الثلاثاء، 6 أبريل 2021

صور الحروف العربيَّة لالیاس صالح

صور الحروف العربيَّة لالیاس صالح
صور الحروف العربيَّة لالیاس صالح



صور الحروف العربيَّة

حضرت منشئَي المقتطف الفاضلين

عاد الكتَّاب في هذه الاثناء الى الكلام على اللغة الفصيحة واللغة العاميَّة وهو البحث الواسع 
الاطراف الذي فتحهُ المقتطف الاغر منذ عشرة اعوام واستجلى فيهِ آراء الكتَّاب في مصر والشام 
فرأى الجمهور راغبًا في الاحتفاظ باللغة الفصيحة وابدال اللغة العاميَّة بها . ويظهر لي مما 
كتبهُ الكتَّاب الآن في هذا المعنى ان رأي الجمهور لم يزل مجمعًا على ذلك وان الرأي الذي 
نشرهُ احد الاجانب في احدى الصحف العربيَّة لم يقع موقعًا حسنًا في النفوس

وقد طالعتُ في بعض مجلدات المقتطف الماضية اقتراحًا على الكتَّاب مفادهُ ابدال 
صور الحروف العربيَّة المستعمله الآن بصور الحروف الاوربيَّة اي ان نكتب لغتنا العربيَّة 
بحروف افرنجيَّة كما يفعل كلٌ منا في كتابة اسمهِ على بطاقة الزيارة . والاعتراضات الّتي 
اعتُرض بها على ابدال اللغة المعربة باللغة العاميَّة لا يُعترض بها على ابدال حروف الخط 
العربية بحروف افرنجية لان الخط امر اصطلاحي متغير وقد كان العرب يكتبون اولًا بالقلم 
المسند ثم بالقلم الكوفي ثم بالقلم البغدادي الشائع الآن وهو ليس على صورة واحدة بل لهُ
صور مختلفة في مصر وطرابلس وتونس ومراكش والفرق بين الخط الكوفي والخط البغدادي 
المستعمل الآن كالفرق بين صور الحروف العربية والحروف الافرنجية . فما ضرَّنا لو اعتمدنا 
كلنا على استعمال صور الحروف الاوربية كما اشار جماعة من نخبة فضلاء الأستانة العلية

ولابدَّ لكل تغيير من فوائد ومضار فاذا زادت الفوائد على المضار فالتغيير من الحكمة 
والَّا فهو من الحماقة . أما الفوائد التي تنجم عن هذا التغيير فهي

اولًا تسهيل بعض الكتب وترخيص ثمنها فان للحروف العربيَّة المعلقة ( المشبوكة ) 
وغير المعلقة اكثر من الف صورة فاذا أُبدلت بجروف افرنجيَّة منفصلة لم يكن للحرف منها 
سوی صورة واحدة او صورتين على الاكثر فيقتصد مرتبو الحروف في الوقت ويقتصد 
اصحاب المطابع في ثمن الحروف ويسقط كل ذلك من ثمن الكتب فيربح المؤلفون والقراء

ثانيًا كتابة اسماء الاعلام الاوربيَّة بغير تحريف فاننا نكتبها حينئذٍ كما تكتب عند 
اهلها تمامًا وكذا الاعلام العربية فاننا نكتبها بالحروف الَّتي تقابل حروفها العربية فينقلها 
الاوربيون عنا كما هي بلا تحريف ولا تخفى فائدة ذلك في عالم التاريخ والجغرافية

ثالثًا كتابة المصطلحات العلميَّة الحديثة وكل الكلمات المعرَّبة الَّتي نبقيها على لفظها 
الاوربي بحروفها الاوربية بلا تغيير ولا تحريف فيسهل النقل من اللغات الاوربية الى اللغة 
العربية كما يسهل النقل من الفرنسويَّة الى الانكليزيَّة مثلًا

رابعا تسهیل قراءة اللغة العربية على الأوربيين واللغات الأوربية على ابناء اللغة 
العربية وهذا التسهيل ليس كبير القيمة لان تعلُّم قراءة اللغة لا يقتضي الَّا درس ايام قليلة 
ولكنه ليس مما يغضُّ الطرف عنهُ

خامسًا ان هذا الابدال يكون خطوة كبيرة في سبيل الغاية العظيمة الَّتي يسعى اليها 
كثير من الفضلاء وهي توحيد اللغة

واما المضار فمنها

اولًا صعوبة نشر الخط الجديدْ وتعوُّد الناس لهُ . فان اهل هذا الزمان يستصعبون 
ذلك وسنبقى عشرين سنةً او حواليها مضطربين في تفضيل النوع الواحد من الخط على 
النوع الآخر وفي ذلك من المشقة والمضرّة ما فيهِ

ثانيًا خسارة الكتب العربية التي الِّفت حَتَّى الآن سواء كانت خطًّا او طبعًا فان 
هذه الكتب تصير سرا مغلقًا على أبنائنا فلا يستطيعون قراءتها ما لم يتعلموا ذلك تعلمًا

ثالثًا ضياع ما في المطابع العربيَّة من الحروف والحركات فانها تصير كلها بثمن 
رصاصها وفي ذلك خسارة كبيرة على اصحاب المطابع

ولا اجزم ان الفوائد نزيد على المضار او توَّازيها اذ المضرَّة الاولى وهي ارتباك 
الناس مدة عشرين سنة والمضرة الثانية وهي اغلاق الكتب العربيَّة على أبنائنا كلٌ منهما
تعادل الفوائد كلها او ترجح عليها كثيرًا لكن ما دام للمسألة وجهان فهي حريَّة بالنظر 
والبحث فعسی ان لا تعدَم می اقلام الكتَّاب الادباء ما يجلو صدأَ الاوهام 
القاهرة الیاس صالح

المصدر: المصدر: المقتطف الجزء الثامن السنة السابعة عشرة، 1 مايو ( آيار ) سنة 1893 الموافق 14 شوال سنة 1310،  ص 556 (رابط).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق