الاثنين، 7 سبتمبر 2020

ويكبيديا مصري

الخاطرة أظن نشرت لأول مرة عام 2010؟! لا أتذكر تحديدا، إعادة نشر مع حذف معظم الروابط بها ماعدا رابط واحد في أول المقال، وهي منشورة بدون تصحيح لغوي أو مراجعة.








واحدة من تلك اللحظات التى تنتقل فيها من رابط لآخر لتجد نفسك فى مكان آخر غير اللذى كنت به,و لتجد أن ما انتويت القيام به قد تلاشى من ذهنك, واستسلمت لواقع اللحظة, فتتابع عيناك المناقشات و المناوشات, و يبدأ ذهنك من جديد بالإمتلاء بكثير من الأفكار, و بعد هل لا يزال هناك مكان لخاطرة جديدة؟ أم هل تتذكر مبتدأك؟ استسلم للحظة و عشها و تمتع بما فيها لعلها نافذة جديدة فى حائط ظل صامتا لزمن و انفتح لبرهة, فهل نقتنص اللحظة, أم تضيع الفرصة؟

فكرة إنشاء ويكبيديا بالعامية المصرية (يطلقون عليها العربية المصرية, رغم أن العربية كمصطلح للغة يستلزم كونها فصحى (أي تبين المعني و توضحه دون الحاجة للزيادة أو الشرح) والصاق المصرية فى هذا السياق بها ينفى عنها تلك الصفة (الارتباط بين كلمتي فصحى و عربية في معظم القواميس القديمة لا يحتاج الى إيضاح), فكيف يجتمع الضدان فى مصطلح ليصفا الشئ نفسه؟

(فالمصرية هنا تعني بالضرورة و حسب تعريفها اللغة المصرية الحديثة عند القائلين بكونها لغة قائمة بذاتها و اللهجة المصرية عند القائلين بكونها لغة و العامية المصرية عند معظم المعارضين لإستخدام العامية بدلا من الفصحى)) وهى فكرة تبدو جيدة, اللغة العامية بالفعل منتشرة و منطوقة بكثرة غالبة فى مصر و حتى مسألة اختيار أى اللهجات المحلية لتمثيل اللغة العربية المصرية (أو بالأصح العامية المصرية) لا تبدو معضلة كبرى, فاللهجة القاهرية منتشرة فى كل البيوت بفعل السيل المرئى و الإذاعى, و يمكن استخدام اللهجة القاهرية لهذا الغرض, ولهذا لا اعتراض لدى على وجود ويكبيديا أخرى بالعامية المصرية, ففى النهاية هى لغة محكية متواجدة و توجد بها نسبة عالية (كل اللغات تتلاقح و بها مصطلحات من لغات أخرى هذا لو افترضنا أن العامية المصرية نشأت كلغة حقيقة!) من العربية الفصحى, و بالتأكيد سيكون لها روادها و المشاركين بها, و لا أظن أن الدافع الوحيد وراء انشاءها سياسى أو ايدلوجى, فحتى لو كان ما المشكلة؟

ولا أرى حقيقة أى خطر منها على اللغة العربية, فالعامية تستمد هويتها و بناؤها و تراكيبها من العربية الفصحى, ووجودها ذاته كلغة لا معنى له إلا بوجود اللغة العربية. لكن كيف ستعالج تلك الويكيبيديا الجديدة مشكلة المصطلحات؟ كيف ستتعامل معها؟ هل نرى الكثير من المصطلحات الانجليزية بحروف عربية (للمفارقة بحروف عربية فى موسوعة مكتوبة للعامية), أتصور أن بعض المقالات السياسية و النقدية و الأدبية و التاريخية ستتحول قراءتها الى نوع من العذاب و أنت تقرأ كمية المصطلحات الموجودة و قد كتبت بحروف عربية, لحظتها اظن أن ترجمة العلوم لا معنى لها لو لم تستطع تلك الموسوعة أن تنشئ مجموعة مصطلحات مفهومة يتفاعل معها القارئ ياللغة العامية و لا يجد صعوبة فى فهمها. 

تخيل مثلا الجملة التالية: "الثعلب الأحمر حيوان لبون ينتمي إلى رتبة آكلات اللحوم وفصيلة الكلبيّات، وهو يعرف أيضا بمجرّد الثعلب بما أنه أكثر فصائل الثعالب شيوعا" (من مقالة الثعلب الأحمر) لو ترجمت للعامية المصرية ستكون: "التعلب لاحمر حيوان بيلبن من فصيلة الكلاب و اللى بيكلو اللحم، و اسمه الشايع التعلب لأنه أكتر واحد مشهور فى جنس التعالب" أولا لا فارق كبير فى عدد الكلمات, فحتى لو تحججنا بالاختصار, فالفارق ضئيل, ثانيا تقريبا نصف الكلمات من اللغة العربية الفصحى السليمة, ثالثا بعض الكلمات قد تقبل كلغة عربية سليمة لأن التغيير فيها لم يتجاوز الحرف الواحد و هو مما قد يتجاوز عنه كالتعلب بدلا من الثعلب, و أكتر بدلا من أكثر,و الشايع بدلا من الشائع رابعا الجملة صعبة الفهم بدون التشكيل ف بعض المواضع, ككلمة لاحمر؟ و كلمة بيكلو؟ فتجد من سيقرأ لاحمر ب لا كحرف نفى و حمر ككلمة أخرى, فتصبح التعلب لا حمر, و ستجد من يقرأ بيكلو ك بيك لو أو بي كلو ...الخ. المثال الوارد هنا مثال بسيط, و ربما هناك من يستطيع أن يجد حلولا جذرية لتلك المشكلة و يكتب اللغة العامية بصورة مفهومة و يتغلب على مشكلة المصطلحات و الترجمات الخ, لكن ماذا عن مصادر الموسوعة باللغة العامية؟

واعنى هنا هل هناك ثقافة مكتوبة باللغة العامية كافية لتغطية مواضيع الموسوعة؟على حد علمى أقدم الكتابات باللغة العامية العربية عامة قد ترجع لنهايات العصر الاسلامى بالأندلس (بالحقيقة نسيت اسم الشاعر أو الأديب) ربما اكون مخطئا, لكن حتى لو طالعت تلك العامية القديمة ستجد أنها أفضل بمراحل كثيرة مما يسمى الآن بعامية المثقفين أو الفصحى الدارجة, حتى كتابات الجبرتى و التى ربما تعتبر لحد ما كتابات من عهود ليست بالسحيقة, توجد بها بعض ألفاظ عامية (أو دارجة), لكن حتى كتاباته ككل مفهومة لقارئ العربية الفصحى و مقبولة, فمن أين ستستمد اذن الموسوعة الجديدة مصادرها, خصوصا لتغطية أحداث تاريخية عربية أو مصرية خالصة كمثال بسيط؟ 

ماذا عن قواعد الكتابة ذاتها؟ جملة الثعلب الأحمر قد تكتب بأشكال كثيرة. كالتعلب الأحمر أو التعلب الاحمر أو الثعلب الأحمر أو التعلب لاحمر أو التعلب لحمر ...الخ هل هناك قواعد صرفية و لغوية لتضبط المكتوب مع المنطوق باحكام؟ بالنهاية, رأيى كما قلته من قبل ببداية الموضوع, لا أرى مايمنع وجود نسخة بالعامية المصرية و لا أرى مانع ايضا لوجود نسخ اخرى بعاميات مختلفة كالمغربية و التونسية و الجزائرية و الخليجية باختلاف اللهجات و حتى باللهجات المحكية الإقليمية داخل كل قطر, فهى فى النهاية جزء من لغة عربية كبيرة, تستمد منها أشياء كثيرة أساسية لوجودها و بالتالى لا أراها خطرا على اللغة العربية الفصحى ذاتها, و كيف تكون خطرا و هى لا معنى لها بدون الحروف العربية؟

وأتفهم حقيقة ردود أفعال الغيورين على اللغة و ربما حماستهم و تخوفهم من الأمر, لكن دعونا نلبس كل أمر ثوبه, و نرى كل أمر بحجمه الحقيقى, دون تهويل أو تضخيم.

(جملة وجدتها فعلا مضحكة فى الصفحة "الاعلان العالمي لحأوأ الانسان المادة الاولانية إلبني أدمين كلهم مولودين حرين و متساويين ف-الكرامة و الحأوأ. إتوهبلهم العأل و الضمير. و المفروض يعاملو بعض بروح الاخوة", بالجملة 15 كلمة فصحى من أصل 22 كلمة تقريبا أكثر من نصف الجملة (69%) باللغة العربية الفصحى السليمة) للتخلص من تلك المشكلة توجد نسخة أقوى من هذه تعتمد على تشويه الكلمة تماما لابعادها عن الأصل الفصيح, "الأعلان العالامي ل حأوأ الأنسان المادة الأوالانية البني أمين كول هم ماولودين حورين و ميتساويين ف الكارامة و الحأوأ. إتواهاب ل هم العاأل و الضامير و المافروض يعاملو باعض ب روح الأخاوية" هذه المرة توجد فقط خمس كلمات عربية فصيحة, لكن الناتج الإجمالى للجملة تشويه شكل الكلمات, فلا أدرى كلمة كالعاأل تقرأ العأل أم العا أل و كلمة باعض تقرأ بعض أم ب أعض, لاحظ استخدامه الأخاوية بدلا من الأخوية و التى كانت ستدرجها فى الفصحى و الأمثلة كثيرة فى تلك الجملة و لا داعى للتكرار لكل كلمة.

خاطرة: ما الداعى أصلا لإستخدام الحروف العربية فى كتابة الويكبيديا المصرية؟ لم لا تستخدم الحروف الانجليزية أو حتى حروف أى لغة أخرى؟ لكن هل لحظتها سيكون للعامية ذاتها معنى؟ و لو حدث هذا؟ أى ميزة اكتسبتها العامية؟ و أى اضافة حقيقة ستقدمها؟ لا أعرف حقيقة, مجرد خاطر عابر. 

خاطرة ملحقة بالخاطرة الأولى: و ما الداعى أصلا لإجهاد النفس فى كتابة مقالات الويكبيديا المصرية؟ لم لا تبنى على مقالات الويكبيديا العربية و بكتابة برنامج بسيط لإستبدال بعض الكلمات بمثيلتها من الدارجة و انتهى الأمر ؟!. 

ملحوظة على شكل تساؤل :: من قراءتى السريعة للموقع و المناقشات, لاحظت أن أصحاب الدعوة و الناشطين من أجلها مسيحيون مصريون, و أتساءل لم لا يتم إنشاء و يكبيديا أيضا باللغة القبطية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق