الخميس، 22 أكتوبر 2020

الاستشفاء بجلوس النساء والاطفال تحت المنبر وحال الخطباء والائمة في بلاد مصر

 


الاستشفاء بجلوس النساء والاطفال تحت المنبر
وحال الخطباء والائمة في بلاد مصر
(س 67) حامد أفندي البكري في (دمياط): دخلت مسجد شطا يوم جمعة للصلاة
فلما صعد الامام المنبر وحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم بكى
صغير تحت المنبر وصاح فشوش على الناس فقرع الامام المنبر بالسيف مرات متواليات





ورفع صوته بما يقول فلم يسكت الصغير ولم يقم أحد لأخذه فقال الامام أما فيكم
أحد يأخذ هذا الصغير ؟ أخرجوه ومن معه فقام رجل وأخذه وأخرج معه ثلاث
نسوة بعد جلوس طويل انتهى بنزوله وقوله لهن والله إن لم تخرجن لأضربنكن
بالسيف فوقفت إحداهن بالصغير أمام المنبر بين الناس فقال أخرجوها هي ومن معها
فان هذه بدع ولا يجوز دخولهن في مساجد الله بهذا الشكل، فصاح عليه أحد سكان هذه
القرية قائلا: أنت مالك ومالها: فقال له اسكت فجاوبه الرجل بقوله: دانت موش عالم
هو انت امام والله نطلعك من هنا هي صلاتنا وراك راح تدخلنا الجنه : فنزل الامام
وقال له صل بالناس فقمت أنا وواحد صحابي وصالحناه فصعد المنبر وأردنا ملاطفة
الثاني فلم يزده ذلك الا نفورا حتى قال: انا موش عاوز اصلي وراك ولانا عاوز الجنة
الي جايه لنا من صلاتنا وراك ، والله ماعت مصلي وراك ياراجل انت : فمانعته الخروج
خوفا عليه من ارتكاب هذا الاثم فأبى الا تنفيذ يمينه . حصل ذلك والناس قد
هاجوا وعلا ضجيحهم والامام يقول لاتفوتنا الصلاه فانها تمتد الى قبيل العصر فلما سكت
الناس خطب وصلى بهم فسألت عن جلوس النسوة تحت المنبر فقيل لي أن الصغير مريض
والنساء يعتقدن أنه يبرأ بجلوسهن به تحت المنبر أثناء الخطبة . فهل أصاب الامام في عمله
أم أخطأ وما جزاء هذا الآثم ومارأيكم في هذا الاعتقاد وهل ورد أن يكون للمنبر بابان
متقابلان كما تعهدون في المنابر ؟ أفيدونا أفادكم الله
(ج) أصاب الامام في منع النساء والاطفال من القعود تحت المنبر للاستشفاء
وأخطأ ذلك الجاهل المعارض له وماقاله يشبه أن يكون هزءا بالدين واستخفافا
واحتقارا للجنة. ولبعض الفقهاء كلام في تكفير من يستهزئ بالعبادة او بالجنة او النار
واذا لم يكن مثل هذه الاقول مما يرتد به المسلم فهو مما لا يصدر عادة عن عارف
بالدين يذعن له ويحترمه وأكثر هؤلاء المقلدين لا سلطان للدين على عقولهم وقلوبهم
وانما يصلي أحدهم لانه تعود على هذه الحركات التي يسمونها صلاة فاذا عارض الصلاة
هواه أو غضبه تركها بلا مبالاة . وينبغي للناس احترام امامهم وخطيبهم ما داموا
راضين بامامته ولكن الحكام هم السبب في احتقار الناس لأئمة الصلاة والخطباء
لأنهم يعهدون بهذا المنصب الذي هو من مناصب ورثة الانبياء الى الفقراء الجهلة ولو



جعلوهم من العلماء المدرسين وجعلوا رواتبهم كافية مانعة من احتياجهم الى الطمع في
الصدقات لاحترمهم الناس وكان في احترامهم إعلاء لشأن الدين. ألا ترى أن ذلك الاحمق
قد انكر على الخطيب واظهر احتقاره وعدم العمل بما امر به محتجا عليه بأنه غير
عالم. ومن تدبر أمثال هذه الوقائع يتجلى له مافي مشروع الأستاذ الامام في اصلاح المساجد
من الفائدة ولكن اهواء السياسة قد هبت من قصر الامارة على لائحة ترتيب المساجد
فنسفتها وألقتها في قصر الدوبارة وصار الأمر فيها الى اللورد كرومر ولا يدري الا الله ماهو
صانع فيها. أما جعل المنبر بالكيفية المعروفة فليس له أصل في الدين فلا مانع منها ولا متقضي لها

المنار - الجزء الثالث عشر - المجلد السابع
مصر - الأحد غرة رجب سنة 1322 - 11 سبتمبر (أيلول) سنة 1904

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق