الخميس، 15 أبريل 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - في ميادين الرياضة

محافظة دمياط
محافظة دمياط



في ميادين الرياضة

في أوائل القرن العشرين ، كانت الرياضة البدنية بدمياط محصورة في نطاق 
مدرستها الأبتدائية الأميرية ، حيث كان بها دروس للتربية الرياضية ، وفريقان 
للكرة و ( القسم المخصوص ) .. وقد شهد ملعبها القديم ، مباريات كثيرة في كرة 
القدم ، بين فريق المدرسة وبين فرق مدارس المدن القريبة كالمنصورة وغيرها . . 
أو بين فريق مدرسيها وفريق تلامذتها .. وكانت هذه المدرسة منذ أنشائها عام 
۱۸۸۸ تقيم في نهاية العام الدراسي حفلا رياضياً تعرض فيها ألعاب القوى، والمسابقات 
والمباريات ، يشترك فيها أحياناً المدرسون والخدم . .

ولم تكن هناك أندية رياضية يختلف إليها فتيان المدينة . فكانوا يؤلفون فيما 
بينهم فرق السباحة ، والتجديف في النيل ، وركوب الحمير إلى الضواحي ، كما كانوا 
يقيمون في ساحات المدينة مباريات حامية الوطيس ، في كرة القدم وفي (الكرة الشراب 
والميس) ..

ثم انتشرت المدارس و تنوعت ، وعمت فيها الرياضة في شتى فروعها وأشكالها .. 
وتألفت بها فرق الكرة ، والتنس ، وكرة السلة ، والسباحة ، والملاكمة ، والمصارعة 
والألعاب السويدية ، والكشافة .. الخ ...

ومنذ بضع سنوات ، أنشيء بدمياط : ( نادي البلدية ) و ( نادي البطراوي ) 
و ( الساحة الشعبية ) وأخيراً ( نادي الاتحاد الرياضي ) ...

وكثيراً ما أقيمت الحفلات الرياضية في هذه الأندية لاسيما في ألعاب القوى 
كما كان لها أثر في إخراج عدد من أبطال المصارعة ورفع الأثقال . وكثيراً أيضاً 
ما نشرت الصحف عن فوز فريق كرة القدم الدمياطي المنتخب على عدد من فرق 
المدن الأخرى ...

ونذكر هنا من أبطال الرياضة بدمياط ، وقد تفوق منهم اليوم عدد آخر وافر،
أثنين أحدهما اشتهر منذ بضع سنوات في الألعاب الأولمبية في رفع الأثقال، والآخر
في عبور المانش سباحة ...

أما الأول — وهو مختار حسین فقد ولد ونشأ بدمياط ، وأولع منذ 
صباه بالرياضة البدنية ولا سيما في رفع الأثقال ، حتى كون جسا متين البناء ، 
مفتول العضل . ثم رحل إلى القاهرة واندمج بين الرباعين الذين يتلقون على كبار 
المدربين ، التمرينات المنظمة تمهيداً لاشتراكهم في مباريات الألعاب الأولمبية ...

وما لبث مختار حسين أن نال في الأوساط المصرية شهرة كرباع شديد المراس .
وهيأه تدریبه المتواصل إلى تمثيل بلاده في أية مسابقة عالمية ...

وفي شهر أغسطس ۱۹۲۸ — أقيمت الألعاب الأولمبية في دورتها التاسعة ، 
بمدينة أمستردام بهولنده . واشتركت فيها مصر في بعض المباريات ، وأرسلت إليها 
بعض أبطالها ، وكان يمثل مصر في رفع الأثقال — في وزن خفيف الثقيل — 
البطلان : سید نصیر ، ومختار حسین ، ففاز الأول بالبطولة العالمية في ذلك العام . 
أما الثاني فقد حدث له يومذاك حادث ریاضي غريب أضاع عليه الفوز العالمي في 
تلك الدورة . وذلك أنه اضطر تحت أرشاد مدربه الى انقاص وزنه ليدخل مع أبطال 
الوزن المتوسط ، وكانت نتيجة ذلك أن نزل وزنه وضعف معه لدرجة أنه فقد 
المباراة . ولكنه عاد من أولمبياد أمستردام إلى مصر ليتابع تدريبه وتمرنه . ولما 
حل عام ۱۹۳۲ ، وافتتحت الدورة الأولمبية العاشرة بمدينة لوس انجليس 
بأميركا ، كان مختار على أتم أهبة للفوز بالبطولة العالمية ، ولكن مصر لم تشترك 
في هذه الدورة في بطولة رفع الأثقال ولم ترسل إليها بطلا واحداً . وبينما حصل 
مختار حسين في بطولة الأقليم المصري على ۳۷٦ کیلو جراما في مجموعة الرفعات 
الثلاث ، فأن الفائز الفرنسي في بطولة الأولمب وهو الرباع هوستان فاز يومذاك 
بحصوله على ۳٤٦ کيلوجراما . فكان لعدم اشتراك مصر في تلك الدورة ما سهل 
لهوستان الفوز باللقب العالمي .

وفي أغسطس ۱۹۳٦ — أقيمت الألعاب الأولمبية — في دورتها الحادية عشرة 
ببرلين . وذهب إليها مختار حسين مع سائر أبطال مصر ، لبنازل أبطال العالم في
الوزن الثقيل ، وكان قد وصل بمصر إلى رفع مجموعة قدرها ۳۹٥ کیلو جراما —
وكان رقماً قياسيا عالميا توقع الجميع أن يفوز به بالبطولة الأولمبية . ولكن حدث 
هناك في الميدان ، ما لم يكن في الحسبان ، وفاز مختار بالبطولة العالمية الخامسة . إذ 
نزل الألماني مانجر فجمع ٤١٠ كيلوجراما فكان الأول في أولمبياد ذلك العام ... 

وعاد مختار ليواصل التمرين . ولكن نشوب الحرب العالمية الثانية أوقف الألعاب 
الأولمبية في دورتها التاليتين . وكان قد ظهر جيل جديد من الأبطال الشباب ، 
فاكتفى مختار بتدريب أولئك الشباب و الأشراف على هذا الفرع من الرياضة في بعض 
الأندية بالجمهورية العربية وفي الخارج، وقد نيف اليوم على الخمسين ...

أما الثاني — وهو عبد المنعم عبده — قاهر المانش — وأحد أبطال السباحة 
المعدودين بالجمهورية العربية المتحدة ، فقد عرفته ميادين الرياضة منذ صباه ...

ولد ونشأ بدمياط ... وبرز في السباحة وتفوق ... وبدأ نجمه يبزغ منذ عام 
۱۹۳٦ حين قطع المسافة بين دمياط ورأس البر في النيل في ست ساعات . وفتح 
بذلك باب سباحة المسافات الطويلة بمصر ...

وفي عام ١٩٤٥ — اجتاز المسافة بين رأس البر ودمياط سبع مرات ، ثم بين 
رأس البر وبورسعيد ، و بين بلطيم ورأس البر ... 

فقطع في هذه المحاولات وعددها أحدى عشرة حوالي ١٧٤٦٢ کیلومتراً ونال 
عدداً من الجوائز في قطع بعض تلك المسافات لفوزه في مسابقاتها ...

وفي صيف ۱۹٥۲ ذهب إلى أوربا ليعبر المانش ، فحقق أمنيته وكان فوزه 
مبيناً . فلقد نجح في اجتيازه من الشاطىء الفرنسي عند كاب جري — إلى الساحل 
الأنجليزي قرب مدينة دوفر في ۱٥ ساعة ونصف ساعة . وكان قد نزل إلى الماء يوم 
١٧ أغسطس ۱۹٥۲ في الساعة السادسة مساء فوصل إلى الشاطئ الأنجليزي في الساعة 
التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي .

وقد تغلب عبد المنعم عبده على جميع العقبات التي صادفته في البحر ، وبخاصة في 
المرحلة الأخيرة ، عندما اكتسحه التيار فأبعده عن الشاطئ وهو قاب قوسين أو 
أدنى من هدفه ، ولكنه كافح كفاح الأبطال حتى تغلب على التيار فخرج منتصرا ،
محتفظا بنشاطه وحيويته .

واشتد زحام الجماهير على الشاطئ الأنجليزي حتى توقفت حركة المرور ، ولم 
يحدث من قبل أن قوبل سباح ممن عبروا المانش بمثل هذا الاستقبال الرائع ، لأنه لم 
يسبق لسباح أن ناضل أمواجا هائلة وتیارا غادرا كذلك الذي صادفه عبد المنعم عبده 
في مرحلته الأخيرة. وقال المراقبون في الزورق أن صمود عبد المنعم في سباحة الميلين 
الأخيرين يعد معجزة . فأن الزورق كان يرتفع أحيانا فوق قمم كالجبال .

وفي ۲۳ مایو ۱۹٥۷ — سبح عبد المنعم عباده المسافة بين الاسماعيلية و بورسعيد 
في قناة السويس وطولها ۷٦ کیلومترا .. قطعها في ۲۹ ساعة و۲۹ دقيقة واستقبل في 
بورسعيد في الساعة الواحدة صباحا استقبالا حافلا .

ولعبد المنعم عبده كتابان ریاضیان سجل فيهما ذكرياته الرياضية وهما : « بين 
الأمواج » و « عمالقة المانش » ... ويمتاز بروح مرحة وخلق رضي .

وبدمياط اليوم جيل رياضي ناشئ جديد ، له في جميع فروع الرياضة البدنية 
أبطال تعدهم الجمهورية العربية المتحدة للمباريات العربية والدولية القادمة .. ومنهم 
من لمع أسمه في الأوساط الرياضية المحلية ..

كما أصبح « نادي اتحاد دمياط الرياضي » من أندية الدرجة الأولى بالجمهورية 
لما حازه من أنتصارات متتالية في كرة القدم خاصة ،.


المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 467 حتى 470. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق