قرية شطا |
۲ — شطا
تبعد قرية الشيخ شطا عن دمياط نحو خمسة كيلو مترات وتعد أحدى ضواحي المدينة
وكانت هذه القرية حتى أواخر العصر الفاطمي مدينة عامرة تشتهر بمنسوجاتها الشطوية ،
وقد تدهورت في عصور المماليك والترك حتى كادت تمحى من الوجود ولم تستطع بعد
أن تنهض من كبوتها ، و لعلها كما سلف القول لم تمح كلية كما محيت شقيقاتها تنیس و تونه و دبیق،
وغيرها من جزر المنزلة المشهورة لسبب واحد هو وجود ضريح الشيخ شطا ، الذي
ظل الناس منذ أن استشهد في الفتح العربي عام ٦٤٢ م يفدون من كل فج لزيارته ،
لا سيما في ليلة النصف من شعبان ... فكان هذا الموسم السنوي خاصة يجدد الحياة في
هذه القرية الملتفة حول شيخها ...
وقد تناقل أكثر المؤرخين خطأ شائعا هو أن أسم هذه البلدة منسوب إلى شطا
ابن الهاموك خال المقوقس وحاكم دمیاط في الفتح العربي ... ذكر ذلك عدد من كتاب
القرن التاسع والعاشر للميلاد وتبعهم المقريزي وغيره. ولكن المعروف أن مدينة شطا
كانت عامرة منذ العهد الروماني أو ما قبله . وكانت تسمى بالقبطية « ساتا » وكان أهلها
من القبط حتى القرن العاشر وما بعده ... وذكرها بعض المؤلفين الأغريق في کتب
مؤلفة قبل الفتح العربي لمصر ، وقالوا أنها كانت أسقفية من أبروشيات مصر . وورد
في المخطوطات القبطية القديمة أن أسقفية شطا كانت في أحدى العصور کرسي دمیاط
ثم اندمجت فيها . كما أنها كانت معروفة منذ العهد الأغريقي بدقة منسوجاتها .
والأرجح أن شطا خربت في القرن الثالث عشر مع أخواتها تنيس ( التي خربت
عام ۱۲۲۷ م ) ودمياط ( ۱۲٥۰ م ) وسائر مدن المنزلة . فأن ابن دقماق المتوفى عام
١٤٠٦ م يقول عن هذه المدن : « .. و تنیس و بحيرتها ، أبوان ، تونه ، سلوهة ،
سمناوه ، بهرمس ، برمابه ، بوره ، مناها ، شطا ، بشفا ، دبقو ( دبیق) عبرتها
قديماً خمسة آلاف دينار . وهي الآن خراب دائر داخل البحيرة » .
وكذلك يقول السيوطي ( ١٤٥٥ — ۱٥۰٥م ) في « حسن المحاضرة » :
« تنيس خریت ، وشطا خربت ، وبوره خربت ... وهذا كله كلام صاحب مباهج الفكر
في أقليم مصر وكوره » .
ولم يذكر المقريزي شيئا عن خرائب قرية شطا عندما زارها في النصف الأول
من القرن الخامس عشر ولم يهتم إلا بمسجدها والمناظر الطبيعية التي حوله ...
أما في العصور الحديثة فنجد اسم ناحية الشيخ شطا في قائمة نواحي وقرى
مديرية دمياط
وكان عدد سكان قرية شطا في أحصاء ۱۹۳۷ هو ١٠٤٤ نسمة ويبلغون اليوم
نحو الألفين . وكلهم مسلمون ، ويعيشون كأسرة واحدة متصاهرة . ويشتغل ثلثهم
بصيد الأسماك من البحيرة أو بالزراعة .
ويصف علي مبارك ذلك المكان بقوله : وبقعته مشهورة بطيب الهواء واعتداله
لذا يتردد إليها الناس دائماً لتغيير الهواء والتماس الصحة ، وهناك محلات تابعة
للجامع ، لنزول الواردين للزيارة ، ولتغيير الهواء .. » — ومن الميسور أن يقوم
هناك مصيف لطلاب الهدوء والرياضة والصيد ، كما كانت الحال منذ نصف قرن ،
لاسيما بعد تعبيد الطريق بين دمياط وشطا . .
ويتوقع البعض العثور على قليل أو كثير من الآثار القديمة ، وبقايا الحروب
الصليبية ، في أرض تلك القرية إذا ما قام العلماء بحفريات واسعة في تلك الناحية . . .
المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، صفحتي 494 و 495.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق