النص الوارد بالأسفل منسوخ من كتاب البلدانيات للسخاوي من موقع المكتبة الشاملة صيغة epub، صفحة 89 وما بعدها
22 - وسئلت: عن ثغر دمياط هل فتح صلحًا أو عنوة؟
فأجبت: بأني قد راجعت «فتوح مصر» لابن عبد الحكم، و «معجم البلدان» لياقوت، و «ترصيع الأخبار في البلدان» للعدوي، و «المسالك» لابن فضل الله، «وتاريخ الإسلام» للذهبي، وغيرها من الخطط والتواريخ، فلم أظفر بذلك صريحًا. نعم، قد وقفت على ما يفهم أنها فتحت عنوة. فقرأت بخط الحافظ أبي عبد الله الذهبي في «تاريخه» ما صورته: وعن عمرو بن العاص أنه قال على المنبر: لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد عليّ عهد ولا عقد، إن شئت قتلت وإن شئت بعت وإن شئت خمست، إلا أهل انطابلس فإن لهم عهدًا نفي به. وعن ابن عمر قال: افتتحت مصر بغير عهد. وكذا قال جماعة. انتهى.
ثم يسر الله تعالى بالوقوف على التصريح بذلك فقرأت في كتاب «الشواهد والاعتبار في ذكر الخطط والآثار» للشيخ تقي الدين المقريزي ما صورته: ولما قدم المسلمون إلى أرض مصر كان على دمياط رجل من أخوال المقوقس يقال له الهاموك، لما افتتح عمرو بن العاص مصر امتنع الهاموك بدمياط واستعد للحرب، فأنفذ إليه عمرو بن العاص المقداد بن الأسود في طائفة من المسلمين فحاربهم الهاموك وقتل ابنه في الحرب فعاد إلى دمياط، وجمع إليه أصحابه، فاستشارهم في أمره وكان عنده حكيم قد حضر الشورى فقال: أيها الملك! إن جوهر العقل لا قيمة له وما استغنى به أحد إلا هداه إلى سبيل النجاة والفوز من الهلاك، وهؤلاء العرب من بدء
أمرهم لم ترد لهم راية وقد فتحوا البلاد وأذلوا العباد وما لأحد عليهم قدرة ولسنا بأشد من جيوش الشام ولا أعز، وأمنع وأن القوم قد أيدوا بالنصر والظفر، والرأي أن يعقد مع القوم صلحًا ننال به الأمن وحقن الدماء، وصيانة الحرم فما أنت بأكثر رجالاً من المقوقس فلم يعبأ الهاموك بقوله وغضب منه فقتله، وكان له ابن عارف عاقل وله دار ملاصقة للسور فخرج إلى المسلمين في المسلمين في الليل ودلهم على عورات البلد فاستولى المسلمون عليهم وتمكنوا منها وبرز الهاموك للحرب، فلم يشعر بالمسلمين إلى وهم يكبرون على سور البلد وقد ملكوه فعندما رأى شطا ابن الهاموك المسلمين فوق السور، لحق بالمسلمين ومعه عدة من أصحابه ففت. ذلك في عضد أبيه واستأمن المقداد فتسلم المسلمون دمياط، واستخلف المقداد عليها وسير بخبر الفتح إلى عمرو بن العاص، وخرج شطا، وقد أسلم البرلس والدميرة، وأشموم طناح، فحشد أهل تلك النواحي وقدم بهم مددًا للمسلمين وعونًا لهم على عدوهم وسار بهم مع المسلمين لفتح تنيس، فبرز إلى أهلها وقاتلهم قتالاً شديدًا، حتى قتل رحمه الله في المعركة شهيدًا بعدما أنكى فيهم وقتل منهم فحمل من المعركة ودفن في مكانه المعروف به الآن خارج دمياط، وكان قتله في ليلة الجمعة النصف من شعبان فلذلك صارت هذه الليلة من كل سنة موسمًا يجتمع الناس فيها من النواحي عند شطا ويحبونها وهم على ذلك إلى اليوم، وما زالت دمياط بيد المسلمين إلى أن نزل عليها الروم في سنة تسعين من الهجرة. انتهى.