القسم الثاني
اقتراح اتخاذ الحروف اللاتينية لرسم الكتابة العربية
[قدمه حضرة صاحب المعالي عبد العزيز فهمي باشا عضو المجمع
إلى المؤتمر في جلستي 24 و31 يناير سنة 1944 م.] (1)
كلمة أولى
1- لا شك عندي أن حضرات المستشرقين ، من بريطانيين وفرنسيين
وإيطاليين وألمان وأمريكيين ، يعجبون منا نحن الضعاف الذين يطأطئون
كواهلم ، أمام تمثال اللغة، لحمل أوزار ألف وخمسمائة سنة مضت . إنهم رجال
عظماء انقطعوا للعلم والبحث في اللغات الشرقية القديمة ، بائدها وقائمها ، لا لأنهم
يريدون أن يستعملوا لغتنا العربية أو غيرها من تلك اللغات الشرقية فيما بينهم ،
أو اتخاذها وسيلة للتفاهم بين أقوامهم ، بل لأنهم في الحقيقة مؤرخون ، مهمتهم
النبش في الحفريات اللغوية القديمة ، فهم ينبشون آثار الفراعنة لتعرف لغتهم
الهيروجليفية ، وينبشون آثار الأشوريين والكلدانيين واليمنيين ، كيما يعثروا على
نص منقوش في الحجارة ، يستدلون منه على لغة كل قوم . ثم هم يقارنون
ويضاهئون ، كيما يخرجوا من المقارنة ومضاهأة القديم بالقديم، وتطبيق القديم
والحاضر بعضهما على بعض، بنتيجة يقررونها تفيد الناس العلم بماضي كل لغة
وما طرأ عليها من التطور حتى وصلت إلى أهلها في عهدهم الحاضر ، كما تفيد غالبا
العلم بما طرأ على كل أمة من ناحية رقي حضارتها وتدهورها . وللمستشرقين لذة
__________________________
(1) طبعه المجمع اللغوي أول مرة بالمطبعة الأميرية في فبراير سنة 1944، وهذه طبعته الثانية.
المصدر: عبد العزيز فهمي - الحروف اللاتينية لكتابة العربية - أغسطس سنة 1944 ، القاهرة مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية 40 شارع نوبار باشا (سابقا شارع الدواوين)