الأربعاء، 14 أبريل 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - الفقهاء والعلماء والكتاب

الفقهاء والعلماء والكتاب 

عائشة عبد الرحمن
عائشة عبد الرحمن (من ويكبيديا العربية)




شهدت دمياط في مختلف العصور عدداً من شيوخ الدين والمتصوفة الذين ذاع 
ذكرهم ، وكان لهم أتباع و مریدون . وكان بعضهم من أهل دمیاط وأبنائها ، 
كما كان البعض الآخر يقصدها من سائر المدن والأقاليم ، ويتخذها رباطا ومقاما . 
وما يقال عن المتصوفة ، يقال أيضا عن نفر من شيوخ الدين والفقه و اللغة ، الذين 
نبغوا من أهلها أو جاءوا لاستيطانها .

وكان أقدم شيوخ الدين بدمياط بعد الفتح الإسلامي ، ممن وصلنا شيء من 
أخبارهم ، الشيخ شطا بن الهاموك الذي استشهد بقرب دمياط عام ٦٤٢ م أيام 
الفتح العربي لمصر ودفن بقرية شطا وما برح قبره هناك يزار إلى اليوم وتقوم 
شهرته على تلك القصة المشهورة التي تدور حول أسلامه وانضمامه إلى الجيش العربي 
واستشهاده في القتال . وقد سبق ذكرها .

بكر بن سهيل الدمياطي :
وكذلك كان من أقدمهم بكر بن سهيل الدمياطي ، الشيخ الراوي المحدث 
الذي عاش في القرن التاسع للميلاد ، وقد مضى على الفتح العربي لمصر نحو قرنين من 
الزمان .

ولد عام ۸۱۱ في أيام خلافة المأمون ، و توفي بدمياط عام ۹۰۲ م وقد نیف 
على التسعين . وكان كثير الأسفار ، تنقل بين مصر والشام والحجاز . و نسبت إليه 
الأحاديث التي تعلي من شأن دمياط ، والأقامة بها والاستشهاد في أرضها . . كما تقدم . .

ومن الشيوخ الذين عاصروه في صباه : عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي . 
وكانت له مؤلفات ، و توفي سنة  ۲۲٦ هـ ( ۸۲٦ م ) على ما رواه السيوطي .

فاتح الاسمر :
أما فاتح بن عثمان الأسمر التكروري المعروف بأبي المعاطي ، فقد نسب إلى 
دمياط . ولكنه لم يولد بها بل جاءها من مراكش حوالي عام ۱۲۷۹م و توفي بها عام
۱۲۹٦م ولا يزال بها ضريحه يزار إلى الآن . وأمسى منذ تزوله وما برح ، علماً 
من أشهر أعلامها ، لا يذكر أسمه إلا مقرونا بدمياط .

وخير من ترجم لفاتح هو المؤرخ المقریزي فقال في خططه ، إنه قدم إلى دمياط على 
قدم التجريد وسقى بها الماء في الأسواق احتسابا من غير أن يتناول من أحد شيئا . 
ونزل أولا في ظاهر الثغر ، ولزم الصلاة مع الجماعة وترك الناس جميعا . ثم خرج إلى
جزيرة تونه ببحيرة المنزلة وكانت مدينة عامرة ثم خربت . فمكث بها نحو سبع 
سنين ورم مسجدها ، ثم عاد إلى دمياط وظل بها إلى آخر حياته لم يتركها إلا للحج . 
وكانت أقامته بجامع عمرو ، في وكر بأسفل المنارة ، حتى اشتهر هذا المسجد باسم 
جامع فاتح أو مسجد أبي المعاطي وأخذ في ترميم هذا المسجد و تنظيفه بنفسه ،
وبلط صحنه و سبك سطحه بالجبس ، ورتب فيه إماما . وكان المسجد منذ خربت 
دمياط عام ۱۲٥۰م لا يفتح إلا يوم الجمعة . ثم تزوج في آخر عمره بأمرأتين يأتي 
إليهما أحيانا قليلة . وترك بعد موته ولدين ليس لهما قوت ليلة ، ودفن بجوار 
الجامع . وضريحه هناك إلى اليوم .

وقد أسهب المقريزي في وصف صفاته وزهده وكرمه وأحسانه ، وذكر شيئا 
من حكمه وأقواله . ثم قال : « ولم يترك الشيخ فاتح أثراً مكتوبا . وكان يقرأ في 
المصحف ، ويطالع الكتب ولم يره أحد يخط بيده شيئا .. ولم يعمل له سجادة 
قط ، ولا أخذ على أحد عهداً ولا لبس طاقية ولا قال أنا شيخ ولا أنا فقير .. » .

الحافظ شرف الدين ( ۱۲۱٦ — ۱۳۰٦ م )
ويعد هذا العالم الفقيه الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي — السابع 
الهجري — من كبار الأعلام الحفاظ ، والمؤلفين الثقات ، الذين ذاع صيتهم في 
الشرق العربي ، حتى لقد وردت سيرته في أكثر من عشر من أشهر المؤلفات العربية 
القديمة . وأطنب المؤلفون في مديحه وخلعوا عليه أجمل الصفات .

وهو الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن ، التوني 
الدمياطي ، الشافعي . ولد عام ۱۲۱٦م بجزيرة تونة ببحيرة المنزلة .. وكانت حتى 
ذلك الوقت بلدة عامرة قريبة من تنیس ودمياط ، ثم خربت كسائر مدن المنزلة . .

وارتحل منها صبياً إلى دمياط وكانت جيوش جان دی بريین قد رحلت عنها ، ونشأ 
بدمياط وتعلم وسمع بها دروس المذهب ، ولما بلغ الثالثة والعشرين خرج من بلده 
ليجوب في مختلف الأقطار العربية طلباً للعلم والتحصيل . وأقام بدمشق مدة يمارس 
التعليم . ثم سمع بحلب وحماه وسافر إلى العراق مرتين حيث حدث وصنف الكتب 
وعاش تسعين سنة قضاها في التعليم والتأليف . ثم توفي بالقاهرة في الخامس عشر من 
ذي القعدة سنة ۷۰٥ هـ ( ۱۳۰٦ م ) ودفن بمقبرة باب النصر .

ومن مؤلفاته : المعجم في سفرين ، وكتاب قبائل الخزرج ، والأربعون 
المتباينة الأسناد في حديث أهل بغداد ، وفضل الخيل . . وكثير غيرها إذ يقول 
ابن شاكر الكتبي : « أنه حمل على الظعائن عشرين مجلداً من تصانيفه في الحديث 
واللغة » .

ومن أعلام دمياط في القرن الخامس عشر فقیهان من آل « البهوتي » ومن علماء 
الدين والفقه واللغة ، ترجم لهما السخاوي في « الضوء اللامع » بأيجاز واحتجبت 
عنا آثارهما أو ضاعت . أما الأول فهو خليل ابراهيم البهوتي المولود بدمياط عام 
۱٤۳۲م ، والثاني هو عبد السلام موسى البهوتي ( ۱٤۳۱ — ۱٤۹۱م ) وقد 
ولد بدمياط أيضاً ونشأ بها وحفظ القرآن عند أبيه ، أمام مسجد البدري ، ويقول 
السخاوي إنه « كتب بخطه شيئا كثيراً حبس جميعه على بنيه » وتوفي في أواخر 
صفر سنة ۸۹٦ هـ ودفن بجوار الشيخ فاتح بتربة الشرفاء بني عجلان . وله من العمر 
نحو ستين عاما .

ومن شيوخ الدين و الفقه الذين عاشوا في القرن الثالث عشر الميلادي : جلال 
الدين بن شاس شیخ المالكية ، وصاحب کتاب « الجواهر الثمينة في المذهب » ومات 
بدمياط مجاهداً عام ۱۲۱۹ م والفرنج محاصرون لدمياط .

وأبو الحسين بن الجراح المتوفى بدمياط عام ۱۲۱۹ م في أثناء حصار الفرنج 
أيضاً . وكان فاضلا وأديبا شاعراً . سمع الحديث بالأسكندرية وحدث وسمع 
الناس عنه .

وعبد السلام الخراط ( ۱۱۷٥ — ۱۲۲۲ م ) وقد رحل إلى بغداد فتفقه بها 
ورجع إلى دمياط فأقام بها قاضياً ومدرسا .

ومنهم عبد الواحد بن ظافر الدمياطي ( ٥٥٦ —  ٦۱۳ هـ ) وكان أماما فقيها 
متکلما . وشمس الدين محمد الدمياطي المتوفى عام ۱۲۹٤ م وهو غير شمس الدين 
الدمياطي المتصوف الذي عاش في القرن السادس عشر وترجم له الشعراني في 
طبقاته . وعبد السلام بن عبد الناصر المتوفى عام ۱۲۱٦م . وأبو القاسم ابن 
البوري الدمياطي المتوفى سنة ۱۲۰۳م

وقد أنجبت دمياط عدداً وافراً من الكتاب الأدباء ، والمؤلفين الأذكياء ، 
ولم تكن الكتابة في الغالب مهنتهم . فمنهم العالم الديني ، ومنهم التاجر أو المعلم ، 
ونذكر هنا بعضاً منهم :

الشيخ محمد الخضري الدمياطي : ( ۱۷۹۸ — ۱۸۷۰ )
وهو الإمام شمس الدين محمد بن مصطفى بن حسن الخضري الدمياطى ، الشافعي 
شیخ العلماء بدمياط . ولد في حدود عام ۱۷۹۸ أيام احتلال جيوش نابليون لمصر . 
ودرس بالأزهر فترة ثم عاد لبلده واشتغل بصناعة الحرير وبيعه ، ولكنه كان 
شغوفا بالتأليف والتعليم والأرشاد ، وتخرج على يديه عدد من أفاضل العلماء 
بدمياط . ومن كتبه : رسالة في تفسير مبادىء القرآن ، وشرح لكتاب « اللمعة في 
حل الكواكب السبعة » وشرح لكتاب زاد المسافر ، وله في النحو حاشيته على 
شرح ابن عقيل ، وشرح في الميراث ، وكثير غيرها .

وقد تولى مشيخة العلماء بعده ، ولده الشيخ عبد الحي الخضري الذي ظل في 
المشيخة حوالي الثلاثين عاما . وبعد وفاته أعقبه في مشيخة العلماء ولده الشيخ عبد 
الرحمن الخضري وظل بها أكثر من ثلاثين عاما أيضا . وفي عهده أنشيء النظام 
الحديث بمعهد دمیاط . وفي نوفمبر ۱۹٤۷ تولى مشيخة معهد دمياط الأستاذ الشيخ 
أحمد كامل عبد الرحمن الخضري ، حفيد الخضري الكبير . وقد تولى مشيخة المعهد 
الديني بدمياط عام ۱۹٤۷

وكان للشيخ عبد الحي الخضري المتوفى عام ۱۳۱۱ هـ عدة مؤلفات منها :
رسالة في الأسراء والمعراج ، و تعليقات على بعض الكتب الكبيرة .

وللشيخ عبد الرحمن الخضري أبحاث كثيرة منها : « القول الصحيح في آيات 
المسيح » ، ورسالة في ليلة القدر ، وجزء كبير من تفسير القرآن ، ورسالة في المولد 
وتوفي رحمه الله في ٣٠ يونية ۱۹۲٤ .

وقد ولد الشيخ أحمد كامل الخضري بدمياط عام ۱۹۰۲ وانتسب إلى الأزهر 
عام ۱۹۲۱ ونال شهادة العالمية بتفوق عام ۱۹۲٦ وعين مدرساً بمعهد دمياط سنة 
۱۹۲۸ فمدرساً بكلية الشريعة عام ۱۹۳۸ ثم عين شيخاً لمعهد دمياط عام ١٩٤٧ فأنشأ 
به قسما ثانويا ، و من مؤلفاته : التهذيب في علم الفقه ، والنحو الحديث ، ورسالة 
التوحيد ، والمواريث الاسلامية ، ونهاية المأرب . . وله مقالات وأبحاث كثيرة .

وأنجبت أسرة خفاجه عدداً من رجال الدين والفقه واللغة والأدب 

ونذكر اثنين من كبار الأعلام المحدثين وهما : 

الدكتور علي مصطفى مشرفه (۱۸۹۸ — ۱۹۰٥ )
ولد بدمياط في ١١ يوليه ۱۸۹۸ و تلقى تعليمه الأبتدائي بمدرستها الأميرية ، ثم 
تابع تعليمه الثانوي بالقاهرة والتحق بمدرسة المعلمين العليا وتخرج منها عام ۱۹۱۷ 
ولما يبلغ العشرين . ثم أرسل في بعثة إلى أنجلترا حيث حصل من جامعة لندن على 
الدكتوراه في الفلسفة عام ۱۹۲۳ ثم الدكتوراه في العلوم عام ۱۹۲٤ .

ولما عاد إلى مصر عام ۱۹۲۳ عين أستاذا للرياضيات بمدرسة المعلمين العليا بمصر 
ثم اختير أستاذا للرياضة بجامعة القاهرة . وفي عام ۱۹۳٦ انتخب عميدا لكلية 
العلوم بجامعة القاهرة .

وقد ذاعت شهرته كعالم ریاضي و فلکي وباحث في نظريات النسبية والذرة 
والكم . واستطاع أن يضيف جديدا إلى نظرية النسبية ونظرية الكم وأبحاث 
العلاقة بين المادة والاشعاع . ونشر أبحاثه الأولى في المجلة الفلسفية بانجلترا وفي مجموعة
الأعمال الملكية بلندن وفي عام ۱۹۲۹ أحدث نشره لبحثه الهام عن المادة والأشعاع 
رجة في الأوساط العلمية وقد أعلن فيه أن المادة والأشعاع شيء واحد ، وليست
المادة سوى نوع من الإشعاع المتجمد .. » وكان مهتما في سنيه الأخيرة بتعميم 
نظرية اينشتين الشهيرة ، وبالأبحاث الذرية .

وإلى جانب اشتغاله بالعلوم ، كان من أنصار اللغة العربية الذين عملوا على النهوض 
بها كلغة للعلم . كما عمل على نشر الثقافة العلمية المبسطة عن طريق المقالات والاذاعات 
والمحاضرات. وله في ذلك ما يزيد على ثمانين مقالة ومحاضرة، وأنتج لمصر والعالم خمسة 
وعشرين بحثاً . وله عدة مؤلفات علمية باللغة العربية .

وكان أيضاً أديباً ومفكراً ، وفیلسوفاً يقرأ الشعر ويعزف على الكمان، و یکتب 
المقالات الأدبية في الصحف والمجلات . وتوفي إلى رحمة الله بالقاهرة في ١٦ يناير 
۱۹٥۰ فنعته الأوساط العلمية في العالم أجمع .

الدكتور احمد عبد السلام الكرداني :
ولد بدمياط عام ۱۸۸٥ وتلقى بها تعليمه الابتدائي . وتخرج من مدرسة المعلمين 
العليا بالقاهرة سنة ۱۹۱٤ وسافر إلى أنجلترا حيث حاز الدكتوراه في العلوم 
والفلسفة من جامعة لندن كما حصل على شهادة مهندس في الطيران . وعاد إلى مصر 
فتدرج في الوظائف التربوية من مدرس إلى وكيل لوزارة التعليم .

وقد وضع عدداً من المؤلفات في الكيمياء والميكانيكا للمدارس كما ترجم کتاب 
« النجوم في مسالكها » للسير جينز ، وكتب كثيراً من المقالات الأدبية والعلمية في 
الصحف والمجلات ، وأذاع عدداً من المحاضرات من محطة الأذاعة بالقاهرة . . ولم 
يزل يتابع أبحاثه وينشر مقالاته إلى الآن . .

ومن کتاب دمياط وأدبائها المعاصرين : شوقي ضيف ، وعبده حسن الزيات ، 
وطاهر الطناحي ، وجمال الدين الشيال ، وعائشة عبد الرحمن « بنت الشاطیء » 
ومحمد عبد المنعم خفاجي . وطاهر أبو فاشا وغيرهم كثيرون ولجميعهم مؤلفات في 
فنون الأدب ، والنقد والاجتماع والتاريخ ، والقانون . وما زالت المكتبة العربية 
تجد كل يوم زاداً جديدا من انتاجهم الوافر الغزير ..

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 456 حتى 461. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق