السبت، 2 يناير 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - جغرافية دمياط

خريطة المواصلات بمنطقة مصب دمياط
خريطة المواصلات بمنطقة مصب دمياط


جغرافية دمياط

الموقع وأثره :

تقع مدينة دمياط على الضفة الشرقية لنهر النيل — فرع دمياط — في منحن 
شبيه بالهلال . عند ملتقى خط العرض الشمالي ۳۱° و ٢٥ وخط الطول الشرقي ۳۱° 
و٤٩ ، وعلى بعد ۱٥ کیلومتراً من البحر الأبيض المتوسط عن طريق الشاطىء 
الشرقي و ٨٤ كم من المنصورة و ۲۲۷ كم من قناطر الدلتا عن طريق الشاطىء الشرقي 
أيضاً .

وهي أشبه بجزيرة مساحتها تنيف على خمسمائة فدان تحوط بها مياه البحر 
الأبيض المتوسط من الشمال ، ومياه بحيرة المنزلة من الشرق ، ويتدفق النيل متسعاً 
« رحيباً » في غربها ، والى الجنوب تمتد المزارع وسهول الدلتا . .

وذلك الساحل الشمالى للدلتا المار بدمياط ، ممتداً من رفح إلى الأسكندرية ، 
سهل رملي منخفض ، ليس به بسبب انخفاضه وقلة تعاريجه وانحداره نحو البحر ، 
مرافئ طبيعية للسفن . وعلى هذا السهل مصبا النيل ، اللذان كونا بينهما قوساً بارزاً 
في البحر .

فكان لموقع دمياط في ذلك المنخفض من الأرض ، ووسط المياه ، ومزارع 
الأرز ، ما ساعد على رطوبة الجو بعض الشئ .

كما كان لموقعها هذا قرب مصب النيل في البحر أن كانت منذ القدم ولم تزل ، 
بلدة ذات حركة تجارية مع داخل الأقليم المصري وخارجه ، وعلى صلة بمواني البحر 
المتوسط عامة والشرق الأدنى خاصة . وذات حركة ملاحية تمتاز بصنع المراكب 
والقوارب ، كما يشتغل عدد كبير من أهلها بالملاحة وصيد الأسماك .

غير أن هذا الموقع الهام سبب لها الكثير من المتاعب في تاريخها القديم 
والحديث ، إذ تعرضت لعدد من الغزوات الأجنبية المخربة .

وأخيراً كان لأنشاء مدينة بورسعيد بجوار دمیاط في الوقت الذي تم فيه حفر 
قناة السويس عام ۱۸٦۹ ، ولتوسيع ميناء الأسكندرية وحفر ترعة المحمودية ،
وتراكم الرمال عند مصب دمياط ، أن فقدت دمياط ميزتها القديمة كأكبر المواني 
المصرية وأهمها موقعاً .

الطقس .
تتبع دمياط من حيث الطقس منطقة البحر الأبيض المتوسط — فهو حار جاف 
صيفاً ، ومعتدل مطير شتاء ، ولو أن جو هذه المدينة ليس بالحار اللافح في الصيف ،
ولا بالبارد القارس في الشتاء ، لما للبحر الملطف للحرارة والبرودة عليها من أثر .

وفي الصيف تهب على منطقة دمياط نسمات البحر الأبيض بليلة منعشة ، فتلطف 
الحرارة ، وتجعل من المدينة وضواحيها مصطافا عاما مشهوراً . وتكاد لا تختلف 
درجة الحرارة في رأس البر ودمياط في فصل الصيف . .

و متوسط الحرارة بها طول العام ۲۲ درجه والفرق بين متوسطي الصيف والشتاء 
نحو ٦ درجات وهو ليس بالفارق الكبير .

وفي الشتاء تهب الرياح الغربية على شمال الدلتا محملة بالسحب المطيرة ، وتجتاز 
الساحل وتسقط عليه الأمطار ، ثم يقل المطر كلما توغلت الرياح في داخل
البلاد .

وفيما يلي المتوسط السنوي للأمطار لبعض البلاد لمقارنتها بدمياط . 

الاسكندرية ۲۰٤ مليمترا 
رشید         ۱۰۳ «
دمياط         ۱۲٤ «
بورسعيد            ٨٣ «
المنصورة         ٥٨ «
القاهرة         ٣٤ «
السويس         ۲٦ «

أما المعدلات الشهرية للمطر بدمياط في شهور السنة المطيرة كما يلي : 

أكتوبر ۱۰ مليمتر 
نوفمبر ۲۰ «
ديسمبر ٣٠ «
يناير         ٣٥ «

فبراير        ۲۰ مليمتر
مارس        ۱٥ «
ابريل         ٥ «
مايو         ٢ «

وتخضع دمياط من جهة الطقس عامة للعوامل المؤثرة في طقس الاقليم المصري 
حيث تهب على مصر ريح شمالية شرقية تستمر نحو ثمانية أشهر على الأقل ، ويتغير 
اتجاهها في يولية وأغسطس وسبتمبر ، فتصير شمالية غربية ، وتهب من الجهات 
الباردة في الشمال متجهة نحو الجهات الحارة ، فتأتي مصر وتلطف حرارتها في الصيف 
وقد تعصف الريح في الشتاء من الشمال الغربي و تقترب من ساحل البحر ، وقد تشتد 
وتصير هجوما يهدد السفن ..

والمعروف أن أهم العوامل المؤثرة في طقس مصر هي الانخفاضات الجوية 
المسيطرة في تقلبات الطقس في البلاد التي يتفق أن تقع تحت تأثيرها أثناء تنقلها من 
مكان إلى آخر .

أما بحيرة المنزلة فتهب عليها في يناير رياح جنوبية غربية من الداخل مجتازة 
الوجه البحري وفي أبريل تهب عليها من البحر ریاح شمالية ، وفي يولية رياح 
شمالية غربية منحرفة ، وفي أكتوبر رياح شمالية من البحر ، ومتوسط ما يسقط 
عليها من المطر في السنة مائة مليمتر .

الري والغلات :
وتعتمد دمیاط في ريها على مياه النيل وما يستمد منه من الترع . وهي كسائر 
أراضي الدلتا تروى بالجداول الصيفية المنخفضة القاع عن سطح ماء النيل . ويجري 
فيها الماء على الدوام ، فتروى الأرض على مدار السنة . و يمكن زرع الأطيان 
مرتين أو ثلاثا .

وكما تستفيد أراضي دمياط من قناطر الدلتا وقناطر زفتى ، فأنها تقيم سداً من 
التراب في عرض النهر بين دمياط وفارسكور يحجز المياه من التسرب إلى البحر وقت
التحاريق ، ثم يقطع هذا السد في موسم الفيضان كل عام في شهر اغسطس . 

و كذلك تستفيد من الرياح التوفيقي الذي يخرج من النيل خلف قناطر الدلتا
لري الأراضي التي في شرق فرع دمياط ، ويتجه بمحاذاته حتى يصب في بحيرة المنزلة ، 
ويسمى في شمال المنصورة بشرقاوية فارسكور .

وسوف يتحول السد الترابي إلى قنطرة نباتية في مشروعات الري التي ستترتب 
على مشروع السد العالي .

وأهم ما يزرع من الغلات بمحافظة دمياط : البرسيم والقطن والأرز والقمح 
والذرة والبقول — مرتبة حسب مقادیر محصولها . .

كما تكثر هناك أشجار النخيل والليمون وبعض الفواكه لاسيما البطيخ 
والشمام . .

وتتوفر الثروة المائية من صيد الأسماك على ساحل البحر الأبيض ومن بحيرة 
المنزلة والنيل ، ويملح بها الفسيخ ويستخرج البطارخ ، وسوف يعلب السردين قريبا . 
ويجفف السمك ويبرّد . . وتكثر الطيور المائية المختلفة الأنواع ببحيرة المنزلة . .

وإلى جانب الصناعات المعتمدة على الأسماك ، تقوم بدمياط صناعات أخرى 
ناجحة منها عصر بذرة القطن والسمسم ، وتبييض الأرز ، ونسج القطن والحرير ، 
وكانت تنسج بدمياط المناديل والكريشة والقطن والشاهي إلى عهد قريب قبل 
تطورها إلى المنسوجات الحديثه .

وكذلك تشتهر دمیاط ببناء السفن الشراعية والقوارب ، و بصنع الأثاث
والأحذية ، و مستخرجات الألبان من جبن وزبد و استخراج الملح .

المواصلات :
تتصل دمياط بسائر المدن المصرية بطريق الملاحة النيلية ، وبالسكك الحديدية 
وبالطرق الزراعية :

ا — وفرع دمياط صالح للملاحة من حوالي ١٥ اغسطس إلى أول ديسمبر 
تقريباً ثم تعذر فيه الملاحة باق السنة — ويغلق سد دمياط في منتصف ديسمبر — 
ويقطع في نحو منتصف أغسطس من كل عام . وتعترض الملاحة من قناطر الدلتا 
إلى دمیاط في فرع دمياط تسعة حواجز هي : هاويس قناطر الدلتا ، وهاويس السد 
عند القناطر ، وكوبري السكة الحديدية القريب من هذه القناطر ، وكبري بنها، 
وكبري السكة الحديدية الجديد ببنها ، وكبري السكة الحديدية بزفتى ، وقناطر 
زفتی ، وکبري طلخا ثم سد دمياط .

۲ — المواصلات الحديدية : هناك خط حديدي يخرج من دمياط إلى طنطا ماراً 
بشربين و طلخا وسمنود بالمحلة الكبرى .
وخط آخر إلى المنصورة فالزقازيق . 
وفي الصيف تتصل دمياط بالقاهرة بقطار رأس البر السريع . 

۳ — الطرق الزراعية : أهمها اثنتان — الأول طريق الراهبين فطلخا فشربين 
فدمياط ومنه وصلة لبسنديلة وطوله ۸۸ کیلو مترا والثاني طريق من المنصورة إلى 
دمياط فرأس البر — ومنه وصلة إلى غيط النصارى . وطوله ثمانون كيلو مترا .

٤ — تتصل دمياط بالمطرية وبورسعيد عبر بحيرة المنزلة بالبخاريات اليومية .

٥ — تتصل دمياط ببورسعيد بطريق بري يحاذي ساحل البحر الأبيض مارا 
بكوبري أشتوم الجميل المقام على فوهة البحيرة ، وفي مشروعات السنوات الخمس التي 
تم تخطيطها في عهد الثورة ستتصل دمياط ببورسعيد عن طريق المطرية . وقد 
رصدت المبالغ اللازمة في الميزانية العامة للبدء في تنفيذها .

أثر البيئة :
وقد اعتاد الكتاب القدماء والمحدثون ، إذا ما تحدثوا عن أهل دمیاط ، أن 
يختصرهم — عامة — ببعض الصفات والخلق والعادات . . وتكاد أحاديثهم تتفق 
على نعوت متشابهة ، و تدور حول نقاط معينة ..

ولا شك أن حياة الناس — المادية والمعنوية — بل وحياة الحيوان والنبات 
أيضا ، تتكيف تبعا لطبيعة البيئة التي تعيش فيها طويلا .. فلكل بيئة مؤثراتها 
البيولوجية ، والسيكولوجية والاجتماعية في سكانها .. أي أن لها الأثر في شكل 
الأجسام وألوانها ، وفي الخلق وأطوارها ، وفي الأسلوب الاجتماعي الذي يسم 
الجماعة بسماته الخاصة ..

وها هنا مدينة كغيرها من مدن الأرض ، تخضع لمؤثرات بيئتها ، ولا حيلة 
لها في ذلك !

ولكن شاءت المقادير أن تميزها على الكثير من اخواتها ببعض الميزات .
فهي تقع على شواطىء البحر والبحيرة والنهر . . وعند مصب النهر في البحر . . وفي 
دلتا النهر الزراعية الخصيبة .. وفي منطقة البحر الأبيض ذات الطقس والحاصلات 
الخاصة بهذه المنطقة ، ثم إنها تتوغل في المنطقة المعتدلة ، البعيدة عن لافح الحر 
وقارس البرد .. وعلى الطريق بين ثلاث قارات عريقة في حضارتها و تاريخها ..

وإلى جانب هذا الموقع الفريد ، فقد حبتها الطبيعة بمناظر ساحرة ، تجمع بين 
مفاتن البحار والبحيرات والأنهار ، والحقول والمراعي الخضراء ، وأجمات النخيل 
والأشجار ، والسماء الصافية الزرقاء ..

فكانت لهذا كله ، مدينة محبوة بجو بلوری لطيف . . وخيرات تفيض بها 
اليابسة والماء . . وكانت الثغر الملاحي ، التجاري . . والبلدة الزراعية الصناعية . . 

وكان من الطبيعي أن يشتغل أغلب سكانها منذ القديم بالملاحة ، والتجارة ، 
وبالصناعات المحلية التي تهيؤها امكانيات البيئة كصيد الأسماك، والنجارة ، وضرب 
الأرز ، والمنسوجات ، ومنتجات الألبان ، والنخيل، و استخراج الملح ، والمصنوعات 
الجلدية ، وصنع السفن ...

وكان من الطبيعي أيضا ، ومراكبهم التجارية على صلة دائمة مع ثغور الشام 
والبلقان أن يتزاوج ويتصاهر الكثير من أهلها مع سكان تلك الأقاليم ، وأن يخرج 
من ذلك الامتزاج نسل فيه خصائص تلك الشعوب ، وسرعان ما تتمثله المدينة 
و تهضمه ! ..

ثم كان من المتوقع أن يكون ذلك الموقع عند مدخل الاقليم المصري ، هدفا دائما 
للغزوات الأجنبية الطامعة في احتلال الاقليم ، وأن يكون لدمياط ذلك التاريخ الحربي 
الحافل بالمواقع والمآسي والأحداث ! .

وأما هذا الطقس المعتدل اللطيف ، فكان ذا أثر فعال منذ القديم ، فحمل سكان 
المدينة على العمل والحركة والنشاط ، كما وسمهم بالميل إلى المرح والمعاشرة والانبساط 
وأسبغ عليهم — مع هذا النشاط وحب العمل — قوة وصحة ونضرة في الوجوه .

وقد لاحظ ذلك كل من زار المدينة وكتب عنها . . فهذه مثلا دائرة المعارف
الفرنسية الكبرى ، الصادرة عام ۱۸۸۲ تقول إن « أهلها نشيطون وعلى وجه عام 
مرحون .. » كما يصفهم علي مبارك في القرن التاسع عشر بقوله : « وطباعهم تميل 
إلى الرقة والرفاهية وحسن المعاشرة لا سيما للأجانب ... ... »

ومع ذلك فقد عانت فئات من عمال مصانعها البطالة ، في بعض الأحايين ، 
بسبب تقصير القادرين ، واهمال المسئولين فيما مضى من العهود . . فاذا ما جاء عهد
كعهد الثورة والاصلاح الحالي ، وأخذ في العلاج ، عادت الحياة إلى مجاريها ، 
واختفت البطالة ، ووضح ما في المدينة من مناعة أصيلة .. وإذا هي كعهدها كما يصفها 
البعض : « المدينة الزاخرة بكل مقومات الارتقاء ، من الأيدي العاملة الماهرة ، ومن 
الحاسة الصناعية المرهفة ، ومن الذوق التجاري الطموح ، ومن الهمة القومية الراسخة 
وأيضا منْ رؤوس الأموال ... »

وحينما أغلقت البحار في الحربين العالميتين السابقتين ، وشح الوارد من الخارج 
كانت المنتجات الدمياطية ، اللبنة القوية الأولى في صرح استقلال البلاد الاقتصادي ..
بل كانت دمياط البلد التي استقل اقتصاديا ، و الاحتلال الانجليزي مخيم على البلاد .. 
وحين وضع أساس المدرسة الصناعية بدمياط ، قال قائل : « إن دمياط ليست في 
في حاجة إليها ، لأن المدينة نفسها مدرسة صناعية كبرى ! » .

و تتندر إحدى المجلات بالقول: « ... حتى أصحاب العاهات لا يتسولون بل 
يشتغلون ، وقد رأينا بها ضريراً يبيع نظارات الشمس ! .. »

وتكتب أخرى : « ... الجميع يعملون . . الرجل و الابن يشتغلان في المصنع 
والأم ترتب البيت ، وتعد الطعام ، ثم تتعاون مع بناتها في اعداد مناديل الرأس 
المطرزة أو المزينة بالخرز لبيعها في الأسواق . . وهي تعاون زوجها إذا كان محتاجا 
إلى المعونة تصنع الملابس ، وتغزل القطن ، وتطرز الأقمشة ، وتتاجر من غير 
حاجة إلى ترك البيت أو السير في الأسواق ، وأنها تشتغل في بيتها ... وقلما تجد بينهم 
من لا يشتغل بعملين في وقت واحد ، والذي يشتغل مراكبيا في الصيف ، يشتغل 
صیادا في الشتاء ، وبعض أصحاب الفنادق تجده في الشتاء محاميا ، أو مدير مطعم في
القاهرة ! ... »

وكان من نتائج هذا الاقبال على العمل في شتى ألوانه ، وتلك الرغبة في تجویده 
ومسايرته مع طابع العصر ، أن تضاعف الانتاج وغمر الأسواق ، و بالتالي زاد 
كسب العامل ، لأنة ينتج في اليوم ضعف نظيره في المدن الأخرى وأدى هذا إلى ارتفاع 
مستوى المعيشة بالنسبة لما في المدن الأخرى . فضلا عن الانغماس في العمل ، صرف 
الناس عن اللهو والفساد ، فخلت دمياط من أسبابهما ...

ولقد وجد الصانع هنا من المصانع طلابا لعمله ، ثم رأي الباب مفتوحا على 
مصراعيه لكي يتدرج من صانع أجير إلى صاحب مصنع ، مستعينا على ذلك بالفضائل 
المهنية و الخلقية ، كأحسان العمل والمعاملة ، وادخار فضله من الدخل تكون خميرة 
لرأس ماله ، فترى الكثير من أصحاب مصانع الأثاث ، وأصحاب صناعة النقل 
كانوا عمال أثاث ، أو أجراء للنقل ، وما لبثت أن زحفت مصانعهم إلى القاهرة 
وغيرها من المدن ...

أما محاسن الطبيعة التي تكتنف دمياط ، في شتى الصور والألوان . فكان له 
الأثر في ذلك المزاج الفني والشعري في جل سكانها .. تراه في شعر ذلك العدد الوافر 
من الشعراء الذين خرجوا من هذه البيئة ، وتراه في مواويل الملاحين وأغاني 
الصيادين ، وفي ذلك التفنن في صناعة قطع الأثاث وزخرفتها ، وفي صنع المنسوجات 
وتطريزها ، وفي تنسيق غرف البيوت وتزيينها ... وحتى في فنون الطهي وصنوف 
الأطعمة والحلوى ! .

بيئة ساحرة منذ القديم .. لم تتغير . . وصورها كانت وما برحت تهز مشاعر
الرحالة والزائرين ، وتوحي إلى أدبائهم بالشعر والنثر ..

ولم تكن هذه الالهامات مقصورة على الشعراء الناظمين للشعر فحسب ، فقد تراها 
أيضا في المشتغلين بالعلوم الرياضية والدينية وغيرها ، من أهل هذه البيئة .

وظاهرة أخرى تلاحظها في هذه المدينة .. هي التدين وما يتبع التدين من رغبة 
في المسالمة ، والأمن وقلة الجرائم ، وخلو البلدة من الحانات ودور البغاء .، ثم كثرة 
المساجد والمصلين .. وليست هذه الظاهرة هناك بالشئ الجديد . . والسر في ذلك 
أن الجميع منصرفون إلى العمل والسعي وراء الرزق نهاراً ، وإلى الراحة من عناء 
العمل ليلا .. وهذا الدأب المتصل على العمل ، بصرف الذهن عادة عن الانغماس في
اللهو والشر .. ثم أن هذا الارتزاق من التجارة والصناعة ، والصيد والملاحة وما أشبه 
من الحرف ، غير المقررة الايراد أو المضمونة الكسب ، ينحو بالتنفس إلى الاعتماد 
على الرازق الوهاب الذي يكفي من توكل عليه واتقاه .

وما دامت روح التدين تغلغل في تلك النفوس ، ويتوارثها الأبناء عن الآباء 
والاجداد ، فان مظاهرها تتعدد وتتشكل ، فهي تارة تبدو في الاستقرار العائلي ، 
ورسوخ بناء الأسرة ، وندرة حوادث النزاع والطلاق ، وقلة الجرائم بوجه عام . 
وتارة في ارتباط التاجر والصانع بلسانه ، والمحافظة على كلمته ، ويتعدى ذلك 
المعاملات التجارية إلى غيرها من المعاملات ..

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 41 حتى 49. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق