الاثنين، 20 ديسمبر 2021

المِنْشاة من القاموس الجغرافي لمحمد رمزي

المنشأة من قاموس جوتييه الجزء الثالث ص 105
المنشأة من قاموس جوتييه الجزء الثالث ص 105 (رابط)



المِنْشاة

هي من أقدم المدن المصرية ، وردت في قاموس جوتييه ، وذكر لها عدّة أسماء منها الإسم 
المقدّس ، وقد كتبه في مواضع هكذا : Nchi و Nchit و Nechit ، قال : ومنه اشتق 
العرب إسمها الحالي وهو المنشاة ، ومن أسمائها المقدسة Per Sebek ، أي محل عبادة التمساح ، 
ولهذا سماها الرومان Crocodilopolis ، ولها إسم رومی آخر وهو Syis ، وفي عهد البطالسة سميت 
Ptolémais Hermiou ، وجعلوها قاعدة قسم طيبة ، بعد أن كانت من توابع قسم الطينة 
( البربا بمركز برجا ) في عهد الفراعنة ، وقال : إن اسمها المصرى المدني Psoï ، ومنه سماها 
الروم Bossochis ، وسماها القبط Bsoy أو Bchoy .

وقد ذكر الأستاذ جوتييه أن إسم المنشأة هذه، مشتق من اسمها المصري الديني القديم، وهو 
Nechit ، و إني لا أوافق على هذا الاستنتاج ، الذي بناه طبعا — على مجرّد وجود بعض حروف 
مشتركة ، في اسمي نشيت والمنشأة .

وأقول : إن هذا الرأي بعيد عن الصواب، لأن إسم نشيت الديني قد اختفى من قديم الزمن، 
باختفاء الطقوس الدينية الفرعونية ، و بقيت هذه البلدة معروفة باسمها المصرى المدني وهو Psoï 
عدّة قرون، حرف فيها هذا الإسم إلى أبصوي، ثم إلى أبشوي، ثم إلى أبشاية ، وهو اسمها التي كانت 
معروفة به وقت دخول العرب في مصر، واستمرّت به إلى أن عرفت باسم المنشأة ، من القرن 
الخامس الهجري .

والحقيقة التي تبينت لي من البحث ، هي أن هذه القرية سميت المنشأة ، لأن سكانها هجروا 
مكانها القديم ، في أيام حكم الدولة الفاطمية ، لوقوع مساكنها على تلول مسبخة، جعلتها عرضة
للتلف، وغير صالحة للإقامة فيها، وكانت القرية تسمى في ذاك الوقت أبشاية ، فانتقلوا منها وأنشأوا 
لهم قرية جديدة في الأرض الزراعية، الواقعة على النيل شرقي البلدة القديمة، عرفت من ذاك الوقت 
باسم « المنشاة » أو « المنشيّة » لحداثة مبانيها ، و بذلك اختفى إسم أبشاية وظهر بدلا عنه 
اسم المنشأة .

المنشأة من جغرافية أميلينو، ص 381
المنشأة من جغرافية أميلينو، ص 381 (رابط)

المنشأة من جغرافية أميلينو، ص 382
المنشأة من جغرافية أميلينو، ص 382 (رابط)



وذكرها أميلينو في جغرافيته ، فقال : إنه وجدها فيما اطلع عليه من المصادر بإسم Psoï 
و Absay و Absou و Ptolémais و Pṣoï de Ptolémée ، والعربي إِبْصُوي وأبصاي،
وأبسو وأبشوي وأبشاية ، قال : وهي المنشأة التي بمركز جرجا ، ثم قال : وليس من المستغرب 
مع توالي القرون، أن تخرّب هذه المدينة جملة مرات، وفي كل مرة كان يعاد بناؤها بتوسع، وأنها 
كانت واقعة على رأس الطريق الذي يوصل إلى الواحة ، التي تسمى Ouasis de Psoï ، 
أي واحة أبصوي ( وهي الواحة الخارجة ) .

وهنا يجب أن أتمم ما فات أميلينو ، وأقول : وقد نتج من هذا التجديد المتكرر، أن سمیت 
هذه القرية لآخر مرة المنشأة، لحداثة نشأتها .

المنشأة من جغرافية مصر لماسبيرو وفيت ص 1
المنشأة من جغرافية مصر لماسبيرو وفيت ص 1 (رابط)

المنشأة من جغرافية مصر لماسبيرو وفيت ص 2
المنشأة من جغرافية مصر لماسبيرو وفيت ص 2 (رابط)

وقد وردت في معجم البلدان، وفي مراصد الاطلاع، ضمن کور مصر، بإسم أبشيا مع أخميم 
والدير ، وذكرها ابن خرداذبة واليعقوبي وقدامة وغيرهم ، باسم أبشاية من كور الصعيد، وذکر یاقوت 
في معجمه اسمها القديم ، وهو أبشاية فقال : أبشايةُ من قرى مصر الصعيد الأدنى، والصواب الصعيد 
الأوسط، ثم ذكر اسمها الحديث في حرف الميم ، فقال : المُنْشِيَّة إسم لأربع قرى بمصر، 
الثالثة منها من عمل أخميم، يقال لها منشية الصَّلْعاء، والصلعاء قرية إلى جانبها، ومن هذا يتبين أن 
أقدم مصدر. وردت فيه باسمها الحديث ، هو معجم البلدان لياقوت ، ووردت في قوانين ابن مماتي، 
وفي تحفة الإرشاد، في حرف الألف بإسم المنشية، وفي حرف الميم باسم منشية أخميم من أعمال 
القوصية ، وفي التحفة منشأة أخميم، وسماها ابن جبير في رحلته منشأة السودان ، وفي كتاب وصف 
مصر منشأة النيدة ، وفي دفاتر الروزنامة القديمة ، وتاريع سنة ۱۲۳۱ هـ ، منشأة أخميم، البربا ،
وفي تاريع سنة ۱۲۷۲ هـ ، المنشاة ، وهو اسمها الحالي ، وفي الخطط التوفيقية منشأة أخميم بمديرية 
جرجا ، ويقال لها المنشأة الكبرى ، ووردت في بعض المصادر القبطية القديمة، باسم منشيّة 
النصاری، من ضواحي أخميم .

ومن يلاحظ ما ذكرناه لهذه البلدة من الأسماء الكثيرة، يتضح له أنها أكثر أسماء من أي قرية 
مصرية ، إذ يزيد عدد أسمائها عن عشرين إسما، بين أصلى ومحرّف ومستجد، كما ذكرنا .

ولما تكلم اليعقوبي في كتابه البلدان على مدينة أبشاية ، قال : ويقال لها البلينا ، وهذا خطأ ،
لأن البلينا هي بلدة أخرى جنوبي أبشاية .

ولما تكلم القلقشندي في صبح الأعشى على كور الصعيد، ذكر منها كورة باسم كورة أخميم والدير 
وأبشاية ، ثم قال : وأما أبشاية من الأسماء التي جهلت ، والظاهر أن القلقشندى كان يجهل 
جغرافية مصر، وأنه اكتفي بالنقل عن غيره بدون بحث، لأن أبشاية هي قرية المنشأة الحالية هذه ، 
وقد عرفت بهذا الاسم من القرن الخامس الهجري، بدلیل ورودها باسمها الحالي في معجم البلدان، 
وكان الواجب على القلقشندي، بوصفه من كبار الكتاب المصريين في عصره، أن يعرف كل ما يقع 
من التغييرات، في أسماء القرى المصرية ليرشدنا إليها .

وفي سنة ۱۸۸۰ ، أنشيء قسم إداري جدید بمديرية جرجا باسم المنشأة ، وجعلت المنشأة 
قاعدة له ، ولكن لم تطل إقامة ديوان القسم بها لإلغائه في سنة ۱۸۹٥ ، وتوزيع بلاده على 
مرکزي جرجا وسوهاج •

المصدر: القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945، وضعه وحقق عليه محمد رمزي المفتش السابق بوزارة المالية، القسم الثاني - البلاد الحالية - الجزء الرابع (مديريات أسيوط وجرجا وقنا وأسوان ومصلحة الحدود)، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1994، ص 109.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق