الثلاثاء، 9 أغسطس 2022

«الميني جيب» يفصل تلميذة في الثانوية العامة!

«الميني جيب» يفصل تلميذة في الثانوية العامة!
«الميني جيب» يفصل تلميذة في الثانوية العامة!


«الميني جيب» يفصل تلميذة في الثانوية العامة!
قرار لناظرة مدرسة في العجوزة تؤيده النيابة .. ويثير مناقشات واسعة
هل القرار من حق الناظرة دون الرجوع الى الوزارة؟ وهل يسمج لتلميذة الثانوي بنفس حرية طالبة الجامعة؟
تحقيق
محمود مهدي 
حسين غانم
فصلت مدرسة في العجوزة تلميذة في الثانوية العامة لاصرارها على الميني جيب. تقدمت التلميذة بشكوى الى البوليس ، تولتها النيابة بالتحقيق تتهم فيها الناظرة بضربها .. انتهت بعد التحقيق بقرار من النيابة بالحفظ لعدم الصحة وتأييد قرار المدرسة بفصلها بسبب الإصرار على ارتداء جونلة فوق الركبة .
اثار الحادث — الذي يمثل قمة الخلاف حول ارتداء الطالبات للميني جيب — أصداء ومناقشات واسعة .
اذا كان الجدل الذي ثار في بداية العام الدراسي حول ارتداء طالبة الجامعة للبنطلون أو الميني جيب ، قد انتهى بسرعة استنادا الى ان طالبات الجامعة يصبحن مع بداية هذه المرحلة النهائية من التعليم على وعي يسمح لهن بممارسة الحرية على مسئوليتهن ..
واذا كان عميد كلية الفنون الجميلة لم ير أي داع — برغم خطابات التهديد بحرق الكلية — لان يطالب من اي طالبة ان تمتنع عن ارتداء الميني جيب . .
اذا كان هذا هو الحال في الجامعة فان الامر — على ما يعتقد الكثيرون يختلف تماما بالنسبة لتلميذات الثانوي.
المدارس لا توافق
مدارس البنات الثانوية تحرص — فيما يبدو من وقائع الطرد من الفصول — على الا ترتدي بناتها الميني جيب .. 
وكانت آخر هذه الوقائع قرار لناظرة مدرسة الحلمية الثانوية للبنات بطرد ٣٠ تلميذة بسبب الميني جيب ..
وقدمت التلميذات شكوى الى قسم شرطة الخليفة بالتظلم من قرار الناظرة . . ولكن الشرطة رأت أن الناظرة على حق ، ورفضت الشكوى ، ولم تسمح للتلميذات بالعودة الى المدرسة الا بعد ان تعهدن بعدم العودة لهذه الملابس ... ثم كانت الواقعة الأخيرة التي حدثت في المدرسة القومية الثانوية للبنات بالعجوزة ، وانتهت بفصل التلميذة وفاء عبد السميع (۱٧ سنة) فصلا نهائيا لإصرارها على ارتداء «الميني جيب» .
شكوى من الضرب !
لقد تكشفت الحقيقة من خلال اتهامات متبادلة كثيرة . . 
فقد تقدمت التلميذة ببلاغ الى شرطة العجوزة تتهم فيه ناظرة مدرستها بالاعتداء عليها بالضرب .
لم يجد المقدم منير كامل نائب مأمور قسم العجوزة أمامه الا تحويل الشكوى للنيابة ، وقد حدث .. واستدعى اسماعيل حمدي وكيل أول نيابة العجوزة السيدة سعدية الخواص ناظرة المدرسة وأجرى معها تحقيقا .
الميني . . هو السبب
قالت الناظرة : «ان التلميذة اعتدت بالضرب منذ شهر على السيدة عليه الدمهوجي المدرسة الأولى بالمدرسة ، فاضطرت الى فصلها لمدة أسبوع مع عدم السماح لها بالعودة الا بحضور ولي امرها ، وسماعه شكوى المدرسين والمدرسات من سلوك التلميذة الذي أصبح امتدادا لاصرارها على ارتداء الميني جيب رغم التنبيه عليها .. وقد تعهد ولي أمرها بتنفيذ تعليمات المدرسة بعد أن أكدت له أنني سأضطر الى فصلها نهائيا اذا تكررت الشكوى 
وأضافت الناظرة : «ذات صباح .. تلقيت من السيدة فوزية فوزي مدرسة اللغة الفرنسية بالمدرسة شكوى ضد التلميذه من اصرارها على ارتداء الملابس القصيرة .. وعدم تأديتها للواجب ، واحداثها للشغب بالفصل .. الأمر الذي يؤدي إلى خروج التلميذات على النظام . . ونظرا لتكرار الشكوى منها ، واستمرار ارتدائها الملابس القصيرة الضيقة ، مما لا يتناسب مع جو المدرسة ، اضطررت لإصدار قرار بفصلها نهائيا .
وأمام وكيل النيابة نفت السيدة سعدية الخواص واقعة الضرب وأيدتها في ذلك المدرسة الاولى ومدرسة اللغة الفرنسية
ماذا تقول التلميذة؟
وقالت التلميذة : « ان الناظرة ضربتها وكانت تضطهدها من أول يوم دخلت فيه المدرسة ، وكانت تعلل ذلك في بادئ الأمر بسبب أنها ليست من تلميذات المدرسة ، لأنها محولة هذا العام فقط من مدرسة قصر النيل
ثم تروي التلميذة قصة ما حدث لها في آخر يوم بالمدرسة : « حدثت مشادة بين معظم تلميذات فصل ٤/٣ أدبي وبين مدرسة اللغة الفرنسية بسبب عدم عمل الواجب ، فاستدعت الناظرة لمعاقبتنا ورغم أني لم أكن موجودة بالمدرسة يوم طلب هذا الواجب فقد أصرت على ضربي ، فأصابتني بجروح واضحة في رقبتي ، ذهبت الى قسم بوليس العجوزة اشكوها . . ولكنهم لم يعترفوا بشهادة الطبيب الخاص الدكتور هنري بدريات وطلبوا مني أن أتوجه لمستشفى العجوزة للحصول منه — كجهة رسمية على شهادة تثبت إصابتي لإرفاقها بالبلاغ 
ثم تنكر التلميذة تماما ارتدائها لأي ملابس قصيرة أو « محزقة » ، وتؤكد والدتها بالطبع أنها تحرص على ارتداء الملابس « الحشمة »
النيابة تؤيد الفصل
وبعد ثبوت الواقعة . . وبالتالي استبعاد النيابة لها لعدم اقتناعها بما قدمته التلميذة بشأنها يبقى قرار الفصل منصبا على ارتداء «الميني جيب» فقط .
يقول اسماعيل حمدي وكيل أول نيابة العجوزة الذي اجرى التحقيق في تبريره لتأييد قرار الناظرة :
« ان المدرسة بالنسبة للتلميذ محراب مقدس تتلقى فيه العلم ،ـ ويجب ان تتوفر له هذه القدسية . . فاذا أصرت تلميذة على ارتداء الملابس القصيرة ونصحت بالعدول عن هذا المسلك دون جدوى ، فلا بأس من أن تستعمل الناظرة سلطتها في فصلها »
ولكن هل للناظرة فعلا سلطة فصل تلميذة ، لأي سبب تراه مخلا بقدسية المدرسة ووقارها دون الرجوع الى الوزارة أولا ؟
الناظرة لها الحق
تقول السيدة فاطمة عنان مديرة التنسيق والتوجيه الفني للتعليم الثانوي : 
ان قانون التعليم الصادر في عام ١٩٦٨ نص على أن يكون لكل مدرسة [ بما في ذلك المدارس الخاصة ] مجلس إدارة برياسة الناظر وعضوية وكيل المدرسة والمدرسين الأوائل والمشرف الاجتماعي والرائد العام [أحد هيئة التدريس] وعضو من مجلس الآباء وعضو من الاتحاد الاشتراكي ورئيس اتحاد الطلاب . ويكون هذا المجلس بمثابة هيئة استشارية تعود اليه المدرسة في كل ما تريد البت فيه من اعادة قيد او فصل او أي مشاكل مدرسية ثم تعرض قراراته على مديرية التربية والتعليم للأخطار والتصديق فقط .
هذا النظام — في رأي المديرة — ضروري ، لان المدرسة وحدها می اعرف الأطراف بشئون تلاميذها وبالنسبة لحالة التلميذة « وفاء » فإنها تمردت على تعليمات وأنظمة المدرسة في اطار اصرارها على ارتداء زي لا ترتضيه المدرسة .. ولذلك فان من حق الناظرة ان تعاقبها بما تشاء .
لو تعهد الأب 
ولا اعتراض عند الأستاذ أحمد خاکي، وكيل وزارة التربية والتعليم السابق والمدير الحالي للمعاهد القومية التي تتبعها مدرسة السيدة المفصولة ، على قرار الناظرة . . ويقول : 
« صحيح أن مثل هذا القرار بالفصل النهائي لم يصدر من قبل ضد اي تلميذة في المدارس التابعة للمعاهد القومية ، ولكن هذا لا يبرر عدم صدوره لو تطلب الأمر . ان للناظر مطلق الحرية ولكنه يرى أن مثل هذا القرار كان يمكن عدم صدوره لو تصرف ولي الأمر بغير ما تصرف به . .كان يمكنه مثلا ان يتصل بإدارة المعاهد القومية أولا وقبل تبليغ الشرطة ويأخذ على نفسه التعهدات اللازمة بأن لا تعود التلميذة الى ما يخالف تعليمات المدرسة . . ويعتقد الأستاذ احمد خاکي ان الناظرة في هذه الحالة لم تكن لتمانع في قبول إعادة قيد التلميذة . .
ویدافع ولي الأمر : « انني اتصلت بأکتر من جهة .. ورجوت الناظرة کثیرا .. وابديت قبولي لكل ما تريده المدرسة .. ولم أذهب الى القسم الا لاثبات واقعة الضرب .. التي انتهت بعدم اقتناع النيابة بها ، ولكن الناظرة رفضت .. واصرت على الفصل » .
كل الآراء 
والسؤال الان :
هل يمكن ان يؤدي مثل هذا القرار الى وقف ارتداء البنات للميني جيب في المدارس ؟
بل .. هل يصح ان يترك لتلميذة الثانوي حرية أن ترتدي ما تشاء ؟
في كل ما قيل .. تكاد تتركز كل الاتجاهات في تيار واحد ..
ان أي أثر يمكن أن يصنعه ارتداء طالبة الجامعة للميني جيب في أي طالب سوف يظل محكوما بالنظم الجامعية والروح الجامعية ، ولها من سنها وتصرفات هذه السن ما يتيح لها أن تحيط نفسها بما يجب أن تحاط به في الشارع أو المواصلات .
ولكن تلميذة الثانوي الصغيرة لا تجد ما يحكم تصرفات تلاميذ مدرسة مجاورة او أي شخص في الشارع .
ومن هنا يأتي حرص المدارس الثانوية على حماية التلميذة بمنعها من ارتداء الميني جيب حتى اذا أرادت .. وكذلك حماية باقي التلميذات في المدرسة من اتخاذها قدوة ، خصوصا إذا كانت في السنة النهائية . وإذا كان يمكن التجاوز من الميني جيب بالنسبة لتلميذات في السنوات الأولى في الثانوية بوصفهن ما زلن أطفالا .. فان تلميذة السنوات النهائية في سن حرجة وخطرة قد يصنع فيها الكثير مجرد تعليق عابر على ساقيها مثلا !
.. وتتوالى الآراء : 
أحمد الوتيدي وكيل وزارة الشباب الحل الأفضل في رأيي لتجنب تكرار مثل هذا القرار ، هو إلزام التلميذات بزي موحد تراعى فيه البساطة حتى المرحلة الثانوية ، وقد يكون القرار ظالما في مظهره ، ولكنه ضرورة كآخر مراحل النصح و الإنذار .
د. زينب السبكي مدير بنك الدم ارتداء « الميني جيب » وكل الملابس الخارجة التي تتنافى مع ديننا وتقاليدنا لا تستوجب فصل التلميذة فقط ، بل تستوجب تطليق الرجل لزوجته التي تصر على ارتدائها .
د. حسن الشريف وكيل جامعة القاهرة يجب ان يكون قرار الفصل هو آخر مراحل النصح والإنذار ، بحيث لا نقدم عليه إلا إذا تأكدنا من إصرار التلميذة على « الميني جيب » .
حسن منصور رئییں رعاية الشباب بالمعهد العالي للتربية الرياضية من أهم عوامل انحراف الشباب ظهور الفتيات « بالميني جيب » واذا كان واجبا القضاء عليه في الشارع فإنه أوجب ان يحرم داخل المدارس . واذا لم تحرص المدرسة من البداية على غرس مبادئ ديننا والتمسك بتقاليدنا ، فإنها تتخلى من جانب كبير من رسالتها .

المصدر: من جريدة الأهرام بتاريخ الأربعاء ٨ أبريل عام ١٩٧٠ (رابط)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق