الاثنين، 12 أكتوبر 2020

بداية فكرة السد العالي


 (٧) مشروع السد العالي عند اسوان (1)

تلقت هيئة الأمم المتحدة في عام ١٩٤٩، اقتراحا تقدم به «ادریان
دانینوس» (Adrian Daninos) ، يرمي الى اقامة سد جديد عند 
أسوان ، يبلغ ارتفاعه حدا يساعد على تكوين خزان للتخزين القرني في 
النيل الرئيسي ، ويتكفل في نفس الوقت ، بتزويد مصر بقوة كهربائية
______________
(1) كتب الدكتور هرست هذا الفصل في مارس عام ۱۹٥٥ ، وقد استعرض فيه الأدوار التي مرت بمشروع السد العالي ، استكمالا لحديثه عنه في هذا الموضع من الطبعة الانجليزيه




هائلة يمكن استغلالها في تصنيع البلاد ... وقد وقع صاحب الاقتراح
في خطأ ، حين ذكر أن مشروعه حقيق بأن ينسخ ما عداه من مشروعات ، 
بما في ذلك مشروعات النيل الاستوائية ، التي أتينا على وصفها في هذا 
الكتاب .
وليس من شك في أن « دانینوس » كان أول من فكر في احتمال توفير
مثل هذه السعة الضخمة قبلي مدينة اسوان ، بيد أن الباحث ، في ذلك
الوقت ، لم يكن في حل من البت في صحة هذا الاحتمال ، بسبب ما كان
يعوزه من معلومات .
إلا أنه في أكتوبر عام ۱۹٥۲ ، دعيت والمهندس « يوسف سمیکه »
والمستر «بلاك » لفحص هذا الاقتراح الذي تقدم به « دانینوس » ، 
الى جانب اقتراح مشابه عرضه على المسئولين مهندس ايطالي يدعى
« جالیولي » (Gallioli)
وقد ذكرنا في تقريرنا بشأن هذين الاقتراحين ، أنه لو اتيحت عند
خزان أسوان ، تلك السعة الوافية ، التي تعالج النهر برمته ، تطبيقا
النظرية التخزين القرني ، فلا جدال في أن النتائج التي ينطوي عليها مثل
هذا المشروع، سوف تتفوق على كل ما اقترح من قبل ... وشفعنا
رأينا هذا بدراسة مبدئية للمشروع من الناحية الهيدرولوجية .
ومهما يكن من شيء ، فقد كان واضحا أن الأمر يتطلب الحصول على
بيانات أوفى ، فكان ان اشرنا بوجوب البدء في عمل مساحة جوية لمنطقة
الخزان ، حتى يتيسر تقدیر الفاقد بالتبخر ، وتسهل دراسة المشروع
دراسة تفصيلية ، وانتهى تقریرنا باقتراح الجمع بين مشروعات أعالي
النيل وبين السد العالي عند أسوان ، في سبيل الانتفاع بمياه النيل على
الوجه الأكمل ، كما اهتدينا على ضوء المعلومات التي أمكن الحصول عليها


في ذلك الوقت ، إلى أن الفوائد التي تقترن بمنسوب يقل شيئا ما عن
منسوب التخزين المقترح، ليست من الجسامة بمكان ..
وترتيبا على ذلك ، تبنى مجلس الثورة هذا المشروع ، فكان أن
مسحت منطقة الخزان ، حيث امكن العثور على موقع مناسب لاقامة
السد ، واضطلع مهندسو الحكومة المصرية بتحضير المشروع، واقتضى 
الامر استدعاء فريق من مشاهير الهندسين الأجانب ، لاستشارتهم فيما 
يكتنف الانشاء من صعوبات ، وقد انتهت دراستهم إلى الموافقة عليه .
وقد عكفت وزميلي المستر « بلاك » والمهندس « يوسف سمیکه »
على بحث المشروع من الناحية الهيدرولوجية ، ثم تقدمت والثاني
بتقرير في هذا الشأن إلى مجلس الانتاج القومي، جاء فيه أن المشروعات
الاستوائية قد عالجت موضوع الانتفاع بمياه النيل الابيض ، أما السد 
العالى عند أسوان ، فيتسم - بقدر ما أسفرت عنه الدراسة - بأنه افضل
المشروعات جميعا ، لما يتكفل به من اختزان جانب كبير من المياه الزائدة
عن الحاجة التي تنحدر في زمن الفيضان من النيل الازرق ورافد العطبرة ،
اذ أن أسوان هو الموقع الوحيد الذي ينفرد فيه خزان واحد بتلك السعة 
الوافية .. أما الفواقد الكبيرة التي تضيع بالتبخر ، فسوف يزداد معدلها
نسبيا عنه في خزان أسوان الحالي ، وغني عن البيان انه لا يمكن الفصل بين مثل
هذه الفواقد وبين تخزين مياه النيل الازرق ورافد العطبرة ... الا انها
سوف تكون أقل منها في أي خزان آخر سبق اقتراحه لهذا الغرض ، وذلك
بسبب ملاءمة الموقع الذي يستغرقه الخزان الجديد ... 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق