الجمعة، 20 نوفمبر 2020

نص مخطوط أنيس الجليس في أخبار تنيس

تنيس والمنطقة المحيطة بها في القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي

نص مخطوط أنيس الجليس في أخبار تنيس لابن بسام المحتسب كما حققه الدكتور جمال الدين الشيال (رابط).

القسم الثاني
كتاب أنيس الجليس في أخبار تنيس
تأليف الإمام العالم العلامة الأديب الحافظ شمس الدين محمد بن الشيخ شهاب الدين أحمد 
المعروف بابن بَسَّام المحتسب التِنِّيسي، رحمه الله ، آمين

بسم الله الرحمن الرحیم
 اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
ذكر الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن بَسَّام التِنِّيسي المحتسب العالم بتِنِّیس 
- كان - رحمه الله في كتابه المصنف في وصف تِنِّیس :
أنها من الإقليم الرابع ، لصحة هوائها ، ورقَّة طبائع أهلها وصنائعهم 
وأن الميت بها لا تفسد جثته سريعا ، ولا يتساقط شعره عن جسمه
وأن أكثر مَنْ يعمل بها الأمتعة يأكلون الأسماك والأطعمة الزفرة ولا يغسلون
أيديهم ، ويعودون إلى رَقْمهم و نسجهم ولا يُشَمُّ فيه من روائح تلك الزهومات شئ ، 
بل يطيب نسمه ، ويستلذ نشره ، وذلك الدليل على صحة الهواء ، وقلة الوباء
وهم يدخرون ماء النيل عندهم عند صفائه في جباب لهم مستعدة
وطول هذه المدينة من جهة الشمال - وهي البحرية - وإلى جهة الجنوب - وهي القبلية - 
من الباب المعروف بباب القُرْط ثلاثة آلاف ذراع ومائتا (۱) ذراع وسبعة وعشرون 
ذراعاً بالذراع الكبير الذي طوله أربعة وعشرون إبهاما

(1) الأصل : « مائتي »
۱۸۳

وعَرْضُها من الباب الصغير إلى الباب المعروف بديرنية ثلاثة آلاف وخمسة وثمانون 
ذراعاً بالذراع المقدَّم ذكره
وذَرْعُ سورها ثلاثة آلاف ذراع ومائتان وخمسة وثمانون ذراعاً ، يكون ذلك من 
الأميال ميلا و نصف میل و ثُمْن میل و نصف عُشر ثُمْن ميل .
وعدد أبواب هذه المدينة - أبواب السور التي يُدخل منها ويُخرج - تسعة عشر بابا ، 
واحدٌ منها مصَفَّح بنحاس (۷۱) وما سواه مُصَفَّحٌ بالحديد وقنطرتان يسلك 
تحتهما إلى ميناءين ، لكل ميناء منهما باب مصفح بالحديد يمنع مَنْ يريد أن يدخله أويخرج 
منه بغير إذن
وجميع مساجدها ومحاريها الداخلة فيها والخارجة منها سوى الجامع مائة و ستون
مسجداً
وأما الجامع فطوله من جهة القبلة إلى جهة البحر مائة واثنا (۱) عشر ذراعاً ، وعرضه 
من المشرق إلى المغرب إحدى وسبعون ذراعا، وطول زيادته الملاصقة له والمسافة إليه 
سبعون ذراعا ، عرضها تسعة وعشرون ذراعا ويوقد فيه في شهر رمضان ثلاثة آلاف 
مصباح ومائة مصباحُ، ومائتان وخمسون شمعة وكان يوقد في كل ليلة فيه ألفان و ثمانمائة 
مصباح
وفي كل مسجد من مساجدها منارة 
وكان بها - يعني بتنیس - من الكنائس اثنتان وسبعون كنيسة إلى أن أمر بهدمها 
الحاكم بأمر الله - رحمه الله - في سنة ثلاث واربعمائة ، وجعل عوضها مساجد
وبها من الفنادق والقیاسر خمسون سواء ثم بنى في سنة خمسة وأربعمائة ستة آدر 
للتجار كبار فصار الجميع ستة وخمسين موضعاً
وبها من الحوانيت ألفان وخمسمائة حانوت

(1) الأصل : « اثنی »
۱۸٤

وبها مائة معصرة ، أعداد رجالها مختلفة ، وأقلهم اثنان وأكثرهم عشرون 
وبها من الدكاكين التي يباع بها البَزُّ وأنواع الثياب مائة وخمسون دكاناً
وبها من الأرْحِيَة - يعني الطواحين - مائة وستون ، فيها ما يشتمل على مدار ، 
ومنها على مدارین ، ومنها ما يشتمل على خمسة أحجار مقشرة ومعجنة
وبها من الحمامات ستة وثلاثون سوى ما يتخصص بها أهلها في دورهم
و بها من المناسج التي تعمل فيها الثياب خمسة آلاف منسج: عدد عمالها عشرة آلاف 
نفس سوى من يُطَيِّب أو يُرقِّم من ذكر أو أنثى ، عدد ما فيها من الأسفّاط ألف 
وخمسمائة سَفّط، ومن الرُّزم الف رزمة وبرسم خزانة السلطان أربعمائة سفط فيها من 
الأمتعة ما لا يرى مثله : ثياب مذهبة على هيئة المخيطة منسوجة ، الثوب الواحد بألف 
دینار و مناديل ، المنديل بخمسمائة دينار ، و مراتب: المرتبة بألف دينار ومطارد و مقاطع 
ومفارش وستور مُخَمَّل ومُعَيَّن وسقلاطون دَبیقی و مُصْمَت دبیقی وعتَّابي 
وما لا يمكن وصفه
وبالرَّبض الدائم بسور المدينة مما يلي الغرب : الصناعة ، ودار الامارة ، وبيها حمامات 
للرجال ، وعرصتان عظيمتان (١)  يرد إليها ما يُحمل من البلدان القريبة والبعيدة
وفي الرَّبض الآخر : الديوان الكبير ، ويشتمل على عدة دواوين وفيه دواليب تنقل 
الماء وقت غيوبه (٢) وزيادته إلى مصانع هذه المدينة وحماماتها ، وفيها مطاحن جِبْس ، 
ومواقد جير ، واصطبل السلطان 
وفي الربض القبلي دواليب لنقل الماء إلى المصانع والحمامات ، وفيه أخصاص كبيرة 
لا تُحصى ، وفيه ديوان السمك ومخازن الأصياد ، وبالقرب منه أراض تنبت الملح الذي 
يفوق بضيائه وعذوبته ( ٧۲ ) كل ملح وبكثرته

(1) الأصل : « عرصتين عظيمتين »
(۲) كذا في الأصل ، ولعل المقصود « عبوبه » أي زيارته
۱۸٥

وفي الربض الشرقي دواليب تنقل الماء إلى المصانع (١) والحمامات .
وفي الربض البحري مساجد ، وكنائس ، ومفارش لتبييض الأمتعة ، وحجارة منقوشة 
لضربها - يعني الثياب . و نقائها ، كثيرة ، وهدف للرماة ، و مصلیان ، أحدها لجنائز الموتى 
والآخر لصلاة العيدين
وبها من المراكب الموسومة لصيد السمك في البحيرة المختلفة الأسماء ، مثل : الجرافات 
والانكبارات والعينات والسد والطراحين والجراجن والباريات ومراكب الترعة والفلاحين 
والطباخين ومراكب القود والدق ومراكب المضارب ومراكب القرندس ومراكب 
اللبانين ومراكب الدور وثلاثمائة مركب واثنان وسبعون (۲) مركباً وأكثر ما يحمل 
المركب منها ستون رجلا ، وأقله ثلاثة رجال وقد تصيد هذه المراكب في بعض الأوقات 
ما يباع بمائة دينار وأكثر
أسماء الأسماك بها :
البوري ، البلبس ، الليت ، البرو ، الاراث ، النسا ، الشكين ، الطوبار ، القلادن ، 
البلل ، البلطي ، الإبليل ، القشمار ، الزلنج ، الاكلت ، القونج، القجاج ، الدونیس 
النُّقّط ، القرقراج ، اللاج، الخيار ، التون ، الأحناش ، الانكليس، المقيئة ، الخف ، 
اللات ، الحبلا ، الماص ، المشط ، القنا، حوت الحجر ، السنور ، الراي ، الأبرمیس ، 
اللبيس، سيف الماء ، حدأة الماء ، الشطون ، اللجا ، القرش ، الحسّة، كلب الماء ، السرطان 
التمساح ، السرنوب ، الصبح ، أم الأسنان ، الدلفين ، العميان ، النسانس ، الرعاد ، 
البلستين ، الاقونس ، القنديل ، المجرة ، الليف ، الحلبوه ، القماريس، الآبنوس ، القرندس، 
الدنيليس
وظهر بتنيس في أيام ابن أبي الريش حوت طوله ثمان وعشرون ذراعا و نصف ، بلا 
قشر ولا صدف ، لونه أسود ، وبطنه أبيض ، طول رأسه ستة أذرع و نصف ، وعرض

(١) جمع مصنعة وهي الخزان أو الصهريج يتخذ لخزن المياه
(۲) في الأصل : واثنين وسبعين
۱۸٦

طرف ذنبه خمسة أذرع، وحُمل إلى الحضرة ، وكان المملِّح له يدخل في فيه قائما 
غير منحنٍ
والذي يجب عن مصاید هذه السموك في كل سنة خمسون ألف دينار
وفي هذه البحيرة أطيار تأتيها في أوقات مختلفة حتى أن منها ما قد شوهد بالمشرق ، 
ومنها ما قد شوهد بالمغرب ، و في بلاد الروم وغير ذلك والدليل على ذلك أنها توجد عند 
صيدها هزلا ثم تسمن إذا أَقامت في هذه البحيرة
أسماء الطيور بها:
الجراد ، الصرد ، الحسيني ، الصدا ، اللسنة ، أبو الحنا ، برقع أم على ، برقع أم حبيب، 
القمري، درندر مالي ، الراهب ، الشماس ، الخضير ، الصقر ، الهدهد ، وارية الليل، وارية 
النهار ، البلسنير ، الضريس، الأطروش الشامي ، البصبص، الأخضر ، أم السمان ، أم المرتحة ، 
صدر النحاس ، أبو سار ، أبو كلب ، ديك الكروم ، الفرافير ، القطاس ، الأوز ، البط، 
البعصص، الأزرق ، رقشة حمراء، رقشة زرقاء ، الزرزور ، الخفاش ، الزاغ ، الغراب ، 
الأبقع ، كسر اللوز ، كسر الجوز، الدبس ، الغابة ، الصقر ، الفحمي ، الحدأة ، الحملة ، 
السلسلة ، البوم ، الواق، الهام ، الباشق ، الشاهين، السمان ، المرعة، السلوى، الملوح، 
البرير ، الرخمة ، الليش ، البرنسي ، الزجاجي ، أبو فیروز ، القرط ، البون ، الشراشير ، 
اللفات ، البشروش ، البط البري ، البلجون ، أبو قلمون ، الكروان البحري ، الكروان 
الجرفي ، القرلا ، الحروطة ، الحصفة ، الحمراء ، البوشة ، اورث، المطون، السهيكة البيضاء ، 
فارية ، جوحه ، بلیقا ، اربوحية ، بطمیس ، تیلاوه ، سكسة ، المجنونة ، الرفادة، السقس ،
قرد مصر ، الوطواط ، البجع ، الكركي ، العريض ، الخطاف ، الخرطوم
ومن العصافير التي يمير أهلها و تحمل عنهم ما يصيد بقضبان الدبق وعدة المراكب التي 
تصاد بها الطيور وتعيش من كسبها مائة و ثلاثة عشر مراكبا. وعدة ما يرد من القوارب 
والكمائم والعشاريات الصادرة من تواصل الشام إليها في كل سنة خمسمائة قارب أكثرها 
ترد في الصليبية و الربيعية

۱۸۷

ويرد (۱) من اقليم مصر والصعيد والاسكندرية وأقصى الريف ما لا يضبط عدده 
لكثرته ، ترد بأنواع الخيرات من الفواكه وغيرها
و بتنیس مصنعتان عظيمتان (۲) تنسبان إلى عمر بن حفص ، مكشوفتا (۳) السقوف ، 
والغربي منها أحد وعشرون بیتا ، والشرقي ثمانية عشر بيتا ومصنع مسقف وسط المدينة 
بناه عبدالعزيز الجَروي ينقل إليه الماء على دولاب يشتمل عليه ستون قادوسا مدة شهرين 
كاملين بلياليهما ، يسع كل قادوس في تفريغه في يوم وليلة ألف جرة ، ملء كل جرة أقساط 
من ماء ، فيكون هذا المصنع ثلاثة آلاف ألف ألف جرة ، وستمائة جرة
ولكاتب هذا (٤) مصنع آخر دون هذا 
ولابن طولون ثلاثة مصانع ، أحدها بالقرب من السوق والآخر في زيادة الجامع
والذي يحتاج اليه أهل تنيس من القوت في كل سنة من الحنطة والشعير والقطابي 
مائتا ألف أردب ووجدنا البيدار الفارسي يطحن في كل يوم وليلة ستة أرادب وكل 
أردب ستة وتسعون قدحا وإذا ضربت هذه الأقداح في جميع ما يطحن من الأرادب 
والويبات ، وأعطى لكل إنسان قدح واحد (٥) لقوت يومه كان شحنة البلد خمسين ألفا ، 
وقد يزيد على ذلك زيادة تقل وتكثر مع اختلاف السنين لأن الحاكة يصلحون من الخبز 
الجريش المجفف في الشمس مايدخرونه للشتاء وقصر النهار فيستغنون عن طحنه
ولا يوجد في خبزها ولا برها ولا في أرضها ولا في بنائها شيء من الحيوان المهلك 
والدبيب المؤذي
وطالع تأسيس هذه المدينة برج الحوت وصاحبه المشتري السعد الأعظم ، وصاحب 
الشرق الزهرة ، ولذلك كثر طرب نفوس أهلها وفرحهم ، ورغبهم في مداومات اللذات ،

(1) الأصل : وما يرد 
(۲) الأصل : « مصبغتين عظيمتين » 
(٣) الأصل : مکشوفي 
(٤) هذه إشارة لها أهميتها لأنها تؤكد أن المؤلف من أبناء مدينة تنيس 
(٥) الأصل : قدما واحدا
۱۸۸

واستماع الأغاني ومواصلة المسرات ، ( ورقة ٧٤ ) والرغبة في الراحة، واطراح مایوجب 
التعب والمشقة ، والحب للنقش والصورة والرقم والتلوين بالأصباغ ، وعلى قلة الضجر في 
السفر ، وترك المخالفة لمن يصاحبون، وكثرة المبالغة لمن يألفون ، وحسن المؤازرة لمن 
يستخدمهم ، ومحبتهم للغرباء والمسافرين ، والمواظبة على مسرتهم وسرورهم ومنفعهم ، 
وتركهم للحسد لمن يحبونه والعتب على زلته ، ويمدحونه و يفضلونه ، ويلومون أنفسهم 
في التقصير عن اخائه وما يستحقه والقيام بذلك
وطول البحيرة أربعون ميلا بما تدور ، مجاريها كلها قريبة إلا مجرى يُسْتُمانَة فإنه 
غريق سحيق نحو الثلاثين باعا وأكثر عمق البحيرة كلها قامة لا تجاوزها إلا هذا الموضع.
وبنت هذه المدينة تِنِّيس بنت صاین تدارس أحد ملوك القبط وكانت البحيرة آجنة 
وخليج يخترقها من ماء النيل من ضياع عامرة وزروع متوافرة إلى أن غلب عليها البحر 
الملح وقد تزاید وهاج فهجم من فم الأشتوم على أراضيها و عمائرها فغرقت ؛ فما كان من 
أرضها مستغلا هلك وعلاه البحر ، وما كان على كوم مثل تنیس و تونة وغيرهما مما هو باق 
لم يعله الماء و بقي على حالته
وكان ذلك الغرق قبل الإسلام بمائة سنة وقد ذكر المسعودي في كتابه « مروج 
الذهب » بنفذ البحار الى القفار ، وقد شاهدنا في عصرنا من ذلك مادَلَّ على صحة قوله ، وما 
استبحر في طريق الجفار من مواضع كانت قفرا فصارت بحراً ، وذلك تقدير العزيز العليم
وزعم أهل الأثر أن بحيرة تنيس التي قال الله تعالى فيها : « فأصبَحَ يُقِّلب كفَّيه على 
ما أنفق فيها وهي خاوِيةٌ على عُروشِها » الآية وذلك أنها كانت بساتين ومتنزهات 
مقسومة بين اثنين أخوين مؤمنٍ وكافر ، فأنفق المؤمنُ من ماله في البرِّ والصدقات ، 
وبقى الكافر ملياً غنياً خاطبه المؤمنُ يوماً من الأيام ، فاستطال عليه وسطا ، وقال : 
« أنا أكْثرُ مِنكَ مالاً وأعَزُّ نَفَراً » وكان مصب النيل إلى البحر بين ضياعها فارتَجَّ 
البحرُ في الليل رَجَّةً دخلت أمواجه من الأشتوم فغرق كل مستغلها وأرضها ؛ وما كان 
منها عاليا على ظهر کوم أو رهم من الأرض بقى ، وذلك قبل الإسلام بثلاثمائة وخمسين عاماً

جمال الدين الشيال
۱۸۹

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق