الخميس، 8 أبريل 2021

تاريخ دمياط منذ أقدم العصور - الصحافة

جرائد دمياط
جرائد دمياط


الصحافة 

يقال إن من ميزات دمياط أو إحدى عجائبها أن أهلها جميعاً صحافيون ! .

فهم إما أصحاب صحف محلية تؤدي للمدينة جليل الخدمات ، وأما أرباب صحف 
عامة كبرى ، و مجلات معروفة ذات شهرة . أو هم « رؤساء تحرير » لجرائد يومية 
ودورية أو « مراسلون » لمختلف الصحف في البلاد ، او « محررون » من الهواة 
والمحترفين . ومن تبقى فهم قراء تلك الصحف ، المشايعون لهذه أو تلك المعلقون 
على أقلامها و أخبارها . ثم « المستمعون » إلى مطالعيها ورواة أنبائها ، والمتتبعون 
لنشرات الأخبار في الأذاعة صبحاً وعشية . فمن لم يكن من هؤلاء وأولئك، فهو 
« الصحفي المتجول » أو « المخبر » ، يسمع الخبر فينقله من بيت إلى بيت ، ويذيعه 
بين دكان ودكان ، وما زلنا نذكر من الأيام الغابرة قبل أن يتفشى الميكروفون ، 
ذلك المنادي وصوته المجلجل في الطرقات ، وكان يستهل الخبر بهذه العبارة الطريفة :
( يا أهل دمياط یا مهمين ، اسمعوا الأخبار وانتبهوها . ! ! )

وظهرت بدمیاط في نصف القرن الأخير أربع صحف أقليمية ، كانت تطبع 
وتنشر بدمياط ، ثم توقفت ثلاث منها عن الظهور ، ولم تزل رابعتها تصدر منذ أكثر 
من عشر سنوات .

وأول صحيفة عرفتها دمياط كانت جريدة « القنبلة » ! التي أنشأها المرحوم 
سيد السلاموني عام ۱۹۰۹، وطويت بوفاة صاحبها ولم تعمر طويلا . « وكانت 
صدى للأدب اللفظي تفيض أنهرها مدحاً وهجاء ، وتهنئة وعزاء ثم هي بعد 
ذلك تصور الولائم ، وتتواصف الموائد ، وتروي النوادر ، فهي سجل للسمر 
المكتوب في عهد كانت هذه الألوان مثلا للأدب والبيان . »

وفي عام ۱۹۳٦ — أسس المرحوم محمد عطيه الحرايري ، جريدة ( دمياط ) — 
أسبوعية حافلة بأخبار المدينة ، و ثمرات أقلام أدبائها . كما كان صاحبها يراسل المقطم
و بعض صحف القاهرة إبان الحركة الوطنية ، مترجماً آمال دمياط وآلامها في تلك
الصحف التي يراسلها . ثم رأى أن الصحف العامة لا يتسع صدرها لخلجات بلد بعينه، 
فأنشأ هذه الصحيفة الاقليمية ، وحقق أمنية طالما جاشت بصدور أدباء المدينة ، وظل 
عشر سنوات معنيا بصحيفته إلى أن اختاره الله إلى جواره في يناير ۱۹٤٦ . 

وكان يعاونه في تحريرها علي علي العزبي ، ويحمل معه أعباءها إلى أن توفاه الله
في ٩ يناير ۱۹٤۲ .

وفي تلك الفترة كان حسن خالد قد أصدر عام ١٩٤١ جريدة ( الآراء ) بدمياط 
— منبراً ثانياً للرأي والخير ، وثابر على أصدارها عدة سنوات ثم احتجبت .

وحدث عقب وفاة علي العزبي عام ۱۹٤۲ ، أن اتجه صاحب جريدة ( دمياط) 
إلى زكريا الحزاوي ليتسلم مقاليدها . فظل يشرف طويلاً على أدارتها وتحريرها ، 
وكان يعاونه في أدارتها حسين عطيه الحرايري .

وفي أكتوبر ۱۹٤۹ — أسس زکریا الحزاوي جريدة بأسم ( أخبار دمياط ) 
ما زالت تصدر إلى اليوم ، أسبوعية ، حافلة بأخبار المدينة ، تحملها إلى أهلها المقيمين 
والمغتربين . وما لبثت أن صارت لسان حال دمياط ، المعبر عن أمانيها و مطالبها ، 
كما أصبحت أعدادها المتتالية على مر السنين ، سجلا يعود إليه الباحث في تطورات 
هذه المدينة ، وأخبارها ، وأحوالها ، وآثار کتابها وشعرائها ، وسائر أعلامها ..

و ثمت فئة من أدباء دمياط رحلوا عنها إلى القاهرة حيث أنشأوا صحفاً عامة ... 

وأقدم من أصدر منهم صحيفة خارج دمياط هو المرحوم محمود سلامه وكان مدرساً 
للغة الفرنسية بمدارس دمیاط في أواخر القرن التاسع عشر ، وكان من تلاميذه بدمياط 
الصحفيان محمد فريد وجدي وحمدي النشار . ثم رحل محمود سلامه إلى القاهرة 
واشتغل محرراً بجريدة اللواء في عهد مصطفى كامل ، تم أنشأ بالقاهرة جريدة 
( الواعظ ) و مطبعتها عام ۱۹۰۳ . وكان حمدي النشار (۱۸۷۳ - ۱۹۲۳) قد انتقل 
إلى الأسكندرية فراح يرسل إلى « الواعظ » مقالاته وأشعاره إلى أن احتجبت ...

وفي عام ۱۹۱٥ — أنشأ المرحوم عبد الحميد حمدي ( ۱۸۸۰ - ۱۹٥۰ ) 
بالقاهرة جريدة ( السفور ) وظلت عدة سنوات ميداناً لأدباء مصر وشعرائها 
حتى إذا ما دخل بها صاحبها في غمار السياسة ، أغلقها حكام ذلك العهد البائد ...

وكان يزامله في صباه ، المرحوم محمد فريد وجدي ، وقد ولد بدمياط حوالي 
عام ۱۸۷٥ وحاز على الشهادة الأبتدائية من مدرستها الأميريه ، وكان أبوه مصطفی 
وجدي وكيلا لمحافظة دمياط يومذاك ...

وأسس محمد فريد وجدي جمعية أدبية بدمياط ضمت إليها حمدي النشار، ومحمود 
سلامه، والشيخ مصطفى مشرفه، وعبد الفتاح البنا، ومحمد الحناوي، وكان فريق منهم قد 
اعتنق المبادىء الصوفية . والتف حول الشيخ مصطفى مشرفه بعض الشبان الأدباء 
وظل فريد وجدي إلى آخر حياته متأثرا بالتعاليم الصوفية والروحيه ووضع بدمياط 
أوائل كتبه وأبحاثه ومنها بعض «قصص الوجديات» .

ولما هاجر فريد وجدي إلى القاهرة أصدر ها جريدة ( الدستور ) 
عام ۱۹۰۷ ثم أغلقت وأعاد أصدارها عام ۱۹۲۲ ، كما أصدر « الوجديات »
في شكل مجلة شهريه عام ۱۹۲۱ ، ثم « دائرة المعارف » في ملازم دوريه . ورأس 
أخيرا تحرير ( مجلة الأزهر ) ... هذا إلى جانب مؤلفاته ومقالاته الكثيره ...

وكذلك اشتهر من الصحفيين الدمياطين ، المرحوم علي الغاياتي الذي ولد 
بدمياط عام ۱۸۸٥ وغادرها عام ۱۹۰۷ إلى القاهرة ، حيث عمل بجريدة 
« الجوانب المصرية » ثم انضم إلى حزب مصطفى كامل واشتغل بالتحرير باللواء 
عام ۱۹۱۰ . وفي تلك السنة أخرج ديواناً من الشعر بعنوان « وطنیتی » وکتب 
كل من محمد فريد والشيخ عبد العزيز جاويش، مقدمة لهذا الديوان . فصادرته 
السلطات ؛ وأقامت الدعوى على ثلاثتهم ، وقضت محكمة الجنايات عليهم بالسجن، 
بيد أن علي الغاياتي استطاع الهروب إلى اسطمبول . ثم إلى جنيف بسويسره 
وهناك مكث سبعة وعشرين عاما . أصدر في خلالها جريدة عربية فرنسيه بأسم 
( منبر الشرق ) . وظهر عددها الأول في فبراير ۱۹۲۲ وعاشت هناك نحو ستة 
عشر عاما . وظهر آخر أعدادها هناك في ۲٦ مایو ۱۹۳۷ . وعاد الغاياتي إلى مصر
وعادت جريدته إلى الظهور بالقاهرة عام ۱۹۳۸ . مستقلة عن الأحزاب . وظل 
يصدرها حتى وفاته في ۲۷ يولیه ۱۹٥٦

وفي عام ۱۹٤۳ — أسس الصحفيان الدمياطيان مصطفى أمين ، وأخوه علي
أمين — توأما الصحفي المحامي محمد أمين أبو يوسف — دار ( أخبار اليوم ) التي تصدر 
عنها اليوم صحف : الأخبار اليوميه ، وأخبار اليوم الأسبوعية . وآخر ساعة . 
والجيل ..

وكان مصطفى أمين قد اشترك مع محمد التابعي منذ عام ۱۹۳۰ في تحرير مجلة 
« البرق » التي عطلها اسماعيل صدقي بعد عدد واحد . ثم اشترك معه في مجلات أخرى 
كان آخرها مجلة « آخر ساعه » كما حرر في صحف روزاليوسف والاثنين والأهرام .

ومما صادفه مصطفى أمين وأخوه علي أمين، في حياتهما الصحفيه ، أنهما عندما 
كان يشتركان مع محمد التابعي في الكتابة بصحفه مذ كانا طالبين بالمدارس 
الثانويه . ضاق بهما اسماعیل صدقي ففصلهما من جميع المدارس الحكومية ، كما 
فصل علي ماهر أباهما من وظيفته عام ۱۹۳۹ .

وكان أ محمد التابعي — وهو من أسرة دمياطية الأصل نزحت إلى المنصورة — 
قد أسس عام ۱۹۳۳ مجلة « آخر ساعة » بعد انفصاله عن تحرير ( روزاليوسف) 
ثم تكفلت بها دار أخبار اليوم وظل التابعي يحرر بها إلى اليوم ...

فأحدثت تلك الصحف التي تصدر عن هذه الدار انقلاباً دفع بجل الصحف 
العربية إلى الاهتمام بالخبر والصورة، قدر اهتمامها بالمقالة .

وفي نوفمبر عام ١٩٥٨ أصدر الاستاذ رجاء علي العزبي مجلة الاعلان أسبوعيه 
لتوفر الكثير من الوقت والكثير من الجهد وتوطد صلة الناس بالاعلان.

ونذكر من « رؤساء تحرير » الصحف والمجلات : الأستاذ طاهر الطناحي مدير 
مجلة الهلال ، وكتاب الهلال الشهري . كما كان يحرر بمجلة الأثنين . وله في ميادين 
الصحف والمجلات، جولات وأحاديث و نقدات كما وضع عددا من القصص والمؤلفات.

ورأس جلال الدين الحمامصي «جريدة الزمان» وغيرها. كما كان مستشاراً صحفيا 
في السفارة المصرية بواشنطن . وورث عن أبيه كامل الحمامصي — وكان شاعراً 
أديباً — النزعة الأدبية منذ صباه . كما وضع عام ۱۹٥۷ کتاباً عن الصحافة
بعنوان : ( صحافتنا ) ...

ومن الكتاب الدمياطيين الذين احترفوا الكتابة في الصحف منذ عهد بعید 
الشاعر عبد اللطيف النشار ، وقد عمل بجريدة ( وادي النيل ) بالاسكندرية
عام ۱۹۱٤ . ثم في عدة صحف أخرى ... وتر جم عن الانجليزية كثيراً من 
الروايات ، وأصدر دواوين الشعر وبعض المؤلفات ...

وكان الشاعر محمد الأسمر محرراً بالأهرام و الزمان ... وغيرهما إلى جانب اشتغاله 
بالشعر ووظيفته بمكتبة الأزهر ...

وكذلك بدأت الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ ) حياتها الأدبيه 
كاتبة في الصحف اليومية . کالبلاغ والأهرام . وفي تحرير بعض المجلات 
النسوية وما لبثت بما نشرته في عشرات الجرائد والمجلات من أبحاث ومقالات ، وما 
أصدرته من دراسات وروايات أن صارت من أعلام القلم البارزات . .

وكان المرحوم سامي قصیري صحفياً محترفاً طوال حياته ، عمل في المقطم وغيره 
ويعد من قدماء الصحفيين . .

أما الشاعر محمد مصطفى حمام ، فتتنازعه دمياط وفارسكور . ولم يكف عن 
الكتابة في الصحف والمجلات منذ أربعين عاما .

ومن شاء أن يحصي بين أهل دمياط ، أولئك الكتاب والشعراء — المحدثين 
منهم والقدماء ، والمسنين والناشئين ، والمشاهير والمغمورين ، ممن نزلوا إلى ميدان 
الصحافة — العامة والأقليمية — وأسهموا فيها بمنثورهم و منظومهم ، لأعجزه الحصر ، 
وخانته الذاكرة !

فكنت ترى عالمين في العلوم الطبيعية مثل الدكتورين علي مصطفى مشرفة ، 
وأحمد عبد السلام الكرداني لا يمنعهما اشتغالهما بالبحث العلمي والتدريس والوظيفة ، 
من النزول إلى ميدان الصحافة ، و لطالما نشرا في الصحف والمجلات ، الكثير من 
الأبحاث العلمية و المقالات الأدبية . .

كما كنت تجد بين شعراء الجيل الماضي أمثال المرحومين حمدي النشار ، ومحمد 
عبد الرازق ، وسليمان عياد ، ومحمد منيعم ، وغيرهم ، تلك النزعة الصحفية ، كما تراها 
اليوم في شعرائها المعاصرين مثل طاهر أبو فاشا ، ومحمود عبد الحي ، ومحمد مصطفى 
الماحي ، وحسن الصيرفي ، وطاهر الجبلاوي ومحمد كامل جبر ، والمرحومين أمين
المعداوي ، ومحمد البدري محمدين ، وغيرهم من يوالون الصحف العامة الكبرى ،
وصحف دمياط المحلية ، بأبحاثهم ومقالاتهم وقصائدهم . .

وكذلك تجدها في المدرسين والمحامين أمثال الدكتور جمال الدين الشيال — 
أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية — وعبده حسن الزيات المحامي ، ومحمد عبد المنعم 
خفاجي و محمد رضا حسن ، والسيدة أقبال العلايلي و عبده شراره المحامي .. وعشرات
غيرهم ..

وكل من يتصفح جرائد دمياط المحلية لاسيما صحيفة ( أخبار دمياط ) الحالية ، 
تطالعه أسماء أدباء دمياط من كتاب وشعراء ورجال دين ، ممن تستهويهم الصحافة 
والنشر ، حتى لقد أصبحت هذه الجريدة مرآة للحركة الأدبية بهذه البلدة ..

ومما يذكر في تاريخ الصحفيين الدمياطيين أن ثلاثة منهم فازوا معاً مرة ، في 
انتخاب مجلس أدارة نقابة الصحفيين بمصر في ديسمبر ۱۹٤۷ بین ۱۲ عضواً ، وهم 
مصطفی أمین وطاهر الطناحي ، و جلال الدين الحمامصي .

وأما مراسلو الصحف الكبرى بدمياط ، فأن منهم فئة تؤدي للمدينة في صمت 
أجل الخدمات ، بما تبعثه للصحف العامة من أنباء المدينة ومطالبها ورغباتها في 
الأصلاح . وكان من أنشط هؤلاء المراسلين المرحوم شطا العزبي ، الذي ظل يراسل 
الأهرام منذ عام ۱۹۱۷ حتى وفاته عام ۱۹٥۲ ، وكان زكريا الحزاوي يراسل البلاغ 
وصحف دار الهلال ، وحسن خالد يراسل صوت الأمة والمصري ، وحسن عطيه ، 
المقطم والبصير ، ومسعد البشكار ، الوادي والأساس .. وهكذا كنت ترى منذ 
طوال السنين ، أخبار المدينة و آمالها في جل الصحف معروضة على الرأي العام ..

وهكذا أيضا خدم أدباء دمياط الصحافة العربية منذ نشاتها ، وعاصروا أطوارها 
وكانوا يضعون خدمة بلدتهم نصب أعينهم ، وتركوا في تاريخ الصحافة أثراً واضحاً
لا ينكر .

المصدر: كتاب تاريخ دمياط منذ أقدم العصور تأليف نقولا يوسف (رابط)، الصفحات من 438 حتى 443. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق