التقسيم الأداري
كانت مصر في العصور الفرعونية ، مقسمة إلى وجهين : بحري و قبلي ، كما هي
الحال الآن . وكان الوجه البحري مقسماً إلى عشرين مقاطعة ، والوجه القبلى إلى أثنتين
وعشرين . وكانت دمياط أحدى المدن التي تدخل في نطاق المقاطعة السابعة عشرة ،
إحدى مقاطعات الوجه البحري العشرين . و هي المقاطعة التي كانت تحوط بالجزء
الشمالي من فرع دمياط ، وتشمل أيضا شطراً من بحيرة المنزلة الحالية . وكان عاصمتها
بر آمون ( تل البلمون ) قرب شربين ...
ولما جاء البطالمة ، قسموا مصر إلى ثلاثة أقسام كبرى ، هي : الوجه البحري وبه
٣٣ قسماً أداريا ، ومصر الوسطى وبها سبعة أقسام ، ومصر العليا وبها أربعة
عشر قسماً ...
وأبقى الرومان على الأقاليم الثلاثة الكبرى ، ولكنهم قسموا الوجه البحري إلى
۱۲ قسما أداريا ، وقسموا مصر الوسطى إلى ستة أقسام ، ومصر العليا إلى ثمانية ..
وفي عصر الدولة البيزنطية ( الرومانية الشرقية ) ، قسمت مصر إلى ستة أقاليم
کبری ، منها أثنان بالوجه البحري ، وأربعة بالوجه القبلي ... أما قسما الوجه البحري
فكان يطلق على أحدهما اسم « أوغستامنيك » ، ويتكون من أبروشيتين بهما ۱۳
قسماً ، ويطلق على الثاني أسم « أقليم مصر » ويتكون أيضا من أبروشيتين بهما
عشرون قسماً .
وكانت تامیاتس قسماً ( أو مديرية ) في أحدى أبروشيتي أقليم أوغستامنيك .
وتشمل مساحة من مديرية الدقهلية الحالية ، وشطراً من بحيرة المنزلة . وكانت عاصمتها
مدينة تامياتس ...
فلما استولى العرب على مصر في القرن السابع الميلادي ، أطلقوا على الوجه
البحري أسم « أسفل الأرض » وعلى الوجه القبلي : « الصعيد » وسموا أقليم
أوغستامنيك « الحوف » ، وأقليم مصر « الريف » . وجعلوا الحوف ١٤ كورة
( وهي لفظة يونانية « خورا » بمعنى مقاطعة ) ، والريف أحدى وثلاثين كورة . فكان
بالوجه البحرى ٤٥ كورة .
وكانت كورة دمياط ، بين كور الحوف ، وحاضرتها مدينة دمياط . وتشمل
مثلثاً شماليا ، يشطره فرع دمياط ، ويحده البحر المتوسط شمالا ، وتشغل مساحة من
أراضي الدقهلية والغربية الحاليتين ، وتتبعها عشرات القرى والبلدان ، ومنها شطا وبوره
والبستان ...
وكان يقع جنوبي كورة دمياط ، كورة دقهلة وحاضرتها دقهله ، وكورة البجوم
وحاضراتها البجوم ، كما كان يقع شرقيها كورة تنيس وحاضرتها مدينة تنيس ببحيرة
المنزلة ...
وفي القرن التاسع الميلادي ، قسم العرب الوجه البحري إلى أربعة أقالیم کبری
وهي : الحوف الشرقي ، والغربي ، والريف ، وبطن الريف . وظلت دمياط كورة
من بطن الريف ... وكانت مصر كلها ثمانين كورة .
وفي أواخر حكم المستنصر الفاطمي ، في النصف الثاني من القرن الحادي عشر ،
قسمت مصر إلى ۲۲ كورة كبيرة ، منها ۱۳ بالوجه البحري ، وبينها كورة دمياط
وعاصمتها ثغر دمياط .
ولما تسلطن حسام الدين لاشين عام ۱۲۹۷ م رأى في العام التالي من حكمه ، أن
يروك البلاد المصرية . وسمي عمله هذا « الروك الحسامي » .
ويقصد بالروك (من الفعل راك ) مسح الأراضي الزراعية وتثمينها ، وتقدير
خراجها ، وذلك بعد تقسيم البلاد إلى کور ، لكل منها مركز أو عاصمة ، وكان الغرض
من هذا العمل ، توزيع الاقطاعات على الأمراء وجنود المماليك ... « وأفرد لخاص
السلطان الأعمال الجيزية ، والأطفحية ، والأسكندرية، ودمياط، ومنفلوط
و کفورها » .
وفي عام ۱۳۱٥ م أصدر السلطان الناصر محمد بن قلاوون مرسوما بفك زمام
البلاد المصرية ، ويسمى هذا المرسوم « الروك الناصري » ، وأن تسمى الكورة
« عملا » مع تعديل التقسيم الأداري وجعل « الأعمال »۲۱ عملاً بدلاً من ۲٤ كورة .
وكان بالوجه البحري ۱۲ عملاً ( مديرية ) منها ثلاثة أعمال جديدة ، وهي القليوبية
والبحيرة وضواحي الأسكندرية . . وضمت مديريتا الدقهلية والمرتاحية معاً ،
وأطلق على الأبوانية أسم « ضواحي کفر دمياط » . .
وفي عهد السلطان الأشرف شعبان ( ۱۳۷٥ م ) قسم الوجه البحري إلى أحد
عشر عملا ، وتضاعفت مساحة أقليم دمياط وشمل ١٤ بلداً من مديريتي الدقهلية
والغربية الحاليتين .
وفي القرن الخامس عشر كانت الأقسام الأدارية ، من الدولة المملوكية ، إما
ولايات أو نيابات ، والنيابة أعلى مرتبة من الولاية , ويتولاها نائب عن السلطان .
وكانت الولاية يتولاها وال أمير عشرة أي من صغار أمراء الدولة ، بينما يتولى
النيابة أحد الأمراء المقدمين أو أمراء المئات ، وهم أكبر الأمراء رتبة . . وكانت
دمياط في العصرين الأيوبي والمملوكي الأول ، ولاية من ولايات الوجه البحري ،
ثم ارتفعت من ولاية إلى نيابة . ولم يكن بمصر نيابات غير نيابة الاسكندرية ، فقد
كانت كدمياط ولاية ثم جعلت نيابة في عهد الاشرف شعبان .
ونرى في تاريخ ابن أياس ذکر لكثير من النواب الذين حكموا دمياط في
القرن الخامس عشر وأوائل السادس عشر .
وفي أوائل الحكم العثماني ( الذي بدأ عام ۱٥۱۷ م ) فك زمام البلاد المصرية ،
وهو الذي عرفت فيه دفاتر المساحة باسم « الترابيع » . وغيرت كلمة « أعمال » القديمة
باسم « ولاية » وقسمت مصر إلى ۱۳ ولاية منها ست بالوجه القبلي ، وسبع بالوجه
البحري ( وهي القليوبية والشرقية والدقهلية والغربية والمنوفية والبحيرة والجيزة )
وهذا خلاف ست محافظات وهي : الاسكندرية ودمياط ورشيد والسويس والعريش
والقصير . أما القاهرة فكانت تحت أدارة موظف بعد الوالي ویسمی « شيخ البلد »
وكان برأس كل ولاية « كاشف » وكل محافظة « محافظ » . .
وفي عهد المماليك في القرن الثامن عشر ، جعلوا مصر ١٥ أقليما : منها تسعة في
الوجه البحرى وثلاثة في كل من مصر الوسطى ومصر العليا . وكانت مديريات الوجه
البحري هي : الشرقية ، الغربية، دمياط ، المنصورة، رشيد ، البحيرة ، منوف ،
قليوب ، الجيزه .
وجاءت الحملة الفرنسية ( ۱۷۹۸ — ۱۸۰۱ ) فجعلت الأقسام الادارية بالوجه
البحري ثمانية وهي . دمیاط وعاصمتها دمياط ، المنصوره ( المنصورة ) ، الشرقية
( بلبيس ) ، القليوبية ( قليوب ) ، المنوفية ( منوف ) العربية ( المحله الكبرى )
رشيد ( رشيد ) ، البحيره ( دمنهور ) .
وكان السبب في نقص عدد الأقاليم ( المديريات ) هو تناقص عدد سكان مصر ،
فقد أصبح عند قدوم الحملة نحو مليونين ونصف مليون بعد أن كان في عصر السلطان
الأشرف شعبان عام ۱۳۷٥م ۱۳ مليونا ( في ۱۱ أقليما ) لترتب على ذلك أن المنطقة
المجاورة لساحل البحر الأبيض أمست خالية من العمران ، بسبب ما طرأ عليها من
ضعف التربة وقلة الخصب ، فرحل أهلها عنها إلى الأقاليم الجنوبية الخصيبة ، فهذه
الحالة سوغت للأدارة الفرنسية ألغاء أقليم نستراوه الممتد على ساحل البحر المتوسط
وأضافة الجزء الغربي منه إلى أقليم رشيد ، والشرقي منه إلى الغربية . و كذلك
أضافت الجزء الشمالي الشرقي من أقليم الغربية والشمالي الغربي من أقليم الدقهلية
والمرتاحية إلى أقليم دمياط .
أما أقليم ( مديرية ) دمياط في عهد الحملة ، فكان مثلثاً كبيراً يشمل ضفتي فرع
دمياط من البحر شمالا، إلى قرب جديلة شمالي المنصورة ، و يمتد في مديرية الغربية إلى
بسنديله الحالي .
وكان أقليم دمياط يضم مدن بلقاس و نبروه ودرین وطيره وغيرهما من مراكز
طلخا الحالي . أما إلى الشرق فكان يمتد إلى معظم بحيرة المنزلة وما بها من عشرات
الجزر ، وشطر من ساحل المنزلة الجنوبي .
وكانت مديرية المنصورة تقع جنوبي « مديرية » دمياط .
وقد وضع علماء الحملة عدة خرائط للوجه البحري ومديرياته ، وبها حدود
مديرية دمياط . كما وضعوا قائمة مفضلة ، بها جميع بلاد هذه المديريه وقراها وعزبها
ودساكرها ، مقسمة إلى نواحي دمياط ، والمنزلة ، وفارسكور، والمطريه ، في أكثر
من ثلثمائة أسم . . ( نشرت بكتاب « وصف مصر » ، الجزء ۱۸ ) .
وذكروا من نواحي دمياط الأسماء الآتية : دمیاط ، السنانية ، الأنجلف،
الشيخ موسى ، الریه ، جزيرة المدورة ، عزبة اللحم ، البحبح، عزبة طواله ، المليه،
البرية ، جزيرة طويل ، اليهودية ، أولاد الحل ، عزبة البرج . طرفه ، شمیت ، برج
البوغاز ، الزلع ، بوغاز دمياط ، برج البغافة ، الرفة ، كوم رماده ، القرع ، جزيرة
تونه ، تونه ، الرسان .. » .
ولما تولى محمد علي ( ۱۸۰٥ — ۱۸٤۸ ) ، أمر بتقسيم الولايات السابقة
إلى أخطاط ، يشمل كل خط منها عدداً من القرى . ووضع على كل خط موظفاً
يسمى « حاكم الخط » . وللأشراف على أعمال حكام الخط ومشايخ البلاد ، قسم بعض
الولايات إلى مراكز، على كل مرکز موظف بأسم « ناظر قسم » (أي مأمور مركز)
وفي عام ١٨١٦ أبطل أسم «ولاية» وسميت « مأمورية » ، و قسمت مصر الى ٢٤
مأمورية منها ١٤ بالوجه البحري و ۱۰ بالوجه القبلي . وقسمت كل مأمورية إلى
قسمين أو أكثر بحسب اتساعها . ویلي كل مأموریه موظف بأسم « مأمور »
ويرأس القسم « ناظر قسم » .
وفي عام ۱۸۳۳ تغيرت كلمة «مأمورية » بأسم « مدير لكلية » — مديرية —
وجعلت المديريات سبع ، يرأس كل منها مدير . ثم قسمت هذه « المدير لكليات »
إلى « مقاطعات » ، وهذه إلى مراكز ، يحتوي كل مرکز منها على عدد من
القرى . . فكان في الوجه البحري أربع مديريات كبيرة ، و بالوجه القبلي ثلاث
كما يلي :
ا — المدير لكية الأولى، وتألف من المقاطعات (أو المديريات الصغيرة) —
البحيرة ، وثغر الإسكندرية ، والجيزة .
ب — والثانية و تتألف من : مقاطعة منوف ، والغربية — والأخيرة تشمل
مقاطعات دمياط وشربين ، و نبروه، والمحلة الكبرى ، والشباسات ، والجعفرية
وطنطا ، وزفتى ، وفوه .
ج — والثالثة — وتشمل أقليم المنصورة .
د — والرابعة — وتتألف من الشرقية ، وأطفيح .
وبذلك أصبحت دمياط مقاطعة على شكل مرکز ، ويتبعها بعض القرى
والشطوط، من الشعرا إلى مصب النيل ، وتشمل أيضاً جزر بحيرة المنزلة .
ولكن نظراً لأهمية مدينة دمياط وبعض الثغور الأخرى ، فقد جعلها محمد علي
بعد ذلك محافظات وهي : الأسكندرية ، ودمياط ، ورشيد، والسويس، والقاهرة .
ولهذا يقول كلوت بك: « لا يعد ثغرا دمياط ورشيد وكذلك مدينة القاهرة ،
من البلدان الداخلة في اختصاص المديرين ، فأن أدارة هذه المدن الثلاث موکولة إلى
حکام خصوصيين » . .
وأنشئ في عهد اسماعیل ۱۷ مرکز آ جديداً فبلغ عدد الأقسام حتى آخر حكمه ،
٦٤ قسماً فيها ۳٦٦۷ قرية ، وفي عام ۱۸۷۱ أطلقت كلمة « مرکز » على « قسم »
وأسم « مأمور » بدلا من « ناظر قسم » و « معاون أدارة » بدلا من « حاکم
خط » . وقسم الأقليم المصري إلى أربع عشرة مديرية و ثماني محافظات ، ( وهذه
المحافظات هي : القاهرة والإسكندرية ودمياط ورشيد والعريش وبورسعيد
والسويس وسواكن ) وفي مدة حكم اسماعيل الذي ظل ستة عشر عاماً، تولى على
دمياط ۲۱ محافظاً ! . وكان اسماعيل في أوائل حكمه عام ۱۸٦۳ قد ألحق شطوط
دمياط بمديرية الدقهلية ، كما ألحق طوابيها بنظارة الحربية التي تعين لها مأمورین
منها ، والمطرية والجمرك بنظارة المالية . .
وظلت دمياط محافظة منذ عام ۱۸۱۰ عليها محافظ مختص بأدارتها ، ولكن
حدث عام ۱۹۰٦ أن صدر قرار من نظارة الداخلية بألغاء محافظة دمياط ، وألغاء
مرکز فارسكور ، وجعلهما مركزاً واحداً بأسم مرکز دمياط . وعاصمة مدينة دمياط .
غير أن هذا التعديل لم يدم طويلا ، إذ ثار الناس في دمياط وقام وفد يمثل المدينة .
فاتصل بالمسئولين في العاصمة ، وفي الأثر صدر قرار آخر سنة ۱۹۰۹ وأعادة كل
من محافظة دمياط ، و مرکز فارسكور إلى حالته الأولى ، على أن تكون مدينة
فارسكور قاعدة لمركز فارسكور كما كانت ، اعتبارا من أول يناير ۱۹۱۰ للمحافظة
والمركز .
وفي عام ۱۹٤٦ تألفت بوزارة الداخلية لجنة لأعادة النظر في التقسيم الأداري
والجغرافي لمصر ، وكانت محافظة دمياط تتكون من مدينة دمياط وأقسامها الأربعة ،
وتعدادها ٤٠٫٣٣٢ نسمة . فاقترحت اللجنة أنشاء مديرية في شمال شرقي الدلتا
بأسم « مديرية دمياط » على أن تكون من ثلاثة مراكر وهي : مركز دمياط
وقاعدته مدينة دمياط ، ويتكون من ۲۳ بلداً بما فيها مدينة دمياط، وسكانه
۸۷۲ ,۱۳٥ نسمة ، و مرکز فارسكور ويتكون من ٢٦ بلداً وسكانه ٤٣٧ ,٤١
ومركز المنزلة من ٤١ بلدة وسكانه ٤٢١,۱۰٥ . .
ولكن لم ينفذ هذا المشروع ، ثم أثير ثانية في يناير ۱۹٥۰ وكان نائب دمياط
يومذاك حامد العلايلي يسعى بأسم الدمياطيين لتحقيقه ، على أن تتكون مديرية
دمياط من خمسة مراكز وهي فارسكور والمنزلة ( من الدقهلية ) ، وشر بین وبلقاس
( من الغربية ) ثم مركز دمياط . .
وفي مايو ۱۹٥۰ سافر وفد مكون من مائة وخمسين شخصاً من كبار الدمياطيين ،
وقابلوا وزير الداخلية لهذا الغرض . واقترحوا أيضاً أن يتكون مركز جديد من
الشطوط التابعة لمركز فارسكور ودمياط فتكون مركزاً خاصا يطلق عليه مرکز
دمياط، حتى يخف الضغط عن مرکز فارسكور وبندر دمیاط فيضم المركز الجديد ،
بلاد : البستان ، والعدلية ، والعنانية ، والبصارطة ، والشعرا ، ومحب ، والسيالة ،
والمنية ، والشيخ شطا ، وغيط النصارى ، وشطي جريبة والملح ، وعزب الخياطة ،
واللحم ، وضرغام ، وكفر حمیدو ، وعزبة البرج، والسنانية . . ولم ينفذ المشروع
أيضاً . .
وأخيرآ دخلت دمياط في عداد المديريات عام ۱۹٥٤، وضم إليها مركز
فارسكور من مديرية الدقهلية ، واقتطع جزء من مديرية الغربية وأطلق عليه أسم
« مركز كفر سعد » .
ويبلغ زمام مديرية دمياط ۷۲۳ ,١٤١ فداناً . منها ٠٠٠,۸٥ فدان منزرعاً،
والباقي يتبع مصلحة الأملاك والأموال المقررة وتبلغ مساحته حوالي ٤٩٫٠٠٠
فدان ، بعضها أعد للزراعة وبعضها مستصلح ، ويدخل فيها معظم أراضي کفر سعد ،
هذا فضلا عن ۱۳۲۷ فداناً من الأراضي البور غير المنزرعة .
وتزرع مديرية دمياط أكثر من ثلاثين ألف فدان أرزاً . .
ويسكن مديرية دمياط اليوم ٣٣٣٫٨٠٠ نسمة ، منهم ۱۰۰ ,۷۱ في عاصمة
المديرية ( مدينة دمياط ) . . فهي بذلك أقل مديريات مصر سكاناً ، كما أنها أصغرها
مساحة، وأحدثها عهداً ..
وكان المفروض عند أنشاء مديرية دمياط ، أن يضم إليها مركز المنزلة ، غير
أنه رؤي أرجاء ذلك إلى ما بعد الانتهاء من الطريق الذي يربط بين دمياط ومركز
المنزلة . . « وقد رأت وزارة التربية والتعليم عند أنشاء المنطقة التعليمية في دمياط ،
أن الوضع الطبيعي يقضي بأن تكون المنزلة والجمالية والمطرية تابعة لدمياط ،
غير أن المجلس الأقليمي رأى أن تمشي وزارة التربية مع التقسيم الأداري الحالي ،
ففصل هذه المناطق تعليمياً عن دمياط دون أن يقدر أن هذا الوضع موقوت .
وكان الوضع الطبيعي يقضي باستمرار ضم هذه المناطق الدمياط حتى يتم الضم الأداري
كذلك » . .
وأكبر المركزين التابعين لمديرية دمياط هو مرکز فارسكور . و به حوالي
١٦٥٫٠٠٠ نسمة . وكان إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية ، مركزاً تجارياً هاماً
للغلال التي تأتيه من الصعيد . غير أن هذه التجارة كسدت الآن وأصبحت مقصورة
على تجارة الأرز . وتتوقع فارسكور اليوم كثيراً من الأصلاحات التي لم تعن بها
العهود السالفة — مثل أنشاء المجاري ، ورصف الشوارع ، والإنارة الكهربية ،
وتخفيض ثمن الماء ، وتسهيل المواصلات ، وبناء كوبري يصلها بمركز كفر سعد ،
وأنشاء قناطر أسوة بقناطر أدفينا، بدلا من أقامة السد الترابي الذي يكلف الدولة
سنوياً ثلاثين ألفاً من الجنيهات . وتشييد مدرسة صناعية أعدادية . .
أما مركز كفر سعد فقد تكون بتجميع بعض العرب والكفور مع
الأقطاعيات الزراعية القائمة في تفتيش مصلحة الأملاك التي وزعت على خريجي
المعاهد الزراعية . وأهم قرى هذا المركز هي : كفر البطيخ ، وكفر سلیمان ،
والسنانية ، وكفور الغاب ، وکفور المرابعين ، وكفر التبن ، وكفر شحاته ،
وكفر سعد البلد ، والركايبه .. ويتبع كفر سعد ، مصيف جمسة ويبعد ۱۲ کیلومتراً
عن كفر سعد . .
ويتوقع مركز كفر سعد بعد أن ضم إلى مديرية دمياط الكثير من الإصلاحات
التي فاتته. ومنها أنشاء الكوبري الذي يصل بينه و بين مرکز فارسكور ، وبناء
مستشفى ، ووحدة صحية ، ومحكمة ، ومكاتب التموين والشهر العقاري والهندسة
والزراعة . ثم عدد من المدارس، إذ لا يوجد به اليوم غير مدرسة أعدادية واحدة،
وبعض المدارس الأبتدائية .
هذه هي مديرية دمياط الجديدة التي ولدت عام ١٩٥٤ ، أقل مديريات الأقليم
المصري مساحة وسكانا ، لا تملك من مقومات المديرية سوى جهاز أداري صغير .
يشتمل على ثلاثة مراكز فقط ، في حين يتكون غيرها من تسعة مراكز . .
والأمل معقود على أعادة بحث التقسيم الأداري ، وضم مركزي المطرية وشربين
لمديرية دمياط . . والمستقبل كفيل بجعل هذه المديرية الناشئة الجديدة، مديرية
نموذجية في شتى مرافقها الحيوية . .
فلقد رسم الطريق إلى الأنشاء ، وأطلقت القوي إلى الانتاج ، وبدأ الزحف
المقدس لأعادة التخطيط ، وراح الشعب يعمل من أجل تطوير حياته . . ولهذا
فلسوف يشهد هذا الجيل الجديد من هذه المديرية الحديثة ، العريقة ، بعثا في الصناعة
والتجارة والزراعة ، يفوق ما كانت عليه في أيامها المجيدة السالفة . .
المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 384 حتى 392.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق