان الواردة اليها من بلاد الشام والحطب والفحم والخشب المستعمل في العمارات الوارد اليها من بلاد الاناضول وبها أنواع العقاقير بكثرة ويوجد بها طاقات المقصب وثياب الحرير الشامي والبلدي وأنواع البز وينسج بها أصناف الكريشة والبرنجك وثياب القطن والكتان والمحازم وملايات الفرش وقلوع المراكب ونحوها وبها فاخورات للاواني وحجارة الدخان ونحوها وقشلاق للعساكر وحبخانة ومدرسة حربية ببر السنانية ولها غير السوق الدائم سوقان حافلان كل أسبوع يوم الخميس والجمعة يباع بهما أنواع الحيوانات حتي السمك والطير وأصناف الغلال وغير ذلك وفي شمالها أرض المزارع تمتد الى جزء من ساحل البحر الابيض المتوسط وفي شرقيها بساتين ومزارع تمتد الى بحيرة المنزلة وكذا في جنوبها الى ترعة العنانية وتلك الجهات الثلاث بحدودها ومشتملاتها هي المسماة بشطوط دمياط التابعة لضبطية مرکز فارسكور من مديرية الدقهلية ويمر في خلال المدينة عرضا خليج يروي بعض أراضي تلك الشطوط وينصب في بحيرة المنزلة وفي شمال دمياط بنحو أربعة آلاف متر بقرب بحيرة المنزلة ملاحات يستخرج منها كل سنة نحو ستين الف اردب ملحا توجه الى اشوان القاهرة والمديريات وبين دمیاط و بوغازها وهو مصب النيل في البحر المالح مسافة نحو أربعة عشر ألف متر وقد أنشأ المرحوم عباس باشا سكة عسكرية من المدينة الى البوغاز عرضها اثنا عشر مترا في طول ستة عشر ألف متر تمرّ في وسط المزارع على جملة قرى منها عزبة الخياطة وعزبة اللحم والحملة وعزبة الشيخ ضرغام حتى تصل الى قلعة البوغاز الكبرى التي أنشئت زمن دخول الفرنساوية أرض مصر في القرية القديمة المسماة بقرية البرج التي هدمها بنوبرت سر عسكر الفرنساوية لقيام اهلها ليلا علی عساکره وذبحوا منهم جملة و بنی بانقاضها تلك القلعة ولم يبق من آثارها الا الجامع الذي بوسطها ومنزل صغير الآن به حکمدارها ومن انشاء المرحوم عباس باشا أيضا القشلاق الكبير الذي هناك على شاطئ النيل وجملة مخازن للبارود والمهمات العسكرية وصهريج كاف لشرب العساكر المرابطين بتلك القلعة مع أهل عزب البرج الجديدة التي في شمال القلعة ومن انشائه أيضا عمارة الكرنتينة ومحل الجمرك في جنوب القلعة على شاطئ النيل وفي جهتي البوغاز شرقا وغربا قلعتان أنشئتا في زمن الفرنساوية بصورة الاستحكامات الدائمة الموافقة لاسلحة ذلك الوقت القريبة الرمي الضعيفة التأثير وكانت قلعة العزب مبنية بشكل سور مستدر محیط بالبرج القديم المستدير الذي به مقام الشيخ يوسف في محل يعرف برأس البر ثم ان ساحل البر من بوغاز دمياط الي بورت سعيد لم يكن به قلاع سوى قلعة الديبة القديمة التي بنيت زمن الفرنساوية بشكل بلانقة مربعة وفي وسطها برج مربع شاهق يری من مسافة بعيدة وبينها وبين بوغاز دمياط اثنان وثلاثون ألف متر وكانت على شريط الساحل القليل العرض الفاصل بين المالح وبحيرة المنزلة للحماية من دخول المراكب من أشتوم الديبة القديم وكذا الساحل الغربي من بوغاز دمياط لبوغاز بحيرة البرلس لم يكن به قلاع سوی قلعة بوغاز البرلس الغربية المحاذية لسراية طبوزاغلي حاكم البرلس سابقا وهي أيضا أنشئت في زمن الفرنساوية بشكل بلانقة مربعة ذات أبراج مستديرة وكان انشاؤها بمعرفة الامير مينو الذي تقلد امارة مصر بعد موت الامير كلبيبر كما دلت عليه النقوش التي وجدت على بابها وقد حفظ مع أنقاضها التي وضعت في بناء القلعة الجديدة وكانت أماكن تلك القلاع قبل دخول الفرنساوية مراکز للمرابطين للمدافعة فلما رأوا أن مواقعها هي أعظم النقط اللائقة للاستحكامات بنوا فيها تلك القلاع فمحيت معالمها القديمة ماعدا برج ولی الله الشيخ يوسف المرابط فانه لم يزل الى الان وفي زمن المرحوم محمد علي باشا قد رممت تلك القلاع وأجري فيها بعض عمارات وكذلك في زمن المرحوم عباس باشا فانه أنشأ أربعة أبراج في غربي بوغاز دمياط بينه و بين اشتوم الجمعة وهو مصب فرع بحر شيبين وأنشأ ايضا برجا فوق أشتوم الجميل في شرقي قلعه الديبة وجميع ذلك كان بمعرفة جليس بيك مدیر عموم الاستحكامات المصرية وفي زمن الخديوي اسمعيل باشا قد أوصلت السكة الحديد والتلغراف الى السنانية وأنشأ بها جملة مبان عسکریة منها قشلاق الفوريقة الجديدة المنشأة مع جملة فوريقات في زمن العزيز محمد علي باشا جعل لاقامة الاي بياده بعدما أضاف اليه جملة مبان كافية للوازمه ثم أنشأ قشلاقا آخر بجهة السنانية قريبا من محطة السكة الحديد وأنشأ في غربيه اسبتالية للعسكر تسع خمسمائة سرير وأوصل خط التلغراف الى قلعة العزبة الكبرى والى قلاع البوغاز وأجرى بقلعة العزبة الكبرى جملة عمارات وترميمات بداخلها وخارجها مع تجدید استرات خنادقها وبناء خطوط نيرانها القديمة وتسميك درواتها حسب أصلها حتى صارت تقاوم مقذوفات العدو وعمر الجامع القديم الذي في وسطها والمنزل الذي هناك وأنشأ حول كل من القلاع القديمة والابراج قلاعا حصينة أقوى من تلك القلاع القديمة بأوضاع مغايرة لها كما أنشأ جملة قلاع من هذا القبيل على عموم السواحل وجعلها من أعظم القلاع الحصينة لاجل مقاومة الاسلحة الجديدة البعيدة المرمى الشديدة التأثير وجعل لها قشلاقات لاقامة العساکر المرابطين بها ومخازن عظيمة للبارود والجلل والمهمات ولزيادة تحصينها جعلها في أسفل الدراوي السميكة بحيث تأمن من تأثير مقذوفات العدو كما أنه وضع في جميع هذه القلاع المدافع العظمية الكافية كما وكیفا ذات العيار الكبير والمرمی البعيد المعروفة باسم مخترعها أرمسترنج الانكليزي وجميع هذه الاستحكامات والعمائر جار على حسب التصميمات المعمولة بمعرفة أمير اللواء محمد باشا المرعشلي باشمهندس عموم الاستحكامات وقتئذ هذا فقد علمت أن مدينة دمياط من أعظم الثغور الاسلامية بديار مصر فلذا تتوطنها وتقيم بها لاكابر والاعيان والأشراف والعلماء والصلحاء ومشايخ الطرق والسجادات والقراء المتقنون للتجويد والالحان الذين لا يفرقهم أحد من قراء الدنيا وفيها مقامات كثير من أولياء الله تعالى المرابطين وغيرهم * وفيها قبر شيخ المالكية الامام جلال الدين أبي محمد عبد الله بن محمد بن شاس بن قرار الجذامي السعدي المصري صاحب کتاب الجواهر الثمينة في المذهب كان من كبار الائمة العاملين حج آخر عمره ورجع فامتنع من الفتيا الى ان مات بدمياط مجاهدا سنة ست عشرة وستمائة والافرنج محاصرون لها وكان جده شاس من الامراء اهـ من حسن المحاضرة ولكل حرفة فيها شيخ كعادة القاهرة والاسكندرية ولهم اصطلاحات وعوائد حسنة في أمور شتی فمن عوائدهم في الموالد أن يلتزم أ كابرها بمصاريف الليالي من الطعام والشراب والشمع والزيت وغير ذلك وفي كل عام ينتصب مولد في أول شعبان يقال له مولد ام عفن ففي أول يوم يجتمع مشايخ السجادات والاشاير وغيرهم من أهل البلد والبلاد المجاورة لها بجامع أبي العطاء وتنعقد حلقة ذکر تشتمل على نحو ألفي نفس ويجلس بداخل الحلقة أرباب الاشاير والسجادات ویستمرون كذلك من العصر الى الغروب ثم يتوجه أرباب الاشارات وتوابعهم الى جامع البحر ويلتزم أ كابر التجار كل واحد منهم ليلة يصرف عليها من ماله وعلى صاحب الليلة تعليق النجف والقناديل بجامع البحر وفرش ما بين المنبر وحائط الجامع البحري بالبسط والسجادات الثمينة وفي دائر الفرش المساند وطول ذلك نحو ثمانين مترا ويضع أمام الجالسين کراسي مرصعة بالصدف عليها الشمعدانات والفنايير البلور ويختص هذا المجلس بجلوس الاكابر کمحافظ الثغر ورؤساء المجالس وأرباب المناصب وسر تجار البلد والعلماء الفخام ومن بعد صلاة العشاء ينعقد مجلس ذکر وينشد فيه بالالحان العجيبة والموشحات الغريبة وعلى صاحب الليلة أن يهيئ طعاما واسعا فيذبح جملة من الجواميس والغنم ويكثر من أنواع الطعام ويمد أسمطة حافلة لكافة الحاضرين من الذاکرین والمنشدين وأرباب الاشاير والفقراء والمساكين ثم يحضر أطباق الحلوى ويفرقونها على كافة الحاضرين وهكذا تستمر تلك الحالة من الاجتماع بجامع ابي العطاء نهارا وبجامع البحر ليلا الى نصف الشهر وفي تلك الليلة وهي ليلة نصف شعبان مولد الشيخ شطا ویعتني أهلها بزيارته في تلك الليلة اعتناء زائدا ويستبشرون به ومقامه بداخل الجامع المعروف به المتقدم وبقعته مشهورة بطيب الهواء واعتداله فلذا يتردد اليها الناس دائما لتغيير الهواء والتماس الصحة وهناك محلات تابعة للجامع معدة لنزول الواردین للزيارة لتغيير الهواء وجملة منازل يسكنها جماعة حرفتهم صيد السمك والطير ومنهم خدمة ذلك الضريح * ومن علماء هذه المدينة كما في حسن المحاضرة للسیوطي الشيخ عبدالسلام بن علي بن منصور الدمياطي الشافعي المعروف بابن الخراط ولد بدمياط ورحل الى بغداد فتفقه بها وتميز في الفقه والخلاف ورجع الى بلده فأقام بها قاضيا مدرسا ثم ولي قضاء مصر والوجه القبلي ولد سنة احدى وسبعين وخمسمائة ومات سنة تسع عشرة وستمائة * ومنهم الشيخ صدر الدین محمد بن المرحل الشافعي کان اماما جامعا للعلوم الشرعية والعقلية واللغوية ولد بدمياط في شوّال سنة خمس وستين وستمائة وتفقه على أبيه وغيره ودرس بالخشايية والمشهد الحسيني والناصرية وجمع كتاب الأشباه والنظائر ومات قبل تحريره فحرره وزاد عليه ابن أخيه مات بالقاهرة في ذي الحجة سنة ست عشرة وسبعمائة وابن أخيه هو زین الدین محمد بن عبد الله ابن الشيخ زين الدین عمر كان عالما فاضلا في الفقه والاصلين ولد بدمياط وتفقه على عمه وغيره مات في رجب سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة انتهى * ومنها كما في الضوء اللامع للسخاوي خلیل بن ابراهيم بن عبد الرحمن القرشي الاسدي البهوتي الدمياطي يعرف قديما بالمنهاجي والآن بامام منصور وموسى ولد بدمياط سنة ست وثلاثين وثمانمائة وقرأ على موسى البهوتي وحفظ عقيدتي الاسلام للغزالي واليافعي والعمدة والاربعين النووية والشاطبية والرائية وألفية الحديث والمنهاج والفصول وألفية النحو مع الملحة وقواعد ابن هشام وتصريف الزنجاني ورسالة الميقات للجمال المارداني والجداول الزينبية في الميقات وبدیعية شعبان الآثاري وعرض ذلك على عليّ بن محمد الهيتمي مع أخذ الميقات عنه والتقويم وجداول الاهلة وجميع صحيح مسلم وأخذ النحو وأصول الفقه عن الشهاب احمد بن عبادة المالكي والمنطق عن السید الحنفي نزيل الجوهرية وحضر دروس العبادي وآخرین وسافر الى طرابلس وبيروت وغيرهما واختص بمنصور بن صفو وسماه امامه وجوهر المعيني وآخرین ثم ترقى لامير المؤمنين المتوكل على الله العز عبد العزير ودخل في أشياء كالوصية علي بني أبي الفضل بن أسد ووصف بالعدل والديانة اهـ * ومنها أيضا عبدالسلام ابن موسی بن عبد الله بن محمد الزين بن الشرف البهوتي الدمياطي الشافعي ولد سنة خمس وثلاثين وثمانمائة تقریبا بدمياط ونشأ بها فحفظ القرآن عند أبيه وتلاه تجویدا وحضر دروس الفقيه علم الدين بن الفرات وكذا أخذ عن الشهاب البيجوري وغيره وفي النحو عن ابن سويدان ثم اختص بالفخر الدیمي لمصاهرة بينهما وأم بالجامع البدري بعد أبيه وقرأ على العامة في المواعظ والرقائق ونحوهما وكتب بخطه شيأ كثيرا حبس جميعه على بنيه ولم يزل على طريقته في الخير والبركة واعتقاد الناس فيه حتى مات في أواخر صفر سنة ست وتسعين وثمانمائة بدمياط ودفن بجوار الشيخ فاتح بتربة الشرفاء بني عجلان رحمنا الله واياه* ومنها أيضا محمد بن صدقة بن عمرو الكمال الدمياطي ثم المصري القادري الشافعي المجذوب وكان يعرف بالمجذوب اشتغل وحفظ القرآن والتنبيه وألفية ابن مالك وتكسب بالشهادة بمصر وكان على طريقة حسنة ثم انجذب وحكت عنه الكرامات وهرع الا كابر لزيارته وطلب الدعاء منه وممن كان زائد الانقياد معه والطواعية له في كل ما يرومه منه الكمال امام الكاملية لشدة اعتقاده فيه بحيث كان يضعه في الحديد ويمشي به معه في الشارع وهو كذلك ويبالغ في ضربه وربما أقام عنده بالكاملية مات وقد قارب السبعين سنة أربع وخمسين وثمانمائة ودفن بجوار قبر الشيخ أبي العباس احمد الحراز بالقرافة الكبرى رحمه الله تعالى اهـ * وفيه أيضا ان منها محمد بن محمد بن محمد الملقب معين الدين الفارسكوري الاصل الدمياطي المولد والدار أحد المتمولين من بيت تجارة ووجاهة حتى كان أبوه على قاعدة تجار دمیاط ينوب فيها عن قضاتها ونشأ هذا فقيرا جدا فقرأ القرآن أو بعضه وعانی استئجار الغيطان وترقى حتى زادت أمواله عن الوصف بحيث قيل انه وجد ببعض المعاصر خبيئة وصار ضخما عظيم الشوكة مبجلا عند الجمال ناظر الخاص وابتنى بدمياط مدرسة هائلة وعمل بها شيخا وصوفية وأكثر الحج والمجاورة وكان يقال انه يسبك الفضة ويبيعها على الهنود ونحوهم ويقال انه كان في صغره متهتكا فابتلاه الله بالبرص ولازال يتزايد حتى امتلأ بدنه وصار لونه الاصلي لا يعرف ومات وهو كذلك قريبا من سنة ستين وثمانمائة عن سن عالية واستمرت المظالم منتشرة هنالك بسبب أوقافه وهلك بسببها غير واحد وهو مولی جوهر المعيني عفا الله عنه انتهى * وينسب اليها أيضا كما في ذيل طبقات الشعراني الشيخ الصالح العالم شمس الدين الدمياطي المقيم بخانقاه سعيد السعداء كان محققا للعلوم كثير البكاء من خشية الله تعالى زاهدا ورعا عابدا لا يكاد ينام من الليل الا قليلا أخذَ العلم عن جماعة منهم الشيخ زكريا الأنصاري والشيخ برهان الدين ابن أبي شريف والشيخ كمال الدين الطويل والشيخ عبدالحق السنباطي وأخذ التصوّف عن سيدي محمد الاصطنبولي وعن الشيخ نور الدین الحسني وكان سمته سمت الصالحين وأعماله أعمال المتقين وكان يعيب على الفقهاء الذين يتوسوسون في ماء الطهارة ولا یتوسوسون في اللقمة ويقول لهم لو عكستم الامر أفلحتم قال الامام الشعراني صحبته نحو خمس سنين ثم مات وكانت جنازته مشهورة وكان عزبا ما تزوج قط وكان يطبخ لنفسه ويفرق على جيرانه و يطعم طلبته ويقول ما أحوجني الله الى النساء کابدت العزوبة سنة ثم ذهبت عني شهوة الجماع وكان كثير الذکر لله تعالى لا يكاد يغفل عن قول الله ألله في حال درسه وفي حال عمله لشغل ويأمرهم بكتمان ذلك فلم يظهر الامر الا بعد موته رضي الله عنه * ومن علمائها أيضا كما في خلاصة الاثر محمد بن يوسف بن عبد القادر الدمياطي المصري الحنفي المفتي الامام المقدم على أقرانه البارع في أهل زمانه مفتي مذهب النعمان بالقاهرة والمبدي من تحريراته التحقيقات الباهرة فاق في الفضائل جميعها وبهر في تأصيل المسائل وتفريعها وتكلم في المجالس وأظهر من درر بحره النفائس وجمع وألف وكتب وأفاد وأرسل فتاويه طائرة باجنحة ورقها الى سائر البلاد ولازم شيوخ الحنفية من المصريين كالشيخ الامام زین بن نجيم وأخيه الشيخ عمرو شيخ الفقهاء في وقته الشيخ علي بن غانم المقدسي وغيرهم وأجازوه وتصدّر للتدريس ونفع الناس وذكره الخفاجي فقال في حقه مقدم نتائج الفضل وغيره التالي ومشيد بنيان المكارم بطبعه العالي ذو وقار تزول عنده الراسيات الشوامخ بمحكم فضل لا يرد على آياته البينات ناسخ ان خط فما خط الربيع والعذار أوتكلم فما مطرب الاوتار والاطيار ورد الروم وأنابها کراء واصل أو حرف علة أو همزة واصل وشوقي الى الكرام كما قال أبوتمام 

واجد بالخليل من برحاء الشوق وجدان غيره بالحبيب 

ثم أورد له ابیاتا راجعه بها عن أبيات أرسلها اليه مطلعها هذا 

أيا روض مجد منبتا زهر الحمد * ومن ذكره أذکى من العنبر الوردي

وأبيات الدمياطي صاحب الترجمة هذه 

أفائق أهل العصر في كل ما یبدي * وأوحد هذا العصر في الحل والعقد 
ومن فاق سحبانا وقسا فصاحة * ومن نظمه المشهور بالجوهر الفرد 
نظمت قريضا في حلاوة لفظه * وفي الصوغ أزری بالنباتي والورد 
وضمنته معنی بدیعا فمن يرم * لاداك شئ منه يخطئ في القصد 
ملكت أساليب الكلام باسرها * فانت بارشاد الی طرقها تهدي 
لقد كنت في مصر خلاصة أهلها * وفي الروم قد أصبحت جوهرة العقد 
 وحق شهاب أصله الشمس أن يری * حریا بان يرقى الى غاية السعد 
فمعذرة مني اليك وما تری * من العجز والتقصير قابله بالسد 
فلا زلت في أوج العلا متنقلا * وشانؤك الممقوت في العكس والطرد 
ولا برحت أبياتك الغرّ في الذرى * وأبيات من عاداك في الدك والهدّ 
ودمت فريدا للفرائد راقيا * مراتب فضل منهلا طيب الورد

وكانت وفاته بمصر يوم الجمعة السابع عشر من ربیع الثاني سنة أربع عشرة والف رحمه الله * واليها ينسب أيضا كما في تاريخ الجبرتي الامام العالم العلامة مفرد الزمان ووحيد الاوان محمد بن محمد بن محمد بن الولي شهاب الدین احمد ابن العلامة حسن ابن العارف بالله تعالى علي ابن الولي الصالح سلامة ابن الولي الصالح بدر بن محمد بن يوسف شمس الدين أبو حامد البديري الحسيني الشافعي الدمياطي أخذ عن الشيخ الفقيه زين الدين السلسلي امام جامع البدري بالثغر وهو أول شيوخه قبل المجاورة ثم رحل الى الازهر فاخذ عن النور أبي الضياء علي بن محمد الشبراملسي الشافعي والشمس محمد بن داود العناني الشافعي والامام شرف الدين بن زین العابدين بن محي الدين بن ولي بن یوسف جمال الدين ابن شيخ الاسلام زكريا الانصاري والمحدث المقري شمس الدين محمد بن قاسم البقري شيخ القراء والحديث بصحن الجامع الأزهر والشيخ عبدالمعطي المالكي وشمس الدين محمد الخرشي والشيخ المحدث شهاب الدين أبي العباس احمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطى الشافعي النقشبندي وحيسوب زمانه محمود بن عبد الجواد المحلي والعلامة المهندس الحيسوب الفلكي رضوان أفندى ابن عبد الله نزيل بولاق ثم رحل الى الحرمين فاخذ بهما عن الامام أبي العرفان ابراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني في سنة احدى وتسعين وألف والسيدة قريش وأختها بنت الامام عبد القادر الطبري في سنة اثنتين وتسعين وألف وروی وحدث وأفاد وأجاد أخذ عنه الشيخ محمد الحفني وأخوه الجمال يوسف والسيد مصطفى بن كمال الدين البكري وهو من أقرانه والفقيه النحوي الاصولي محمد بن عيسى بن يوسف الدنجيهي الشافعي وغيرهم توفي المترجم أبو حامد بالثغر سنة أربعين ومائة وألف انتهى * ونشأ بها أيضا كما في الجبرتى الاستاذ العلامة احمد بن محمد بن احمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي الشهير بالبناء خاتمة من قام باعباء الطريقة النقشبندية بالديار المصرية ورئيس من قصد لرواية الأحاديث النبوية ولد بدمياط ونشأ بها وحفظ القرآن واشتغل بالعلوم على علماء عصره ثم ارتحل إلى القاهرة فلازم الشيخ سلطان المزاحي والنور الشبراملسي فاخذ عنهما القراآت وتفقه عليهما وسمع عليهما الحديث وعلى النور الاجهوري والشمس الشوبري والشهاب القليوبي والشمس البابلي والبرهان الميموني وجماعة آخرين واشتغل بالفنون وبلغ من الدقة والتحقيق غاية قل أن يدركها أحد من أمثاله ثم ارتحل إلى الحجاز فاخذ الحديث عن البرهان الكوراني ورجع الى دمياط وصنف كتابا في القراآت سماه اتحاف البشر بالقراآت الأربعة عشر أبان فيه عن سعة اطلاعه وزيادة اقتداره حتى كان الشيخ أبو النصر المنزلي يشهد بانه أدق من ابن قاسم العبادي واختصر السيرة الحلبية في مجلد وألف كتابا في اشراط الساعة سماه الذخائر المهمات فيما يجب الايمان به من المسموعات وارتحل أيضا الى الحجاز فحج وذهب الى اليمن فاجتمع بسيدي احمد بن عجيل ببيت الفقيه فاخذ عنه حديث المصافحة من طريق المعمرين وتلقن منه الذكر على طريقة النقشبندية ولم يزل ملازما لخدمته إلى أن بلغ مبالغ الكمل من الرجال فاجازه وأمره بالرجوع الى بلده والتصدي للتسليك وتلقين الذکر فرجع وأقام مرابطا بقرية قريبة من البحر المالح تسمى بعزبة البرج واشتغل بالله وتصدى للارشاد والتسليك وقصد للزیارة والتبرك والاخذ والرواية وعم النفع به لاسيما في الطريقة النقشبندية وكثرت تلامذته وظهرت بركته عليهم الى أن صاروا أئمة يقتدى بهم ويتبرك برؤيتهم ولم يزل في اقبال على الله تعالى إلى أن ارتحل إلى الديار الحجازية فحج ورجع الى المدينة المنورة فادركته المنية بعد ارتحال الحج بثلاثة أيام في المحرم سنة سبع عشرة ومائة وألف ودفن بالبقیع مساء رحمه الله تعالى انتهی * ونسب اليها أيضا كما في الجبرتي أفضل النبلاء وأنبل الفضلاء الماجد الاکرم الشيخ مصطفي أسعد اللقيمي الدمياطي وهو رابع الاخوة الثلاثة عمر وعثمان ومحمد أولاد المرحوم احمد بن محمد بن احمد بن صلاح الدين اللقيمي الدمياطي الشافعي سبط العنبوسي وكلهم شعراء بلغاء ومن محاسن کلامه وبديع نظامه مداميته الأرجوانية في المقامة الرضوانية التي مدح بها الامير رضوان کتخدا عزبان الجلفي وهي مقامة بديعة بل روضة مريعة وقد قال في وصفها و بدیع رصفها 

نسجت بمنوال البديع مقامة * وتزرکشت بالحسن والابداع 
رقت حواشيها ووشى طرزها * بجواهر الترصيع والايداع 
وغدت بحلى مديح رضوان العلا * طول المدى تجلى على الاسماع 

وابتدأها بقوله بسم الله الرحمن الرحيم حمدا لمن أنهج مناهج مباهج الاسعاد وسلك بنا سبل معارج مدارج الارشاد والصلاة والسلام على صفوته من العباد سیدنا ومولانا محمد ملجا الخلائق يوم المعاد القائل وقوله الحق يهدي الى طريق الرشاد اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه فیا نعم ما أنعم به وأفاد وعلى آله وأصحابه السادة الامجاد والتابعين لهم والسالکین مسالك السداد انتهی وهی مقامة كبيرة نحو الكراستين ذكرها الجبرتى بتمامها فيها من الشعر ماحلا ورق ومن الثر ماطلا ودق

 المصدر: الجزء الحادي عشر من الخطط الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة تأليف الجناب الامجد والملاذ الاسعد سعادة علي باشا مبارك حفظه الله، الطبعة الاولى بالمطبعة الكبرى الاميريه ببولاق مصر المحميه سنة ١٣٠٥ هجريه، صفحات ٣٦ - ٥٧ (رابط)

الخميس، 13 مايو 2021

شطا من كتاب الخطط التوفيقية

شطا من كتاب الخطط التوفيقية
شطا من كتاب الخطط التوفيقية
﴿ شطا ﴾ قال ابن حوقل ان شطا مدينة قريبة من تنيس ودمياط وفيها تعمل الثياب الشطوية ويقال ان اسمها مأخوذ من اسم شطا بن الهاموك عم المقوقس ومن أمره انه بعد ان استولى عمرو بن العاص على قلعة تلك المدينة وعلى بلاد مصر أرسل عسكره وحاصر دمياط واستولى عليها وخرج شطا مع ألفين من أصحابه وكان هو حاكمها ولحق بالمسلمين وكان قبل ذلك محبا للخير ولما سمع بالاسلام أحبه ودخل فيه ثم ان المسلمين بعد الاستيلاء على دمياط حصل لهم عناء شديد في محاصرة تنيس فكان من شطا ان ذهب الى مدينة البرلس والدميرة وأشمون طناح وحرض أهل تلك البلاد على القتال واتحد بهم مع عساكر المسلمين وحاصروا جميعا تنيس ووقع من شطا جهاد عظيم وقتل اثني عشرة مقاتلا من أهلها ثم قتل في تلك الوقعة يوم الجمعة حادي عشر شعبان سنة احدى وعشرين من الهجرة ودفن خارج البلد في المحل الذي هو به الآن وبنى عليه قبة تزورها أهل البلاد المجاورة كل سنة في خامس عشر شعبان وفي شطا يعمل طراز الكعبة وقال الفاكهي رأيت واحدا منها أهداه الرشيد الى الكعبة وكان من الاقمشة المعروفة بالقباطي ومكتوب عليه بركة من الله لعبد الله هرون أمير المؤمنين أطال الله أيامه عمل هذا الطراز بأمر فضل بن الربيع سنة احدى وتسعين ومائة انتهى وكان بمدينة شطا أسقفية تابعة لبطريرك الاسكندرية

المصدر: الجزء الحادي عشر من الخطط الجديدة لمصر والقاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة تأليف الجناب الامجد والملاذ الاسعد سعادة علي باشا مبارك حفظه الله، الطبعة الاولى بالمطبعة الكبرى الاميريه ببولاق مصر المحميه سنة ١٣٠٥ هجريه (رابط).

حكم محكمة

حكم محكمة
حكم محكمة




طلب نقض حكم النفقة ليسار المحكوم له يسارا سابقا على الحكم 
لاتسمع به الدعوى الا اذا سلك الطالب طريقا من طرق الطعن المبينة 
في القانون نمرة ۳۱ سنة ۱۹۱۰

حُكْمٌ
بالجلسة الجزئية المنعقدة علنا بمحكمة دمياط الشرعية في يوم الاثنين ۱۸ رمضان 
سنة ۱۳٤۰ ( ۱٥ مايو سنة ۱۹۲۲ ) لدى أنا ابراهيم أحمد أبو سيد القاضي بها وبحضور 
مرسي أفندي متولي كاتب الجلسة ( صدر الحكم الآتي ) في القضية نمرة ٩٤ سنة ۲۱ — 
۲۲ ( المرفوعة ) من السعيد محمد عاشور من الشيخ شطا ( ضد ) محمد مصطفي عاشور من 
الناحية بشأن لغو نفقة أقارب .

الوَقائِعْ

لم يحضر الطرفان وحضر عن المدعي وكيله الشيخ علي عيسى المحامي الشرعي 
وحضر عن المدعى عليه وكیله الشيخ زاكي أحمد المحامي ، وادعى وكيل المدعي دعواه 
المتضمنة طلب الحكم لموكله على المدعى عليه بالغاء حكم النفقة الصادر من هذه المحكمة 
بتاریخ ۲٦ ستمبر سنة ۹۲۱ في القضية نمرة ٥١٦ للمدعى عليه بنفقة على ولده المدعي 
لانه جاء في غير محله لان المدعى عليه هو موسر بملكه وكسبه من قبل صدور حکم 
النفقة له على ولده المدعي الى آخر ماهو مدون بورقة الدعوى و بمحاضر القضية، فأجاب 
وكيل المدعى عليه بالمصادقة على جميع الدعوى ماعد ایسار موكله فانه أنكر ذلك 
وطلب رفضها لان الحكم الذي يطلب اسقاطه ولغوه صادف الحق ولان المدعي 
يطلب ابطال حكم صار نهائيًا لا يجوز الطعن فيه بهذا .

المَحكَمة

من حيث ان المدعي طلب في هذه الدعوى الحكم له على المدعى 
علیه بابطال حكم النفقة الذكور والمدعى عليه أجاب بما ذكر ،

وحيث أن المدعي يبني طلبه نقض هذا الحكم على سبب سابق 
عليه باعترافه ،

وحيث ان مثل هذا يكون من قبيل الطعن في الحكم المذكور ،

وحيث ان الطعون في الأحكام مبينة طرقها في القانون نمرة ۳۱ سنة 
۹۱۰ للمحاكم الشرعية وهي المعارضة والاستئناف والتماس اعادة النظر 
وطلب تفسير الحكم أو تصحيحه وليس طعن المدعي طريقا من هذه
الطرق ،

وحيث انه من هذا يتبين وجوب عدم سماع هذه الدعوى ،

فلهذه الأسباب قررنا عدم سماع هذه الدعوى حضوريا ،

الاستئناف
هذا الحكم لم يستأنف .

المصدر: مجلة القضاء الشرعي (رابط).

وقف الشيخ شطا

وقف الشيخ شطا
وقف الشيخ شطا



التقرير الوارد من حضرة وكيل محافظة دمياط للداخليه
رقم ١٦ اكتوبر سنة ٨٨ نمرة ٧٥

عن بيان الاجراآت ونتائج اعمال محافظة دمياط وفروعها من ابتداء يوم .١ اكتوبر
سنة ٨٨  ٥ صفر سنة ١٣٠٦ لغاية يوم ١٥ اكتوبر سنة سنة ٨٨

في يوم .١ اكتوبر المذكور حضر لدمياط سعادة كاس باشا باش مفتش ضبط وجـه 
بحري وأجرى تفتيش اعمال مكتب البوليس وتوجه سعادته ثانى يوم 

وردت افادة من نظارة الحقانية نمرة ٤۲ بالتحري عما نسب لحضرة قاضي افندي 
للشرع من وضع يده على المقعدين وقف الشيخ شطا (وجار التحقيق وبالنهو ترسل 
الاوراق للحقانيه)

وفي .١ اكتوبر المذكور جرى جرد خزينة المحافظة ووجدت تمام 

وفى ١ منـه صار عقد مجلس التنظيم وتقرر بهدم ثلاثة وعشرين محلا اتضح انها مخلة 
وارسلوا القرارات لتفتيش الدلتا للتصديق عليها 

وجرى ضبط مسعد يس الفلايكي مهرب مصالح ومسلى وحال ضبطه القى اثنين من ملاحظين 
الدخولية بالبحر وجرى محاكمته فيما يختص بالمصلح والمسلى على مقتضى المنشورات 
أما ما يختص بالقاء الملاحظين بالبحر فقـد نظر بقومسيون الاشـقيا وعرض عنها 
للقومسيون العالي بالداخلية بافاده رقم ١١ اكتوبر سنة ٨٨ نمرة ٧ 

وفي اليوم المذكورحضر أحد محضري المحكمة الجزئية بالمنصورة وبيده نسخة من 
الحكم الصادر من مجلس المنصورة الملغي بشأن مبلغ وقدره ١٢٢١٧ قرش ونصف
ورغب تنفيذ الحكم وكتب عنه من المحافظة لجناب مستشار خديوي بتاريخ .١ 
الشهر المذكور نمرة ٥  ٨٨ ماليه 

وفي يوم ١٢ منه جرى ضبط اردب أرز داخل ثلاثة جوالات مهربة وجرى اللازم 
عنها وفقا لمنشورات الدخوليه 

وفي يوم ١٣ منه حضر حضرة يوسف بك شكور من سكرتارية المالية لاجل الاتحاد 
في ترتيب درجات المستخدمين واجرى نهوها وتوجه لمحافظة بورسعيد 

وفي يوم ١٤ منه ورد تلغراف من تفتيش اسكندرية عن قيام معاون البوليس عضوا 
بمجلس عسكرى ببورسعيد (توجه) 

وفي ١٥ منه حضر بالبوليس ابراهيم الفلا وقرر أن الحرمه أمونه زوجته وضعت له دم 
حيض بقلة ماء (جاري ضبط الواقعة وستقدم للنيابة)

من يوم .١ اكتوبر سنة ٨٨ لغاية ١٥ منه تحرر احد عشر محضر مخالفة في حق 
١١ شخص من الاهالي فى مواد مشاجرات (المحاضر تقدموا لمأمورية نيابة المنصورة)

من ابتدا .١ اكتوبر سنة ٨٨ لغاية ١٥ منه بلغ عدد المولودين ١٦ ذكور
١٧ أناث والمتوفين ١٥ ذكور و ٧ اناث

من تاريخ ۹ اكتوبر سنة ٨٨ لغاية ١٥ منه تحصل من الويكو والايجارات 
وعوائده عاصر الزيوت مبلغ ٤٥ جنيه و ٤٤٧ مليم

علم من الافادة الواردة من رياسة الليمان بان سعادة ياور خديوي وقومندان وابور المحروسه
طلب مقاس البوغاز لاجل مرور سعادته بوابور فيض ظفر من البوغاز لتوجهه مصر 
وانه باجرا مقاس البوغاز وجد قدم أربعة ونصف وانه عين أحد رؤسا البوغاز لتوجهه
بورسعيد لحضور مع الوابور ربما يحضر

أما سائر الاجراآت الحسابية والادارية ومواد النظافة وملاحظة خفر الثغر وخفر
الملاحات وشحن المصلح وكافة المكاتبات من والي دواوين الحكومة والمصالح جاريه 
باوقاتها بكل انتظام

على الوجه المشروح قد تحرر هذا التقرير عن الاسبوع الذى آخره يوم ١٦ اكتوبر
سنة ٨٨٨

المصدر: مجموعه القرارات والمنشورات الصادرة من مجلس النظار ومن النظارات من أوّل شهر نوفمبر سنة ١٨٨٨ إلى ٣٠ منه (طبعت بالمطبعة الاهلية ببولاق سنة ١٨٨٨) (رابط).