الاثنين، 20 يوليو 2020

آل شطا المكيين



تاريخ مكة

وأول من عرف من آل الكتبي هو السيد محمد حسين كتبي، قدم إلى مكة
مجاوراً في عام ‎1255‏ وكانت حلقة دروسه في المسجد واسعة، واشتغل في
وظيفة الفتوى، وقد أنجب ولده السيد محمداً وهو من مدرسي المسجد وأئمته
ومن المقربين إلى أمير مكة الشريف عبدالله بن محمد بن عون، وكانت وفاته في
رجب عام 1295، كما عرف منهم السيد محمد الرزوقي أبو حسين، وعرف
منهم السيد محمد أمين كتبي (1).

وكان بيت المالكي بيت علم وفضل، وكان من أشهرهم الشيخ حسين بن
إبراهيم المالكي المغربي الأصل من قبيلة يقال لها العصور من أعمال طراپلس
الغرب، وهو من أفاضل علماء مكة ومدرسيها ومؤلفيها وأئمتها، وقد ذكر
أبو الفيض عبد الستار البكري أنه توفي في عام 1293 وخلف أولاداً من أشهرهم
علماً الشيخ عابد مفتي المالكية، والشيخ محمد الأمير مفتي المالكية، والشيخ
علي مالكي وكان معروفاً بعلمه وفضله ونشاطه في التأليف، وقد تولى رياسة
مديرية المعارف في عهد حكومة الحسين؛ ثم من أبناء محمد الأمير الشيخ جمال
المالكي وهو من كبار علماء ومدرسي المسجد الحرام وقد توفي عام 1359، ولا
یزال بناؤه یشتغلون في مناصب حکومية (1) .

وقدم جد آل شطا السيد محمد شطا زين الدين بن محمود بن علي الشافعي إلى
مكة من بلده دمياط في أواخر القرن الثاني عشر، فتصدر للتدريس في المسجد
وأنجب أولاده السيد عمر والسيد عثمان والسيد بكري. وكان أبرزهم علماً وله
مؤلفات عدة. وينقل الغازي عن الشيخ عبد الحميد قدس أن السيد محمداً يتصل نسبه
بالحسين بن علي بن أبي طالب، وأن ذلك مثبت في دفتر الأشراف بثغر دمياط.
________________
نشر النور عبدالله أبو الخير "مخطوط"

ويذكر أنه ورث "شطا" من ملازمته لأحد الصالحين في دمياط كان اسمه
الشيخ شطا وهو مدفون خارج ثغر دمياط.

وأنجب الشيخ بكري ثلاثة من العلماء أبرزهم السيد أحمد ثم السيد حسين ثم
السيد صالح، كما أنجب السيد عثمان أبناءه سعيداً ومحمداً وعلياً (1).







واشتهر من بيت المشاط الشيخ عبدالقادر المشاط وهو من كبار علماء مكة وأحد
أئمتها، كان ملازماً للتدريس بالمسجد وكانوا يلقبونه في مكة شيخ التجار نسبة
إلى أبيه علي الذي كان يتعاطى التجارة، وكان عضواً في ديوان الحكومة، وقد
توفي في مطلع القرن الرابع عشر وأعقب ولداً له اسمه علي (1).

وعرف بيت اللبني بالشيخ جعفر لبني، وكان من علماء مكة ومؤلفيها، وكان
يسكن الشامية كما كان بنو عمومته يسكنون باب السلام وقد ذكر في بعض
مؤلفاته - كما ينقل الغازي- (1) أنه لا يعلم سبب اشتهار بيته باللبني : وأن جده
أبا بكر بن جمال كان يمتهن الطوافة في القرن الثاني عشر، ثم قال : وقد خلف أبو
بكر ولدين أحدهما محمد جمعة ومن نسله بيت اللبني بالشامية، والثاني عبدالله
ومن نسله بيت اللبني في باب السلام . أما بيت عرب فقد اشتهروا بالشيخ حسن
ابن إبراهيم عرب السندي الأصل، وكان من أئمة المقام الحنفي وأحد مدرسي
المسجد المعروفين بنشاطهم وفضلهم، كما عرف منهم الشيخ حسن عرب والشيخ
جمیل عرب (2).

وعرف بيت السيد كوجك بالعلامة السيد عبدالله البخاري، وكان قد جاور
بمكة في أواخر القرن الثالث عشر واشتغل بالتدريس، وقد توفي عام ۱۲۹۷ عن

___
(1) إفاد ة الأنام "مخطوط"
(2) نشر النور عبدالله أبو الخير "مخطوط"

المصدر: تاريخ مكة (رابط).

كسوة الكعبة

إهداء من مؤلف الكتاب يوسف أحمد  إلى جاستون فييت



كسوة الكعبة: واختص العثمانيون بإرسال الكسوة الداخلية(1) وكسوة الحجرة
واستمرت مصر في إرسال الكسوة الخارجية من ريع أوقاف الكعبة بمصر،
فلما كان عهد سليمان شاه بن سليمان خان لاحظ أن أوقاف الكعبة التي وقفها
الصالح إسماعيل "من الشراكسة" لا تكفي لسد نفقات الكسوة فأمر بشراء عشر
قرى أخرى ووقفها على نفقات الكسوة الخارجية وظل ريع القرى يصرف على
نفقات الكسوة طيلة عهد العثمانيين الأول حتى ألغى محمد علي باشا في مصر
تلك الأوقاف وأحالها إلى خزانة الحكومة المصرية لقاء صنع الكسوة من أموال
الخزينة كما سيأتينا في عهد محمد علي باشا.

وقد أورد الأستاذ يوسف أحمد مفتش الآثار العربية سابقاً في كتابه "المحمل
والحج" أسماء القرى التي أوقفها السلطان سليم فكان عددها عشر قرى وفي هذا يقول(2):

رجوت حضرة صديقي المؤرخ البحاثة صاحب العزة محمود رمزي بك
المفتش بالمالية سابقاً أن يبحث عن أسماء القرى العشر الواردة في هذه
الوقفية"(3).

"وهل هي موجودة إلى الآن كلها أو بعضها وهل تغيرت الأسماء ، فتفضل 
عليَّ بهذا البيان الطريف الآتي فله مني ومن جميع المسلمين خالص الشكر ووافر
الثناء".

بيان بأوقاف الكعبة
1 - بيسوس: هي القرية التي تعرف اليوم باسم باسوس بمركز قليوب مدينة القليوبية.
2- أبو الغيث: تعرف باسم أبو الغيط بالمركز المذكور.
3- حوض بقمص: هو الحوض الذي يعرف اليوم باسم حوض بقيس بأراضي ناحية مرصفا بمركز بنها بمديرية القليوبية.
4- سلكة: هي اليوم إحدى قرى مركز المنصورة بمديرية الدقهلية.
5- سرو بنجنجة: صوابه سر بججه وهي القرية التي تعرف اليوم باسم السرو بمركز فارسكور بمديرية الدقهلية.
6- قريش الحجر: هي القرية التي تعرف اليوم باسم أويش الحجر بمركز المنصورة بمديرية الدقهلية.
7- مناديل وكرم رحان: هي القرية التي تعرف اليوم باسم المنايل بمركز شبين القناطر بمديرية القليوبية.
8- بجام: هي اليوم إحدى قرى مأمورية ضواحي مصر.
9- منية النصارى: هي القرية التي تعرف اليوم باسم منية النصر بمركز دكرنس بمديرية الدقهلية.
10- بطاليا: بالبحث لم أجد بين أسماء البلاد المصرية قديمها وحديثها قرية بهذا الاسم وإنما يوجد اسم قريب منه وهو طماليا إحدى قرى مركز أشمون بمديرية المنوفية كما أنه كان يوجد قديماً قرية اسمها بتالي بولاية الغربية ولم أستدل على موقعها وعلى كل حال فهاتان القريتان هما خلاف قرية بطالية المذكورة في الحج بأنها ولاية الشرقية. إ هـ

===================================
(1) كانت آخر كسوة داخلية للكعبة أرسلها العثمانيون هي التي أرسلها السلطان عبد العزيز ابن السلطان محمود الثاني في 1227.
(2) كتاب المحمل والحج ج1 ص 257 وقد ألفه الكاتب على أثر قيامه بأداء الحج في عام 1355.
(3) هي وقفية السلطان سليمان وقد نقل نصها في كتابه وهي مؤرخة في عام 947.

المصادر:
1- تاريخ مكة (رابط).
2- المحمل والحج (رابط).

الثلاثاء، 7 يوليو 2020

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - آثار دمياط ومساجدها وبعض معالمها التاريخية - بحر الدم - وتل العظم - وميدان الشهداء

حفريات أثرية في شطا
حفريات أثرية في شطا


آثار دمياط
ومساجدها وبعض معالمها التاريخية

بحر الدم — وتل العظم — وميدان الشهداء .

هي ثلاثة مساحات من الأرض الخالية اليوم من الآثار الظاهرة. ولكنها لم
تزل تحمل تلك الأسماء التي تشير إلى مواقع حربية قديمة ، يرجح أنها تعود إلى عهد
الحروب الصليبية التي اجتاحت دمياط مرارا .

فألى وراء الجبانة يرى ميدان فسيح مهجور ، يطلق عليه: "بحر الدم" . وبقربه
ميدان متسع خال يسمى : « ميدان الشهداء » ، وعلى مقربة منهما بعض الكثبان التي
تدعى : « تل العظم » ...

وقد جاء بدليل بيديكر عام 1885 عن هذه الأماكن العبارة التالية :

« .. وعلى مسافة ثلاثة أرباع الميل من المدينة ، منخفض من الأرض ، به الجبانة
وعدد من البيوت المبنية من الآجر  . وتبدو التربة هنا ، وعلى منحدرات الكثبان
القريبة، ذات لون أحمر قاتم . ولذا دعيت بأسم "بحر الدم" وتقول القصة السائرة
هنا إنه استشهد في هذا المكان ثلاثون ألفا . ويقال إنها تضم هياكل بشرية لا تحصى .
وتختلط في هذه الأمكنة ذكريات حصار الصليبيين لدمياط عام 1219م بالنصر الذي
أحرزه محمد علي هنا على الأتراك عام 1803 اختلاطاً عجيبا .، وخرجت من ذلك
أساطير شتى لا أساس لها . ومن المحتمل أن جزءا من دمياط القديمة كانت في القديم
مشيدة على تل العظم .. »

وكذلك يرى المسيو هانوتو : « أن الميدان الخالي ، الذي تشرف عليه مئذنة
المسجد الرشيقة، ويحمل إلى اليوم أسم "بحر الدم" وهو القريب من "ساحة
الشهداء" و "تل العظم" تذكر كلها بالمعارك الرهيبة التي دارت في أثناء الحروب
الصليبية هناك .. »

وقد تكشف الحفائر في تلك الساحات عن آثار مطوية .

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات 471، 472. 
اضغط هنا لقراءة الجزء الثاني من نفس الموضوع من نفس الكتاب.

الاثنين، 6 يوليو 2020

الاعمال الابوانية ومدينة دمياط وأعمالها وتنيس وبحيرتها




الاعمال الابوانية ومدينة دمياط وأعمالها وتنيس وبحيرتها
ابوان وتونه سلوهه سمناوه بهرمس برمابه بشفا وبوره ومناها وشطا ودبقو وقيل دبيق
عبرتهم قديما خمسة آلاف دينار وهم الآن خراب داثر داخل البحيرة (وأما تنيس) فهي
مدينة قديمة وهي بكسر التاء المثناة من فوقها وكسر النون المشددة والياء المنقوطة باثنتين من
تحت والسين المهملة وسميت باسم تنيس بن حام بن نوح وقيل تنيس أخو دمياط وهي من
كورة الريف خرج منها جماعة من الفضلاء والعلماء والمحدثين والادباء وهي مدينة في جزيرة
في وسط بحيرة تعرف ببحيرة تنيس ولا زرع بها وهي الآن خراب داثر وتنيس مدينتان الاولى
والثانية فالاولى بنيت في زمن فيلمون بن اتريب وكان ينسج بها القماش الفاخر ومنها يسفر الى
سائر الارض ثم ان البحر غرقها فصارت بحيرة يصاد منها السمك وكان أوّلا بينها وبين البحر مدا
بعيدا وكان حولها الزروع والشجر والكروم والقرى ومعاصر الخمر وعمارتها لم يكن على
ضفة البحر أحسن منها وبنى فليمون في سطها مجالس وعمر عليها قباب وزينت بأحسن الزينة
وكان اذا جرى النيل انتقل اليها فأقام بها الى النوروز وكان له بها أمناء يقسمون المياه ويعطون
كل قرية قسطها وكان عليها وعلى قراها حصن يدور بقناطر وكان بعد ذلك كل ملك يأتي يأمر
بعمارتها ولزيادة فيها ويجعلها له منتزها وقال بعض العلماء أهل تنيس سادة المرابطين لانهم
في جزيرة محاصرين لا زرع ولا ضرع ويقال تنيس بعيدة الفتن قليلة المحن من كادها بسوء
عاد كيده في نحره قبل بلوغ ارادته وقال بعضهم أهل تنيس أطول أهل مصر أعمارا ويقال
أهل تنيس اذكا الناس صغارا وأوظبهم على فعل الخير كبارا وقال بعضهم تنيس حسرة
في قلوب الملوك وقال أبو خرزاد تنيس شجرة مثمرة بين شوك مؤلم وتنيس مخصوصة برقة الهواء
وقلة الغبار ونضارة وجوه أهلها وحسن زيهم ولطافة صناعتهم ويقال ان الجنتين التين
ذكرهما الله تعالى * العزيز في سورة الكهف كانا بها فلما افتخر عليه أخوه بكثرة المال والولد






أمر الله البحر فركبها وغرّقها جميعا وذلك وقد مضى لدقلطيانوس من ملكه مائتان وخمسون
سنة قبل أن يفتح المسلمون مصر بمائة عام وأما القرى التي كانت على الارتفاع من الارض
فبقيت منها تونه وسمناوه وهما اليوم كومان والماء محيط بهما وصاروا أهل هذه القرى وهم
عامرين ينقلون موتاهم الى تنيس واحدا فوق واحد وهي الآن هذه الاكوام الثلاثة التي تسمى
أبا الكرم قال العزيزي ومقدا بحيرة تنيس اقلاع يوم في نصف يوم وقال الحافظ جمال الدين
اليغموري وبتنيس ودمياط يعمل القماش الرفيع وان كانت شطا ودبيق ودميره وتونه
وما قاربهم من تلك الجزائر يعمل بها الرفيع من القماش وليس ذلك يقارب التنيسي والدمياطي
والشطوي وكان يحمل منها في كل سنة ما قيمته عشرون ألف دينارا الى ثلاثون ألف دينار تجهز
الى العراق فاستأصل ذلك الوزير أبو الفرج يعقوب بن كلس وزير العزيز بالله العلوي العبيدي
بالنوائب ومازالت تنيس الثانية عامرة الى أن خربها السلطان الملك الكامل محمد بن ابي بكر بن
أيوب في شوال سنة أربع وعشرين وستمائة خوفا أن يملكوها الفرنج وكانت هذه البحيرة اذا مدّ
النيل في الصيف عذب مائرها واذا جزر في الشتاء ملح لان تهب الرياح الشمالية في الخريق فيدخل
ماء البحر اليها فتملح وقراها مثل الجزائر في وسط الماء ولا طريق الى واحدة منهم الا بالسفن قال
صاحب كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق وكان بمدينة تنيس ودمياط* يتخذ رفيع الثياب
من الشرب والمقصبات والتنيسي والدبيقي الذي ليس في جميع الارض ما يدانيها في الحسن
والقيمة وبما بلغ الثوب الواحد من ثيابها اذا كان مذهبا ألف دينار ونحو ذلك وما لم يكن فيه
يساوي المائة دينار والمائتين ونحوها وأصولها من الكتان وبحيرتها قليلة العمق يسار فيها بالمعادي
وتلتقي السفينتان فتتجانب احداهما الاخرى هذه صاعدة وهذه نازلة بريح واحدة وكلاهما
مملوءة القلاع بالريح وسيرهما في السرعة سواء قال والفقهاء والفلاسفة مجمعون على أنّ هذه
البحيرة اذا عذبت كانت أطيب المياه غذاء وأصحها هواء وأمرعها اهضاما لان النيل نهاية مدّه
الى هذه البحيرة لان ماءه ينصب اليها وهي مالحة وتهب عليها الرياح العواصف أحيانا فتذهب
غثاءه وما يجري معه من السواحل والاراضي فيذهب ويبقى ماء هذه البحيرة صافيا في أرض نقية
سليمة من الشوائب فيملؤن منها صهاريجهم ويقضون منها مآربهم وحوائجهم ستة أشهر
ثم يغلب الماء المالح عليها فيسترفق بما قد دخر من الماء فتبارك باعث ذلك ومجريه (والبحيرة)
المعروفة ببحيرة دمياط وهي بحيرة بني شبل وهي المجاورة للبحر الملح وكانت مقطعة قديما بما مبلغه
ستمائة دينار وما بها الا ساحل البحر وهي الآن استولى عليها البحر المالح والسافي (الجزيرة
المجاورة) للبحر المالح وهي الآن قصب غاب






(مدينة دمياط وضواحيها)
دمياط مدينة كانت مسورة مبنية على ضفة البحر الشامي من الجهة الشرقية بنيت في زمن فليمون
ابن اتريب على اسم غلام كانت أمّه ساحرة لفيلمون ودراع النيل ينصب اليها من الدراع النازل الى
مدينة تنيس وقد ورد في فضل دمياط ما روي عن المقداد بن الاسود الكندري الصحابي رضي الله عنه
قال * سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قال قلنا يا رسول الله على من تسلم قال على من محضته الطهارة من المرابطين بدمياط قال قلنا
يا رسول الله ودمياط بلد له قدر قال اللهم ارزقهم بركة عن يمين وشمال هم في ذمة الله ما دامت
الدنيا ليس لهم عدوّ الا علج أو علجه قال قلنا يا رسول الله أيما الافضل الرباط بعسقلان
أو بالاسكندرية أو بدمياط فقال النبي صلى الله عليه وسلم بدمياط أتدري يا ابن عباس لم سميت
دمياط قلنا الله ورسوله أعلم قال لان ادريس عليه السلام لما نزلت عليه الصحف كان أوّل
ما أنزل الله فيها أنا الله ذو الجبروت أنا مدبر المدبرين بأمري وصنعي أجمع بين العذب والمالح
والثلج والنار كل ذلك بعلمي ليتم بذلك الدال والميم والطاء وقال أبو الحسن الكرخي هي بالسريانية
دمط ومعناه قدرتي وعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفتح لكم ثغر هو بلد
القدرة يسكن فيه الاوّلون من أمّتي رباط ليلة فيه خير من عبادة ألف شهر هو بلد القدرة
للمحتسب فيه نفسه قال أنس يا رسول الله وما بلد القدرة قال بلد الدال والميم والطاء وبهذا
الاسناد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ستفتح على أمّتي مصر الا فالزموا المدينة البيضاء
على شاطئ البحر تسمى دمياط المقبور فيها كالشهيد والراكب في بحرها كالمتشحط بدمه وقال
كعب الاحبار أهل تنيس ودمياط يعيشون سعداء ويموتون شهداء النائك فيها كالمتشحط في دمه
في سبيل الله والميت فيهما كالمقبور في السماء الاولى وعن حوشب قال خرج علينا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ودموعه تجري على لحيته فلت له نفديك* بالآباء والامهات ما بال دموعك
تتحدر على لحيتك قال ذكرت  اخوانا لنا في ثغر يعمر بعد خراب اسمه بالعربية دمياط وفي التوراة
البيضاء وفي الانجيل الخضراء وفي الزبور الهرمه أو الهرومه لها بابان مفتوحان حيال العرش
من سكنها من أمّتي يدين بديني وهو على ملتي غفر له ما سلف من ذنوبه والذي نفس محمد بيده
لينزعن اليها قوم في آخر الزمان من غير أشر ولا بطر يدخل في شفاعة أحدهم مثل ربيعة ومضر
والنيل أكثر ما يزيد بهذه البلدة ذراعان وأكثر ما ينقص كذلك وفتحها المسلمون في سنة احدى
وعشرين وقيل سنة اثنين وعشرين للهجرة واستمرت بأيديهم الى ان ملكوها الفرنج في سنة ثمان
وثلاثين ومائتين بعد ان نازلوها مدة وفتحوها في يوم عرفه وقتل بها خلق كثير من المسلمين وسبى





النساء والاطفال وأهل الذمة ونفر اليهم عنبسة بن اسحاق أمير مصر من قبل المنتصر في عشي
يوم النحر فلم يدركوهم فأمر المتوكل ببناء حصن دمياط فبدئ في بنائه في يوم الاثنين
لثلاث خلون من شهر رمضان سنة تسع وثلاثين ومائتين واستمرت في أيدي المسلمين الى ان
ملكوها الفرنج في شعبان سنة ست عشرة وستمائة بعد حصار كثير فأقامت معهم ثلاث سنين
فعمر الملك العادل المنصورة ونزلها وجاؤه اخوته المعظم عيسى والاشرف موسى بعساكرهما
فكانت وقعة عظيمة بين الكامل واخوته وبين الفرنج على البرلس فانكسروا الفرنج وانهزموا الى
دمياط وقتل منهم عشرة آلاف نفس وحاصروا دمياط الى ان ملكوها في سابع رجب سنة
ثمان عشرة وستمائة ثم أخذت دمياط وملكوها الفرنج في يوم الاحد ثالث عشري صفر سنة
سبع وأربعين وستمائة فأقامت معهم أحد عشر شهرا ثم ان المسلمين ملكوها في يوم الاربعاء
*مستهل المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة وفي سنة تسع وأربعين وستمائة أمر الملك المعز ايبك
التركماني الجاشنكير الصالحي بتخريب مدينة دمياط فخربت أسوارها ونقلوا أهلها الى مصر
ثم اقطعت للامير ركن الدين بيبرس البدري واستمرت في أيدي المسلميت الى الآن ولله الحمد فعمرها
البدري بالقرب من المدينة الاولى التي خربت وعمره بعده عمارة عظيمة وسكنها كثير من التجار
وغيرهم وهي اليوم بندر كبير للمسلمين وفي دمياط زها عن ثلثمائة بستان ومستنزهات وهي بلدة
عامرة فيها أسواق وفنادق وجوامع ومدارس وبها جماعة كبيرة من التجار أصحاب الاموال وفي
أيام السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري وَعَرَّ فم البحر بقرابيص رماهم فيه
لئلا تدخله مراكب الفرنج وبدمياط داخل الفم بالقرب من المدينة الآن بين البرجين وهو كان
برجين شاهقين في الهواء في وسط النيل وبينهما سلسلة حديد تقفل في كل ليلة ودمياط من
شرقيه والبحيرة من غربيه ويقابله سور المدينة القديمة فلما خرب السور بقي منه برج وعلى جنبتي
البرج الشاهق سلسلتان عظيمتان من حديد تمتدا احداهما الى سور دمياط والاخرى الى سور
البحيرة ولم يبقى الا أثر وخارج هذا البرج من جهة الغرب مسجد البرزخ وهو مسجد له منارة
اذا صعد الانسان اليها وهزها اهتزت وبه قبور جماعة من الشهداء وبشرقيها مسجد الشطا حدث
بكر بن اسماعيل يرفعه ان بين دمياط وشطا رملة كمثل الكافور من سعى اليها وركع فيها ركعتين
فكأنه ركع بين الجنة والكرسي فاحرصوا على المسير اليها فانها بقعة مباركة من بقاع الجنة ا ه
ومن ضواحي دمياط منية بوسليم ومنية غالي والساحل الغربي والبستان ببوره
والاراضي المجاورة له ومنية الشيوخ ومناصب العصفور بحطين وعين الرمان والطينه






والحمام والترعة بظاهر تنيس وتعرف بالجزيرة المنشيه والقصب الفارسي * المجاور لبحيرة
تنيس وضمان البحيرة بتنيس ودمياط يعمل غريب الثياب الدبيقيه وغيرها ما يقارب
التنيسيه ودراع النيل ينصب اليها وقد كانت كرسيا للجروي ملك الساحل وله ينسب الرطل
الجروي وهي معقل يمنع بحر النيل أن تلج منه شواني العدوّ الى الديار المصرية ولاتبرح به شواني
المسلمين للحراسة والطراز الدمياطي مشهور في الارض وكذلك الشرب الدبيقي والبقايير

الجزء الرابع
من كتاب الانتصار لواسطة عقد الأمصار

تأليف
العبد الفقير الى الله تعالى ابراهيم بن محمد بن ايدمر العلائي
الشهير بابن دقماق
عفا الله عنه ورحمه
آمين يارب العالمين

الطبعة الأولى
بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية
سنة 1309
هجرية

تحقيق برنارد موريتز (Bernhard Moritz)