‏إظهار الرسائل ذات التسميات سينما. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سينما. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 2 أكتوبر 2020

دا كوكتيل يا بيه!

  •  المواطن - ايه ده؟
  • الموظف - دا كوكتيل يا بيه! 30 في المية طماطم و 30 في المية تفاح و30 في المية مانجة، و10 في المية كمترى!
  • المواطن - أنا مش عاوز زفت كوكتيل! أنا قلت لك عاوز عرقسوس! شفا وخمير!
  • الموظف - حاضر يا بيه! تحت أمرك.
  • المواطن - تحت أمري يعني ايه؟! انت ما بتسمعشي الكلام من أول مرة ليه؟! ما بتفهمش ليه!!!
  • الوزير - ايه الي بيحصل دا؟!
  • المدير - سيبه يا أفندم يضربه، إحنا مبدأنا إن المواطن دايماً على حق.
  • الوكيل - والمفروض يا فندم إن الموظف يلبي طلب المواطن فوراً من غير ما يفرض عليه مشروب معين!
  • مدير الإدارة - والمواطن طلب عرقسوس لأنه شايف انه أفيد صحياً!
  • الوزير - مش ممكن الي بيحصل دا! دا إعتداء على موظف أثناء تأدية عمله، هاتوا البوليس!
  • المدير - مافيش داعي يا فندم، إحنا بنرسي قواعد حقوق المواطن المصري في مواجهة الموظف المصري.

~ فيلم الوزير جاي (1986)




الأربعاء، 4 ديسمبر 2019

نيكولاس وأليكساندرا وراسبوتين

ثلاثة أفلام من إنتاج نفس المنتج سام سبيجل (الفلم بالأسفل, لورانس العرب و جسر على نهر كواي) و أفلام أخرى جيدة, لكن هذه الثلاثة هم برأي (مع فيلم دكتور زيفاجو) من أمتع المشاهدات، ديفيد لين كمخرج هو الأفضل. 
الاقتباس التالي مما قاله راسبيوتن لقتلته في القصة المشهورة، الحوار التالي مأخوذ من الفلم و منسوخ من موقع قاعدة بيانات الأفلام: (الحوار و التمثيل بالفلم من المستويات الراقية جدا, مدرسة التمثيل البريطاني تسبق مثيلاتها في دول العالم بمراحل عدة, في الجمل التالية يقول لهم راسبيوتن "حتى القتل لا تتقنوه, موجها خطابه للأمراء, كانت قضيتهم الأكبر هي كيف استطاع الفلاح الجاهل الوصول للقصر و التحكم في القيصرو القيصرة بهذا الشكل, قتل راسبيوتن لهم كان الحل السحري, لكن كما حدث فيما بعد لم يكن هو الحل السحري, بل ربما عجل بسقوط القيصر و الأمراء ... الخ ) 

[after being poisoned heavily by Prince Yusopov, Rasputin still lives] 
Rasputin: I've been poisoned... you tried to kill me... you all have. You silly fools... I thought I could trust you... you silly fools... you can't even KILL properly. You're too small to destroy me. 
[grabs Prince Yusupov] Rasputin: Get up, prince. Get up! Try. Let's see you try to kill me. Rasputin: I begged Batushka not to start this war. I know who dies. You don't die, the people die. The wise old men, the generals, the ministers, the ones who say "Do this!" "Go there!" No mud on THEIR boots. No bullets in THEIR bellies. Where's YOUR rifle, prince, hmm? Why aren't you at the front where the blood is? I'm not a German. I come from the Russian soil. And you fools will never destroy me. Thank God Russia has sons like me, and isn't at the mercy of scum like you.

راسبوتين: أنا مسموم... أنتم حاولتم قتلي... كلكم حاولتم. أغبياء معاتيه... كنت أظن أنكم جديرين بالثقة.. أغبياء معاتيه... حتى القتل لاتتقنوه. أنتم أصغر من أن تدمروني. [يمسك بالأمير يوسوبوف]
راسبوتين: انهض! حاول. أرني كيف ستحاول قتلي.
راسبوتين: توسلت لباتيوشكا ألا نبدأ الحرب. أنا أعرف من يموت. أنتم لن تموتوا، الناس سيموتون. الرجل الكبير الحكيم، الجنرالات، الوزراء، من يقولون "افعل هذا!" "اذهب هناك!" لن يلطخ الطين أحذيتهم. لن يصيب الرصاص بطونهم. أين بندقيتك، يا أمير، امم؟ لم لا تكون على الجبهة حيث الدماء؟ أنا لست ألمانيا. أنا من التراب الروسي. وأنتم أيها المعاتيه لن تحطموني. الحمد لله أن روسيا لديها أبناء مثلي، وليست تحت رحمة حثالة أمثالكم.

الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

ويصعب له بالزاف باش يواصلها



اسمع علي, يصعب للشعب باش يبدأ ثورة, ويصعب له بالزاف باش يواصلها, و يصعب له أكثر و أكثر باش ينتصر, و لكن من بعد من بعد ما ننتصروا ليبدؤا الصعوبات الكبيرة

الخميس، 29 أغسطس 2019

لم اطلعتني على كل هذا ...؟ ولم أنت أخى ..؟



ونيس : ماهذا السر !! جعلتني أخشى النظر إليك ياأبي ما مصيري الآن
الأخ : ماهذا السر..! العلم به ذنب والجهل به ذنب أكبر
القريب : ذنب ؟ أى ذنب يابن العم ؟ أنا لا أفهم هذا الكلام!
الأخ : وأنا لا أفهم هدوئك !.. منذ سنوات وأنا أحمل أشياء لأيوب التاجر قلتم لي أنها أشياء وجدت فى الجبل .. علمتموني ألا أسأل فصدقتكم .. كانت هذه طريقتنا فى الحياة .
العم : كانت وستظل طريقتنا فى الحياة .
الأخ : ألا ترون ماذا تفعلون ؟ ألا يوجد بينكم من يقلقه ضميره فينطق .
العم : أنت الآن تعرف سر الدفينة .. نصيب أبيك لك أنت وأخيك , هل اقتسامه مع أخيك هو ما يزعجك؟
الأخ : اقتسام الموتى !
القريب : هؤلاء الذين تسميهم الموتى ليسوا إلا رمادًا أو خشبًا من آلاف السنين ... لا أحد يعرف لهم آباء أو أبناء .
العم : ياسيدة الدار الكريمة ..البقية فى حياتك جئنا إلى دارك ..دار أخي المرحوم سليم لنعزيك و نشاركك أحزانك و نقدم لك كل ما تطلبين .
الأم : وجودكم وحده يعزينى ...ويشرف الدار .
العم : قدرك الله على إحتمال حزنك .. وأنت يا ابن أخى ما الذى يغلى بداخلك ؟
ماذا ؟!! لماذا لم تسلم الأمانة لأيوب التاجر ؟ كل القبيلة تنتظر ثمنها .. لو كان أبوك حيًا ...
الأخ : اترك الموتى فى سلام .
القريب : تقصد أن تتركهم للأفندية .. أى تجارة لنا مع هؤلاء .. أفندية القاهرة المتكبرين سيضعونك فى الحديد لو وجدوا معك هذا الشيء .. إنهم يغتصبون كل شىء .. ولا يدفعون لنا كما يدفع أيوب .
الأخ : قطعة من الذهب .. هى لك ولكنى أراها عينًا تلاحقنى .
القريب : عينًا ميتة بها ذهب يطعم مائة فم .
الأخ : مائة فم تأكل لحمك لو جاعت .
القريب : وأنت من أين كنت تأكل طول عمر ك ؟
العم : عشت لكى أسمع ابن سليم يتكلم لغة الأفندية ..أريدك أن تعلم أن دخولك المغارة وخروجك منها قد جعل منك شخصًا آخر ..
شخصًا يختلف عن أهل الوادي .. وعن الأفندية الذين يتمنون أن يعرفوا السر ... أريدك أن تعلم أيضًا أن سر الدفينة أغلى من حياة أى فرد فى قبيلة سليم ...لقد أعدك أخي لهذا اليوم ..ولكنى أراك أمامى ترتعش كطفل .. إن عيشنا كفاح صعب ولكنك على مايبدو ضعيف أو غير قادر ..
الأخ : ماتسميه عيشنا , أشعر به سمًا فى جسدي ...هذا عيش الضباع ....احملوا وحدكم هذه الذنوب .
العم : تلك كانت حياة أبيك .. وحياة أبيه من قبله .. لقد شاء هو أن تعلم أنت سر الدفينة ولو كان حيًا الآن لشاء أن تحرم من حياتك ..
الأخ : أنا لا أخاف كلامك ..فلتخش أنت أولادك عندما يسألونك يومًا ما .. هل هذا عيشنا ؟
العم : سوف نربيهم على احترام تقاليد آبائهم .
الأم : فى هذا الكفاية ... أنا التي ربيت أولادي .. وقد ربيتهم على الكبرياء و الشموخ كالجبل ..
القريب : ونحن لا نقبل الإهانة فى بيت أخينا ,إنه مازال بيته ... أرجو ذلك .
الأخ : جدرانه فقط
الأم : الجدران ومن تحميهم الجدران .
العم : أعطنى هذه القطعة .. مثل هذه الأشياء لا يجب أن تقع عليها أى يد ... أما نحن فلننصرف الآن .. بعد إذنك ياسيدة الدار . قدرك الله على إحتمال المكتوب .
الأم : أين ونيس ؟
الأخ : دافعت عنى عندما تكلموا عن تربيتي فقط ...
الأم : نعم .. لقد تجاوزوا حدود احترام هذا البيت .. إذهب وابحث عن أخيك .. هل رأيته منذ أن ... 
الأخ : نعم .
الأم : هل تكلمت معه ؟
الأخ : نعم
الأم : تكلمت معه 
الأخ : ماذا تخبئه لنا الأيام ...؟ إن عقلى المضطرب لا يقدر على الصمت ... أجيبي .. عدي معى كم جثة انتهكت يد أبى لنأكل ؟؟
الأم : كفى .. ماذا تريد ؟؟
الأخ : أريد الحقيقة ......الآن .
الأم : سوف تعرفها يوما ما .. أو سوف لا تعرفها أبدًا ... أما الحقيقة التي أعرفها أنا فهى أنك لوثت اسم أبيك فى داره ..... لا لن يمسه أحد بسوء فى مستقره حتى ولو كان إبنه .... كان شريك أيامي .. الحقيقة ؟ ..
ملعونة حقيقتك و ملعون أنت لأنك أقلقت من انتهى و أرتاح .. الآن لن يعرف الراحة أبدا.... ملعون أنت ... حرمت عيوننا نظرة الصفاء .... أغرب عن وجهي أيها التعس أنا لا أعرف أسمًا لك ......
الأخ : ونيس ...ونيس .. لما تتباعد دائمًا .
ونيس : لما فعلت بها كل هذا ؟؟
الأخ : إنها لا تعيش إلا فى الماضى
ونيس : اطلعتني على مصير مظلم .. صحراء على أن أسيرها وحدى .. خائفًا من المشاعر و من الذكرى .
الأخ : أى ذكرى .. التذكر يضعف الإرادة ..
ونيس : أية إرادة ... أن أنسى .. ما كان بالأمس حقيقة لي ...
الأخ : تعال نبدأ فى مكان أخر .. لم يعد لنا شيء هنا .
ونيس : لم اطلعتني على كل هذا ...؟ ولم أنت أخى ..؟
الأخ : إسمع ..
ونيس : لا أريد أن أسمع .. كفى ماسمعت .

للدرجة دي انت مجرم بتضرب الناس بالرصاص؟




الأب - تؤ تؤ تؤ تؤ ... للدرجة دي انت مجرم بتضرب الناس بالرصاص؟
الضابط ملاك - بابا!! 
الأب - خليك مطرحك! يا تافه يا طويل يا أهبل.
الضابط ملاك - وليه بس يابابا؟
الأب - كنت بأعلمك وأكبرك عشان تبهدل الناس يا ملاك؟
الضابط ملاك - بابا ... أنا!
الأب - اخرس! لا انت ابني ولا أعرفك. كنت ابني لما كان حلمك هو حلمي، لما كنت بتسألني وانت في حضني امتى هتكبر عشان تخلي كل واحد في بلدك يلاقي لقمته وسكنه؟ لما كنت بتقول ان نفسك تبقى كبير عشان تنتقم لبلدك من الي بيذلوها مرة بالحرب ومرة بالدولار.
الضابط ملاك - حد يقدر ع الدولار يابابا؟
الأب - اتفو عليك وع الدولار وع اليوم الي خلفتك فيه!
الضابط ملاك - يابابا افهمني.. الظروف الدولية.. ثم مش أنا الي وحدي الي مسئول! انت كمان! وماما! ثم مين قالكوا ان أنا عاوز اشتغل الشغلانة دا هه؟! انت الي كنت عايزني اشتغلها م الأول، عشان تتباهى قصاد اصحابك الي بتقعد معاهم ع القهوة، ابني لبس البدلة الميري! ابني لبس البدلة الميري! وماما كمان! كانت عايزة تتعتق من طابور الجمعية! البدلة الميري! اديني لبستها!!

أولا مصلحة مين؟ مين المستفيد؟




رتيبة - حقا المعصرة عندكم تشرح القلب زي الزريبة تمام و لا ...
طلبة - بتنتج خمس أضعاف انتاج الخواجة كركور احنا ايه هننهب؟
رتيبة - و قالولي على عشة الفراخ الي انتا مقعد فيها أخوك بعد الغيبة الطويلة دي. يا أخي دا شريكك
علي - يعني ما يهمش طلبة بعدين هيبقى ...
طلبة - شفت يا سيدي أهو كله من ده دي مجرد عينة من مفهوم حضراتهم عن الشركة معندهومش مانع أجيب منشار و أقطع المكن حتة حتة حتة باسم الست رتيبة رتيبة هانم صامولتين تلاتة للست فاطمة مفتاح انجليزي لسعادة البيه البيه الكبير و انت و أنا نخلع البلاط و نقسمه بينا و البيه الصغير رمز المستقبل هه يبقى صاحب و مدير عام عموم المقشة هاهاهاهاهاههههاه و الي شقي و داخ ورا الأوراق عشر سنين لحد ما اتقطع قلبه فكل دا ببلاش هه عشان خاطر سواد عيونهم كادو آدي يا سيدي مفهومهم للشركة الشركة الي أنقذتها أنا الي استلمتها خردة و طلعت منها البدع 
فاطمة - أيوة لكن بفلوس مين؟
طلبة - أولا مصلحة مين؟ مين المستفيد؟ و لا كنتوا طول عمركو عايشين في العز ده؟ و بتلهفوا الأصناف دي كل يوم؟ أنا الي بأعرق هنا الوحيد ما تقولهم يا علي الناس فاكرة النجاح بيجي بالساهل قولهم انك يا ما جريت و خطبت و جعحعت و قولت كتير و في النهاية رجعت مهزوم ديلك بين رجليك 
علي - هوا برضه طلبة من حقه انو ...
فاطمة - طلبة مش من حقه يحطنا في موقف ما نعرفش راسنا من رجلينا فيه بتلبس طاقية ده لده و ده لده و تغرقنا في بحر مستندات و أوراق و كل حاجة بكره و بعده 
طلبة - و الله الي مش عاجبه
فاطمة - يمشي مش كدا؟ هو حد قادر يمشي و ما مشيش؟ دا ايه الشجاعة دي كلها؟!
رتيبة - مهو انت كمان مالميتناش من ع الارصفة يا سي طلبة الأموال الي بتشتغل بيها دي أموال عيلتنا احنا أموال عيشة و أموال فاطمة أما أموال عيلتكم فروح دور عليها في الصحرا مطرح ما بعزقها البيه والدك
محمد المدبولي - أنا رايح أغير هدومي
المهرج - اجري يا علي جري الوحوشي غير رزقك لم تحوشي

حين يرحل ماء البحر الى السماء


حين يرحل ماء البحر الى السماء تضيع مرارته و يعود ماءا عذبا.

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

أماركورد

هذا أول لقاء لي بأفلام فلليني, لم أتحمس من قبل لمشاهدة أفلامه, و لم أدر مالسبب؟ حتى إطراء سكورسيزي الشديد في “رحلته الى إيطاليا” لفلييني و استعراضه بعضاً من أفلامه لم ينجح في شد انتباهي لأعمال فلليني, وبخاصة ما يعتبره سكورسيزي قمة أعمال فلليني و هو فيلم 81/2, لكن بنفس رحلة سكورسيزي و جدت نفسي مبهوراً بعالم دي سيكا و بخاصة رائعته إمبرتو دي بواقعيتها المخيفة, و أعماله الأخرى, لكن لم يلفت انتباهي حينها فلليني, رغم علمي بتكرار إشادة كثيرين بسينماه و اعتباره من أفضل مخرجي القرن العشرين.

لكن تغير كل هذا و أنا أشاهد أماركورد و التي كنت أحياناً أنطقها قمركرد, لا لشئ إلا لأن الإسم يبدو شاعرياً بعض الشئ, و يتقاطع مع طريقة نطق بعض الكلمات العربية, لكن الجملة تعني أتذكر, و هو سيرة شبه ذاتية لحياة المخرج و تقع أحداثه في مدينة إيطالية افتراضية تسمى بورجو.

لاداعي للخوض في أحداث الفيلم, فلا توجد قصة بالمعنى المتعارف عليه, و لا يوجد تسلسل أحداث بالشكل المتعارف عليه,  فالفلم عبارة عن تجوال حر للكاميرا في أنحاء المدينة لرصد خيالات و عواطف و تحركات سكان المدينة في قالب فني ميزته السلاسة و البساطة, فلا تجد نفسك تفكر كيف صور هذا المشهد, و لا أداء الممثلين للشخصيات, و لا اختيار الأماكن, بل تجد نفسك تستمع بالمشاهدة و تدهش, تدهش لهذا التدفق البسيط السهل للمشاعر و الأحاسيس و الأفكار و الأسرار على الشاشة.



لكني لا أستطيع تجاهل عنصر الصورة الموسيقية في هذا الحدث, فموسيقى نينو روتا كان لها حضور كبير في جنبات الفيلم, و ساهمت في جعل الصورة على الشاشة أقرب ما تكون للشاعرية, ففي أحد مشاهد الفيلم يقف مجموعة من الفتية أمام أحد القصور المفترض أنها مهجورة , المشهد غارق في الضباب الكثيف, و الفتية ينظرون من ثقب الباب لداخل القصر, و يتعجبون لجماله من الداخل, ينسحب ببطء و هدوء أحدهم و يقف على السلم مطرقاً رأسه للأرض ثم فجأة يبدأ في التمايل يسرة ويمنة و تجئ الموسيقى من لا مكان في وسط الضباب و الريح, يقترب منه زميله ينظر اليه و يبدأ هو أيضاً بالتمايل الخفيف و قد تسلل اليه الإحساس بالموسيقى, و شيئاً فشيئاً تتسلل العدوى لكل من بالمكان, فيبدأ الجميع في تناغم غير مقصود بالتمايل و الإحساس بالموسيقى كل بطريقته و خياله الخاص, و تجد حتى الكاميرا قد تجاوبت مع هذا الحدث فتتناقل بتمايل بينهم لتكمل لك جوانب الحدث, ثم تنهيه بمشهد من أعلى كاشف للحركة الجماعية المتناغمة الغريبة.

في مشهد سابق لهذا تجد بطلة الفلم نفسها داخل نفس القصر لمقابلة الأمير, و عندما تصعد من ظلمة الردهة الى الغرفة, يتغير المشهد تماما من قصر مترب معفر الى حجرة فخمة بها أناس بملابس القادة و الرؤساء, و من جديد تنطلق الموسيقى في أنحاء المشهد و تستجيب الكاميرا لصوتها فتبدأ الكاميرا في الصعود و النزول بخفة كأنها على مقدمة قارب في بحر, فتحول المشهد كانك في عرض البحر تشاهد عرضاً خلاباً صامتاً و قد امتلأت جنباته بالموسيقى.



الفيلم ملئ بالأحداث الكثيرة, كل منها يصلح مادة للتعليق عليها, لكن برأيي الشخصي أفضل مشاهد الفيلم هو مشهد انتظار السفينة, حيث خرج الجميع لإستقبال السفينة في قوارب تفرقوا فيها الليل بأكمله بإنتظارها, و يمر الوقت و لا تظهر, فيغلب عليهم النعاس الخفيف, و فجأة يستيقظ أحد الصبية الصغار على صوتها فيوقظ من حوله لرؤيتها, و تدخل السفينة الكبيرة فخر النظام الفاشستي, عند دخولها يختار المخرج زاوية تصوير تظهر لك تفاصيل السفينة مع الإحتفاظ بالإحساس بضخامتها, و من جديد تنبثق الموسيقا من لا مكان مع تماوج الكاميرا لتضفي تلك اللمسة الشاعرية على الحدث, و هي لمسة تبدو أقرب ما تكون لرومانسية حالة التذكر.



بالفلم مشاهد ساحرة و غرائبية للضباب, فحينما يخرج الجد من المنزل بعد أن لم يجد أحداً به, يغرق لوهلة في ضباب كثيف لا تتبين منه بداية ولا نهاية, ضباب كثيف يشبه الوحدة المحيطة بالعجائز, فيتهيب للحظات السير في أي اتجاه و يتسلل لنفسه شعور بالخوف والضياع ليجد أنه لا يزال أمام البيت و يعود اليه, لكن الطفل الصغير و هو ذاهب للمدرسة لا يتهيب السير في الضباب بل يندفع فيه, إلا أنه يبدأ تدريجياً في الإحساس بوحدته و تتضاعف مع إحساسه بالخوف من أشياء لا يميزها جدياً في الضباب.



لكن من أكثر المشاهد سخرية و ألما في نفس الوقت هو مشهد العم المجنون و هو على قمة الشجرة صارخاً في الفضاء العريض من حوله: “أريد امرأة”, لست أدري لم أضحكني هذا المشهد في البداية, ثم أثار تعاطفي الشديد معه و هو يكرر صراخه بقوة: “أريد امرأة”.

حاز الفلم على جائزة أوسكار لافضل فيلم أجنبي عام 1975, و رشح لثلاث جوائز أخرى, كما حصد ثلاثة عشرة جائزة مختلفة.


نشر أول مرة بتاريخ  2010/01/10

معركة الجزائر


هذا الفيلم بالذات مصدر قلق شديد لكن من يتصدى للكتابة عنه, فواقعيته المفرطة جعلت تناول الأمور حوله صعبة للجميع, فالفيلم بكل وضوح يتنصر للمقاومة الوطنية في مواجهة الإحتلال, ينتصر لها حتى في تلك المشاهد المؤلمة و التي نرى فيها نساءاً و أطفالاً و رجالاً يتساقطون قتلى في عمليات تفجيرية, بعض منها كان إنتحاري الطابع, و ينتصر لها بعرض مشاهد التعذيب البشعة لأفراد الخلايا الصغيرة للوصول لأعلى الهرم القيادي, و ينتصر لها بعرض مشاهد إذلال المواطن من قبل جنود الإحتلال, و حتى بعرض مشاهد تفجير البيوت على ساكنيها, و الفلم من ناحية أخرى ينتصر لنظريات النضال المسلح, و من ناحية أخرى يظهر تكتيكات الإحتلال في تفكيك خلايا المقاومة, مما جعل الفلم مادة ثرية للإستغلال من قبل طرفي النزاع, المقاومة المسلحة و الإحتلال, لكن تظل المشكلة دوماً ما حدود شاشة السينما, و ما حدود ما يمكن عرضه حتى لو كان الهدف أخلاقي أو توثيقي أو معرفي أو ترفيهي أو حتى تجاري بحت, و سيظل السؤال جدلاً أبدياً.



غرفة صغيرة يقف فيها بضعة ضباط, و على مقعد جلس متهالكاً, نصفه الأعلى عارياً و به آثار تعذيب, و أدوات تعذيب نراها متناثرة بإنتظام على الجدران و على الطاولات المحيطة به, يربت أحد الضباط على الجالس على المقعد مطمئناً إياه بأن الأمر انتهى.

الصورة كئيبة … قاتمة, زادها الأبيض و الأسود واقعية و قتامة, لم ير أحد التعذيب, لم يسمع أحد صراخ الضحية, لكن تعبيرات الوجه و حركة من حوله و كل شئ بالغرفة يشي بالكثير عما حدث.

الجالس على المقعد جزائري … و الضباط فرنسيون, و ملامح تعابير الندم على وجهه تفصح عما قاله, هو عضو في خلية عنقودية هرمية, و لتوه أفشى بأسرار كثيرة, و تبقى ان يرشدهم لمكان المطلوب الأكثر أهمية, القائد علي لابوانت مع أفراد خليته الجديدة, في أحدى منازل القصبه, رجل و طفل و امرأة, و المفترض قيامهم باحدى العمليات في اليوم التالي.



علي لابوانت القادم من شوارع الجزائر الخلفية, الأمي خريج السجون, الثائر المندفع دوماً, الصامت بثقة تدفعك لمهابته, و بنظرة تحدي مستمرة من عينيه القويتين, لكن كل شئ تغير في الحبس, بالسجن رأى أناس يساقون للمقصلة لكفاحهم من أجل إستقلال الجزائر.



و هل ينسى صيحة ذاك المساق للمقصلة “الله أكبر تحيا الجزاير”  ؟ و كما سيق ذاك الرجل الى المقصلة, تغيرت نظرة علي لحياته و قرر أن يلتحق بالجبهة.



لم يخبرنا الفلم كيف وصل علي للجبهة, لكن الطفل الجالس بجواره قرأ له أول مهمة, إغتيال ضابط فرنسي يتردد على محل ليلتقط الأخبار, يوم الإغتيال عليه أن يقابل امرأة بالشارع, يتتبع الضابط, تناوله المرأة المسدس ليضرب عليه الرصاص من الخلف, و لكن علي دوما يقاتل معركته وجها لوجه العدو, لا يلتزم بالأمر, تحاول المرأة منعه, يتملص و يقف أمام الضابط و المسدس مشهراً بوجهه, و تنطلق كلماته: انظروا كيف يخاف, انظروا هؤلاء من يحكموكم, و تكهرب الموقف بالشارع و تعلقت الأبصار بيد علي و اصبعه على الزناد, و ضغط علي على الزناد, و لم يدو صوت الرصاص, كليك كليك, كانت الخزانة خاوية؟

اسمع علي, يصعب للشعب باش يبدأ ثورة, و يصعب له بالزاف باش يواصلها, و يصعب له أكثر و أكثر باش ينتصر, و لكن من بعد من بعد ما ننتصروا تبدأ الصعوبات الكبيرة

أصوات أقدام الجنود الفرنسيين وهي تخترق الأدوار الكثيرة, القبض على كل الرجال بالدار, تجميعهم في باحة الدار, يقف الرجل المتهالك في زي جندي فرنسي, يشير لهم بإحتقار لمكان إختباء على لابوانت.



خلف جدار مغطى ببلاط قبع علي لابوانت و رفاقه الثلاثة, و صمت طويل فرض نفسه, كانت كلمات الضابط الفرنسي لهم بضرورة الخروج و الإستسلام و إلا فجروا المكان.

أحياناً تغدو القدرة على التماسك  و الثبات على المواقف أقوى من غريزة البقاء, و أحياناً يبدو التراجع و الإنحناء الوقتي للظروف الطارئة في قمة التعقل رغم مرارته, القائد المباشر لعلي لابوانت استسلم, رأى الموت بهذا الشكل لا فائدة منه, لايزال هدفه الذي يسعى اليه لم يتحقق, لم تتحرر الجزائر بعد, لا فائدة للموت الآن, هكذا سلم ياسف سعدي نفسه.

علي لابوانت تمسك باستقلاله و بإمتلاكه زمام القرار, و الإصرار عليه, تم تفجير المكان, مات علي لابوانت و رفاقه, و كان موته شاهداً على وحشية الإستعمار و قسوة الغرباء على أرض لا يملكونها.

و لكن أليس الأجبن مهاجمة قرى غير محصنة بقنابل النابالم و التي تقتل آلافاً أكثر؟ بالتأكيد الطائرات ستجعل مهمتنا أسهل, أعطونا قاذفات قنابلكم سيدي, و تستطيع أن تأخذ سلالنا المفخخة.

بنتوكورفو, المخرج الإيطالي الموهوب لم يكن يريد أن يصنع فيلماً عن أحداث الجزائر, بل أراد أن يعيش تلك الأحداث, فجاء العمل شديد الواقعية, ياسف سعدي شارك بنفسه في تمثيل دوره بالفيلم, على لابوانت مثله جزائري لم يعمل بالتمثيل من قبل إبراهيم حجاج (شاهدته في مشهدين عابرين في وقائع سنوات الجمر) , مجاميع بشرية كبيرة, تصوير بالأماكن ذاتها,تشويش الصورة لجعلها أقرب لطبيعة الفيلم الوثائقي, تفجيرات حقيقية, أمور جعلت فلماً كهذا صعب التنفيذ بنفس الدرجة من الواقعية هذه الأيام, شارك بنتوكورفو في وضع موسيقى الفيلم, و يقول عنها “الصورة الموسيقية لها نفس درجة و أهمية الصورة البصرية, بل أحيانا تفوقها”, بنتوكورفو إيطالي و له تاريخ نضالي كواحد من قادة اليسار في إيطاليا, عدد أفلامه محدود مابين وثائقيات و أفلام روائية, و لعل أحد أسباب إقلاله في إفلامه ما قاله عن نفسه أنه يظل يفكر كثيراً في تفصيلات العمل, بل حتى يفكر كثيراً في جدواه من الأساس, لهذا السبب تراجع عن مشاريع أفلام كثيرة, لكن يبدو دوما شغفه بالسياسة هو ما يغلب على أفلامه, بعضها سبب له مشاكل مع دول مختلفة كفرنسا و أسبانيا, بل و جعلت بعضها صعب التسويق كأفلام تحقق مكاسب, و هي نفس المشكلة التي يواجهها كل من يتعمقون في هذه الإتجاه من الأفلام, وستواجه مخرجا موهوباً آخر هو كوستا جافراس, في حين يركز بنتوكورفو جهده على الإستعمار و قضايا التحرر, يركز جافراس على السلطة و دهاليز السياسة.

حصد الفيلم سبع جوائز منها الأسد الذهبي في مهرجان فينسيا 1966, و رشح لثلاث جوائز أوسكار.

نشر أول مرة بتاريخ 2010/01/02

عندما كنا ملوكاً

“محمد علي كان كالفيل النائم , يمكنك فعل ما تشاء بجانب فيل نائم , لكن عندما يصحو سيسحق كل شئ” قالها مالك بوين.

كان علي محاصراً فى جنبات الحلبة يتفادى الضربات بكلتا يديه يحمى وجهه و بطنه يتمايل بخفة و يتقافز يمينا و يسارا و جورج فورمان يكيل له الضربات الثقيلة يمنة و يسرة.



فى استراحة احدى الجولات تقترب الكاميرا من وجه علي, عيني علي يبدو عليهم الاحساس بالخوف و صوت أحد الصحفيين المرافقين لعلي يقول: “لأول مرة أرى فى عيني علي نظرة الخوف كأنه يقول لنفسه أهذه هى النهاية”



نفس الصحفي يصف المشهد قبل المباراة قائلا : “كان الجو العام كجو العشاء الأخير كان الجميع واجمين ينظرون لعلي و يتحسرون , لكن علي قال لماذا أنتم جالسون هكذا ؟ أنا ذاهب لأرقص و أرقص و ارقص”

علي الساخر اللذى كان يتدرب على الحلبة و يوجه الضربات يمينا و يسارا و يتقافز و يصرخ بصوت عال فى وجه الكاميرا قبل المباراة ” الفتى خائف منى إنه خائف حتى الموت إنه يتمنى لو لم ياتى لهنا”



لكن من يرفض خمسة ملايين دولار !!!!

فى الخلفية هتاف الجمهور الزائيري فى استاد العاصمة كينشاسا الاستاد الذي شهد مذابح الطاغية موبوتو , موبوتو الداعم للمباراة, فهي للعالم الخارجي تثبت أن زائير بلداً آمناً, تشي باستقرار الحكم, موبوتو الذي خاف حضور المباراة فشاهدها عن طريق دائرة تلفزيونية والجمهور الزائيري يهتف “علي بوماييه بوماييه” “علي اقتله” يقتل من ؟ فورمان الذي كان يتساءل لماذا ؟ لماذا يريدون قتلي؟ أننى ربما أشد سوادا فى الجلد منه ؟ هل تظنون أنى سأكون سعيدا حينما يهتفون “فورمان بوماييه” ؟! أم كانوا يقصدون موبوتو !!!

كان الوقت فجرا فى زائير لكن الآلاف تجمعوا لمشاهدة المباراة في الاستاد, و شهدها الطاغية وحيداً في قصره, كان اختيار الفجر حتمياً  لكى يشاهدها الجمهور  فى ذروة توقيت المشاهدة فى الولايات المتحدة مباشرة على الهواء.
كان هناك كثيرون ينتظرون نهاية علي المشاغب المغرور الرافض لتلطيخ يديه بدماء الأبرياء فى فيتنام كثيرون قالوا استحالة أن يهزم فورمان الذي كانت ضرباته القوية تترك أثارا عميقة فى كيس التدريب الثقيل , كانو ينتظرون كسر انفه ذلك المغرور الذى خيب ظنهم جميعا و فاز !!!!!

سبق المباراة حفل غنائي لفرق مشاهير السود بأمريكا و اختلطت الثقافة بالسياسة بالرياضة بالمال بالمتعة فى خليط إنساني عجيب حيث الحديث عن الأمريكان من أصل أفريقي عندما كانو ملوكا فى أفريقيا قبل أن يتم استعبادهم و نقلهم للولايات المتحدة ليباعو كعبيد كان الخليط الإعلامي جذاباً و براقاً “من سفينة العبودية إلى عرش البطولة” !




فى الجولة الثامنة بعد أن استخدم علي تكنيك نفسى وعصبى لإرهاق فورمان طوال سبع جولات كان علي سريع و مستفز و بنهاية الجولة الثامنة أطاح علي بفورمان بالضربة القاضية.



فاز الفلم بأوسكار أفضل فيلم وثائقي عام 1997, و حصد ست جوائز أخرى , و رشح لثلاث جوائز مختلفة.

نشر أول مرة بتاريخ 2009/12/30

طوكيو!

ثلاث قطع سينمائية مختلفة تدور أحداثها حميعاً في طوكيو, يخرجها ثلاثة مخرجين من مدارس سينمائية مختلفة, القطعة الأولى بعنوان تصميم داخلي من إخراج ميتشل جوندري و تدور بشكل عام حول فكرة الاستقلالية و كيف أن الإنسان لو استمر في التخلي عن أحلامه و تصوراته لصالح الآخرين سيصبح في النهاية مجرد شئ في حياتهم, شئ لا يختلف كثيرا عن كرسي أو مقعد, و القطعة الثالثة بعنوان زلزلة طوكيو من إخراج جون هو بونج و تدور بشكل عام حول الوحدة و الفراغ وإعادة اكتشاف النفس, و هي برأيي أجمل القطع في الفلم بصرياً و إخراجاً.

أما القطعة الثانية فهي التي شدت انتباهي بالكامل, القطعة بعنوان ميردي و تعني بالفرنسية خراء, و هي للمخرج ليو كاراكس, و هي تدور حول الكائن الأسطوري ميردي و الذي يتخذ من مجاري طوكيو سكناَ له, و يعتقد أنه آخر سلالته, أو من القلة النادرة الباقية الموجودة, و يتكلم لغة خاصة, و يحب أكل الزهور و النقود و يكره الأبرياء بشكل خاص و الناس بشكل عام.



و كما ترون بالصورة ميردي لحظة خروجه المبهرة من بالوعة المجاري, و هو يعشق اللون الأخضر, لكن كيف جاء ميردي الى طوكيو؟, لا يخبرك الفيلم بهذا, لكن بالفلم إشارة سريعة عن أنه ربما يكون مهاجراً غير شرعياً للبلاد.

افتتاحية هذا المقطع سريعة و مثيرة, الخلفية موسيقى كلاسيكية و الكاميرا تتحرك بسرعة وسط الشارع, الكاميرا منخفضة لتعطيك احساساً بحركة ميردي وهو يمارس هوايته في شوارع طوكيو, افتتاحية حية و مليئة بالانفعالات, تشد الإنتباه و تثير الحماسة للمتابعة.



ميردي بعد أن رمي بعقب سيجارة سرقها على عربة طفل رضيع و الأم تنظر له بدهشة وغضب وخوف.



ميردي و هو يختتم جولته بالعودة من جديد للمجاري, و نرى حرصه الشديد على جماليات نزوله للمجاري, و التأكد من شاعرية المنظر.

ميردي يتجول بين ضحاياه على أحد سلالم الكباري, بعد أن رمي على المارة أشياءاً وجدها في أحد قنوات المجاري وسط مخلفات الحرب العالمية الثانية.

الجميع بإنتظار المحامي الفرنسي المشهور و القادر على التخاطب بنفس لغة ميردي, و للعجب له نفس اللحية و نفس العين.

المحامي الفرنسي المشهور في المطار لحظة وصوله, يعطي للصحافيين لمحات جمالية و يبدو واضحاً حبه للون الأخضر و الشاعرية كميردي.

محاولات مستميتة من المحامي للتفاهم مع ميردي المقيد.

أخيراً استجاب ميردي و بدأ الحديث مع المحامي, و المحامي غير مصدق لنجاحه.

جلسة المحاكمة التاريخية حيث أعرب ميردي عن حبه للحياة و لنفسه و كرهه للأبرياء و للناس عامة.

لحظة الإعدام الأسطورية, و نرى ميردي هنا بعد إعدامه وهو يهرش في فخذه.

هذه القطعة بالذات أثارت حيرتي, فلقد استمتعت بها و أضحكتني في مواضع عدة, لكن كان دوما الإستمتاع مصحوباً برغبة في أن أفهم ما يقصده المخرج بهذه الشخصية و تلك الأحداث, لكن هل من الضروري أن نفهم كل ما نستمتع به؟ و لو فشلنا في الفهم , هل نأول ما نرى و نبدأ في تجربة فك الرموز؟ برأيي الشخصي الرموز كثيرة في تلك القطعة, و لعل هذا جزء من سحر التناول, فالرموز هنا تلقائية و بسيطة و غير مقحمة, و تتسق مع الشكل العام للأحداث, و هو ما يغري دوماً بالتأويل.

الفيلم  حصد ثلاث جوائز و رشح لأخرى.

نشر لأول مرة بتاريخ 2010/01/24

إم

إن لم تكن تملك قصة جيدة, فمن الصعب جداً أن تصنع فيلماً جيداً, و إذا لم يكن حكيك جيداً للقصة, فمن الصعب أن تمتع المشاهد بما يرى, الفلم السينمائي في نهاية المطاف هو تطور طبيعى لفن الرواية, و إن كانت الرواية المكتوبة تجسيد للأفكار والمشاعر على صفحات الورق, فإن الفلم ينقل الورق و المكتوب فيه الى حيز المرئي و شبه الملموس, و لكن في حين أن الرواية هو جهد فردي, فإن الفلم يختلف في أنه مجهود جماعي و يحتاج لكثير من التنظيم و التخطيط و الإدارة.

فيلم إم (M) انتج عام 1931, و هو من إخراج أحد رواد فن السينما, المخرج الألماني فرتز لانج صاحب تحفة متروبوليس و تحف بصرية أخرى عديدة. فيلم إم يمتاز بقصة جيدة, و حكي جيد و توظيف جيد لأدوات الحكي (ممثلين و موسيقى و أماكن تصوير … الخ) و سيناريو قوي واضح فيه الإستفادة من تجارب عديدة سابقة له أو لمخرجين آخرين, و ابتكار في الحكي.

الفلم يدور حول جرائم خطف وقتل أطفال غامضة, يعتقد الجميع أن ورائها شخص واحد, في الواقع هذا الشخص يبعث برسائل عديدة للصحافة تسرب واحد منها على غير رغبة رجال الأمن. تتسبب تلك الجرائم في تعكير صفو الأمن في برلين و صفو المجرمين و الشحاذين على وجه الخصوص, فالإجراءات غير العادية للأمن جعلت كلا من الشحاذة و اللصوصية مهن صعبة في ظل تلك الأجواء.

يبدأ الفلم بمشهد عام لأطفال يلعبون في ساحة احدى الدور و يغنون أغنية حول قاتل أطفال, فتظهر في احدى الشرفات بالأعلى أم تنهرهم و تطلب منهم الكف عن غناء تلك الأغنية البشعة, الأم قلقة لتأخر طفلتها في العودة من المدرسة, نفس الوقت ينتقل المشهد ليصور الطفلة و هي تسير في الشارع عائدة و تكاد تصدمها سيارة لكنها تنجو, تستمر بالسير تلهو بكرة معها, و في مشهد معبر تضرب بالكرة إعلانا منشورا بمكافأة لمن يدلي بمعلومات حول القاتل, في حين تضرب الكرة الإعلان يظهر ظل القاتل على الإعلان ناظراً للطفلة.



يأخذ السفاح و هو يصفر بلحن موسيقي شهير الطفلة لأحد باعة البالونات و يشتري لها بالونة و يصطحبها لأحد المنازل, في أثناء كل هذه الأحداث يبقيك المخرج على حالة الأم وهي تعد الطعام و هي تغسل الملابس و هي تنتظر الطفلة  و هي تنظر للساعة, … الخ في حكي موازي مشوق, و توظيف للبيئة المحيطة لإبراز حالة القلق و الحيرة داخل الأم, فمشهد كالسلم الدائر للأسفل أشعرني بحالة دوران الأفكار قلقا على الطفلة.

أداء للممثلة صاحبة دور الأم أكثر من رائع, تعبيرات الوجه, الملابس, حركات اليدين, الرأس, نظرة العينين, حركات الشفاه, أداء يبرز الجهد المبذول في إنتقاء عناصر الحكي بصورة جيدة, فالمشاهد لا يبذل جهاً لإقناع ذاته أن تلك أم حقيقة, و أن جزعها و قلقها هو قلق حقيقي, و الإختيار الجيد لعناصر الحكي و بخاصة الممثلين سيتكرر في كل الأعمال السينمائية ذات القيمة على اختلاف لغاتها, وأزمنتها.

تتصاعد الأحداث بشكل مرتب, في حين يسير المخرج بك بطبقات المجتمع المختلفة و جهود الأمن لإحكام الخناق حول المجرم, تجد نفسك و قد تعرفت على جهات عدة و شخصيات عدة في هذا المجتمع البرليني, من أدوات البوليس و عناصره, للحانات, لرواد النوادي الراقية, للصحافيين, حتى يتنهي تجوال المخرج بك عند اللصوص, فبسبب تلك الإجراءات بلغ بهم السخط مبلغاً على ذاك اللص جعل معه القبض عليه و الإنتهاء منه هدفهم الأول, يبغون بذلك إنهاء تلك الإجراءات الإستثنائية في المدينة, وبعد مقارنة ثنائية جميلة لاجتماعهم مع اجتماع الأمن, يقرر زعيم اللصوص أن الوقت قد حان للقيام بتلك المهمة, و أن خير من يساعدهم هو نقابة الشخاذين, فتنتقل بك الكاميرا لمجتمع الشحاذين و تتعرف على وجه آخر للمدينة.

الجميع الآن يطارد السفاح, الأمن, اللصوص , والشحاذون, لكن كيف الوصول اليه, ففي حين انتهى إجتماع الأمن الى أن المجرم لابد و أن يكون مريضاً نفسياً, يتفق اللصوص مع الشحاذين على إبلاغهم حال رؤيتهم لشخص بالغ مريب مع فتاة صغيرة, و في حين يحصل الأمن على قائمة بأصحاب الأمراض النفسية ممن أطلق سراحهم, يوزع زعيم الشحاذين المناطق و الميادين على رجاله لمراقبتها بدقة, و هكذا تبدأ المطاردة بالتوازي.

يصل أحد عناصر الأمن لبيت أحد المشتبه بهم, ينتظره في غرفة الجلوس لحين عودته, نفس الوقت يتفحص غرفته, يتفحص الطاولة ليرى إن كان عليها أي آثار كتابة, لا يجد, يفكر جيداً و يبحث في جوانب الغرفة عن منطقة محتملة للكتابة عليها, يتفحص إفريز النافذة, بالفعل وجد شيئاً مريباً هناك, ربما هذا الرجل هو بغيته.

السفاح بالشارع مع فتاة أخرى, يصفر نفس اللحن المميز, يتعرف الأعمي على الصوت, ينادي احدى الشحاذين و يطلب منه تتبعه, يجري وراءه من مكان لآخر, ثم في النهاية يقرر أن يميز بدلته بعلامة مميزة ليسهل نقل الوصف للشحاذين بالمناطق الأخري, فيكتب على جرف إم بالجير, و يضربه على ظهره بيده, ليطبع الجرف على ظهر البذلة.



تستمر المطاردة و السفاح لا يدري, إلى أن تنبهه الطفلة أن هناك شئاً ما على ظهره, ينتبه لأول مرة لما يدور حوله و يحاول الهرب, الى أن يتم حصاره في احدى الشوارع.



فيلجأ السفاح لإحدى المباني مختبئاً فيه, فيخبر الشحاذون اللصوص بالأمر و الموقع, و هنا يتولى اللصوص القيادة مقتحمين المبنى و مسيطرين عليه بمهنية وكفاءة, فيحاصروا السفاح في إحدى الغرف.



يضطر اللصوص للهرب بسرعة و معهم السفاح, بعد نجاح أحد الحراس في دق جرس الإنذار, ينصرف الجميع و ينسوا أحد اللصوص في احدى الغرف, يقبض عليه الأمن و منه تعرف القصة الغريبة.



نفس الوقت يعقد اللصوص و الشحاذون محكمة كاملة الأركان بهيئة دفاع عن السفاح, استكمالا للشكل الإجرائي, و يترافع السفاح المذعور عن نفسه في أداء يميل بشكل كبير للأداء المسرحي التعبيري, و إن كان الحوار في هذا المشهد يتميز باللغة العميقة المنتقاة بحرص, وهو ما عوض الى حد ما تلك المبالغة الزائدة في التعبير.



في النهاية يصل الأمن ليسيطر على الموقف, وينتهي الفيلم بمشهد للمحكمة وهي تبدأ القول في الحكم, لينتقل المشهد الى الأمهات الثكالى و أم الطفلة التي ظهرت في بداية الفلم و هو تقول ان هذا لن يرجع الأطفال.



نشر لأول مرة بتاريخ  2010/02/20

الامبراطور و القاتل

في العام 221 قبل الميلاد وبعد سنوات من الحرب الأهلية بين مئات الممالك, انبثقت سبع ولايات هيمنت على حكم الصين, كانت ولاية قن هي الأكثر طموحاً بينهم وكانت تحت حكم الملك ينج شن, مدفوعاً بوصية الآباء اعتبر الملك ينج أن توحيد الصين هي حربه المقدسة.

يبدأ الفيلم بمشهد لصب المعدن المنصهر في قالب صخري لسيف, ثم اظلام لبرهة قصيرة يتلوه لوحة فنية لجنود في معركة واسم الفلم يتكون على الشاشة, في الخلفية الموسيقى المميزة للفيلم, في صوتها الحيرة و التساؤل و الحنين, و حزن خفي ينبثق من نغماتها, خزن خفي من الصعب الإمساك به, ثم اظلام قصير و من قلب الظلمة المتلاشية ينبعث صوت الملك العجوز زاعقاً بأعلى ما يستطيع من جهد:

-الملك ينج شن, هل نسيت أوامر أجداد قن لتوحيد كل ما تحت السماء؟



الملك, أو من سيصبح ملكاً بعد قليل في مقدمة المشهد, و قد اكتست ملامح وجهه بالحيرة, يرد بكل قسوة مخافة أن تتسلل الحيرة و التردد الى روحه:

- لا, أبداً, لا يجرؤ ينج شن على ذلك.

ينهار الملك العجوز على سريره مفارقا الحياة, بينما التفافة ينج الزائغة لجثته تدوم للحظة, ليستدير بعدها مغادرا الحجرة, و قبل أن يغادرها يصيح فيه حكيم الدولة:

- الملك ينج شن, هل نسيت أوامر آبائك بتوحيد كل ما تحت السماء؟

و بصوت عميق و بنفس نظرة الزيغ و قد بدأت سحب التصميم تطرد آثاره:

- لا, ينج زن لم ينس أبداً, و لا للحظة.

هذا الفلم عن أول إمبراطور للصين, و عن البطل الذي حاول قتله بخنجر مخبأ دخل خريطة, و عن رئيس وزراء قن لو بوي صاحب التاريخ الموسوعي القديم للصين يوميات الربيع والخريف, وعن ام الامبراطور وأولادها الغير شرعيين و من ضمنهم الامبراطور ذاته, الفلم ذو طبيعة ملحمية و يقترب كثيراً و بدقة غريبة من الأحداث الحقيقة لفترة الولايات المتحاربة في الصين, وهو يحكي قصة الامبراطور ينج شن و حلمه لتوحيد الصين تحت حكم ملك واحد, فينعم الناس بالرخاء و الأمان بعد أن تشتت الصين الى ممالك عدة لم يعد لها من هدف موحد الا أطماع و نزوات حكامها الأفراد. فحينما كان أمير يان أسيراً عنده, و هاج على آسريه و رفع السيف على ينج شن, نظر الامبراطور إليه بكل هدوء وقال له:

- حتى لو قتلتني, سيكمل أحدهم الوحدة, ان لم يكن أنا, لربما كنت أنت, بعد 550 عاماً ماذا جنينا من مئات الممالك؟

و يكرر نفس القول في وجه رسامي خريطة الصين الموحدة بعد أن علم أنهم من ولاية هان و هو على وشك تدميرها:

-هان ستختفي, لكن سيحل محلها مملكة عظيمة.

وسيعيد التساؤل على قاتله وهو غارق في دمائه و يضحك غير عابيء بجراحه العديدة:

-لم تضحك؟ لم تريد قتلي؟ ألا تعلم بما أريد فعله؟ أنا أريد تأسيس امبراطورية عظيمة.

لكن قاتله يخبره أن الجنرال فان يبلغه رسالة أخيرة, أنه لم يبح بسره لمخلوق.

هذا السر الذي اكتشفه وهو يحاكم عشيق أمه, الماركيز, و اضطره للجوء لمقبرة الأجداد, ليسأل رئيس الوزراء لو بوي مستجديا اياه التصريح:

-رئيس الوزراء, اخبر العالم انني لست ابنك؟

- اقتلني و سيعلم العالم كله أنك لست ابني.

لكن رئيس الوزراء ينهي حياته بيده, ويصدر الامبراطور وهو في قمة مأساته الشخصية أمراً بإعلان رئيس الوزراء خائناً للدولة, و أن يقتل كل أهله و أولاده. كان قد تأكد لحظتها أنه ابن رئيس الوزراء.

ينتهي الفيلم بهذه العبارة:

في العام 221 قبل الميلاد, غزا ملك قن كل الممالك ليصبح أول إمبراطور للصين الموحدة, لم يدم نجاحه طويلا حيث دامت اسرة قن لمدة 15 عاماً ثم تغلبت عليها اسرة هان, لا يزال قبره في خيان محروساً بآلاف من محاربي التيراكوتا.



فاز الفيلم بجائزتين و رشح لثمان اخرى.

نشر لأول مرة بتاريخ  2010/06/19