الجمعة، 20 نوفمبر 2020

بوره في القاموس الجغرافي

صورة مصر من كتاب صورة الأرض لابن حوقل (رابط)، وفيها تظهر بوره بجانب شارم بارم، وشارم ساح على أقصى يسار الصورة في المنتصف.

النص التالي منسوخ من كتاب القاموس الجغرافي للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين إلى سنة 1945، وضعه وحققه وعلق عليه محمد رمزي المفتش السابق بوزارة المالية، القسم الأول، البلاد المندرسة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994، الصفحات من 176 حتى 179.

بوره 
هي من المدن المصرية القديمة التي كانت مشهورة بصناعة الأقمشة وموقعها على فرع النيل
الشرقي قرب دمياط وقد اختفى اسمها ، ووردت في نزهة المشتاق بأنها على خليج دمياط بين
دمياط وفارسكور .

وفي جني الأزهار أنها ذات زراعات وغلات وبساتين على بعد ١٥ ميلا من فارسكور ،
وفي كتاب البلدان لليعقوبي أنها حصن على ساحل البحر من عمل دمياط .

وورد في التحفة السنية ما يفيد أنها كانت قريبة من ناحية بستان بوره من أعمال الدقهلية ، 
وفي معجم البلدان بوره مدينة بأرض مصر بالساحل بالقرب من دمياط .

وفي كتاب السلوك للمقریزی ( ص ۱۹٥ ج ۱) ذكر في حوادث سنة ٦١٥ هـ ما نصه : 
« فأمر الملك الكامل بتغريق عدة من المراكب في النيل منعت الفرنج من سلوكه فعدل الفرنج إلى 
خلیج هناك يعرف بالأزرق كان النيل يجرى فيه قديماً فحفروه حفراً عميقاً وأجروا فيه الماء إلى البحر 
الملح فجرت سفنهم فيه إلى ناحية بوره على أرض جيزة دمياط تجاه المنزلة التي فيها الكامل ليقاتلوه
من هناك ، فلما استقروا في بوره حاذوه وقاتلوه في الماء وزحفوا اليه غير مرة فلم ينالوا منه غرضاً
طائلا ولم يضر أهل دمياط ذلك لتواصل الأمداد والميرة إليهم وكون النيل يحجز بينهم وبين الفرنج 
بحيث كانت أبواب المدينة مفتحة وليس عليها حصر ولا ضيق ألبتة » .

ومما ورد في السلوك يتضح أن بوره كانت على النيل وعلى شاطئ غير الذي عليه دمياط ، 
وبما أن دمياط على الشاطئ الشرقي لفرع النيل فتكون بوره على الشاطئ الغربي والأدلة على 
ذلك هي :

(أولا) عبارة تغريق عدة من المراكب في النيل منعت الفرنج من سلوكه تفيد أن التغريق
كان في نقطة من النيل في شمال دمياط ولم يكن أمام الفرنج في ذلك الوقت إلا أن يتحولوا
بمراكبهم إلى البحر الملح ومنه حفروا الخليج الأزرق وأجروا فيه الماء من النيل إلى البحر الملح
فجرت سفنهم فيه إلى ناحية بوره وما دامت بوره على الشاطئ الغربي للنيل فلا بد وأن يكون
الخليج الأزرق غربي فرع النيل بين بوره والبحر الملح .

(ثانيا) عبارة أن سفنهم جرت في الخليج المذكور إلى ناحية بوره على أرض جيزة دمياط
تفيد أن بوره واقعة على الجانب الذي فيه ناحية جيزة دمياط ، وبما أن جيزة دمياط كانت
واقعة على الشاطئ الغربي للنيل تجاه مدينة دمياط بأراضي ناحية السنانيه فتكون بوره واقعة أيضا
على الشاطئ الغربي المذكور .

(ثالثا) عبارة وصول سفنهم إلى بوره تجاه المنزلة التي فيها الملك الكامل ليقاتلوه من هناك تفيد 
أن المنزلة المذكورة هي منزلة العادلية التي أنشأها الملك العادل أبو الملك الكامل كما يدل على ذلك 
سابق ذكر اسمها في ذات الموقعة وهذه القرية لا تزال موجودة إلى اليوم باسم العادلية على الشاطئ 
الشرقي الذي عليه دمياط وفي جنوبها، وبما أن الفرنج لما استقروا في بوره حاذوا الملك الكامل 
وقاتلوه في الماء فتكون بوره واقعة تجاه العادلية على الشاطئ الغربي لفرع النيل .

(رابعاً) عبارة أن النيل كان حاجزاً بين المصريين والفرنج وأن أبواب مدينة دمياط كانت 
مفتوحة وكان الإمداد والميرة متواصلين لأهل دمياط يفيد بكل وضوح أن بوره التي استقر بها
الفرنج في ذلك الوقت لم تكن بأي حال على الشاطئ الشرقي الذي فيه مدينة دمياط بل على 
العكس من ذلك بدليل أن النيل كان حاجزاً بين الفريقين المتحاربين وأن الطريق إلى دمياط 
كانت مفتوحة بينها وبين داخلية البلاد المصرية .

( خامسا ) قرية بستان بوره الموجودة الآن على الشاطئ الشرقي لفرع النيل باسم البستان 
جنوبي قرية العادلية ونسبتها إلى بوره دليل على أن قرية البستان المذكورة تقع بالقرب من بوره
ونسبت إليها لشهرتها في ذلك الوقت .

( سادساً ) ما ورد بصريح اللفظ في نزهة المشتاق وفي جني الأزهار وهو أن بوره على خليج 
دمياط أي على فرع النيل الشرقي المعروف بفرع دمياط بين دمياط وفارسكور .

( سابعاً ) دلني البحث على أن كثيراً من القرى التي اختفت أسماؤها من جداول أسماء القرى 
المصرية قد احتفظ أهل كل بلد منها لحسن حظ الباحثين باطلاق اسمها القديم على الحوض الذي 
كان فيه سكنها إذا كانت مندرسة أو على الحوض المجاور له إذا كانت موجودة وغير اسمها ومن تلك 
القرى بوره هذه فلا يزال اسمها يطلق على حوض بوره السعدايه رقم ٤٠ بأراضي كفر البطيخ .

وبما أنه يتضح من كل ما ذكر أن بوره كانت واقعة على الشاطئ الغربي للنيل تجاه قريتي 
العادلية والبستان الواقعتين على الشاطئ الشرقي منه .

فعلى ضوء هذه البيانات بحثت عن المكان الذي كانت تقع فيه بلدة بوره على الشاطئ الغربي 
للنيل تجاة القريتين المذكورتين فتبين لي أن مكانها اليوم القرية المعروفة بكفر البطيخ إحدى قرى 
مركز شربين بمديرية الغربية وواقعة في الجنوب الغربي لمدينة دمياط وعلى بعد سبعة كيلومترات
منها .

والظاهر أنه لكثرة زراعة صنف البطيخ بأراضيها اشتهرت به فتغلب اسمه عليها واختفى 
اسم بوره .

ومع أن بوره كانت على النيل فانها قريبة من ساحل البحر الملح وكان الخليج الأزرق طريق 
الاتصال بينها وبين البحر الملح وهذا ما حمل اليعقوبي على أن يقول إن بوره حصن على ساحل 
البحر .

ومن يطلع على خريطة الوجه البحرى يرى أن كفر البطيخ التي هي بمكان بوره تبعد عن 
البحر الملح بمسافة ثمانية كيلومترات وأن دمياط وهي المعتبرة من ثغور مصر تبعد عن البحر الملح 
بمسافة ١٥ کیلومتراً ، وبناء على ذلك يصح اعتبار بوره من حصون البحر .

بعد ذلك أذكر الآراء التي جاءت مخالفة للواقع ومنها أنه لما تكلم المقريزى في خططه عن 
بورا ( ص ۱۸۱ ج۱ ) قال إنها كانت فيما بين تنيس ودمياط أي أنها كانت في بحيرة تنيس وهي
بحيرة المنزلة أو على شاطئها وهذا الوصف ينفيه ما ذكره المقريزي في السطر التالي لذلك ، فانه 
بعد أن قال وإليها ينسب السمك البوري وينسب إليها أيضا بنو البوري الذين كانوا بالقاهرة 
والإسكندرية قال : وفي سنة ٦١٠ هـ وصل العدو إليها بشوانیه وسباها .

ومن يتأمل في عبارة المقریزي يرى التناقض ظاهراً فيها لأنه كيف تكون بوره بين دمياط 
وتنيس مع أن بحيرة المنزلة لم تكن من البحيرات العميقة التي تسير فيها الشواني وهي السفن 
الحربية الكبيرة وكيف وصل إليها العدو وسبى أهلها إلا إذا كانت واقعة على ساحل البحر 
أو على النيل .

وقد دلنا البحث على أنه لم يكن على ساحل البحر بين دمياط وبورسعيد أي قرية أو مدينة 
سواء كانت بوره أو غيرها ، إذن لم يكن أمامنا إلا النيل وقد أيد البحث أن بوره كانت عليه 
في مكان قرية كفر البطيخ كما ذكرنا .

ومنها ما ذكره الأستاذ محمد مصطفی زیاده في الحاشية رقم ٢ ص ۱۹٥ في الجزء الأول من 
کتاب السلوك للمقریزی الذي طبع في مطبعة دار الكتب المصرية سنة ١٩٣٤ إذ قال ما نصه :

« الضبط الصحيح لناحية بوره أنها بلدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في الشمال الغربي 
من دمياط وأن مجرى الخليج الأزرق بين بوره وشمال المنزلة العادلية .

ومن يتأمل هذا التعليق يرى كذلك التناقض ظاهراً فيه للأسباب الآتية :

( أولا ) أن صاحب السلوك قال إن الفرنج وصلوا إلى بوره بواسطة الخليج الأزرق فاذا 
كانت بوره على البحر الأبيض المتوسط فما كان هناك داع لإعادة حفر هذا الخليج لأن طريق 
البحر كانت مفتوحة أمامهم بين دمياط وبين جميع سواحل البحر الأبيض .

( ثانيا ) ذكر صاحب السلوك أن بوره تقع تجاه المنزلة التي فيها الكامل وهذه المنزلة موجودة 
إلى اليوم وتعرف بالعادلية في الجنوب الغربي من دمياط على بعد خمسة كيلومترات فتكون بوره 
تجاهها على الشاطئ الغربي وفي الجنوب الغربي لدمياط أيضا .

( ثالثا ) قال الشارح إن مجرى الخليج الأزرق كان واقعاً بين بوره وشمال المنزلة العادلية . 
ومن يطلع على الخريطة يرى أن قرية العادلية واقعة على الشاطئ الشرقي لفرع النيل وبوره
— بحسب رواية الشارح — على الشاطئ الغربي منه لأنه قال إنها في الشمال الغربي لدمياط — 
فكيف إذن يكون موضع الخليج الأزرق وكيف تجتمع العادلية مع بوره على شاطئ واحد في حين 
أن النيل كان حاجزاً بين المصريين الذين كانوا في العادلية وبين الفرنج الذين كانوا في بوره وكانت 
أبواب دمياط مفتوحة للمصريين وليس عليها حصر .

ومن هـــــذا يتضح أن الخليج الأزرق كان في أرض الشاطئ الغربي لفرع النيل بين البحر 
الأبيض المتوسط وكفر البطيخ وليس له أي علاقة بناحية العادلية الواقعة على الشاطئ الشرقي
للفرع المذكور .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق