الثلاثاء، 10 مايو 2022

الحملة الفرنسية في الدقهلية ودمياط للمؤرخ عبد الرحمن الرافعي

الفصل الخامس عشر
في الدقهلية (۱) ودمياط 

على أثر تعيين الجنرال فيال Vial قومنداناً لمديريتي المنصورة ودمياط في أوائل 
أغسطس سنة ۱۷۹۸(۲) مضى بفرقته إلى المديريتين لإخضاعهما ، فقصد أولا إلى 
المنصورة ومكث بها قليلا وترك بها حامية تحتلها ، ثم تابع سيره إلى دمياط ليجعلها 
مقراً لفرقته ، فاحتلها واحتل عزبة البرج

واقعة المنصورة 
ائتمر أهالي المنصورة والبلاد المجاورة بجنود الحامية واتفقوا على الفتك بهم ، 
فبينما كان الجنود في معسكرهم يوم ۱٠ أغسطس سنة ۱۷۹۸ دخلت المدينة جموع
كثيرة من أهالي البلاد المجاورة، وكان اليوم يوم السوق العامة ، فاختلطوا بأهل 
المدينة ، ووافقوهم على الفتك بجنود الحامية ، فهاجموا الجند ، ونادت المدينة كلها 
بالثورة رجالا ونساء ، وكان النساء يحرضن أزواجهن على أن يثوروا 
بالفرنسيين (۳) ، ولما شعر الجنود بالخطر امتنعوا في معسكرهم فحاصره الثائرون 
وشرعوا في دكه و أشعلوا فيه النار فاضطر الجنود إلى إخلائه هاربین وانحدروا
إلى السفن قاصدين الفرار ، ولكن الجموع تكاثرت عليهم و أبي رجال السفن أن 
يحملوهم ، فالتجأوا إلى البر و قصدوا إلى دمياط ولكن الثوار أخذوا عليهم الطريق 
ثم قتلوهم عن آخرهم (٤) وكان من الناجين امرأة أحد الضباط وابنتها فأبقى عليهما 
الثوار ولم يمسوهما بسوء ، ويقول ريبو (٥) إن الفتاة قد اشتراها شيخ العرب 
( أبو قوره ) وتزوج بها فلبثت عنده حتى مات عنها سنة ۱۸۰۸ في عهد محمد علي 
باشا و بقيت حافظة عهده قائمة على تربية أولادها منه بعد وفاته ، وقد أيد كلوت 
بك هذه الرواية في كتابه (٦) مع اختلاف في بعض وقائعها ، وهو يقول إن هذه 
الواقعة حصلت عندما شرع الفرنسيون في الجلاء عن مصر ، على أنه لم تحصل 
وقائع في المنصورة عند جلاء الفرنسيين ، وكلوت بك يرجع إليه فيها حققه 
وشاهده بنفسه ، ويقول إنه سمع بنبأ هذه الواقعة حينما كان كبير أطباء الجيش 
المصري في عهد محمد علي باشا فزار دار أبي قورة بميت العامل (٧) سنة ۱۸۳٤ ، أي 
بعد أكثر من خمس وثلاثين سنة من الواقعة ونزل بها « وكان قصراً فسيحاً قائماً 
بالقرب من مساكن العرب » ، و قابل زوجة أبي قورة الفرنسية وابنها ، قال يصف 
هذه المقابلة : « ولقد أحسن ابنها لقائي وأكرم مثواي ، ولما عرف أنني فرنسي 
الجنس ذكر لي والدته وقال إنها فرنسية ، فكاشفته رغبتي في لقائها ، وكانت ذریعتي 
إلى ذلك مهنة الطب التي أقوم بها ، فلما بلغت خدرها تلقتني محيية باللغة الفرنسية ، 
وتبينت أنها إيطالية الجنس ، وعلمت منها فعلا أنها ولدت بمدينة البندقية ، وأن
والدها كان تاجر قبعات اسمه بارتولى ، وأن والدتها كانت تسمى مرجريت ، و أن 
اسمها هي جوليا ، وأن العربان سبُوها وهي خارجة من المنصورة إذ أركبوها
جواداً وانطلقوا يطوون بها الفدافد والسباسب حتى بلغوا بها في المساء داراً كبيرة 
التقت فيها برجل يغطيه من الرأس إلى القدمين حرام أبيض ، وأن هذا الرجل بذل 
لها من مظاهر العطف والميل ما لا يوصف ، وأنه جردها من ثيابها الأوروبية 
ليلبسها بدلا منها ثوباً شرقياً فضفاضاً ، ثم سلمها من الحلي والجواهر ما قيمته ستمائة
کیس ، أي ما يعدل مائة ألف فرنك تقريباً ، وجعل في خدمتها عدداً كبيراً من 
العبيد والجواري ، و ذلك الرجل هو الزعيم (أبو قوره) الذي كان مشهوراً بالشوكة 
والجاه الطويل ، ولكن هذا الالتفات وهذا العطف كانا يضجرانها ، فكانت 
لا تكف عن البكاء وتعرب بالقول والإشارة والصياح عن رغبتها في العودة إلى 
ذويها ؛ ومع هذا فلم ينقض أحد عشر شهراً حتى رزقت غلاماً ، فهدأ شعور 
الأمومة نحو وليدها ثائرة التذمر والاستياء ولطف من أسرها في هذا المكان فلم 
يسمعها إلا احتماله والرضاء به ، ولما مات زوجها ، وكانت توليه الحب الصادق 
وتعيش معه في بحبوحة الهناء والنعيم ، أ كرهت على التزوج بأخيه فلم تجد منه 
ما كانت تلقاه في أخيه المرحوم من حسن الرعاية وجميل العطف »(٨)

وذكر كلوت بك ما كان عليه ( أبو قورة ) من الجاه والثراء فقال إنه كان 
يقاوم سلطة الماليك مدة حكمهم وكانت له السيادة في إقليم المنصورة وقتئذ وكان 
يملك أربعاً وأربعين قرية وبضعة آلاف من الجمال وقطعانا لا عداد لها من الأغنام 
وأكثر من خمسمائة عبد و جارية من الأرقاء

والآن نعود إلى الكلام عن واقعة المنصورة ونتائجها

أشعلت هذه الواقعة نار الثورة والهياج في البلاد المجاورة ، وكادت الثورة 
تستفحل ويتسع مداها ، لولا وصول الجنرال دوجا Dugua الذي عينه نابليون 
قومندانا لمديرية المنصورة (۹)

وصل دوجا وجنوده جنوبي المنصورة يومي ۱۷ و ۱۸ أغسطس سنة ۱۷۹۸، 
فعلم عند وصوله ما حل بجنود الحامية ، وكان أهل المدينة يتوقعون انتقاماً شديداً، 
فكتب الأعيان رسالة إلى ديوان القاهرة يبرؤون من الاعتداء على الجنود ، 
وينسبون ذلك إلى الفلاحين والعرب الذين اقتحموا المدينة يوم الواقعة ، وذهب 
قاضي المنصورة خصيصا إلى القاهرة ليدافع عن مسلك سكان المدينة ، وقد علم 
نابليون بنبأ الحادثة وجاءته رسالة أعيان المنصورة التي كتبوها إلى الديوان ، 
فبعث إلى الجنرال دوجا يطلب منه عقاب أهالي المنصورة عقابا شديداً ، ويأمره 
أن يقتل تسعة أو عشرة من أعيانها (١٠)

وكان الجنرال دوجا معروفا بين قواد نابليون بالحكمة والأناة وحسن السياسة ، 
فاستعمل الحكمة في توقيع العقاب وإعادة النظام في المدينة ، وأراد أن يتحقق من 
المعتدين حتى لا يأخذ بريئا بمذنب ، وقد تبين من الفحص عن أمرهم أن معظم 
المعتدين من البلاد المجاورة ، وأن زعماء المحرضين على قتل الحامية قد غادروا 
المنصورة ومنهم رجلان كانت لهما شهرة في تلك الجهات بالسطوة والجاه و شدة 
البأس ، وهما الأمير مصطفى ، وعلي العديسي ، فاكتفى الجنرال دوجا بالحكم على 
اثنين من أهالي المنصورة بالإعدام ، لثبوت اشتراكهما في القتل ، وأنفذ الحكم 
فيهما وطافوا برأسيهما في شوارع المدينة عبرة وإرهابا ، وأخذ الجنرال دوجا 
يتأهب لتعقب المعتدين في بلاد البحر الصغير والقبض على الأمير مصطفى ، وعلي 
العديسي ، وتجريد حملة عسكرية لمعاقبة القرى التي اشتركت في الاعتداء على الجنود

وكان الذعر قد استولى على المنصورة وهاجر كثير من أهلها فراراً بأنفسهم 
من اتهامهم في واقعة قتل الحامية ، وتعطلت التجارة ، وركدت أسواق المدينة ، 
فطلب الجنرال دوجا من نابليون أن يأذن له إذا لم يظفر بالمعتدين في إعلان 
العفو ، ليعود الأهالي إلى أعمالهم ، بشرط أن لا يتناول العفو أهل القرى المجاورة 
الذين اشتركوا في الواقعة ، وكان غرض الجنرال دوجا أن يؤخر معاقبة سكان
هذه القرى إلى أن تصل القوة الكافية ، وينحسر الفيضان الذي كان يتلف الطرق ، 
ويعطل المواصلات

أقر نابليون الجنرال دوجا على خطته و أرسل له في ٣۱ أغسطس سنة ۱۷۹۸ 
يأذنه أن يمنح المدينة العفو ، وطلب إليه أن يستخدم ما يراه لإقرار الطمأنينة 
وإعادة الأعمال سيرتها الأولى ، وكلفه في الوقت نفسه أن يكتب إلى أعيان 
البلاد المجاورة التي اشترك أهلها في قتل الحامية الفرنسية يطلب أن يسلموا 
المعتدين منهم وإلا استهدفوا لإحراق قراهم بالنار

وطلب إليه إخضاع بلاد مديرية المنصورة و أخذ رهائن من كل قرية اشترك 
أهلها في الاعتداء على الجنود ، ثم إحراق القرى التي يرى أنها كانت أبلغ 
في الاعتداء ، وأمر نابليون بفرض غرامة ثلاثة آلاف ريال على أعيان 
المنصورة عقابا لهم على سوء صنيعهم ، وفرض ألفي ريال خاصة على السيد 
علي الشناوي أحد أعيان المدينة ، ثم ألفي ريال على القرى التي أعتدت 
على الجنود(۱۱)

وقد لقى الفرنسيون عناء كبيرا في إخضاع مديرية المنصورة ، فقد أشتدت 
فيها المقاومة وامتنع كثير من البلاد عن دفع الضرائب ، ويقول ريبو (١۲) إن 
محصلي الأموال الأميرية كانوا إذا ذهبوا إلى القرى لجباية الضرائب أو مصادرة 
أملاك المماليك يقابلون بالرصاص رمياً ، أو بالعصي ضرباً ، وفي بعض الأحيان
كانوا يصحبون بعض الخفراء لحراستهم ، فلا يعصمهم ذلك أن يلقوا مثل هذه 
المقابلة ، وعطل الفيضان حركات نقل الجنود في البر ، فساعد هذا العامل على 
فيضان روح الثورة في القرى ، واضطر الجنرال دوجا إلى تأخير ما عهد إليه من 
إخضاع ذلك الإقليم ومعاقبة القرى التي ثارت في وجه الجيش أو التي اشتركت 
في قتل الحامية الفرنسية بالمنصورة

الحملة على سنباط و میت غمر 
كانت مهمة الجنرال دوجا أن يكتشف الجهات التي عزم على تجريد الحملة عليها 
قبل أن يغامر فيها ، وكانت بلدة ( سنباط )(١٣) من القرى التي شاركت بلاد 
الدقهلية في الثورة ، فاتخذها الجنرال دوجا أول هدف له ، وهي وإن كانت 
في مديرية الغربية إلا أنه رأى أن يبدأ بمهاجمتها لسهولة الوصول إليها بطريق 
النيل ، وكانت أوامر نابليون تقضي بإحراق هذه البلدة . وكان الجنرال مورا 
Murat قومندان القليوبية مكلفاً بمعاونة الجنرال دوجا في إخضاع إقليم المنصورة 
فانتقل من بنها إلى ميت غمر في أواخر أغسطس سنة ۱۷۹۸ لمراقبة العرب النازلين 
في تلك الجهة وبخاصة في دنديط (١٤) ممن توجهت عليهم تهمة الاشتراك في واقعة 
المنصورة ، وكان منوطا به كذلك تجريد الأهالي من السلاح ، على أنه لم يستطع 
إنفاذ هذه المهمة وكتب إلى نابليون في سبتمبر يسأله العدول عن هذه المهمة 
الشاقة ويقول في خطابه : « اني أعتقد أن سياسة تجريد الأهالي من السلاح طريقة 
ضارة وغير حكيمة إذ أرى أن العرب المزارعين مسلحون وتسليحهم مفيد لأنهم 
يحمون البلاد من سطوات البدو الرحّل ، ويحفظون الأمن في هذه الجهات ، 
وصعبٌ من الآن إلى وقت لا يزال بعيداً أن نسلبهم السلاح دون أن نوقع الحرج 
في صدورهم وندفعهم إلى الثورة كما حدث في مديريات أخرى ، لذلك أعتقد أنكم 
ترون ما أراه في الانتظار بهم حتى يستقر نظام الحكم الجديد ، وما هو الآن خطأ 
يكون يومئذ صواباً »

هاجم الجنرال مورا في شهر سبتمبر قوة من العرب في دنديط بالقرب من 
ميت غمر فهزمهم وشتت جمعهم بعد أن قتل بعضهم وجرح رئيسهم واستولى منهم 
على ۲۰۰۰ رأس من الغنم

أما في سنباط فقد أنفذ الجنرال دوجا الجنرال فردييه Verdier لمعاقبة العرب 
النازلين بها ، فغادر فردييه المنصورة يوم ۱٢ سبتمبر بطريق النيل في ٥۰۰ جنديا ،
فالتقى على مقربة من سنباط بقوة من العرب فهزمهم واستولى على خيامهم وماشيتهم 
ومتاعهم (١٥) ، غير أن العرب تمكنوا من الإفلات فلم يقعوا في أيدي الفرنسيين 
ولاذوا بالتلال القائمة حول سنباط وأرادوا أن يقاوموا القوة الفرنسية لكنهم 
نكصوا أمامها وألقوا بأنفسهم في النيل وذهبوا يسبحون ونجا منهم من نجا ، 
وعادت القوة الفرنسية إلى المنصورة

ثم تجددت الاضطرابات في منطقة ميت غمر ودنديط وميت الفرماوي 
في شهر أكتوبر سنة ۱۷۹۸ ، وباتت المواصلات النيلية في فرع دمياط مهددة ، 
فعهد نابليون إلى الجنرال مورا والجنرال لانوس بالتعاون على إخماد حركة الثورة 
في تلك المنطقة

التقى القائدان بالنيل عند بنها (١٦) وسارت قواتهما من الجنود بالمراكب قاصدين 
إلى ميت غمر ، فأرسوا على شاطىء النيل بالقرب منها ، وساروا قاصدين مهاجمة 
الثوار الذين احتشدوا في ( دنديط ) ، وكان الجنرال مورا يتولى قيادة الميمنة 
والجنرال لانوس يقود الميسرة ، فسار الجنود الفرنسية بنظامهم الحربي لمهاجمة 
الثوار في معقلهم ، وكان السير متعذراً لأن الثوار قطعوا جسور الترع فغمرت 
المياه الأراضي ، ووحل الجنود في الطرق والمستنقعات ، ولما بلغت جموعهم 
دنديط انسحب منها الثوار إلى ( ميت الفرماوي ) وهناك امتنعوا بها وكان معهم 
مدفعان فقاوموا هجوم الفرنسيين مقاومة شديدة ثم اضطروا إلى الارتداد عن 
القرية فاستولى عليها الفرنسيون وعلى المدفعين اللذين كانا بها ، واعتصم الثوار 
بالتلال القريبة منها ، فتعقبهم الفرنسيون وأجلوهم عنها ، ثم استمر الثوار 
في انسحابهم حتى بلغوا ( الهوابر ) وعجز الفرنسيون عن متابعتهم لما لحقهم 
من الإعياء ، ولما غمر الأرض من مياه الفيضان ، فرجعوا أدراجهم إلى 
ميت غمر

فيضان الثورة 
كان طائف الثورة يطوف في مختلف البلاد حيث كانت كلما أخمدت في جهة 
انبعثت في جهة أخرى ، قال ريبو في هذا الصدد : « كان الجنود يعملون على 
إخماد الثورة بإطلاق الرصاص على الفلاحين وفرض الغرامات على البلاد ، لكن 
الثورة كانت كحيَّة ذات مائة رأس كلما أخمدها السيف والنار في ناحية ظهرت 
في ناحية أخرى أقوى وأشد مما كانت ، فكأنها كانت تعظم ويتسع مدادها 
كلما ارتحلت من بلد إلى بلد آخر »

وقال في موضع آخر يصف حالة الشعب النفسية و مركز الفرنسيين : « إن 
مصر قد فوجئت بالحملة الفرنسية ، فأخذت تنتفض وتجاذب للتخلص من قبضة 
الفاتح الحديدية ، لقد كنا نرابط في مصر ونحتلها احتلالا عسكريا ، وعلى الرغم 
مما بذلناه من الجهود ليقبلنا الشعب كما يتقبل محرريه فقد بقيت سلطتنا قائمة على 
القوة لا على الإقناع ، وكان اختلاف الدين واللغة والطباع والعادات مما يجعل 
الامتزاج بين الغالب والمغلوب عسراً بعيد الاحتمال ، فكانت سياستنا قائمة على 
إكراه الشعب على الإذعان بالحزم مرة وبالقوة مرة وقمع كل ثورة ومكافأة من 
يخدم السلطة الفرنسية ، ولإدراك هذه الغاية وزع بونابرت الجيش على مختلف 
أنحاء القطر لإخضاعها وجعلها موضع مراقبة دقيقة ، وكان قواد الفرق فضلا عن 
اختصاصاتهم الحربية ، يتولون الإشراف على الأعمال الإدارية والمالية 
في مديرياتهم ويراقبون جباية الأموال والغرامات ويشرفون على مجالس الدواوين 
في الأقاليم حتى لا تتعدى اختصاصها(۱) »

الحملة على البحر الصغير
اهتم نابليون بإخضاع بلاد البحر الصغير ، الكائنة بين المنصورة وبحيرة المنزلة
وارتياد الجهات الموصلة إلى البحيرة ، وكان يرمي من جهة إلى إخضاع تلك البلاد،
ومن جهة أخرى إلى تأمين المواصلات بين دمياط والمنصورة والصالحية وبلبيس
حتى يطمئن على حدود مصر الشرقية ، وقد بعث إلى الجنرال دوجا في هذا الصدد
بعدة رسائل تظهر مبلغ اهتمامه بهذا القطاع (١٧)

جرد الجنرال دوجا حملة عسكرية لإخضاع البحر الصغير ومعاقبة القرى الثائرة
في هذا الإقليم ، وأنفذ لهذا الغرض الجنرال داماس Damas والجنرال دستنج
Destaing في قوة من الجنود الفرنسية ، ورسم لهما الخطة التي يتبعانها ، فكان أمره
للجنرال داماس أن يمضي رأساً إلى بحيرة المنزلة لارتيادها وإخضاعها ، وعهد إلى 
الجنرال دستنج معاقبة بلدتي " منية محلة دمنة " و " القباب الكبرى " الواقعتين على 
بحر أشمون (١٨) إذ جاهر أهلهما بالعصيان والامتناع عن دفع الضرائب والغرامات 
التي فرضت عليهم

حسن طوبار
وكان لهذه المهمة شأن وخطر في تلك الجهات ، لما امتد في انحائها من أسباب 
الثورة والهياج ، ولظهور جماعة من زعماء الأهالي يحرضون الناس على مقاومة
الفرنسيين ، وقد تكرر في كثير من رسائل وتقارير القواد الفرنسيين في مديريتي 
المنصورة ودمياط اسم " حسن طوبار " شيخ بلدة المنزلة في ذلك الحين كزعيم 
للمحرضين ، وخصم عنيد لا يستهان به ، ومدبر لحركات المقاومة في هذه الجهات 
كما تردد اسم الأمير مصطفى وعلي العديسي كمحرضين في واقعة الاعتداء على حامية 
المنصورة 

كان حسن طوبار زعيما لإقليم المنزلة ، وكان هذا الإقليم جياشاً بمتاعب كثيرة 
للفرنسيين ، كتب ريبو في كتابه يصف سكان هذه الجهات بقوله : " إن مديرية 
المنصورة التي كانت مسرحاً للاضطرابات ، تتصل ببحيرة المنزلة ، وهي بحيرة كبيرة
تقع بين دمیاط و بیلوز القديمة ( الطينة ) والجهات المجاورة لهذه البحيرة ، وكذلك 
الجزر التي بها ، يسكنها قوم أشداء ذوو نخوة ولهم جلد وصبر ، وهم أشد بأساً 
وقوة من سائر المصريين ، ثم هم أغنياء بما ينالون من الصيد، ولهم في البحيرة 
خمسمائة أو ستمائة مركب (١۹) تجعل لهم السيادة في البحيرة ، ولهؤلاء الجزائريين 
أربعون رئيساً منهم ، وكل هؤلاء الرؤساء يتبعون حسن طوبار شیخ بلد المنزلة 
وهو الزعيم الأكبر لهذه المنطقة (۲٠)  »

ويقول الجنرال أندريوسی Andreossi (۲۱) الذي ارتاد بحيرة المنزلة وقدم عنها 
تقرير إلى المجمع العلمي بمصر (۲۲) : « إن لسكان هذه الشواطىء أربعين رئيساً 
يتبعون الشيخ حسن طوبار الذي احتكر الصيد في البحر لقاء جعل للحكومة ، 
وحسن طوبار من أكبر أغنياء القطر المصري ، وربما كان أغناهم ، وهو من 
المنزلة ، وفي أسرته مشيخة البلد يتوارثونها من أربعة أو خمسة أجيال ، وله سلطة 
واسعة تقوم على مكانته في النفوس ، و ثروته وعصبيته ، من ذوي قرباه، و أتباعه، 
وعلى مؤازرة العرب الذين يقطعهم الأراضي ليزرعوها ويغدق على رؤسائهم بالهدايا 
والتحف »

سير الحملة على البحر الصغير 
بدأت تتحرك الجملة على البحر الصغير من المنصورة يوم ۱٦ من سبتمبر سنة 
۱۷۹۸ ، ويهمنا قبل أن نصف خط سيرها أن ننقل هنا بعض التعليمات التي أصدرها 
الجنرال دوجا لكل من الجنرالين داماس وديستنج ليتبعاها ، فإن في هذه التعليمات 
صورة حية لحالة البلاد في ذلك العصر وحالة الشعب النفسية ، قال دوجا فيما عهد به :

« منية محلة دمنه والقباب الكبرى — هاتان القريتان واقعتان تحت تأثير رجلين 
يجب أسرهما ، وهما علي العديسي من المنية والأمير مصطفى من القباب ، وقد وصلتني
رسالة من الجنرال فيال Vial ( قومندان مديرية دمياط ) ينسب إليهما تهمة الاتصال 
بالشيخ حسن طوبار شیخ بلد المنزلة وانتظارهما النجدة منه ، فيجب أن لا يترك 
له الوقت لإمدادهما ، ومن ثم يجب مهاجمة المنية والقباب أسرع ما تمكن السرعة 
ثم احتلال موقع عسكري بين القباب ودموه السباخ (۲٣) يحول بين الرجلين وبين 
كل مدد يأتيهما ، وإذا قاوم الأهالى وجب سحقهم وسحق قراهم ، وإذاسلموا بدون 
إطلاق النار فيجب عليهم أن يسلموا في الحال عشرين رهينة منهم ، وأن يسلموا 
علي العديسي والأمير مصطفى ، ويسلموا كذلك جميع أسلحتهم وعشرين جواداً 
وثلاثين من الماشية ، و يغرموا ثلاثة أمثال الضريبة المفروضة عليهم ، وإذا رأيتم 
بعض القرى تتخذ السلاح لمؤازرة المنية والقباب ، فأضربوا في أهلها ، وخذوهم 
أخذ الأعداء أعداءهم ، وإذا انتهت الحملة على المنية والقباب بإعادة السكينة 
والخضوع فعلى الجنرال دستنج أن يعود إلى المنصورة فيمن معه من الجنود ، أما 
إذا ظهرت الثورة في بلاد أخرى فعليك أن تتابعوا سيركم لإخضاعها »

« تعليمات خاصة للجنرال داماس — إن مهمة الجنرال داماس هي أولا 
مساعدة الجنرال دستنج في معاقبة منية محلة دمنة والقباب الكبرى ، وعلى ذلك يتبع 
التعليمات السابقة فهي لهما جميعاً ، و ثانياً عليه أن يمر في بحر أشمون ( البحر الصغير ) 
إلى بحيرة المنزلة ويقيس عمقه على طول البحر ، ويخضع البلاد الواقعة على شاطئيه ، 
وينتزع رهائن من كل البلاد التي لم تدفع الضرائب المفروضة عليها ، أو تسلم الخيل 
المطلوبة منها

« وإن الجنرال فيال منزعج من مقاصد الشيخ حسن طوبار شیخ بلد المنزلة ، 
ومن حشده عدداً كبيراً من المراكب في المطرية ، فإذا كان هذا صحيحاً فمن 
الواجب أسر الشيخ حسن طوبار وتحطيم أسطوله ، وعلى الجنرال داماس أن 
يجمع كل ما يمكن العلم به من غور بحيرة المنزلة والترع التي تصب فيها ، والبلاد 
الدانية من مصبها ، والفتحات التي تصل البحيرة بالبحر الأبيض، وعمقها وعرضها ،
وطبيعة الجزر الكائنة بالبحيرة وسكانها ، ثم يعود إلى المنصورة في طريق أشمون 
( البحر الصغير ) ، وعليه أن يتبين طريق الصالحية ( جنوبي بحيرة المنزلة ) ، 
والطريقة التي يمكن بها جمع السفن في بحيرة المنزلة لنقل فرقة عسكرية إلى صان »

تنفيذاً لهذه التعليمات تحرك الجنرالان دماس ودستنج على رأس الجنود الفرنسية 
من المنصورة يوم ۱٦ سبتمبر سنة ۱۷۹۸ الساعة السادسة مساء، وساروا بالبحر 
الصغير على ظهر السفن ، فأرسوا ليلا على مقربة من منية محلة دمنة ، وشعر أهالي 
المنية باقتراب الحلة فأخلوا بلدتهم ، وفي فجر اليوم التالي أنزل القائدان الجنود إلى 
البر وزحفوا على المنية فكانت خالية من السكان ، فتابعوا السير إلى القباب 
الكبرى ، فإذا هي كذلك خالية من أهلها ، وقد كلف الجنرال داماس مشايخ بعض 
القرى المجاورة أن يبلغوا أهالي القريتين أن يعودوا فإن القوة لا تنالهم بشر إذا 
دفعوا الضرائب المفروضة عليهم ، وهنالك افترق القائدان الفرنسيان ، فرجع 
الجنرال دستنج إلى المنصورة من طریق بحر أشمون ، ومضى الجنرال داماس إلى 
المنزلة تنفيذاً للمهمة التي كلف القيام بها و معه من الجنود نحو ثلثمائة جندي بأسلحتهم 
وذخيرتهم ، ولما بدأ الجنرال داماس سیره جاءته رسالة من الجنرال دوجا أنه 
موافيه بمدد من الجند ، فانتظر داماس في المرساة (۲٤) حتى جاءه المدد ليلا ، وفي 
اليوم التالي سار بجنوده وواصل السير وانتظر غير قليل في ميت السودان (۲٥) 
فالدراكسة (۲٦) لتموين جنوده ، ثم وصل مساء إلى برنبال الجديدة (۲٧) وكان الجنرال 
دستنج قد وصل في صباح هذا اليوم إلى المنصورة .

معركة الجمالية (۲٨) 
عسكر الجنود ليلا في برنبال الجديدة ، وغادروها قبل شروق الشمس فوصلوا 
بحراً تجاه (الجمالية) في نحو الساعة العاشرة صباحاً ، فوحلت سفنهم في بحر أشمون من 
قلة المياه ، وانتهزها الأهالي فهاجموا السفن الفرنسية وكانوا يتبعونها من بعيد ، 
واشترك في هذا الهجوم أهالي الجمالية . فأطلقوا النار على السفن وأمطروها وابلا
من الحجارة من أعلى سور بلدتهم . فأمر الجنرال داماس بإنزال الجنود إلى البر 
لرد هجوم الأهالي . وأمكنه أن يفرق الجموع التي أحدقت بالقوة الفرنسية ، 
ولكنه بعد قتال أربع ساعات انسحب من الموقع الذي نزل به ورأى أنه 
لا يستطيع الثبات به ولا متابعة السير في بحر أشمون ، فأضرم النار في الجمالية وعاد 
أدراجه إلى المنصورة ومعه جرحاه وقتلاه .

خريطة معركة الجمالية
خريطة معركة الجمالية
خريطة معركة الجمالية


ا — الجمالية والسور الذي كان يحيط بها 
۲ — بحر أشمون (البحر الصغير ) وفيه السفن
المقلة للجنود 
٣ — المواقع الأولى التي نزل بها الجنود الفرنسية
لمقاومة هجمات الأهالي 
٤ — جموع الأهالي الذين هاجموا الجنود الفرنسية 
٥ — انسحاب الأهالي بعد كسر هجمتهم الأولى 
٦ — انسحاب الثوار من الجمالية والتجاؤهم إلى 
المستنقعات
۷ — انسحاب الفرنسيين إلى المنصورة بعد انتهاء
المعركة 
٨ — ترعة الجمالية 
۹ — میت شریف 
۱۰ — المواجد 
۱۱ — بركة المياه

عن خريطة مودعة في محفوظات وزارة الحربية الفرنسية سنة ۱۸۰۰ نشرها القومندان دی لاجونکيير
سنة ۱۸۹۹

سلك الجنرال داماس في عودته إلى المنصورة طريق البحر الصغير ومر في 
طريقه بميت سلسيل(۲۹) فأمر بإحراقها وكان أهلها قد تمردوا و أخلو بلدتهم وأوغلوا 
بعيداً عنها حيث كانت تفصلهم مياه الفيضان والمستنقعات عن خط سير الحملة فلم 
يستطع داماس اللحاق بهم

كانت معركة الجمالية ذات شأن و خطر . وصفها الضابط جازلاس Gazlas 
من ضباط كتيبة الجنرال داماس في تقريره عنها قال :

« لما وصلنا بحراً تجاه الجمالية . وهي قرية كبيرة قوية على الشاطىء الغربي من 
بحر أشمون . فوجئت السفن التي كانت تنقل الجنود بعاصفة من الأحجار والرصاص 
انهالت من أسوار البلدة وبيوتها . وفي الوقت نفسه رأينا جموعا كثيرة من العرب 
والمماليك والفلاحين مسلحين بالبنادق والسيوف والعصي ( الشماريخ ) تهرع من 
الجهات المجاورة مسرعة إلى مهاجمتنا . وكان بعضهم راكبين الخيل وأكثرهم مشاة . 
فدهشنا لهذه الهجمة العنيفة . ولكنا لم نؤخذ على غرة . ونزلت الجنود حاملة 
سلاحها إلى البر الشرقي المقابل للقرية وتأهبوا للقتال منتظرین قدوم الأعداء
( الأهالي ) . فرأينا أكثرهم شجاعة يغامرون بأنفسهم ويهجمون إلى أن يصبحوا 
في وسط جنودنا . لكن الجنود حاربوهم ببسالة ، وقد رأيت بنفسي جماعة من 
الفلاحين ليس بيدهم سلاح سوى العصي يهاجموننا بحماسة فيستشهدون بين أسنة 
رماحنا . وصدر لي الأمر بإطلاق النار على الأعداء المهاجمين . فأطلقنا النار عليهم 
وفرقنا هذه الجموع بعد أن تركت الميدان مغطى بجثث القتلى . ولقد تمكن بعضهم 
أن يعبروا الترعة ثانية و يمتنعوا في الجمالية . وهي قرية محاطة بالأسوار تحميها 
ترعة أشمون ( البحر الصغير ) من جهة والمستنقعات التي تغمرها المياه من جهة 
أخرى . فأمرني الجنرال داماس أن آخذ القوة الكافية واستولي عنوة على القرية . 
فعبرنا الترعة بجسر أقمناه على عجل . ووزعت جنودي . فعمدت إلى جزء منهم رد 
الهجمات الآتية من خارج القرية ، وهجمت بقوتي على القرية . واقتحمنا الباب 
الكبير رغم مقاومة أهلها الذين دافعوا عنها دفاعاً قوياً . فاستولينا على جزء من 
القرية . ولكن الأهالي ظلوا يدافعون عن الجزء الآخر ممتنعين في البيوت 
والشوارع . وهجم الثوار على القوة التي دخلت القرية ولكن صدتهم البنادق 
والحراب ، وحصر جزء منهم في القرية وتمكن جماعة آخرون أن يتسللوا منها 
فتلقتهم القوة المرابطة حولها ونجا منهم من ألقوا بأنفسهم في المستنقعات وذهبوا 
سباحة يحملون أسلحتهم »

وقد قدر جازلاس خسائر الفرنسيين في هذه المعركة بخمسة قتلى وخمسة عشر 
جريحاً ، وقدر خسائر الأهالي بخمسمائة (٣٠)

انتهت معركة الجمالية بإحراق البلدة وانسحاب الفرنسيين ، وعادت قوة الجنرال 
داماس إلى المنصورة يوم ۲۱ سبتمبر بعد أن مرت وهي راجعة بالكردي ومنية 
محلة دمنة ، وكان الأهالي في معظم القرى التي مر بها الجيش يخلون بلادهم خوفاً من 
انتقام الفرنسيين بحيث كان الجيش يصلها فلا يجدها إلا خالية

عود إلى حسن طوبار 
لم توفق الحملة الأولى على البحر الصغير في إتمام مهمتها ، وبقي حسن طوبار 
قوياً يثير البلاد ويستفز الناس للمقاومة ، وكان الفرنسيون يحسبون له حساباً 
كبيراً ويسعون بمختلف الوسائل أن يخضعوه أو يجتذبوه إلى صفوفهم ، وقد 
اتصل به الجنرال فيال vial في دمياط وأظهر له حسن طوبار استياءه مما بلغه من 
إحراق الفرنسيين للجمالية وقال إن هذا العمل سبة عليه في هذه الجهات ، لأن 
أهالي الجمالية يعتبرون أنفسهم في حمايته ، وقد أبلغ حسن طوبار الجنرال فيال أن 
ما أحدثه في نفسه إحراق الجمالية من القلق والهم يمنعه من مقابلته ، وأرسل 
نابليون من القاهرة بعض الهدايا إلى الجنرال فيال ليقدمها باسمه إلى حسن طوبار 
يستمیله بها ، فكتب فيال إلى الشيخ حسن يدعوه إلى الحضور لتسلم هذه الهدايا 
فأبى حذراً من أن تكون الهدايا وسيلة للقبض عليه

وكان حسن طوبار يخادع الفرنسيين عن خططه و مقاصده ، فقد أرسل له 
الجنرال داماس أثناء حملته بالبحر الصغير يدعوه إليه ، فأجاب الرسول أنه لا يأبى 
دفع الضرائب العادية على أن يتركه الفرنسيون حراً ولا يعرضوا له بسوء ، 
وفي الوقت نفسه كان حسن طوبار يستعد للقتال ويرسل عيالهُ و أمواله
إلى غزة(٣۱) ، وما زاد الفرنسيين ريباً في مقاصده أنهم علموا نبأ حركة يقوم بها 
الأتراك في عكا بسواحل سوريا إذ يجمعون هناك السفن بقصد الإغارة على بحيرة 
المنزلة من طريق فم الديبة(٣۲) ، وأن هذا هو السبب في حشد الشيخ حسن طوبار
كل ما نالته يده من السفن في بحيرة المنزلة ليشترك في تلك الحملة البحرية ، وتواترت 
الأخبار في ذلك الحين بأنه متفق مع ابراهيم بك زعيم المماليك الذي كان مرابطا 
بفلول جيشه في جنوب سوريا ، وأنهما على اتصال مستمر لمقاومة الفرنسيين ، 
فحسن طوبار كان يشعل نار الثورة في مختلف البلاد الواقعة بين دمياط والمنزلة 
والمنصورة ، وبينما كان يثير الأهالي في بلاد البحر الصغير ، كان في الوقت نفسه 
يجمع مراكبه في بحيرة المنزلة لمهاجمة دمياط ، وكان الرجل في نظر الفرنسيين 
عنواناً للمقاومة والعصيان

جاء في يوميات الجنرال لوجييه : « ولقد تأكدنا أن حسن طوبار كان يجوب 
بنفسه البلاد الواقعة على بحر أشمون يحرض الأهالي على الثورة ، وكان يرسل 
إلى بعض البلاد الأخرى رسله وأتباعه لتنظيم المقاومة ضد الفرنسيين ، وأنه هو 
الذي دبر واقعة الجمالية ، غير أنه من الصعب أن نلقي يدنا على هذا الرجل مع 
نفوذه العظيم بين الأهالي . وأن في استطاعته أن يحشد علينا قوات كبيرة جداً . 
وقد جاءتنا الأخبار أن أهالي بعض القرى الواقعة على النيل أطلقت النار على 
السفن المقلة للجنود الفرنسية . وأن الدلائل تدل على أن الثورة عامة . ومن 
المحقق أننا كنا نستهدف لأخطار بالغة لو تشجع الثوار بانتصار يضرم في قلوبهم 
نار الحماسة »

في دمياط 
كانت دمياط ( كما هي الآن ) من أهم بلاد القطر المصري من الوجهتين 
الاقتصادية والحربية . وكانت مركزاً تجارياً وصناعياً كبيراً . تصدر منها متاجر 
البلاد وترد إليها وارداتها القادمة من سوريا وقبرص والأناضول وتركيا واليونان
وفرنسا. وبها كثير من الوكائل والخانات القائمة آثارها إلى اليوم . واشتهرت 
بتجارة الأرز والأقمشة والمنسوجات والخشب . وكانت تزاحم الإسكندرية 
في مركزها التجاري . واشتهرت هي والقرى المحيطة بها بصناعة الأقمشة إذ تنسج 
بها أحسن منسوجات القماش والحرير والتيل بالقطر المصري

قدر « ریبو » عدد سكان دمیاط في ذلك العصر بستين ألف نسمة (٣٣). ويلوح 
لنا أن هذا التقدير فيه شيء من المبالغة . لأن المسيو جومار أحد مهندسي الحملة 
الفرنسية يقدر هم بعشرين ألفا (٣٤) . وإحصاؤه أقرب إلى الثقة لأنه جاب أنحاء 
مصر ودرس أحوالها عن كثب بخلاف المسيو « ریبو » . ويقول كلوت بك 
في كتابه (٣٥) إن عدد سكان دمیاط في عصر محمد علي كان يتراوح بين ۲٥ و۳۰ ألفا 
في الوقت الذي وضع فيه كلوت بك كتابه . أي حوالي سنة ۱۸٤۰ . ومن المحقق 
أن دمياط كانت إلى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر ثاني بلد 
في القطر المصري بعد القاهرة في عدد السكان . ويقول الدكتور ديجنت کبیر 
أطباء الحملة الفرنسية في كتابه (٣٦) إن عدد سكان دمياط كان وقتئذ يزيد عن ضعف 
سكان المنصورة

امتدت شعلة الثورة إلى دمياط وظهرت علائم الاضطراب والهياج حولها 
من أوائل سبتمبر سنة ۱۷۹۸ . فأرسل الجنرال فيال إلى الجنرال دوجا ينذره 
بقرب هجوم الثوار على المدينة ويطلب المدد . وینبیء بأن حسن طوبار يحشد 
أسطولا كبيراً في بحيرة المنزلة لمهاجمة المدينة

وقع الهجوم المنتظر ليلة ١٦ سبتمبر سنة ۱۷۹۸ واشترك فيه أهالي البلاد 
المجاورة لدمياط . واشترك فيه أيضا أسطول حسن طوبار الذي تحرك في بحيرة 
المنزلة قاصداً شطوط دمياط . فوصل إلى ( غيط النصاری ) شرقي المدينة . والتقى
الأهالي القادمون من القرى بالنازلين من السفن ، وكانوا مسلحين بالبنادق 
والرماح ، وساروا قاصدين دمياط لمهاجمة قوة الجنرال فيال ، فقتلوا الحراس 
الفرنسيين المرابطين في المخافر الأمامية للمدينة ، وظل القتال متواصلا ليلة 
١١ سبتمبر إلى أن رتب الجنرال قواته فتحول موقفه من الدفاع إلى الهجوم ، 
وتمكن من التغلب على الثوار ، وردهم على أعقابهم بعد ما كبدهم خسائر جسيمة ، 
وانسحب معظمهم إلى شاطىء البحيرة ، فركبوا السفن التي كانت تنتظرهم ، واتجهت 
فرقة منهم إلى قرية ( الشعراء ) (٣٧) فتحصنوا بها ، وهذه القرية من دمياط على 
مرمى المدفع ، فاتخذها الثوار معسكراً لهم ، وجاءهم المدد من بحيرة المنزلة ، 
وفي خلال ثورة دمياط قام أهالي عزبة البرج وثاروا بالحامية الفرنسية فقتلوا من 
أدركوهم من رجالها ، ولما علموا في اليوم التالى أن ثورة دمياط أخمدت وأن 
الفرنسيين لا بد آتون للاقتصاص منهم أخلوا البلدة بعيالهم ونسائهم وانحدروا 
في المراكب قاصدين إلى سواحل سوريا ، وقد أنفذ الجنرال فيال حملة على تلك 
البلدة فوجدتها خالية من السكان فنهبتها وأحرقتها وعادت إلى دمياط

واقعة الشعراء 
تشجع الجنرال فيال بالمدد الذي جاءه من المنصورة ، وبحضور الجنرال 
اندريوسي الذي أوفده نابليون ليوطد سلطة الجمهورية في تلك الأصقاع ، فتقدم 
الفرنسيون يوم ۲۰ سبتمبر للاستيلاء على الشعراء ، وكان يدافع عنها نحو ۱٥۰۰ 
من الثوار تحميهم البحيرة من جانب ، والنيل من جانب أخر ، فاقتحم الجنود 
القرية واستولوا عليها عنوة ، ونهبوها وأضرموا فيها النار ، واستولوا على مدفعين 
للأهالي وعلى السفن التي كانت على مقربة من الشعراء ، ويقول الجنرال لوجييه 
في يومياته إن الثوار خسروا في هذه المعركة نحو خمسين قتيلا ، ويقول ريبو

إن الفرنسيين خسروا اثنى عشر قتيلا وثلاثين جريحا(٣٨)

تفاقم الثورة وفظائع الجنرال فيال 
تفاقمت الثورة في البلاد الواقعة بين المنصورة ودمياط ، وتعددت حوادث 
مهاجمة الثوار للسفن الفرنسية المقلة للجنود في النيل ، وقتل في خلال هذه الحوادث 
بعض الجنود والبحارة ، وكانت قرية ميت الخولي الواقعة على النيل أكثر القرى 
اعتداء على السفن ، فقام الجنرال فيال من دمياط في خلال شهر أكتوبر سنة ۱۷۹۸ 
ونزل بطريق النيل ومعه القوة الكافية من الجنود لمعاقبة البلاد التي هاجمت السفن ، 
لكنه أسرف في التنكيل ولم يفرق بين القرى الثائرة والقرى الآمنة الهادئة ، 
وأوقع بها كلها نهباً وإحراقاً ، مر أولا بالظاهرية (٣۹) فوجدها خالية من السكان 
لأن أهلها أخلوها قبل أن تصل إليهم الجنود الفرنسية كي لا يستهدفوا للانتقام ، 
ثم بلغ کفر المياسرة فوجدها كذلك خالية من سكانها ، ومر بالزرقا فوجد 
مشايخ البلد قد لاذوا بالفرار ، ووصل إلى ميت الخولي التي كان أهلها أكثر 
اشتراكا في الاعتداء على الجنود فإذا هم قد أخلوا بلدهم وكانت قرية كبيرة محصنة 
محاطة بسور يحيط به خندق ، فاستولى الجنرال فيال على المدينة وعلى ما وجد فيها 
من الأسلحة، ومنها ثلاثة مدافع قديمة وأمر جنوده بنهب البلدة وإحراقها

واستمر في طريقه بالنيل وأراد أن يفاجىء بقوته قرية الأحمدية الواقعة بالبر 
الغربي ولكن أهلها أخلوها قبل مجيئه ، ثم أتجه إلى شرمساح بالبر الشرقي وعاد 
منها إلى كفر الزعاترة وهي آخر بلدة حط بها أثقاله في هذه الرحلة ، فوجد فيها 
بعض الأهالى الآمنين بعد أن هجرها معظمهم ، ثم عاد إلى دمياط فوصلها ليلة ١٤ 
أکتوبر ومعه بعض الرهائن من أعيان البلاد ، فأرسلهم مخفورين إلى القاهرة

اعترف الجنرال فيال في رسالته إلى الجنرال دوجا بأنه الآمر بنهب ميت الخولي 
انتقاما من الأهالي لاعتدائهم على الجنود الفرنسيين ، وقد لامه نابليون على هذا 
الأمر وأرسل له يقول : « لقد استأت من نهب قرية ميت الخولي وكان يكفي 
تجريدها من السلاح »(٤٠)

وكتب الجنرال لوجييه في يومياته يصف المساوىء التي ارتكبها الجنرال فيال 
في اقتصاصه من ميت الخولي والقرى المجاورة :

« في اليوم الذي عاد فيه الجنود إلى دمياط بعد هذا النهب كانت مدينة دمياط 
أشبه بسوق أو مولد باع فيه الجنود الفرنسية إلى الأروام ما نالته أيديهم من 
النهب والسلب ، فكانوا يعرضون المواشي والطيور والثيران والبقر والخيول 
والحرير والغنم والدجاج والأوز . . . وكثيراً من قطع الذهب والفضة التي كانت 
حلياً للنساء »

وقد أمر نابليون الجنرال دوجا بالانتقال إلى دمياط لمواجهة الحالة الثورية 
فيها ، وكانت فظائع الجنرال فيال وجنوده قد أججت في النفوس نار الكراهية 
واستفزت الأهالي للأخذ بالثأر ، والاستهانة في مقاومة الفرنسيين

وأرسل نابليون إلى دمياط بعض السفن المسلحة لتكون عند أمر الجنرال 
دوجا في بحيرة المنزلة ، ولتضمن بسط سيادة الفرنسيين فيها ، على أن مرکز 
الفرنسيين في جهات دمياط والمنزلة ظل مزعزعاً وسلطتهم مردودة في معظم البلاد ،

كتب الجنرال لوجييه في يومياته يقول :
« لم تتحسن الحالة كثيرا عما كانت عليه حينما جاء الجنرال دوجا لأول مرة 
إلى دمياط ، والسلطة الفرنسية ما زالت منكورة في معظم جهات الدلتا التابعة لهذه 
المديرية ، وفي دمياط نفسها التي تعتبر من أعظم بلاد القطر المصري لا يأمن 
الجندي الفرنسي على حياته إذا هو ذهب إلى حى الوطنيين ، والحامية الفرنسية 
مقصاة في حي الأروام »


الحملة الثانية على البحر الصغير 
رأى نابليون أن نفوذ حسن طوبار يخلق للفرنسيين كثيراً من المصاعب 
ويزعزع سلطتهم في جهات البحر الصغير والمنزلة ويثير في نفوس الأهالي روح 
الثورة ، فعزم أن يجرد عليه حملة ثانية لإخضاعه والاستيلاء على المنزلة ، وكان 
لا يفتأ يهتم بتوطيد سلطة فرنسا في البلاد الواقعة بين النيل ( فرع دمياط ) و برزخ 
السويس لأنها الجهة الشرقية للقطر المصري ، لذلك كان يفكر في تحصين بعض 
المواقع في تلك الجهات لحماية حدود مصر وتأمين مواصلات الجيش ، ولكن 
حوادث الثورة التي شبت في تلك البلاد عطلت وقتاً ما تنفيذ مشروعه 

على أن نابليون أدرك عواقب هذا التأخير ، فأوفد الجنرال اندریوسي 
Andreossi ليقوم بتحصين مصب النيل واتخاذ دمياط موقعاً حربياً منيعاً ودراسة 
بحيرة المنزلة ليتعرف إلى أي حد يمكن استخدامها في حالة الهجوم على مصر من 
جهة سوريا أو الهجوم على سوريا من مصر ، وطلب منه أن يمضي في اكتشافه 
لبحيرة المنزلة حتى آثار مدينة بيلوز القديمة الواقعة في نهاية البحيرة شرقا ودراسة 
فتحاتها على البحر الأبيض المتوسط والتحقق مما إذا كانت السفن الإنجليزية 
أو العثمانية تستطيع الدخول إلى بحيرة المنزلة وإنزال الجنود على شواطئها ، 
وتقدير المسافة بين بيلوز والصالحية ، وأصحبه ببعض المهندسين في مهمته بدمياط 
وبحيرة المنزلة ، ثم أرسل إلى الجنرال رينييه قومندان الشرقية بأن يعاون الجنرال 
اندريوسي في مهمته

وصل الجنرال اندريوسي إلى دمیاط فألفى مركز الفرنسيين مزعزعاً و تعذر 
عليه أن يرتاد بحيرة المنزلة لأن الثورة التي شبت في القرى المجاورة لها كان من نتائجها
أن أوغل أصحاب المراكب في عرض البحيرة بحيث لم يجد مركباً منها ، وكتب إلى 
نابليون يخبره أن لا سبيل إلى تسلط الفرنسيين على بحيرة المنزلة إلا بعد سحق 
حسن طوبار والقضاء على قوته الكبيرة ، فبالاستيلاء على مدينة المنزلة التي يسكنها 
تصبح مرکزاً حربياً للحركات العسكرية في البحيرة وتكون ملتقى المواصلات 
الحربية بين المنصورة ودمياط و ميت غمر والصالحية و بیلوز

أرسل نابليون المدد إلى الجنرال دوجا وكلفه بتجريد حملة عسكرية على مدينة 
المنزلة للاستيلاء عليها وإرسال كتيبة أخرى إلى الجنرال أندريوسي للاستيلاء على جميع 
الجزائر الواقعة في بحيرة المنزلة ، وشدد عليه في هذه الرسالة أن يأخذ حسن طوبار 
ولو بالخديعة (٤۱) وأن يرسله إلى القاهرة ، وأوصاه كذلك بالقسوة على الثائرين 
وإخضاع البلاد الكائنة بين المنصورة ودمياط إخضاعا تاما وأوصاه « بتجريد 
القرى من السلاح وقطع الرءوس وأخذ الرهائن(٤۲) »

التقى الجنرال اندريوسي في دمياط بالجنرال دوجا الذي جاءها من المنصورة 
بعد ما نصبه نابليون قومندانا للمديريتين ، فتبين له أن مركز الفرنسيين مضطرب 
وأن سوء إدارة الجنرال فيال وقسوته كان لهما أثر في اضطراب الحالة و اختلالها ، 
فقد ثبت أنه كان يهاجم القرى الآمنة وهي مطمئنة لم ترفع السلاح في وجه 
الفرنسيين ولا يفرق بينها وبين القرى الثائرة ، وكان يصادر الأهالي ويرهقهم 
بالإتاوات والغرامات ، ونسب إليه بعض زملائه أنه احتكر تجارة الخمور 
في دمياط 

سير الحملة والاستيلاء على المنزلة 
وضع الجنرال دوجا أثناء تعهده لدمياط خطة الحملة التي أمر نابليون بتجريدها 
على جهات المنزلة لإخضاع حسن طوبار ، فاتفق مع الجنرال اندريوسي على أن 
يقصد هذا الأخير إلى مدينة المنزلة بطريق البحيرة على ظهر المراكب التي جمعها
لهذا الغرض، وأن تسير إليها قوة أخرى بقيادة الجنرال داماس Damas بطريق 
البر من المنصورة فتطبق القوتان على المدينة من البر والبحر وبذلك يقضي على 
مقاومة حسن طوبار ، وكانت الخطة المرسومة تقضي بأن يبدأ الجنرال اندر یوسي 
بالإقلاع بسفنه وجنوده قبل أن تتحرك القوة الأخرى من المنصورة بأربع 
وعشرين ساعة

تحركت قوة الجنرال داماس من المنصورة يوم ٤ اکتوبر سنة ۱۷۹۸ الساعة 
السادسة صباحاً ، فأقلت السفن قسما من الجنود وسار القسم الآخر براً محاذيا 
المراكب ، ثم عرجت على بحر أشمون ( البحر الصغير ) الذي كان يتفرع من النيل 
على مقربة من المنصورة(٤٣)

وصف الجنرال لوجييه Laugier أحد قواد هذه التجريدة في يومياته تفاصيل 
هذه الحملة ، قال يصف البلاد التي مر بها :

« دخلت السفن ترعة أشمون ، وهذه الترعة واسعة وعميقة جدا ، على أنها 
تضيق كلما اقتربت من مصبها ببحيرة المنزلة ، وهي تخترق بلاداً غاية في الخصوبة ، 
وعلى شاطئيها غرست أشجار الجميز الباسقة ، و أشجار أخرى تدانيها في العلو ، ولم نجد 
في القطر المصري جهة كثيرة الشبه بفرنسا مثل هذه الجهة ، فبعثت فينا هذه المشابهة 
الشجو والحنين إلى الوطن ، والمسافة بين المنصورة والمنزلة تبلغ عشرين فرسخاً 
عددنا بها خمساً وأربعين قرية كلها آهلة بالسكان »

سارت الكتيبة حتى وصلت إلى منية محلة دمنة ولم تلق في طريقها مقاومة 
تذكر لأن القسوة التي استعملها الجنرال داماس في حملته الأولى وما أصاب أهالي 
الجمالية من الخسائر قد أضعف روح المقاومة ومال بهم إلى الإخلاد ودفع الضرائب 
المطلوبة منهم ، فكانت كل قرية دفعت ما عليها من الضريبة ترسل من أهلها رجلا 
يحمل الوصل بالدفع فينتظر مرور الجملة فإذا أقبلت رأت هذا الرجل واقفاً 
لا يتحرك وقد جعل الوصل في رأس « نبوت » رفعه لهم ليروه ، والقرية التي 
لم تدفع ما عليها تبادر إلى الدفع

ثم وصلت الحملة إلى أشمون(٤٤) في منتصف الساعة السابعة مساء فعسکرت 
ليلها ، وفي اليوم التالي (٥  اکتوبر سنة ۱۷۹۸ ) قبل شروق الشمس تابعت سيرها 
بعد أن أرجع الجنرال داماس إلى المنصورة تسعة من مراكبه الكبيرة التي 
لم تستطع مواصلة السير لأن الترعة بدأت من هذه النقطة تضيق ويقل عمقها 
ويتعذر سير المراكب فيها ، ثم وصلت إلى « الكردي » ؛ وهناك جاء وفد من 
المنزلة يقصد مقابلة قائد الحملة للمفاوضة مع الفرنسيين ويطلب ضماناً بأن لا يعاملهم 
الجيش الفرنسي معاملة الأعداء ؛ ويظهر أن هذا الوفد جاء بايعاز من الشيخ
حسن طوبار لما استيقن بأنه هو المقصود بهذه الحملة العسكرية ، و بالرغم من أن 
الوفد يعلم مبلغ كراهية الفرنسيين لحسن طوبار فإنه لما سئل عن مقاصده أثنوا 
عليه أحسن الثناء ، وقد كتب لهم الجنرال داماس تصريحاً بضمانة أرواح الأهالي 
إذا سلكوا مع الجيش مسلك الولاء

قال الجنرال لوجييه في يومياته : « في كل جهة مررنا بها من المنصورة 
إلى المنزلة كنا نسمع ثناء الأهالي على حسن طوبار وهو محبوب منهم حباً شديداً 
وهو غني تقدر ثروته بالملايين (من الفرنكات) ، يملك الأراضي الواسعة ومصانع 
نسج القطن ومصانع الصباغة والمتاجر الكثيرة »

احتلال المنزلة 
وفي يوم اکتوبر سمع جنود الحملة قبيل الفجر أصوات طلقات البنادق 
آتية من مدى بعيد ، وتبين لهم من اتجاه الصوت أن معركة نشبت على مقربة من 
دمياط ، فسارعت الحملة إلى المنزلة(٤٥) فوصلت تجاهها الساعة العاشرة صباحاً ، 
وكان الأهالي ومعهم حسن طوبار قد أخلوها ولم يبق بها إلا الشيوخ الذين 
لا يقدرون على السير ، والعجائز من النساء ، فدخل الجنود المدينة دون مقاومة
وجابوا طرقاتها وأزقتها ، واستوقف نظر هم منازل حسن طوبار التي كانت 
تسترعي النظر لسعتها وجمال منظرها وبنائها على الطراز الشرقي ، وكانت مقفلة 
الأبواب خالية من السكان ، وقد أراد بعض الضباط ومنهم الجنرال لوجييه أن 
يدخلوها فقيل لهم من الأهالي إن مفاتيح الأبواب غير موجودة فتحوا مدخل 
أحدها ، ولكنهم لاحظوا أن انتهاك حرمة مساكن حسن طوبار يثير غضب 
الأهالي فانسحبوا منها(٤٦) واحتلوا داراً جعلوها المعسكر العام للحملة ، وبالرغم 
من الضمانة التي كتبها الجنرال داماس لوفد المنزلة فإن الجنود قد نهبوا البيوت 
واشتد الصخب وعلت الشكوى ، فاضطر الجنرال داماس إلى إصدار أوامره 
المشددة لمنع النهب ، ورد الجنود إلى النظام ، وبذلك تم للجنرال داماس 
احتلال المنزلة

أما أسطول الجنرال اندريوسي فقد أخفق في مهمته إخفاقاً شديداً ، ذلك 
أن مراكبه أقلعت من دمياط يوم ٣ اکتوبر قبيل الفجر تقل جنوده المجهزين 
بالأسلحة والمدافع وكان عدد هذه المراكب ۱٦ سفينة منها ثلاث سفن حربية

خرجت السفن من بوغاز دمياط ثم عرجت على فم الديبة فرت منه إلى بحيرة 
المنزلة وقطعت هذه المرحلة في ثماني ساعات ، ثم اتجه الجنرال اندريوسي بقوته 
صوب المطرية ، ولكنهم شاهدوا في نحو الساعة الثالثة مساء أسطولا من 
المراكب الشراعية متجهة نحو الشرق ، تحجبه عن القوة الفرنسية الجزائر التي 
في البحيرة ، فواصلت سفن الجنرال اندريوسي المسير حتى اقتربت من المطرية ، 
وقبل أن تصل إليها خرجت مراكب الأهالي فجأة من خلف الجزر التي تحجبها 
وأقبلت على السفن الفرنسية قاصدة الاصطدام بها وإغراقها ، فأدرك الجنرال 
اندريوسي خطورة الموقف ، وخشي عواقب الاصطدام لأن المراكب المصرية
كانت تبلغ مائة مركب ، فنکص راجعاً إلى دمياط وأطلقت المراكب المصرية 
النار على السفن الفرنسية ، فأجابت هذه بإطلاق الرصاص من البنادق والمدافع
التي بها ، وأخذت في الوقت نفسه تتراجع تفادياً من الاصطدام بمراكب الأهالي ، 
وكانت هذه تتعقب السفن الفرنسية قاصدة احتلال دمياط ، ورست بالقرب من 
«المنية(٤٧) » ، لكن القوة الفرنسية أطلقت النار عليها فنبهت الدوريات الفرنسية 
التي كانت تتولى حراسة ضواحي دمياط ، فأقبلت لنجدة الجنرال اندريوسي وظل 
بحارة المراكب الأهلية يناوشون السفن الفرنسية إلى أن انسحبوا في نصف الليل 
وتركوا سفينة تراقب حركات الفرنسيين ، وظلت هذه السفينة على مرأى من 
سكان دمياط طول يوم ٤ اکتوبر ، وفي يوم ٨ اکتوبر أعادت المراكب 
الأهلية كرة الهجوم على دمیاط ، ولكن نار المدفعية الفرنسية والسفن الحربية 
ردتها عن المدينة

كانت حركة المراكب المصرية خطيرة واسعة المدى ، وكادت تكون وخيمة 
العواقب على الفرنسيين لو لم يحبطها احتلال الجنرال داماس لمدينة المنزلة ، فقد
كانت الخطة الموضوعة بالاتفاق بين أهالي المطرية والمنزلة أن يحتلوا دمياط بحراً 
بطريق بحيرة المنزلة ، والظاهر أن المائة سفينة التي شاهدها الجنرال اندریوسي 
في البحيرة كانت تحمل المتطوعين من الأهالي لهذا الغرض ، لكن القوة الفرنسية 
ردتهم عن دمياط ثم جاء احتلال الفرنسيين للمنزلة فأحبط خظة الحملة البحرية التي 
نظمها أهالي المنزلة والمطرية ، وقد كان الفرنسيون جادين في احتلال هاتين 
المدينتين لأنهما يضمنان لمن يستولي عليهما السيادة في البحيرة ، فالمطرية بأسطولها 
المؤلف من المراكب الشراعية والمنزلة بقوة حسن طوبار ونفوذه كانتا مفتاح 
هذه السيادة ، فسقوط المنزلة في يد الفرنسيين شل خطة المقاومة التي وضعها حسن 
طوبار وأشياعه ، على أن هذه الخطة كانت محكمة التدبير لدرجة أن الجنرال 
اندریوسي کتب عنها كثيراً في رسائله لنابليون ، وما قاله في هذا الصدد : « إن 
استبسال العدو في الهجوم على دمياط يثبت أهمية هذا الموقع ، ويظهر أن الأنباء 
التي كانت وصلتنا عن قرب هجوم أهل المطرية والمنزلة على دمیاط وانتظار حسن
طوبار المدد من سوريا لم تكن بعيدة عن الحقيقة لأني لا أعتقد أن الهجوم 
الذي فوجئنا به في البحيرة يستطيع أن يقوم به جماعة من الصيادين فلا يمكن 
لمثل هؤلاء أن ينظموا مثل هذا الهجوم ويحكموه بمثل الحالة التي شاهدناها(٤٨) »

احتلال المطرية 
وبعد أن تم للفرنسيين احتلال المنزلة سقطت المطرية في أيديهم واحتلتها 
قوة الكولونل جازلاس Gazlas ، ثم وصلت إليها السفن الفرنسية من طريق 
بحيرة المنزلة بعد أن أخلاها أهلها وغادروها على ظهر مراكبهم

قضى احتلال المنزلة و المطرية على قوة المقاومة التي كان يديرها حسن طوبار ، 
فلم يجد أمامه سوى الهجرة إلى غزة ، وبذلك انتهت تلك الحركة الواسعة المدى ، 
التي أقلقت بال الفرنسيين زمناً ، وطويت صحيفة مقاومة ذلك الرجل الذي أزعج 
قواد الجيش الفرنسي ، وتردد اسمه في تقاريرهم ورسائلهم ، وورد اسمه غير مرة 
في رسائل نابليون الخالدة كعنوان للمقاومة الأهلية القوية ، وقد ظل بعد هجرته 
إلى غزة مصدر قلق للفرنسيين ، وخشوا أن يفكر في الرجوع إلى شواطىء 
دمياط وبحيرة المنزلة ويستأنف مقاومته ، وجاءتهم أنباء بأنه يعد فعلا قوة من 
المشاة في غزة عزم على نقلها في خمسين سفينة يحتل بها دمياط ، ولكن لم يتحقق 
شيء من هذا العزم ، كتب الجنرال دوجا إلى نابليون في شهر نوفمبر سنة ۱۷۹۸ 
ينقل إليه هذه الأخبار ، ولكن نابليون لم يعرها اهتماماً وكتب إلى الجنرال 
دوجا يقول له :

« وأما عن مشروع حسن طوبار في الإقلاع بسفنه لاحتلال دمياط فمن 
المستبعد أن يفكر في إنفاذ هذا المشروع بسفنه ورجاله المشاة دون فرسان 
ولا مدفعية ، وإذا أقدم على ذلك فهذا هو الطيش بعينه »

وقد عاد حسن طوبار إلى مصر بعد انتهاء الحملة الفرنسية على سوريا و تعهد
بالتزام السكينة والهدوء في منطقته(٤۹) ، ولكن يؤخذ من رسائل الجنرال کلیبر 
أن السلطات الفرنسية لم تكن تثق به ولا تطمئن إليه وكان كليبر في عهد قيادته 
العامة يوصى الجنرال فردییه Verdier بمداراته و مراقبة حركاته (٥۰) إلى أن مات 
سنة ۱۸۰۰ ، ونشرت جريدة ( كورييه دليجبت ) نبأ وفاته في العدد ۷٥ الصادر 
في ۹ ترميدور من السنة الثامنة ( ۲۸ يوليه سنة ۱۸۰۰ ) وقالت عنه ما خلاصته 
« في ۱۰ مسیدور ( ۲۹ يونيه ) مات فجأة حسن طوبار کبیر مشايخ إقليم المنزلة 
مصاباً بالسكتة القلبية ، وكان هذا الرجل عظيم المكانة لأصله العريق وغناه الواسع ، 
وقد هاجر من بلاده في الأشهر الأولى من الحملة وعاد إليها بعد الزحف على سوريا، 
وأذن له الجنرال بونابارت في الرجوع إلى مصر ، فأذعن من يومئذ وأخلد للسكون 
وقد خلفه في شياخه إقليم المنزلة أخوه شلبي طوبار »

هذا ولا يزال حسن طوبار يذكره كبار السن إلى الآن في جهات البحر الصغير 
والمنزلة ويسمونه « حسن طوبار الكبير الذي حارب الفرنسيس »

تحصين منطقة دمياط 
عني الفرنسيون بتحصين منطقة دمياط ، فأنشأوا قلعة بعزبة البرج (٥۱)، و قلعتين 
على مدخل البوغاز شرقا وغربا ، وأقاموا كذلك طابية بالديبة على مدخل بحيرة 
المنزلة غربي أشتوم الجميل ، وأخرى على فتحة أم مفرج من فتحات البحيرة ، و طابية 
ببوغاز البرلس

جزء من خريطة بول لوكاس لمصر
جزء من خريطة بول لوكاس لمصر


ويظهر لنا أن قلاع عزبة البرج والبوغاز أقامها الفرنسيون على أنقاض القلاع 
القديمة التي كانت بها ، فقد ذكر الرحالة فانسلیب vansleb أنه لما جاء إلى مصر
ونزل بدمياط سنة ۱٦۷۲ شاهد عند مدخل البوغاز قلعة قديمة مقامة بالبر الشرقي 
للنيل كانت في حالة تهدم وأبراجها متخربة وفيها بعض مدافع لحماية البوغاز وأن 
هذه القلعة على بضع خطوات من بلدة سماها فانسليب قرية البوغاز ، وحقيقة 
اسمها قرية ( عزبة البرج ) لأنه يقول إن هذه البلدة يسكنها قباطين السفن والبحارة 
الذين يصحبون المراكب في دخولها النيل أو خروجها منه ، والمعروف أن هذه 
البلدة هي عزبة البرج ، ويقول فانسليب أيضاً إنه شاهد في هذه القرية أساس قلعة 
لم تتم ، وشاهد بالبر الغربي قلعة أخرى لحماية البوغاز (٥۲) ، وفي خريطة المسيو بول 
لوكاس Paul Lucas التي خططها سنة ۱۷۱۷ رسم حصنين قائمين على جانبي بوغاز 
دمياط شرقا وغرباً (٥٣) ، وقال السائح الفرنسي جرانجيه Granger الذي جاء مصر 
سنة ۱۷۳ إنه شاهد هذين الحصنين في تلك السنة (٥٤) ، و تكلم عنهما المسيو تيبودو 
Thibaudeau في كتابه فقال إنهما كانا موجودين قبل الحملة الفرنسية ورممهما 
الفرنسيون و نصبوا فيهما المدافع (٥٥) ، و كذلك يقول الجنرال رينييه Reynier أحد 
قواد الحملة الفرنسية (٥٦) إنهما كانا قائمين قبل الحملة ويقول عنهما : « إن هذين 
الحصنين أعدّ الحماية مدخل البوغاز وإن الغرض من قلعة عزبة البرج منع السفن من 
دخول النيل ومنع العدو من التقدم إلى دمياط براً إذا رسى على البر الشرقي »

وإليك ما ذكره العلامة علي باشا مبارك عن هذه الحصون والاستحکامات 
وما زاد عليها في عهد محمد علي وعباس الأول و اسماعيل :

« قد أنشأ المرحوم عباس باشا سكة عسكرية من المدينة (دمياط) إلى البوغاز 
عرضها اثنا عشر مترا في طول ستة عشر ألف متر تمر في وسط المزارع على جملة 
قرى منها عزبة الخياطة وعزبة اللحم والحملة وعزبة الشيخ ضرغام حتى تصل إلى 
قلعة البوغاز الكبرى التي أنشئت زمن دخول الفرنساوية أرض مصر في القرية
القديمة المسماة بقرية البرج التي هدمها بنوبارت سر عسكر الفرنساوية لقيام أهلها 
ليلا على عساکره وذبحوا منهم جملة ، وبنى بأنقاضها تلك القلعة ، ولم يبق من آثارها 
إلا الجامع الذي بوسطها ومنزل صغير به الآن حكمدارها ، ومن إنشاء المرحوم
عباس باشا أيضا القشلاق الكبير الذي هناك على شاطىء النيل وجملة مخازن للبارود 
والمهمات العسكرية وصهريج كاف لشرب العساكر المرابطين بتلك القلعة مع أهل 
عزبة البرج الجديدة التي في شمال القلعة ، ومن إنشائه أيضاً عمارة الكرنتينة ومحل 
الجمرك في جنوب القلعة على شاطىء النيل ، وفي جهتي البوغاز شرقا وغرباً قلعتان 
أنشئتا في زمن الفرنساوية بصورة الاستحکامات الدائمة الموافقة لأسلحة ذلك 
الوقت القريبة المرمى الضعيفة التأثير ، وكانت قلعة الغرب مبنية بشكل سور 
مستدير محيط بالبرج القديم المستدير الذي به مقام الشيخ يوسف في محل يعرف 
برأس البر ، ثم إن ساحل البر من بوغاز دمياط إلى بورت سعيد لم يكن به قلاع 
سوى قلعة ( الديبة ) القديمة التي بنيت في زمن الفرنساوية بشكل بلانقة مربعة 
وفي وسطها برج مربع شاهق يرى من مسافة بعيدة وبينها وبين بوغاز دمياط اثنان 
وثلاثون ألف متر ، وكانت على شريط الساحل القليل العرض الفاصل بين المالح 
وبحيرة المنزلة للحماية من دخول المراكب من أشتوم الديبة القديم ، وكذا الساحل 
الغربي من بوغاز دمياط لبوغاز بحيرة البرلس لم يكن به قلاع سوى قلعة بوغاز 
البرلس الغربية المحاذية لسراية طبوزاغلي حاكم البرلس سابقاً ، وهي أيضاً أنشئت 
في زمن الفرنساوية بشكل بلانقة مربعة ذات أبراج مستديرة ، وكان إنشاؤها 
بمعرفة الأمير ( الجنرال ) مينو الذي تقلد إمارة مصر بعد موت الأمير (الجنرال) 
کلیبر كما دلت عليه النقوش التي وجدت على بابها ، وقد حفظ مع أنقاضها التي وضعت 
في بناء القلعة الجديدة ، وكانت أماكن تلك القلاع قبل دخول الفرنساوية مراكز 
للمرابطين للمدافعة ، فلما رأوا أن مواقعها هي أعظم النقط اللائقة للاستحکامات 
بنوا فيها تلك القلاع فمحيت معالمها القديمة ما عدا برج ولي الله الشيخ يوسف 
المرابط فإنه لم يزل إلى الآن ؛ وفي زمن المرحوم محمد علي باشا قد رممت تلك القلاع 
وأجري فيها بعض عمارات ؛ وكذلك في زمن المرحوم عباس باشا فإنه أنشأ أربعة
ابراج في غربي بوغاز دمياط بينه وبين أشتوم الجمعة وهو مصب فرع بحر شبين ، 
وأنشأ أيضاً برجاً فوق أشتوم الجميل في شرقي قلعة الديبة ، وجميع ذلك كان بمعرفة 
جليس بك مدير عموم الاستحكامات المصرية ؛ وفي زمن الخديوي اسماعيل باشا 
قد أوصلت السكة الحديد والتلغرافات إلى السنانية وأنشأ بها جملة مبان عسكرية 
ومنها قشلاق الفوريقة الجديدة المنشأة مع جملة فوريقات في زمن العزيز محمد علي 
باشا جعل لإقامة ألاي بيادة بعد ما أضاف اليه جملة مبان كافية للوازمه ، ثم أنشأ 
قشلاقا آخر بجهة السنانية قريباً من محطة السكة الحديد ، وأنشأ في غربيه اسبتالية 
للعسكر تسع خمسمائة سرير ، وأوصل خط التلغراف إلى قلعة العزبة الكبرى وإلى 
قلاع البوغاز ، وأجرى بقلعة العزبة الكبرى جملة عمارات وترميمات بداخلها 
وخارجها مع تجديد استرات خنادقها وبناء خطوط نيرانها القديمة وتسميك دوراتها
حسب أصلها حتى صارت تقاوم مقذوفات العدو ، وعمر الجامع القديم الذي في 
وسطها والمنزل الذي هناك ، وأنشأ حول كل من القلاع القديمة والأبراج قلاعا 
حصينة أقوى من تلك القلاع القديمة بأوضاع مغايرة لها كما أنشأ جملة قلاع من 
هذا القبيل على عموم السواحل وجعلها من أعظم القلاع الحصينة لأجل مقاومة 
الأسلحة الجديدة البعيدة المرمى الشديدة التأثير ، وجعل لها قشلاقات لإقامة 
العساكر المرابطين بها ، ومخازن عظيمة للبارود والجلل والمهمات ، ولزيادة تحصينها
جعلها في أسفل الدراوي السميكة بحيث تأمن من تأثير مقذوفات العدو ، كما أنه 
وضع في جميع هذه القلاع المدافع العظيمة الكافية ذات العيار الكبير والمرمى 
البعيد المعروفة باسم مخترعها « ارمسترنج » الانكليزي ؛ وجميع هذه الاستحکامات 
والعمائر جار على حسب التصميمات المعمولة بمعرفة أمير اللواء محمد باشا المرعشلي 
باشمهندس عموم الاستحکامات وقتئذ »(٥٧)

(۱) كانت مديرية الدقهلية تعرف بمديرية المنصورة ، ولم يكن اسم الدقهلية شائعاً في ذلك العصر ، 
ومع ذلك فهو الاسم الذي عرفت به قديما ، فقد سميت باسم الدقهلية في خطط المقريزي (الجزء الأول)، 
وذكرها بهذا الاسم القاضي يحيى بن الجيعان في كتابه ( التحفة السنية بأسماء الديار المصرية ) الذي 
يتضمن تخطيط مصر في القرن الخامس عشر الميلادي ، وذكرها كذلك الرحالة وانسليب Vansleb 
الذي جاء مصر سنة ۱۹۷۲ باسم كاشفية ( مديرية ) الدقهلية ، فيؤخذ من ذلك أن تسميتها باسم 
( مديرية المنصورة ) لم يكن مألوفاً إلا في القرن الثامن عشر ، ولم يذكرها الجبرتي باسم الدقهلية 
إلا مرة واحدة . وقد جرينا في سياق الكلام على ما كان معروفا في ذلك العصر وهو 
( مديرية المنصورة ) .
(۲) انظر ص ۰۲٥۰ 
(٣) التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية . ريبو . الجزء الثالث .
(٤) جاء في يوميات الجنرال ( لوجييه ) Laugier أنه عثر على جندي جريح من جنود حامية 
المنصورة كان مختفياً في إحدى القرى فقص عليه الحادثة وكتب لوجييه بها تقريراً وهو لا يخرج في 
مجموعه عما ذكرناه ويقول المسيو « شابرول » Chabrol أحد مهندسي الحملة الفرنسية في بحثه 
المنشور بكتاب تخطيط مصر الجزء الثاني عشر إن عدد جنود حامية المنصورة كان ۱۲۰ مقاتلا وان 
العرب أسروا اثنين منهم وفر ثالث وهؤلاء الثلاثة هم الذين نجوا من القتل ، ويقول الكابتن 
ساباتييه Sabatier أحد ضباط فرقة الجنرال فيال التي زحفت على المنصورة ثم تابعت سيرها إلى 
دمياط إن عدد جنود الحامية الذين تركهم الجنرال فيال بالمنصورة ١٦٠ مقاتلا
(٥) التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية الجزء الثالث 
(٦) كلوت بك. لمحة عامة إلى مصر الجزء الثاني 
(٧) من بلاد مركز أجا الآن
(٨) كلوت بك ، لمحة عامة إلى مصر . الجزء الثاني 
(۹) راجع ص ۲۱٦ وهامشها
(١٠) مراسلات نابليون الجزء الرابع وثيقة رقم ۳۰۷۲
(١١) مراسلات نابليون الجزء الرابع وثيقة رقم ۳۲۰۱ 
(١۲) التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية الجزء الرابع
(١٣) بمركز زفتى الآن 
(١٤) من بلاد مركز ميت غمر
(١٥) كتبت جريدة ( كورييه دليجبت ) بالعدد الثامن أن معركة سنباط انتهت بإحراق القرية 
وخسر العرب فيها خمسمائة قتيل عدا من غرق منهم واستولى الفرنسيون على ستة آلاف رأس من الغنم
(١٦) يوم ۲۸ سبتمر سنة ۱۷۹۸
(١٧) كتب نابليون في ١٤ سبتمبر سنة ١٧۹٨ إلى الجنرال دوجا يقول : "أرجوك يا مواطني الجنرال
أن تخبرني بالطريق الذي أزمعت السير فيه للوصول من المنصورة إلى بلبيس ومن المنصورة إلى الصالحية
وبأية طريقة يمكن نقل المدفعية والفرسان في هذه الجهة ، وما هي أسماء القرى الواقعة على النيل في
إقليم المنصورة وما هي نتيجة اكتشافكم للترع الثلاث التي تأخذ من النيل وتصب في بحيرة المنزلة"
(١٨) هو الاسم الذي كان يطلق على الترعة الكبيرة المعروفة الآن بالبحر الصغير
(١۹) يقول الجنرال لوجييه augierا في يومياته إن عدد المراكب التي بحيرة المنزلة في ذلك العصر 
بلغ الألف
(۲٠) التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية الجزء الرابع 
(۲۱) أحد قوات الحملة الفرنسية انظر ما كتبناه عنه بالفصل الرابع ص ۱۳۲ 
(۲۲) کتاب تخطيط مصر الجزء الحادي عشر
(۲٣) منية محلة دمنه ، والقباب الكبرى . ودموه السباخ من بلاد مركز دكرنس وهي واقعة على 
البحر الصغير ( بحر أشمون)
(۲٤) و (۲٥) و (۲٦) و (۲٧) من بلاد مركز دكرنس على البحر الصغير 
(۲٨) من بلاد مرکز دكرنس على البحر الصغير
(۲۹) من بلاد مركز دكرنس على البحر الصغير
(٣٠) أشار نابليون إلى واقعة الجمالية في رسالته إلى الديركتوار بتاريخ ۱۷ أكتوبر سنة ۱۷۹۸ 
بقوله : « بلغ الجنرال داماس الجمالية فهجمت قوة من العرب منضمين إلى الفلاحين على جنودنا ، فاتخذت 
التدابير الحربية التي انتهت برد هذا الهجوم ، وامتاز الضابط جازلاس في هذه الواقعة »
(٣۱) يوميات الجنرال داماس بتاريخ ۲۹ سبتمبر سنة ۱۷۹۸ 
(٣۲) من فتحات بحيرة المنزلة على البحر الأبيض المتوسط
(٣٣) التاريخ العلمي والحربي للحملة الفرنسية الجزء الرابع 
(٣٤) تخطيط مصر الجزء التاسع 
(٣٥) لمحة عامة إلى مصر الجزء الأول 
(٣٦) التاريخ الطبي لجيش الشرق
(٣٧) جنوبي دمیاط على مقربة من البحيرة والآن على ترعة الشرقاوية
(٣٨) ذکر نابليون في منشور من منشوراته العسكرية ( بتاریخ ۲٤ سبتمبر سنة ۱۷۹۸ ) واقعة 
الشعراء ولكنه بالغ في وصفها إذا ذكر أن عدد الثوار فيها كان عشرة آلاف وأن خسائرهم 
بلغت ۱٥۰۰ قتيل وغريق ، وهذا المنشور وارد في مراسلات نابليون الجزء الخامس وثيقة رقم 
۳۳۸٥ ، وليس من المعقول أن يحتشد في ( الشعراء ) عشرة آلاف ثائر مهما كان عدد المدد الذي 
جاء من البلاد المجاورة أو من بحيرة المنزلة ، وبالتالي لا يعقل أن تبلغ خسائر الأهالي ۱٥۰۰ قتيل 
والظاهر أن هذه المبالغة راجعة إلى الإحصاء المكذوب الذي أورده الجنرال فيال في رسالته إلى 
نابليون عن المعركة لينتحل لنفسه فخراً لا يستحقه ولتعظم منزلته عند نابليون ، على أن فيال هذا 
ذكر في رسالة له إلى الجنرال دوجا عن هذه الواقعة أن عدد قتلى الثوار فيها لم يزد عن ثلثمائة ، 
وفي هذا أيضاً مبالغة ، والواقع أن الجنرال فيال كان معروفا عنه المبالغة والإغراق في رسائله وتقاريره ، 
وقد أشار الجنرال ( لوجييه ) في يومياته إلى مبالغاته وذكر بالذات أرقامه عن واقعة الشعراء فقال 
في هذا الصدد : « إن الجنرال فيال بالغ في تقريره مبالغة مدهشة فجعل خسائر الأعداء ( الأهالي ) 
۱٥۰۰ قتيل في حين أن خسارتهم لم تبلغ خمسیں قتيلا » ، وهذا الإحصاء هو الذي اعتمدنا عليه
(٣۹) بمديرية الغربية على الشاطىء الغربي لفرع دمياط شمال شربين وتسمي الضهرية
(٤٠) مراسلات نابليون الجزء الخامس وثيقة رقم ۳٤۷۹
(٤۱) رسالة نابليون إلى الجنرال دوجا في ٤ سبتمبر سنة ۱۷۹۹ . مراسلات نابليون الجزء 
الخامس وثيقة رقم ۳۳۷٤
(٤۲) مراسلات نابليون الجزء الخامس وثيقة رقم ۳۳۷٤
(٤٣) الآن يتفرع من ترعة المنصورية
(٤٤) من بلاد مركز دكرنس ومعروفة الآن بأشمون الرمان
(٤٥) يبلغ عدد سكان المنزلة في ذلك العصر نحو ألفي نسمة كما قدرهم الجنرال اندريوسي في تقريره 
الذي قدمه إلى المجمع العلمي وذكر عنها أنها مصانع لنسيج الحرير والكريشة والملايات وبها
بعض مصانع الأقمشة
(٤٦) يوميات الجنرال لوجيه
(٤٧) جنوبي دمياط بغرب 
(٤٨) رسالة الجنرال اندريوسي إلى نابليون في ٦ أكتوبر سنة ۱۷۹۸
(٤۹) جاء في جريدة ( كورييه دلیجبت ) وهي الجريدة شبه الرسمية للحملة الفرنسية بالعدد الصادر 
في ۲٦ مسیدور من السنة السابعة للجمهورية ( يوليه سنة ۱۷۹۹ ) أن حسن طوبار قدم خضوعه في 
أوائل شهر مسیدور ( يونيه ) وأبقى ابنه رهينة لدى الفرنسيين ليضمن إذعانه ، وجاء في رسالة 
نابليون إلى الجنرال كليبر ( حاكم منطقة دمياط وقتئذ ) بتاريخ ۲۳ يونيه سنة ۱۷۹۹ أن حسن طوبار 
ترك ابنه بالقاهرة في مساء ذلك اليوم رهينة على أن يسافر هو إلى دمياط 
(٥۰) رسائل كليبر إلى الجنرال فردييه بتاریخ ۲۹ اکتوبر سنة ۱۷۹۹ و ۲۲ مايو سنة ۱۸۰۰ 
(٥۱) الواقعة بالبر الشرقي للنيل تجاه رأس البر الآن
(٥٣) رحلات المسيو بول لوكاس في مصر 
(٥٤) رحلة في مصر للمسيو جرانجيه 
(٥٥) تاريح نابليون بونابارت ، حملة مصر الجزء الثاني طبع سنة ۱۸۲۸ 
(٥٦) في كتابه ( مصر بعد معركة عين شمس )
(٥٧) الخطط التوفيقية للعلامة على باشا مبارك الجزء الحادي عشر


المصدر: كتاب "تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر"، الجزء الأول لعبد الرحمن الرافعي، من الصفحة ٣٢٠ حتى ٣٥٠.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق