رأس البر
يا مسرح الغزلان والخرد ومرسح الابيض والاسود
یا مجمع الحسن بانواعه ولست غير العلم المفرد
یا صاحب البحرين يا واقفًا بينهما كي ترجع المعتدي
من ثابت في حلمه هادئ وثائر من حمقه مزبد
ينبه اعجابًا على صنوه وخلة الاعجاب طبع الردي
ان رام أن يصعد من كبره لهذه الانجم لم يصعد
على اخيهِ حقده ظاهرٌ وكل صافي القلب لم يحقد
هاج يريد البطش غدرًا به وبات فيه ضارب الموعد
حتى اذا اومأت عن إمرة تصافحا بعد الرضا باليد
وضمَّ كلٌّ صَنوهُ ضمةً كضمة الاصيد للاصید
وبات کالهائم ذا صبوةً كصبوة الفرقد بالفرقد
ان جاد بالفضة هذا له فذاك قبلاً جاد بالعسجد
وان يهب اجسامنا قوَّة بملحه فالعذب يروي الصدي
یا حاكماً اصبح من عدله مساويَ السادة بالاعبد
ان السري ينعم في كوخه عن قصره من عيشك الارغد
لأَنت نادٍ لضروب الصفا كم مصدر فيه وكم مورد
لا يشغل المره بهِ شاغل وفي سوى الإيناس لم يسهد
ولبسة المنسوج من رقة فلم يكن غير الصبا يرتدي
يسير في ساحاته حافيًا كانه في رحب المسجد
وان يجيء ذاك الاصيل الذي يشرحنا من وقته الاسعد
اذن ترى الجنسين في مشهدٍ تجله في الشكل عن مشهد
فاغيدٌ يرنو إلى غادة وغادة ترنو إلى اغيد
ومنجد يصبو إلى متهم ومتهم يصبو إلي منجد
تروح هذي مع رفيقاتها وذاك مع اخدانه يغتدي
وتلك مع هذا جلوس وذا يسير مع تلك يدًا في يد
للشاطيء الاقرب هذا مشى وهذه للشاطيء الابعد
ان طلعت فالشمس من دلها غابتْ وفيها صفرة الحسّد
مرأَی یزید النفس من انسها وامس مثل اليوم مثل الغد
هذا نعيم العيش هذا المنى لو دام للناس ولم ينفد
كم ليلة بالانس قضيتها مع الاخلاَّ جافيَ المرقد
والنجم قد اوحى لاقمارنا بالبدر في غيبة تقتدي
يا نجم ان غابت بدور السما وتلك غابت من بهِ نهتدي
لعله راقك من حسنه مصيف رأس البر يا سيدي
فيه اذا هبَّ الهوا جيدًا تجيء انفاسك بالاجود
وان رجونا فيه من غبطة ففيك ما نرجوه من سؤدد
وان يضل المرء في قفره ففضلك يهديه الى المقصد
اردت فيه الوصف اذ ينتهي وما اردت الوصف اذ يبتدي
خوف ازدحام الخلق في رحبه ان يُثْلَ شعري فيه او ينشد
علي علي العزبي
صاحب مدرسة شمس الفتوح
( بدمياط )
المصدر: جريدة الهلال، جريدة الهلال، السنة الرابعة عشرة من أول أكتوبر سنة 1905 الى يوليو سنة 1906. (رابط).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق