الاثنين، 4 يناير 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - في العصور الفرعونية

منظر من دمياط
منظر من دمياط


في العصور الفرعونية 

الثابت أن فرع دمياط ومصبه كانا في مكانهما الحالي منذ أكثر من ثلاثين قرنا 
وقد جرت عادة الناس منذ أقدم العصور ، أن يبنوا مدينة عند مصب كل نهر کبیر 
في البحر ، لتكون مرفأ أو محطه للداخلين والخارجين من هذا النهر .

وكانت في دلتا النيل سبعة أفرع تصب في البحر ، وكان عند مصب كل فرع منها 
مرفأ معروف ، ما عدا المرفأ الجاثم عند مصب دمياط ، فقد توارى في ليل الزمن ، 
ولفه الغموض طويلا . . وبغته تطلع علينا في القرن الخامس للميلاد أسقفية يمثلها 
الأسقف هرقل في مؤتمر دیني بمدينة أفسس حتى اذا ما اقترب منها الجيش العربي 
الفاتح في القرن السابع ، وجدها مدينة حصينة ذات ابراج و أسوار لا يسهل اقتحامها

وعلى من شاء التنقيب عن بلدة بمصر عريقة في القدم کدمياط ، أن يرجع إلى 
ثلاثة مصادر .

أولها : ما ورد عن المقاطعات ( المديريات ) المصرية القديمة ، وما كانت تشتمل 
عليه من المدن . وذلك في النقوش الهيروغليفية الباقية في المعابد والمقابر ، أو في 
النصوص المكتوبة على ورق البردي . والمعروف أن دلتا النيل — « الوجه البحری » 
— كانت مقسمة في معظم أزمنة التاريخ القديم إلى عشرين مقاطعة ، لكل منها قاعدة
وكان لكل من تلك المقاطعات أسمها باللغة المصرية . فلما دخل الاغريق مصر ، 
أطلقوا على تلك الأقاليم وقواعدها أسماء يونانية ، إما ترجمة لمعانيها وأما تحریفا 
لألفاظها ، ومن هذه الأسماء اليونانيه اتخذت أسماء عربية أو مصرية .

ونظرة إلى حدود تلك المقاطعات ترينا أن دمياط الحالية ، كانت تدخل في نطاق 
المقاطعة السابعة عشرة التي تحف بالجزء الشمالي من فرع دمياط (١) .

وثانيها : المؤلفات الموضوعة قبل میلاد المسيح أو بعده بقليل مثل کتب 
هيرودوت ، ودیودور الصقلي ، و مانیتون وسترابون ، و بلینوس وبطلیموس ..
وغيرهم ولو أن أولئك المؤلفين الاقدمين لم يذكروا في صراحة أسماء يشير إلى دمياط
كما سيلي :

وثالثها : ما ورد في المؤلفات والقواميس التي وضعها علماء الآثار المصرية 
المحدثون أي منذ اكتشاف الهيروغليفية في القرن التاسع عشر إلى اليوم . لما بها من 
أبحاث ودراسات واستنتاجات ، تلقي قليلا من الضوء على الكثير من الغوامض ، 
كما نرى في كتب بروجش ، ودی روجيه ، وجوتييه ، وداریسی ... الخ .

ومع هذا كله فلا مفر من تنبيه الباحث في تلك المصادر الثلاثة إلى أن مايتعلق بدمياط 
في العصر الفرعوني لم يزل غامضا محجوبا بالظلام ، يلمع خلاله أحيانا 
بصيص من الضوء لا يلبث حتى يختفي !.. ولا يعني هذا القول إنه لم تكن هناك مطلقا 
مدينة في المكان الذي تشغله اليوم دمياط ، بل معنى هذا أن الآثار المصرية التي ضاع 
معظمها ولم يزل الكثير منها مطمورا في جوف الأرض ، لم تعلن بعد عن شئ هام 
بشأن هذه المدينة . ولا تنفرد دمياط القديمة بهذا الغموض ، فهناك عشرات من 
المدن المصرية التي ضاعت معالمها الأولى ، وما برحت تنظر انقشاع الظلام الذي يخيم 
على موقعها أو تاريخها .

وقد تصادف مرة أن عثرت الحملة الفرنسية بدمياط ، أيام نابليون ، على جزء 
من ناووس مصنوع من الجرانيت حمل إلى متحف اللوفر ، كما عثر مرة أخرى على
حجر مصري قديم بجوار « تل العظم » بدمياط . وفي عام ۱۹٤۰ كان بتل القلعة 
المجاور لتل العظم هذا ، قناة من الماء تصب في بالوعة مجهولة قيل إنها سراديب تحت 
الأرض لم يكشف عنها .. فزعم البعض أن هذه أشارات ضعيفة ترسلها دمياط 
الفرعونية إلى أهل القرن الحاضر ! ..

وبينما يرجح عدد من علماء الآثار المحدثين ، ويؤكد غيرهم ، وجود مدينة في 
العصور الفرعونية باسم تامحيت ، أو تم آتي ، أو نوت تامحي ، تشير إلى تاميات 
القبطية ، وتاميات الاغريقية والرومانية والبيزنطية ، ودمياط الحديثة ، فأن هناك 
أيضا من ينكر وجودها في ذلك العصر السحيق ويبدأ بتاريخها من العصر 
الروماني فحسب !

وهذا ، المسيو أتين دريو تون — وكان مديراً لمصلحة الآثار المصرية منذ عهد
قريب ، فلقد كتبت إليه أساله عما يعرف عن دمياط في العصر الفرعوني من وراء 
دراساته وأبحاثة في التاريخ المصري القديم فكتب إلي :

!! نحن لا نعلم شيئا على الاطلاق عن تاريخ دمياط في العصور القديمة 
الفرعونية و يمكن للمرء أن يتساءل عما إذا كانت قد وجدت وقتذاك ، و لم يذكر
أسمها في النصوص الهيروغليفية ، أما الأحجار القليلة القديمة التي وجدت هناك ،
فقد جلبت من أمكنة أخرى . ولم تقم هناك حفريات بالمرة تؤدي إلى شئ من 
الاكتشاف . وكل هذا يدعو إلى الاعتقاد أنه لم تكن هناك مدينة بهذه الجهة 
في عصر الفراعنة ، وأني آسف لأن أقدم إليك معلومات نافية كهذه ... »

وهذه الرسالة تذكرنا برسالة أخرى أرسلها المسيو سافاري من دمياط إلى 
صديق له عام ۱۷۷۷ وبها يقول : (۱)

« إن تاريخ دمياط یا سیدي غامض جداً . فجميع الكتاب تقريبا خلطوا بين 
المدينة القديمة والمدينة الحديثة . وأخطاؤهم المتكررة أضفت الغموض والابهام 
على هذه النقطة المهمة من جغرافية مصر . ولكي تمحو هذه الأخطاء علينا أن نتتبع 
ترتيب الازمنة ، ونبحث أولا عن دمياط الشهيرة التي هاجها الأمراء الأوربيون 
مراراً . فأن معرفة الأزمنة والأمكنة، ترتب الموضوعات في ذهنك ، وتعطيك عن 
الاحداث الممثلة في الوقت الذي يناسبها ، فكرة واضحة ... ... »

وأما العالمان الأثريان : أحمد كمال ، وسليم حسن ، فلم يذكرا شيئا واضحا 
عن دمياط في مؤلفاتهما .

ويبدو أن هنری بروجش صاحب القاموس الجغرافي المشهور في القرن التاسع 
عشر ، كان أول من أشاع أسم تامحيت ، أو تامیمي ، أو نوت محي ، أو تامیمو ، 
كمرادف قديم لاسم دمياط الحديث . ویری هنری جوتييه أن الباعث لبروکش على 
هذا ، هو الاسم القبطي تامیات ، ثم يقول إن رأيه هذا لم يؤيده علماء 
الآثار المصرية .

ففي قاموس بروجش هذا ، تری بلدة باسم تامیحي ، وتامحت ، بمعنى أرض 
الشمال أو البلد البحرية أو ارض مياه الشمال كما تجد بلدة بأسم تامیحو أي بلد الكتان .
وأيضا مدينة باسم نوت تامحي ، ونوت محيت أي مدينة الارض الشمالية .

واطلع العالم جاك دي روجيه على آراء بروجش و غيره في هذا الموضوع . 
ثم قال في مقدمة كتابه : الجغرافية القديمة لمصر السفلى » .

« إن تحديد المقاطعات المصرية المبينة في القوائم الهيروغليفية ، ومعها 
المقاطعات التي بينها جغرافيو عصر الأمبراطورية الرومانية ، أو المذكورة في علم 
المسكوكات القديمة التي تعود إلى القرن الثاني للميلاد ، لم تزل إلى حد ما رغبة ينشد 
علم الآثار المصرية تحقيقها واستكمالها . ففي عام ۱۸٦۷ ظهرت مقالة مهمة للمسيو 
روبيو عن الجغرافية المقارنة لدلتا النيل . ومنذ ذلك الحين ظهرت وثائق جديده ، 
وحفائر هامه ، وعلى الأخص القاموس الجغرافي الذي وضعه بروجش ، مما زاد في 
معرفتنا بهذه الناحية ، وما يمكن أن يضاعف أملنا . (٢) غير أن من التهور القول 
بأن الطبوغرافية القديمة للوجه البحري قد وضحت تماما . وأن بروجش نفسه ، 
مؤسس جغرافية مصر القديمة يتردد أحيانا عند عدد من المسائل . ونراه يغير في 
ملحق قاموسه الفخم ما كان يعرضه أولا كحقائق . ولكن الفضل للمواد التي 
جمعها بمثل هذه المعرفة ، وناقشها بمثل تلك المثابرة ، مما سيعين الانسان يوما على 
الوصول إلى معرفة اكثر عمقا بالاقسام القديمة للدلتا .

ولقد قام العلماء بحفائر بالوجه البحري في جميع الأزمنة ، بحماسة أقل قوة 
واستمراراً مما قاموا به في سائر أنحاء وادي النيل ، وتحتاج الأبحاث في الدلتا إلى 
نفقات طائلة لأن الآثار بها مدفونة على عمق اكثر مما في غيرها ، فالمدن والمعابد التي 
خربتها الغزوات المتتابعة ، والتي تحملت الدلتا دائما أهوالها الأولى ، شهدت توالي 
الآزمنة من تعاقب الرقي والتدهور . ثم جاء غرين النهر بدوره ليغطي الأحجار 
الأكثر قدما فطمس حتى ذكرى المدينة نفسها . غير أن الخرائب موجوده بالدلتا 
تحت الطبقة الكثيفة ، تنتظر المنقب الذي سيأتي وينتزع كنوزها 
التاريخية ... ... »

ثم يذكر دي روجيه قائمة بأسماء مقاطعات الوجه البحري العشرين ، ويضع 
أمام كل أسم منها مرادفة اليوناني ، وكان الأسم المصري للمقاطعة السابعة عشرة هو 
سامحيت أو سما بحدت ( أي المنظم للعرش ) . وكانت خاصة بعبادة الإله آمون ولذلك 
سماها اليونان ذیوس پوليس أي مدينة الرب.

ولما كانت هذه المقاطعة تقع شمالي المقاطعة الثانية عشرة المسماة « ثب نتر » 
وعاصمتها ثب نترت أو خمنوتي بالقبطية وسبينوتس اليونانية ( سمنود ) ، 
فقد أطلق على تلك المقاطعة ( السابعة عشرة ) أيضا : سبينوتس السفلى ...

وورد في مخطوطة بيانخي ثلاث مدن متجاورة تتوالى تحسب ترتيها الجغرافي 
من الجنوب إلى الشمال وهي : سبنيت ( سمنود) ، وبهبيت ( المجاورة لطلخا ) 
ثم سامحیت .

ويقول بطليموس الجغرافي أن مقاطعة سبنيتوس السفلى هذه ، تشمل الأرض 
الواقعة بين الفرع التاتميتي ( فرع دمياط ) والفرع السبنيتي ( فرع سمنود ) .

وكانت هذه المقاطعة تمتد إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط . وكانت عاصمتها 
بي آمون واليونانية ذيوس پوليس ، وكانوا يقرنون هذه المدينة مع طيبة الجنوبية .
فكانت لذلك تذكر بأسم « طيبة الشمال » أو « مدينة الشمال » .

ولنذكر أن لفظة تامحيت تعني مدينة الشمال . 

ويستطرد دي روجيه :
« وإذا استطعنا أن نحدد بطريقة مضبوطة نوعا ما . حدود المقاطعة السابعة 
عشرة ، ونجد تشبيه عاصمتها بطيبة الجنوبية ( مدينة الجنوب ) ، فأنها في رأيي لم تكن
في الموقع الذي يتفق مع مكان ذيوس ہولیس . ولنذكر أن سترابون يضع مدينة 
ذیوس بوليس بجوار مدينة منديس .

« ولكن العالم بروجس في استناده إلى مقارنة الأسماء يضع ذيوسبوليس 
مكان دمياط ويتفق معه تافيل في هذا الرأي (٣)

« غير أني لست مقتنعا بأن دمياط يمكن أن يشتق اسمها من نو — ت — 
محيت ، أي مدينة المقاطعة الشمالية ، وسأظل لذلك في حيرة حتى يظهر أثر جدید 
يثبت موقع عاصمة هذه المقاطعة السابعة عشر . ولعل قائمة اكسفورد تزودنا 
بأشارة ، ولكن الواقع أن هناك خلطاً حول هذا الاسم . فأن هذه القائمة تترجم 
كلمة ذيوس بوليس بالعربية إلى فكمون أو تل البلون ( بر آمون ) وهي التي تأتي في 
ترتيبها الجغرافي بعد سبنیتوس ( سمنود ) (٤)

أضف إلى ذلك أن قائمة اكسفورد لا تخلط بين مدینتي ذیوسبوليس ودمياط 
لأنها تضع دمياط قبل بیلوز في مسافة أبعد .

وأخيراً فان مدينة عظيمة مثل ( يوسبوليس ، لا يمكن أن تختفي من الوجود دون 
أن تترك بعض الآثار . وقد تكشف الحفائر بالوجه البحري عن خرائبها التي تمدنا 
بآثار هامة في التاريخ والدين .

وهاك أسماء المدن الرئيسية بالمقاطعة السابعة عشر التي ورد ذكرها في النقوش 
الهيروغليفية — ( وهذه المقاطعة كما سلف تضم دمیاط في نطاق حدودها :

نو— تا — محيت : أي مدينة المقاطعة الشمالية 
نو — تا — توميحي : أي مدينة أرض الكتان 
أو — أس — محت : أوى طيبة الشمالية — ولفظة ( أو ) تعني مقاطعة 
با — خن — آمن : وهي باخنا مو تيس أو بيناميس أو ذيوسبوليس
                           وقائمة اكسفورد تعرها بالفلمون أو تل البلمون 
                           بمركز شربين 
تار — سمحيت : ومعنى سمحيت أو سما بحدت المنضم للعرش

ثم جاء العالم هنري جوتييه ، وكان يشغل وظيفة السكرتير العام لمصلحة الآثار 
المصرية ، و للمجمع العلمي بمصر ، وبحث عن اسم دمياط القديم ، وذكر رأيه في 
مؤلفه : « قاموس الأسماء الجغرافية الموجودة في النصوص الهيروغليفية »

ومجمل رأيه أن محاولة كل من بروجسن ونافيل في وضع مدينة ذيوسبوليس 
مكان دمياط ، لم تحظ بموافقة كثير من العلماء . لأن ذیوسبوليس — عاصمة المقاطعة 
السابعة عشرة — مكانها اليوم تل البلمون بمركز شربين .

وأما تامحيت أو تامیحو التي وردت في كثير من الشواهد والأحجار ، وفي عدد 
من المقابر وورق البردي و معناها : أرض الشمال ، فانها تطلق أيضا على الوجه 
البحري كله ويقابلها تاشمو أو تا شمع أي الوجه القبلي .

وهو يرى أيضا أن ترجمة بروجسن لها بأرض الكتان لا تبدو مقنعة أضف 
إلى ذلك أن لفظة تامیحو وردت أيضا في بعض المتون وعلى بعض تماثيل رمسيس 
الثاني بمعنى البلاد الواقعة شمالي الدولة المصرية :

وقد ورد أيضا اسم : دمات — ن — بتاح — تنن أي مدينة الاله بتاح تنن ، 
ویری داریسي أنه الاسم الهيروغليفي لدمياط المجاورة للفرع الفاتنیتي ( فرع دمياط ) 
وأن اسم الفرع مشتق منها .

وكذلك عثروا من أيام الأسرة الحادية عشرة على بلدة باسم ( دماتي أو ) 
والمعروف أن ديمي أو دميت تعنى مدينة بالهيروغليفية . ويظن العالم زيتيه أنها 
قد تكون مدينة مصرية واقعة على الساحل الفلسطيني وسميت باسم تاميات الواقعة 
على مصب النيل ، أو تكون دمياط القديمة نفسها .

وقد سلف الذكر أن الأستاذ سليم حسن عالم الآثار المصرية أورد في كتابه 
« أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني » مقاطعات الوجه البحري العشرين 
ومقاطعة الوجه القبلي الاثنين والعشرين . فذكر أن المقاطعة التي كانت تشمل برآمون 
( تل البلمون ) وثار ( تیره بمركز طلخا ) وغيرها ، كانت تسمى ( سما بحدت ) وفي 
قائمة سنوسرت تسمى بحدت فقط . وكانت مركزا لعبادة الآله آمون ، ولذلك سماها 
اليونان ذیوسبوليس السفلى أي مدينة الرب .

« ولعاصمة هذه المقاطعة عدة أسماء أهمها ( يا — أو — آمون ) أعني بحيرة 
آمون ، وهو الاسم الذي بقي لنا من الآن في تل البلمون . وكذلك يطلق على عاصمة 
هذه المقاطعة ( وست محيت ) طية الشمالية . وقد برهن الأستاذ جاردنر على أن 
هذا الاسم هو مكان تل البلمون نفسة ... »

وكان يجاور هذه المقاطعة الثامنة عشرة السالفة الذكر ، مقاطعات أخرى لم تزل 
آثار البعض من بلادها باقية . ومنها المقاطعة الثانية التي كانت تشمل جزءا من بحيرة 
المنزلة الحالية ومن مدنها تنیس وكانت تسمى ثني ... وكذلك المقاطعة السادسة عشرة 
وكان اسمها « خنت آبت » وقيل إن معناها الأقليم الذي يأتي قبل الشرق أي في نهاية 
شرق مصر . وكان يطلق على المقاطعة السابعة عشرة في القوائم المتأخرة « تانيت » 
وكانت عاصمتها في باديء الأمر تارو ( بالقرب من القنطرة الحالية ) ثم نقلت إلى 
صان ( أي تانيس ) . وكانت المقاطعة الثالثة عشرة ( ومكانها مركز المنصورة الحالي ) 
بها مدينة البقلية ( بر آفر ) أي بيت الحكمة نسبة إلى الآله تحوت رب الحكمة . 

وكذلك كان يجاورها المقاطعة الرابعة عشرة المسماة حات محيت أي نهاية السمكة 
وترجمها بعض العلماء بأنها مقاطعه الشلبة . أما العالم زيته فيقول إنها سمكة الدرفيل 
وكانت عاصمتها خات وهي مندس عند اليونان ويشغل مكانها الآن تل الربع القريب 
من تمي الأمديد .

واذا كنا قد رأينا قيما سبق أن هذا الأقليم الشمالي الذي يكتشف دمياط 
الحالية ، كان حافلا بالمدن العامرة التي لم يزل بعضها يحمل الاسم الفرعوني محرفاً ، 
مثل تل البلمون بمركز شربين ( بر آمون ) ، و تيره بمركز طلخا ( ثار ) ، و تنیس 
ببحيرة المنزلة ( تني ) ، والبقلة بمركز المنصورة ( بر آفر ) ، فلماذا نستبعد وجود 
مدينة فرعونية مكان دمياط الحالية . ؟ !

كفتور ؟ ! 

وذكر بعض المؤرخين أن دمياط وردت في التوراة بأسم « كفتور » ولكن 
ليس هناك أي دليل على أن هذا الاسم ينطبق على دمياط . فأن لفظة « الكفتوريوم »
كانت تشير في الغالب إلى الفلسطينيين القدماء ، ثم تضاربت الأقوال ، فذهب البعض 
إلى أن كفتور هذه كانت تقع في جزيرة كريت ، وآخرون في قبرص ، وقال البعض 
الآخر أن « الكفتوريوم » تشير إلى سكان مصر السفلى . ويرجح أصحاب الرأي 
الأخير أنها في دلتا مصر وفي شمالها بالتحديد .

ولا يعدو الأمر هنا مجرد التخمين .

ہوکوليا والفرع البوكولي :

وحوالي سنة ٤٥٠ قبل الميلاد زار مصر المؤرخ اليوناني هيرودوت ، وطاف 
بأنحائها من الشمال إلى الجنوب ثم تحدث عنها في تاريخه المشهور فوصف دلتا النيل 
بأنها مسطحة وملآی بالمستنقعات ، وأنها تمتد من هليوبوليس إلى البحر مسافة ٢۸۷ 
کیلو مترا ( بمقیاسنا الحديث ، وأنها مقسمة إلى سبع عشر نومة ( مديرية ) ، وأن 
شمالها کثير المستنقعات .

و بين هذه المديريات التي ذكرها ، اثنتان مجهولتان لنا الآن ، مثل مديرية ناثو 
التي بها مناقع البردي ، وكانت في مكان ما شمالب الدلتا .

أما عن المدن المصرية فاكتفى هيرودوت بذكر أربع وأربعين مدينة كبيرة فقط 
بينها ست وثلاثون مدينة بالدلتا . ولكنه يقول إنه في أيام أمازيس ( في القرن 
السادس قبل الميلاد ) كان بمصر ما لا يقل عن عشرين ألف مدينة مأهولة !

ولا نجد بين المدن التي ذكرها هيرودوت أسما يقرب في لفظه من دمياط . ولو 
أنه أورد أسماء بلاد نجهل اليوم موقعها مثل مدينة باسم أفنيس وكانت في ناحية لم 
يحددها من شمال الدلتا و أهم مدن مديرية باسمها (٥)

وتراه يطلق على شمال الدلتا « اقليم المستنقعات » ولاشك أن البحيرات الموجودة 
الآن في تلك الجهة كانت تترامی بشكل آخر في زمن هيرودوت كما كانت تشتهر بنبات
البردي الذي صنع منه الورق (٦) ولعل المؤرخ لسبب ما لم يصل إلى تلك النواحي
المتطرفة ...

ثم يقول هيرودوت إن النيل يتفرع عند رأس الدلتا إلى ثلاثة فروع رئيسية 
يسمى الشرقي منها الفرع البيلوزي ( نسبة إلى بيلوز أو الفرما ) ، والغربي : الفرع 
الكانوبي ( نسبة إلى كانوب أو أبو قير ) والاوسط السبنيتي (نسبة إلى سبنیتوس 
أو سمنود ) وكان يخرج من هذا الفرع الأوسط فرعان آخران يصبان في البحر يسمى 
أحدهما : الفرع الصايتي ( نسبة إلى صان أو تانیس والآخر المنديسي ( نسبة إلى 
منديس أوتل الريح ) .

أما فرع دمياط فيسميه هيرودوت » بالفرع البوكولي » وفرع رشيد بالفرع 
البولبتيني ( نسبة إلى بولبتين أو رشید ) . ثم يقول إن فرعي دمیاط ورشيد فرعان 
صناعيان من عمل الانسان .

وبذلك يكون للنيل سبعة فروع وسبعة مصبات .

ومقارنة الفرع البوکوکي ( فرع دمياط القديم ) بفرع دمياط الحاضر ، نری 
أن الفرع الحالي يطابق الفرع السبنيتي القديم فيما بين شبرا اليمن والبحر .

وكذلك يلاحظ في أسماء الفروع السبعة التي ذكرها هيرودوت أنها جميعا 
منسوبة إلى مدن معروفة تقع عليها ، ما عدا فرع دمياط الذي سماه بالفرع البوکوکي 
ومعناه باليونانية فرع المراعي . فان كلمة « بوکولوس » تعنى رعاة الاغنام والماشية
أو سكان المراعي .

ويلاحظ أيضا أن المؤلفين الذين جاءوا بعد هيرودوت يسمون فرع دمياط 
بالفرع الفاتنيتي أو الفاتيمتي ، ولم يطلق عليه أحد غيره ، اسم البوكولي هذا .

وقد جاء في بعض المؤلفات القديمة ذکر منطقة في شمال الدلتا كانت معروفة 
باسم « بوکولیا » كانت تشتهر بالمراعي والمنافع والارجح أنها كانت تشمل منطقة 
دمياط وبحيرة المنزلة وبحيرة البرلس ، وورد ذكرها في بعض المراجع العربية القديمة 
باسم « أقليم البشمور » وعرفها بعضهم بأنها المنطقة الواقعة على ساحل الدلتا بین 
فرعي دمیاط ورشيد ، وقالوا إن أهلها كانوا يتحصنون وراء المستنقعات التي حولهم 
والاراضي الرملية والاعشاب ، التي كانت أشبه بالاسوار ، إذا هاجمتهم جيوش الحكام 
حين كانوا يثورون على المظالم والقسوة في جباية الأموال (٧)

ويصف المؤرخ الفرنسي هانوتو أولئك الأقوام الشماليين ، وصفا خلط فيه 
بين صیادي بحيرة المنزلة ، ورعاة البرلس ، واقتبس بعض أقوال هلیودور 
— وهو الذي وضع اقليم البوكولي حول المصب الكانوبي ( أبو قير ) — ثم رجع 
هانوتو بأصلهم إلى الهكسوس الذين غزوا مصر في القرن الرابع عشر قبل الميلاد 
ويقول إن هؤلاء الرعاة كانوا طوالي القامة ، ضخام الأجسام ، ذوي وجوه سمراء ، 
وشعور مسترسلة ، يعبرون البحيرات في قوارب خفيفة مصنوعة من جذوع أشجار 
مجوفة كانوا يحملونها على اكتافهم ، ويركبون الخيول بلا سروج ، ولا يسمحون
لحكام مصر أن يعبروا إليهم .

وذكر أن هؤلاء « البشمور » أو « البياميت » الذين ورد ذكرهم في الهيروغليفية 
باسم « بي آمو » قد أتوا من آسيا باسم « بي شمر » ( ولعلهم الشعب الخبيري الأسيوي 
الذي انقض على سوريا في عهد اخناتون )

ثم يقول هانوتو : « وأنك إذا زرت شرق الدلتا وشواطىء المنزلة ، صادفت 
هناك سكانا أشداء من صيادي الأسماك والحيوان ، أقوياء ذوي عزم ، وقد لوحت 
الشمس بشرتهم ولهم لحى سوداء خشنة . وقد هال جنود نابليون منظرهم فقالوا فهم : 
« إذا أتيناهم محاربين فان صيحاتهم كانت تخيفنا ، فنلقي بأنفسنا في الماء ... » وهكذا 
تتضارب الأقوال في أمر أولئك البشموريين الرعاة أو البوکولي . فيضعهم البعض 
حول بحيرات ادكو و مربوط و البعض في بحيرتي المنزلة والبرلس ...

ولا شك أن دمياط القديمة كانت في معزل عن هذا الطراز من القوم .

وفي عام ۳٦۰ ق. م وضع ملاح يوناني اسمه سكيلا کيس کتابا لم يصل اليا منه غير 
مخطوط شوهه الزمن ، ذكر فيه أن للنيل سبعة فروع كما ذكرها هيرودوت ، ولكنه 
سمي فرع دمياط بالفرع الفاتنيتي وظل هذا الفرع يحمل هذا الاسم : الفاتنيتي تارة 
والفاتميتي تارة أخرى . ويفسره البعض بالفرع الأوسط ، وأن الاسم مشتق من 
اللفظة القبطية فاتميس أو فاشميس (٨)

وكذلك يذكر سترابون الذي زار مصر عام ۲٤ ق. م — في أوائل عصر 
الرومان — سبعة فروع للنيل كما يصفها هيرودوت ، ولكنه أيضا يسمى فرع 
دمياط « الفاتنيتي » ويقول إنه يلي في الكبر الفرعين الرئيسيين البيلوزی والكانوبي ، 
وأنه يخرج من رأس الدلتا . ويسمى مصبه : الفانتي

وبمقارنة ما ذكره سترابون بما ذكره هيرودوت عن فروع النيل هذه ، نرى أن 
الفرع الفاتنيتي الذي وصفه سترابون هو الجزء الأعلى من الفرع السبنيتي مع الفرع 
البوكولي الذي وصفه هيرودوت .

ثم يصف سترابون أرض الدلتا بأنها مجزأة على شكل جزر حولها فروع النهر 
والترع ؛ وتتصل هذه الأجزاء بالقوارب . وأن هناك بحيرات في شمالي الدلتا منها 
بحيرات ومستنقعات شاسعة جدا تتناثر فيها القرى والبلدان وذلك فيما بين الفرعين 
التانيتي والبيلوزي ( بحيرة المنزلة ) ومنها بحيرة واسعة تسمى سيربونیس تمتد في شمال
سيناء ( البردويل الآن )

اما عن مديريات الدلتا ومدنها ، فيقول سترابون إن بمصر ۳٦ نومة ( مديرية ) 
منها عشر بالدلتا وستة عشرة بمصر الوسطى وعشر بأعلى الصعيد . ولكنه لا يذكر 
غير أسماء ۲۳ منها جميعا . كما أنه لا يذكر غير ۹۹ مدينة بمصر كلها . ولا نجد بينها 
ما يشير إلى دمياط .

ونعود إلى القول إن هذا لا يعني عدم وجود المدينة مطلقا . بل لعل هناك 
أسبابا حالت دون ذكر أسم هذه المدينة بالذات ، فقد كان أولئك السياح الأجانب 
يكتفون بسرد أسماء المدن الكبيرة ، أو التي يزورونها في طريقهم ، ثم لا ننسى 
أن أكثر ما كتبوا ضاع أو احتزل ..

ولما زار مصر دیودور الصقلي — معاصر يوليوس قيصر — عام ٥۹ ق. م. 
قال إن مصر تفوق سائر الأقاليم الأخرى في العالم في كثافة السكان ، وفي عدد 
المدن والقرى ، التي تربو على ثلاثين ألف بلدة ! وأما عن الدلتا التي تشمل أحسن 
أراضي مصر ، لخصب تربتها وحسن ريها ووفرة محصولها ، وتنوعه فبها سبعة 
فروع للنيل ذات سبعة مصبات ومنها « الفرع الفاتنيتي » ... ولكن هناك 
مصبات أخرى لفروع صناعية كما أن بها ترعا كثيرة .

ثم يقول دیودور عن مصبات النيل : « إن عند كل مصب تقع مدينة ذات 
أسوار يقسمها النهر إلى قسمين . وبها جسور عائمة ومخافر » .

فاتميس ؟ !

واذا كان بعض العلماء يرى أن الفرع الفاتنيتي أو الفاتميتى ( فرع دمياط ) 
مشتق من الكلمة القبطية « فاتميس » أي الوسط فان هناك رأيا آخر تفرد به 
المؤرخ الروماني بليني الذي كتب عام ۷۰ للميلاد فهو يرى أن فروع النيل السبعة


الرئيسية نسبت أسماؤها كلها إلى مدن شهيرة تقع عليها . فالكانوبی مثلا نسبة 
إلى كانوب ( أبو قير ) ، والبولبتيني إلى بولبتين ( رشید ) ، والفاتميتي ( فرع 
دمياط ) إلى مدينة فاتمیس !

فهل كان هذا مجرد استنتاج أم حقيقة ؟ لا يستطيع أحد أن يقرر وان كنا 
نرجح أنه استنتاج !

وأخيرا يقتبس بليني من الجغرافي اليوناني القديم ارتیمیدوروس أن بدلتا 
النيل وحدها ۲٥۰ مدينة كبيرة .

بتاح تانن ؟ !

وهناك بحث للعالم داریسي عن الأصل في اسم الفرع الفاتنيتي ، يقول فيه 
إن المسيو نافيل وجد بالزقازيق ناووسا نقش عليه بالهيروغليفية : « معبد 
بتاح تانن شیده رمسيس على ضفة النهر » — ( وبتاح أو فتاح هو اسم الإله 
المصري المعروف ) — ونطق الأغریق لفظتي « بتاح تانن » : بتانن أو فتانن 
ثم صارتا بالادغام « فانتي » التي خرج منها اسم الفرع الفاتنيتي أو الفاتمیتي 
وذكرها بطليموس : فاتموتي .

وكذلك ترى في قوائم جرنه وأبيدوس نیلا يسمى بما معناه « ماء بتاح » . 
واختصر اسم «بتاح تانن » واقتصر على الشطر الأول ،

ثم يقول داریسي : ونحن نجهل ما إذا كان المعبد المنسوب إلى رمسيس 
كان بمدينة مشيدة بجوار مصب الفرع الفاتنيتي ( فرع دمياط ) وفي هذه الحالة 
يمكن للمرء أن يفترض أن الاسم القديم لدمياط كان يمكن أن يكون بالهيروغليفية 
تامو بتاح — ويسمى بطليموس النهر ومصبه « فاتموتي » كما سلف ...


(١) جاك دی روجيه ، وبروجش وغيرهما نقلا عن القوائم الهيروغليفية 
والقبطية ويرى سليم حسن أنها كانت المقاطعة الثامنة عشرة كما سیلي .

(٢) من تلك الوثائق المكتشفة قائمة يونانية قبطية عربية لمراكز الأسقفيات 
بمصر نقلها رينيليو عن مخطوطة باکسفورد وهي تقسم مصر السفلى إلى سبعة أقسام 
— ومن مدن القسم الثالث : أبو صير ، وبنا ، ودميره ، و تمي ، و تامیات ،
والفرما ...

(٣) ادوارد نافيل : كتاب اكمة اليهود ومدينة أدنیاس ، ص ۲٥ وفيه يذكر 
تب نوتر ( سمنود ) و باحیيی ( بهبيت ) وسامهوت أو سامهود أو سامحيت ( مقاطعة 
دمياط ) فهو يفترض أن سامهيت هي دمیاط ولكن المعروف أنها ذيوسبوليس 
اليونانية وكانت عاصمتها بي خوم — ان — آمون وباليونانية تاخنامونیس .

(٤) تل البلمون بمركز شربين على بعد خمسة كيلو متر من الجنوب الغربي لمحطة 
رأس الخليج قرب دمياط وأصلها بر آمون أي معبد الإله آمون .

(٥) لم نعثر على مدينة بمصر بهذا الاسم ، ولكن كانت هناك بلدة تسمى أفثيس 
في مقدونيا اليونانية اشتهرت بمعبدها المكرس للاله زیوس آمون — والاسم يجمع 
بين الألهين اليوناني والمصري معا — ويلاحظ مما سبق أن المقاطعة السابعة عشرة 
التي كانت تضم دمياط الحالية ، كانت مركزا لعبادة الإله آمون وكان من بلادها 
بر آمون وسماها اليونان ذیوس بوليس .

(٦) تقول البارونة مانيتولي عندما زارت دمياط عام ۱۸۲۰ : « وصادفنا 
مرة في إحدى جولاتنا الصباحية نبات البردي الذي استعمله القدماء في صنع الورق 
وهو نوع من البوص المثلث الأركان ولا يوجد اليوم في أي مكان آخر بمصر غير 
نواحي دمیاط وشواطي بحيرة المنزلة . ولا نستغرب ندرة هذا النبات إذا ذكرنا 
قول سترابون عن البردي أن الحكومة کی تحتقره ، أمرت بنزعه من جزء كبير من 
مصر وقصرت زرعه فقط على بعض أقاليم معينة يمكن بها الاشراف على زرعه ... »

(٧) من ذلك ما جاء أن ثورة خطيرة تعرف بحرب الزراع أو الحرب البوكولية 
في عهد الامبراطور الروماني مرقس أوريليوس ( ۱٦۱ — ۱۸۰ م ) فأرسل إليهم 
الامبراطور قائده کاسيوس فأخمد الثورة .. ومقاومتهم فيما بعد لجيش عمرو بن العاص 
وثورتهم في وجه عمال عبد الملك بن مروان ، وثورتهم في حكم المأمون لكثرة 
الخراج الذي وقع عليهم والقسوة التي استخدمت في جمعه ، فسار إليهم المأمون بجنده 
وأحرق مساكنهم وأعمل فيهم السيف ( أنظر ساويرس : سير الآباء البطاركة
ص ٤۹۳ ) .

(٨) بحث العالم كترمير في هذه اللفظة ورأى أنها مشتقة من فاتميس القبطية 
ولكن لم يزل هذا الرأي موضع الشك لأن الفرع لم يكن وسطا بين الفروع السبعة . 
ويلاحظ أن كلا من سکیلا کس ودیودور الصقلي ، وسترابون يسمون فرع دمياط 
الفرع الفاتنيتي . ويسميه بليني : فاتميتي ، وبطلیموس : فا تموتي ...


المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 50 حتى 63. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق