الأربعاء، 21 أبريل 2021

أصل الشطوة

النص التالي منسوخ من بحث بعنوان "الأدب الشعبي في قضاءِ بيت لحم" بقلم: الدكتور عيسى المصو، من "Bethlehem University Journal, Vol. 3 (AUGUST 1984), pp. ٧-١٧" (رابط)، الصور المدرجة مأخوذة من كتاب "Picturesque Palestine, Sinai, and Egypt" (رابط).

صناعة خرز السبح في بيت لحم
صناعة خرز السبح في بيت لحم، وترى هنا النساء يرتدين الشطوة


لقد أوشك طراز اللبس الوطني للنساء في بيت لحم على الانقراض، ولباس
الرأس المكون من (شطوة) تغطيها (تربيعة) أما الثوب فمطرز وينتصفه حزام (٣).
ولئن كان الباحثون قد اهتدوا الى الاصول اللغوية لأسماء الملابس الا أنه أعياهم
البحث في الوصول الى أصل كلمة (شطوة) بشكل قاطع جازم.

أصل "الشطوة"
ربما استعيرت هذه الكلمة من الاوروبيين زمن الصليبيين، ولم يجد البحث 
عنها في اللغة الفرنسية القديمة. وهناك لباس رأس مشابه للشطوة كانت النساء
ترتديه يرجع تاريخه الى القرن الخامس عشر هو الذي لايزال يشاهد في مقاطعة
بريتاني في فرنسا ويدعى "هينين" (٤) ويشبه شطوة بيت لحم الى درجة
كبيرة. (٥)

الا انه توجد في اللغة الالمانية المتوسطة شطوة Schateue بمعنى الظل
"وشتهوت" وتعني "هوت" لباس الرأس، وقد تكون هذ الاصل اللغوي لشطوة.
وبالأضافة فان كلمة شاتز الالمانية الحديثة معناها "كنز" ولاتزال نساء بيت لحم
يسمين الشطوة "بالذخيرة" اي الكنز، الا أن هذا التشابه ربما كان عرضيا. ويقول
الكاهن تريسترام في دراسة عن بيت لحم (٦) وضعها في منتصف القرن الماضي أن
لباس نساء بيت لحم قد اقتبسه الصليبيون.

غير أن هناك ناحية للموضوع، فلدينا صفة هي شطوي نسبة الى بلدة
شطاة في مصر، ويشير ياقوت في معجم البلدان (٧) الى شطاة قائلا انها بلدة
صغيرة في مصر تنسب اليها الثياب الشطوية. ويمكن الاستنتاج اذن أن الشطوة
ترجع الى شطاة. وقد جاء في كتب الادب هذا الشطر من بيت من أبيات الشعر
وهو: جاءت تسحب ثيابا شطوية.

نساء من بيت لحم تملأ قرب الماء
نساء من بيت لحم تملأ قرب الماء ونرى في الصورة ارتداء النساء للشطوة



انني أرجح هذه النظرية الاخيرة بالنسبة الى الاشتقاق اللغوي للفظة شطوة،
فحتى أيام الانتداب البريطاني كانت المجدل البلدة الوحيدة في فلسطين في غير
قضاء بيت لحم ، التي ترتدى فيها الشطوة وتسمى بهذا الاسم. ومن الجدير ذكره أن
المجدل كانت دائما تقع على طريق القوافل التجارية المباشرة بين مصر وفلسطين.
وعلاوة على ذلك فان المنسوجات المصرية كان لها رواج في أنحاء شتى من
فلسطين. ففي بيت لحم كان لايزال الذراع المصري (عشرون بوصة) يستعمل فيها
حتى فترة قصيرة في بيع الاقمشة المصرية المستعملة في صنع الملابس الوطنية.

وخلاصة القول في هذا الصدد ان الصليبيين ربما كانوا أخذوا معهم لباس
الرأس هذا عند رجوعهم وأطلقوا عليه اسما خاصا بهم، الا انني ارجح الاصل
الشرقي للكلمة، فجرسها عربي محض (٨).


----
٣. الشطوة اسطوانية الشكل ثقيلة الوزن وتخيط المرأة "ذخيرتها" عليها.
٤. ظهر "الهينين" في فرنسا عام ١٤٢٨ ومن هناك وصل الى انجلترا حوالي
عام ١٤٥٠. ويظهر في لوحة في دار الصور الوطنية في لندن (بطاقة رقم
١١٩٦) بعنوان "صورة سيدة" ١٤٣٣ رسمها قان دير ويدن.
٥. ويمكن مشاهدة الشطوة بوضوح في صورة لوفد من البندقية زار الشرق 
الاوسط.
12635 Venezia Fatti della vita di S. Marco "Mansuetti" R. Accad.
٦. Canon H.B. Tristram, Picturesque Palestine pp. 133, 134
٧. المجلد الثالث ص ٢٨٨، انظر أيضا العدد الخاص من French Journal
"Bible et Terra Saintes" No. 42 - Decembre 1961.
٨. جاء في رسالة مؤرخة في ١٨ آذار ١٩٥١ بعثها الأستاذ فيليب حتي الى
الكاتب أنه يعتقد أن الشطوة هي ما يدعى في لبنان بالطنطور الذي أشار اليه
في كتابه "لبنان في التاريخ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق